المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرات فى تصحيح الأحاديث وتضعيفها من خلال دراسة أحاديث بعض من تُكلم قيهم



أبو محمد الألفى
11-04-2004, 04:22 AM
الحمد لله بالعشى والإشراق ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من وقع على محبته الإتفاق ، وطلعت شموس أنواره في غاية الإشراق ، وتفرد فى ميدان الكمال بحسن الإستباق ، الناصح الأمين الذي اهتدى الكون كله بعلمه وعمله ، والقدوة المكين الذي اقتدي الفائزون بحاله وقوله ، ناشر ألوية العلوم والمعارف ، ومسدي الفضل للأسلاف والخوالف ، الداعي على بصيرة إلى دار السلام ، والسراج المنير والبشير النذير ، علم الأئمة الأعلام . وبعد ..
فإنى أثناء مراجعتى كتاب (( زوائد الأدب المفرد )) للشيخ أبى عبد الرحمن محمد بن مصطفى السكندرى ـ أحسن الله مثوبته ـ ، كتبت تعليقاً وجيزاً على حديث دراج أبى السمح عن عيسى بن هلال الصدفى عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم : (( إن روحي المؤمنين ليلتقيان في مسيرة يوم ، وما رأى أحدهما صاحبه )) ، وقد حكم عليه الشيخ بالضعف ترجيحا لأقوال من ضعَّف دراجاً بإطلاقٍ .
غير أن الشيخ أبا عبد الرحمن آثر أن ينقل ما علقتُه بنصه بالحاشية ، إذ قلت : (( الخلاف فى دراج أبى السمح المصرى الواعظ الزاهد ، أوسع من أن يحكم معه بإطلاق الضعف عليه ، وتوهين أخباره ، سيما والإمام الجهبذ أبا حاتم بن حبان يصحح أحاديثه خاصة (( دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد )) ، فقد أخرج بهذا الإسناد فى (( صحيحه )) ثمانية أحاديث ، وكان الإمام أبـو زكريا يحيى بن معين يصحح هذا الإسناد ، كما أسنده أبو عبد الله الحاكم فى (( المستدرك ))(2/247:246) قال : سمعت أبو العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت العباس بن محمد الدورى يقول : سألت يحيى بن معين عن أحاديث دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد فقال : هذا إسناد صحيح .
وأنا ، إن أذن الله لى بتوفيقه وعونه ، عازم على تسطير بحث بعنوان (( الابتهاج ببيان صحاح أحاديث دراج )) ، وذلك لأنه تصفو له جملة من الأحاديث الحسان ، وأما مناكيره فمعروفة عند أهل التحقيق )) اهـ .
قـلت : هذا ما كتبته على عجل ، راجياً أن يفسح الله لى فى الأجل ، لانجاز ما وعدت ، وتحقيق ما رجوت ، خاصة وأنا انظر إلى أحكام الأئمة المتقدمين بعين الإنصاف ، وابتعد بنفسى فى حضرتهم عن أحكام التعنت والاعتساف . ولست أعنى أن من ضعَّفه لم يكن منصفاً ، إذ كثير من أحكام الجرح لها محامل خاصة ، وليس كما يعتقد المتأخرون عمومها ، سيما قول الإمام أحمد : أحاديثه مناكير أو منكر الحديث . فمثل هذا يقوله الإمام أحمد عن جماعة من الثقات أمثال : محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، والمغيرة بن زياد البجلى ، ونحوهم ممن وثقوا ، ولم يضعف الأئمة من أحاديثهم إلا ما تيقنوا نكارته ، فقد يروى الثقة المناكير .
وقد حفزنى ما قوبل به هذا التعليق ، وما وصلنى من رسائل خاصة ، لا داعى لذكر محتواها من الغمز واللمز ، والاستخفاف بما وصفتُه تحقيقاً وإنصافاً ، حفزنى ذلك على التوطئة للاحتجاج بما عزمت عليه ، بذكر هذه اللمحة الوجيزة عن صنيع الأئمة النقاد مع أحاديث من اختلفوا عليه من الرواة ، ولم يجمعوا على جرحه وتوهينه ، فوثَّقه بعضهم ، ووهَّنه بعضهم .
على أنى أقطع فى نفسى ، من خلال نظرةٍ فاحصةٍ لواقع اليوم ، أن الأغلب الأعم من طلبة هذا العلم الشريف ، بل وكثير من فضلاء علماء زماننا ، يبادرون إلى تضعيف أحاديث أمثال هؤلاء الرواة ـ أعنى المتكلم فيهم ـ عملاً بظاهر كلام أئمة الجرح وأحكامهم ، من غير إمعان النظر فى مروياتهم ، وموافقتها أو مخالفتها لروايات أهل الضبط والتيقظ ، وإن شئت فقل : من غير سبر الروايات والوقوف على ما يحتف بها من قرائن مؤثرة فى الحكم عليها .
ولله در الحافظ العسقلانى إذ يقول فى (( النكت ))(1/4045) : (( صحة الحديث وحسنه ليس تابعاً لحال الراوي فقط ، بل لأمور تنضم إلى ذلك من المتابعات والشواهد ، وعدم الشذوذ والنكارة )) .
فما أيسره عملاً ، وأسهله منهجاً ، أن يعمد أحدهم إلى الحديث وقد اطَّلع على بعض مصادره ، فيتعرف على رجال إسناده ، ثم يقابلهم بما اختصره الحافظ المزى أو الذهبى أو العسقلانى من مراتبهم فى الجرح والتعديل ، ويحكم بمقتضى ذلك على الحديث بالضعف أو الصحة ، كنحو قوله (( هذا حديث ضعيف ، لأن راويه ضعيف )) ، و (( هذا حديث منكر ، لأن راويه يروى المناكير )) ، و (( هذا حديث موضوع ، لأن راويه كذاب أو وضاع )) .
وقد أفرزت هذه السطحية والظاهرية كماً هائلاً من الأحكام الخاطئة على الأحاديث النبوية ، والآثار المصطفوية ، حتى تطرق ذلك إلى أحاديث (( الصحيحين )) ، و (( السنن الأربعة )) ، وصحيحى ابن خزيمة وابن حبان ، والكثير من الأحاديث التى احتج بها أكثر أهل العلم من المحدثين والفقهاء والأصوليين . ومن محدثات الأمور فى ذلك أن حُملتْ أحكام أئمة الجرح والتعديل على غير محاملها ، وصُرفتْ إلى غير معانيها ، وحُرفتْ عن مواضعها ، فضلاً عن الآراء المنحرفة فى حقِّ الكثير من رفعاء الأئمة وعلماء الأمة .
ومما يحسُن نقله هاهنا ، قول الإمام أبى الحسين مسلم بن الحجاج فى مقدمة (( الصحيح )) حيث قال : (( وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ مُنْتَحِلِي الْحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا فِي تَصْحِيحِ الأَسَانِيدِ وَتَسْقِيمِهَا بِقَوْلٍ ، لَوْ ضَرَبْنَا عَنْ حِكَايَتِهِ وَذِكْرِ فَسَادِهِ صَفْحًا ، لَكَانَ رَأْيًا مَتِينًا وَمَذْهَبًا صَحِيحًا ، إِذِ الإِعْرَاضُ عَنِ الْقَوْلِ الْمُطَّرَحِ أَحْرَى لإِمَاتَتِهِ ، وَإِخْمَالِ ذِكْرِ قَائِلِهِ ، وَأَجْدَرُ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لِلْجُهَّالِ عَلَيْهِ ، غَيْرَ أَنَّا لَمَّا تَخَوَّفْنَا مِنْ شُرُورِ الْعَوَاقِبِ ، وَاغْتِرَارِ الْجَهَلَةِ بِمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، وَإِسْرَاعِهِمْ إِلَى اعْتِقَادِ خَطَإِ الْمُخْطِئِينَ ، وَالأَقْوَالِ السَّاقِطَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ، رَأَيْنَا الْكَشْفَ عَنْ فَسَادِ قَوْلِهِ ، وَرَدَّ مَقَالَتِهِ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الرَّدِّ أَجْدَى عَلَى الأَنَامِ وَأَحْمَدَ لِلْعَاقِبَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ )) .
وهذا حين الشروع فى ذكر الأمثلة على ما تختلف فيه الأحكام ، باختلاف القرائن المحيطة بأحاديث الرواة المتكلم فيهم .
ولنبدأ من ذلك بـ (( قرَّة بن عبد الرحمن بن حيوئيل أبو محمد المعافرى )) .
فنقول والله المستعان :
أخرج الترمذى (700) قال : حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًاً )) .
وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عاصم وأبو المغيرة عن الأوزاعي بهذا الإسناد نحوه .
وأخرجه كذلك أحمد (2/237،329) ، والعقيلى (( الضعفاء الكبير ))(3/485) ، وأبو يعلى (10/378/5974) ، وابن حبان (3498) وصحَّحه ، والبيهقى (( السنن الكبرى ))(4/237) ، وابن عبد البر (( التمهيد ))(20/23) ، وابن عبد الغنى البغدادى (( التقييد ))( ص208) من طرق عن الأوزاعى عن قرَّة بن عبد الرحمن عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هـريرة مرفوعاً به .
قال أبو عيسى الترمذى : (( هذا حديث حسن غريب )) .
وقال أبو جعفر العقيلى : (( لا يتابع قرَّة عليه ، وهو يروى من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا )) .
قلت : أما أبو عيسى ، فقد أراد بالحسن تعدد مخارج الحديث ، وبالغرابة تفرد قرة بن عبد الرحمن بهذا الوجه عن الزهرى . وكلام أبى جعفر العقيلى من أوضح الأدلة على إرادته هذا المعنى . فهذا الحديث عند أبى عيسى حديث يُروى من غير وجهٍ نحوه ، ولكنه بهذا الإسناد عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة ، لم يروه عنه غير قرَّة بن عبد الرحمن المعافرى .
وأما أبو جعفر ، فلعلَّه أراد إسناداً ليس للزهرى ولا لقرَّة فيه ذكر ، ولم أقف عليه مع شدَّة التحرى لطلبه .
فإن قيل : فقد أخرجه الطبرانى فى (( الأوسط ))(1/54/149) ، وابن عدى (( الكامل ))(6/314) كلاهما من طريق مسلمة بن على الخشنى عن محمد بن الوليد الزبيدى عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعاً بمثله .
وقال أبو القاسم الطبرانى : (( لم يرو هذا الحديث عن الزبيدى إلا مسلمة بن على )) .
فهذا معارض لكلام أبى عيسى وأبى جعفر ، ومنافٍ لمرادهما من تفرد قرَّة عن الزهرى به ! .
قلت جواباً على هذا الاعتراض : لستُ أعلم أحداً أثنى على الخشنى أو رضيه ، وذلك أنه يروى الأباطيل والمناكيـر ويركِّبها على أسانيد الثـقات المشاهير من أهل الشام كالأوزاعى والزبيدى . قال أبو حاتم بن حبان : (( كان ممن يروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم توهماً ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به )) .
وقال الحافظ الذهبى فى (( الميزان ))(6/423/8533) : (( مسلمة بن على الخشنى ؛ شـامى واهٍ تركوه . قال دحـيم : ليس بشئٍ . وقال أبو حاتم : لا يشتغل به . وقال البخارى : منـكر الحديث . وقال النسائى : متروك . وقال ابن عدى : عامـة أحاديثه غير محفوظة )) .
فلا يبعد أن يكون الخشنى سرق حديث قرَّة بن عبد الرحمن ، وركَّبه على هذا الإسناد عن الزبيدى عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة . وعليه فالحديث باقٍ على غرابته لتفرد قرَّة عن الزهرى به .
وأما قرَّة بن عبد الرحمن بن حيوئيل المصرى . فقد ضعَّفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وأبو داود والنسائى . وقوَّى أمرَه عند مصححى حديثه هذا وغيرِه :
(1) ثناء الأوزاعى عليه ، وهو من أعرف الناس به وأرواهم لحديثه .
(2) تخريج مسلم حديثاً له فى المتابعات مقروناً بعمرو بن الحارث المصرى . فقد قال الإمام مسلم فى (( كتاب المساقاة ))(1591) : حدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب عن قرة بن عبد الرحمن المعافري وعمرو بن الحارث وغيرهما أن عامر بن يحيى المعافري أخبرهم عن حنش أنه قال : كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورق وجوهر فأردت أن أشتريها ، فسألت فضالة بن عبيد فقال : انزع ذهبها فاجعله في كفة ، واجعل ذهبك في كفة ، ثم لا تأخذن إلا مثلاً بمثل ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، فَلا يَأْخُذَنَّ إِلا مِثْلاً بِمِثْلٍ )) .
(3) تصحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء المقدسى جملةً من أحاديثه .
وأما كلام من ضعَّفه ولم يقبله بمرة ، فقال أحمد بن حنبل : (( منكر الحديث جداً )) . وقال يحيى بن معـين : (( ضعيف الحديث )) . وقال أبو حاتم الرازى والنسائى : (( ليس بقوى )) . وقال أبو زرعة : (( أحاديثه مناكير )) . وقال أبو داود : فى حديثه نكارة .
ففى (( الجرح والتعديل ))(7/131/751) لابن أبى حاتم : (( قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل بن ناشرة المعافري المزني المصري . روى عن الزهرى . روى عنه الأوزاعي ، وحيوة بن شريح ، وسويد بن عبد العزيز ، وعبد الله بن وهب . وأخبرنا أبى نا إبراهيم بن الوليد بن سلمة الطبراني نا أبو مسهر نا يزيد بن السمط قال : كان الأوزاعي يقول ما أحد أعلم بالزهرى من قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل . وأخبرنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فيما كتب إلىَّ قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : قرة بن عبد الرحمن صاحب الزهرى منكر الحديث جداً . وأخبرنا أبو بكر بن أبى خيثمة فيما كتب إلىَّ قال : سئل يحيى بن معين عن قرة بن عبد الرحمن فقال : ضعيف الحديث . وسألت أبى عن قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل فقال : ليس بقوي . وسئل أبو زرعة عن قرة بن حيوئيل فقال : الأحاديث التي يرويها مناكير )) .
وأما من وثَّقه ، فقد قال أبو عمرو الأوزاعى : ما أحد أعلم بالزهرى من قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل . وقال أبو حاتم بن حبان : (( من ثقات أهل مصر )) . وقال أبو أحمد بن عدى : (( ولقرَّة أحاديث صالحة ، وأرجو أنه لا بأس به )) .
وربما يحمل كلام الأوزاعى على علمه بحال الزهرى لا بأحاديثه ، فإن أعلم الناس بحديث الزهرى : مالك بن أنس ، وابن عيينة ، ومعمر ، ليس قرَّة ولا غيره . قال أبو حاتم بن حبان (( الثقات ))(7/342) : (( سمعت عمر بن حفص البزار بجنديسابور يقول سمعت إسحاق بن ضيف يقول سمعت أبا مسهر يقول سمعت يزيد بن السمط يقول : أعلم الناس بالزهرى قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل . قال أبو حاتم : هذا الذي قاله يزيد بن السمط ليس بشيء يحكم به على الإطلاق ، وكيف يكون قرة بن عبد الرحمن أعلم الناس بالزهرى ، وكل شيء روى عنه لا يكون ستين حديثا ، بل أتقن الناس في الزهرى : مالك ، ومعمر ، والزبيدى ، ويونس ، وعقيل ، وابن عيينة ، هؤلاء الستة أهل الحفظ والإتقان والضبط والمذاكرة ، وبهم يعتبر حديث الزهرى ، إذا خالف بعض أصحاب الزهرى بعضا في شيء يرويه )) .
قلت : وهذا الذى ذكره أبو حاتم هو الغاية فى الإجادة والإفادة ، ولكن لا يسقط به الاحتجاج بأحاديث قرَّة عن الزهرى ، سيما إذا توبع ولم يتفرد .
ومما يقتضيه النظر الممعن فيما حُكى من الاختلاف على جرح أو توثيق قرَّة بن عبد الرحمن ، ألا يطرح حديثُه بمرَّة ، بل يُحتج بما وافق فيه الثقات ، كنحو صنيع الإمام مسلم فى احتجاجه بحديثه عن عامر بن يحيى المعافرى عن حنشٍ الصنعانى عن فضالة بن عبيد أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، فَلا يَأْخُذَنَّ إِلا مِثْلاً بِمِثْلٍ )) .
وسبيل هذا الإيضاح كما فى الحديث التالى :
فقد أخرج الدارمى (1958) قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا ابن وهب عن قرَّة بن عبد الرحمن عن الزهري عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر : أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِثَرِيدٍ أَمَرَتْ بِهِ ، فَغُطِّيَ حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرَةُ دُخَانِهِ ، وَتَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( هُوَ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ )) .
وأخرجه كذلك ابن أبى الدنيا (( الجوع )) ، وابن أبى عاصم (( الآحاد والمثانى ))(5/453/3140) ، وابن حبان وصححه ، والطبرانى (( الكبير ))(24/84/226) ، والحاكم (4/118) ، والبيهقى (( الكبرى ))(7/280) و (( شعب الإيمان ))(5/93/5909) من طرق عن عبد الله بن وهبٍ به بنحوه .
