راقد الليل
10-02-2004, 05:38 PM
انتهى عصر الأسود وبـدأ عصـر النســور:
من منا لم يرشح الكاميرون أو السنغال للفوز باللقب ؟
من منا لم يراهن بكل قوة على بطل ووصيف 2002 ؟
من منا لايرى أن حاجي ضيوف وباتريك مبومبا وصامويل اتو وهنري كمارا ولامين ساكو وديجمبا ديجمبا من أجمل المهارات في أفريقيا ؟
ولكن عفوا كرة القدم لاتحترم الأسماء والتاريخ والنجومية ..فقط تحترم من يلعب ويجري ويعرق ويسجل .. عفوا الكاميرون البطل والسنغال الوصيف غادرا قطار المنافسة في محطة الدور ربع النهائي لكأس الأمم الأفريقية وتنازلا عن عرشهما ولن يكملا الـ 270 دقيقة المتبقية من عمر الرحلة الأفريقية أربعة فرسان سيصنعون تفاصيل أهم وأصعب مراحل البطولة منهم فريقان يحلمان باللقب الأول وهما تونس ومالي وفريق يخطط للقب الثاني في تاريخه وهو المغرب بينما يسعي الفريق النيجيري للفوز بالكأس للمرة الثالثة.
كأس الأمم الأفريقية تبحث عن وجه جديد
مباريات الدور ربع النهائي رسمت ملامح جديدة لخريطة القارة السمراء بعد الكثير من الإثارة والمفاجآت وكانت مباراة المغرب والجزائر بمثابة العنوان الأبرز للإثارة في البطولة حيث عاد أسود الأطلس من الطائرة بقدم مروان الشماخ الذي أحرز هدف التعادل أمام الجزائر قبل80 ثانية فقط من النهاية.. بينما أعلنت كتيبة جي جي اوكوشا أفضل لاعب في أفريقيا نهاية عصر الكاميرون في انقلاب سلمي بالمنيستير ووسط الضباب أشعل نسور قرطاج شموع الأمل وأزاحوا من طريقهم أسود السنغال في معركة صعبة حسمت بالعقل والجهد الإصرار والعزيمة والمهارة ..
ومن الصعب أن تنسى جماهير مالي هدية كيميكو كامارا حارس غينيا عندما مرت تسديدة محمد ديارا في الدقيقة الأخيرة داخل الشباك وسط دهشة الجميع.
اللحظات الأخيرة
وكشفت مباريات الدور ربع النهائي أن المستويات شديدة التقارب بين الفرق الثمانية ولذلك جاءت الأهداف الحاسمة كلها في الخمس وعشرين دقيقة الأخيرة من عمر المباريات الأربع ولم نر فارق أكثر من هدف إلا في مباراة المغرب والجزائر بعد أن لعب الفريقان وقتا إضافيا لأن الحرص والحذر كان شعار كل المنتخبات فلا مجال للتعويض والمنتخبات الأربعة التي ودعت خرجت برأس مرفوع لأنها بالفعل قدمت عروضا قوية مثل الجزائر وغينيا والسنغال والكاميرون ولم يكن أبدا من السهل الإطاحة بها ولذلك شاهدنا فصولا من الإثارة والمتعة في مباريات هذا الدور وحتى الدقيقة الأخيرة لايمكن أن نتوقع من سيفوز وكأننا نشاهد دراما سينمائية شديدة الحبكة والتعقيد وتمسك كل فريق بالأمل حتى النهاية
وما حدث في آخر مباريات دور ربع النهائي مساء أمس الأول بين المغرب والجزائر سيبقى طويلا في أذهان كل الجماهير التي تتابع البطولة لأن تلك المباراة جمعت كل مفردات الإثارة والتشويق وتدرج إيقاع أحداثها حتى وصل الي الذروة في الدقائق العشر عندما كثف المنتخب المغربي هجماته من أجل تحقيق الفوز وسيطر على المباراة وأضاع العديد من الفرص إلا أن المنتخب الجزائري لم يتخل عن عاداته التي ظهر بها امام الكاميرون ومصر وفي الوقت الذي تترقب فيه جماهير المغرب هدف الفوز بالمباراة أرسل حسين عشيو كرة عالية داخل منطقة جزاء المغرب أخطأ طلال القرقوري مدافع باريس سان جيرمان في التعامل معها لتذهب على رأس القناص عبد الملك شراد الذي أودعها في شباك خالد فوهامي محرزا هدف التقدم للجزائر قبل 9 دقائق فقط من نهاية المباراة وهنا أدرك الجميع أن المباراة انتهت خاصة عندما تصدت العارضة لتسديدة مراون الشماخ لتضيع فرصة التعادل ويزداد الدفاع الجزائري قوة وبسالة ويقاتل بكل شراسة دفاعا عن مرماه وسحب بادو الزاكي المدافع طلال القرقوري وأشرك المهاجم يوسف حاجي لينضم الى جواد الزايري ومروان الشماخ ليلعب بثلاثة في الأمام فلايوجد وقت كاف للتعادل وفي زحمة الاندفاع الهجومي ينفرد شراد مرة أخرى بالمرمى تماما وكاد أن يحرز الهدف الثاني للجزائر في الدقيقة90 إلا أن خالد فوهامي أنقذ ببراعة هدفا مؤكدا وحول الكرة الى ركنية وبدأت بعض الجماهير المغربية تنسحب من الملعب بعد أن فقدت الأمل بينما أشعلت الجماهير الجزائرية المدرجات بالصواريخ ورفعت الأعلام وتعالت الهتافات احتفالا بالفوز التاريخي على المغرب ..
