المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناظرة أهل البدع



الغيور على دينه
29-07-2001, 04:47 PM
نقل الشيخ سليم الهلالي (أحد تلاميذ الشيخ الألباني رحمه الله) في كتابه "البدعة و أثرها السيئ في الأمة"
في الفصل العاشر ((مناظرة أهل البدع)) ما يلي:

((إن سبيل أهل البدع قائم على التلبيس و التدليس و التمويه، و مبني على التضليل و التزيين، فكان حق التعامل معهم هو المجانبة، و الهجر، و الإعراض، و التحذير.
و لذلك توالت كلمات العلماء و الأئمة تحذيراً من مناظرتهم، و تنبيهاً على البعد عن مناقشتهم و الإصغاء إليهم.
قال مفضل بن مهلهل: "لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته، حذرته و فررت منه، و لكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدء مجلسه، ثم يدخل عليك بدعته، فلعلها تلزم قلبك! فمتى تخرج من قلبك؟" [الإبانة (394)]
قال الأوزاعي: "لا تمكنوا صاحب بدعة من جدل؛ فيورث قلوبكم من فتنته ارتيابا" [البدع و النهي عنها (ص 53)]
و عن سعيد بن عامر قال: سمعت جدتي أسماء تحدث، قالت: "دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال: لا. قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله؟ قال: لا، لتقومان عني أو لأقومن" [أخرجه الدارمي (1/109)، و اللالكائي (242)]
و قال اللالكائي:
"فما جنى على المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة، و لم يكن لهم قهر و لا ذل أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة يموتون من الغيظ، كمداً و درداً، و لا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلاً.
حتى جاء المغرورون، ففتحوا لهم إليها طريقاً، و صاروا لهم إلى هلاك الإسلام دليلاً، حتى كثرت بينهم المشاجرة، و ظهرت دعوتهم بالمناظرة، و طرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة و العامة، حتى تقابلت الشبه في الحجج، و بلغوا من التدقيق في اللجج، فصاروا أقراناً و أخذاناً، و على المداهنة خلاناً و إخواناً، بعد أن كانوا في دين الله أعداء و أضداداً، و في الهجرة في الله أعواناً: يكفرونهم في وجوههم عياناً، و يبلغونهم جهاراً، و شتان ما بين المنزلتين، و هيهات ما بين المقامين" [شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة (1/19)]
قال ابن بطة: "فالله الله معشر المسلمين! لا يحملن أحداً منكم حسن ظنه بنفسه، و ما عهد من معرفته بصحة مذهبه، على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول: أُداخله؛ لأناظره أو لاستخراج منه مذهبه، فإنهم أشد فتنة من الدجال، و كلامهم ألصق من الجرب، و أحرق للقلوب من اللهب" [الإبانة (2/470)]
و لقد بيّن العز بن عبد السلام رحمه الله العلّة التي من أجلها نهى السلف عن مناظرتهم و مجالستهم؛ لأن "البحث معهم ضائع، مفضٍ إلى التقاطع و التدابر، من غير فائدة يجنيها، و ما رأيت أحداً رجع عن مذهبه، إذ ظهر له الحق في غيره، بل يصر عليه مع علمه بضعفه و بعده" [قواعد الأحكام (2/135)] بتصرف.
قال الدكتور بكر أبو زيد: "نصيحتي لكل مسلم سلم من فتنة الشبهات في الاعتقاد: أن البدعة مقموعة خافتة، و المبتدع إذا كان منقمعاً مكسور النفس بكبت بدعته، فلا يحرك النفوس بتحريك المبتدع و بدعته؛ فإنها إذا حركت نمت و ظهرت، و هذا أمر جبلت عليه النفوس، و منه في الخير: أن النفوس تتحرك إلى الحج إذا ذكرت المشاعر، و في الشر: إذا ذكرت النساء و الغزل و التشبيب بهن تحركت النفوس إلى الفواحش.
و هذا الكتمان و الإعراض من باب المجاهدة و الجهاد، فكما يكون الحق في الكلام، فإنه يكون في السكوت و الإعراض، فتنزل كل حالة منزلتها" [هجر المبتدع (ص 50)])) أ.هـ.

قلت (إسماعيل العمري): بعد هذا البيان الكافي و الشافي، يظهر لنا جلياً اتباع شيخنا أبا عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى للسلف في هذه المسألة. فما علمنا منه أنه كان يناظر أهل الأهواء و البدع، بل كان يتنازل لتبيان الحق لبعض تلاميذهم لعلهم يرجعون إلى الحق، و لكنك لا تهدي من أحببت، فالله يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم.
و رغم أن الدعوات كانت تأتيه من كل مكان لمناظرتهم، إلا أن الحق كان أحي إلى قلبه من هذا كله، فها هم السلف قد بينوا و أفصحوا و بلغوا، فهل من معتبر؟!

و الله الموفق، و الله تعالى أعلم…

و لا حول و لا قوة إلا بالله
:أفكر: