المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ## قــواريـر وحـكايات ..... من العـصـرالاسلامي والعصور الذهبيه##



$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:27 AM
http://www.hulchul.net/html/emoticons/bismgreen.gif

فكرة أعجبتني جدا ورسمتها في بالي وطبقتها

و أتوقع تكون ذات فائدة و مهمة جدا في زمن بحاجة

لمعرفة حكم و قصص الكثير من الشخصيات المهمة .

-------------------------

(( سوف يتخيل كل منا نفسه يجلس على شاطئ

البحر ويأتي في كل مرة ... ليلتقط قارورة وبها ورقة سرية ولا أعلم من

أين وإلى من؟؟ ... وهي تحمل عنوان العصر الذهبي

وأقصد به العصر الذي كان يحمل الكلمة ذات المعنى والمضمون .... و

الحكمة والموعظة من ذويها.))


مارأيكم أن نبدأ في ألتقاط القوارير من ذلك البحر الجميل في ذلك العصر

الذهبي في تاريخ أمتنا ..

عليه سأبدأ اليوم بقارورة ألتقطتها تحمل عنوان :


(( بـلا غــــة غـــــلام ))

هذه القارورة تقوووول :


حكى عن جعفر الصادق رضى الله عنه ان غلاما له وقف يصب الماء

على يديه فوقع الابريق في الطشت فطار الرشاش في وجهه فنظر اليه

الجعفر نظرة غضب.

فقال الغلام : الكاظمين الغيض .

قال جعفر : كظمت

قال : والعافين عن الناس

قال : عفوت

قال : والله يحب المحسنين

قال الصادق : اذهب فانت حر .....كانت بلاغتك سببا في اكرامك وعتقك


أتمنى منكم التواصل

وان يضع كل عضو منكم احبتي قصة ولو بسيطه

ذلك العصر الذهبي

دخل محمد بن علي بن حسين ،
على عمـر بن عبـد العـزيز ،
فقال له : أوصني :
فقال : أوصيك أن تتخذ صغار المسلمين ولداً ..
وأوسطهم أخاً .. وأكبرهم أبا ً ..
فارحم ولدك ..وصـل أخـاك ..وبـر أبـاك ..


السكران والحـيه ))جاء في كتاب "التوابين" لابن قدامة المقدسي ـ رحمه الله تعالى ـ

ما نصه :

عن يوسف بن الحسين ـ زاهد من العلماء ـ :

كنت مع ذي النون المصري على شاطئ غدير ، فنظرت إلى عقرب

أعظم ما يكون على شط الغدير واقفة.

فإذا بضفدع قد خرجت من الغدير ، فركبتها العقرب ، فجعلت الضفدع

تسبح حتى عبرت .

فقال ذو النون: إن لهذه العقرب لشأناً فامض بنا .

فجعلنا نقفوا أثرها، فإذا رجل نائم سكران، وإذا حية قد جاءت فصعدت

من ناحية سرته إلى صدره، وهي تطلب أذُنه، فاستحكمت العقرب من

الحية فضربتها، فانقلبت وانفسخت، ورجعت العقرب إلى الغدير، فجاءت

الضفدع فركبتها فعبرت !!!!

فحرك ذو النون الرجل النائم ففتح عينيه فقال ذو النون:

يا فتى ! أنظر مما نجاك الله: هذه العقرب جاءت فقتلت هذه الحية التي

أرادتك.

فأنشأ ذو النون يقول:

يا غافلاً والجليل يحرسـه

من كل سوء يدبّ في الظُلَم

كيف تنام العيــن عن ملك

تأتيك منه فوائـــــد النعـــم


فقال السكران بعد أن أفاق:

إلهي ! هذا فعلك بمن عصاك ،

فكيف رفقك بمن يطيعك.

يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:30 AM
قارورتي في هذا الصباح رأيت فيها هذا الموقف و

هذه المقولة :


قال الشوكاني في الضوء اللامع :

عوض رجل صالح كان يلازم مجلس الإملاء عند شيخنا ، وله فيه

حسن اعتقاد.

وتبدو منه أشياء ظريفة كقوله وقد غاب الزين رضوان المستملي

مرة : يا ابني يا أحمد اتخذ لك رضوانين أو ثلاثة ، وقال مرة وقد

قال له شيخنا: يا شيخ عوض ، فعل الله بمن سماني عوضاً ،

وذكر شيئاً مستقبحاً فقال له شيخنا بديهة : إنما سماك أبوك وأمك.

ومن ظرفه أنه قال وقد أعطاه الشهاب بن يعقوب شيئاً من النفقة

: يا سيدي يا أحمد إن شاء الله قاضي القضاة ، فقال له : يا شيخ

عوض ، لا يجيء مني هذا ، فقال : أما علمت يا بني أن الزمان

أخبث من هذا.

قال الربيع مولى الخليفة المنصور: ما رأيت رجلاً أربط جأشاً وأثبت جناناً من رجل سُعي به إلى المنصور بأن عنده ودائع وامولاً لبني أمية ، فأمرني بإحضاره فأحضرته إليه..قال له المنصور:قد رفع إلينا خبر الودائع والأموال التي عندك لبني أمية فأخرج لنا منها وأحضرها ولا تكتم شيئاً منها..؟!
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين أنت وراث بني أمية؟
المنصور : لا.
الرجل: فوصي لهم في أموالهم ورباعهم؟
المنصور:لا.
الرجل:فما مسألتك عما في يدي من ذلك؟

عندها أطرق المنصور وتفكر ساعة ثم رفع رأسه وقال:إن بني أمية ظلموا المسلمين وأنا وكيل المسلمين في حقوقهم وأريد أن آخذ ما ظلموا المسلمين فأجعله في أموالهم..
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين فتحتاج إلى إقامة بينة عادلة أن ما في يدي لبني أمية مما خانوه وظلموه , فإن بني أمية قد كانت لهم أموال غير أموال المسلمين..
فأطرق المنصور ساعة ثم رفع رأسه وقال: يا ربيع ما أرى الشيخ إلا قد صدق, وما يجب عليه شيء,وما يسعنا إلا أن نعفو عما قيل عنه.. ثم قال: هل لك من حاجة؟
قال الرجل : نعم, حاجتي يا أمير المؤمنين أن تجمع بيني وبين من سعى بي إليك فوالله الذي لا إله إلا هو ما في يدي لبني أمية مال ولا وديعة, ولكني لما مثلت بين يديك وسألتني عما سألتني عنه, قارنت بين القول الذي قلته الآن وبين القول الذي قلته أولاً, فرأيت ذلك أقرب إلى الخلاص والنجاة.
فقال المنصور: يا ربيع إجمع بينه وبين من سعى به.
فجمعت بينهما, فلما رآه.قال: هذا غلامي إختلس ثلاثة آلاف دينار من مالي وأبق مني وخاف من طلبي له فسعى بي عند أمير المؤمنين..
فشدد المنصور على الغلام وخوفه فأقر بأنه غلامه وأنه أخذ المال الذي ذكره وسعى به كذباً عليه وخوفاً من أن يقع في يده..فقال المنصور: سألتك أيها الشيخ أن تعفو عنه؟
فقال الرجل: قد عفوت عنه وأعتقته ووهبته الثلاثة آلاف التي أخذ وثلاثة آلاف اخرى
فقال المنصور: ما على ما فعلت من مزيد.
فقال الرجل : بلى يا أمير المؤمنين إن هذا كله لقليل في مقابلة كلامك لي وعفوك عني.
فقال المنصور: وهذه أعظم من التي قبلها, ما أجمل كلامك أيها الأعرابي وما أقوى حجتك ...وأمر له بصله



(حلمٌ وكرم في داهية العرب)

قيل إنه كان لعبدالله بن الزبير أرض قريبة لأرض معاوية بن أبي سفيان فيها عبيد ـ لمعاوية ـ يعمرونها ..فدخلوا في أرض عبدالله فكتب إلى معاوية : (أما بعد فإنه يا معاوية إن لم تمنع عبيدك من الدخول في أرضي و إلا كان لي ولك شأن)
فلما وقف معاوية على الكتاب دفعه إلى ابنه يزيد فلما قرأه قال له: ما ترى؟
قال: أرى أن تنفذ له جيشاً أوله عنده وآخره عندك يأتونك برأسه
فقال: يا بني عندي خير من ذلك على بداوة وقرطاس...وكتب: (وقفت على كتابك يا بن حوارى الرسول ـ اللهم صلي وسلم عليه ـ وساءني ما ساءك , والدنيا هينة عندي في جنب رضاك , وقد كتبت على نفسي رقماً بالأرض والعبيد وأشهدت عليّ فيه و لتضف الأرض إلى أرضك والعبيد إلى عبيدك والسلام)
فلما وقف عبدالله بن الزبير على كتاب معاوية كتب إليه: (وقفت على كتاب أمير المؤمنين فلا عدم الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل والسلام)
فلما قرأه معاوية رماه إلى ابنه يزيد,فلما قرأه وأسفر وجهه فقال:يا بني إذا رُميت بهذا الداء فداوه بهذا الدواء(حلمٌ وكرم)



نعود بكم اليوم مئة وخمسين سنة إلى الوراء. نعود إلى إحدى إمارات الدولة العثمانية، حيث ولد شيخنا، في عام 1862، في عائلة فقيرة. توفّي والده عندما كان بطلا ابن ستة عشر ربيعا، فأوكلت ترتبيته لأحد شيوخ الدين في بلده. فنشأ على الدين والشجاعة. كان من التزامه، أنه حفظ القرآن، وكان يختمه كل سبعة أيام. حتى في أشد الظروف وأقساها لم يترك شيخنا الجليل هذه العادة. وكان رحمه الله لا ينام من الليل أكثر من ثلاث ساعات، ثم يقوم بعدها، فيتوضئ، ويمسك القرآن، ويظل يتلوه حتى الفجر.

أما شجاعته، فكانت مضرب الأمثال. حيث خرج مرة مع قافلة تجارية إلى السودان، وكان في طريق القوافل أسد يخشاه الناس، فكانوا يلقون إليه كل مرة بأهزل ناقلة ليأكلها الأسد فلا يهاجم القافلة. لكن بطلنا أبى أن يدفع "الجزية" لحيوان، فحمل بندقيته، وامتطى جواده، ورجع برأس الأسد. ثم أوكل إليه وهو في العشرينات من عمره، مهمة الإصلاح بين القبائل. وفي الثلاثينات من عمره، حارب الفرنسيين، أما في الأربعينات فحارب الإنجليز، وحارب وهو في الخمسينات من عمره الإيطاليين، وكانت الستينات من عمره هي قمة جهاده، حيث قاد الجهاد المسلح ضد الإيطاليين، إلى أن قبض عليه وأعدم أمام أهل بلده في عام 1931 وهو في السبعينات.

كان رحمه الله عال الخلق، رصين المنطق، متزن الكلام، قادر على جذب من يستمع إليه. وكانت هذه الصفات القيادية هي التي ساعدته على التأليف بين القبال، وتجييش الجيوش، لنصرة دين الحق ودفع العدوان عن الوطن.

وتفاديا لقوة ضرباته، عرضت عليه إيطاليا الكثير من الأموال والمناصب، أملا في أن يضع سلاحه ويخضع لهم. لكن رفضه كان الجواب الدائم، فكان يقول: "إنني لم أكن لقمة طائبة يسهل بلعها على من يريد، ومهما حاول أحد أن يغير من عقيدتي ورأي واتجاهي فإن الله سيخيّبه". كما عرضت عليه إيطاليا أن يغادر بلده، ويعيش في بلد قريب مع راتب دائم يكفيه، لكنه أجاب بكل حزم: "لا أغادر هذا الوطن حتى ألاقي وجه ربي. والموت أقرب إلي من كل شيء، فإني أترقبه بالدقيقة".