وقال أبو عبد الله الحاكم : (( هذا حديث صحيح على شرط مسلم في الشواهد ، ولم يخرجاه )) .
قلت : هو كما قال ، وذلك أنه لم يتفرد به عن الزهرى ، فقد تابعه : عقيل بن خالد الأيلى .
أخرجه أحمد (6/350) قال : حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أسماء بنت أبي بكر : أنها كانت إذا ثردت غطته شيئا ، حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ ، ثم تقول إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إنَّه أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ )) .
حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن عقيل ح وحدثنا عتَّاب ثنا عبد الله ـ يعنى ابن المبارك ـ أنبأنا ابن لهيعة حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر : أنها كانت إذا ثردت غطته فذكر مثله .
قلت : وهذا من صحاح أحاديث ابن لهيعة ، فإنه من رواية عبد الله بن المبارك ، وهو من قدماء أصحابه الذين رووا عنه قبل اختلاطه ، وعتَّاب هو ابن زياد الخراسانى أبو عمرو المروزى . قال ابن أبى حاتم (( الجرح والتعديل ))(7/13/58) : (( عتاب بن زياد المروزي . سمع ابن المبارك ، وأبا حمزة السكري . كتب عنه أبى بالري ، وروى عنه . وسئل أبى عنه ، فقال : ثقة )) . وذكره ابن حبان فى (( الثقات ))(8/522) .
ومن شواهد الحديث الصحيحة : حديث أبى هريرة موقوفاً .
أخرجه البيهقى (( الكبرى ))(7/280) قال : أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا بحر بن نصر نا ابن وهب حدثني الليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أنه كان يقول : لا يُؤْكَلُ طَعَامٌ حتَّى يذهبَ بُخَارُهُ .
قلت : وهذا إسناد صحيح غاية ، رجاله ثقات كلهم ، المزكى فما فوقه ، وهو على رسم البخارى من راويه عبد الله بن وهبٍ إلى أبى هريرة . وقد روى نحوه عن أبى هريرة مرفوعاً بإسناد ليس بالقائم .
فقد أخرجه الطبرانى (( الصغير ))(934) ، ومن طريقه ابن عساكر (( تاريخ دمشق ))(10/522) من طريق عبد الله بن يزيد البكري ثنا يعقوب بن محمد بن طحلاء المديني ثنا بلال بن أبي هريرة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصفحة تفور ، فرفع يده منها ، فقال : (( اللهم لا تطعمنا نارا )) .
وقال أبو القاسم : (( لم يروه عن بلال بن أبي هريرة إلا يعقوب بن محمد ، ولا عنه إلا عبد الله بن يزيد . وبلال قليل الرواية عن أبيه )) .
قال ابن أبى حاتم (( الجرح والتعديل ))(5/201/940) : (( عبد الله بن يزيد البكري . روى عن : عكرمة بن عمار ، وشعيب بن أبى حمزة ، وسليمان بن راشد البصري . روى عنه : هشام بن عمار . سألت أبى عنه ، فقال : ضعيف الحديث ذاهب الحديث )) .
والخلاصة ، فحديث قرَّة (( هُوَ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ )) صحيح فى المتابعات ، وأمثل شواهده حديث أبى هريرة موقوفاً .
ولأحاديث قرَّة بقية إن شاء الله تعالى .

سهم الاسلام
11-04-2004, 11:15 AM
ما شاء الله عليك أخي الحبيب . . مواضيع مفيدة و مهمة و جميلة .. و أكثر من مشاركات ..
أخي أبو محمد الألفي .. جزاك الله كل خير و جعله الله في ميزان حسناتك .. و الســلام مسك الختام ..

أبو محمد الألفى
11-04-2004, 02:24 PM
ما شاء الله عليك أخي الحبيب . . مواضيع مفيدة و مهمة و جميلة .. و أكثر من مشاركات .. أخي أبو محمد الألفي .. جزاك الله كل خير و جعله الله في ميزان حسناتك .. و الســلام مسك الختام ..



الحمد لله . نسترفده العون والسداد .

الأخ الكريم / سهم الإسلام .

آمين . وجزاكم الله خيراً ، وبارك فيكم ، وأنعم علينا وعليكم بالعلم النافع ، وبصَّركم بمواقع الصواب . :ciao: