المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقاش الرسامين فناني الكاريكاتير ( 11 ) : عمرو سليم



aziz rash
14-08-2004, 01:43 AM
عمرو سليم آخر عنقود مدرسة الكاريكاتير المصرية ومنذ بدايات التسعينيات يتألق عمرو ألمع رسامي الجيل الثالث للكاريكاتير في مصر على صفحات العديد من المطبوعات العربية خاصة على صفحات مجلة روزاليوسف والعديد من صحف المعارضة المصرية·
عمرو يعتبر نفسه امتدادا لروح وخطوط رسامي الستينيات الكبار مثل صلاح جاهين وبهجت وحجازي ويسقط من حسابات الكاريكاتير فترة السبعينات ورساميها وما احدثته من آثار على وجه الكاريكاتير المصري·
في هذا الحوار يتحدث عمرو سليم عن مشاغباته السياسية ورسومه التي مُنعت من النشر وعلاقته بجيل الستينيات·
* البداية مع الكاريكاتير كيف كانت؟
** هذه قصة لها اكثر من جانب، لكن علاقتي بالكاريكاتير بدأت عبر والدي الصحفي جمال سليم رحمه الله وكان كاتبا بمجلة روزاليوسف وهكذا فتحت عيني لاجد مجلتي روزاليوسف وصباح الخير ومنذ البداية وجدت نفسي مشدودا لرسوم الكاريكاتير واسرتني الخطوط المدهشة للرسامين من جيل الستينيات خاصة حجازي وبهجت وجاهين واللباد وصلاح الليثي وجورج البهجوري، هذه المطالعة جعلت عيني تتشبع بخطوط هذا الجيل، كما تشربت روحي احساس المرح الذي كان يكاد أن يقفز من هذه الرسوم وظللت متلقيا للكاريكاتير حتى التحقت بقسم الرسوم المتحركة في معهد السينما، ولم اكتشف انني موهوب في الكاريكاتير إلا بعد ان وقعت لي حادثة طريفة عندما ذهبت مع مجموعة من اصدقائي لنعمل في احدى شركات الدعاية وكان المفروض ان نرسم رسوما مصاحبة لاحد الكتب وتقدمت مع اثنين من اصدقائي مستواهما يفوقني في الرسم، وفوجئت بان رسومهما رفضت، فغضبت من اجلهما وحينما جاء دوري فوجئت بالمسؤول يستقبلني قائلا: اهلا بالفنان الكبير فنظرت ورائي معتقدا انه يخاطب شخصا آخر، فاتضح انه يخاطبني انا واتضح انني دون ان اشعر رسمت كاريكاتيرا، وفوجئت بان الكتاب قد نشر·
كان عمري وقتها 22 عاما وواصلت العمل في الدعاية والاعلان لمدة سنتين، لكني صدمت بالجمود في هذا المجال، وبدأت افكر في رسم الكاريكاتير والتحقت بمجلة روزاليوسف بعد ان قدمني والدي يعني كانت لدي واسطة لكنني كنت دائما اعتقد ان الواسطة في كل شيء تصلح كبداية فقط، لكنها لا تصلح كنهاية، وهكذا بدأت رحلتي وكان أول من استقبلني هو المشرف الفني محمد بغدادي، وبقيت شهورا طويلة اطالع كل اعداد روزاليوسف و صباح الخير منذ صدورهما، وحتى اخر الاعداد وقد فعلت هذا بدأب وكان ذلك سببا في تأثري بجيل الستينيات الذي بدأ مع مجلة صباح الخير وقد تأثرت جدا بجرأة هذا الجيل وقدرته على التمرد على التابوهات، وكيف كانت رسومهم تشع بالروح والحياة وكان هذا شيئا مختلفا عن الرسوم السيئة التي كنت اطالعها في منتصف الثمانينيات في كل المطبوعات المصرية وكانت مؤشرا على ان الكاريكاتير المصري يمر بمرحلة انحسار، كان الفارق رهيبا ومن رسوم هؤلاء تعلمت ان ما ترسمه محسوب عليك وإنه بعد فترة سيصبح جزءا من تاريخك·· وسيطالعه الآخرون·

مدرسة جاهين

* بمن تأثرت من رسامي الستينيات؟