وانتهي الوقت الأصلي ورفع الحكم الرابع لوحة الوقت بدل الضائع لتشير إلى خمس دقائق ولكنها بدأت تمر سريعا واحدة وراء الأخرى وقبل80 ثانية من النهاية ينطلق محمد يعقوبي الذي لعب في الشوط الثاني من ناحية اليسار ويمرر كرة عرضية تمر من مراد الزايري لتجد مراون الشماخ وجها لوجه أمام المرمي أوقف الكرة بكل هدوء ولم يتسرع في التعامل معها لأنه يدرك أنها فرصة العمر وإذا ضاعت لن تأتي مرة أخرى فالحكم يستعد لإطلاق صافرة النهاية وبالتالى لابد من التركيز و سدد بكل قوة في اللحظة التي خرج فيها حارس المرمي محرزا هدف التعادل ليقفز بادو الزاكي من الفرحة خارج الملعب ويسقط على الأرض وفوقه أعضاء الجهاز الفني والبدلاء لأن ماحدث بالفعل اشبه بالمعجزة لأن المنتخب المغربي كان في طريقه الى العودة للمغرب بل انه كان داخل الطائرة فعندما يتبقي 100 ثانية من عمر المباراة فمن الصعب أن تحلم كثيرا .
ولكن بادو الزاكي وأسود الأطلس لم يفقدوا الأمل لحظة واحدة حتى الثانية الأخيرة لأنهم علي قناعة تامة بأنهم الأفضل داخل الملعب ويبدو أن بادو الزاكي تذكر سيناريو السير اليكس فيرجسون في نهائي دوري أبطال اوروبا 1999 ببرشلونة عندما تقدم بايرن ميونخ الالماني بهدف عن طريق بازلر في الشوط الأول وقبل نهاية المباراة بخمس عشرة دقيقة اشرك فيرجسون تيدي شيرنيجهام وسولسكاير وقبل دقيقة واحدة من نهاية المباراة بدأ لاعبو بايرن ميونخ يحتفلون بالكأس في الملعب ويتبادلون التهاني وفي تلك اللحظة أحرزشيرينجهام التعادل وفي الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع أحرز سولسكاير هدف الفوز ليخطف مانشيستر يونايند الكأس . السير بادو الزاكي كرر نفس السيناريو ولكن بطبعة أفريقية وادار المباراة بنجاح وأجرى تغييرات في الوسط والهجوم ضاعفت من خطورة الفريق حيث لعب محمد يعقوبي بدلا من عبد الكريم قيسي في الدقيقة 70 ويوسف حاجي بدلا من طلال القرقوري في الدقيقة 86 وجمال اليو بدلا من حسين خراجة في الدقيقة 90 وصنع اليعقوبي هدف التعادل لمروان الشماخ بينما تمكن يوسف حاجي في الشوط الإضافي الرابع من تسجيل الهدف الثاني ببراعة ومهارة فائقة وفي نفس الشوط توج جواد الزايري جهوده بهدف ثالث للمغرب .
