~~ RaHoOoMa ~~
13-04-2004, 08:58 PM
أسألكم قرائتها بتمعن
هذه القصه أكثر من رائعه تلمس أعماق قلبي وقلوبكم عندما تقرئونها.
قصة ("]ما أحلى طعم الموت[/url]
[url=")
إسلام فيصل شمس الدين
عقارب الساعة تكاد تتجاوز الثانية ظهراً، يلملم ( عبد السلام ) حاجاته مسرعاً ؛ فلم يتبق على بدء حظر التجوال سوى ساعتين..
يجب أن يخرج من المكتب قبل أن تزدحم شوارع فلسطين بالعائدين إلى بيوتهم ؛ فمازال أمامه المرور على طفليه لإحضارهما من المدرسة، ثم شراء مستلزمات البيت حتى الغد، ثم السير لأكثر من عشرين دقيقة فالباص لا يمر إلا بالشوارع الرئيسية.. إنها معاناة كل يوم.
يخرج ( عبد السلام ) من المكتب متعجلاً؛ يتجاهل حتى رد السلام؛ فربما يجره رد السلام إلى ثرثرةٍ لا طائل منها سوى التأخير وإضاعة الوقت.
- الحمد لله لم يتأخر الباص؛ سأصل إلى المدرسة قبل خروج الأطفال.
- ما شاء الله.. مقعدان خاليان بالباص..
أعتقد أن الجلوس بجوار هذا الصبي الصغير سيكون أفضل من الجلوس بجوار السيدة.
تفحص ( عبد السلام ) الصبي سريعاً.. فلم ير إلا جسده النحيل؛ إنه لا يتجاوز الخامسة عشرة؛ ولكن لماذا يدور ببصره من خلال النافذة و كأنه يبحث عن شيء ما؟ إنه حتى لا يشعر بوجودي..
بماذا يتمتم؟ .. لعله يهمس لنفسه بكلمات إحدى تلك الأغنيات الغريبة التي يسمعها الصبية هذه الأيام..
أفضل شيء أن أحاول الاسترخاء قليلاً, فمازال الطريق طويلاً، وأنا أشعر اليوم بأنني منهكٌ تماماً.
التفت الصبي إليه فجأة، وكأنه يتساءل: منذ متى وأنت هنا. .
بادله ( عبد السلام ) بنظرة ترحاب؛ تجاهلها الصبي؛ ليعود إلى النافذة..
- من الواضح أن هذا الصبي غريب الأطوار..
ربما يمر بأزمة عاطفية؛ أو ربما هي أعراض الحب الأول..
و قبل أن يهمّ ( عبد السلام ) بالضحك في أعماقه.. التفت إليه الصبي فجأة..
- هل ذقت طعم الموت يا سيدي؟
- ماذا ؟ .. طعم ماذا ؟ ..
قالها ( عبد السلام ) متعجباً فزعاً من هذا السؤال المفاجئ!
- الموت يا سيدي..
شعر ( عبد السلام ) بأن كلمة ( غريب الأطوار ) كانت مجحفة لشخصية هذا الصبي.. و لكن لا بأس؛ فالحوار يقتل دقائق الانتظار للوصول إلى المدرسة..
- و ماذا يعرف صبي في مثل عمرك عن الموت ؟
- ليس أكثر مما تعرفه أنت يا سيدي.. و ليس أقل..
فماذا تعرف أنت عن الموت؟
- الموت يا بني.. الموت هو الموت..
- هل رأيت يا سيدي ؟ نحن لا نعرف شيئاً عن الموت، فمن منا يستطيع أن يصف ملامح الموت؟
وكذلك الموت.. لا يعرفنا.. فهو لا يميز صغيرنا من كبيرنا، ولا ضعيفنا من قويّنا، ولا فقيرنا من غنيّنا.
يا سيدي نحن و الموت كمسافرين في قطارين متعاكسين.. لا نلتقي إلا للحظاتٍ معدودة؛ لا تكفي للتعارف.
- صدقت يا بني، ولكن من في مثل عمرك لا يتحدث عن الموت!
- ولماذا يا سيدي؟ الموت سلعة بائرة لا يشتريها الكبار عندما يجب عليهم ذلك.. لذا يجدها الصغار في الأسواق بأرخص الأثمان.
- ربما!!
قالها مفضلاً قطع هذا الحوار السخيف، و متعجباً من هذه الفلسفة الغريبة التي ورطته الصدفة في الإنصات إليها.
أعاد الصبي النظر من النافذة، ثم ما لبث أن التفت ثانيةً إلى ( عبد السلام )..
- لم تجبني يا سيدي؟
- بماذا يا بني؟
- هل ذقت طعم الموت؟
- يا بني: الموتى فقط هم من يذوقون طعم الموت، أما الأحياء فلا .
- يا سيدي: الموتى لا يتذوقون.. إنهم موتى؛ ألا تفهم؟ إنهم موتى..
- يا بني: إذا كان الموتى لا يذوقون طعم الموت، فكيف تدّعي أن الأحياء يذوقونه؟
- لأن الأحياء هم من أنعم الله عليهم بالإدراك.. لذلك فهم يتذوقون..
- و لكن.. ألم تقل يا بني أننا لا نعرف شيئاً عن الموت؟
- صحيح يا سيدي.. و لكننا نستطيع أن نشم رائحته؛ أن نذوق طعمه..
- كيف؛ و نحن لا نعرفه؟
- يا سيدي:
هذه القصه أكثر من رائعه تلمس أعماق قلبي وقلوبكم عندما تقرئونها.
قصة ("]ما أحلى طعم الموت[/url]
[url=")
إسلام فيصل شمس الدين
عقارب الساعة تكاد تتجاوز الثانية ظهراً، يلملم ( عبد السلام ) حاجاته مسرعاً ؛ فلم يتبق على بدء حظر التجوال سوى ساعتين..
يجب أن يخرج من المكتب قبل أن تزدحم شوارع فلسطين بالعائدين إلى بيوتهم ؛ فمازال أمامه المرور على طفليه لإحضارهما من المدرسة، ثم شراء مستلزمات البيت حتى الغد، ثم السير لأكثر من عشرين دقيقة فالباص لا يمر إلا بالشوارع الرئيسية.. إنها معاناة كل يوم.
يخرج ( عبد السلام ) من المكتب متعجلاً؛ يتجاهل حتى رد السلام؛ فربما يجره رد السلام إلى ثرثرةٍ لا طائل منها سوى التأخير وإضاعة الوقت.
- الحمد لله لم يتأخر الباص؛ سأصل إلى المدرسة قبل خروج الأطفال.
- ما شاء الله.. مقعدان خاليان بالباص..
أعتقد أن الجلوس بجوار هذا الصبي الصغير سيكون أفضل من الجلوس بجوار السيدة.
تفحص ( عبد السلام ) الصبي سريعاً.. فلم ير إلا جسده النحيل؛ إنه لا يتجاوز الخامسة عشرة؛ ولكن لماذا يدور ببصره من خلال النافذة و كأنه يبحث عن شيء ما؟ إنه حتى لا يشعر بوجودي..
بماذا يتمتم؟ .. لعله يهمس لنفسه بكلمات إحدى تلك الأغنيات الغريبة التي يسمعها الصبية هذه الأيام..
أفضل شيء أن أحاول الاسترخاء قليلاً, فمازال الطريق طويلاً، وأنا أشعر اليوم بأنني منهكٌ تماماً.
التفت الصبي إليه فجأة، وكأنه يتساءل: منذ متى وأنت هنا. .
بادله ( عبد السلام ) بنظرة ترحاب؛ تجاهلها الصبي؛ ليعود إلى النافذة..
- من الواضح أن هذا الصبي غريب الأطوار..
ربما يمر بأزمة عاطفية؛ أو ربما هي أعراض الحب الأول..
و قبل أن يهمّ ( عبد السلام ) بالضحك في أعماقه.. التفت إليه الصبي فجأة..
- هل ذقت طعم الموت يا سيدي؟
- ماذا ؟ .. طعم ماذا ؟ ..
قالها ( عبد السلام ) متعجباً فزعاً من هذا السؤال المفاجئ!
- الموت يا سيدي..
شعر ( عبد السلام ) بأن كلمة ( غريب الأطوار ) كانت مجحفة لشخصية هذا الصبي.. و لكن لا بأس؛ فالحوار يقتل دقائق الانتظار للوصول إلى المدرسة..
- و ماذا يعرف صبي في مثل عمرك عن الموت ؟
- ليس أكثر مما تعرفه أنت يا سيدي.. و ليس أقل..
فماذا تعرف أنت عن الموت؟
- الموت يا بني.. الموت هو الموت..
- هل رأيت يا سيدي ؟ نحن لا نعرف شيئاً عن الموت، فمن منا يستطيع أن يصف ملامح الموت؟
وكذلك الموت.. لا يعرفنا.. فهو لا يميز صغيرنا من كبيرنا، ولا ضعيفنا من قويّنا، ولا فقيرنا من غنيّنا.
يا سيدي نحن و الموت كمسافرين في قطارين متعاكسين.. لا نلتقي إلا للحظاتٍ معدودة؛ لا تكفي للتعارف.
- صدقت يا بني، ولكن من في مثل عمرك لا يتحدث عن الموت!
- ولماذا يا سيدي؟ الموت سلعة بائرة لا يشتريها الكبار عندما يجب عليهم ذلك.. لذا يجدها الصغار في الأسواق بأرخص الأثمان.
- ربما!!
قالها مفضلاً قطع هذا الحوار السخيف، و متعجباً من هذه الفلسفة الغريبة التي ورطته الصدفة في الإنصات إليها.
أعاد الصبي النظر من النافذة، ثم ما لبث أن التفت ثانيةً إلى ( عبد السلام )..
- لم تجبني يا سيدي؟
- بماذا يا بني؟
- هل ذقت طعم الموت؟
- يا بني: الموتى فقط هم من يذوقون طعم الموت، أما الأحياء فلا .
- يا سيدي: الموتى لا يتذوقون.. إنهم موتى؛ ألا تفهم؟ إنهم موتى..
- يا بني: إذا كان الموتى لا يذوقون طعم الموت، فكيف تدّعي أن الأحياء يذوقونه؟
- لأن الأحياء هم من أنعم الله عليهم بالإدراك.. لذلك فهم يتذوقون..
- و لكن.. ألم تقل يا بني أننا لا نعرف شيئاً عن الموت؟
- صحيح يا سيدي.. و لكننا نستطيع أن نشم رائحته؛ أن نذوق طعمه..
- كيف؛ و نحن لا نعرفه؟
- يا سيدي: