المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث في حقيقة المس أهي من الجن أو من الشيطان



ALcATRAZ
16-08-2004, 04:50 PM
في البداية احترت ..احط الموضوع بالمنتدى الاسلامي ولا العام..
لكن قلت احطه هنا عشان يستفيد الكل..
______________________________________________________
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

فإن العلاج بالقرآن الكريم قد لجأ إليه الكثير من الناس في هذا الزمان, وأخذ الطريق العريض حتى أصبحت له المكانة اللائقة به في عصرنا كما كانت له في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قد يشرف المسلمين إذا كان استعمال العلاج في حدود الكتاب والسنة, ولكن, للأسف الشديد أننا نجد البعض من المعالجين والرقاة, ليس لديهم الخبرة أو المعلومات الكافية لاستعمال العلاج. ولا يفرقون بين معنى كلمتي الجن والشياطين, ولا بين الأمراض النفسية والعصبية أو ما يسميه البعض بأمراض العصر. وعليه أن يكون الإنسان بصيرا بزمانه.

فإننا نعيش في القرن الخامس عشر من الهجرة الموافق للقرن الحادي والعشرين من الميلاد, ولا تزال في أذهان البعض من الناس الخرافات القديمة المزيفة والأراجيف المستعملة من بعض المشعوذين لجمع الأموال من المغفلين والجاهلين.

وهذا راجع إلى : عدم الثقافة والمطالعة والإدراك بتطور العلم الحديث, أو اتباع جمع الأموال والاستكثار منها, أو الاشتغال بالشهوات والاستمتاع بها... وبهذا, تتكون في الإنسان الأمراض النفسية والعصبية أو كما تسمى عند القدماء بالأمراض الروحانية. ومن ثم, يلجأ الإنسان إلى الأطباء ويتناول الحبوب والأقراص المهدئة. وبالإدمان على ذلك, تلج في قلبه أمراض الريب والوسوسة والتّخيّلات, ثم لا يجد راحة في نفسه ليلا نهارا.
ومن الأمراض أكثر انتشارا : الشك وفقد الثقة في النفس, الحالات العصبية, التخيلات المزعجة, الإرهاق والتمني الوهمي إلى... الانتحار. هذه الأمراض لها مصدر واحد ومحلها القلب.

... وقد صنفوها علماء السلف من الأمراض الشيطانية والوسوسة. ومن ثم, السحرة والمشعوذين استغلوا الفرصة وابتدعوا خرافات وقصص فنسبوها للجن والعفاريت, (وهم لا يعرفون من هم الجن والعفاريت.) ورسخت هذه الخرافات في عقول الناس واتخذوها من الحقائق, ونسبوا لها أسماء, ومنها المس من الجن. (وهو الأكثر انتشارا في هذا العصر).
والذين يدّعون ذلك ويعتقدون بأن الجن تسكن جسم الإنسان, ليس لديهم أدلة علمية أو عقلية أو قرآنية, إنما أقوالهم مستنبطة من الخرافات الموجودة في الكتب القديمة والمستعملة لهذا الغرض, كـشموس الأنوار والنور الرباني وشمس معارف الكبرى وأبو معشر الفلكي في حساب الأبراج...
وكيف باتباع ذلك, والمشرّع الحكيم أمر بالتحري في الأقوال والأنباء, وأمر سبحانه وتعالى باتباع أحسن ما أُنزل من الحق.
فقال في سورة الزمر 55:

( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ).

وبيّن سبحانه وتعالى بأن أحسن الحديث, كتابه, فقال في نفس السورة : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا ... ) .

وقد بيّن المولى عز وجل من أحسن الأقوال , الذي دعا إلى الإسلام ولا إلى غيره وعمل صالحا. فقال في سورة فصلت :
( ومن أحسن قولا ممن دعآ إلى الله...)

فالواجب على الإنسان أن يقتبس العلم والحقيقة من المصدر الموثوق فيه, وأن لا يتبع كل الخرافات والأكاذيب دون أن يعرضها على مقياس العلم والشرع الحنيف... فإن أراد الإنسان أن يقتبس من العلوم الروحانية ويتحقق من وجود عالم الجن والشياطين, فعليه بالقرآن, لأنه الكتاب الوحيد الذي جاء بحقيقة هذين العالمين (وهو شامل لكل العلوم) لقوله تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شئ .

ألا تعلم أخي القارئ بأن سيدانا داود وسليمان أتاهما الله من العلم ما لم يأتيه أحدا من العالمين؟ وعلمهما منطق الطير؟ وأتاهما من كل شيء؟... اقرأ قوله تعالى في سورة النمل 15-16:
( ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين - وقال سبحانه - ( وورث سليمان داوود وقال يأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ... ))
فمن هذا ندرك بأنه لكل شيء علم, حتى في منطق الطير والنحل والحيوان وفي جميع ما خلق الله. وبالعلم نفرق بين الحق والباطل وتتضح به الأمور ونسعد به في الحيات الدنيا والآخرة.
ولكن اختلط الكلام, وانتفخت الأورام فأصبح الحليم حيران , لا يستطيع أن يفرق بين المس... أهو من الجن أو من الشيطان ؟

لذا, نقدم لكم هذا البحث البسيط على حقيقة المس والمقتبس من كتاب الله وسنة رسوله, وأدرجناه في أبواب مفصّلة وأردناه بأسلوب مبسّط وميسّر لقوله تعالى: (ويريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وهذا ليكون في متناول العام والخاص.

