المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان صحة حديث (( من أهل بحجةٍ أو عمرةٍ من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ... )) الحد



أبو محمد الألفى
20-03-2004, 10:15 AM
بيان صحة حديث (( من أهل بحجةٍ أو عمرةٍ من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ... )) الحديث .
وقد ضعَّـفه الشيخ الألبانى ـ طيب الله ثراه ـ ، وخولف على تضعيفه .

الحمد لله ناصر الحق ورافعِى لوائِه . والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أتقى خلقه وأوليائِه .
وبعد ..
فهذا جوابٌ مقتضبٌ عن سؤالٍ عن حديث أم سلمة (( مَنْ أَهَلَّ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ، والذى ذكره الشيخ الألبانى ـ طيَّب الله ثراه ، وجعل جنَّة الخلد مستقره ومثواه ـ فى (( السلسلة الضعيفة )) .
نقول والله المستعان . الحديث صحيـح بلا شكٍ ولا ترددٍ .

أخـرجه الإمام أحمد (6/299) : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَـالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ مَوْلَى آلِ حُنَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الأَخْنَسِيِّ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ حَكِيمٍ ابْنَةِ أُمَيَّةَ بْنِ الأَخْنَسِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( مَنْ أَهَلَّ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) . قَالَ : فَرَكِبَتْ أُمُّ حَكِيمٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى أَهَلَّتْ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ .
وأخرجه كذلك أبو يعلى (12/411/7009) ، وابن حبان كما فى (( الإحسان ))(3693) جميعاً مـن طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق بإسناده ومتنه .
قـلت : هذا إسناد رجاله كلهم موثقون ، غيـر أم حكيم بنت أميَّة بن الأخنس ، واسمها حُكيمة ـ بالتصغيـرـ ، لم يذكرها أحد بجرح ، ولم يروى عنها إلا ابنها يحيى بن أبى سفيان الأخنسى ، وسليمان بن سحيـم ـ إن كان محفوظاً ـ .
وقد ذكرها ابن حـبان فى (( الثقات ))(4/195/2459) .
وقال الحافظ الذهبى (( الكاشف ))(2/506/6979) : (( حكيمة بنت أميَّة عن أم سـلمة . وعنها يحيـى بن أبى سفيان ، وسليمان . وثـَّقت )) . وقال فى (( الميزان ))(7/465) : (( فصل فى النسوة المجهولات . وما علمت فى النساء من اتهمت ولا من تركوها )) ، وذكرها فى جملتهن (( الميزان ))(7/481/11061) .
قـلت : وقد جوَّد إسنادَ هذا الحديث إبراهيمُ بن سعد الزهرى أبو إسحاق المدنى عن ابن إسحاق ، وصرَّح ابن إسحاق بالسماع ، فزالت تهمة تدليسه ، وأتقن متـنه . وتابعه عن ابن إسحاق على هذا الوجه : سلمة بن الفضل ، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى من رواية محمد بن يحيى القطعى ، وعياش بن الوليد عنه .
فقد أخـرجه الدارقطنى (2/284/212) من طريـق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن سليمان بـن سحيم عن يحيى بن أبى سفيان عن أمِّه أم حكيم به مثل حديث إبراهيم بن سعد ، إلا أنه قال (( بيت المقدس )) .
وأخرجه البيهقى (( شعب الإيمان ))(3/448/4026) عن عيَّاش بن الوليد الرقام نا عبد الأعلى نا محمد ابن إسحاق نا سليمان بن سحيم عن يحيى عن أم حكيم بنت أبي أمية عن أم سلمة أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : (( من أهلَّ بعمرةٍ أو حجةٍ من بيـت المقدس غفر الله له )) ، فلم يذكر(( حجة )) .
وأخرجه الطبرانى (( الكبير ))(23/416/1006) ، والمقدسى (( فضائل بيت المقدس ))(58) ، والمزى (( تهذيب الكمال )) (31/360) جميعاً من طريق محمد بن يحيى القطعى عن عبد الأعلى به مثله .
وخالف جماعتهم : ابن أبى شيـبة فأسقط من إسناده (( يحيى بن أبى سفيان )) ، وأحمد بن خالد الوهبى فأسقط منه (( سليمان بن سحيم )) .
فقد أخرجه ابن ماجه (3001 ) ، وأبـو يعلى (12/327/6900) كلاهما عن ابن أبى شيـبة عن عبد الأعلى عن ابن إسحاق حدثنى سليمان بن سحيم عن أم حكيم به .
وأخرجه ابن ماجه (3002 ) عن أحمد بن خالد عن ابن إسحاق عن يحيى بن أبى سفيـان عن أمـه أم حكيم به .
قـلت : ولم يتفرد ابن إسحاق عن يحيى بن أبى سفيان ، بل تابعه عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يحنَّس الحجازى ، وهو ممن احتج بهم مسلم فى (( صحيحه )) ؛ روى له حديثاً فى فضل المدينة (( من أراد أهل هذه البلدة بسوء أذابه الله )) .
فقد أخرج البخارى (( التاريخ الكبير ))(1/161) ، وأبو داود (1741) ، والفاكهى (( أخبار مكَّـة ))(1/411/885) ، وأبو يعلى (12/359/6923) ، والطبرانى (( الأوسـط ))(6/319/6515) ، والدارقطنى ((2/283/210) ، والبيـهقى (( الكبرى ))(5/30) و (( شعب الإيمان ))(3/448/4027) ، وابن عبد البر (( التمهيد ))(15/146) ، وأبو نصر بن ماكولا (( تهذيب مستمر الأوهام ))(1/173) ، والمقدسى (( فضائل بيت المقدس ))(59) من طرق عن محمد بن إسماعيل بن أبى فديك عــن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يحنَّس عن يحيى بن أبى سفيان عن جدته حكيمة عن أم سلمة أنها سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول : (( من أهلَّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، أو وجبت له الجنة )) ، شك عبد الله أيتهما قال .
وقال أبو داود : (( يرحم الله وكيعا أحرم من بيت المقدس يعني إلى مكة )) .
قلت : هكذا رواه جماعة أكثرهم ثقات أثبات : أحمد بن صالح الطبرى ، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ، وأبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصى ، وسعيـد بن سليمان سعدويه ، وأبو الفضل صالح بن مسمار وعباد بن موسى الختلى ، وعلى بن محمد بن معاوية ، وهـارون بن عبد اللَّه الحمال ؛ جميــعاً (( عـن محمد بن إسماعيل بن أبى فديك عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يحنَّس )) ، وخالف جماعتهم أبو يعلى محمد بن الصلت ، فقال (( محمد بن عبد الرحمن بـن يحنَّس عن أبى سفيان الأخنسى )) ، وهو وهم .
قال البخارى (( التاريخ الكبيـر ))(1/161/477) : (( محمد بن عبد الرحمن بن يحنـَّس عن أبـي سفيان الأخنسي عن جدته حكيمة بنت أمية عن أم سـلمة سمعت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يـقول : (( مـن أهل بحجة أو عمرة من مسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه )) حدثـناه أبو يعلى محمد بن الصلت عن ابن أبي فديـك )) .
قـلت : ولم يتفرد ابن أبى فديك عن ابن يحنََّس ، بل تابعه عبد العزيز بن محمد الدراوردى عنه ، إلا أنه قال (( عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان )) ، وأراه خطأً من النسَّاخ ، كما سأبينه .
فقد أخرجه الطبرانى (( الكبير ))(23/361/849) ، ومن طريقه ابن عبد الغنى (( تكملة الإكمال ))(1/171) عن يحيى بن بكير ويحيى بن عبد الحميد الحمانى ، كلاهما عن الدراوردى عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان عن يحيى بن أبى سفيان عن جدته حكيمة عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أهلَّ من بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه )) .
ولكن أخرجه المزى (( تهذيب الكمال ))(31/360) من طريـق أبى بكر بن ريذة عن الطبرانى بــه ، فقال (( عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنَّس )) ، وهو الصحيح كرواية محمد بن إسماعيل بن أبى فديك .
قـلت : والخلاصة ، فالحديـث ثابت صحيـح ، وأمثل أسانيده (( ابـن إسحاق ثنى سليمان بن سحيم عن يحيى بن أبى سفيان عن أمِّه حُكيمة عن أم سلمة )) ، كما رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان وصحَّحه .
وأما الشيخ الألبانى ـ طيب الله ثراه ـ ، فقد قال فى (( الضعيفة ))(1/248/211) : (( وعلته عندى حكيمة هذه ، فإنها ليست بالمشهورة ، ولم يوثـقها غير ابن حبان ، وقد نبهنا مراراً على ما فى توثيقه من التساهل ، ولهذا لم يعتمده الحافـظ ، فلم يوثـقها ، وإنما قـال فى (( التقريب )) : (( مقبولة )) يعنى عند المتابعة ، وليس لها متابع هاهنا ، فحديثها ضعيف غير مقبول ، وهذا وجه الضعف عندى )) اهـ .
فقد بان أن الشيخ الألبانى ـ رحمه الله ـ احتج لقوله بتضعيف حديث حُكيمة بثلاثة أدلة :
( الأول ) أنها ليـست مشهورة .
( الثانى ) أنه لم يـوثقها غيـر ابن حبان .
( الثالث ) قول ابن حجر عنها (( مقبولة )) ، وأنها لم تتابع .
فإن كانت هذه الأدلة كافية فى الحكم على حديثٍ ما بالضعـف ، فلماذا عكس الشيخ الألبانى الأمر ، فجعلها هى أدلة التصحيـح لعددٍ لا يحصى من الأحاديـث فى (( صحيحته )) وفى (( الإرواء )) ؟! .
ولنذكر على سبيل المثال ، أنه فى تقريـره بطلان حديث (( نعم المذكر السبحة )) فى (( سلسلته الضعيفة ))(1/112) ، ذكر ما نصه : (( أنه مخالف لأمره صلَّى الله عليه وسلَّم ، حيث قال لبعض النسوة (( عليكن بالتسبيح والتهليـل والتقديس ، ولا تغفلن فتنسيـن التوحيد ، واعقدن بالأنامل ، فإنهن مسئولات ومستنطقات )) . وهو حديـث حسن ، أخرجه أبو داود وغيـره ، وصحَّحه الحاكم والذهبى ، وحسَّنه النووى والعسقلانى )) اهـ .
وأقـول : فالشيخ ـ طيَّب الله ثراه ـ هاهنا يعتمد تصحيح الحاكم والنووى والذهبى والعـسقلانى ، وجميــعهم معتمدون فى ذلك على تصحيح ابن حبان وحده ، الذى لا يعتمد الشيخ توثيقه ولا يـرضاه ، ويقلده عليه أكثر فضلاء الوقت ورفعاؤه !! .
وذلك أن راوية الحديث : حميضة بنت ياسر مجهولة لم يـرو عنها غيـر ابنها هانئ بن عثمان ، ولم يـوثقها غيـر ابن حبان . وقال ابن حجر فى (( تقريـب التهذيـب ))(1/746/8570) : (( حميـضة بنت يـاسر. مقبـولة من الرابعة )) .
وقد أخرج حديثها ابن أبى شيـبة (2/160/7656 و6/53/29414 و7/168/35038) ، وأحـمد (6/370) ، وإسحاق بن راهويه (1/199:198) ، وابن سعد (( الطبقات الكبرى ))(8/310) ، والدورى (( تاريخ يحيى بن معين ))(3/51) ، وعبد بن حميد (( المنتخب ))(1570) ، وأبو داود (1501) ، والترمذى (3583) ، وابن أبى عاصم (( الآحاد والمثانى )) (6/73/3285) ، وابن حبان كما فى (( موارد الظمآن ))(2333) ، والطبرانى (( الكبير ))(25/74/180) و(( الأوسط )) (5/182/5016) ، والحاكم (1/547) ، وأبو نعيم (( الحلية ))(2/68) ، والرافعى (( التدويـن فى أخبار قزويــن )) (3/52) ، والمزى (( تهذيب الكمال ))(30/141) جميعا من طريق هانئ بن عثمان عن أمه حميضة بنت ياسر عن جدتها يسيرة وكانت من المهاجرات قالت : قال لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : (( يا نساء المؤمنات ! عليكن بالتهليـل والتسبيـح والتقديس ، ولا تغـفلن فتنسيـن الرحمة ، واعقدن بالأنامل ، فإنَّهن مسؤلات مستنطقات )) .
والحديث صحَّحه ابن حبان والحاكم ، وأقرهما الذهبى والنووى وابن حجر ، كما أقـره الألبانى .
قلت : وفى إسناده حميضة بنت ياسر ، أحدى المجهولات اللاتى تفرد ابن حبان بتوثيقهن ، وقال عنها ابن حجر : (( مقبـولة )) ! . فسبيلها فى قبول حديثها كسبيل حُكيمة لا يفترقان فى شئٍ البتة ، كلتاهما تابعـية لم يوثقها غير ابن حبان ، وقال عنهما ابن حجر : (( مقبـولة )) ، فكيف فرَّق بينهما الشيخ الألبانى ، فحسَّن حديث حميضة وضعَّـف حديث حُكيمة ؟! . أليـس هذا من الاعتداد بقول أئمة الجرح والتعديـل ، ومنهم الإمام العلم أبى حاتم ابن حبان ، فى موضع ونقضه فى موضع آخر ؟! .
على أن ثمَّة أمرٍ آخر زائدٍ فى حديث حميضة ، الذى تلقاه الألبانى بالقبول وحسَّنه ، أن فى إسناده هانئ بن عثمان الجهنى وقد تـفرد عن أمِّه حميضة ، ولم يوثقه إلا الإمام العلم الجهبذ ابن حبان ، ولهذا قال ابن حجر فى (( التقريب )) عنه : (( مقبـول )) ! . فلماذا اعتمده الألبانى ، وتناسى ما يكثر أن يعلل به تضعـيـف أحاديث المجاهيـل بقوله : (( توثيق ابن حبان لا يعُتمد ، لأنه متساهل فى التوثـيق )) ! .
وعندى أن الحكم على الحديثيـن ـ حديث حُكيمة وحديث حُميضة ـ واحد ، كلاهما صحيح ، ولا يضر راويتهما تفرد ابن حبان بتوثيقهما ، عملاً بالمذهب الراجح أن تزكية المزكى الواحد تكفى فى تعديل الراوى المجهول ، كما ذكره إمام المحدثين فى (( صحيحه ))(2/106. سندى ) : بـاب : إذا زكَّى رجلٌ رجلاً كفاه .
ولنذكر مثالاً آخر ، أنه قال فى (( صحيحته ))(رقم307) ما نصه :
(( حديث (( تنكح المرأة على أحدى خصال ثلاثة ، تنكح المرأة على مالها ، وتنكح المرأة على جمالها ، وتنكح المرأة على دينها . فخذ بذات الدين والخلق ، تربت يمينك )) . أخرجه ابن حبان فى (( صحيـحه ))(1231) ، والحاكم (2/161) ، وأحمد (3/80) من طريـق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته عن أبى سعيد الخدرى مرفوعاً به .
وقال الحاكم : (( صحيـح الإسناد )) ووافقه الذهبى .
قـلت : ورجاله ثقات معروفون ، غيـر عمة سعد ، واسمها زينب بنت كعب بن عجرة ، روى عنها ابنا أخويها : سعد بن إسحاق ، وسليمان بن محمد ابنا كعب بن عجرة . وذكرها ابن حبان فى (( الثقات )) . وهى زوجة أبى سعيد الخدرى ، وذكرها ابن الأثير وابن فتحون فى (( الصحابة )) . وقال ابن حزم : (( مجهولة )) ، كما فى (( الميـزان )) للذهبى وأقـرَّه ، ومع ذلك وافق الحاكم على تصحيحه )) اهـ .
وأقـول : فالألبانى هاهنا يعتمد تصحـيـح ابن حبان والحاكم ، على أن زينب بنت كعب بن عجرة لم يـوثقها إلا ابن حبان وحده ! . فإن قيل : إنما وثقها الألبانى لكونها صحابية ، وشهرة الصحابـيات واستفاضة الثقة بهن قاضية برفع الجهالة وإثبات توثيقهن ، فلا يحتاج عندئذ إلى توثيـق ابن حبان أو غيره .
فأقـول : لو كان هذا صحيحاً ، فلماذا ذكر توثيق ابن حبان إياها ، وذكر عقبه قول ابن حزم : مجهولة ؟ . وأجيـب : ذلك لقوة الخلاف فى إثبات الصحبة لها ، فالأكثرون على أنها تابعية . والحافظ ابن حجر نفسه الذى اعتمد عليه الألبانى فيما نقله عن ابن عبد البر وابن فتحون من القول بصحبتها فى (( تهذيب التهذيب ))(12/451/28024) ، قال فى (( تقريـب التهذيـب ))(2/600) : (( مقبولة من الثانية ويقال : لها صحبة )) .
فقوله (( مقبولة من الثانية )) يعنى جزمه بتابعيتها ، إذ لا يقال فى صحابية (( مقبولة )) ، والصحابة عند ابن حجر كلهم فى (( الطبقة الأولى )) ، وأما الثانية فهى طبقة كبار التابعيـن ، كابن المسيـب ، وقيس ابن أبى حازم ، وأبى عثمان النهدى ، وأبى وائل شقيق بن سلمة من الرجال ، وكخيـرة أم الحسن البصرى وصفية بنت أبى عبيد ، وأم بلال بنت هلال الأسدية من النساء .
وقال أبو زكريا النووى (( تهذيب الأسماء ))(2/613) : (( زينب بنت كعب بن عجرة . مذكورة فى باب المعتدة من (( المهذب )) . وهى تابعيـة . تروى عن الفريعة بنت مالك . يـروى عنها : ابن أخيها سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة )) . كما أشار الحافظ الذهبى إلى تابعيتها فى (( الكاشف ))(2/508) بقوله : (( وثقت )) ، فلو كانت صحابية ما قالها . ولهذا لما نقل قول ابن حزم (( مجهولة )) فى (( الميـزان )) لم يتعقبه بشئٍ .
والخلاصة ، فإن زينب بنت كعب بن عجرة تابعية على الأرجح ، وإنما اعتمد الحفاظ تصحيح حديثها لتوثيـق ابن حبان إياها ، ولهذا ذكره الشيخ الألبانى فى معرض الاحتجاج لقبول حديثها دفعاً لتجهيـل ابن حزم إياها ، وإنما منعه من التصريح بقبول توثيـق ابن حبان تمسكه بقاعدته (( توثيـق ابن حبان لا يُعتمد لتساهله فى توثيق المجاهيـل )) ! .
وأما القول بتضعيف الحافظ ابن حجر لحكيمة أم حكيم ، لمقاله عنها (( مقبولة )) ، فهو خطأ صدر عن عدم معرفة دلالة هذا المصطلح لدى الحافظ ، والمدققين العارفين بمعانى مصطلحاته فى كتابه الفذ (( تقريب التهذيب )) ، سيما وقد وصف به جمع من الثقات الذين احتج بهم الشيخان فى (( الصحيحين )) ، وعدتهم مائة وخمسة من الرواة ، وقد بيَّـنته بياناً شافياً فى كتابى (( المنهج المأمول ببيان معنى قول ابن حجر مقبول )) .
[ تنبيه واجب ] هذا المقال (( توثيـق ابن حبان لا يُعتمد لتساهله فى توثيق المجاهيـل )) ، صار كالقاعدة التى لا يجوز الخروج عليها عند أكثر فضلاء الوقت من أهل الحديث !! . ولنا عليه تعقيبات وردود ومؤاخذات ، فيها تفصيل طويل وبيان واسع ، سيأتى إيضاحه بتوفيق الله وعونه .
[ تنبيه ثان ] تأويل مصطلح الحافظ ابن حجر البديع المثال (( مقبول )) ، محمول عند أكثر فضلاء الوقت من أهل الحديث على معنى التضعيف ما لم يتابع الراوى ، كقولهم : وقوله (( مقبول )) يعنى عند المتابعة وإلا فلين الحديث ، ولا يُحمل عند أكثرهم على أنه أحد مراتب التوثيق مطلقاً عند الحافظ واضع هذا المصطلح ، وأعرف الناس بدلالته . ولنا فى هذا بيان واسع مذكور فى (( المنهج المأمول ببيان معنى قول ابن حجر مقبول )) .
والله أسأله العفو عن الخطأ والزلات ، وآخر دعوانا أن الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات .

abo_7ozayfa
21-03-2004, 12:17 AM
جزاك الله خيرا أخى و جعل الجنة مثواك ..؟؟

أبو محمد الألفى
21-03-2004, 07:41 AM
حياكم الله بكل بخير ، ولا تنسونا من دعائكم

فنحن بحاجة ماسة إلى دعواتكم أن يمدنا الله بموفور الصحة والعافية

لكى نواصل خدمة السنة النبوية الحبيبة إلى قلبنا

وصلَّى الله على نبى الرحمة وهادى الأمة وسلَّم تسليماً