المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرب على الإرهاب ... رؤية عن قرب من العراق المحتل



tahrer
21-03-2004, 06:42 PM
الحرب على الإرهاب ... رؤية عن قرب من العراق المحتل

شبكة البصرة
www.albasrah.net

أ. د. محمد العبيدي

كتب العشرات وربما المئات من الكتاب، و بشكل خاص عراقيي المهجر، عن مأساة الحصار على العراق وعن إحتلاله وتدميره من قبل أمريكا وأعوانها . كتب هؤلاء بشجاعة ومبدأية عكست بشكل واضح التحليل المنطقي لما حدث ويحدث في العراق . إلا أن كل ما كتب عن العراق قد لا يوازي ما كانت ولا زالت تكتبه شابة عراقية من قلب العراق المحتل، من بغداد الجريحة، إنها Riverbend (إسمها المستعار) .

إنها عراقية شامخة بوطنيتها كشموخ نخلة باسقة في سماء العراق . بشجاعتها ورقتها وعذوبتها وحبها للوطن كتبت، ونقلت للعالم الصورة المريرة التي وصل إليها العراق بعد تدمير الدولة فيه، كتبت عن معاناة وآلام العراقيين في ظل الحصار والإحتلال، وحيث لم تنج عائلتها وبيتها من مداهمة الإمريكان وعملاءهم .

إنها إحدى النساء العراقييات التي لم تستطع حمل البندقية لتحارب المحتلين وأعوانهم، بل بدلاً من ذلك حملت قلمها لتصب عليهم حمم الحقيقة التي يحاول الإحتلال وأعوانهم طمسها والتي لم يجرأ "أشباه الرجال" في العراق المحتل أن يفعلوا لوطنهم ما فعلته هي وما تفعله . لقد أصبح صوت الحقيقة الذي تنادي به مسموعاً في كل أصقاع العالم، غربه وشرقه، لأنه يعكس بتجرد المعاناة والآلام التي يعيشها العراقيون كل يوم منذ بدأ الحصار عليهم وإنتهاءً بالإحتلال في يومنا هذا، إن لم يكن لسنوات عديدة مقبلة .

تابعت منذ البداية وبإستمرار ما كتبته هذه العراقية الأبية فلم أجد في كتاباتها غير سيف الحقيقة العارية المسلط على رقاب المحتلين وأعوانهم الخونة . كما وجدت في كتاباتها تصوير لأبشع صور القهر والإضطهاد التي يعاني منها أي شعب على الإطلاق على أيدي المحتلين وأعوانهم . وأيضاً وجدت في كتاباتها ذلك الإصرار على فضح الممارسات التعسفية وغير الشرعية للإحتلال وأعوانه في بلادنا . فبالرغم أنها ليست أديبة أو كاتبة إلا أن الحقائق والوقائع التي كتبت وتكتب عنها من بغداد جعلت عدداً كبيراً من أشهر إعلاميي العالم يستقون من كتاباتها حقيقة ما يجري في بلدنا المحتل، وذلك ما أخبرني به بشكل شخصي العديد من أصدقاءي من هؤلاء الإعلاميين .

ربطتني بها تلك الشجون التي نحس جميعاً بها ونتألم لها، فوجدتها قوية كقوة ماء الرافدين الهادرة، ووجدتها شجاعة كشجاعة ليوث شنعار، ووجدتها صلبة في مواقفها ومبدأيتها صلابة عود الرمان .

وهنا يسعدني عزيزي القارئ، بل ويشرفني أن أنقل لك ترجمة كاملة لآخر ما كتبته هذه العراقية الأبية في مذكراتها التي تنشر في موقعها على الإنترنت .

كتبت *Riverbend تقول :

أنا أشعر اليوم بالغضب والحنق .

لقد مرّ عام منذ بدأت الحرب على العراق و يبدو أنها لا زالت ثقيلة جداً على الجميع .

في العام الماضي، وفي مثل هذا اليوم، بدأت الحرب عند الساعات الأولى للصباح .

لم أكن نائمة .

لم أستطع النوم منذ أعلن بوش إنذاره قبل بضعة أيام .

أنا لم أكن مفزوعة، لكن لم أريد أن أكون نائمة عند بدأ سقوط القنابل .

بدأت الدموع تنهار مع البداية الأولى لسقوطها .

أنا لست من النوع الذي يبكي بسهولة، لكن تلك اللحظة، منذ عام هذا اليوم، شعرت بمثل هذا الحزن لصوت سقوط تلك القنابل .

رغم كل شيء، كان شعوراً مألوفاً لأنه لم يكن أول مرة تقصفنا فيها أمريكا .

لم يبدو عادلاً أنه كان لي مثل هذا الشعور المألوف .

شعرت بالبشاعة عندما تحولت بغداد إلى أنقاض .

ففي كل إنفجار أعلم أن جزءً حيوياً من بغداد كان يشتعل .

