life maker
24-08-2004, 03:14 PM
التعددية الإسلامية
في الإسلام, الحوار ليس مجرد فضيلة, وإنما هو فريضة.. ذلك أن الإسلام يجعل التعددية, في كل ما عدا ومن عدا الذات الإلهية, قانونًا وسنة من سنن الله التي لا تبديل لها ولا تحويل..
فالناس الذين خلقهم الله, سبحانه وتعالي, من نفس واحدة قد جعلهم شعوبًا وقبائل )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) وجعل اختلافهم في الألسنة واللغات آية من آياته )وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم:22) .. فغدوا متعددين في القوميات.. ثم هو, سبحانه قد شاء لهم التعددية في المناهج, أي الحضارات والثقافات والعادات والتقاليد والأعراف.. وفي الشرائع, أي الملل والديانات {لىكيلَُ جّعّلًنّا مىنكيمً شىرًعّةٍ ¤ّمىنًهّاجٍا ¤ّلّوً شّاءّ َلَّهي لّجّعّلّكيمً أيمَّةٍ ¤ّاحىدّةٍ} [المائدة:48].. وقضت سنته, سبحانه وتعالي, أن يكون سعيهم شتي.. ولا يزالون مختلفين..
وحتي يتأيد عمل هذه السُّنة الإلهية, سنة التعددية في كل عوالم الخلق في الإنسان.. والحيوان.. والنبات.. والجماد.. والأفكار.. والأجرام.. دعا الإسلام إلي منهاج "التدافع", بدلا من "الصراع", في معالجة التناقضات التي تفرزها الحياة بين الفرقاء المتعددين.. ذلك أن الصراع يعني أن يصرع طرف الطرف الآخر, فيخرجه من الساحة, وبذلك, تنتفي التعددية, وينفرد المنتصر بالميدان بينما التدافع هو عبارة عن "حراك.. واستباق" يُعدّل الخلل الفاحش بين الفرقاء المختلفين, ليعيد العلاقة بينهم إلي مستوي التوازن الوسطي العادل.. وبذلك ينتفي سكون الموات بين الفرقاء المتعددين وتنجو التعددية من موات الصراع الذي يصرع به طرف غيره من الأطراف {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} [البقرة: 251], )وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) .
ولأن التعارف هو غاية التعددية.. ولأن الحوار هو سبيل هذا التعارف بين بني الإنسان.. كان الحوار فريضة من فرائض الإسلام.. والذين يقرأون القرآن الكريم يدركون دوره, ودور الحوارات المتعددة والمتنوعة المبثوثة في سوره وآياته, في صياغة "الروح الحوارية" عند الإنسان المسلم, تلك التي تجسدت في علاقات الإسلام وأمته وحضارته مع الآخرين.
تلك هي حقيقة الموقف الإسلامي -كما أومن به- في رؤية "الآخرين" وفي فريضة الحوار مع "الآخرين"..
ومع كل ذلك, فتجربتي مع الحوارات الدينية -وخاصة مع ممثلي النصرانية الغربية- تجربة سلبية لا تبعث علي رجاء آمال تذكر من وراء هذه الحوارات التي تقام لها الكثير من اللجان والمؤسسات, وتعقد لها الكثير من المؤتمرات والندوات واللقاءات.. ويُنفق عليها الكثير من الأموال..
ذلك أن كل هذه الحوارات التي دارت وتدور بين علماء الإسلام ومفكريه وبين ممثلي كنائس النصرانية الغربية قد افتقدت -ولا تزال مفتقدة- لأول وأبسط وأهم شرط من شروط أي حوار من الحوارات وهو شرط الاعتراف المتبادل والقبول المشترك بين أطراف الحوار.. فالحوار إنما يدور بين "الذات" وبين "الآخر" ومن ثم بين "الآخر" وبين "الذات", ففيه "إرسال" وفيه "استقبال" علي أمل التفاعل بين الطرفين.. فإذا دار الحوار -كما هو حاله الآن- بين طرف يعترف بالآخر, وآخر لا يعترف بمن "يحاوره", كان حوارًا مع "الذات", وليس مع "الآخر", ووقف عند "الإرسال" دون "الاستقبال", ومن ثم يكون شبيهًا في النتائج بحوار الطرشان!
إن الإسلام, والمؤمنين به يعترفون باليهودية والنصرانية كديانات سماوية أو رسالات وشرائع في الدين الإلهي الواحد, ويؤمنون بصدق جميع أنبيائها ورسلها, عليهم الصلاة والسلام, ويرون في أصول كتبها وحيًا إلهيًا أنزله الله علي هؤلاء الرسل والأنبياء, ويتعبدون ربهم بالصلاة والسلام علي موسي وأمه وعيسي وأمه, وسائر الأنبياء والمرسلين في بني إسرائيل.. ويرون في شرائع تلك الرسالات التي لم ينسخها التطور جزءا من الشريعة الإسلامية الخاتمة.
فهم -المسلمون- يعترفون بالآخرين, اعترافًا تقضي به العقيدة الدينية وسنة التعددية ويضعون اختلافاتهم معهم في إطار هذه السنة: سنة التعددية في الشرائع الدينية السماوية..
بل لقد أدخل المسلمون بعد الفتوحات الإسلامية العديد من الديانات "الوضعية" في فارس والهند والصين ضمن الديانات الكتابية, وقال بعض الفقهاء: لقد كانت لهذه الديانات كتب أتي عليها الضياع! فاعترفوا "دينيا".. وليس فقط "واقعيًا" بهذا الآخر الديني.. وطبقوا علي أممها وشعوبها قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" التي سنها رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم, منطلقين من سنته الأخري التي دعا فيها أمته إلي أن يسنوا في التعامل مع أهل هذه "الديانات" سنة التعامل مع أهل التوراة وأهل الإنجيل.
في الإسلام, الحوار ليس مجرد فضيلة, وإنما هو فريضة.. ذلك أن الإسلام يجعل التعددية, في كل ما عدا ومن عدا الذات الإلهية, قانونًا وسنة من سنن الله التي لا تبديل لها ولا تحويل..
فالناس الذين خلقهم الله, سبحانه وتعالي, من نفس واحدة قد جعلهم شعوبًا وقبائل )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) وجعل اختلافهم في الألسنة واللغات آية من آياته )وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم:22) .. فغدوا متعددين في القوميات.. ثم هو, سبحانه قد شاء لهم التعددية في المناهج, أي الحضارات والثقافات والعادات والتقاليد والأعراف.. وفي الشرائع, أي الملل والديانات {لىكيلَُ جّعّلًنّا مىنكيمً شىرًعّةٍ ¤ّمىنًهّاجٍا ¤ّلّوً شّاءّ َلَّهي لّجّعّلّكيمً أيمَّةٍ ¤ّاحىدّةٍ} [المائدة:48].. وقضت سنته, سبحانه وتعالي, أن يكون سعيهم شتي.. ولا يزالون مختلفين..
وحتي يتأيد عمل هذه السُّنة الإلهية, سنة التعددية في كل عوالم الخلق في الإنسان.. والحيوان.. والنبات.. والجماد.. والأفكار.. والأجرام.. دعا الإسلام إلي منهاج "التدافع", بدلا من "الصراع", في معالجة التناقضات التي تفرزها الحياة بين الفرقاء المتعددين.. ذلك أن الصراع يعني أن يصرع طرف الطرف الآخر, فيخرجه من الساحة, وبذلك, تنتفي التعددية, وينفرد المنتصر بالميدان بينما التدافع هو عبارة عن "حراك.. واستباق" يُعدّل الخلل الفاحش بين الفرقاء المختلفين, ليعيد العلاقة بينهم إلي مستوي التوازن الوسطي العادل.. وبذلك ينتفي سكون الموات بين الفرقاء المتعددين وتنجو التعددية من موات الصراع الذي يصرع به طرف غيره من الأطراف {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} [البقرة: 251], )وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) .
ولأن التعارف هو غاية التعددية.. ولأن الحوار هو سبيل هذا التعارف بين بني الإنسان.. كان الحوار فريضة من فرائض الإسلام.. والذين يقرأون القرآن الكريم يدركون دوره, ودور الحوارات المتعددة والمتنوعة المبثوثة في سوره وآياته, في صياغة "الروح الحوارية" عند الإنسان المسلم, تلك التي تجسدت في علاقات الإسلام وأمته وحضارته مع الآخرين.
تلك هي حقيقة الموقف الإسلامي -كما أومن به- في رؤية "الآخرين" وفي فريضة الحوار مع "الآخرين"..
ومع كل ذلك, فتجربتي مع الحوارات الدينية -وخاصة مع ممثلي النصرانية الغربية- تجربة سلبية لا تبعث علي رجاء آمال تذكر من وراء هذه الحوارات التي تقام لها الكثير من اللجان والمؤسسات, وتعقد لها الكثير من المؤتمرات والندوات واللقاءات.. ويُنفق عليها الكثير من الأموال..
ذلك أن كل هذه الحوارات التي دارت وتدور بين علماء الإسلام ومفكريه وبين ممثلي كنائس النصرانية الغربية قد افتقدت -ولا تزال مفتقدة- لأول وأبسط وأهم شرط من شروط أي حوار من الحوارات وهو شرط الاعتراف المتبادل والقبول المشترك بين أطراف الحوار.. فالحوار إنما يدور بين "الذات" وبين "الآخر" ومن ثم بين "الآخر" وبين "الذات", ففيه "إرسال" وفيه "استقبال" علي أمل التفاعل بين الطرفين.. فإذا دار الحوار -كما هو حاله الآن- بين طرف يعترف بالآخر, وآخر لا يعترف بمن "يحاوره", كان حوارًا مع "الذات", وليس مع "الآخر", ووقف عند "الإرسال" دون "الاستقبال", ومن ثم يكون شبيهًا في النتائج بحوار الطرشان!
إن الإسلام, والمؤمنين به يعترفون باليهودية والنصرانية كديانات سماوية أو رسالات وشرائع في الدين الإلهي الواحد, ويؤمنون بصدق جميع أنبيائها ورسلها, عليهم الصلاة والسلام, ويرون في أصول كتبها وحيًا إلهيًا أنزله الله علي هؤلاء الرسل والأنبياء, ويتعبدون ربهم بالصلاة والسلام علي موسي وأمه وعيسي وأمه, وسائر الأنبياء والمرسلين في بني إسرائيل.. ويرون في شرائع تلك الرسالات التي لم ينسخها التطور جزءا من الشريعة الإسلامية الخاتمة.
فهم -المسلمون- يعترفون بالآخرين, اعترافًا تقضي به العقيدة الدينية وسنة التعددية ويضعون اختلافاتهم معهم في إطار هذه السنة: سنة التعددية في الشرائع الدينية السماوية..
بل لقد أدخل المسلمون بعد الفتوحات الإسلامية العديد من الديانات "الوضعية" في فارس والهند والصين ضمن الديانات الكتابية, وقال بعض الفقهاء: لقد كانت لهذه الديانات كتب أتي عليها الضياع! فاعترفوا "دينيا".. وليس فقط "واقعيًا" بهذا الآخر الديني.. وطبقوا علي أممها وشعوبها قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" التي سنها رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم, منطلقين من سنته الأخري التي دعا فيها أمته إلي أن يسنوا في التعامل مع أهل هذه "الديانات" سنة التعامل مع أهل التوراة وأهل الإنجيل.