تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القيم التربوية في موعظة لقمان لابنه



عائشة عمر
09-03-2004, 10:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد :
للفائدة أحببت أن ارسل لكم هذا البحث العلمي تباعا،، دفعا للملل...
{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
***
يعد الإيمان بالله تعالى أول القيم التي يطلق عليها القيم الإيمانية ، ومن هذه القيم تنبع بقية قيم المسلم في حياته، وتنطلق من هذا المنطلق، بل لا يقوم وجود للإسلام إلا على الإيمان بالله، إيمانا يجعل المسلم في حالة يقين مطلق بالوحدانية.
ولذا ابتدأ لقمان موعظته بهذه القيمة العظيمة ؛لأنها الأهم،وكانت نهيا عن الشرك بالله تعالى، وذلك ‘‘ لأن النفس المعرضة للتزكية والكمال يجب أن يقدم لها قبل ذلك تخليتها عن مبادئ الفساد والضلال، فإن إصلاح الاعتقاد أصل لإصلاح العمل ’’( ).
وفي هذا المعنى يقول الدكتور زكي نجيب محمود : ‘‘ فأولاً لا بد لمن آمن بالله أن يمحو من نفسه كل ما عداه، فالشاهد يبدأ شهادته بألاّ آلهة أخرى هناك حتى إذا ما أيقن بذلك أعلن أيمانه بالله، ولهذا الترتيب الذي ينفي الباطل أولاً، ثم يؤكد الحق قوة منطقية تعين الإنسان على التخلص مما يعرقل سيره الثابت المطمئن، ومن هنا رأينا مناهج البحث العلمي تجعل الخطوة الأولى في طريق البحث إزالة الآراء الخاطئة وذلك لتفنيدها وبيان أوجه الخطأ فيها ثم تعقب على ذلك بإقامة ما هو صحيح ’’( ).
إنه لابد لمن يريد أن يغرس القيم في النفوس أن يبدأ بهذا الأصل، وذلك أنه قد تقرر أن التخلية قبل التحلية، فاجتثاث جذور الفساد ينبغي أن يسبق بذر بذور الخير، التي تعني إزالة القيم الفاسدة، وعلى رأسها الإشراك بالله، إذ هو أعظم الذنوب، كما قال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم }.
:biggthump

Batistuta
10-03-2004, 09:28 AM
موضوع ممتاز :biggthump


يعطيك العافية أختي ..................

عائشة عمر
13-03-2004, 06:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة الثانية من الموعظة
إن التعبير القرآني : { لا تشرك بالله } يجعل مصدر القيم واحداً( )، وهو رب العالمين : العليم الخبير، الذي خلق الإنسان ويعلم ما تكنه نفسه، ويعلم ما يصلحها وما يفسدها، فهي إذن قيم ربانية معصومة وليست بشرية يعتريها النقص والخطأ والتغيير، وتصطبغ بهوى واضعها وميوله،وفوق ذلك أنها اجتهادات ظنية لا ترقى إلى اليقين.ويؤكد الأستاذ عبد المجيد بن مسعود ذلك فيقول : ‘‘ إن المصدر الذي نستقي منه القيم التي يقوم عليها النظام التربوي الإسلامي هو الوحي الإلهي، إذ العقل الذي تستند إليه المذاهب الوضعية في ذلك ليس مبرءاً من الهوى، فضلاً عن كونه محدود الآفاق في علمه بحقيقة الإنسان والحياة ’’( ).
إن تعدد مصادر القيم من شأنه أن يجعل الإنسان حائراً تائهاً، إنها تمزق كيانه وتفسد حياته، وتهدر إنسانيته( )، فهو يتخبط بين قيم أرضية تتعدد فيها المعايير، فمعيار أمام ولي الأمر، ومعيار آخر أمام الناس، ومعيار ثالث حين يخلو لنفسه( ).
إذن بحنان أبوي دفاق يرشد لقمان ابنه : { يا بني لا تشرك بالله } ثم يعلل ذلك : { إن الشرك لظلم عظيم } فإنه ظلم لحقوق الخالق، وظلم المرء نفسه، إذ يضع نفسه في حضيض العبودية . . . وظلم لأهل الإيمان الحق إذ يبعث على اضطهادهم وأذاهم، وظلم لحقائق الأشياء بقلبها وإفساد تعلقها( ).
والإيمان بالله هو قيمة أخلاقية كذلك، فلقد ‘‘ اتفق مفكرو الإسلام على قيام القيم الأخلاقية على أساس الإيمان بالله ’’( )، ولذا يقول د. سيد أحمد : ‘‘ إن القيم الوجدانية هي منبع القيم الأخلاقية ’’( )؛ لأن العقيدة هي الموجه الأساس لسلوك الفرد حيث تتحول إلى موجهات قيمية تترجم إلى واقع سلوكي، فالمعتقدات هي التي تحكم وتصبغ وتحدد القيم، وهذه الآصرة هي التي تحدد مسارات السلوك وتضبطه وتحكمه وتوجهه( ).

وللحديث بقية :ciao:

عائشة عمر
15-03-2004, 08:14 PM
السلام عليكم
والان الى التالي ...والإيمان بالله تعالى قيمة اجتماعية، فوحدة وثبات مصدر القيم الذي يستقي منه المجتمع الإسلامي قيمه، واتحاد مرجعيتهم عند الاختلاف سيؤديان إلى تجانس عظيم بين أفراده( )، يقول د. التومي : ‘‘ إن الإيمان بالواحد الأحد، يجعل البشر ـ بما يحدثه في النفوس من حرية الإرادة، وشمول الرقابة ونية الاستقامة ـ خير الناس للناس، ويدفعهم إلى أن يكونوا منسجمين متآلفين متعاونين على توجيه ما يحصلون عليه من تعمير إيجابي إلى خدمة الفرد والمجتمع ’’( ). أما أولئك الذين أشركوا بالله واتخذوا من دونه آلهة حجرية أو بشرية فقد أفسدوا حياتهم وبعثروا جهودهم، وشتتوا مجتمعاتهم، وأسلمهم ذلك الشرك إلى العقلية الخرافية في تصور الأشياء، ثم أسلمهم بيد الأنداد الذين وضعوا له المذهبيات المصلحية التي ألحقت الأضرار الفادحة بالحضارة الإنسانية، ومزقت المجتمع الإنساني وحولته إلى الطبقات والعناصر، ومؤسسات السادة والعبيد( ).
بقي أن نقول : إن الإيمان بالله تعالى من أعظم الوسائل لتحقيق الانسجام بين الجماعات، وذلك بإقامة الروابط والوشائج بين أصحاب الدين الواحد، وإن تناء ت بهم الديار والأوطان، فالمسلم يعطف على أخيه المسلم في جميع أنحاء العالم كلما حزبه أمر، أو وقع في محنة أو ألمت به مصيبة( ).
والإيمان بالله تعالى قيمة عقلية، فالإنسان بخلعه الأنداد كلهم تحرر من العبودية لغير الله تعالى التي هي في الحقيقة إلغاء لعقله وكيانه . . . ( )، وإلا كيف يعبد عاقل من لا يملك لنفسه ـ فضلاً عن غيره ـ نفعاً ولا ضراً.
وداعا الى الحلقة التالية .... :ciao: .......