كان رحمه الله شديد الثقة بربه، راضيا بقضاءه، متوكل عليه حق التوكل. وكان يرى الجهاد واجبا عليه وعلى كل مسلم قادر، فالوطن تحت العدوان، ودفع العدوان واجب على أهل الوطن. فعندما سأله قائد قوات العدو عن سبب مقاومته، وعن النتائج التي كان يرجوها من هذه المقاومة، أجاب: أنه حارب من أجل دينه ووطنه، وأنه ما كان يسعى لشيء سوى طردهم من بلاده لأنهم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض عليهم وما النصر إلا من عند الله. وكان يرفض المفاوضات مع المحتل، ويقول: "نحن لا حاجة لنا إلا مقاتلة أعداء الله والوطن". وكان يدعوا الله دوما أن يرزقه الشهادة في سبيل قضيته، وهذا ما ناله رحمه الله.

بهذه الأخلاق، نال بطلنا إعجاب الجميع حتى أعداءه. فيقول عنه قائد قوات العدو: "وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر, وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح. وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد, فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء, وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يدين كانت مكبلة بالحديد."

وفي مواجهة الفتن الداخلية التي كانت تعصف بالمجاهدين، يظهر حزم شيخنا الجليل ومدى إيمانه بقضيته. فعندما تحرّكت جماعات من أهل بلده تدعوه للاستسلام للإيطاليين حتى تتوقف الحرب، أخرج البطل الشهيد مصحفه، وأقسم أنه لن يتوقف عن مقاتلة الغزاة المحتلين حتى لو قاتلهم لوحده إلى أن يتحقق النصر أو أن يسقط شهيدا في سبيل الله. فاجتمع الناس من حوله من جديد، واستمرت ضربات المقاومة الموجعة تنهك الجيش الإيطالي الذي ظن أنه ذاهب في رحلة نزهة وأن بلاد المسلمين ستكون لقمة سائغة له.

لقد هز خبر إعدامه واستشهاده الوطن الإسلامي بأسره. فلم يكن شيخنا الجليل بطلا قوميا، وإنما كان مجاهدا ضد أعداء الله، يُقْتَدَى بأثره في جميع البلاد الإسلامية. وجادت قرائح الشعراء في رثاءه. وهذه مختارات من قصائد رثاءه:

قال فيه أمير الشعراء أحمد شوقي:

خُيَّرْتَ فاخترت المبيت على الطوى * * * لم تَبْـِن جـاهاً أو تَلُمَّ ثـراء
أن البطولة أن تـموت من الظما * * * ليس البطـولة أن تعبّ المـاء
أفريقيا مهـد الأسـود و لـحدها * * * ضجت عليك أراجـلاً ونسـاء
والمسلمون على اختلاف ديارهم * * * لا يملكون مع المصاب عزاء

وقال فيه شاعر القطرين خليل مطران:

أَبَيْتَ والسيفُ يعلو الرأسَ تسليماً * * * وَجُدْتَ بالروح جود الحر إن ضيما
تُذَكِّرُ العـرب والأحـداث مُنْسِيَةٌ * * * ما كان، إذ ملكوا الدنيـا لهم خيما
لله يا عمـر المختـار حكمتـه * * * في أن تلاقي ما لاقيـت مظلـوما

أما أمير القوافي معروف الرصافي فقد قال فيه:

ألا انهض وشمر أيها الشرق للحـرب * * * وقبل غرار السيف واسل هوى الكتـب
ولا تغتـرر أن قيـل عصـر تـمـدن * * * فإن الذي قـالوه من أكـذب الكـذب
ألست تراهم بين مصـر وتـونــس * * * أبـاحوا حمى الإسلام بالقتل والنهـب
وما يؤخذ الطليان بالذنب وحدهم ولكن * * * جمـيـع الـغـرب يـؤخـذ بالذنـب

ونختم بأبيات شاعر الشباب محمود بورقيبة:

مضى عمـر المختـار لله رافـلاً * * * بثـوبٍ نقي حيك من خالـص الطهـر
مضى عمـر المختـار لله بعدما * * * قضى الواجب الأسمى بأعلى ذرى الفخر
مضى عمـر المختـار لله هـانئاً * * * سعيـداً شهيـداً وانطوت صفحة العمر
مـخلفـةً للعـالـميـن مـآثـراً * * * هي الغـرر البيضـاء في جبهة الدهـر
ومن دمـه المسفـوك سطر آيـة * * * سيحـفظـهـا التاريخ بالحمد والشكر

ذلك هو عمر المختار، الشيخ الجليل الذي دفن جسده تحت الثرى، لكنّ ذكراه لم تدفن. سطر بدمه أورع قصص البطولة، فصار علما من أعلام الجهاد، وقدوة لمن أراد أن يعيش عزيزا في زمن الخضوع.

انتهت رحلتنا لهذا اليوم، بعد أن تعلمنا درسا في الشجاعة من شيخ جليل.

يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:33 AM
لا زلنا ننهل من سير رجال عظماء، شروا الدنيا بالآخرة، حين آمنوا بالنبي الأمي الذي بعث بمكة، وآزروه وناصروه وهاجروا معه إلى المدينة، حيث استقبلهم إخوان لهم في الدين أجمل استقبل، ورحبوا بهم كأعظم ما يكون الترحيب، فشاركوهم بأموالهم، ودورهم، حتى أن بعضهم عرض أن يطلق زوجته ليتزوجها أخاه المهاجر.

نعود اليوم إلى المدينة، لنرى ونقرأ بعين العبرة، قصة أحد هؤلاء النبلاء، الذين لم تتغير طباعهم بتغير مناصبهم. ولم تشغلهم الدنيا عن فعل الخير، بل لم تعمِ أعينهم السلطة، ولا ما بأيديهم من قوة.

فبطل قصتنا يخرج كل صباح بعد صلاة الفجر، ويمشي حتى يصل إلى أطراف المدينة، فيدخل بيتا هناك، ولا يخرج إلا بعد ساعات، فيجلس للناس ليقوم بالأمانة التي تحملها، ويؤدي دوره على أكمل وجه، فقد كان أول خليفة للمسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أثار فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه شيئا في نفس عمر بن الخطاب رضوان الله عليه. فقرر أن يتبعه، ويعرف خبر هذا البيت. وبعد أن فرغ الصديق من صلاته، وانطلق في طريقه، تبعه صاحبه ليعلم خبره. فدخل الصديق الدار، وما أن خرج منها حتى دخلها الفاروق.

وتفاجأ عمر عندما رأى دارا بسيطة نظيفة، وعجوزا ضريرة تجلس فيها وحيدة، طعامها جاهز أمامها. فسألها عن خبر الرجل الذي كان عندها فقالت: لا أعلم يا بني فهذا الرجل يأتي كل صباح فينظف البيت ويكنسه ثم يعدّ لي الطعام وينصرف. فجثم عمر على ركبتيه وأجهشته عيناه بالدموع وهو يقول: "لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر".

نعم لقد أتعبهم!! فكيف يقوى على هذا وهو الخليفة الذي يدير دولة تحيط بها المخاطر من كل ناحية!! من أين له الوقت الكافي لهذا وهو الرجل الذي يجلس للقضاء، ويأمر بالعدل، وينظم مصارف الزكاة!! كيف فكر بهذا وحروب الردة وأمر جيوش الشام والعراق تشغل باله!! نعم لقد أتعبهم باهتمامه حتى بالصغائر من شؤون المسلمين من رعيّته.

لقد كان هذا أمر الخليفة الراشد الأول، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعلى ذلك سار خلفه، عمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أجمعين. وهذا ما نتمنى أن نراه فيمن يتولى أمر المسلمين اليوم، فتعود الخلافة الراشدة التي بشرنا الرسول الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم، بعودتها حين قال: "‏تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا ‏فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا ‏جبرية ‏فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة.


نحن الآن واقفون على مقربة من جيش عظيم، جيش يتكون من إنس وجن ووحوش وطيور، إنه جيش سليمان عليه السلام، أعظم ملوك الأرض، حيث استجاب له رب العزة جل جلاله حين سأله: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي) فسخر الله له أمورا لم يسخرها لأحد من قبله ولا من بعده. فصار سليمان بن داود عليهما السلام نبيا لبني إسرائيل وملكا عليهم، ليكون عهده العصر الذهبي لبني إسرائيل.

نرى سليمان عليه السلام يتفقد الجيش بعيون القائد العارف بكل صغيرة وكبيرة في جيشه. وفجأة، يغضب سليمان عليه السلام. غَضِبَ غَضَباً شديدا، لقد أحس باختفاء "الهدهد"، أحس باختفاء هذا الطير الصغير من بين هذه الآلاف من الأصناف المختلفة من المخلوقات.

أحس باختفائه، لأنه القائد الحكيم الذي يعرف كيف ينظم جيشه، ويعرف كيف يوجههم ويراقبهم. أما غضبه، فكان لخروج هذا الجندي من غير إذن، ولا تهزم الجيوش إلا عند مخالفتهم أوامر قائدهم، أو عندما يتصرفون انطلاقا من أهوائهم. وعزم سليمان عليه السلام على معاقبة هذا الجندي العاصي عقابا شديدا قد يصل إلى الإعدام ليكون عبرة لغيره، فيلتزم الجنود بأوامر قائدهم، ويظل الجيش متماسكا. أو أن يأتي هذا الجندي بعذر قوي ينجيه من هذه العقوبة.

ولم يطل انتظار سليمان عليه السلام. فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عنه وقال: علمت بأمر لا تعلمه أنت، وجئت بأخبار أكيدة من مملكة سبأ -انظر كيف يخاطب هذا الهدهد أعظم ملك في الأرض، بلا إحساس بالذل أو المهانة، وهذه هي الروح التي يجب أن يتحلى بها القائد في تعامله من أتباعه، يجب أن يزرع فيهم احترامه وحبه، لكن من غير خوف وذل ومهانة- واستمر الهدهد في حديث قائلا: إني وجدت امرأة تحكمهم وأعطاها الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها أشياء كثيرة ولها كرسي ضخم جدا تجلس عليه للحكم مرصّع بالجواهر وهم يعبدون الشمس فقد أضلهم الشيطان وزين لهم السجود للشمس وترك الله سبحانه وتعالى.

لنتوقف هنا قليلا.. ما الذي دفع الهدهد للسفر من بلاد الشام لليمن؟! ما الأمر المميز في مملكة سبأ والذي جعل الهدهد يخرج من غير إذن سليمان مع أن عقوبة فعلته هذه هي الموت؟! ما الذي جعل الهدهد يتكلم بكل ثقة مع سليمان عن مملكة سبأ؟!

أما ما دفع الهدهد لقطع هذه المسافة الطويلة جدا من فلسطين لليمن فهو: روح المبادرة وإيجاد الدور المناسب له. لم يكتف الهدهد بأن يكون جنديا عاديا في جيش سليمان، خصوصا وأن الجيش يضم الجن والشياطين والإنس والوحوش، فما هو الهدهد بجانب هذه المخلوقات!! إن قوته لا تساوي جزء من مئة جزء من قوة أحدهم. لذا، دفعته روح "المبادرة" للبحث عن "دور" مهم يناسبه ويكون قادرا على تنفيذه على أتم وجه.

نأتي للأمر المميز في مملكة سبأ.. إن جنود سليمان عليه السلام على علم تام بهدف سليمان في الأرض، إن هدفه نشر دين الله، وإعلاء كلمته، وتحطيم كل ما يُعْبَد سواه. هذا "الوضوح في الهدف" سَهَّـل على الجنود تحديد الأدوار التي تناسبهم. فالجن على سبيل المثال يصنعون الأسلحة والمعدات اللازمة لقتال أعداء الله، والإنس يتولون مهمة إخضاع الأعداء بالقوة، أما الهدهد فرأى أن الدور الذي يناسبه هو: البحث عن أعداء الله وإعلام سليمان بهم.

وهذا الوضوح في الهدف هو أيضا ما جعل الهدهد يتكلم بثقة مع سليمان غير مكترث لعقاب أو قتل، فهو يعلم أن ما قام به سيساعد سليمان على تحقيق هدفه وبالتالي فلن يعاقبه.

لنعد لنبينا الكريم سليمان عليه السلام، ولننظر ماذا فعل. لقد تصرف سليمان عليه السلام بحكمته المعروفه، وهي حكمة القائد الذي استحق أن يهبه الله ملكا ليس لأحد من قبله أو بعده.

لم يتسرع سليمان بتجهيز الجيش، وهو القادر على سحق مملكة سبأ برمشة عين. وإنما أراد أولا التأكد من صدق الأنباء التي نقلها إليه هذا الجندي. فأمره بنقل كتابه لملكتهم، وأن يرجع ليخبره بما حدث.

وتستمر أحداث القصة، التي انتهت بإسلام ملكة سبأ من غير قتال، وتبعها قومها في ذلك.

أحب الإشارة هنا إلى عدة أمور، منها ما يتعلق بسليمان عليه السلام، ومنها ما يتعلق بالهدهد.

أما ما يتعلق بسليمان عليه السلام فهو:

1/علم سليمان عليه السلام بكل صغيرة وكبيرة في جيشه، ودقة ترتيبه وتقسيمه له. ويتضح ذلك من اكتشافه غياب الهدهد مع أنه طير صغير.

2/تفقد الجيش بشكل دقيق للتأكد من جاهزيته. ويتضح ذلك من مروره على الجيش بعد جمعهم لمعرفة الحاضر من الغائب.

3/حرص سليمان عليه السلام بتقيد جيشه بأوامره، وأهمية استئذان القائد قبل القيام بأي أمر. ويتضح ذلك من غضب سليمان عليه السلام لغياب الهدهد دون استئذان أو أمر.

4/سماع المذنب قبل تنفيذ الحكم به. ويتضح ذلك من سماع سليمان عليه السلام حجة غياب الهدهد.

5/التأكد من صحة الأخبار قبل اتخاذ أي قرار مصيري. ويتضح ذلك من إرسال رسالة مع الهدهد لملكة سبأ وأمره بأن يعود ويخبره بما حدث.

6/وضوح هدف سليمان عليه السلام لدى أتباعه. ويتضح ذلك مما قام به الهدهد من بحث عن أناس لا يعبدون الله ليخبر سليمان عنهم.

أما ما يتعلق بالهدهد فهو:

1/ روح المبادرة. ويتضح ذلك من قيام الهدهد من نفسه بالبحث عن أناس لا يؤمنون بالله، دون أن يطلب منه أحد ذلك.

2/ البحث عن دور. ويتضح ذلك من اختيار الهدهد لنفسه دور الدليل والمستكشف لأنه أنسب له من أن يكون مقاتلا في جيش سليمان عليه السلام.

أتتني هذه الخواطر وأنا أقرأ قصة نبي الله سليمان عليه السلام، فأحببت أن أشارككم بها. فإن أحسنت فمن الله، وإن أسأت فمن نفسي ومن الشيطان.


يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:35 AM
مرحبا بكم في رحلة جديدة. رحلة نرحل بها إلى بلاد الشام. بلاد الشام التي كانت عاصمة الدنيا في يوم من الأيام. عاصمة السياسة، والعلم، والدين، والفن، والأدب، والعمارة. عاصمة الخلافة التي حكمت ثلث المعمورة، فنشرت الدين في الشرق والغرب.

والشام كغيرها من البلاد، فيها الصالح وفيها الطالح. فيها العابد وفيها اللاهي. فيها الشريف وفيها الوضيع. فيها الأمين وفيها اللص. فكان في المدينة عباد ترى نور الإيمان في وجوههم، وفي الجبال قطاع طرق ولصوص.

خرج أحد الصالحين ذات يوم. خرج متوكلا على الله في رحلته، متأملا خلقه وحكمته في كونه، داعيا ربه أن ييسر له طريقه. وبينما هو يمشي إذ خرج عليه لصٌّ في إحدى الطرق. وأخرج اللص سلاحه ليقتل هذا الرجل الصالح.

فطلب الرجل مهلة ليصلي ركعتين. وهذا دأب من يحب الله. إنه لا ينسى الله لا في الرخاء ولا في الشدة. ويحب أن يلقاه بالعمل الصالح حتى في آخر لحظات حياته. فوافق اللص، فلن يضره أن يأخّر قلته عدة دقائق.

فقام الرجل وافتتح الصلاة، وتذكر قول الله تعالى: ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ))، فرددها ثلاثا: ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ))، ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ))، ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)).

إنه الله. إن الله أكرم من أن يرد المضطر إذا دعاه. إنه من يسر عندما يلجأ عبده إليه، في حين يضيق ابن آدم بذلك. إنه الله الأرحم بالعبد من الأم بوليدها.

إنه الله القائل: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)). إنه المنزل في كتابه الكريم: ((وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ)). إنه الآمر عباده: ((وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)). إنه سبحانه القائل: ((ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)). إنه الله صاحب الأسماء الحسنى: ((وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)). إنه الله منزل هذا الدين: ((فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)). إنه الله ربنا وربكم ورب آبائنا الأولين: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)). إنه الله رب العالمين: ((هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).

وهل بعد هذه الوعود أي شك في الوفاء؟! بالطبع لا. وقد وفى الله بها. فنزل مَلَك من السماء بحربة فقتل المجرم، وقال: أنا رسول من يجيب المضطر إذا دعاه.

فسبحان الله. سبحان من يفرّج عن عبده حين تضيق به السبل. سبحان الله الذي استجاب لعبد وحيد ضعيف مضطر في الطريق رفع يديه سائلا من الله النصر والعون.

إنه معنى نغفل عنه كثيرا في حياتنا. إن كل شيء بيد الله الذي لا يعجزه شيء. ودعاء الله مفتاح لخير كثير، ونصر قريب، وفرج من بعد عسر، وعافية من بعد ابتلاء، ودوام فضل وعافية.

مضى الرجل في طريقه. سالما آمنا، متوكلا على مولاه الذي نجاه، بعد أن أوشك أن يكون هذا اليوم هو آخر يوم في حياته.


رحلتنا اليوم تعود بنا لزمن البطولات، لعهد عمر الفاروق، الخليفة القوي العادل، الذي فتح المسلمون في عهده بيت المقدس -أعادها الله للمسلمين، وطهرها من اليهود الأنجاس- كما فتح المسلمون فارس، حين كانت إحدى دولتين حكمتا العالم، وذلتا العرب قبل أن يعزهم الإسلام، وينير الله أبصارهم بدينه.


دخل الإسلام فارس، لينيرها بعد أن ظلت عصورا في ظلام الأكاسرة، يحكمونها ويتمتعون بخيراتها. يسكنون القصور، ويلبسون الذهب والحرير، وإذا بطشوا في الأرض بطشوا جبارين. فذهب ملكهم، وجمعت أموالهم، حتى وضعت أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد.


رحلتنا اليوم، تعود بنا لمعركة القادسية، فقد كانت الباب الذي دخل منه المسلمون لفارس فاتحين. وكانت هذه المعركة بقيادة الصحابي الجليل، والقائد المحنك، سعد بن أبي وقاص.


كنا جلوسا عند سعد وهو يخطط للمعركة في خيمته، ويحدد حاملي الألوية، ومن ينوبهم. وإذ برسول أمير المؤمنين عمر، يدخل علينا ويسلّم سعدا رسالة مختومة. ففتحها سعد فكان فيها: إن قدم عليك أبو محجن الثقفي فاحبسه. كان هذا أمر أمير المؤمين لسعد. ولم تمض فترة طويلة، حتى وصل أبو محجن ودخل علينا. فسلم، وطلب من سعد أن يسمح له بالمشاركة في القتال. فرفض سعد طلبه وقال: لقد أمرني عمر بحسبك، ولا أستطيع مخالفة أمر الخليفة. فرد أبو محجن وقد ارتسمت الدهشة على وجهه: لكنني جئت للجهاد، والمسلمون بحاجة لكل فرد لمواجهة أعداء الله، فهم يفوقوننا عددا وعدة!! فأجاب سعد بحزم: إنه أمْر أمير المؤمنين. وأمَرَ الجند بحبسه.


وحمى وطيس المعركة، وأصاب سعدا وجع في بطنه، فلم يستطع أن يشارك، فأخذ يرقب المعركة من بعيد. واشتد هجوم الفرس على المسلمين. ثم رأينا فارسا ينظم لجيش المسلمين، ويتقدم نحو الفرس، فبدأت الرؤوس تتطاير من حد سيفه. فتشجع المسلمون، وأقدموا على الموت، يرجون جنة عرضها السموات والأرض. فقال سعد متعجبا: من ذلك الفارس؟ لولا أن أبا محجن في السجن لظننت أن هذا الفارس هو أبو محجن. وقبل انتهاء المعركة، انسحب الفارس من حيث أتى. ثم كان النصر للمسلمين.


فأخذ سعد يسأل عن هذا البطل، حتى علم أنه أبو محجن، فسأله: كيف هربت من حبسك؟


فأجاب: عندما سمعت بشدة بأس الفرس في القتال، لم تطاوعني نفسي بالجلوس في الحبس وأخوتي ينالون الشهادة هناك في ساح الوغى، وما بيني وبينهم إلا عدة خطوات، وتحول القيود بيني وبين الانضمام إليهم. فطلبت من زوجتك سلمى أن تفك قيودي، فأبت، فعاهدتها أن أعود لحالي في السجن إن سلمني الله، أما إن استشهدت فلا تبعة علي. فوافقت وأعطتني فرسك. فرأيت ما كان.


يا لهذه الهمة، ويا لهذه الشجاعة. لقد كان آمنا في سجنه، بعيدا عن أسنة الرماح وحد السيوف، لكنه أبى إلا أن يقاتل جنبا لجنب مع أخوته، فإن نالهم خير كان معهم، وإن أصابهم مكروه كان منهم. بهذه الهمم ساد هذا الدين، وسقطت مملكتا فارس وهرقل. بهذه الروح امتد الإسلام من حدود الصين للمحيط الأطلسي. ساد برجال شروا الدنيا بالآخرة. فسطروا بدمائهم أروع البطولات.


بعد أن سمعنا قصته، سأله سعد: ولم أمر الخليفة بحبسك؟ فقال: كنت صاحب شراب في الجاهلية، وأنا امرؤ شاعر يدب الشعر على لساني فينفثه أحيانا، فحبسني لأني قلت:


إذا مـت فـادفني إلـى جـنب كرمـة * * * تـروي عظـامي بعـد مـوتي عروقها
ولا تــدفنني فــي الفــلاة فـإنني * * * أخــاف إذا مـا مـت أن لا أذوقهـا


فقال له سعد: اذهب فلست مؤاخذك بشيء حتى تفعله، فقال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبدا.


هجر فارسنا الخمرة فلم يعد يشربها. توفي غازيا في نواحي أذربيجان. ضاربا مثلا يستحق أن يكتب بماء الذهب في شجاعته، وشدة بأسه في القتال. وفي وفاءه بعهده لامرأة. فبعد أن نال حريته، عاد وقيد نفسه، موفيا بعهد قطعه لسلمى زوجة سعد.


نعود معكم اليوم إلى المدينة المنورة. حيث نقرأ بعين العبرة قصص قوم كرام عاشوا هناك. تربوا على يدي خير البشر، محمد صلوات الله وسلامه عليه. ثم انطلقوا منها لنشر النور، وإزالة الضلال والظلم والطغيان. ولم يتوقف مدّهم بانتقال قائدهم إلى الرفيق الأعلى. فالرجال يذهبون، لكن الدين باقٍ. فتتابع على الخلافة رجال أقاموا الدين والدنيا معا. فطبقوا الشريعة كما ورثوها من محمد صلى الله عليه وسلم. وسادوا الدنيا فحطموا عروش الطغيان.

نقف الآن بباب أحد هؤلاء الخلفاء. رجل تهابه الملوك، وتخفق عند ذكر اسمه قلوب أشد الفرسان. فقد رُئِيَ يمشي يوما، وصحبه يمشون خلفه بمسافة ليست بالقصيرة. فتوقفت والتفت إليهم وسألهم: لم أنتم مبتعدون؟! فأجابوا: خوفا منك يا أمير المؤمنين. فسألهم: أمن جَوْر هو؟ فأجابوا: لا. فقال: زادني الله رهبة في قلوبكم.

فمع عدله، كان الرجال يهابونه. فهو الرجل القوي، عظيم البنية، الحازم في أمره، الذي لا تأخذه الرأفة في الدين، فيطبق الشرع حتى إن كان على نفسه. أما قبل إسلامه، دعا رسولنا الكريم فقال: اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين. فدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الإسلام. وأصبح درعا منيعا من أدرعه.

هذا هو عمر الذي سقط مُلك فارس في عهده، وجُمعت له كنوز كسرى. هذا هو عمر الذي سماه الرسول الكريم "الفاروق" لأنه يفرق بين الحق والباطل. هذا هو عمر الذي نزل القرآن مؤيدا لرأيه في أربعة عشر موقفا. هذا هو عمر الذي الخليفة الذي تهابه الملوك. هذا هو عمر الرجل الذي يرتعد منه الفرسان.

ولكن، من هو عمر في بيته؟! نقف الآن أمام بيته المتواضع. بيت من طين. فنسمع صوت امرأة يعلوا في الدار. ونرى أعرابيا قادما من بعيد. تعلوا على وجهه علامات الغضب. وصل إلى الدار فألقى التحية علينا. ثم وقف أمام الباب يستعد لطرقه. لكنه ما لبث أن ولى الدار ظهره، يهم بالانصراف. فسألته: ما بالك يا رجل؟! لمَ تريد الانصراف مع أنك لم تر أمير المؤمنين بعد؟!. فأجاب: يا هذا، ألا تسمع امرأته تصرخ عليه وهو ساكت. إن كان هذا حال أمير المؤمين، فكيف حالي؟

فأحس عمر بنا فخرج. فهمّ الأعرابي بالانصراف. فقال له عمر: ما حاجتك يا أخا العرب؟ فقال الأعرابي:‏ ‏ قد وقعت على حاجتي. فأقسم عليه عمر إلا أن يقول. فقال الأعرابي: يا أمير المؤمنين، جئت إليك أشكو خـُلق زوجتي، واستطالتها عليّ، فرأيت عندك ما زهـَّدني، إذ كان ما عندك أكثر مما عندي، فهممت بالرجوع، وأنا أقول:‏‏ إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف حالي؟

فتبسم عمر وقال:‏ يا أخا الإسلام، إني أحتملها لحقوق لها عليّ، إنها طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، مرضعة لأولادي، غاسلة لثيابي، وبقدر صبري عليها، يكون ثوابي.

ونعم الرجل عمر. فهكذا يكون الرجل مع زوجته. فبالرغم من قوة عمر وسلطته، إلا أنه كان رفيقا بزوجه، يحتمل صراخها، ولا يبادلها بمثله. فأين رجال اليوم منه. أين الذي يظهرون قوتهم على نساءهم بمجرد أن يرفعن أصواتهن أو حتى إن طالبن بشيء من حقوقهن، أين هم من عمر.

إن عمر لم يأت بشيء من عنده. فعمر تربى في مدرسة الرسول الكريم، محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم. وهذا كان خلق هذا النبي العظيم. فقد كان يأنس بأهله ويأنسوا به. وقد وصّانا بهذا فقال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم".

فمن منا يرضى أن يكون لئيما؟!!

يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:45 AM
رحلنا اليوم لبيت من طين، تعيش فيه امرأة مع زوجها حياة فقر قاسية، بعد أن كانا يتقلبان في النعيم، في قصر يضاهي قصر الملك في حجمه وفخامته. لم تتغير حياة هذه المرأة من مصيبة أودت مالهم، وعصابة سلبتهم إياه. وإنما تنازل زوجها عن كل ما يملك، وأعاده لبيت مال المسلمين، طلبا في رضى الله، وسعيا لنيل جنته.

اجتمع لهذه المرأة ما لم يجتمع لامرأة غيرها في التاريخ، فهي ابنة ملك، وزوجة ملك، وأخت لأربعة ملك. عاصرت خلفاء ستة حكموا من بلاد الأفغان إلى المحيط الأطلسي، فكانوا سادة الدنيا في عصرهم، وهي إحدى نسائهم المقربات.

تربت في قصر الخليفة عبد الملك بن مروان، عاشت حياة نعيم، لا يرد لها طلب. ثم خرجت من بيت أبيها لبيت زوجها الأمير عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، سليل العز والشرف، وعاشت في قصره، حياة يملأها الحب والتفاهم والسعادة.

لكن كل شيء تغير بين عشية وضحاها. ففي صباح أحد الأيام، اشتد المرض بأخيها سليمان بن عبد الملك، وأحس الجميع بأن الموت قد شارفه، فطلب مستشاره رجاء بن حيوة الاختلاء به. ثم خرج المستشار ومعه الفجيعة والبشارة. الفجيعة بنعي أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك، والبشارة بتسمية عمر بن عبد العزيز أميرا للمؤمنين، ومن بعده يزيد بن عبد الملك.

فتغيرت حياة عمر بن عبد العزيز ومعه زوجته فاطمة بنت عبد الملك منذ تلك اللحظة. تحول هذا الشاب المتمتع في الملهيات الحلال، إلى زاهد في الدنيا وما عليها، يبذلها لله تعالى ليدخله الله جنة عرضها السماوات والأرض. فدخل الخليفة الجديد بيته بعد ثلاثة أيام من توليه الخلافة، والتعب قد أنهكه، والسهر على مصالح الرعية.

"وقال لها: يا فاطمة، قد نزل بي هذا الأمر، وحملت أثقل حمل، وسأسأل عن القاصي والداني من أمة محمد، ولن تدع هذه المهمة فضلة من نفسي ولا من وقتي أقوم بها بحقك علي، ولم تبق لي أرباً في النسا، وأنا لا أريد فراقك، ولا أوثر في الدنيا أحدا عليك، ولكني لا أريد ظلمك، وأخشى ألا تصبري على ما اخترته لنفسي من ألوان العيش، فإن شئت سيرتك إلى دار أبيك..
قالت: وماذا أنت صانع؟
قال: إن هذه الأموال التي تحت أيدينا وتحت أيدي إخوتك وأقربائك قد أخذت كلها من أموال المسلمين، وقد عزمت على نزعها منهم وردها إلى المسلمين، وأنا بادئ بنفسي، ولن أستبقي إلا قطعة أرض لي، اشتريتها من كسبي، وسأعيش منها وحدها، فإن كنت لا تصبرين على الضيق بعد السعة، فالحقي بدار أبيك!
قالت: وما الذي حملك على هذا؟
قال: يا فاطمة، إن لي نفساً تواقة، ما نالت شيئا إلا اشتهت ما هو خير منه، اشتهيت الإمارة فلما نلتها اشتهيت الخلافة، فلما نلتها اشتهيت ما هو خير منها، وهو الجنة!
قالت: اصنع ما تراه، فأنا معك، وما كنت لأصاحبك في النعيم، وأدعك في الضيق، وأنا راضية بما ترضى به." (من كتاب قصص من التاريخ، للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله).

الله أكبر، يا لنفسيهما الكبيرتين، اللتان فضلتا العيش بضيق الدنيا لنيل سعة الآخرة. فاطمة سليلة الخلفاء ترضى بحياة الفقر، لأن زوجها رضي بها، ورآها الطريق للجنة. يا ترى، كم امرأة سترضى العيش مع زوجها إن قرر التخلي عن كل ما يملك. كم امرأة سترضى العيش في الفقر بعد الغنى، في الضيق بعد السعة. تقوم بنفسها بعجن الطحين، وخبز الخبز، ويقوم زوجها بوضع الطين في ثقوب الحائط، بعد أن كان الخدم يقومون بكل أمور البيت. كم امرأة سترضى أن تستبدل قصرها، بدار من طين متوارية خلف المسجد لا تملأ عين الناظرين.

إلا أن هذه المرأة، رأت أن وقوفها مع زوجها سيقويه وسيشد من أزره، فآثرت أن تبقى معه على أن تعود لقصر أبيها. إنه اختبار كبير لصبر هذه المرأة، وقد نجحت في الاختبار. لم يبقى لها من أيام النعيم إلا بعض الجواهر، فرآها مرة عمر، فقال لها إن هذه الجواهر قد أخذت من بيت مال المسلمين ويجب أن ترد، فردتهم. وبعد أن تولى أخوها يزيد الخلافة رد عليها حليها، فقالت ما كنت لأطيعه حيا وأعصيه ميتا. فأخذ الجواهر وقسمها على نسائه.

إنها امرأة تضرب أجمل الأمثلة في طاعة الزوج، وإعانته على طاعة ربه. فيا ليت نساء اليوم يتخذونها قدوة. ويا ليت الرجال أيضا يقتدون بها، فيعاونون أزواجهم إن أردن الاقتراب إلى الله. هذه كانت حياة فاطمة بنت عبد الملك لمن أراد أن يعرف حياتها.


رحلتنا اليوم لدمشق، حين كانت عاصمة الخلافة الأموية، التي سادت مشارق الأرض ومغاربها، سادت ثلث المعمورة حين ذاك. رحلتنا اليوم تعود بنا إلى سنة 99 هجرية. إذ ساد العدل، وزال الفقر، حتى صار الرجل يبحث عن من يأخذ زكاة أمواله فلا يجد أحدا.

في هذه السنة تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. خليفة سار على نهج الصحابة الكرام، حتى سمعت الأرض بعدله. خليفة سُمّي بخامس الخلفاء الراشدين لتشبهه بهم. خليفة تواضع لله فرفعه، وأسكن في القلوب حبه.

في منزل صغير من طين، لا يختلف عن دار أيٍ من فقراء المسلمين، كان يسكن هذا الخليفة العظيم. عاش حياة عز وترف قبل الخلافة، فما أن وصلت الخلافة إليه، حتى تاقت نفسه لما هو أعلى وأسمى من الخلافة. تاقت نفسه للجنة، فزهد في الدنيا وما فيها لينار رضى ربه، ويدخل جنته.

وبينما نحن جلوس في مجلسه، إذ دخل علينا قوم يظهر عليهم أثر السفر. أما ثيابهم فتدل على أنهم من أهل خراسان أو ما حولها من البلاد. فسألوا عن أمير المؤمنين عمر. فأشار من في المجلس عليه. فاستأذنوه بالحديث. فأذن لهم.

قال كبيرهم، نحن وفد جئناك من سمرقند، نشكو إليك ظلم قتيبة بن مسلم لنا. فسألهم عمر على الفور: وما هي مظلمتكم؟

عاد كبيرهم للكلام فقال: إنا علمنا أنكم أيها المسلمون، تنذرون عدوكم قبل مهاجمته، وتخيرونه إحدى ثلاث، إما الإسلام، أو الجزية، أو الحرب. لكن قتيبة هاجمنا على غفلة منا، وهذا ظلم.

فكتب عمر إلى سليمان بن أبي السري، وكان قد ولاه قتيبة على سمرقند، يقول له: إن أهل سمرقند شكوا ظلما وتحاملا من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم، فإن أتاك كتابي فأجلس لهم القاضي لينظر في أمرهم، فإن قضى لهم فأخرج العرب من معسكرهم كما كانوا قبل أن يظهر عليهم قتيبة.

ما أن وصل كتاب عمر لسليمان حتى طلب من القاضي جُمَيْع بن حاضر بأن يقضي في المظلمة. فقضى أن يخرج العرب من سمرقند إلى معسكرهم وأن يخيروا أهل سمرقند بين الإسلام، أو الجزية، أو الحرب، فيكون صلحا جديدا، أو ظفرا عنوة.

الله أكبر. هذا هو عدل الإسلام. لا يظلم مسلما أو كافر. وجاء الإسلام رحمة للشعور لا ظالما لهم. لم يجد أهل سمرقند أمام سماحة الإسلام وعدله سوى أن يطلبوا من المسلمين البقاء. وكفا الله المؤمنين شر القتال. فسبحان مشرّع هذا الدين. هذه مدينة، تطلب من المسلمين الخروج منها، وما أن ينظر في شكواهم بعدل، حتى يعدلوا عن رأيهم ويطلبوا من المسلمين البقاء فيها.

هذه نتيجة العدل، دخول الناس في الإسلام أفواجا، وقلوب يملأها الحب بالإسلام. فيا من يريدون نشر شرع الله، عليكم بالتزام أوامر الله، وستجدون الناس مقبلين على الإسلام لا مدبرين عنه.


رحلتنا اليوم إلى منزل علي بن أبي فزارة. حيث يجلس بجانب أمه التي أقعدها المرض مدة طويلة. وأبقاها طريحة الفراش، لا تقوى على النهوض منه.

نظرت الأم لابنها بعينين غائرتين، ووجه شاحب، وجسم هده المرض. وقالت:

- بني.. اذهب للإمام أحمد بن حنبل، واسأله أن يدعو الله لي، ليخفف ما بي من مرض أو يشفيني منه.
- أماه.. إن الإمام لا يعرفني!

- اذهب له يا بني، إنه رجل صالح، ولا يرد أحدا.

- سمعا وطاعة أماه.

خرج علي من منزله، يقدم رجلا ويؤخر الأخرى، حتى وصل لمنزل الإمام أحمد. فطرق الباب. فجاءه صوت الإمام من خلف الباب:

- من الطارق.
- أخ لك في الإسلام يا أبا عبد الله.

- وهل لك حاجة.

- لقد أقعد المرض أمي، وجئتك راجيا أن تسأل الله تعالى أن يشفيها أو يخفف عنها.

- ومن يدعو لنا نحن!! ومن يدعو لنا نحن!! ومن يدعو لنا نحن!!

خجل علي من طلبه، فطأطأ رأسه وهم بالانصراف. لكن عجوزا خرجت من منزل الإمام أحمد وقالت: رأيت الإمام يحرك شفتيه، أرجو أن يكون فيما طلبت منه.

سار علي بخطى بطيئة، عائدا لمنزله، مهموما، يفكر بما سيقوله لوالدته عندما تسأله عما جرى له مع الإمام أحمد.

وصل لمنزله. فطرق الباب، فجاءه صوت أمه من خلفه:

- من بالباب.
- أنا علي يا أماه.

دهش علي عندما فتحت الباب، وشاهد أمه تقف خلفه!! لم يصدق عينيه، وقال بدهشة وفرح:

- أماه، أنك تقفين على رجليك!! ما الذي حدث؟!!
- لا أعلم يا بني. لكن قبل وصولك بقليل، أحسست برغبة في الوقوف، فوقفت، ومشيت، وكأني لم أكن مقعدة منذ قليل.

- سبحان الله!! سبحان الله!! الحمد لك يا الله!! وجزاك الله خيرا يا أبا عبد الله على دعائك.

سبحان من يستجيب لعبده المؤمن بهذه السرعة!! إنها دعوة الإمام أحمد. إمام تصدى للفتنة بعد أن عمت أرض المسلمين. إنهار علماء السنة أمام فتنة خلق القرآن، لكن أحمدا ظل صامدا، وجلد لصموده. حتى قيل له: إنك تهلك نفسك، قل بخلق القرآن وستنجوا. فقال: إن هذه الأمة كلها تنتظر رأيي في المسألة، فمن يجيرني من الله أن أظللتهم.

انتهت رحلتها لهذا اليوم. لكن لا يفوتنا التبيه لأمر مهم. إنه: الدعاء بظهر الغيب. كان بإمكان الإمام أحمد أن يقول لعلي بن أبي فزارة سأدعو لأمك. لكنه أراد أن تكون دعوة بظهر الغيب، فالدعاء بظهر الغيب مستجاب. فَإِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ « دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ » .

ومن كرم الله لعباده، أن يوكل ملكا ليأمن على دعاء المسلم لأخيه، ليس هذا فحسب، بل يكمل الملك فيقول: لك بمثل. فيا لكرم الله.

يتبع.

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:47 AM
رحلتنا اليوم إلى حيث يسكن عبد الله بن المبارك رحمه الله. وها هو عبد الله بن المبارك يستعد للسفر!! إلى أين يا ترى؟! لنسأله.

- إلى أين المسير؟
- إلى بغداد.

- ولماذا؟

- لأبلغ بهرام المجوسي رسالة.

- وأي رسالة هذه؟

- لقد حلمت البارحة برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: قل لبهرام المجوسي أنه سيحشر معي يوم القيامة. فاستيقظت من نومي، واستعذت بالله من الشيطان الرجيم، وعدت للنوم ثانية. فحلمت بنفس الحلم، فاستيقظت واستعذت بالله، وعدت لنومي. فحلمت بنفس الحلم مرة ثالثة. فتأكد لي أن هذا أمر من الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلي أن أقوم به.

- وهل لنا أن نرافقك؟

- بالتأكيد.

نحن الآن أمام منزل المجوسي في بغداد، بل لنقل أما قصره، لكبر حجم المنزل وفخامته. طلب ابن المبارك الدخول على المجوسي، فسمحوا لنا بالدخول. فسأل المجوسي ابن المبارك عن سبب زيارته، فطلب ابن المبارك أن يختلي به. فأمر من كان في المجلس بالانصراف.

لم يبق في المجلس سوانا. فبدأ ابن المبارك بالحديث.

- لقد جئتك برسالة؟
- رسالة!! ممن؟

- من رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

- لكن رسولكم مات منذ زمن ليس بالقصير!!

- نعم.. لكنه أمرني في المنام أن أخبرك بأنك ستحشر معه يوم القيامة!!

- أحشر معه!!

- نعم. لذا أود أن أعرف ما الذي قمت به لتنال هذه المنزلة الرفيعة وأنت مجوسي؟!!

- لا أذكر أنني قمت بعمل يستحق هذا!!

- لا بد أنك قمت بعمل جليل ارتقى بك لهذه المنزلة العالية!!

- لم أقم إلا بعبادة النار طوال حياتي!! ولا أظن أنكم ترون هذا العمل يستحق مرافقة نبيكم يوم الحشر!!

- بالطبع لا يستحق!! حاول أن تتذكر عمل خير ولو بسيط، قمت به، لم يدفعك له مصلحة ولا ثواب في الدنيا، فلبرما كان هو السبب!!

- نعم. تذكرت عملا، قد يكون هو السبب!!

- ما هو؟

- قبل أن أخبرك بخبري، أود أن أشهدك بأنني سأدخل في الإسلام الآن. أشهد ألا إله الله، وأن محمدا رسول الله.

- الله أكبر.. الله أكبر.

- والآن.. دعني أخبرك خبري:

أولمت وليمة كبيرة في منزلي ذات يوم. وضعت فيها أنواع الشواء والقلاء والشراب والحلوى. وأكل الناس حتى شبعوا، ثم انصرفوا، وقد زاد طعام كثير. لا أعلم ما أصنع به. ثم صعدت السطح لقضاء حاجة لي، فسمعت صوت فتاة صغيرة في دار جيراني وهي تقول: آذانا المجوسي برائحة طعامه. وكان يسكن البيت الذي بجواري امرأة فقيرة مع بناتها، ولا يوجد معهم من يعولهم. فرق قلبي لكلماتها. فاخترت من كل أصناف الطعام التي بقيت، وحملتها إلى دارهم. ولما رأوا الطعام، فرحوا فرحا كبيرا، ودعت إحداهن: اللهم احشره مع جدي. فقد كانت واحدة من حفيدات الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم. وها هو الله عز وجل يستجيب دعائها، ويرسلك لي لتبشرني به. فاشهد بأني أسلمت.

ثم دعا بهرام أبناءه، وأخبرهم بإسلامه، فأسلموا. ثم عرض الأمر على أهله، فأسلموا، ثم أقرباءه، فأسلموا. ففرحنا كثيرا لإسلام هذا العدد الكبير من المجوس. ثبتهم الله على دينه، وأعانهم على نصرته.

انتهت رحلتنا لهذا اليوم. ومع أنها قصيرة إلا أنها مليئة بالعبر. فهي تذكرنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ » .

فلا تبخل بالقديم من الثياب، أو الزائد من الطعام، أو القليل من المال. فما تراه قديما، قد يعده أحد الفقراء ثوب عيد له لفخامته. وما تعده زائدا، قد يعده فقيرا وليمة له ولأبنائه. وما تعده قليلا، قد يعده أحدهم مبلغا عظيما يعيش به أياما.

ولا تستهن أيضا بدعوة أحد. فإن ساعدت أحدا ودعا لك، فاحمد الله أن هنالك من يدعوا لك بالخير. وإن كنت ظالما، ودعا عليك من ظلمته، فلا تستهن بدعواه، فدعوى المظلوم مستجابة، وهي سهم من سهام الليل، فاحذره. واعتذر ممن ظلمت، واسأله أن يصفح عنك، حتى لا يأخذك الله بما صنعت. فقد قال أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: « وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ » .

ونرى في القصة أيضا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: « مَازَالَ يُوصِينِى جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ » .

وقوله عليه الصلاة والسلام: « أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا ». وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى .

أتمنى أن تكونوا قد استفدتم واستمتعتم في هذه الرحلة، أن ترافقونا في رحلاتنا القادمة إن شاء الله.

يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:53 AM
نرحل معا اليوم، لوسط شبه الجزيرة العربية، في جمادى الأولى في السنة الثامنة للهجرة، حيث صحراء العرب القاحلة، من يضل طريقه فيها، سيلاقي الموت دون أن يعلم به أحد سوى خالقه.

هنالك شبح قافلة من بعيد، لنقترب منها أكثر، فربما يسمحون لنا بالانضمام إليهم.

إنها ليست قافلة!! يبدوا أنهم جيش!! ويبدوا أيضا أنهم من العرب، من هيئتهم ومن عدّتهم البسيطة!! لنسألهم عن وجهتهم.

- من أنتم؟ وأين وجهتكم؟!

- نحن جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم. متوجهون لجهاد الروم.

- وأين ستلاقونهم؟

- عند مؤتة.

- وكم عددكم؟

- ثلاثة آلاف مجاهد أو نزيد قليلا.

- وكم عدد جيش الروم؟

- لا علم لنا بهم!

أكمل الجيش مسيره، بجنود أقدموا على الله بأرواحهم وأموالهم، يرجون النصر في الدنيا، ليكملوا مسيرة الجهاد في سبيل الله. أو الشهادة ونيل رضوان الله تعالى وجنته.

لكن هنالك منادٍ ينادي في كبار الصحابة ليجتمعوا!! ما الذي حدث يا ترى؟! لنجتمع معهم لنسمع ونرى.

قام أحدهم قائلا: لقد وصلت الأخبار بأن هرقل جاء بمئة ألف من الروم، وانضم إليهم من القبائل مئة ألف آخرين. فماذا نحن صانعون؟

مكث الجيش في مكانه ليلتين للتشاور. فهل يكملون المسير، أم يرسلون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإخباره بالأمر، منتظرين المدد أو أمر من عنده.

يا الله.. ما هذه الشجاعة!! ألم يفكر أحد بالانسحاب؟! ألم يقل أحدهم أنهم مئتا ألف ونحن ثلاثة آلاف فقط فنصرنا عليهم مستحيل. ألم يحسبها أحد بحساب المنطق في زماننا ليرى أن على كل رجل منهم مقاتلة خمسة وستين رجلا لوحده!! لماذا لا ينسحبون إذن ما دامت الكفتان غير متزنتان!!

لا عجب في ثبات هؤلاء الثلة من الرجال!! فلقد رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الكريمتين. فتشبعت قلوبهم بالإيمان بالله، وبالتوكل عليه، وباليقين بأنه لن يصيبهم إلا ما كتبه الله لهم. وهم يعلمون أن نصر الله لا يكون بالعدد وإنما يكون بالإيمان.

من ذلك الذي قام هناك؟! إنه عبد الله بن رواحة، قام ليشجع الناس. وها هم الناس بدءوا يجهزون أنفسهم لإكمال المسير.

بهذا الإيمان، وهذه الشجاعة، استطاع أجدادنا نشر دين الإسلام، ليمتد من المحيط الأطلسي إلى حدود الصين.

التقى الجيشان. واستشهد قائد الجيش، زيد بن حارثة رضي الله عنه، وبعده استشهد خَلَفُه، جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وبعده استشهد آخرهم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.

