ابو فيصل احمد
10-08-2004, 10:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
البحث عن أسامة بن لادن.. دهاء زعيم “القاعدة” أم اخفاق أكبر قوة عسكرية في العالم؟
لندن “الخليج”:
قالت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية انه بعد إعلان الانذار ورفع درجة التأهب الأمني في واشنطن ونيويورك ونيوجيرسي تحسباً لهجمات محتملة من تنظيم “القاعدة” ضد أهداف ومراكز مالية محددة في هذه المناطق عادت مسألة اصطياد أسامة بن لادن زعيم التنظيم واعتقاله لتتصدر الاهتمام الإعلامي والسياسي وتستقطب التركيز من جديد.
وعلى الرغم من الشبكة الأمريكية الضخمة والعملاقة لجمع المعلومات واستنفار كل أجهزة ووكالات الاستخبارات لدى الولايات المتحدة ونفوذها الدبلوماسي الواسع وتأثيرها السياسي الكبير ورصد 25 مليون دولار مكافأة لاعتقال ابن لادن، إلا ان أحداً او جهة على الاطلاق لم يؤكد مشاهدته او ظهوره في أي مكان ولو مرة واحدة منذ أواخر عام 2001.
وأوضحت الصحيفة ان ابن لادن يواصل على ما يبدو أطول وأهم عملية اختفاء وغياب عن الأنظار منذ القصف الأمريكي الجوي والبري العنيف لجبال تورا بورا الأفغانية قبل نحو ثلاثة أعوام، وان أحداً لم ينجح حتى الآن في العثور على أي أثر له او تحديد مكانه ولو بشكل تقريبي، رغم وصول أشرطة تسجيلية بصوته الى بعض وسائل الإعلام بين حين وآخر، وأحدثها ذلك الذي تم بثه في ابريل/ نيسان الماضي والذي وجه فيه رسالة يعرض فيها على أوروبا وقفاً لاطلاق النار وهدنة، إذا ما أوقفت تعاملها مع الولايات المتحدة وفكت ارتباطها بها.
وفي ظل إلقاء اللوم على جماعات مسلحة تعتبر حليفة ل “القاعدة” في تنفيذ إعدامات كريهة لعدد من الأجانب في العراق بقطع رؤوسهم وبلوغها حداً أصبحت معه جزءاً مخيفاً ومرعباً من روتين الحياة اليومية في العراق، ومع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية وتراجع شعبية جورج دبليو بوش في استطلاعات الرأي، يبدو واضحاً ومؤكداً ان البيت الأبيض يائس من امكان اعتقال ابن لادن في الوقت المناسب ليكون المفاجأة الكبرى والمدهشة قبل الانتخابات.
وأضافت “الاندبندنت” انه طبقاً للمصادر الباكستانية والأمريكية فإن ابن لادن نجح في الاختفاء عن شبكة المراقبة الالكترونية الحديثة والمتطورة الأمريكية التي تعمل على مدار الساعة لمحاولة تتبع آثاره وحركاته وتنقلاته، رغم ان الأقمار الاصطناعية والطائرات الاستطلاعية الأمريكية التي تحلق من دون طيار لم تتوقف لحظة عن العمل على جانبي الحدود الممتدة بين أفغانستان وباكستان، اضافة الى ان مصادر باكستانية أكدت انه لم يتم رصد او تسجيل أي مكالمة هاتفية له او تلقيه رسالة بريد الكتروني عبر الانترنت.
وطبقاً لبعض الخبراء فإنه تم اضعاف قوة القاعدة منذ عام ،2001 ولم يبق من أعضائها إلا العشر او أكثر قليلاً، بحيث لم يعد عددهم يزيد حالياً على 200 عضو، وتم اعتقال 3،400 من مجموع أعضائها البالغ عددهم ،4000 لكن هؤلاء يعترفون بأن تلقي بعض الجماعات المتحالفة مع “القاعدة” بعض الضربات الكبيرة، او حتى تلك التي استهدفت “القاعدة” نفسها، فإنها لم تصل الى قلب التنظيم ومركزه او قيادته البارزة، إذ ما زال ابن لادن وساعده الأيمن وناصحه المخلص الدكتور أيمن الظواهري يتنقلان ويراوغان ويتحركان بذكاء من دون الوقوع في قبضة الأمريكيين او الباكستانيين او مسؤولي حكومة الرئيس الأفغاني المدعومة من واشنطن حيث يواصل ابن لادن أطول وأهم عملية اختفاء في التاريخ.
ومضت الصحيفة قائلة ان شائعات ترددت عن انه تم اعتقاله بواسطة الأمريكيين او الباكستانيين، وان معتقليه ينتظرون اللحظة الحاسمة والمناسبة للإعلان عن ذلك، وبالنسبة للأمريكيين فإن تلك اللحظة هي التي تضمن إعادة انتخاب بوش لولاية ثانية، وبالنسبة للرئيس الباكستاني برويز مشرف فهي اللحظة التي يمكنه ان يفوز فيها بأكبر الجوائز من الولايات المتحدة، سواء كانت مالية او اقتصادية او مساعدات عسكرية او تكنولوجية، لكن مصادر جديرة بالاحترام والثقة تصر على استبعاد صحة هذه الشائعات وعدم أخذها على محمل الجد.
وإذا كان زعيم “القاعدة” أسيراً او معتقلاً فإن إشارة او دلالة واحدة على ذلك لم تصدر حتى الآن مهما كان وزنها او أهميتها. اضافة الى انه لم يصدر عن مؤيدي ابن لادن وأتباعه ما يشير من بعيد او قريب الى اعتقاله او قتله.
وتقول وجهة النظر الرسمية في اسلام آباد وواشنطن انه موجود في منطقة جبلية على الحدود بين باكستان وأفغانستان، لكن تحديد وجوده في أي جانب على نحو دقيق يعتمد في الواقع على من تتوجه إليه بسؤالك: فإذا سألت الأمريكيين او الرئيس الأفغاني حامد قرضاي او أي مسؤول في حكومته المؤقتة في كابول فسيكون جوابهم “ان أسامة بن لادن في باكستان” وإذا سألت المسؤولين في اسلام آباد فالجواب “انه في أفغانستان”.
وطبقاً لما يقوله الدكتور روجان جوناراتنا الذي وضع كتاباً بعنوان “داخل القاعدة”، فإن المنطقة التي يعتقد بأن ابن لادن يختبئ فيها تصلح تماماً لتكون مخبأ مهماً ومناسباً، فهي على جانبي الحدود الباكستانية الأفغانية التي تمتد 1520 ميلاً، وتعتبر واحدة من أكثر بقاع العالم صعوبة في طبيعتها فهي وعرة التضاريس، ويكاد يكون من المستحيل اجتياز مسالكها الجبلية او الدخول والتوغل فيها، اضافة الى انها موحشة للغاية.
ويقول جوناراتنا “حتى لو نشرت باكستان وأفغانستان قواتهما المسلحة بالكامل فإنهما لن تتمكنا من اغلاق الحدود باحكام تام”. وينتمي سكان المنطقة على الجانبين الى قبائل الباشتون التي تكن مشاعر الولاء والاخلاص لزعيم “القاعدة” منذ حرب المجاهدين ضد القوات السوفييتية التي احتلت أفغانستان في الثمانينات. لكن هذه القبائل لا تحمل إلا أقل القليل من التعاطف مع الولايات المتحدة وحكومتي قرضاي ومشرف.
ويدعي الأمريكيون انهم قاموا بتمشيط الجانب الأفغاني من الحدود الى درجة اصابتهم بالضجر والملل. لكن الحكومة الأفغانية اتهمت باكستان مرات عدة بعدم بذل الجهد الكافي. وحقيقة الأمر ان معظم النجاحات الرئيسية التي تم انجازها في شأن اعتقال أعضاء في “القاعدة” او قتلهم حدثت في باكستان، مثل اعتقال خالد شيخ محمد ورمزي بن الشيبة وهما من مدبري ومخططي أحداث 11 سبتمبر/ أيلول ،2001 اضافة الى التنزاني احمد خلفان جيلاني احد المتهمين بتفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998. وبلغ عدد أعضاء “القاعدة” الذين تم اعتقالهم في باكستان نحو 470 عضواً وفقاً لتقديرات جوناراتنا.
وفي الأشهر الأخيرة قام الجيش الباكستاني بعمليات عسكرية كبيرة على الجانب الباكستاني من الحدود حيث زج في مارس/ آذار الماضي ب 70 ألف جندي في عملية كبيرة استهدفت جنوب وزيرستان التي تقطنها أغلبية قبلية تربطها بالسلطات الرسمية في اسلام آباد ترتيبات تعود الى عهد الاحتلال البريطاني لباكستان، بحيث يمتنع الجيش عن دخول تلك المنطقة بموجب تلك الترتيبات.
وتمت تلك العملية بعد معلومات أعلنها الرئيس الباكستاني مشرف عن وجود هدف ثمين مستنداً في ذلك الى مصادر رسمية توقعت ان يكون ذلك الهدف هو الظواهري.
وأغلقت القوات الباكستانية الطرق المؤدية الى المنطقة، ومنعت الصحافيين ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية من دخولها، وما زال الحظر مستمراً، بل ويشمل أيضاً الصليب الأحمر الدولي وغيره من الهيئات والوكالات الانسانية. وعندما اقتربت قوات باكستانية وطوقت موقعاً يضم مسلحين أجانب وجدت تلك القوات نفسها محاصرة ومطوقة بقوة كبيرة من رجال القبائل المؤيدين لمسلحي الموقع. وجرت معركة قتل فيها أكثر من 100 جندي باكستاني وأكثر من 200 من المسلحين الأجانب ورجال القبائل.
وقال صحافيون باكستانيون ان الهجوم استند الى معلومات حقيقية عن وجود الظواهري في المنطقة، وليس ابن لادن، لكن مصادر محلية تصر على ان الصيد الثمين كان طاهر يلداشيف قائد الحركة الاسلامية في أوزبكستان وهو حليف لتنظيم “القاعدة”، كما خرج من وزيرستان بطل هو نك محمد زعيم إحدى القبائل الذي قاد مقاومة مسلحة ضد الجيش وقتل في أحد الاشتباكات. وتردد انه قتل بصاروخ اطلقه الأمريكيون عليه بعد قليل من التقاط وتسجيل مكالمة هاتفية بواسطة الأقمار الاصطناعية مكنتهم من تحديد مكانه. وهذه التكنولوجيا ليست موجودة لدى الباكستانيين.
وذكرت “الاندبندنت” ان منطقة وزيرستان ما زالت تعج بالمستشارين العسكريين للقوات الخاصة الأمريكية وعناصر الاستخبارات وجمع المعلومات على الرغم من تأكيد باكستان المتكرر انه لا توجد أي قوات أمريكية على أراضيها، وان ثمة تطوراً مهماً تم أخيراً ويتمثل بأن الجيش الباكستاني اتخذ مواقع له داخل المنطقة الجبلية القبلية الحدودية مع أفغانستان وصفها احد المصادر المحلية بأنها مواقع متقدمة ولم يكن باستطاعة أحد ان يتصور اماكنها قبل فترة.
ويتساءل كثير من الباكستانيين عما إذا كان ابن لادن موجوداً في تلك المنطقة. وقال الصحافي الباكستاني رحيم الله يوسف زاي: “ان الأمر مجرد افتراض وان معظم الاعتقالات التي تمت في باكستان جرت في مناطق المدن”، مشيراً الى اعتقال خالد شيخ محمد في روالبندي على سبيل المثال، حيث يعتقد كثير من الناس ان العالم يصب تركيزه على المكان الخطأ، فعوضاً عن تمشيط الوديان والجبال الحدودية لا بد من البحث في ضواحي المدن الباكستانية التي يرى هؤلاء ان الاختفاء فيها وسط الزحام السكاني أمر يسير وسهل.
وعلى نقيض هذه النظرية يجادل مسؤولون بأنه لا يمكن لزعيم “القاعدة” ان يختبئ في أي مدينة لأن المكافأة المالية الكبيرة المرصودة لرأسه قد تغري شخصاً ما او أكثر لتسليمه او الإبلاغ عنه. وهناك أيضاً من يعتقدون بأن ابن لادن يحظى بحماية عناصر متعاطفة معه من قوات الأمن الباكستانية وخاصة من الرتب الصغيرة التي ما زالت تبدي تفهماً لقضية ابن لادن وأفكاره.
وقالت الصحيفة البريطانية ان ابن لادن ما زال يحظى بتأييد واسع في باكستان حيث يستمر بيع قمصان تحمل صورته وتظهر صوره على الصفحات الأولى للصحف الباكستانية مع مقاطع من أحاديثه. وقد أشارت صحيفة “الأمة” الى ان مشرف قد يواجه تمرداً او حركة احتجاج خطرة وكبيرة إذا عرف الشعب الباكستاني انه تم اعتقال ابن لادن.
لكن هناك من يقول ان مشرف ليست له مصلحة في اعتقاله حتى لو تأكد وجوده في باكستان لكنه لا يرغب في ان تعرف واشنطن بهذا الموقف الذي يحرص على اخفائه حتى لا يفقد اخلاصه للولايات المتحدة في حربها على “الارهاب” في وقت يخضع فيه الكونجرس الأمريكي جهود اسلام آباد في الحرب على “الارهاب” للتدقيق والفحص.
وخلصت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية الى انه إذا كان طول اختفاء ابن لادن وصمته يعنيان انه اعتقل او أسر فعلاً فإنه ما من سبيل للتأكد من ذلك إلا عند بدء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. لكنها حذرت من مغبة الرهان على هذا الأمر.
الحمد لله
البحث عن أسامة بن لادن.. دهاء زعيم “القاعدة” أم اخفاق أكبر قوة عسكرية في العالم؟
لندن “الخليج”:
قالت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية انه بعد إعلان الانذار ورفع درجة التأهب الأمني في واشنطن ونيويورك ونيوجيرسي تحسباً لهجمات محتملة من تنظيم “القاعدة” ضد أهداف ومراكز مالية محددة في هذه المناطق عادت مسألة اصطياد أسامة بن لادن زعيم التنظيم واعتقاله لتتصدر الاهتمام الإعلامي والسياسي وتستقطب التركيز من جديد.
وعلى الرغم من الشبكة الأمريكية الضخمة والعملاقة لجمع المعلومات واستنفار كل أجهزة ووكالات الاستخبارات لدى الولايات المتحدة ونفوذها الدبلوماسي الواسع وتأثيرها السياسي الكبير ورصد 25 مليون دولار مكافأة لاعتقال ابن لادن، إلا ان أحداً او جهة على الاطلاق لم يؤكد مشاهدته او ظهوره في أي مكان ولو مرة واحدة منذ أواخر عام 2001.
وأوضحت الصحيفة ان ابن لادن يواصل على ما يبدو أطول وأهم عملية اختفاء وغياب عن الأنظار منذ القصف الأمريكي الجوي والبري العنيف لجبال تورا بورا الأفغانية قبل نحو ثلاثة أعوام، وان أحداً لم ينجح حتى الآن في العثور على أي أثر له او تحديد مكانه ولو بشكل تقريبي، رغم وصول أشرطة تسجيلية بصوته الى بعض وسائل الإعلام بين حين وآخر، وأحدثها ذلك الذي تم بثه في ابريل/ نيسان الماضي والذي وجه فيه رسالة يعرض فيها على أوروبا وقفاً لاطلاق النار وهدنة، إذا ما أوقفت تعاملها مع الولايات المتحدة وفكت ارتباطها بها.
وفي ظل إلقاء اللوم على جماعات مسلحة تعتبر حليفة ل “القاعدة” في تنفيذ إعدامات كريهة لعدد من الأجانب في العراق بقطع رؤوسهم وبلوغها حداً أصبحت معه جزءاً مخيفاً ومرعباً من روتين الحياة اليومية في العراق، ومع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية وتراجع شعبية جورج دبليو بوش في استطلاعات الرأي، يبدو واضحاً ومؤكداً ان البيت الأبيض يائس من امكان اعتقال ابن لادن في الوقت المناسب ليكون المفاجأة الكبرى والمدهشة قبل الانتخابات.
وأضافت “الاندبندنت” انه طبقاً للمصادر الباكستانية والأمريكية فإن ابن لادن نجح في الاختفاء عن شبكة المراقبة الالكترونية الحديثة والمتطورة الأمريكية التي تعمل على مدار الساعة لمحاولة تتبع آثاره وحركاته وتنقلاته، رغم ان الأقمار الاصطناعية والطائرات الاستطلاعية الأمريكية التي تحلق من دون طيار لم تتوقف لحظة عن العمل على جانبي الحدود الممتدة بين أفغانستان وباكستان، اضافة الى ان مصادر باكستانية أكدت انه لم يتم رصد او تسجيل أي مكالمة هاتفية له او تلقيه رسالة بريد الكتروني عبر الانترنت.
وطبقاً لبعض الخبراء فإنه تم اضعاف قوة القاعدة منذ عام ،2001 ولم يبق من أعضائها إلا العشر او أكثر قليلاً، بحيث لم يعد عددهم يزيد حالياً على 200 عضو، وتم اعتقال 3،400 من مجموع أعضائها البالغ عددهم ،4000 لكن هؤلاء يعترفون بأن تلقي بعض الجماعات المتحالفة مع “القاعدة” بعض الضربات الكبيرة، او حتى تلك التي استهدفت “القاعدة” نفسها، فإنها لم تصل الى قلب التنظيم ومركزه او قيادته البارزة، إذ ما زال ابن لادن وساعده الأيمن وناصحه المخلص الدكتور أيمن الظواهري يتنقلان ويراوغان ويتحركان بذكاء من دون الوقوع في قبضة الأمريكيين او الباكستانيين او مسؤولي حكومة الرئيس الأفغاني المدعومة من واشنطن حيث يواصل ابن لادن أطول وأهم عملية اختفاء في التاريخ.
ومضت الصحيفة قائلة ان شائعات ترددت عن انه تم اعتقاله بواسطة الأمريكيين او الباكستانيين، وان معتقليه ينتظرون اللحظة الحاسمة والمناسبة للإعلان عن ذلك، وبالنسبة للأمريكيين فإن تلك اللحظة هي التي تضمن إعادة انتخاب بوش لولاية ثانية، وبالنسبة للرئيس الباكستاني برويز مشرف فهي اللحظة التي يمكنه ان يفوز فيها بأكبر الجوائز من الولايات المتحدة، سواء كانت مالية او اقتصادية او مساعدات عسكرية او تكنولوجية، لكن مصادر جديرة بالاحترام والثقة تصر على استبعاد صحة هذه الشائعات وعدم أخذها على محمل الجد.
وإذا كان زعيم “القاعدة” أسيراً او معتقلاً فإن إشارة او دلالة واحدة على ذلك لم تصدر حتى الآن مهما كان وزنها او أهميتها. اضافة الى انه لم يصدر عن مؤيدي ابن لادن وأتباعه ما يشير من بعيد او قريب الى اعتقاله او قتله.
وتقول وجهة النظر الرسمية في اسلام آباد وواشنطن انه موجود في منطقة جبلية على الحدود بين باكستان وأفغانستان، لكن تحديد وجوده في أي جانب على نحو دقيق يعتمد في الواقع على من تتوجه إليه بسؤالك: فإذا سألت الأمريكيين او الرئيس الأفغاني حامد قرضاي او أي مسؤول في حكومته المؤقتة في كابول فسيكون جوابهم “ان أسامة بن لادن في باكستان” وإذا سألت المسؤولين في اسلام آباد فالجواب “انه في أفغانستان”.
وطبقاً لما يقوله الدكتور روجان جوناراتنا الذي وضع كتاباً بعنوان “داخل القاعدة”، فإن المنطقة التي يعتقد بأن ابن لادن يختبئ فيها تصلح تماماً لتكون مخبأ مهماً ومناسباً، فهي على جانبي الحدود الباكستانية الأفغانية التي تمتد 1520 ميلاً، وتعتبر واحدة من أكثر بقاع العالم صعوبة في طبيعتها فهي وعرة التضاريس، ويكاد يكون من المستحيل اجتياز مسالكها الجبلية او الدخول والتوغل فيها، اضافة الى انها موحشة للغاية.
ويقول جوناراتنا “حتى لو نشرت باكستان وأفغانستان قواتهما المسلحة بالكامل فإنهما لن تتمكنا من اغلاق الحدود باحكام تام”. وينتمي سكان المنطقة على الجانبين الى قبائل الباشتون التي تكن مشاعر الولاء والاخلاص لزعيم “القاعدة” منذ حرب المجاهدين ضد القوات السوفييتية التي احتلت أفغانستان في الثمانينات. لكن هذه القبائل لا تحمل إلا أقل القليل من التعاطف مع الولايات المتحدة وحكومتي قرضاي ومشرف.
ويدعي الأمريكيون انهم قاموا بتمشيط الجانب الأفغاني من الحدود الى درجة اصابتهم بالضجر والملل. لكن الحكومة الأفغانية اتهمت باكستان مرات عدة بعدم بذل الجهد الكافي. وحقيقة الأمر ان معظم النجاحات الرئيسية التي تم انجازها في شأن اعتقال أعضاء في “القاعدة” او قتلهم حدثت في باكستان، مثل اعتقال خالد شيخ محمد ورمزي بن الشيبة وهما من مدبري ومخططي أحداث 11 سبتمبر/ أيلول ،2001 اضافة الى التنزاني احمد خلفان جيلاني احد المتهمين بتفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998. وبلغ عدد أعضاء “القاعدة” الذين تم اعتقالهم في باكستان نحو 470 عضواً وفقاً لتقديرات جوناراتنا.
وفي الأشهر الأخيرة قام الجيش الباكستاني بعمليات عسكرية كبيرة على الجانب الباكستاني من الحدود حيث زج في مارس/ آذار الماضي ب 70 ألف جندي في عملية كبيرة استهدفت جنوب وزيرستان التي تقطنها أغلبية قبلية تربطها بالسلطات الرسمية في اسلام آباد ترتيبات تعود الى عهد الاحتلال البريطاني لباكستان، بحيث يمتنع الجيش عن دخول تلك المنطقة بموجب تلك الترتيبات.
وتمت تلك العملية بعد معلومات أعلنها الرئيس الباكستاني مشرف عن وجود هدف ثمين مستنداً في ذلك الى مصادر رسمية توقعت ان يكون ذلك الهدف هو الظواهري.
وأغلقت القوات الباكستانية الطرق المؤدية الى المنطقة، ومنعت الصحافيين ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية من دخولها، وما زال الحظر مستمراً، بل ويشمل أيضاً الصليب الأحمر الدولي وغيره من الهيئات والوكالات الانسانية. وعندما اقتربت قوات باكستانية وطوقت موقعاً يضم مسلحين أجانب وجدت تلك القوات نفسها محاصرة ومطوقة بقوة كبيرة من رجال القبائل المؤيدين لمسلحي الموقع. وجرت معركة قتل فيها أكثر من 100 جندي باكستاني وأكثر من 200 من المسلحين الأجانب ورجال القبائل.
وقال صحافيون باكستانيون ان الهجوم استند الى معلومات حقيقية عن وجود الظواهري في المنطقة، وليس ابن لادن، لكن مصادر محلية تصر على ان الصيد الثمين كان طاهر يلداشيف قائد الحركة الاسلامية في أوزبكستان وهو حليف لتنظيم “القاعدة”، كما خرج من وزيرستان بطل هو نك محمد زعيم إحدى القبائل الذي قاد مقاومة مسلحة ضد الجيش وقتل في أحد الاشتباكات. وتردد انه قتل بصاروخ اطلقه الأمريكيون عليه بعد قليل من التقاط وتسجيل مكالمة هاتفية بواسطة الأقمار الاصطناعية مكنتهم من تحديد مكانه. وهذه التكنولوجيا ليست موجودة لدى الباكستانيين.
وذكرت “الاندبندنت” ان منطقة وزيرستان ما زالت تعج بالمستشارين العسكريين للقوات الخاصة الأمريكية وعناصر الاستخبارات وجمع المعلومات على الرغم من تأكيد باكستان المتكرر انه لا توجد أي قوات أمريكية على أراضيها، وان ثمة تطوراً مهماً تم أخيراً ويتمثل بأن الجيش الباكستاني اتخذ مواقع له داخل المنطقة الجبلية القبلية الحدودية مع أفغانستان وصفها احد المصادر المحلية بأنها مواقع متقدمة ولم يكن باستطاعة أحد ان يتصور اماكنها قبل فترة.
ويتساءل كثير من الباكستانيين عما إذا كان ابن لادن موجوداً في تلك المنطقة. وقال الصحافي الباكستاني رحيم الله يوسف زاي: “ان الأمر مجرد افتراض وان معظم الاعتقالات التي تمت في باكستان جرت في مناطق المدن”، مشيراً الى اعتقال خالد شيخ محمد في روالبندي على سبيل المثال، حيث يعتقد كثير من الناس ان العالم يصب تركيزه على المكان الخطأ، فعوضاً عن تمشيط الوديان والجبال الحدودية لا بد من البحث في ضواحي المدن الباكستانية التي يرى هؤلاء ان الاختفاء فيها وسط الزحام السكاني أمر يسير وسهل.
وعلى نقيض هذه النظرية يجادل مسؤولون بأنه لا يمكن لزعيم “القاعدة” ان يختبئ في أي مدينة لأن المكافأة المالية الكبيرة المرصودة لرأسه قد تغري شخصاً ما او أكثر لتسليمه او الإبلاغ عنه. وهناك أيضاً من يعتقدون بأن ابن لادن يحظى بحماية عناصر متعاطفة معه من قوات الأمن الباكستانية وخاصة من الرتب الصغيرة التي ما زالت تبدي تفهماً لقضية ابن لادن وأفكاره.
وقالت الصحيفة البريطانية ان ابن لادن ما زال يحظى بتأييد واسع في باكستان حيث يستمر بيع قمصان تحمل صورته وتظهر صوره على الصفحات الأولى للصحف الباكستانية مع مقاطع من أحاديثه. وقد أشارت صحيفة “الأمة” الى ان مشرف قد يواجه تمرداً او حركة احتجاج خطرة وكبيرة إذا عرف الشعب الباكستاني انه تم اعتقال ابن لادن.
لكن هناك من يقول ان مشرف ليست له مصلحة في اعتقاله حتى لو تأكد وجوده في باكستان لكنه لا يرغب في ان تعرف واشنطن بهذا الموقف الذي يحرص على اخفائه حتى لا يفقد اخلاصه للولايات المتحدة في حربها على “الارهاب” في وقت يخضع فيه الكونجرس الأمريكي جهود اسلام آباد في الحرب على “الارهاب” للتدقيق والفحص.
وخلصت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية الى انه إذا كان طول اختفاء ابن لادن وصمته يعنيان انه اعتقل او أسر فعلاً فإنه ما من سبيل للتأكد من ذلك إلا عند بدء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. لكنها حذرت من مغبة الرهان على هذا الأمر.