** تأثرت بصلاح جاهين دون أن اشعر في طريقة تفكيري وخطوطي كما تأثرت بحجازي وبهجت، هذا الجيل كانت تجمعه الجرأة وبساطة الخطوط واحسست بأن خطوطهم قريبة جدا من خطوطي بالاضافة إلي الروح التي كانت تميز رسوم هذا الجيل فعلى سبيل المثال اذا طالعت كاريكاتيرا لحجازي تشعر ان الكاريكاتير يتحرك، وإن الناس فيه يحدثون بعضهم·
وعند جاهين وبهجت وحجازي تشعر بأنك لا تطالع رسما على الورق بل مشهدا سينمائيا فيه حركة، هذا ما يميز رسوم هؤلاء بالاضافة إلى الجرأة· صلاح جاهين كان يرسم سلسلة بعنوان نادي العراة الآن لا احد يستطيع ان يرسم مثل هذه السلسلة، في الماضي كانت هناك تابوهات كثيرة يتم تكسيرها وتستخدم لتكسير تابو السياسة· على سبيل المثال اذكر رسما شهيرا لصلاح الليثي عن ارتفاع اسعار فواتير التليفونات رسم فيه اثنين من الملائكة يقول احدهما للآخر كم مرة كلم فيها موسى ربه ؟ وكان يمسك ورقة ليدون فيها· هذا لا يمكن ان يتكرر الآن·
* هل خرجت من عباءة صلاح جاهين؟
** تأثري به استمر حتى هذه اللحظة ولا انكر تأثري به في كل المجالات، وقابلت رساما كبيرا فقال لي سأقول لك شيئا لا اعرف اذا كان سيغضبك أم يجعلك سعيدا، أرى ان خطوطك اقتربت جدا من صلاح جاهين وحجازي فقلت له اتمنى ان ابلغ نصف ما بلغاه، وأنا معجب بالحلول الفنية التي كانا يتوصلان اليها، هذا هو ما تأثرت به كيف يرسم الوجه وكيف ترسم العين كما اعتقد ان روحي قريبة منهما·
* انت ألمع رسامي الجيل الثالث من الكاريكاتير في مصر، ما حكمك على حالة الكاريكاتير الآن؟
** حدثت حالة تفريغ كاملة ومرعبة للكاريكاتير في مصر بعد معاهدة كامب ديفيد حيث صدرت تعليمات شفهية بالمنع من النشر للعديد من الرسامين الكبار من بينهم بهجت واللباد وحجازي، ووجد هؤلاء أنفسهم فجأة ودون ان يشعروا في الاتجاه المعادي للحكم، وتم منع نشر الرسوم ضد كامب ديفيد وقيل لنا ان هذا هو احد شروط الاتفاقية وهذا التفريغ الذي حدث ومنع جيل الستينيات من الرسم، أديا لحالة فراغ مفاجئة امتلأت بعدد من رسامي جيل السبعينيات الذين لم يكونوا قد نضجوا بعد مثل محسن وحاكم وجمعة ورؤوف وكمال·
هؤلاء وجدوا انفسهم فجأة في وجه المدفع وهناك مساحات خالية لابد ان يملأوها ورأوا ما حدث للجيل السابق لهم، واعتقد ان مشكلة هذا الجيل انه نضج قبل أوانه وهذا يتضح من خطوطهم ومن طريقة تفكيرهم، لكن بالنسبة للجيل كله حدثت فجوة في تاريخ الكاريكاتير في مصر، عدم النضج هذا ادى الى كوارث فمثلا في انتفاضة يناير انحاز الكاريكاتير في روزاليوسف للسلطة ضد المتظاهرين وهذه كارثة لانه عكس الخط الذي يسير فيه الكاريكاتير في مصر منذ نشأته، وعكس طبيعة الكاريكاتير نفسه وقد افسد هذا حركة الكاريكاتير·
* هل اثرت السياسة على الكاريكاتير في مصر؟
** فترة السبعينيات اثرت بالسلب ليس على الكاريكاتير فقط لكن على كل مناحي الحياة، لم يبرز احد في أي مجال من مجالات الفنون، وهي فترة من فترات الانحطاط·
* هل واجهتك متاعب بسبب آرائك السياسية؟
** حتى هذه اللحظة لم تواجهني متاعب لكن احيانا تحدث بعض المفارقات المضحكة ففي احدى المرات مثلا رسمت غلاف مجلة اليسار وكان الكاريكاتير يحتوي نقدا عنيفا للسلطة في مصر، لكن المطبعة التي تطبع المجلة رفضت طبع الغلاف، وادعى المسؤولون عنها ان اجهزة الأمن تدخلت وصادرت الرسم، واتصلوا برئيس التحرير حسين عبدالرازق وطلبوا منه رسما بديلا فرفض، وهكذا تم طبع المجلة والغلاف عبارة عن صفحة بيضاء وفيما بعد عرفت ان العمال تطوعوا من انفسهم ومارسوا دور الرقيب ورفضوا الطبع وكانت المفارقة ان المطبعة مملوكة للامين العام لحزب التجمع الذي تصدر عنه المجلة، وفي العدد الثاني تم نقل المجلة لمطبعة اخرى وتم نشر نفس الرسم الذي ادعى المسؤولون عن المطبعة ان اجهزة الامن اعترضت عليه، انا اريد ان اقول انه في بعض الاجواء المغلقة من السهل جدا ان يتطوع شخص ليفرض رقابة اضافية·

رسوم ممنوعة

* هل لديك رسوم ممنوعة؟
** ليست لدي رسوم ممنوعة اطلاقا لكن توجد رسوم تُمنع من النشر في مكان لكنها تجد طريقها للنشر في مكان آخر، وقد ساعد على هذا انني ارسم في اماكن كثيرة لذلك يمكن ان يمنع رسم في مكان فينشر في مكان آخر، لكن احيانا يكون هناك ظرف عام يمنع من النشر فمثلا في عام 1996 حدثت المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس مبارك في اديس ابابا وكنت ارسم في جريدة الاحرار المعارضة وطُلب مني ان ارسم رسما ضد الحادث، ولم يكن لديّ مانع لكني كنت اريد ان افهم ما حدث واستوعبه، وفي هذا الوقت تم رفض الرسوم التي ارسلتها لصحيفتي الاحرار و العربي وكانت رسومي تسخر من برقيات التأييد التي انهالت من المعارضين، صحيح انني ضد الاغتيال وضد ما حدث لكنني ايضا رسام مُعارض، وهكذا جاء منع الرسم من الصحف المعارضة لا الحكومية، وكنت اسخر من تأييد رؤساء الاحزاب المعارضة للحكم ولم يكن امامي سوى مجلة اليسار التي نشرت فيها الرسوم الثمانية الممنوعة وهكذا لم يحدث أي شيء ولم تلاحقني اجهزة الامن ولم يتم اتخاذ أي موقف ضدي·
* عدد من رسامي الاجيال السابقة اتهموا الجيل الذي تنتمي له بانه وقع ضحية للنزعة الاستهلاكية في المجتمع واصبح يعمل في اماكن كثيرة جدا وهو ما ينعكس على المستوى الفني للرسوم والقدرة على التأمل واكتساب الثقافة؟
** لست مضطرا تحت ضغط المادة لان اعمل في مطبوعة لا اتفق مع خطها السياسي، وأنا بالفعل اعمل في اماكن كثيرة جدا لكن لانني في حاجة لان اقول رأيي بحرية فربما لا استطيع ان اقول رأيي بحرية في روزاليوسف لذلك اقوله بحرية في صحف المعارضة، انا لا اعمل كثيرا من اجل النقود لكن من اجل الحرية، الرسم في اكثر من مكان له سلبيات وله ايجابيات، الايجابيات تتمثل في انك تكون منتبها ونشيطا وفعالا، ويكون رد الفعل لديك سريعا، اما السلبيات فتتمثل بالفعل في ان قدرتك على التأمل تقل، لكن مع الاحتراف والخبرة تتغلب على هذه المسألة كما ان لي وجهة نظر اخرى وهي ان قلة العمل يمكن ان تصيب الانسان بالصدأ، وهذا الصدأ مشكلة كبيرة لذلك اعتقد انه كلما رسمت اكثر زاد المستوى الفني ووصلت إلى مرحلة النضج، الرسام مثل الطيار كلما قام برحلات طيران يظل أفضل من الاخرين، هذا هو ما يدفعني للرسم وليس الضغوط المادية حيث تركت اماكن ارسم فيها واتقاضى منها رواتب مجزية بسبب اختلاف المواقف، ففي عام 1997 كنت اعمل في احدى الصحف القطرية وارسم بها رسما يوميا لكن الصحيفة تهجمت على الشعب المصري بسبب أزمة استضافة قطر لمؤتمر الشرق الاوسط للتعاون الاقتصادي وهالني هجوم الصحيفة على المصريين ولم استطع ان ارسم، ففي البداية ارسلت رسما يهاجم اسرائيل فاعتذرت الصحيفة عن عدم نشره وقال لي المسؤولون لا تهاجم اسرائيل الان، فارسلت رسما آخر يهاجم اميركا فقالوا لي لا تهاجم اميركا الآن لان الامور متوترة، فقلت لهم ماذا ارسم اذن فقالوا لي ارسم عن المخدرات والادمان، فقلت لهم لم اتعود ان يفكر لي احد في افكار رسومي ثم اعتذرت عن عدم مواصلة العمل، احيانا تحدث مثل هذه المواقف كلنا نعاني من الضغوط الاقتصادية لكن لا يمكن ان تعمل في مطبوعة تروج لافكار ضد افكارك، وفي المقابل ستجد انني ارسم بانتظام في جريدة اليسار دون أي مقابل مادي ومستمر في هذا منذ ثلاث سنوات واحافظ عليه لانني اعبر عن رأيي بصراحة·
* لماذا لم يلمع احد بعدك من رسامي الكاريكاتير ولماذا لم يلمع رسامون في اوائل العشرينات كما حدث معك؟
** لان ما حدث مع جيل الستينيات ليس قاعدة لكنه استثناء·· هذه كانت طفرة مرعبة لم تحدث سوى في مصر في الستينيات وفي العراق بعد الحرب العراقية الايرانية حيث ظهر جيل كبير من الرسامين مثل مؤيد نعمة وعبدالرحيم ياسر ووليد نايف والحجار كان هذا الجيل متميزا جدا لكنه انتهى الآن واتجه الجميع لرسوم الاطفال وهذه نعتبرها طفرة لكن الطبيعي ان يظهر رسام أو اثنان كل فترة وينضجا على مهل وأنا مؤمن ان مصر ولادة وسيظهر رسامون موهوبون·
* ما العيوب التي تراها في الرسامين الجدد؟
** معظمهم لم ينضج بعد ولا يقرأ وليست له ثقافة خاصة به أو وعي بحركة المجتمع، واحب ان اساعد الرسامين الشباب واتحمس لهم جدا لكن البعض يلجأ لرسم الكاريكاتير بحثا عن وظيفة وليس لانه صاحب موهبة حقيقية والكاريكاتير عموما يتراجع بسبب انحسار مناخ الحرية·
هناك حرية للصياح فقط وهناك عقد غير مكتوب بين السلطة والصحافة انت تقول ما تريد، ونحن نفعل ما نريد هذا يقضي على الامل في التغيير، ويجعل الرسام يسأل نفسه ما جدوى ما افعله، لذلك هناك فارق كبير بين الكاريكاتير في فترة المد الثوري والنهوض السياسي والاجتماعي والتغيير في كل شيء وبين الكاريكاتير الآن حيث يسيطر الجمود على كل شيء وارى ان حالة الفن في أي مجتمع هي خير تعبير عن المجتمع نفسه، لكن هذا لا يمنع وجود رسامين جيدين في جيل التسعينيات مثل وليد طاهر وشريف عرفة·
* هل تعتقد ان غياب تقاليد التبني التي كانت سائدة في الماضي سبب عدم ظهور مواهب جديدة؟
** غياب روح التبني تسبب فيه رسامو جيل الستينيات وكانت هناك حالة استقطاب حادة واذكر ان احد الرسامين الكبار كان يرسل فاكسات لرئيس تحرير روزاليوسف حين بدأت الرسم فيها وكان يشطب رسومي ويكتب تحتها هذا الرسام عار على روزاليوسف ، وكان رئيس التحرير يطلعني عليها، وهذا الرسام كان كبيرا جدا من الرواد لكنه لم يستوعب الفرق بين المدرستين مدرسته هو وخطوطه وخطوط صلاح جاهين، انا انتمي لمدرسة صلاح جاهين حيث البساطة في