تنبيه :
ليكون في علم الجميع بأنه ما جاء من أقوال العلماء مأخوذة من الكتب أو غير ذلك, فقد أشرنا إلى مصادرها. أما ما قمنا به من تحليل أو تعبير أو ملاحظات فهي من وجهة نظرنا, ولا ينبغي للقارئ أن يتخذ رأينا كتفسير للقرآن, إنما هي محاولة الاستدلال به لفهم الحقيقة عن عالم:
الجن والشياطين. هذين الكلمتين اللتين حيّرتا العلماء وهي:

كــلـمـتـان مـن كـتـاب ربـــــي.

كم من إنسان بحث طوال عمره على أمر يهمه, وكم من عـالم بحث في شتى العلوم لإدراك الحقيقة, فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر, ومنهم من هو مستمر. ومن هؤلاء العلماء من أدركه ملك الموت وهو في الطريق المؤدي إلى الحقيقة, ومنهم من أدركه وهو مقبلا على الحقيقة, لكن : وما تشاؤن إلا أن يشاء الله .

- كم من أقلام جُفت, وكتُب صُنفت, وعيون سهرت, وكم من إنسان خُيّل إليه إدراك الحقيقة والأمر ليس كذلك. ليست الحقيقة التي هي مُطابقة الفكر للواقع, إنما الحقيقة التي نبحث عنها, هي الحقيقة الحسّية.
لأن الحقيقة نوعان: حقيقة علمية ملموسة, وحقيقة معنوية محسوسة,
(أي : يحس الإنسان بشيء أو يشعر به ولا يجد له تفسيرا علميا.)
وهذه الأخيرة خاض فيها الكثير من العلماء منذ القدم إلى عصرنا.
ولو لا الكتب السماوية, ما خطر ذلك على بال أحد من البشر, ألا وهي حقيقة الجن والشياطين. هاتين الكلمتين اللتين شغلتا عقول الكثير من العلماء والباحثين وأعجزتهما, وسالت من اجلهما أوديةُ حبر وحملتهما صحف الملاين من الكتب, ما هي إلا كلمتين من كتاب ربي, وصدق ربي حيث قال في سورة الكهف 109 :
( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا ) .

- كلمتان من كتاب ربي, تداولت على ذكرها الأمم, وتنافست على شرحها أكابر العلماء, و وجدوا أن معنى هاتين الكلمتين تُحدثا أمراضا فصنفوها ونسبوا لها أسماء, منها أمراض الجنون وأمراض الشياطين, ومنها غير ذلك, فاخترعوا لها أدوية كيماوية وأخرى صوتية .

- كلمتان من كتاب ربي جلبتا الكثير من الأموال للبعض من الناس وأفقرتا البعض الأخر, فرقتا أو كادتا أن تفرقا بين الزوج والزوجة, بين الأخ وشقيقته...ونقول هذه ليست حقيقة. أجل إنها ليست من الحقائق الملموسة, ولكن تؤدي إلى شيء ملموس يراه العام والخاص, فمثلا:
أنت تعرف أسرة معينة في بلادك مكونة من زوج و زوجة.... فيُعمل لهما سحر من طرف مشعوذ فيصبحا متفرقان .
والسؤال : ما السبب الذي جعلهما يتفرقان ؟
الجواب : السحر.
وهذا الأخير لا علاقة له بالحقيقة العلمية في عصرنا, ولكن أدي إلى حقيقة وهي: التفريق المبين وتـشـتيت الأسرة. وهذا الواقع يعيشه الكثير من الناس في هذا الزمان. ونقول هذه ليست حقيقة...

- كلمتان من كتاب ربي تكلم بها العالم والجاهل, الكبير والصغير, الأنثى والذكر ولا تزال الأمم تتوالى علي ذكرها حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وصدق الله حيث فال: سورة لقـمان :
( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم .) ....

نبذة من قصة إبليس

خلق إبليس وأصله :

لا يمكن لنا أن نخوض في الكلام على المس أو الجن والشياطين قبل المطالعة على تاريخ أول البشر مما خلق ولما ؟ وعن عدوّه وكيف تمت العداوة. ولهذا كان حتما علينا أن ندرج قصة إبليس لعنه الله . ونستهلها بما جاء في كتاب الله من الآيات والذكر الحكيم خاص بها. لأنه لا يوجد أحسن تعبيرا عن هذه القصة كتعبير القرآن.
قد جاءت في القرآن قصة إبليس لعنه الله مفصلة وواضحة. وتحتوي هذه القصة على الآيات التي تشهد لنا بعصيان إبليس أمر المولى عز وجل,ّ وتبيّن لنا مما خُلق والسّبب الذي جعله يرفض أمر المولى عز وجل . قال تعالى فيما يختص بخلق إبليس عليه اللعنة, في سورة الأعراف 13: ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من ذين ...)