كان شيئاً فظيعاً ولا أعتقد أنني سأرغب بحدوثه على أسوأ أعدائي .

كانت تلك بداية "التحرير" . "التحرير" من السيادة، نوع معين من السلام، معيار معين من الكرامة .

لقد "حررونا" من أعمالنا ووظائفنا، و شوارعنا و قدسية بيوتنا .

والعديد منا "تحرر" من أفراد عائلته و أصدقاءه .

بعد عام و الكهرباء لا زالت متقطعة، وهناك بإستمرار نقص في الوقود، والشوارع غير آمنة .

عندما نمشي أسفل تلك الشوارع، في المناسبات النادرة، نرى الوجوه متعبة ومجعدة بسبب القلق .

القلق حول أفراد العائلة الذين هم رهن الإعتقال، القلق بسبب مداهمة البيوت من قبل الأمريكيين، الأفواه الجائعة ، والعمل على بقاء أفراد العائلة آمنين خوفاً من الإختطاف والإغتصاب و الموت .

وأين نحن الآن بعد عام من الحرب ؟

بالتأكيد - نمتلك أطباق إستقبال الفضائيات وهواتف محمولة "ترفة".

لكن أين نحن فعلاً ؟ أين الأغلبية ؟

نحاول محاربة التطرف الذي يبدو أنه جاء علينا مثل موجة سوداء . ونتساءل على مدى الساعة، متى سيعود بعضاً من الإستواء ثانية إلى حياتنا ، حيث نأمل و نصلي بإستمرار ضد الحرب الأهلية القادمة .

وغير مصدقين، نشاهد القوات الأمريكية تجوب شوارع بلداتنا و مدننا وتدخل بعنوة وعنف إلى بيوتنا... نشاهد بغضب جلوس دمى "مجلس الحكم" عديمي الفائدة وهم يوزعون العقود الدسمة على الأجانب وهم أنفسهم يزدادون غنىً كل يوم . إنهم نفس الأشخاص الذين لم يهتموا كثيراً ببلدهم، إنهم من ترجّوا بوش و أعوانه أن يشنوا حرباً على العراق كلفت الآلاف من حياة العراقيين والتي بالتأكيد ستكلف آلافاً أخرى .

نحن نشاهد بطريقة ساخرة كيف يحوّل رجل دين إيراني في الجنوب بلداً إلى نسخة طبق الأصل من إيران . نحن نشاهد كيف إنكشفت أكاذيب مهزلة أسلحة الدمار الشامل و سخرية القاعدة تدريجياً أمام العالم .

وأين نحن الآن ؟ حسناً، مرافقنا الحكومية قد أحرقت وتحولت إلى أنقاض بفعل "المحررين والمقاتلين العراقيين الأحرار" (من جماعة الجلبي)، وأن 50% من السكان العاملين عاطلين عن العمل و جياع، والصيف يلوح في الأفق ووضع الكهرباء في بلدنا نكتة، والشوارع قذرة و تطفح بمياه الصرف، وسجوننا أكثر إمتلاءً بالآلاف من الأبرياء من أي وقت مضى . لقد رأينا في عام واحد فقط إنفجارات ودبابات وطائرات مقاتلة و قوات عسكرية أخرى أكثر مما رأيناه في عقد من الزمن أثناء الحرب مع إيران . بيوتنا تهاجم و سياراتنا توقف في الشوارع لتفتيشها ... والصحفيون يقتلون "بصورة غير متعمدة" و الحرب الأهلية تغرس بذورها من قبل أولئك الذين يجدونها أكثر فائدة، والمستشفيات تطفح بالمرضى رغم كونها تفتقر إلى كل شء تقريباً، فلا إمدادات طبية ولا أدوية أو حتى أطباء، و المهم أن النفط ينساب بحرية .

ومع ذلك، فقد تعلمنا كثيراً . لقد تعلمنا أن الإرهاب ليس في الواقع هو عملية خلق الإرهاب . إنه ليس قانون قتل الأبرياء وإخافة الآخرين . كلا، فذلك يسمى "تحريراً" . إذ لا يهم ما تحرقه أو من تقتله طالما لبست الكاكي (الخاكي)، ولا يهم إن ركبت دبابة أو أباتشي أو طائرة مقاتلة وأطلقت الصواريخ وأسقطت القنابل، فأنت لست إرهابياً، إنما أنت "محرّر" .

الحرب على الإرهاب نكتة . فقد كانت مدريد خير دليل على ذلك في الأسبوع الماضي. أما العراق فهو الدليل على ذلك كل يوم .

أأمل أن شخصاً ما، في مكان ما، يشعر أكثر بالأمان، لأننا بالتأكيد لا نشعر بذلك .

انا مسلم
21-03-2004, 08:04 PM
جزاك الله خير اخي...املنا في الله ثم بالمقاومة التي ان شاء الله ستستعيد العراق الحبيب