المحرر
08-04-2004, 09:41 PM
علي فردان -
(7 أبريل 2004 م) لقد تمّت إحالة فهد عبدالرحمن السكران محافظ منطقة القطيف إلى التقاعد، هذا الخبر نشرته صحيفة اليوم الصادرة بالدمام يوم أمس، ومنطقة القطيف كما يعرفها الجميع هي شيعية ولها خصوصية ثقافية لا يفهمها إلاّ أبناءها المحليين.
إذاً لماذا لا يتم تعيين محافظ قطيفي لمنطقة القطيف؟ ألا يوجد من القطيفيين الموالين للحكومة من يستطيع تطبيق البرامج التنموية للحكومة في منطقة القطيف؟ بالتأكيد يوجد، فهناك أسماء لامعة من القطيف معروفة بأهليتها، منهم المهندس جميل الجشي الذي قاد تأسيس أكبر مشروع صناعي عرفته البلاد عبر الهيئة الملكية في الجبيل، وهناك الدكتور عبدالجليل السيف، و المهندس وجيه الحبيب من أمانة الدمام، والدكتور باسم الإبراهيم عضو المجلس الاقتصادي الأعلى وآخرين.
إن تعيين قطيفياً في موقع المسؤولية ضرورة قطيفية ووطنية، فالقطيف تحتاج لأحد أبنائها الذين يفهمون خصوصيتها الثقافية والدينية، وليساهم في تطوير المنطقة وإلحاقها بركب التنمية الوطني، وليعيد النخبة القطيفية إلى المشاركة في الأجهزة الحكومية للبلاد والتي غابت عنه منذ أكثر من 80 سنة.
السؤال ليس هذا فقط، بل هناك أسئلة عدة، منها لماذا لا يعين رئيس شرطة قطيفي لمنطقة القطيف؟ لماذا لا يعين رئيس بلدية شيعي لمدينة شيعية؟ لماذا لا يتم تعيين مديرة أو وكيلة مدرسة شيعية في مدينة أو قرية شيعية؟ لماذا لا يتم افتتاح جامعة في منطقة شيعية؟ لماذا لا توجد أي صحيفة أو مجلة تصدر في منطقة القطيف؟ لماذا يتم منع الكتب الشيعية من الصدور في السعودية ويتم مصادرة الكتب الشيعية عند الحدود؟ لماذا لا يتم افتتاح مستشفى كبير أو عدة مستشفيات في القطيف وقراها والمدن المجاورة لخدمة الشيعة وهم بأعداد كبيرة تفوق مدن كثيرة أخرى في المملكة بها خدمات أكثر وأهم؟ لماذا تقوم شركة أرامكو وشركات سابك بتعيين آخرين من كل جهات المملكة وترفض تعيين شيعة في الوقت الذي يعانون فيه البطالة العالية؟ والأسئلة كثيرة تحتاج لجواب من "ولي الأمر".
هل يطالب الشيعة بالكثير حين يريدون إدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم؟ هل من حق الشيعة أن يكون لهم رأياً مسموعاً فيما يخص مناطقهم من حيث التعليم والصحة والإدارة المدنية وغيرها؟ المنطق يقول نعم، الطائفية البغيضة التي تتعامل بها الحكومة السعودية مع الشيعة تدفع في اتجاه معاكس، مما يعني أن يكون ليس فقط أمن المناطق الشيعية بيد رجال من آخر أطراف السعودية بل كذلك ثروات الشيعة أيضاً بيد آخرين، لأن الشيعة ليسوا أهلاً للثقة. فكيف تطلب الحكومة من الشيعة أن يثقوا في الحكومة وهي تبادلهم الشك والريبة. الشيعة يبادلون الحكومة نفس الشعور بالطبع، فالحكومة ليست ثقة ولن تكون، طالما أن الواقع يشير إلى انتهاكات حقوق الشيعة المستمرة. في الماضي كان ذلك يجري دو أن يكون هناك من يسأل أو يتسائل، وسال الدم الشيعي عندما طالب الشيعة بحقوقهم. اليوم تتحدث الحكومة عن مواجهة الإرهاب وإن الشعب في صف الحكومة. إذا ما أرادت الحكومة أن يكون الشيعة في صفها فلتنصفهم بإعطائهم أقل القليل من حقوقهم.
إذا كانت مناطق الشيعة يرأسها من غير أهلها بسبب عدم الثقة في الشيعة بالدرجة الأولى، أو أن الشيعة لا يستحقون هذا "التكريم"، إذاً لماذا التحدث عن الوطن والمواطنة وإن الجميع في خندق واحد؟ إذا غابت العدالة والمساواة بين أبناء الشعب، لا يجب أن تنتظر الحكومة ولاءً من الشيعة، بل يجب أن تنتظر رغبة جامحة لديهم في البحث عن مصالحهم حتى لو عنى ذلك التفكير بالانفصال من الدولة السعودية.
هذه ليست دعوة للانفصال بل دعوة للتأمل وهي أن الشيعة لهم حقوق مهضومة منذ زمن طويل طول حكم آل سعود. وإن كان الوقت الفائت لم يكن للشيعة فيه متنفس للحديث عن الاضطهاد الذي نالهم، فهم الآن ورقة صعبة لا كما كانت في الماضي. إن إصلاح البيت الداخلي هو من الأولويات، بدل الحديث عن إصلاح البيت العربي، الذي هو، كما في كل الدول العربية، بيوت من ورق وآيلة للسقوط في أي لحظة بسبب حكوماتها التي تتشابه في تمسّكها بالحكم ولو أدى ذلك إلى تفتيت الدولة إلى دويلات، كما كانت الأندلس.
هذه ليست دعوة للانفصال، ولكن قمع حكومة آل سعود في الماضي ومماطلاتها في الحاضر يعني أن حكومة آل سعود لازالت لا تُعير للشيعة أي اهتمام، حتى بعد مؤتمرين للحوار وحديث أجوف عن وحدة الصف الداخلي الذي يمر بظروف صعبة. لازالت الكتب التكفيرية وخطب الإرهاب والتطرف، والتمييز الطائفي في الوظائف، والمنع من العمل في السلك الدبلوماسي والعسكري مستمر. لازال المنع من العمل في الإدارات الأمنية في أرامكو مستمر. لا زال المنع من تولي مناصب عليا في الدولة مستمر.
هذه ليست دعوة للانفصال، لكن السؤال هل المطلوب أن يرى الشيعة ثروة أرضهم تذهب بعيداً وهم يعانون الفقر والاضطهاد؟ هل المطلوب من الشيعة أن يستمروا في تنكيس رؤوسهم، فقط حتى لا يُتّهموا بالخيانة؟ لقد تم اتهامهم بالخيانة في الوقت الذي وقفوا في خندق واحد مع الحكومة إبان احتلال الكويت في الوقت الذي كانت فيه الدول أضعف ما تكون ولم يستغلوا ذلك. في ذلك لوقت نادى علماء الشيعة بالقتال صفاً واحداً مع أخوتهم من المذاهب الأخرى للدفاع عن الوطن، مع أنهم ممنوعون من العمل في السلك العسكري.. على العكس من ذلك قام المتطرفون المدعومون من الدولة بالدعوات إلى الجهاد تارة وإلى قتال القوات الأمريكية تارة أخرى، وإلى مواجهة الحكومة في أكثر من محفل.
هذه ليست دعوة للانفصال، ولكن من حق الشيعة البحث عن مصلحتهم أولاً، فإذا كانت الدولة غير آبهة بالوحدة الوطنية، وغير آبهة بالتقسيم، وغير آبهة بما يحدث للشيعة، لماذا يحمل الشيعة وحدهم وزر تفكيك الوطن. إذا كانت الحكومة أول من يشرخ وحدة الوطن بتقسيمه طائفياً وقبلياً وعنصرياً، لماذا يُتّهم الشيعة بتهديد وحدة الوطن. الوطن الذي لا يساوي بين أبناءه لا يستحق الدفاع عنه.
نختم بالقول بأن الخصوصية القطيفية تقضي تعيين قطيفياً على رأس الأجهزة الحكومية بجميع فروعها وتقسيماتها ومسمياتها في القطيف، ونحن ننتظر هذا الحق، وإلاّ لا عتب بعد اليوم.
منقول من
www.arabianews.org
(7 أبريل 2004 م) لقد تمّت إحالة فهد عبدالرحمن السكران محافظ منطقة القطيف إلى التقاعد، هذا الخبر نشرته صحيفة اليوم الصادرة بالدمام يوم أمس، ومنطقة القطيف كما يعرفها الجميع هي شيعية ولها خصوصية ثقافية لا يفهمها إلاّ أبناءها المحليين.
إذاً لماذا لا يتم تعيين محافظ قطيفي لمنطقة القطيف؟ ألا يوجد من القطيفيين الموالين للحكومة من يستطيع تطبيق البرامج التنموية للحكومة في منطقة القطيف؟ بالتأكيد يوجد، فهناك أسماء لامعة من القطيف معروفة بأهليتها، منهم المهندس جميل الجشي الذي قاد تأسيس أكبر مشروع صناعي عرفته البلاد عبر الهيئة الملكية في الجبيل، وهناك الدكتور عبدالجليل السيف، و المهندس وجيه الحبيب من أمانة الدمام، والدكتور باسم الإبراهيم عضو المجلس الاقتصادي الأعلى وآخرين.
إن تعيين قطيفياً في موقع المسؤولية ضرورة قطيفية ووطنية، فالقطيف تحتاج لأحد أبنائها الذين يفهمون خصوصيتها الثقافية والدينية، وليساهم في تطوير المنطقة وإلحاقها بركب التنمية الوطني، وليعيد النخبة القطيفية إلى المشاركة في الأجهزة الحكومية للبلاد والتي غابت عنه منذ أكثر من 80 سنة.
السؤال ليس هذا فقط، بل هناك أسئلة عدة، منها لماذا لا يعين رئيس شرطة قطيفي لمنطقة القطيف؟ لماذا لا يعين رئيس بلدية شيعي لمدينة شيعية؟ لماذا لا يتم تعيين مديرة أو وكيلة مدرسة شيعية في مدينة أو قرية شيعية؟ لماذا لا يتم افتتاح جامعة في منطقة شيعية؟ لماذا لا توجد أي صحيفة أو مجلة تصدر في منطقة القطيف؟ لماذا يتم منع الكتب الشيعية من الصدور في السعودية ويتم مصادرة الكتب الشيعية عند الحدود؟ لماذا لا يتم افتتاح مستشفى كبير أو عدة مستشفيات في القطيف وقراها والمدن المجاورة لخدمة الشيعة وهم بأعداد كبيرة تفوق مدن كثيرة أخرى في المملكة بها خدمات أكثر وأهم؟ لماذا تقوم شركة أرامكو وشركات سابك بتعيين آخرين من كل جهات المملكة وترفض تعيين شيعة في الوقت الذي يعانون فيه البطالة العالية؟ والأسئلة كثيرة تحتاج لجواب من "ولي الأمر".
هل يطالب الشيعة بالكثير حين يريدون إدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم؟ هل من حق الشيعة أن يكون لهم رأياً مسموعاً فيما يخص مناطقهم من حيث التعليم والصحة والإدارة المدنية وغيرها؟ المنطق يقول نعم، الطائفية البغيضة التي تتعامل بها الحكومة السعودية مع الشيعة تدفع في اتجاه معاكس، مما يعني أن يكون ليس فقط أمن المناطق الشيعية بيد رجال من آخر أطراف السعودية بل كذلك ثروات الشيعة أيضاً بيد آخرين، لأن الشيعة ليسوا أهلاً للثقة. فكيف تطلب الحكومة من الشيعة أن يثقوا في الحكومة وهي تبادلهم الشك والريبة. الشيعة يبادلون الحكومة نفس الشعور بالطبع، فالحكومة ليست ثقة ولن تكون، طالما أن الواقع يشير إلى انتهاكات حقوق الشيعة المستمرة. في الماضي كان ذلك يجري دو أن يكون هناك من يسأل أو يتسائل، وسال الدم الشيعي عندما طالب الشيعة بحقوقهم. اليوم تتحدث الحكومة عن مواجهة الإرهاب وإن الشعب في صف الحكومة. إذا ما أرادت الحكومة أن يكون الشيعة في صفها فلتنصفهم بإعطائهم أقل القليل من حقوقهم.