وأما ما يشير لنا في القرآن عن أصله, لعنه الله , قوله تعالى في سورة الكهف آية 50 : (... إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه...)
فمن خلال قوله تعالى: إلا إبليس كان من الجن... يتبين لنا بأن أصله من الجن , والمقصود به ليس الجن المكلّفون الذين نزلت في حقهم سورة الجن. لأن أصل إبليس يختلف عن أصلهم. وهذا في آية أخرى حيث أشار فيها المولى سبحانه وتعالى إلى مما خُلقت الجن. فقال في سورة الرحمان آية 15 : ( وخلق الجآن من مآرج من نار ) . أما نوع النار التي خلق منها إبليس, تختلف عن النار التي خلقت منها الجن, لأنه هناك نوع من الجن خلقوا من نار السموم, وإبليس لعنه الله من هذا النوع.)
قال تعالى في سورة الحجر 27 : ( والجآن خلقناه من قبل من نار السموم ).
وجاء في تفسير بن كثير عن بن عباس رضي الله عنهما قال :
(كان إبليس حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خُلقوا من نار السموم من بين الملائكة. وخُلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي...
وفي الحديث : ( خُلقت الملائكة من نور, وخُلق الجان من مارج من نار وخُلق آدم مما وصف لكم.) وقال: (المارج: هو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت...). أ.ه.
ومن هذا, يكون الفرق بين أصل إبليس وأصل الجن بالدليل :
(أن إبليس خُلق من نار السموم , والجآن خُلق من مارج من نار.)

ومما يثبت لنا بأن إبليس ليس من الجن المكلفون ومستقره في الأرض تحديدا على سطح الماء الحديث الآتي :

- عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجئ أحدهم فيقول ما صنعت شئ , و يجئ أحدهم فيقول , ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله. فيدنيه أو قال فيلزمه ويقول أنت, أنت . (رواه مسلم).


الأمر بالسجود .
فنتساءل : هل كان الأمر بالسجود متوجه إلى إبليس؟ وهل كان إبليس حاضرا بين الملائكة الذين أمروا بالسجود؟ ..... إلى غير ذلك من الأسئلة .
هذا قد اختلف فيه الكثير من العلماء كابن كثير وغيرهم, قالوا , كان خازنا من خزان الجنة, وقالوا , إنه كان على رأس جند من الملائكة, وقالوا , إنه كان من الملائكة المقربين.

والجواب على ذلك :
من قال إن إبليس كان من الملائكة , أو من المقربين أو كان يترأس جنود من الملائكة. فجوابنا على ذلك: قد سبق وأن ذكرنا قوله تعالى في سورة الكهف آية 50 : ( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه). هذا دليل على أنه كان من الجن وليس من أصل أخر.

أما الأمر بالسجود فهو واضح أنه خاص بالملائكة لقوله تعالى في نفس الآية من السورة : (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم). ولكن كيف عاتب الله سبحانه وتعالى إبليس اللعين وهو غير مأمور بالسجود ؟

فنقول وبالله التوفيق:
إن الأمر بالسجود كان متوجه للملائكة خاصة وللحاضرين عامة, لأنه كما سبق وأن ذكرنا ما قاله بن عباس رضي الله عنهما في الحديث, (كان إبليس حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خُلقوا من نار السموم من بين الملائكة. وخُلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي... يتبين بأنه كان خلق أخر من بين الملائكة حاضرين, وهذا الخلق أصله ما بين الملائكة والجن, ويقال لهم الجن. فعندما أمر الله سبحانه الملائكة كلهم بالسجود, فالحاضر معهم يجب عليه السجود احتراما لله. وقياس ذلك, إذا كنت في المسجد تقرأ في سورة السجدة , فتسجد حين تصل إلى علامة السجدة. فإذا كان بجانبك شخص أخر ورآك سجدت, فيجب عليه السجود احتراما لله وإلا فهو من المتكبرين . ولهذا وجب تمثيل الحاضرين مع جمهور الملائكة لأمر الله, فسجد الملائكة كلهم إلا إبليس أبى واستكبر. وفي قوله تعالى في الأعراف بيان بأن الأمر الموجه للملائكة فهو موجه لإبليس أيضا وللحاضرين. قال تعالى موضحا ذلك في سورة الأعراف آية 12:
( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك )


فصيلة الجن الإبليسية :
كما سبق وأن ذكرنا بأن إبليس كان من فصيلة يقال لها الجن, ولما عصى أمر ربه, لعنه عز وجل وأخرجه من المكان المقدس الذي جرى فيه الحوار, وجعل منه ذرية أصلهم يختلف عن أصل الجن المكلفون, ومما يدل بأن لإبليس ذرية قوله تعالى في سورة الكهف 50.
( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه , أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو) .

وذرية إبليس وأعوانه, هم الشياطين الذين تدريهم الناس من الجن الذين نزل في حقهم القرآن. وفصيلة الجن الإبليسية مستقرها في الأرض وبالتحديد على سطح الماء كما ورد في الحديث سابقا, وهذه الفصيلة تظلم البشر وعلى رأسها إبليس اللعين, كما بيناه في الحديث السابق ( إن إبليس يضع عرشه على الماء...).
ومما يدل على أن مستقر فصيلة الجن الإبليسية الأرض قوله تعالى: ( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) .

وهذه الفصيلة تظلم الإنس وتحدث لهم المس, ولهذا, شاعت الأقوال عند العرب بأن المس يقع من الجن . وأما الجن المذكورون في القرآن فمستقرها غير الأرض كما سنبينه في فصله إن شاء الله .

وفصيلة الإبليسية لها القدرة على إيذاء الإنس عامة بسهولة, وعلى المؤمنين خاصة بصعوبة , لأن المؤمن الذي يتبع هدى الله لا يضل ولا يشقى, وليس لإبليس اللعين ولا لجنوده سلطان على الذين أمنوا , قال تعالى: ( إنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون)


سبب عصيان إبليس :

- السبب الذي جعل إبليس لعنه الله يعصي ربه فيما أمره هو, التكبّر عن خليقة أبينا آدم عليه السلام. لأنه خُلق من تراب وطين وماء , وطين .., وهذا التكبر منه لعنه الله, قد أشار إليه القرآن في عدد من الآيات بمعنى الكلمة. وهي: استعمال كلمتي: أبى واستكبر. قال تعالى في البقرة 34:
(إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين). وقال في سورة الحجر آيات 31
( إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين) . وقال تعالى في سورة الإسراء 61
( إلا إبليس ءاسجد لمن خلقت طينا ) . وقال تعالى في سورة طـه 116
( إذ قلما للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ) . وقال تعالى في سورة صاد: 74- 75 : ( إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ) .
( يإبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين).
والآيات في هذه المعنى كثيرة, ومن خلالها قد نلاحظ تكرار الكلمتين:
(أبـى و أستكبـر.) .
القصة والحـوار

قد روى لنا القرآن قصة إبليس لعنه الله مختصرة في سورة الأعراف وهي عبارة عن حوار. ومن خلالها, تتبين لنا هذه البنود :
1- في لآية الأولى من القصة, يشهد المولى عز وجل بأن إبليس لم يكن من الساجديـن, فقال تعالى إلا إبليس لم يكن من الساجدين)
2- في لآية الثانية من القصة, نشاهد سؤال وجواب, فالسؤال: قوله تعالى: ( ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك؟). وأما الجواب فيتمثل في قوله تعالى على لسان إبليس لعنه الله . (أنا خير منه, خلقتني من نار وخلقته من طين).
3- في لآية الثالثة من القصة, نشاهد فيها العقاب الذي ناله إبليس المتكبر عن أمر الله والمتمثل في هبوطه وإخراجه من المكان الذي دار فيه الحوار, وجعله من الصاغرين.
4- وأما محتوى الآية الرابعة, فيتمثل فيها توسّل إبليس إلى الله أن ينظره إلى يوم يبعثون. ( قال أنظرني إلى يوم يبعثون) .
5- في الآية الخامسة من القصة مشهد حصول إبليس على طلبه من المولى عز وجل : (قال إنّك من المنظرين ).
6- وأما ما بقي من القصة فهو توعّـد إبليس لعنه الله ذرّية آدم
عليه السلام بالإفواء وإبعادهم عن الصراط المستقيم.
والقصة في قوله تعالى : سورة الأعراف من الآية 11...18

( ولقد خلناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين - قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين - قال فأهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فأخرج إنك من الصاغرين - قال أنظرني إلى يوم يبعثون - قال إنك من المنظرين - قال فبما أغويتني لأقعدنهم صراطك المستقيم.)))))

فمن خلال ما ذكرناه في الصفحات السالفة, والقصة التي روت لنا الحوار الذي دار بين الله وإبليس اللعين, نستخلص بأن: إبليس ليس من الجن المكلفون, وهذا بيانه في: قلة أدبه في الحوار مع الله عز وجل, وفي حديثه الذي يختلف بكثير عن كلام الجن الذين قالوا : أنا سمعنا قرأنا عجبا, وقالوا: وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به... فالمقارنة واضحة بين أقوال الجن التي كان فيها احتراما لله وتصديقا بكلامه, وبين أقوال إبليس اللعين التي كان فيها العصيان والتكبر عن أمر الله. وقال بن كثير في حديث طويل من تفسير الآية 34 من سورة البقرة ما نصه : ( فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله , أي: آيسه من الخير كله وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته.) انتهى ..... والله أعلم بالصواب

للموضوع بقية..

ALcATRAZ
16-08-2004, 04:52 PM
تتمة الموضوع..

الـشـيـطان


تحليل كلمة شيطان :

فلما رأينا أن كلمة الشيطان ورد ذكرها في عدد من الآيات القرآنية, ولا تعطي لـنا صورة حية أو معينة عن هذا الخلق الرهيب الذي حذرنا منه القرآن ومن اتباع خطواته وأعماله, وأنسبت إليه الفتن والتفريق بين الناس, وجميع المعاصي بأنواعها... أردنا بقوة الله أن نبحث عن هذه الكلمة ونتقرب إلى معناها إن شاء الله . وهذا بالكيفية العقلانية الآتية.
في الأحاديث المشهورة : قال عليه الصلاة والسلام :
(إن الشـيـطان يـجـري مـن الإنسـان مجـرى الـدم.)
وقال : (ما مـن إنسان إلا ومـعـه شـيـطان.)
فمن خلال هذه الأحاديث يتبين لنا بأن الشيطان شيء مع الإنسان لا يفارقه طرفة عين
أولا : هو من الداخل يجري في جسم الإنسان مجرى الدم .
ثانيا : معه من الخارج بتلبسه عليه.
ولإثبات ذلك قمنا بتحليل هذه الكلمة بالكيفية الآتية:
لو تأملنا في هذا الاسم, (شيطان) لوجدناه يتكون من كلمتين , وهي:
كلمة: شـيء , وكلمة: طـان . والكلمة, شيء تعني لنا, شيء مجهول, والمبني على المجهول يبقى مجهول.
أما كلمة طان, قال بن منظور في لسان العرب: يوم طان كثير الطين, ويصلح أن يكون فاعلا.
وقال الجوهري: يوم طان ومكان طان وأرض طانة كثيرة الطين. والطيان : صاحب صنعة الطين, وطان الحائط أو السقف : أي البسه بالطين ( لسان العرب بن منظور.ج/2/ص/638.
وفي التنزيل : أسجد لمن خلقت طينا. ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. وبداء خلق الإنسان من طين. إنا خلقناهم من طين لازب.... إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن الطين كانت لها علاقة بخلق الإنسان.
ومن هذا نستخلص معنى كلمة شيطان بأنه :
( شيء مجهول متلبس على جسم الإنسان من داخله وخارجه )
كالطين المتلبسة على حائط أو سقف البيت. والله أعلم بالصواب .

_______________________________________________________

أقوال العلماء في المسّ


من قبل أن نشرع في بحثنا على حقيقة المس , لابد وأن نتفحص البعض من أقوال العلماء والمفسرين للقرآن . وهذا سوف يكون باختصار.

فمن خلال بيان كلام المفسرين رحمهم الله وأقوالهم في قضية المس , وجدنا أكثر استدلالاتهم قوله تعالى : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي بتخبطه الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس . وبالتوضيح :

ِ قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى:
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي بتخبطه الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ما نصه: يعني بذلك بخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخنقه فيصرعه "من المس" يعني من الجنون. وقال البغوي رحمه الله في تفسير الآية المذكورة ما نصه لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ أي الجنون. يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونا. ا هـ.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية المذكورة ما نصه:
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له وذلك أنه يقوم قياما منكرا.
وقال ابن عباس رضي الله عنه آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق رواه ابن أبي حاتم قال وروي عن عوف بن مالك وسعيد بن جبير والسدي والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك انتهى المقصود من كلامه
رحمه الله.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره قوله تعالى : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ , في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس. ا هـ. وكلام المفسرين في هذا المعنى كثير من أراده وجده. والله أعلم


حـقــيــقـة الـــمــس


من خلال أقوال العلماء , نلاحظ أن : البعض منهم ينسبون المس إلى الجن كالقرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ , قال :
( في هذه الآية دليل على فساد وإنكار من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع...).
والبعض الآخر ينسبونه إلى الشيطان كقول بن كثير رحمه الله في تفسير الآية المذكورة آنفا, قال : ( لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له وذلك أنه يقوم قياما منكرا), وكقول أبو جعفر بن جرير رحمه الله في تفسير نفس الآية :
قال: يعني بذلك بخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخنقه فيصرعه "من المس" ... إلى غير ذلك من الأقوال.
وهذا لا يعتبر خلافا بينهم, لأنه منهم من يفسر القرآن باللغة والنحو والصرف, ومنهم من يقتصر على المعنى وأسباب النّزول. وهذا موجود عند السلف. ولتوضيح ذلك لابد وأن نتفهم ونتفحّص البعض من الكلام لنقتبس المعنى التي جاء بها الذكر الحكيم, لأنه نزل بلسان عربي مبين.
ومن مقاصد القرآن, تصحيح اللغة العربية في زمان الرسول عليه الصلاة والسلام. فمثلا كانت العرب من قبل نزول الوحي إذا رأوا شيء ما قالوا راعنا وهم يقصدون به انظرنا. فلما كان كذلك أنزل الله سبحانه على رسوله صلى الله عليه وسلم تصحيح هذا الخطاء. فقال تعالى في البقرة 104 ( يـأيُّـها الذين أمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انضرنا وأسمعوا ) . ومن هذا المنطلق, لابد وأن نعطي لكل كلمة وردت في القرآن مكانتها. لأنه لا يليق بنا أن نبدل معنى كلمة مكان كلمة أخرى بسبب أو بآخر وندّعى بأن لها معنى آخر. فمثلا : إذا قلنا محمد ليس معناه زيد أو علي. كذلك إذا قال الله عز وجل: الشيطان فليس معناه إبليس. وإذا قال سبحانه الجان ليس معناه الشيطان, وهكذا ...
ومن هذا, إذا تأملنا في حقيقة المسّ ودرسنا ما جاء عنها في القرآن الكريم من الآيات والأدلة , نجد أن المس من الشياطين الذين هم من ذرية إبليس, وليس من الجن المذكورون في القرآن والمخلوقون من مارج من نار. لأن إبليس اللعين مخلوق من نار بدليل قوله تعالى في سورة صاد :
( قال أنا خير منه خلقتني من نــار... ) . والجن الكلّفون مخلوقون من مــارج من نار بدليل قوله تعالى: ( وخلق الجان من مــارج من نــار ) .

أما ما جاء في القرآن عن المس فهو منسوب إلى الشيطان وليس إلى الجن. لأنه لم نجد ولو آية في القرآن التي تشير إلى أن المس يقع من الجن, ولم نجد كلمة المسّ مقترنة بكلمة الجن, بل نجدها متبوعة بـكلمات :
الضر, الشيطان , الفقر, القرح, السوء ... ولم تتبعها كلمة الجن ولو مرة واحدة في القرآن .

ولكن ما نقوله في هذا الصدد ويمكن أن نتفق عليه هو : من قال بالمس من الجن فهو على صواب. ومن قال بالمس من الشيطان فهو أيضا على صواب. لأنـه: من قال بالأول فهو على صواب إذا كان يقصد بكلمة جن محتجب أو خفي عن الأبصار وليس المقصود به الجن المكلفون.
لأن كلمة جن في الشرع الحنيف معناها مخلوقات مكلّفة لها إرادة. ومعنى جن في اللغة : مـحـتـجب عن الأبصار. وكذلك جاءت معناها في القرآن.
قال تعالى : فلما جنّ عليه الّيل رءا كوكبا ..) أي : فلما تغشّاه وستره .
ومن قال بالثاني: فهو على صواب .
لأن المس الحقيقي كما صرّح به القرآن فهو واضح في الآية الكريمة من سورة البقرة - 285, وهو قوله تعالى :
( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي بتخبطه الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ).
وكما هو واضح أيضا في سورة صاد آية 41. قال تعالى
( واذكر عبنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيـطـان ... )
وقوله تعالى في سورة الأعراف يُثبت لنا مرة ثالثة بأن المس من الشيطان.
آية 201. قال تعالى: ( إنّ الذين التّقوا إذا مــسّـهم طـــآئـف من الشيطان )
فهذه ثـلاث آيـــات التي تثبت لنا بأن المس من الشيطان . وأما اآيات التي ذُكرة فيها كلمة المس مراة عديدة فهي مقترنة بالكلمات : ضر, فقر , سوء , كبر... ولم توجد هذه الكلمة (مس) مقترنة بكلمة الــجن البتة .
وأما ما جاء من أخبار الرسول عليه الصلاة والسلام عن المس وبيانه من الشيطان, ففي الحديث :
عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع حتى إذا كنا بحرة واقـم , عرضت امرأة بدوية بابن لها, فجاءت إلى رسول الله فقالت , يا رسول الله هذا ابني قد غلبني عليه الشيطان فقال : أدنيه مني , فأدنته منه, قال: افتحي فمهُ , ففتحتهُ فبصق فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أخساء عدو الله وأنا رسول الله, قالها ثلاث مرات ثم قال : شأنك بابنك ليس عليه, فليس يعود إليه شيء مما كان يصيبه. ( قال الهيثمي, رواه الطبراني في الأوسط والبزار باختصار وفيه عبد الحكيم بن سفيان , ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه أحد وبقيت رجاله ثقات) . و في هذا الحديث من خلال قول المرأة البدوية: هذا ابني قد غلبني عليه الشيطان, دليل بأن المس كان من الشيطان وليس من الجن . والله أعلم .


نفي المس من الجن في القرآن


رحم الله الإمام محمد الغزالى حيث قال في كتابه, السنّة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث يلي :
( طرق بابي رجل يقول أنه بحاجة إلى عوني, فقمت لاستقباله وأنا متعب, ودهشت لمرآه , فقد كان عملاقا بادي الصحة ولم تكن عليه سيماء الفقر. وبدأني بالحديث من غير مقدّمة قال: إنـه مسكون, واستعدّت ما قال, فكرر شكواه مؤكدا أنه مسكون. قلت من سكنك ؟ قال جني عات غلبني على أمري فقلت له: وأنا أضحك , لـماذا لـم تسـكـنـه أنـت ؟ ) انتهى.