وقال وليد الركراكي الظهير الأيمن للمغرب بعد المباراة :'' اعتقدنا أن كل شيء انتهي بعد هدف الجزائر وعندما تصدت العارضة لتسديدة مروان قلت أن الجزائر تأهلت بالفعل ''. وفي الحقيقة قدم المنتخب الجزائري أجمل عروضه في البطولة وكافح حتى النهاية وكان ندا قويا ولكن مازال ينقصه الكثير للمنافسة والاستمرار في البطولة حتى النهاية وما تحقق في هذه البطولة إنجاز كبير فعندما حضر محاربو الصحراء إلي تونس لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع التأهل للدور الثاني والتعادل مع الكاميرون والفوز على مصر والصمود بشجاعة أمام المغرب ويحتاج هذا الفريق لمزيد من الخبرة والانسجام واللعب الهجومي حتي يصبح له شأن كبير . المفاجأة رغم تواضع مستوى الكاميرون منذ بداية البطولة إلا أن أحدا لم يتوقع خروج أبطال أفريقيا على يد نيجيريا التي تبدو هي الأخرى بعيدة عن مستواها وتعرض منتخبها للكثير من المشاكل خلال هذه البطولة .
ولكن لقاءات ''الديربي ''عادة لا تخضع لأية حسابات مسبقة فهناك ثأر كروي بين البلدين فحتى الآن لم تنس نيجيريا أن الكاميرون هي التي أفسدت فرحتها وسرقت منها كأس الأمم الأفريقية في ملعبها عام 2000 بركلات الترجيح
ولم تنس جماهير النسور أن فريقها لم يتمكن من الفوز على الكاميرون في الأثني عشر عاما الأخيرة ولذلك عندما تحقق الفوز التاريخي أمس الأول قال كريستيان شوكو مدرب نيجيريا بكل ثقة وكبرياء :'' الآن انتهى عصر الكاميرون ..والفوز الذي حققناه غير كل شيء وبدأ الآن عصر النسور ''.
من حق شوكو أن يتفاخر بفريقه والانتصار الذي تحقق بدون ثلاثة من نجوم الفريق تم استبعادهم لعدم الالتزام بالنظام والسهر خارج المعسكر في مقدمتهم مدافع تشليسي سليستيان بابايارو ومهاجم شالكه فيكتور أجالي
ولم تكن بداية نسور نيجيريا في البطولة تدعو ابدا للتفاؤل بعد الخسارة أمام المغرب ولكن المايسترو اوكوشا الذي اختير كأفضل لاعب في القارة الأفريقية وفقا لاستفتاء بي بي سي فعل كل شيء في كرة القدم وأخرج الكثير من مستودع مهاراته وخبرته الدولية وقاد بلاده للفوز على جنوب أفريقيا بأربعة أهداف مقابل لاشيء وأحرز بنفسه الهدف الألف في البطولة وعاد ليقود فريقه للفوز على بنين ويتأهل للدور الثاني وأمس الأول أمام الكاميرون فعل الكثير والكثير وأحرز هدف التعادل من ضربة مباشرة وشكلت تحركاته وتمريراته وتسديداته خطورة بالغة وظهر كانو هو الآخر في أفضل حالاته وصنع هدف الفوز بتمريرة ساحرة الى جون اوتاكا الذي انفرد ووضعها داخل الشباك بكل براعة .
واستحق المنتخب النيجيري الفوز ..وأيضا استحق اسود الكاميرون الخسارة لأنهم منذ اللحظة الأولى التي حضروا فيها الى مالي يتعاملون على أن البطولة لن تخرج أبدا من خزائنهم ووزعوا تصريحات مليئة بالثقة والتفاؤل والغرور واتذكر انني عندما سألت محمد ايا رئيس الاتحاد الكاميروني قبل أن تبدأ البطولة خلال حضوره اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي ماذا ستفعل الكاميرون أجاب بكل ثقة :'' نحن حضرنا لكي نفوز باللقب وليس أمامنا خيار آخر ''.
ونفس الشيء فعله المدرب واللاعبون ومن حق أي فريق أن يحلم بالفوز ولكن يجب ان يكون الأداء في الملعب بنفس مستوى هذه الثقة وما شاهدناه منذ المباراة الأولى أمام الجزائر لم يقنع أحدا وتعادلوا 1-1 وفازوا بعد ذلك على زيمبابوي 5-3 وفازوا بالتعادل في المباراة الثالثة أمام مصر ولم نر تلك الخطورة الهجومية ولا القوة الدفاعية التي عودنا عليها فريق الكاميرون الذي اهتزت شباكه ست مرات في أربع مباريات وأحرز سبعة أهداف والفريق يحتاج الى تجديد الدماء وهذا ما يفعله حاليا وينفرد شافير المدرب الألماني الذي أدخل الكثير من الوجوه الجديدة في هذه البطولة لتحل محل جيل 2000 في تصفيات كأس العالم المقبلة وقد ظهر واضحا أن الفريق يعاني من الكثير من الثغرات الدفاعية نتيجة البطء في الحركة وعدم التمركز الجيد إلا أن المدرب تعامل مع تلك الأخطاء بدون اهتمام كبير وخلال حواره مع الاتحاد الرياضي يوم السبت الماضي أكد انه غير منزعج من تلك الأخطاء ..ولكنه دفع ثمن كل هذه الثقة غاليا وضرب كانو خط الدفاع كله بتمريره رائعة وضعت اوتاكا وجها لوجه أمام المرمى .
نسور قرطاج
بعد انتهاء مباراة تونس مع السنغال بكى حاجي ضيوف بحرارة في غرفة الملابس فهو لم يصدق أن فريقه ودع البطولة بعد أن كان يخطط للفوز باللقب ولكن المنتخب السنغالي وصيف بطولة مالي 2002 لم يظهر بالصورة التي قدمها قبل عامين في كأس الأمم ونهائيات كأس العالم لغياب الالتزام والحماس وارتفاع جرعات الثقة لدي اللاعبين وبداخلهم قناعة أنهم قادرون على حسم المباريات لصالحهم في أي وقت ولم ينجح جي ستيفان في ترويض هؤلاء الأسود كما فعل برونو ميتسو الذي صنع هذا الفريق وحقق له الكثير من الشهرة فوق خريطة كرة القدم العالمية .
وكان واضحا أن رغبة نسور قرطاج في تحقيق الفوز أكبر لأنهم الأكثر التزاما وتنظيما داخل الملعب ونجحوا في غلق المساحات وسيطروا على المباراة وخطف جوهر المناري هدف الفوز وستكون المواجهة مع نيجيريا في نصف النهائي صعبة للغاية وإن كانت أفضل بكثير من مواجهة الكاميرون لأن اسم ومكانة الكاميرون كبطل لآخر دورتين يؤثر على الفرق الأخرى من الناحية النفسية ولكن تونس تملك فرصة كبيرة للمرور الى النهائي إذا ما لعبت بنفس التركيز والطريقة التي تعاملت بها مع السنغال .
أما منتخب مالي أحد فرق المربع الذهبي فهو يلعب للمرة الثانية على التوالي في الدور نصف النهائي وقد سبق حيث خسر 3- صفر امام الكاميرون في بطولة 2002 واحتل المركز الرابع بعد خسارته أمام نيجيريا 1- صفر .
وفي هذه البطولة قدمت مالي عروضا رائعة وتصدرت مجموعتها الثانية بعد الفوز على كينيا وبوركينا فاسو والتعادل 1-1 مع السنغال ورغم أن غينيا كانت الأفضل في مباراة الدور ربع النهائي إلا أن ديارا حسمها لصالح نسور مالي في الدقيقة 90 بتسديدة مرت من تحت يد كمارا حارس غينيا
والمواجهة بين مالي والمغرب من الصعب التكهن بنتيجتها لأن كأس الأمم الأفريقية الحالية علمتنا أن نلقي بالتوقعات والتاريخ وراء ظهورنا قبل كل مباراة ولانتعامل إلا مع ما يحدث على أرض الواقع وان كانت الكرة العربية تملك فرصة كبيرة للفوز باللقب حيث يمثلها لأول مرة فريقين في نصف النهائي منذ 16 عاما حيث كانت المرة الأخيرة عام 1988 بالمغرب عندما خسرت الجزائر أمام نيجيريا بركلات الترجيح والمغرب أمام الكاميرون 1- صفر ويبدو أن تونس 2004 تبحث عن وجه جديد لم نألفه في السنوات العشر الأخيرة لأن الفرق الأربع التي تأهلت لهذا الدور لم تكن أبدا مرشحة بقوة مثل الكاميرون والسنغال ومصر .
نتائج ربع النهائي
* تونس - السنغال 1 - صفر
* مالي - غينيا 2-1
* نيجيريا - الكاميرون 2-1
* المغرب - الجزائر 3-1 ( وقت إضافي )
منقوووول من موقع جريدة الاتحاد
----------------------------------------------------------------------...
من منا لم يرشح الكاميرون أو السنغال للفوز باللقب ؟
من منا لم يراهن بكل قوة على بطل ووصيف 2002 ؟
من منا لايرى أن حاجي ضيوف وباتريك مبومبا وصامويل اتو وهنري كمارا ولامين ساكو وديجمبا ديجمبا من أجمل المهارات في أفريقيا ؟
ولكن عفوا كرة القدم لاتحترم الأسماء والتاريخ والنجومية ..فقط تحترم من يلعب ويجري ويعرق ويسجل .. عفوا الكاميرون البطل والسنغال الوصيف غادرا قطار المنافسة في محطة الدور ربع النهائي لكأس الأمم الأفريقية وتنازلا عن عرشهما ولن يكملا الـ 270 دقيقة المتبقية من عمر الرحلة الأفريقية أربعة فرسان سيصنعون تفاصيل أهم وأصعب مراحل البطولة منهم فريقان يحلمان باللقب الأول وهما تونس ومالي وفريق يخطط للقب الثاني في تاريخه وهو المغرب بينما يسعي الفريق النيجيري للفوز بالكأس للمرة الثالثة.
كأس الأمم الأفريقية تبحث عن وجه جديد
مباريات الدور ربع النهائي رسمت ملامح جديدة لخريطة القارة السمراء بعد الكثير من الإثارة والمفاجآت وكانت مباراة المغرب والجزائر بمثابة العنوان الأبرز للإثارة في البطولة حيث عاد أسود الأطلس من الطائرة بقدم مروان الشماخ الذي أحرز هدف التعادل أمام الجزائر قبل80 ثانية فقط من النهاية.. بينما أعلنت كتيبة جي جي اوكوشا أفضل لاعب في أفريقيا نهاية عصر الكاميرون في انقلاب سلمي بالمنيستير ووسط الضباب أشعل نسور قرطاج شموع الأمل وأزاحوا من طريقهم أسود السنغال في معركة صعبة حسمت بالعقل والجهد الإصرار والعزيمة والمهارة ..
ومن الصعب أن تنسى جماهير مالي هدية كيميكو كامارا حارس غينيا عندما مرت تسديدة محمد ديارا في الدقيقة الأخيرة داخل الشباك وسط دهشة الجميع.
اللحظات الأخيرة
وكشفت مباريات الدور ربع النهائي أن المستويات شديدة التقارب بين الفرق الثمانية ولذلك جاءت الأهداف الحاسمة كلها في الخمس وعشرين دقيقة الأخيرة من عمر المباريات الأربع ولم نر فارق أكثر من هدف إلا في مباراة المغرب والجزائر بعد أن لعب الفريقان وقتا إضافيا لأن الحرص والحذر كان شعار كل المنتخبات فلا مجال للتعويض والمنتخبات الأربعة التي ودعت خرجت برأس مرفوع لأنها بالفعل قدمت عروضا قوية مثل الجزائر وغينيا والسنغال والكاميرون ولم يكن أبدا من السهل الإطاحة بها ولذلك شاهدنا فصولا من الإثارة والمتعة في مباريات هذا الدور وحتى الدقيقة الأخيرة لايمكن أن نتوقع من سيفوز وكأننا نشاهد دراما سينمائية شديدة الحبكة والتعقيد وتمسك كل فريق بالأمل حتى النهاية
وما حدث في آخر مباريات دور ربع النهائي مساء أمس الأول بين المغرب والجزائر سيبقى طويلا في أذهان كل الجماهير التي تتابع البطولة لأن تلك المباراة جمعت كل مفردات الإثارة والتشويق وتدرج إيقاع أحداثها حتى وصل الي الذروة في الدقائق العشر عندما كثف المنتخب المغربي هجماته من أجل تحقيق الفوز وسيطر على المباراة وأضاع العديد من الفرص إلا أن المنتخب الجزائري لم يتخل عن عاداته التي ظهر بها امام الكاميرون ومصر وفي الوقت الذي تترقب فيه جماهير المغرب هدف الفوز بالمباراة أرسل حسين عشيو كرة عالية داخل منطقة جزاء المغرب أخطأ طلال القرقوري مدافع باريس سان جيرمان في التعامل معها لتذهب على رأس القناص عبد الملك شراد الذي أودعها في شباك خالد فوهامي محرزا هدف التقدم للجزائر قبل 9 دقائق فقط من نهاية المباراة وهنا أدرك الجميع أن المباراة انتهت خاصة عندما تصدت العارضة لتسديدة مراون الشماخ لتضيع فرصة التعادل ويزداد الدفاع الجزائري قوة وبسالة ويقاتل بكل شراسة دفاعا عن مرماه وسحب بادو الزاكي المدافع طلال القرقوري وأشرك المهاجم يوسف حاجي لينضم الى جواد الزايري ومروان الشماخ ليلعب بثلاثة في الأمام فلايوجد وقت كاف للتعادل وفي زحمة الاندفاع الهجومي ينفرد شراد مرة أخرى بالمرمى تماما وكاد أن يحرز الهدف الثاني للجزائر في الدقيقة90 إلا أن خالد فوهامي أنقذ ببراعة هدفا مؤكدا وحول الكرة الى ركنية وبدأت بعض الجماهير المغربية تنسحب من الملعب بعد أن فقدت الأمل بينما أشعلت الجماهير الجزائرية المدرجات بالصواريخ ورفعت الأعلام وتعالت الهتافات احتفالا بالفوز التاريخي على المغرب ..
وانتهي الوقت الأصلي ورفع الحكم الرابع لوحة الوقت بدل الضائع لتشير إلى خمس دقائق ولكنها بدأت تمر سريعا واحدة وراء الأخرى وقبل80 ثانية من النهاية ينطلق محمد يعقوبي الذي لعب في الشوط الثاني من ناحية اليسار ويمرر كرة عرضية تمر من مراد الزايري لتجد مراون الشماخ وجها لوجه أمام المرمي أوقف الكرة بكل هدوء ولم يتسرع في التعامل معها لأنه يدرك أنها فرصة العمر وإذا ضاعت لن تأتي مرة أخرى فالحكم يستعد لإطلاق صافرة النهاية وبالتالى لابد من التركيز و سدد بكل قوة في اللحظة التي خرج فيها حارس المرمي محرزا هدف التعادل ليقفز بادو الزاكي من الفرحة خارج الملعب ويسقط على الأرض وفوقه أعضاء الجهاز الفني والبدلاء لأن ماحدث بالفعل اشبه بالمعجزة لأن المنتخب المغربي كان في طريقه الى العودة للمغرب بل انه كان داخل الطائرة فعندما يتبقي 100 ثانية من عمر المباراة فمن الصعب أن تحلم كثيرا .
ولكن بادو الزاكي وأسود الأطلس لم يفقدوا الأمل لحظة واحدة حتى الثانية الأخيرة لأنهم علي قناعة تامة بأنهم الأفضل داخل الملعب ويبدو أن بادو الزاكي تذكر سيناريو السير اليكس فيرجسون في نهائي دوري أبطال اوروبا 1999 ببرشلونة عندما تقدم بايرن ميونخ الالماني بهدف عن طريق بازلر في الشوط الأول وقبل نهاية المباراة بخمس عشرة دقيقة اشرك فيرجسون تيدي شيرنيجهام وسولسكاير وقبل دقيقة واحدة من نهاية المباراة بدأ لاعبو بايرن ميونخ يحتفلون بالكأس في الملعب ويتبادلون التهاني وفي تلك اللحظة أحرزشيرينجهام التعادل وفي الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع أحرز سولسكاير هدف الفوز ليخطف مانشيستر يونايند الكأس . السير بادو الزاكي كرر نفس السيناريو ولكن بطبعة أفريقية وادار المباراة بنجاح وأجرى تغييرات في الوسط والهجوم ضاعفت من خطورة الفريق حيث لعب محمد يعقوبي بدلا من عبد الكريم قيسي في الدقيقة 70 ويوسف حاجي بدلا من طلال القرقوري في الدقيقة 86 وجمال اليو بدلا من حسين خراجة في الدقيقة 90 وصنع اليعقوبي هدف التعادل لمروان الشماخ بينما تمكن يوسف حاجي في الشوط الإضافي الرابع من تسجيل الهدف الثاني ببراعة ومهارة فائقة وفي نفس الشوط توج جواد الزايري جهوده بهدف ثالث للمغرب .
وقال وليد الركراكي الظهير الأيمن للمغرب بعد المباراة :'' اعتقدنا أن كل شيء انتهي بعد هدف الجزائر وعندما تصدت العارضة لتسديدة مروان قلت أن الجزائر تأهلت بالفعل ''. وفي الحقيقة قدم المنتخب الجزائري أجمل عروضه في البطولة وكافح حتى النهاية وكان ندا قويا ولكن مازال ينقصه الكثير للمنافسة والاستمرار في البطولة حتى النهاية وما تحقق في هذه البطولة إنجاز كبير فعندما حضر محاربو الصحراء إلي تونس لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع التأهل للدور الثاني والتعادل مع الكاميرون والفوز على مصر والصمود بشجاعة أمام المغرب ويحتاج هذا الفريق لمزيد من الخبرة والانسجام واللعب الهجومي حتي يصبح له شأن كبير . المفاجأة رغم تواضع مستوى الكاميرون منذ بداية البطولة إلا أن أحدا لم يتوقع خروج أبطال أفريقيا على يد نيجيريا التي تبدو هي الأخرى بعيدة عن مستواها وتعرض منتخبها للكثير من المشاكل خلال هذه البطولة .
ولكن لقاءات ''الديربي ''عادة لا تخضع لأية حسابات مسبقة فهناك ثأر كروي بين البلدين فحتى الآن لم تنس نيجيريا أن الكاميرون هي التي أفسدت فرحتها وسرقت منها كأس الأمم الأفريقية في ملعبها عام 2000 بركلات الترجيح
ولم تنس جماهير النسور أن فريقها لم يتمكن من الفوز على الكاميرون في الأثني عشر عاما الأخيرة ولذلك عندما تحقق الفوز التاريخي أمس الأول قال كريستيان شوكو مدرب نيجيريا بكل ثقة وكبرياء :'' الآن انتهى عصر الكاميرون ..والفوز الذي حققناه غير كل شيء وبدأ الآن عصر النسور ''.
من حق شوكو أن يتفاخر بفريقه والانتصار الذي تحقق بدون ثلاثة من نجوم الفريق تم استبعادهم لعدم الالتزام بالنظام والسهر خارج المعسكر في مقدمتهم مدافع تشليسي سليستيان بابايارو ومهاجم شالكه فيكتور أجالي
ولم تكن بداية نسور نيجيريا في البطولة تدعو ابدا للتفاؤل بعد الخسارة أمام المغرب ولكن المايسترو اوكوشا الذي اختير كأفضل لاعب في القارة الأفريقية وفقا لاستفتاء بي بي سي فعل كل شيء في كرة القدم وأخرج الكثير من مستودع مهاراته وخبرته الدولية وقاد بلاده للفوز على جنوب أفريقيا بأربعة أهداف مقابل لاشيء وأحرز بنفسه الهدف الألف في البطولة وعاد ليقود فريقه للفوز على بنين ويتأهل للدور الثاني وأمس الأول أمام الكاميرون فعل الكثير والكثير وأحرز هدف التعادل من ضربة مباشرة وشكلت تحركاته وتمريراته وتسديداته خطورة بالغة وظهر كانو هو الآخر في أفضل حالاته وصنع هدف الفوز بتمريرة ساحرة الى جون اوتاكا الذي انفرد ووضعها داخل الشباك بكل براعة .
واستحق المنتخب النيجيري الفوز ..وأيضا استحق اسود الكاميرون الخسارة لأنهم منذ اللحظة الأولى التي حضروا فيها الى مالي يتعاملون على أن البطولة لن تخرج أبدا من خزائنهم ووزعوا تصريحات مليئة بالثقة والتفاؤل والغرور واتذكر انني عندما سألت محمد ايا رئيس الاتحاد الكاميروني قبل أن تبدأ البطولة خلال حضوره اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي ماذا ستفعل الكاميرون أجاب بكل ثقة :'' نحن حضرنا لكي نفوز باللقب وليس أمامنا خيار آخر ''.
ونفس الشيء فعله المدرب واللاعبون ومن حق أي فريق أن يحلم بالفوز ولكن يجب ان يكون الأداء في الملعب بنفس مستوى هذه الثقة وما شاهدناه منذ المباراة الأولى أمام الجزائر لم يقنع أحدا وتعادلوا 1-1 وفازوا بعد ذلك على زيمبابوي 5-3 وفازوا بالتعادل في المباراة الثالثة أمام مصر ولم نر تلك الخطورة الهجومية ولا القوة الدفاعية التي عودنا عليها فريق الكاميرون الذي اهتزت شباكه ست مرات في أربع مباريات وأحرز سبعة أهداف والفريق يحتاج الى تجديد الدماء وهذا ما يفعله حاليا وينفرد شافير المدرب الألماني الذي أدخل الكثير من الوجوه الجديدة في هذه البطولة لتحل محل جيل 2000 في تصفيات كأس العالم المقبلة وقد ظهر واضحا أن الفريق يعاني من الكثير من الثغرات الدفاعية نتيجة البطء في الحركة وعدم التمركز الجيد إلا أن المدرب تعامل مع تلك الأخطاء بدون اهتمام كبير وخلال حواره مع الاتحاد الرياضي يوم السبت الماضي أكد انه غير منزعج من تلك الأخطاء ..ولكنه دفع ثمن كل هذه الثقة غاليا وضرب كانو خط الدفاع كله بتمريره رائعة وضعت اوتاكا وجها لوجه أمام المرمى .
نسور قرطاج
بعد انتهاء مباراة تونس مع السنغال بكى حاجي ضيوف بحرارة في غرفة الملابس فهو لم يصدق أن فريقه ودع البطولة بعد أن كان يخطط للفوز باللقب ولكن المنتخب السنغالي وصيف بطولة مالي 2002 لم يظهر بالصورة التي قدمها قبل عامين في كأس الأمم ونهائيات كأس العالم لغياب الالتزام والحماس وارتفاع جرعات الثقة لدي اللاعبين وبداخلهم قناعة أنهم قادرون على حسم المباريات لصالحهم في أي وقت ولم ينجح جي ستيفان في ترويض هؤلاء الأسود كما فعل برونو ميتسو الذي صنع هذا الفريق وحقق له الكثير من الشهرة فوق خريطة كرة القدم العالمية .
وكان واضحا أن رغبة نسور قرطاج في تحقيق الفوز أكبر لأنهم الأكثر التزاما وتنظيما داخل الملعب ونجحوا في غلق المساحات وسيطروا على المباراة وخطف جوهر المناري هدف الفوز وستكون المواجهة مع نيجيريا في نصف النهائي صعبة للغاية وإن كانت أفضل بكثير من مواجهة الكاميرون لأن اسم ومكانة الكاميرون كبطل لآخر دورتين يؤثر على الفرق الأخرى من الناحية النفسية ولكن تونس تملك فرصة كبيرة للمرور الى النهائي إذا ما لعبت بنفس التركيز والطريقة التي تعاملت بها مع السنغال .
أما منتخب مالي أحد فرق المربع الذهبي فهو يلعب للمرة الثانية على التوالي في الدور نصف النهائي وقد سبق حيث خسر 3- صفر امام الكاميرون في بطولة 2002 واحتل المركز الرابع بعد خسارته أمام نيجيريا 1- صفر .
وفي هذه البطولة قدمت مالي عروضا رائعة وتصدرت مجموعتها الثانية بعد الفوز على كينيا وبوركينا فاسو والتعادل 1-1 مع السنغال ورغم أن غينيا كانت الأفضل في مباراة الدور ربع النهائي إلا أن ديارا حسمها لصالح نسور مالي في الدقيقة 90 بتسديدة مرت من تحت يد كمارا حارس غينيا
والمواجهة بين مالي والمغرب من الصعب التكهن بنتيجتها لأن كأس الأمم الأفريقية الحالية علمتنا أن نلقي بالتوقعات والتاريخ وراء ظهورنا قبل كل مباراة ولانتعامل إلا مع ما يحدث على أرض الواقع وان كانت الكرة العربية تملك فرصة كبيرة للفوز باللقب حيث يمثلها لأول مرة فريقين في نصف النهائي منذ 16 عاما حيث كانت المرة الأخيرة عام 1988 بالمغرب عندما خسرت الجزائر أمام نيجيريا بركلات الترجيح والمغرب أمام الكاميرون 1- صفر ويبدو أن تونس 2004 تبحث عن وجه جديد لم نألفه في السنوات العشر الأخيرة لأن الفرق الأربع التي تأهلت لهذا الدور لم تكن أبدا مرشحة بقوة مثل الكاميرون والسنغال ومصر .
نتائج ربع النهائي
* تونس - السنغال 1 - صفر
* مالي - غينيا 2-1
* نيجيريا - الكاميرون 2-1
* المغرب - الجزائر 3-1 ( وقت إضافي )
منقوووول من موقع جريدة الاتحاد
----------------------------------------------------------------------...