المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقاش الرسامين فناني الكاريكاتير ( 2 ) : جورج بهجوري



aziz rash
14-08-2004, 01:18 AM
رسام الكاريكاتير المصري جورج البهجوري واحد من أبرز ابناء الجيل الذي شهد وساهم في ولادة مجلة صباح الخير التي أسستها الصحفية الرائدة فاطمة اليوسف عام 1957 وكانت فرصة لتأكيد موهبة كوكبة من الصحفيين على رأسهم الراحل احمد بهاء الدين،واكتشاف وصقل مواهب عدد من الرسامين بينهم جورج البهجوري، لاعتمادها بشكل اساسي على الجمع بين الرسم والتحرير في إخراج مواضيعها واستخدام الصورة الفوتوغرافية في حالات الضرورة القصوى·
البهجوري ظهر كرسام كاريكاتير متميز في مناخ كان عامرا بانجازات ابداعية هائلة،فقد كانت رسوماته تزين مجلة يرأس تحريرها أحمد بهاء الدين، وتجاور رسومات الفنان صلاح جاهين والفنان صلاح الليثي وهما من أعمدة الكاريكاتير في الصحافة العربية، فضلا عن وجود ابداعات حسن حاكم وحجازي وهؤلاء هم النقطة الاولى في بحر الكاريكاتير الصحفي والنبع الذي مازالت الاجيال المتعاقبة تنهل منه حتى اليوم وان كانت في الفترة الاخيرة فرطت كثيرا في العذوبة والصدق والقدرة على السخرية وانتقاد الاوضاع،وهذا بالضبط ما جعل كلمات جورج البهجوري عن واقع الكاريكاتير في مصر أشبه بأغنية حنين لزمن شبابه ومناخ تألقه·
البهجوري تحدث- في اللقاء الذي جمعه بمحبي فنه في القاهرة-عن ثلاثة موضوعات لم تفارق تجربته وواقع الكاريكاتير ،فالاول انشغل بالوقوف أمام تشكله فنيا والثاني حدد النظرية التي يعمل في ضوئها، والثالث حاول تسليط الضوء على جوهر أزمة فن الكاريكاتير المصري في اللحظة الراهنة·
البهجوري قال انه ينتمي لصعيد مصر وبالتحديد لقرية بهجورة التابعة لمحافظة قنا· ولانه في نفس الوقت ينتمي الى الاقباط فإنه يعد واحدا من الذين يحملون احساسا قويا بالانتماء فنيا الى الثقافة الفرعونية التي بلغت ذروتها في فنون النحت والرسم كما تشهد محتويات المعابد المنتشرة في معظم محافظات صعيد مصر، وكأن البهجوري يقصد التنبيه إلى ان الوراثة عامل مهم في ظهور الموهبة، في حين ان الموهبة تحتاج ايضا الى الدراسة والتجريب واستيعاب تجارب السابقين·
ويبدو ان البهجوري انتبه الى ذلك في كلامه عن بداياته فقد أضاف انه درس الرسم دراسة اكاديمية· واعترف بأنه عندما التحق بمجلة صباح الخير استفاد من تجربة صلاح جاهين وصلاح الليثي، وكل منهما كانت له خطوط تميزه وتجعل رسوماته ماركة مسجلة باسمه سواء نشرت في صحيفة أو كتاب·
وأكد انه ينتمي الى نوعية الرسامين المشاهدين ،بمعنى انه يميل في رسوماته الى المشهد ومخاطبة العيون مباشرة دون الحاجة الى تعليق سواء كتبه هو او غيره من الساخرين،فالسخرية لديه تكمن في خطوط الرسم ونسبه وأسلوبه·
فلسفة البهجوري تعتمد ايضا على اسلوب الرسم من نقطة معينة، فهو يبدأ من نقطة ويرسم الوجه والعينين والشعر وبقية تفاصيل البورتريه بحيث تتصل الخطوط في النهاية بالنقطة التي بدأ منها، كما يهتم بالتفاصيل ولا يعتمد اسلوب التلخيص الذي ميز رسومات من تعلم منهم خصوصا الراحل صلاح الليثي، فضلا عن ان السخرية عنده لا تعتمد النكتة أو التعليق كعادة مشاهير رسامي الكاريكاتير مثل الفنان مصطفى حسين·
وقال ان هذا الفن الجميل والمؤثر يمر الآن بمحنة خانقة، وضرب مثلا على ذلك بصحيفة الاهرام التي منحت المساحة المخصصة للكاريكاتير فيها لعدد من ضعاف الموهبة-على حد قوله-وهذا شوه هذه المساحة التي كانت تتمتع بشهرة واسعة لدى القراء بقدرتها الكبيرة على السخرية من الاوضاع السياسية والاجتماعية·
واضاف: المساحة التي كانت مخصصة لصلاح جاهين يحتلها الآن أنصاف المواهب، وهذا اضطرني لمطالبة ادارة الاهرام بالغاء المساحة المخصصة للكاريكاتير فيها، فما تنشره ضعيف جدا ولا يليق بصحيفة ضخمة·
ومن الاسباب الاخرى التي وضع البهجوري في عنقها أسباب انهيار فن الكاريكاتير ظهور التيارات السلفية المتشددة، وتهاون كليات ومعاهد الفنون في الانفاق على شباب الفنانين وتركيزها على الجوانب النظرية على حساب الممارسة العملية، واعتبار بعض الفنانين ان مهارة الرسم وحدها كفيلة بانتاج كاريكاتير جيد،في حين ان فن الكاريكاتير يحتاج لمواصفات فطرية خاصة أولها رفض الاوضاع القائمة وعدم التوقف عن السخرية منها وانتقادها·
اما أبرز عوامل انهيار الكاريكاتير -كما اضاف- فتكمن في غياب الحرية، ففي الستينات رغم ما يقال عن شمولية حكم جمال عبد الناصر وفرديته -كان فنانو الكاريكاتير يتمتعون بحرية أوسع في انتقاد الاوضاع، وهذا ساعد على ازدهار الكاريكاتير السياسي الذي كان لا يكف عن انتقاد اداء الحكومة·
وقال ان ضيق هامش الحرية أوقف نشر رسوماته، فهو كما أعلن ممنوع من الرسم في الصحف المصرية منذ عهد الرئيس السادات، كما ادى-هذا التضييق- الى غياب واحد من اهم رسامي الكاريكاتير في الوطن العربي عن ساحة الكاريكاتير وهو الفنان حجازي الذي قرر الانعزال في مدينته طنطا التي غادرها في بداية الستينات ليشارك ويعيش في مرحلة التألق على صفحات مجلة صباح الخير ثم جريدة الاهالي، وهذا الانعزال يعني بالطبع احتجاج حجازي على ما يحدث على الساحة المصرية حيث الاستغناء عن العناصر الجيدة والمشاغبة واستبدالها بالعناصر التي تتمتع بالثقة على حساب افتقاد الخبرة والموهبة·