الخطوط وهو أسس لمدرسة التعقيدات في الخطوط والموضة القديمة وهو بالتأكيد كان له تلاميذ وكان هؤلاء يرفضون منهج صلاح جاهين الذي اسير عليه والذي يرى ان الكاريكاتير فكرة وروح وليس مجرد رسم، وإن فنان الكاريكاتير المثالي هو الذي يملك القدرة على الاندهاش ويملك روح الطفل، اما الذي لا يملك القدرة على الدهشة ولا يحس بأن ثمة تغييرا يدعو لها فلن يرسم ولن يندهش هذا ما تعلمته من جيل الستينيات والذي يملك روح التبني الحقيقية وعندما بدأت الرسم لم اكن اعرف رسامين كبارا مثل بهجت وحجازي واللباد لكني فوجئت بهم يطلبون رؤيتي ويقولون ليّ ان رسومك جيدة لكن يجب ان تفعل كذا·· وكذا· الرسام الكبير حجازي مثلا فوجئت به دون ان اعرفه يرسل لي اثنى عشر كتابا نادرا عن فن الكاريكاتير كهدية، هذه الكتب لم يكن ممكنا ان احصل عليها ورفض ان اعيدها إليه، الرسام الكبير بهجت دائما يتابعني ويعطيني نصائحه ويقول لي افعل كذا ولا تفعل كذا، ويقول لي مثلا لا تهاجم مسؤولا بعد ان يترك موقعه بل هاجمه وهو في السلطة· اللباد مثلا اعطاني درسا من أهم الدروس في حياتي عندما كنت رساما مبتدئا وابحث عن فرصة لمزيد من النشر في مجلة روزاليوسف التي اعمل بها وفوجئت بالمسؤولين يطلبون مني ان ارسم رسوما مصاحبة لتحقيق يهاجم اضراب الفنانين بسبب صدور القانون 103 الذي كان يقلص من حريات الفنانين بشدة وجاءت الرسوم مواكبة للتحقيق الذي يهاجم الفنانين وكنت صغيرا ولا اعرف أي شيء عن القانون أو المعركة وبعد النشر كنت سعيدا جدا فقابلني اللباد بالصدفة لأول مرة وقال لي لا تفعل هذا مرة أخرى·
واضاف: اعرف انك ضعفت امام اغراء النشر، لكن الرسام موقف، ولا يجوز ان يرسم ضد مبادئه وضد ما يريده الناس ونصحني بان اهرب في مثل هذه المواقف وأن ألجأ للتحايل، وكان هذا درسا مهما لي، وهذه ميزة هذا الجيل، بهجت حتى الآن يملك من التواضع ما يجعله يعرض عليّ رسومه وكذلك اللباد·
* ما اسباب اكتئاب رسامي هذا الجيل؟
** إنهم أحسوا بعدم جدوى ما يرسمون وإن المجتمع لا يتغير· بهجت مثلا يقول لي انه نادم على الاربعين عاما التي رسم فيها الكاريكاتير وإنه لو عاد به الزمن للوراء فسيرسم للاطفال الذين يراهن عليهم، ويقول ايضا انه اكتشف ان الواقع اكثر اضحاكا من الكاريكاتير نفسه فما فائدة الكاريكاتير، وهكذا احبط ابناء هذا الجيل رغم انهم عباقرة حقيقيون لكنهم يشكون من عدم التقدير لما قدموه بالاضافة ليأسهم من امكانية التغيير مما يدفعنا نحن للعمل انه مازال لدينا امل وهم واجهوا انتكاسات كثيرة على المستوى العام مثل هزيمة 1967 ثم كامب ديفيد وما تلاها بينما نحن ولدنا في هذه الاحباطات فلم تصدمنا·
* رسامون كبار من مختلف الاجيال انهوا حياتهم بالاكتئاب مثل عبدالسميع ورخا ثم صلاح جاهين وحجازي لماذا؟
** لان هؤلاء الرسامين كانوا أصحاب رسالة وفكر وليسوا مجرد رسامين ورسالتهم هزمت وهذا هو الفارق في نظري بين مدرسة روزاليوسف و أخبار اليوم · الرسام في اخبار اليوم يرسم ما يفكر به الآخرون لذلك لا يمكن ان يكتئب على المدى البعيد· أما الرسام من مدرسة روزاليوسف فهو مفكر ومبشر يحمل أملا في التغيير·