إن الكثير من الناس في عصرنا, أصابهم الخوف والحذر من الجن لدرجة عالية, حتى ظنوا أن الجن هم من يتحكم في زمام أمورهم, كألفتاة التي لا يتقدم إليها خطيب تظنّ أن ذلك من أمور الجن, أو تاجر يخسر في تجارته, أو شاب لا يجد عمل أو المرأة وزوجها إن اختلفا في أمر ما...
ولا يزال في ذهن الكثير من الناس هذا الكلام : (إنه مجنون... أو مسكون), يقولونه بكل البساطة ويعتقدونه اعتقادا جازما وهم لا يشعرون بأنه من قال بهذا فهو بعيد كل البعد عن حقيقة القرآن. لأنه هناك في القـرآن من الآيات التي تنفي الجنون على الأنبياء والرسل, وبشهادة القرآن, كلمة مجنون ما هي إلا أقوال تواترت عليها الأمم واتخذت منها تقاليد وأصبحت الناس تـتـهم بها بعضها البعض. قال تعالى في الذاريات آية 52.
( كذلك مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلاّ قالوا ساحر أو مجنون ) .
ومثل ما قال تعالى في قوم نوح عليه السلام حين كذبه قومه وقالوا مجنون . قال تعالى في القمر 09
( كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مــجــنـون ... )
وقال تعالى في سورة المؤمنون حين كذبوا سيدنا نوح مرة أخرى فقالوا :
( إن هو إلا رجل به جنّة ..)
وقال تعالى في سورة المؤمنون آيات 70-71 .
( أم يقولون به جنّــة بل جأهم بالحق وأكثررهم للحق كارهون , ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهنّ .)
فمن خلال هذه الآيات يتبين لنا بأن كلمة مجنون أقوال لا تغني من الحق شيء, ولو اتبع الحق أقوالهم لفـسـدت السماوات والأرض ومن فيهنّ .
وفي آيات أخرى, يتـبيّـن لنا بأن هذه الأقوال ما هي إلا تُـهم تـتّهم بها الناس بعضها البعض, وتداولت على أقوالها الأمم واشتهرت بين الناس ورسخت في عقولهم حتى كادت أن تكون وصية بينهم عبر العصور.
قال تعالى في سورة الذاريات: 52-53
( كذلك مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلاّ قالوا ساحر أو مجنون , أتواصوا به ؟ بل هم قوم طافون .)
وبعد ما بين سبحانه وتعالى في الآية بأن من قال بهذا من الذين طغوا, أمر رسوله بالتّولي عنهم وأن يُذّكر الذين أمنوا, لأن الذكرى تنفع المؤمنين. قال تعالى متابعا في نفس السورة آية 54-55
( فتولّ عنهم فمآ أنت بملوم , وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين .) ثم نبّه رسوله وأثبت له بأنه سبحانه وتعالى خلق الجن ليعبدوه وليس لظلم الإنس .( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)

وهذه الأقوال, (أي: إنك مجنون), قد يكون تأثيرها على الإنسان الموجهة إليه مباشرة , وهذا, قد حصل في زمان النبي عليه الصلاة والسلام واتهمه قومه بالساحر والمجنون حتى زُلزل عقله, وكاد أن يركن إلى أقوالهم فأخبره المولى عز وجل بأنه عليم بذلك. فقال تعالى في الحجر. 97
( ولقد نعلو أنك يضيق صدرك بما يقولون )
وقال في سورة قاف : 45
( نحن أعلم بما يقولون...)
ولكي يطمأنّ قلبه ويعلم عليه الصلاة والسلام الحقيقة بأنه ليس بساحر أو مجنون كما يقولون, أنزل عليه قوله تعالى في الطور آية 29
( فذكر فما أنت بنعمت ربك بمجــنون )
ثم أمره بالصبر على أقوالهم وأذاهم حتى يأتي الله بأمره . فقال تعالى في السور : طه : 130
( فأصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها....)
وقال في سورة يونس, 109
( واتبع ما يُوحى إليك واصبر حتى يحكم الله..)
وقال في سورة النحل 127
( واصبر وما صبرك إلا بالله ولا نحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون)
وقال في سورة المزمل 10
( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا )
ثمّ بعد ما بين سبحانه وتعالى الحقيقة وأثبت لهم بأنهم على خطاء, وأن ما يقولون إلا أقوال مزيفة. نصح الجيع بنصيحة غير مباشرة وهي قوله تعالى : سورة الأعراف : 184
( أولم يتفكروا , ما بصاحبكم من جـــنّـــة ...) أي : لو تفكرو في أقوالهم التي قالوها لك والتهموك بها يا محمد , لأدركوا الحقيقة بأنك رسول ولست مجنون . ولتعظيم هذه الأقوال وما لها من تأثير وخطورة على أذهان البشر ولو كان من المرسلين, أثب سبحانه وتعالى مرة أخرى لرسوله بأنه ليس بمجنون وأنه على خلق عظيم... قال له تعالى: في سورة القلم من 1-5
(.. مآ أنت بنعمة ربك بمجنون , ... وإنك لعلى خلق عظيم .. .)

ملاحـظة :

كلمة مجنون على وزن فعل, مفعول. أي: مستور أو محجوب.
ومن ثم إذا قلنا, إنسان مجنون فمعناه محتجب عن الأبصار, فكيف نقول بذلك, والمعني بالأمر غير محجوب عنا ؟ وهذا خطأ في التعبير والاعتقاد .
وأما معنى مجنون في العلم الحديث: مريض عقليا, أي لا يدري ما يفعل أو ما يقول. وبهذا تكون كلمة مجنون معناها: عقل الإنسان محجوب عنه, أو الإنسان محجوب عن عقله.
وقد ورد الكلام في الحديث عن الثلاثة الذين رُفع عنهم القلم, ومنهم المجنون حتى يـفـيـق, أي حتى يعقل ما يفعل ويعلم ما يقول . ومن هذا, نستلخص بأن, الإنسان المجنون هو الذي فقد عقله.
والذين يتناولون المخدّرات والمسكرات وشرب الخمور, يفقدون السيطرة على عقولهم وتصبح لديهم كل الخبائث لعبة بين أيديهم. وفي هذه الحلة نحكم عليهم بالجنون, لأنهم عندما يسترجعون عقولهم لم يصدقوا بما كانوا يفعلون.
وقد خاطب القرآن المؤمنون حين كانوا يشربون الخمر ويأتون إلى الصلاة وهم سكارى, فنهاهم عز وجل عن القرب من الصلاة وهم سكارى حتى يعلمون ما يقولون. قال تعالى في سورة النساء 43.
فمن هذا النهى الوارد في الآية, يتبين لنا بأن السكران فاقد عقله ولا يعلم ما يقول. وهناك من الأمراض المستعصية التي لم يدركها العلم الحديث يسمُونها بأمراض الجنون لأنها في غاية الاحتجاب عنهم.

فإن كانت هذه الأقوال (مجنون أو مسكون), قالتها الأمم عن جهل, ولا تغني من الحق شيء, فكيف لنا باتباعها والإعتقاد بها, وبين يدينا الحقيقة والبراهين بالأدلة من القرآن الذي هو الكتاب الوحيد الشامل لكل العلوم؟ وكيف لنا باتباع هذه الأقوال ولم يثبت العلم الحديث حقيقة عالم الجن لحد الآن ؟
والله أعلم بالصواب .
__________________

هذا البحث منقول من منتدى..

WaLtEr SuLlIvAn
17-08-2004, 02:28 AM
اشكرك على المجهود الكبير على هذا الموضوع اخوي الكتراز.


والى الامام...



وارشح الموضوع ...بان يكون بالمواضيع المميزة

WaLtEr SuLlIvAn
17-08-2004, 02:54 AM
استغرب مافيه احد غيري.... موضوع بهذا الحجم يستاهل التميز :28:

ALcATRAZ
17-08-2004, 03:09 AM
شكرا على مرورك أخوي WaLtEr SuLlIvAn
تسلم

وان شاء الله اكون افدتك..

كــايتو كيد
17-08-2004, 03:15 AM
جزاك الله خير على الموضوع المفيد

موضوع مميز تُشكر علييه :biggthump

ALcATRAZ
17-08-2004, 03:26 AM
العفو اخوي كايتو كيد.... تسلم
وشكرا على مرورك

ALcATRAZ
17-08-2004, 03:30 AM
استغرب مافيه احد غيري.... موضوع بهذا الحجم يستاهل التميز :28:


شكرا لك اخوي :)

اعتقد عشان حجم الموضوع كبير ... يبغاله وقت ... وشكله يكون ثقيل عند القراءة.... بغض النظر عن مايحويه من معلومات

ScArY_Bo0oY
17-08-2004, 05:54 AM
ana ma qret almodo3 kaml l2ne mshgooool lkn 3nde so2al

ish alfrq ben aljn we alshiaden

ALcATRAZ
17-08-2004, 07:19 PM
ana ma qret almodo3 kaml l2ne mshgooool lkn 3nde so2al

ish alfrq ben aljn we alshiaden

ابليس أصله من الجن....(وليس الجن المكلفون) الذين ذكروا في سورة الجن..
بل ان اصله يختلف عن اصلهم

والشياطين هم ذرية ابليس..

Pr.Game
17-08-2004, 07:41 PM
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع الضخم والرائع :) ...

ALcATRAZ
17-08-2004, 08:38 PM
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع الضخم والرائع :) ...
وإياك..
شكرا على مرورك اخوي :)