إذا كانت مناطق الشيعة يرأسها من غير أهلها بسبب عدم الثقة في الشيعة بالدرجة الأولى، أو أن الشيعة لا يستحقون هذا "التكريم"، إذاً لماذا التحدث عن الوطن والمواطنة وإن الجميع في خندق واحد؟ إذا غابت العدالة والمساواة بين أبناء الشعب، لا يجب أن تنتظر الحكومة ولاءً من الشيعة، بل يجب أن تنتظر رغبة جامحة لديهم في البحث عن مصالحهم حتى لو عنى ذلك التفكير بالانفصال من الدولة السعودية.
هذه ليست دعوة للانفصال بل دعوة للتأمل وهي أن الشيعة لهم حقوق مهضومة منذ زمن طويل طول حكم آل سعود. وإن كان الوقت الفائت لم يكن للشيعة فيه متنفس للحديث عن الاضطهاد الذي نالهم، فهم الآن ورقة صعبة لا كما كانت في الماضي. إن إصلاح البيت الداخلي هو من الأولويات، بدل الحديث عن إصلاح البيت العربي، الذي هو، كما في كل الدول العربية، بيوت من ورق وآيلة للسقوط في أي لحظة بسبب حكوماتها التي تتشابه في تمسّكها بالحكم ولو أدى ذلك إلى تفتيت الدولة إلى دويلات، كما كانت الأندلس.
هذه ليست دعوة للانفصال، ولكن قمع حكومة آل سعود في الماضي ومماطلاتها في الحاضر يعني أن حكومة آل سعود لازالت لا تُعير للشيعة أي اهتمام، حتى بعد مؤتمرين للحوار وحديث أجوف عن وحدة الصف الداخلي الذي يمر بظروف صعبة. لازالت الكتب التكفيرية وخطب الإرهاب والتطرف، والتمييز الطائفي في الوظائف، والمنع من العمل في السلك الدبلوماسي والعسكري مستمر. لازال المنع من العمل في الإدارات الأمنية في أرامكو مستمر. لا زال المنع من تولي مناصب عليا في الدولة مستمر.
هذه ليست دعوة للانفصال، لكن السؤال هل المطلوب أن يرى الشيعة ثروة أرضهم تذهب بعيداً وهم يعانون الفقر والاضطهاد؟ هل المطلوب من الشيعة أن يستمروا في تنكيس رؤوسهم، فقط حتى لا يُتّهموا بالخيانة؟ لقد تم اتهامهم بالخيانة في الوقت الذي وقفوا في خندق واحد مع الحكومة إبان احتلال الكويت في الوقت الذي كانت فيه الدول أضعف ما تكون ولم يستغلوا ذلك. في ذلك لوقت نادى علماء الشيعة بالقتال صفاً واحداً مع أخوتهم من المذاهب الأخرى للدفاع عن الوطن، مع أنهم ممنوعون من العمل في السلك العسكري.. على العكس من ذلك قام المتطرفون المدعومون من الدولة بالدعوات إلى الجهاد تارة وإلى قتال القوات الأمريكية تارة أخرى، وإلى مواجهة الحكومة في أكثر من محفل.
هذه ليست دعوة للانفصال، ولكن من حق الشيعة البحث عن مصلحتهم أولاً، فإذا كانت الدولة غير آبهة بالوحدة الوطنية، وغير آبهة بالتقسيم، وغير آبهة بما يحدث للشيعة، لماذا يحمل الشيعة وحدهم وزر تفكيك الوطن. إذا كانت الحكومة أول من يشرخ وحدة الوطن بتقسيمه طائفياً وقبلياً وعنصرياً، لماذا يُتّهم الشيعة بتهديد وحدة الوطن. الوطن الذي لا يساوي بين أبناءه لا يستحق الدفاع عنه.
نختم بالقول بأن الخصوصية القطيفية تقضي تعيين قطيفياً على رأس الأجهزة الحكومية بجميع فروعها وتقسيماتها ومسمياتها في القطيف، ونحن ننتظر هذا الحق، وإلاّ لا عتب بعد اليوم.
منقول من
www.arabianews.org