فتفرق المسلمون، حتى لم يبقى اثنان بجانب بعضهما البعض. ثم أخذ الراية أحد شجعان المسلمين، وسلمها لخالد بن الوليد رضي الله عنه. فتمكن خالد بخطة حكيمة من الانسحاب من المعركة من غير خسائر تذكر.

وعندما وصلوا المدينة المنورة، وجدوا الصبيان في استقبالهم. نعم يحق لهذا الجيش الشجاع حسن الاستقبال على ما فعلوه. لكن كان استقبالهم من نوع آخر، آخذ الصبيان بحث التراب في وجوههم ومناداتهم: يا فرار فررتم في سبيل الله.

لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى.

انتهت رحلتنا لهذا اليوم، وقد رأينا شجاعة المسلمين، وقوة إيمانهم بالله. وكيف أنهم أكملوا مسيرهم مع أن عددهم لا يقارن بأي حال من الأحوال بعدد عدوهم، لكن سلاحهم كان إيمانهم بالله، فوفقهم الله فيما كانوا فيه. ورأينا أيضا، التربية الحسنة للأبناء، وكيف أنهم فضلوا استشهاد آبائهم على أن يفروا من المعركة. فبهذه التربية، ظهر في الأمة رجال دافعوا عن هذا الدين ونشروه. وبمثل هؤلاء الرجال، ستبقى العزة للمسلمين، ومن دونهم يبقى حالنا مثل ما هو عليه الآن من ذل وهوان، وتعذيب وتقتيل وتشريد للمسلمين في شتى بقاع الأرض.

أتمنى أن ألقاكم في رحلتنا القادمة إن شاء الله.

يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 02:59 AM
هبط الليل على المدينة المباركة..أرخى سدوله ..وغارت نجومه يحمل السكون والسلام للكائنات



التي أرهقها كد النهار ..وأنهكها السعي في مناكب الأرض..يرتل ترانيم المساء ..يهدهد الجفون لتغرق في عذوبة الأحلام…يهدينا الليل شعورا خاصا وكأن الكون ملك لنا ..الليل يحرر أرواح المؤمنين ..لتصفو شيئا فشيئا ..حتى تنساب في صمت مهيب إلى باريها ..تتطهر

بسجدة أمام عرشه العظيم..تتحدى بها كيد الشياطين .. كان مساء عاديا على أية حال ..لكنه أبدا لم يكن كذلك عند حنظلة.. إنه اليوم يحلم حلمه الخاص.. حنظلة على موعد مع هذاالمساء ..

إنه اليوم الذي طال انتظاره ..اليوم يلتقي الشمس والقمر ..الليلة يهديه المساء حبيبته جميلة … اليوم عرس حنظلة..!!

** قلب لا يعرف القضبان **

يتمنى كل المحبين لو زرعوا الأرض وردا وسلاما ..لو رسموا قلوب الحب حمراء صغيرة على أغصان الشجر..على كل حجر ..فقط

لو يتركهم القدر ؟؟ لكن من فقدوا القدرة على الحب أعداء لكل من يحب .. والقدر الذي يهدي الخير لحنظلة اليوم يطالبه بالدفاع عنه في نفس اللحظة..تزوج حنظلة بجميلة الحبيبة
في ليلة صبيحتها القتال في أحد ..استأذن حنظلة النبي الكريم أن يبيت عند زوجته .. حنظلة لا يعرف بالتحديد إن كان لقاءا أم وداعا ..؟!ويأذن له نبي الرحمة والسلام ..ليبيت الليلة عند عروسه

أي عذوبة كانت لذلك اليوم..؟ وأي عرس قام فيه..؟ وأي عطور عطرت ثوانيه ودقائقه وساعاته..؟ وأي سر يخفيه اليوم عن حنظلة وحبيبته التي أحترق قلبها بالحنين.. وتبثه اليوم شوقها وحبها .. اليوم تسلمه مفتاح مدينتها ..وتتوجه ملكا وسيدا على عرش قلبها الذي
عاش دهرا في انتظار الحبيب.. تذرف أفراحا من دموع .. تمسك به كضيف يوشك أن يرتحل..كطيف تراه ولا تملكه..بدا حنظلة كالسماء قريبة ونائية..بكت وكأنها تستشعر لوعة فراقه ..يطمئنها يضمها لصدره

الذي يحمل الحب الأعظم ..وكأنه يضم كل صور الحب التي عرفها قلبه الطاهر في هذه الدنيا ..يجمع الحب الصغير إلى الحب العظيم ليمنحه العظمة والبهاء ..يضمها ليحتوي الحب السماوي الخالد حبه البشري الفاني ..فيمده بالبقاء والخلود ..أجرى حنظلة تلك المعادلات
والحسابات العاطفية في عقله وقلبه ..وحسم قراره سريعا ..مع نسمات الفجر الأولى .. حين سمع صيحة القتال ..فبادر بالخروج ..

وكان جنبا رضي الله عنه ..فلم يتمهل حتى يغتسل ..وانطلق بين دموع الحبيبة وأشواق الفؤاد الذي لم يرتو من شهد الحبيب بعد..
انطلق والحنين يصدح في جنبات قلبه ..الحنين للساعات الأولى التي جمعتهم ..ثم مرت كدهر من الزمان ..وصارت حلما ..!!

انطلق حنظلة ..الذي جعل من هواى نفسه ترابا تطئه قدمه وانتصر الحب الكبير على كل شئ ..انتصر على حنظلة ذاته ..أجل انتصر حنظلة على حنظلة ..وانتهى الاختبار..!!

** الحب دموع ..والحب ثورة **

وينطلق حنظلة المجاهد عريس البارحة ..يحمل سلاحه ليلحق بالنبي وهو يسوي صفوف المجاهدين ..يصف قلوبا للبيع في سبيل الله.. ويدخل حنظلة سوق الجنة .. ويشتد القتال ..في البداية ينتصر الباعة وحين يترك الرماة مواقعهم ..حين يتحول الباعة إلى شراه ..يضطرب
قانون المعركة ..ويتقدم المشركون بظلامهم الكثيف ..ما زالت بعض القلوب تصمم على البيع ..وتصمد مع نبي الرحمة والسلام ..

مازال حنظلة يبرهن على حبه العظيم لله تعالى ….مازال يخجلنا في الحقيقة ..إنه يتقدم نحو أبي سفيان بن حرب .. يسرع نحوه ..ليضرب أرجل فرسه من الخلف ..ويقع أبو سفيان
يسقطه من فرسه على الأرض ..وكأنه يسقط الباطل الذي سرق أمنه وسلامه..الباطل الذي يطارد فكره ..ويصادر عقيدته ..يحرمه جميلة ويحرم جميلة منه ..وهنا يدركه شداد بن الأسود و يعين أبا سفيان على حنظلة ..

فيقتل أحدهما القلب الطاهر برمية رمح نافذة .. ويقول أبو سفيان حنظلة بحنظلة ..يقصد أنه أخذ بثأر ابنه الذي قتل يوم بدر..ويرحل عنا حنظلة ويبقى مسك دمه ليعطر أرواحنا..
يحمل إلينا نسمات الجنة..لتوقظ نفوسنا النائمة ..وتنعش هممنا…علنا يوما نمتطي خيول الشهادة ..ونترجل عن خيول الأمنيات!!

** يالروعة دمك يا حنظلة **

وتتطهر الأرض بدم المحبين ..دم حنظلة فوق كل الأرض.. يصبغها حبا بكل الألوان ..يبدو الحب في حياة حنظلة كصلاة كاملة الخشوع ..يتعبد بمزيج من الحب .. أطياف وألوان من الحب ..
حب النبي عليه السلام.. حب الإسلام
حب إخوانه المسلمين..حب الخير ..حب الوطن ..حب جميلة ..

لكن لونا مميزا بدا أكثر وضوحا من أي لون ..إنه لون الحب الكبير الحب الخالد ..حب الله ..الذي ظل يعتمل في نفسه وينتصر على كل ألوان الحب الأخرى ..الحب الذي ظل يتألق انتصارا في روح حنظله حيا وميتا .. إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
بأن لهم الجنة …فهنيئا لك الجنة يا حنظلة !!

** السماء تمطر عشقا **
حبات المطر الدامية

انتهت المعركة ..عرض المتاجرون مع الله بضائعهم ..حملوا قلوبهم على أكفهم ..ليقبل الله من يشاء ويرد من يشاء ..هم يوقنون أن الصدق اليوم أنفس البضائع .. وأن من يصدق الله ليس بضائع ..!!

إنهم يشترون الجنة..سلعة الله الغالية ..ويفقهون قانون المتاجرة مع الله تعالى أما نحن فندرك جيدا ارتباط السلع الغالية بالأثمان الغالية .. لكنا نستسلم لهدهدة الأمنيات و سراب الكلمات علها تمنحنا شيئا من السلام الزائف !!

يبحث من بقي من الصحابة عن إخوانهم ..وتتفقد القلوب التي لم تزل تنتظر وعد السماء.. تلك التي سبقتها إلى السماء ..وتتلمس أيديهم الحزينة جسد حنظلة المخضب بالدماء ..ويعجبون لقطرات الماء تنساب من جبينه كحبات من لؤلؤ..وتتساقط من خصلات شعره بلحن حزين ..بدت وكأنها دموع جميلة الحزينة ..!!

والحقيقة أن قطرات الماء تلك ظلت لغزا عصيا على الفهم ..حتى سمع الصحابة صوت النبي يقول بعذوبة بالغة : إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف من فضة !!
إنها السماء تمطر عشقا

وظلت الأوس قبيلة حنظلة تفاخر به وتقول منا غسيل الملائكة حنظلة ابن أبي عامر ..ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت ..ومنا من أجيزت شهادته بشهادتين خزيمة بن ثابت ..ومنا من اهتز لموته عرش الرحمن ..سعد ابن معاذ .

والحقيقة أن حنظلة يظل فخرا ووساما على صدر البشرية كلها وليس الأوس وحدهم !!

** بوابات السحاب الأبيض **

جميلة لا يهمها الآن إن كان حنظلة قريبا أو بعيدا ..إن كان شمسا غاربة على حافة
المدى ..أم شعاعا حارقا في كبد السماء ..فشمس حنظلة تتوهج في ضلوعها العاجزة
عن الصراخ إليه ..ترسل إليها خيوطها الذهبية المحملة بدفء اللحظات الحنونة التي
جمعتهم.. تؤنس غربتها وتنير ليلها الطويل ..وتمنحها دفئا يتخطى جسدها النحيل
إلى حجرتها الحزينة ..يطرد البرد المقيم فيها مذ رحل حنظلة ..!!

ما زالت جميلة ترتوي من ذكريات اللقاء القصير المنغمسة في روحها .. فأمسية عشقهما الخالد تأبى النسيان …مازالت تجد عطره في فراشها ..وترى وجهه الملتصق بسقف حجرتها .. مازالت كل ليلة في نهرحنظلة تغتسل و تنام .. بعد ان ثملت عيناها بضوء استشهاده..ما زالت تراه في البلاد التي تسكن السماء !!

مازالت جميلة تروي لجيرانها كيف أنها رأت رؤيا قبيل زفافها ..وكيف صدقت الرؤيا ؟
تقول جميلة أنها رأت كأن السماء قد فرجت لحنظلة فدخل فيها ثم أطبقت ..!!

ويبدو أن تلك الرؤيا أفزعت جميلة ورأت فيها ظلالا من الغموض والخوف ..حتى أنها
أرسلت إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أن حنظلة قد دخل بها ..ومن يدري جميلة أن
الرؤيا التي خشيت أن تلحق بها سوءا ..وعملت على اتقاء همز الناس ولمزهم …
تحمل بشارة السماء ..وتقلدها وسام زوجة شهيد ..بل وأم شهيد !!

يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 03:01 AM
هبط الليل على المدينة المباركة..أرخى سدوله ..وغارت نجومه يحمل السكون والسلام للكائنات



التي أرهقها كد النهار ..وأنهكها السعي في مناكب الأرض..يرتل ترانيم المساء ..يهدهد الجفون لتغرق في عذوبة الأحلام…يهدينا الليل شعورا خاصا وكأن الكون ملك لنا ..الليل يحرر أرواح المؤمنين ..لتصفو شيئا فشيئا ..حتى تنساب في صمت مهيب إلى باريها ..تتطهر

بسجدة أمام عرشه العظيم..تتحدى بها كيد الشياطين .. كان مساء عاديا على أية حال ..لكنه أبدا لم يكن كذلك عند حنظلة.. إنه اليوم يحلم حلمه الخاص.. حنظلة على موعد مع هذاالمساء ..

إنه اليوم الذي طال انتظاره ..اليوم يلتقي الشمس والقمر ..الليلة يهديه المساء حبيبته جميلة … اليوم عرس حنظلة..!!

** قلب لا يعرف القضبان **

يتمنى كل المحبين لو زرعوا الأرض وردا وسلاما ..لو رسموا قلوب الحب حمراء صغيرة على أغصان الشجر..على كل حجر ..فقط

لو يتركهم القدر ؟؟ لكن من فقدوا القدرة على الحب أعداء لكل من يحب .. والقدر الذي يهدي الخير لحنظلة اليوم يطالبه بالدفاع عنه في نفس اللحظة..تزوج حنظلة بجميلة الحبيبة
في ليلة صبيحتها القتال في أحد ..استأذن حنظلة النبي الكريم أن يبيت عند زوجته .. حنظلة لا يعرف بالتحديد إن كان لقاءا أم وداعا ..؟!ويأذن له نبي الرحمة والسلام ..ليبيت الليلة عند عروسه

أي عذوبة كانت لذلك اليوم..؟ وأي عرس قام فيه..؟ وأي عطور عطرت ثوانيه ودقائقه وساعاته..؟ وأي سر يخفيه اليوم عن حنظلة وحبيبته التي أحترق قلبها بالحنين.. وتبثه اليوم شوقها وحبها .. اليوم تسلمه مفتاح مدينتها ..وتتوجه ملكا وسيدا على عرش قلبها الذي
عاش دهرا في انتظار الحبيب.. تذرف أفراحا من دموع .. تمسك به كضيف يوشك أن يرتحل..كطيف تراه ولا تملكه..بدا حنظلة كالسماء قريبة ونائية..بكت وكأنها تستشعر لوعة فراقه ..يطمئنها يضمها لصدره

الذي يحمل الحب الأعظم ..وكأنه يضم كل صور الحب التي عرفها قلبه الطاهر في هذه الدنيا ..يجمع الحب الصغير إلى الحب العظيم ليمنحه العظمة والبهاء ..يضمها ليحتوي الحب السماوي الخالد حبه البشري الفاني ..فيمده بالبقاء والخلود ..أجرى حنظلة تلك المعادلات
والحسابات العاطفية في عقله وقلبه ..وحسم قراره سريعا ..مع نسمات الفجر الأولى .. حين سمع صيحة القتال ..فبادر بالخروج ..

وكان جنبا رضي الله عنه ..فلم يتمهل حتى يغتسل ..وانطلق بين دموع الحبيبة وأشواق الفؤاد الذي لم يرتو من شهد الحبيب بعد..
انطلق والحنين يصدح في جنبات قلبه ..الحنين للساعات الأولى التي جمعتهم ..ثم مرت كدهر من الزمان ..وصارت حلما ..!!

انطلق حنظلة ..الذي جعل من هواى نفسه ترابا تطئه قدمه وانتصر الحب الكبير على كل شئ ..انتصر على حنظلة ذاته ..أجل انتصر حنظلة على حنظلة ..وانتهى الاختبار..!!

** الحب دموع ..والحب ثورة **

وينطلق حنظلة المجاهد عريس البارحة ..يحمل سلاحه ليلحق بالنبي وهو يسوي صفوف المجاهدين ..يصف قلوبا للبيع في سبيل الله.. ويدخل حنظلة سوق الجنة .. ويشتد القتال ..في البداية ينتصر الباعة وحين يترك الرماة مواقعهم ..حين يتحول الباعة إلى شراه ..يضطرب
قانون المعركة ..ويتقدم المشركون بظلامهم الكثيف ..ما زالت بعض القلوب تصمم على البيع ..وتصمد مع نبي الرحمة والسلام ..

مازال حنظلة يبرهن على حبه العظيم لله تعالى ….مازال يخجلنا في الحقيقة ..إنه يتقدم نحو أبي سفيان بن حرب .. يسرع نحوه ..ليضرب أرجل فرسه من الخلف ..ويقع أبو سفيان
يسقطه من فرسه على الأرض ..وكأنه يسقط الباطل الذي سرق أمنه وسلامه..الباطل الذي يطارد فكره ..ويصادر عقيدته ..يحرمه جميلة ويحرم جميلة منه ..وهنا يدركه شداد بن الأسود و يعين أبا سفيان على حنظلة ..

فيقتل أحدهما القلب الطاهر برمية رمح نافذة .. ويقول أبو سفيان حنظلة بحنظلة ..يقصد أنه أخذ بثأر ابنه الذي قتل يوم بدر..ويرحل عنا حنظلة ويبقى مسك دمه ليعطر أرواحنا..
يحمل إلينا نسمات الجنة..لتوقظ نفوسنا النائمة ..وتنعش هممنا…علنا يوما نمتطي خيول الشهادة ..ونترجل عن خيول الأمنيات!!

** يالروعة دمك يا حنظلة **

وتتطهر الأرض بدم المحبين ..دم حنظلة فوق كل الأرض.. يصبغها حبا بكل الألوان ..يبدو الحب في حياة حنظلة كصلاة كاملة الخشوع ..يتعبد بمزيج من الحب .. أطياف وألوان من الحب ..
حب النبي عليه السلام.. حب الإسلام
حب إخوانه المسلمين..حب الخير ..حب الوطن ..حب جميلة ..

لكن لونا مميزا بدا أكثر وضوحا من أي لون ..إنه لون الحب الكبير الحب الخالد ..حب الله ..الذي ظل يعتمل في نفسه وينتصر على كل ألوان الحب الأخرى ..الحب الذي ظل يتألق انتصارا في روح حنظله حيا وميتا .. إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
بأن لهم الجنة …فهنيئا لك الجنة يا حنظلة !!

** السماء تمطر عشقا **
حبات المطر الدامية

انتهت المعركة ..عرض المتاجرون مع الله بضائعهم ..حملوا قلوبهم على أكفهم ..ليقبل الله من يشاء ويرد من يشاء ..هم يوقنون أن الصدق اليوم أنفس البضائع .. وأن من يصدق الله ليس بضائع ..!!

إنهم يشترون الجنة..سلعة الله الغالية ..ويفقهون قانون المتاجرة مع الله تعالى أما نحن فندرك جيدا ارتباط السلع الغالية بالأثمان الغالية .. لكنا نستسلم لهدهدة الأمنيات و سراب الكلمات علها تمنحنا شيئا من السلام الزائف !!

يبحث من بقي من الصحابة عن إخوانهم ..وتتفقد القلوب التي لم تزل تنتظر وعد السماء.. تلك التي سبقتها إلى السماء ..وتتلمس أيديهم الحزينة جسد حنظلة المخضب بالدماء ..ويعجبون لقطرات الماء تنساب من جبينه كحبات من لؤلؤ..وتتساقط من خصلات شعره بلحن حزين ..بدت وكأنها دموع جميلة الحزينة ..!!

والحقيقة أن قطرات الماء تلك ظلت لغزا عصيا على الفهم ..حتى سمع الصحابة صوت النبي يقول بعذوبة بالغة : إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف من فضة !!
إنها السماء تمطر عشقا

وظلت الأوس قبيلة حنظلة تفاخر به وتقول منا غسيل الملائكة حنظلة ابن أبي عامر ..ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت ..ومنا من أجيزت شهادته بشهادتين خزيمة بن ثابت ..ومنا من اهتز لموته عرش الرحمن ..سعد ابن معاذ .

والحقيقة أن حنظلة يظل فخرا ووساما على صدر البشرية كلها وليس الأوس وحدهم !!

** بوابات السحاب الأبيض **

جميلة لا يهمها الآن إن كان حنظلة قريبا أو بعيدا ..إن كان شمسا غاربة على حافة
المدى ..أم شعاعا حارقا في كبد السماء ..فشمس حنظلة تتوهج في ضلوعها العاجزة
عن الصراخ إليه ..ترسل إليها خيوطها الذهبية المحملة بدفء اللحظات الحنونة التي
جمعتهم.. تؤنس غربتها وتنير ليلها الطويل ..وتمنحها دفئا يتخطى جسدها النحيل
إلى حجرتها الحزينة ..يطرد البرد المقيم فيها مذ رحل حنظلة ..!!

ما زالت جميلة ترتوي من ذكريات اللقاء القصير المنغمسة في روحها .. فأمسية عشقهما الخالد تأبى النسيان …مازالت تجد عطره في فراشها ..وترى وجهه الملتصق بسقف حجرتها .. مازالت كل ليلة في نهرحنظلة تغتسل و تنام .. بعد ان ثملت عيناها بضوء استشهاده..ما زالت تراه في البلاد التي تسكن السماء !!

مازالت جميلة تروي لجيرانها كيف أنها رأت رؤيا قبيل زفافها ..وكيف صدقت الرؤيا ؟
تقول جميلة أنها رأت كأن السماء قد فرجت لحنظلة فدخل فيها ثم أطبقت ..!!

ويبدو أن تلك الرؤيا أفزعت جميلة ورأت فيها ظلالا من الغموض والخوف ..حتى أنها
أرسلت إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أن حنظلة قد دخل بها ..ومن يدري جميلة أن
الرؤيا التي خشيت أن تلحق بها سوءا ..وعملت على اتقاء همز الناس ولمزهم …
تحمل بشارة السماء ..وتقلدها وسام زوجة شهيد ..بل وأم شهيد !!


يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 03:03 AM
قصتنا مع أبي هريرة رضي الله عنه رواها الإمام البخاري في صحيحة :
عن أبي هريرة قال " وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت والله لأرفعنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال: فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قال قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيال فرحمته فخليت سبيله قال: أما انه قد كذبك وسيعود فعرفت انه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود. فرفضته فجاء يحثو الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك فقلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيال فرحمته فخليت سبيله قال أما انه قد كذبك وسيعود فرفضته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه آخر ثلاث مرات أنك تزعم ألا تعود ثم تعود قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هو قال إذا آويت إلى فراشك فقرأ آية الكرسي (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ..) (البقرة:255) حتى تختم الآية لايزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة فقلت يا رسول الله زعم انه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال ما هي قلت: قال لي إذا آويت إلى فراشك فقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ..) وقال لي لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شي على الخير فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما انه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة قال : لا قال : ذاك الشيطان " هذا الحديث أخرجه البخاري رحمه الله تعالى . هذا الحديث يبين حلقة من حلقات الصراع بين المسلم والشيطان وقد حصل لعدد من الصحابة مواقف مثل موقف أبي هريرة رضي الله عنه فمن هذه المواقف: "أن أبا أيوب الأنصاري حدث انه كانت له سهوة فيها تمر وكانت تجيء الغول والغول أو الغيلان من الجن ومنه قول الصحابي له إذا تغولت الغيلان فعليكم بالآذان فإذا ظهرت أمامكم الغيلان فعليكم بالآذان فان الآذان يطردها قال: فكانت تجيء الغول فتأخذ منه وفي رواية أنها علمته آية الكرسي وأنه لا يقربه شيطان وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صدقت وهي كذوب وكذلك مما حصل حديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه أن أباه أخبره يعني كعب أنه كان لهم جرين فيه تمر الجرين هو البيدر الذي يجمع فيه الطعام وكان مما يتعاهده فيجده ينقص كلما جاء يتعاهد هذا البيدر وجده نقص فحرسه ذات ليله فإذا هو بدابة كهيئة الغلام المحتلم فسلم فرد السلام فقال ما أنت أجن أم انس ؟ قال: جن فقلت: ناولني يدك فإذا يد كلب وشعر كلب فقلت هذا خلق الجن قال: لقد علمت الجن أنما فيهم من هو أشد مني فقلت: ما يحملك على ما صنعت ؟ قال: بلغني انك تحب الصدقة فأحببت أن أصيب من طعامك فقلت: ما الذي يحرزنا منكم قال: هذه الآية آية الكرسي فتركته وغدا بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره قال: صدق الخبيث " رواه ابن حبان في صحيحة وحدثت كذلك حادثة أخرى رواها عبد الله بن مسعود قال: " لقي رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي أي أن الصحابي صرع الجني فقال له الإنسي: أني لأراك ضئيلا شخيثا كأن ذريعتيك ذريعتي كلب (تصغير ذراع ) فكذلك انتم معشر الجن أم أنت من بينهم كذلك قال: لا والله أني منهم لضليع الإنسي يقول: أني أراك ضئيل يعني دقيق الجسم شخيث يعني مهزوم فهل انتم الجن هكذا أم انك أنت ضعيف من بينهم قال لا و الله أني منهم لضليع يعني جيد الأضلاع لكني عاودني الثانية فان صرعتني علمتك شيئا ينفعك قال: نعم صارعه فصرعه قال تقرأ (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ..) قال نعم قال: فإنك لا تقرؤها في بيت ألا خرج منه الشيطان له خبج أي كريح كخبج الحمار ثم لا يدخله حتى يصبح " وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه هذه الروايات في بعضها في بعض أسانيدها ضعف من القصص التي رويت لكن ثبت أن عمر رضي الله عنه صارع جنيا فصرعه هذا من قوة عمر رضي الله عنه فعاود وصارعه فصرعه وجاء في بعض الروايات كذلك أن أبا هريرة رضي الله عنه لما كان يحرس تمر الصدقة اشتكى انه قال لما رأى ذلك الرجل يأخذ من تمر الصدقة فأخذته فالتفت يدي على وسطه فقلت يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته وكانوا أحق بع منك لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك وفي رواية ما أدخلك في بيتي تأكل التمر قال أنا شيخ كبير فقير ذو عيال وما أتيتك ألا من نصيبي ولو أصبت شيئا دونك لما أتيتك ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان تفرقنا منها فإذا خليت سبيلي علمتكهما قلت : نعم قال آية الكرسي وأخر سورة البقرة من قوله (آمَنَ الرَّسُولُ ..) (البقرة:285) إلى أخرها هذه بعض الروايات التي جاءت في حديث معاذ رضي الله عنه وهذه اثبت القصص التي جاءت وهي

يتبع

$_THE-BIG_NIGGA_$
27-08-2004, 03:05 AM
قصة أبي هريرة مع الشيطان التي جاءت في صحيح البخاري هذه القصة أيها الإخوة يؤخذ منها فوائد كثيرة ومتعددة من هذه الفوائد :
1- أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن
2- أن الحكمة قد يعلمها الفاجر لكنه لا ينتفع بها لأنه لا يعمل بها لكن تؤخذ عنه
3- أن الشخص قد يعلم شيئا ولا ينتفع به (يعلم بالشيء ولا يعمل به )
4- أن الشيطان قد يَصدق وقد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن ومع ذلك لا يكون مؤمنا
5- أن الكذاب قد يصدق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (صدقك وهو كذوب )
6- أن عادة الشيطان الكذب الغالب على الشيطان الكذب وأنه نادرا ما يصدق وكذوب صيغه مبالغه
7- للشيطان قد يتصور في صورة يمكن للإنسي أن يراه لان الله يقول في كتابه (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ..) (لأعراف:27) فالشيطان ومن هم من شاكلته من الشياطين يمكنهم أن يرونكم وانتم لا ترونهم فقال الله من حيث لا ترونهم فكيف رآهم أبو هريرة والصحابة؟؟ لما تصور بصورة أخرى غير الصورة التي خلق عليها فيمكننا رؤيته فإذا كان بشكله الحقيقي لا يمكن أن نراه
8- والشخص الذي يقام بحفظ الأشياء يسمى وكيلا يوكل بحفظ الصدقة فهو وكيل
9- أن الجن يأكلون من طعام الإنس وقول الله تعالى ( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ ..) (الاسراء:64) فيدخل الطعام في الأموال فإذا أردت أن لا يشارككم الشيطان في الطعام فسم بالله عند الطعام وغط الإناء و قل بسم الله لان الشيطان يأكل من الإناء المفتوح ويشرب من الإناء المفتوح فالفائدة من تغطيته والتسمية هو منع الشيطان منه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (ولو أن تعرض عليه عودا وتسم بالله) فلو وضعت عودا بدلا من الغطاء وقلت بسم الله لا يستطيع الشيطان أن يأكل أو يشرب منه وكذلك أيضا يفيد في منع نزول الداء من السماء فإن في السنة ليلة ينزل بها الداء كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم فهذا شي غيبي فإذا غطيت الإناء لم ينزل الداء إذا الفائدة من تغطية الإناء: • منع نزول الداء • منع الشيطان أن يشركك في مطعومك ومشروبك
10- فسم الله أيضا تمنع الشيطان من النظر إليك فإذا أراد الإنسان أن يخلع ثيابه أو أن يأتي الرجل أهله فما هو الحل أفنبقى نحن نهبا لأعين الجن يرون عوراتنا ؟؟ لا لان النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الرجل إذا أراد أن يخلع ثيابه فسم الله فان الشيطان لا يستطيع أن ينظر إلى عورته.وكذلك بسم الله تمنع الشيطان من مشاركه في الأولاد فانه ورد في تفسير قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ ..) أن الشيطان يشارك الإنسان في وطئ زوجته فإذا قلت بسم الله قبل الجماع منعت الشيطان من المشاركة .
11- أن الجن يسرقون و يتكلمون بكلام الأنس كلام تسمعه وباللغة التي عليها الرجل حدثوا أن أبا علقم النحوي وكان رجلا متقعرا في الكلام انه كان مرة يمشي في الطريق فأصابه شي فسقط فتجمع عليه أهل السوق واحد يعصر إبهامه وواحد يقرأ في أذنه وواحد يؤذن في الأذن الأخرى فقال : ما لكم تكأكأتم علي كتكأكؤكم على ذو جنة افرنقعوا عني فقالوا: شيطانه يتكلم بالفارسية أو الهندية فقوله تكأكأتم علي كتكأكؤكم أي تجمعتم علي كتجمعكم على ذو جنة أي كمن دخل عليه جني و افرنقعوا عني أي انفضوا من حولي . 12- أن الجن يسرقون ويخدعون كما في قوله لا أعود فعاد
13- فضل آية الكرسي ومن الروايات الأخرى يؤخذ فضل آخر سورة البقرة
14- أن الجن يصيبون من الطعام ما لا يذكر اسم الله عليه
15- أن السارق لا يقطع في المجاعة
16- قبول العذر والستر على من يظن به الصدق
17- إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيبات
18- جواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر لتفريقها بعد ذلك
19- أن زكاة الفطر تخرج طعاما
20- يقين الصحابة بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وتصديقهم به
21- قراءة آية الكرسي قبل النوم
22- أن التشريع على كلام الشيطان أتى من الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :صدقك وليس التشريع من كلام الشيطان .
23- أن آية الكرسي تمنع شياطين الجن والإنس سواء أكان في الأمور الدينية أو الدنيوية (لا يقربنك شيطان حتى تصبح ) والشيطان هنا نكرة
24- كرامة الله لأبي هريرة عندما استطاع أن يلقي القبض على الشيطان أي لم يستطع الشيطان أن يفلت منه ففيه إن المؤمن قوي الإيمان يستطيع أن يمسك الشيطان ولا يمكنه من الهروب وذكر ابن القيم في فوائد الذكر انه ربما من كثرة ذكر المؤمن لله عز وجل ربما أن يقرب منه الشيطان ليمسه بسوء فيصرع الشيطان فتجتمع عليه الشياطين فيقولون ما به فيقولون صرعه الإنسي.
25- أن ذكر الله تعالى هو الذي يحمي المؤمن من الشيطان وعلى رأس الذكر القرآن وأفضل آية في القران هي آية الكرسي
26- أن الإنسان إذا كان صاحب حاجة يجب أن يبين حاجته حتى يعرف عذره ولا يرتاب في أمره
27- رفع الشأن المهم إلى العلماء (وكانوا أبو هريرة رضي الله عنه لأرفعنك إلى رسول الله عليه وسلم
28- حرص أبي هريرة على العلم (وكانوا احرص شي إلى العلم) فأطلق سراحه لأجل الفائدة فهم يحرصون على العلم
29- يمكن أن يثور اعتراض وهو كيف استطاع أبو هريرة أن يمسك الشيطان لان الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع عن إمساكه لدعوة سلمان (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ..) (صّ:35) (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ) (صّ:36) (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) (صّ:37) فكيف امسك أبو هريرة بالشيطان الذي رآه وأراد حمله للنبي عليه السلام ؟؟ أجاب الحافظ بن حجر على هذا الإشكال بأن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يمسك بالشيطان الأكبر رأس الشياطين فعند ذلك يكون فيه مضاهاه لما حدث لسليمان أما الشيطان الذي في حديث الباب إما أن يكون الشيطان الذي مع الصحابي (لكل إنسان شيطان ) أو أن يكون شيطان من الشياطين وليس رأس الشياطين.فإن قال قائل ما هي الميزة التي موجودة في آية الكرسي حتى تمنع الشياطين من إيذائنا ؟؟ آية الكرسي هي أعظم آية في القرآن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي وأن هذه الآية إذا قرأها المؤمن في دبر كل صلاة لم يمنعه من الدخول إلى الجنة إلا أن يموت كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح الذي رواه النسائي رحمه الله وغيره فآية الكرسي تقرأ قبل النوم وفي أدبار الصلوات من أسباب فضلها :
• اشتمالها على الاسم الأعظم (الله لا اله إلا هو الحي القيوم ) في البقرة وال عمران وطه وعلت في وجوه الحي القيوم على بعض الأقوال على احتمال أنها الاسم الأعظم
• هذه الآية هي عشر جمل مستقلة(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) متفرد الألوهية ( الْحَيُّ الْقَيُّومُ) الحي في نفسه لا يموت أبدا القيوم : القيم لغيره ومن آياته أن تقوم السماء بأمره كل الموجودات لا قوام لها بدون الله عز وجل ولا غنى لها من الله وكل الموجودات مفتقرة إلى الله (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْم) لا يعتريه سبحانه لا غفلة ولا ذهون ولا نعاس ولا استيقاظ من النوم ولا فقدان الوعي (ٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْض) الجميع عبيده وتحت قهره وفي ملكه (ِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) لا يتجافى احد أن يشفع احد لأحد عند الله إلا إذا أذن الله لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم لكي يشفع لابد له من أن يستأذن وإذا أراد أن يستأذن يوم القيامة يأتي تحت العرش فيخر ساجدا ما شاء الله له أن يسجد فيعلمه من المحامد ما يفتح عليه من الثناء بعد ذلك يقول الله يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع فسيد القوم لا يشفع حتى يؤذن له ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) احاطته سبحانه وتعالى بجميع المخلوقات ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ) لا يطلع على علم الله احد إلا أحد أطلعه الله (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) والكرسي موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى والعرش لا يقدر قدره إلا الله والكرسي عظيم جدا في غاية الاتساع فالسماوات والأرض ليست إلا كحلقة في صحراء فهذا هو الكرسي فكيف العرش وما الكرسي في العرش إلا كحلقة في صحراء والله أكبر من الكرسي ومن السماوات والأرض فاستوى على العرش استواء يليق بعظمته وجلاله ( وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ) لا يثقله ولا يشق عليه حفظ السماوات والأرض وما فيها من الجن والإنس والملائكة وهو يسير على الله سبحانه وتعالى (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255) كقوله تعالى وهو الكبير المتعال وتبين آية الكرسي عظم الله تعالى . ما هي الوسائل التي نحذر بها من الشيطان ؟؟
- الحذر والحيطة واخذ التأهب
- الاعتصام والالتزام بالكتاب والسنه

تحياتي

ملك الأحـ؛؛؛ـاس