تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحركة الإسلامية في العالم العربي.. فترة السبعينيات



life maker
31-08-2004, 01:16 PM
إخواني الأعزاء أهدي إليكم بحث كبير عن الحركات الإسلامية في عالمنا العربي في فترة السبعينبات و هي فترة هامة جداً في تاريخ الحركات الإسلامية
قد يكون الموضوع سياسياً أكثر منه إسلامياً لكني أحب أن أعرض على رواد المنتدى تاريخ تلك الحركات و هو نقلاً عن موقع الإخوان المسلمين


تعد فترة السبعينيات هي مرحلة البناء الثاني لأصول الحركة الإسلامية المعاصرة فقهًا وممارسةً، وهي المرحلة القلقة التي تمَّ فيها البحث عن الجذور ومعالم الأفكار، والتي تمَّ الانقلاب عليها في مرحلة الثورات والانقلابات، والتي تنكرت للحركات الإسلامية وجهودها في التحرر الوطني لمرحلة ما قبل الاستقلال، ومن ثم فالسبعينيات هي الدفعة الثانية لأفكار الإسلام، وهي المرحلة التي جددت فيها الشعوب العربية والإسلامية ثقتها في هويتها وحضارتها، بعد أن رأت أن حصادها من المشاريع الأخرى استبداد وتخلف واستقلال وهميٌّ..



لذلك كان هذا الملف الذي يعد نافذةً مفتوحةً لإعادة قراءة سلوك الحركات الإسلامية في السبعينيات، ونحن على ثقة أن البحث والتعمُّق في هذه المرحلة كفيل بفكِّ الكثير من الالتباسات والاشتباكات الراهنة حول الفكرة الإسلامية



الحركة الإسلامية في مصر: مرحلة انفتاح

شاع لدى كثير من دارسي الحركة الإسلامية في مصر- خاصةً في مرحلة السبعينيات- أكذوبة مفادها أن هذه الحركة "إحدى صنائع النظام الساداتي" الذي عمل على نشأتها حتى تواجه بشعبيتها المد اليساري، وتقوض بعمقها الجماهيري بقايا البنيان الناصري، الذي تم تأسيسه في فترة الخمسينيات والستينيات!



هذا التصور ظل سائدًا لدى أغلب الكتاب في شئون الحركة الإسلامية المصرية، حتى أضحت له- خاصة في بعده التآمري- حجية ذاتية، فما أن يتعرض الدارس للشأن الإسلامي المصري في مرحلة السبعينيات حتى ينطلق أولئك من تلك الفرضية كأنها إحدى مسلمات العلوم الاجتماعية في العالم العربي، ثم يبنون ما شاء من نتائج بعد ذلك عليها! الأمر الذي يحتاج إلى شيء من الضبط والتحرير نقوم به في السطور التالية...



أولاً: نقطة التحليل المركزية:
نقطة البداية التي يتصورها الباحث صحيحة عند تحليل الحركة الإسلامية المصرية في مرحلة السبعينيات هي الانطلاق من مقدمتين:



المقدمة الأولى:



جوهرها أن الصوت الإسلامي لم ينقطع في مصر، وأن الحركات العاملة للإسلام- تحديدًا حركة الإخوان المسلمين- لم تستسلم تحت مطارق المحن والضغوط، بل عضت على جذع الشجرة التي أمرها به الرسول- صلى الله عليه وسلم- وانكفأت على ذاتها تلملم شعثها، رغم الكثرة العددية الهائلة لمن ضمتهم السجون والمعتقلات، ومن أخذوا أوامر بالاعتقال، بعد أن ينهوا مدة الخمس عشر سنة أو الحكم المؤبد التي أخذوها أحكامًا، أي كان مقدرًا لهم ألا يروا ضوء الشمس مرة أخرى.



ولعل ذلك سر الصدمة الهائلة التي عاشها النظام الناصري جراء اكتشافه- بمحض القدر- تنظيم 65 السلمي، فما كان عقل النظام يستطيع أن يستوعب أن حركةً إسلاميةً أذاقها صنوف العذاب، وشرد رجالها، وأهان كرام قومها، وعمل على كشف بيوتها... لولا ستر الله للفئة المجاهدة وبقية من العاملين المخلصين الأخفياء الأتقياء الذين يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع، والله حسيبهم،.. أقول: ما كان عقل النظام يستطيع أن يفهم هذا الصمود فضلاً عن أن تفكر مجموعة كبيرة منهم في إعادة الكرة من جديد- وهكذا شأن الدعوات الصادقة- ولعل هذا مبعث كثرة الحكم بالإعدام والمدد الطويلة التي أخذها خلق كثيرون.



المقدمة الثانية:

هي أن بداية مرحلة السبعينيات في تاريخ الحركة الإسلامية في مصر- كما يتصور الباحث- تبدأ بعد الهزيمة عام 1967 مباشرةً.. تلك الهزيمة التي سموها- زورًا- النكسة تمليها على عقول البسطاء من أهلنا... وتعرض المشروع الناصري إلى الانكسار وأفول موجة الفكر القومي بعد فترة مد هادر سُخرت لها جميع مقدرات البلاد.



لقد كانت الهزيمة ضربةً قاصمةً أصابته في مقتل، وهزت صورة المشروع في أذهان الناس، ولم يعد قائده هو القائد المظفر الذي راهن عليه الناس ووضعوا مصائرهم- دولاً وأنظمةً وشعوبًا- في كنفه.



ولقد أيقظت حرب الأيام الست- أو الساعات المعدودة- الشعوب على وهم أسطورة (الكاريزما) التي طالما ألهبت حماس الناس ومشاعرهم، فالهزيمة لم تكن عسكرية فقط، بل كانت في الحقيقة هزيمة تجربة بأكملها وهزيمة مرحلة من مراحل التاريخ المصري في العصر الحديث سيق الناس فيها قهرًا باسم المعركة القادمة مع الكيان الصهيوني وبحجة الشعار المتهافت "لا صوت يعلو على صوت المعركة" كممت أصوات جميع الأحرار من أبناء شعبنا الكريم، الذي صُبت قطاعات واسعة منه على ذل الكبت والاستبداد، أملاً أن يخلصهم من ذل الاحتلال وضياع الأرض، فأعمتهم التجربة عن أن الاستبداد لا يأتي بخير، وأن القهر وسلب إنسانية المواطن- أيًا كان دينه أو توجهه الفكري أو معارضته للنظام السياسي- لا يمكن أن يأتي بالتحرير.



العودة إلى الدين:

كان البعد النفسي في هزيمة يونيه 1967 أقوى وأعمق، حيث هيأ ذلك الجرح" الفرصة" التي مكنت من رفع الحصار عن الإسلام؛ ليعلن فشل جميع الإيديولوجيات، وأن الرجوع للإسلام هو الطريق الوحيد إلى "الخلاص" فلم تكن النظرة للهزيمة على أنها نتيجة قوة الكيان الصهيوني أو حتى على أنها نتيجة لمساعد الولايات المتحدة لها، بل كانت نظرة كثير من المصريين للهزيمة على أنها كارثة كبرى، أرادها تذكرةً وعقابًا للمصريين على إعراضهم عن واجباتهم الدينية، ومن هنا نفهم سر سجود الشيخ "الشعراوي"- عليه رحمة الله- شكرًا لله على الهزيمة، إذ لو انتصر النظام الناصري بعد أن مكن للشيوعية في الفكر والانحلال في الخلاق في البلاد بالإضافة إلى قتل عباد الله الصالحين والعلماء والدعاة والمصلحين الذين يمسكون الناس بالكتاب كما أمر الله... لكانت فتنة للشعب المصري، إذ كيف ينصر الله من يعلن الحرب عليه وعلى أوليائه.. سجود الشيخ "الشعراوي" هذا بالطبع لن يفهمه فلول اليسار الذين كانوا أول المنتفعين من النظام الناصري؛ لذلك شنوا حملتهم عليه وإن سلمه الله منهم لمكانته عند الناس.



ثانيًا: مراحل التحول:

توفي عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 وأسفرت صراعات مراكز القوى والوضع الدستوري الذي كان فيه "السادات"، باعتباره نائبًا لرئيس الجمهورية- بالإضافة إلى رغبة كثير من مراكز القوى في الإتيان بشخص ضعيف ليست له شعبية، ويسهل تحريكه من وراء ستار- عن توليه منصب الرئاسة، وكان على "السادات" أن يواجه تحديين كبيرين ومباشرين في الخارج والداخل:



- في الخارج تثبيت وضعيته كرئيس للجمهورية ومواجهة احتلال الكيان الصهيوني لسيناء.

- وفي الداخل مواجهة أزمة الشرعية، حيث كانت تنقصه شخصية سلفه الآسرة والتخلص مما أطلق عليها "السادات" مراكز القوى التي كانت ترغب في إدارة الأمور من وراء ستار، وإن كان كثيرٌ منهم يمسك بمفاصل إدارة الدولة بحكم مناصبهم.



وفي محاولة من "السادات" لرفع معدل شرعيته إلى أقصى حد اتبع سياسات ثلاث مترابطة:

1- التخلص من آثار الناصرية في المجتمع المصري أشخاصًا ومشروعات، فعمل على التخلص ممن سماهم مراكز القوى، ثم التخلص من القطاع العام الاشتراكي وما يحمله من نمط في الإدارة وتجييش الناس وراء زعامة "عبد الناصر".



2- إقامة الانفتاح على الغرب توقعًا للمساعدات الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية، خاصةً من الولايات المتحدة لخلق قطاع خاص كبير.



3- التقرب من الولايات المتحدة، والعمل في الوقت نفسه على إضعاف الروابط العسكرية والسياسية مع الاتحاد السوفيتي، حتى تم ما أطلق عليه وقتها عملية طرد الخبراء الروس.



اقتضى سعي "السادات"؛ من أجل الشرعية زيادة الاعتماد على القضايا الإسلامية كبديل جزئي للفراغ المذهبي "الإيديولوجي" الذي خلفه نبذه الحثيث للناصرية، فقرر دستور 1971 أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، كما أعلن أن الشريعة مصدر من مصادر التشريع، وتم رفع شعار دولة العلم والإيمان، ونشر كثير من البرامج الدينية كوسائل يشيد بها "السادات" شرعيته.



وكما يرى "دكمجيان" (في كتابه: الأصولية في العالم العربي) أن منتصف السبعينيات شهد اتباع "السادات" لسياسة ذات ثلاثة اتجاهات في المجال الإسلامي:



1- استرضاء "مؤسسة الإسلام الرسمية" المتمركزة في جامعة الأزهر والمساجد الحكومية الكبيرة، وذلك لدعم تأييد القيادة الإسلامية في مصر.



2- استرضاء "الإخوان" لتحييد المعارضة الأصولية، واستغلال قوة الجماعة التنظيمية ضد الناصريين.



3- قمع الجماعات "الأصولية" النضالية التي تهدد أنشطتها العنفية النظام.





بداية الصراع المسلح



منذ منتصف الستينيات، وتحديدًا بعد إعدام الشهيد سيد قطب- ومجموعة من الإخوان معه- والقضاء على تنظيم الإخوان 1965م، لم تشهد الساحة السياسية المصرية أحداثًا تكاد تهدد رأس النظام إلا مع عملية الهجوم على الكلية الفنية العسكرية التي قادها الدكتور "صالح سرية" (وهو فلسطيني يحمل الدكتوراه في تعليم العلوم)، وكان عضوًا في حزب التحرير الإسلامي في الأردن ثم انضم بعد حرب 1967م إلى مجموعات فلسطينية مختلفة.



وفي بداية 1971م استقر في مصر موظفًا في الجامعة العربية، وبدأ يكون "أسرًا" سرية في القاهرة والإسكندرية.



رأس الدكتور سرية مجلسًا تنفيذيًا من اثني عشر عضوًا كانوا يتخذون قراراتهم عن طريق الإجماع، وقيل إن "سرية" غُلب على رأيه في قراره بعدم تحدٍ نظام السادات أثناء فترة شعبيته بعد حرب أكتوبر لكن طبقًا لرواية أحد قيادات جماعة الفنية العسكرية فإنَّ السبب في تعجيل الهجوم على الكلية "توهم" قادة التنظيم أن الدولة كشفت أغلب عناصره فأرادوا أن يعاجلوا النظام قبل أن يباغتهم ويقضي عليهم، ومن هنا كان الهجوم الفاشل على الكلية الفنية العسكرية ثم إعدام "سرية" و"كارم الأناضولي" في نوفمبر عام 1976م.



ثانيا: التيار الإسلامي من اتحاد الطلاب إلى اغتيال السادات:

في بداية السبعينيات ظهرت نوعية جديدة من التيار الإسلامي تمتعت باستقلال تام عن الإخوان، ولم يربطها بهم سوى الاستناد إلى الدين والمطالبة بتطبيق الشريعة والعدالة الاجتماعية إلى جانب انتماء بعض قيادات هذه الجماعات إلى مجموعة من الشباب الذين استنكروا اتجاه الإخوان المعتدل، كما اختلفت عن الإخوان من حيث العمل والتنظيم والإستراتيجية.



مثلت الجماعات الإسلامية الطلابية التنظيم الجماهيري الحقيقي للحركة التي تمتعت بقوة ملحوظة، وكانت قد بدأت في الظهور في مرحلة الهدوء النسبي الذي ساد الجامعة بعد عام 1973م.



ويمكن تقسيم تطور هذه الجماعات الإسلامية إلى المراحل التالية:

المرحلة الأولى: منذ 1962م: اتسمت الحركة الدينية الطلابية فيها بالضعف؛ نظرًا لسيطرة التيار الناصري والشيوعي على اتحادات الطلاب، واستمرت هذه المرحلة حتى وفاة "عبدالناصر"، برغم بعض الحراك السياسي والاجتماعي الذي أحدثته الهزيمة عام 1967م في المجتمع الطلابي غير أنها وُئدت بمسرحية التنحي وإخراج مظاهرات العمال المدفوعة– كما صرح "خالد محي الدين" وغيره من رموز النظام السياسي وقتها.



المرحلة الثانية: منذ عام 1972م: اشتدت فيها سواعد الحركة الطلابية مع تغير النظام ونضوب الدعم الموجه للتيار الناصري واليساري من قبل النظام.



ومنذ العام 1973م بدأت هذه الجماعات في مناقشة كيفية تحقيق النظام الإسلامي، وبدأت السيطرة على اتحادات الطلاب.



المرحلة الثالثة: برغم وصول الجماعات الإسلامية الطلابية إلى درجة ملحوظة من القوة عام 1976م إلا أن عام 1978م شهد تغيرًا في معارضتها للنظام لعقده اتفاقية كامب ديفيد إذ خرجت عن نطاق الجامعة وتغلغلت في الفئات الشعبية كافة لإحياء الشعور الديني (يلاحظ على المراحل السابقة أنها تقريبية إذ تتداخل خصائص المراحل بعضها ببعض)



ثالثا: الحركة الإسلامية من الجامعة للمجتمع:


في بداية السبعينيات كان التيار الإسلامي في الجامعات المصرية يعمل تحت اسم "اللجنة الدينية"، وانحصر نشاطه في المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية وإقامة الندوات والمعسكرات والرحلات، وفي هذه الفترة سيطر الطابع السلفي التقليدي على نشاط الجماعة وتوجهاتها الفكرية، واستمرت على هذا الحال حتى منتصف السبعينيات.



ومنذ العام 1975م دخلت الجماعات الإسلامية في الجامعات المصرية في مرحلة حسم السؤال الجوهري، كما يقول الدكتور "عصام العريان"- وهو أحد شهود المرحلة البارزين-:

هل نبدأ من جديد أم نكمل المسيرة مع مَن صمدوا وثبتوا واستفادوا من تجاربهم؟ فاختار السواد الأعظم التواصل والاستمرار.



وفي هذه المرحلة كان المجتمع المصري يعجُّ بالكثير من التيارات والأفكار الإسلامية، وكثير منها على دخن، فكان هناك الاتجاه السلفي التقليدي، واتجاه الإخوان المسلمين، كما كان هناك الجمعيات الإسلامية الرسمية كالجمعية الشرعية وجماعة أنصار السنة المحمدية، بالإضافة لبعض المشايخ الذين كان لهم جمهورهم وتلامذتهم كالشيخ "عبدالحميد كشك" والشيخ "حافظ سلامة" والشيخ "المحلاوي" والشيخ "صلاح أبو إسماعيل".



وكانت هناك تيارات الغلو أو ما سُمِّي وقتها بالاتجاه القطبي، واتجاه جماعة المسلمين التي أطلق عليها إعلاميًا جماعة (التكفير والهجرة).



والحقيقة في هذه المرحلة أن أفكار الإخوان المسلمين استطاعت أن تجذب إليها أغلب الشباب في كثير من الجماعات المصرية عدا جامعة أسيوط التي سيطر عليها اتجاه بقي على اسم (الجماعة الإسلامية) لكن بمضامين أكثر عنفًا وبتحالف مع التيار الجهادي.



وما إن هلت سنة 1979م حتى بدأت الجماعة الإسلامية في محافظات الوجه القبلي في التحالف مع تنظيم الجهاد، وتم تشكيل مجلس شورى من أحد عشر عضوًا، وعرض على الدكتور "عمر عبدالرحمن" إمارته فرفض ثم قبله تحت إلالحاح.



ومع نهاية عهد السادات استقر اتجاهان فكريان إسلاميان داخل المجتمع المصري:

أولها: تيار الإخوان المسلمين: الذي تركز في محافظات القاهرة الكبرى والوجه البحري، وله بعض الوجود في محافظات الوجه القبلي.



ثانيًا: التيار الثاني: اقترب من الخط الجهادي في أغلب مناطق الصعيد وقد تحالف مع تنظيم "عبد السلام فرج".



ومنذ العام 1981م توارى قليلاً التيار الأول ليبرز على الساحة التيار الثاني الذي ارتبط بحدثين مهمين في تاريخ مصر هما: اغتيال السادات في أكتوبر 1981م ثم حوادث العنف التي شهدتها مدينة أسيوط بهدف السيطرة عليها.



والحقيقة أن موت السادات أتاح لونًا من التنفيس السياسي المؤقت أرجأ انفجار الموقف المتأزم في مصر إذ حاول الرئيس "حسني مبارك" تغيير وجه النظام ببعض الإصلاحات الجزئية، لكن الرئيس الجديد لم تسعفه الوسائل المذهبية ولا الكوادر البشرية المخلصة ليعالج علل المجتمع المصري علاجًا شاملاً.



خاتمة:

من خلال الكتابات الغزيرة التي تحدثت عن موضوع الحركة الإسلامية في مصر يمكننا تحديد عدد من الملامح التي تتسم بها، وأهمها هو:

- استحالة العلمانية؛ فالدين في النموذج المصري مكون أساسي في الشخصية المصرية من ناحية، وهو سند الشرعية الأول لأي نظام سياسي من ناحية أخرى.

- كلية شمول الإسلام منذ أن أحيا الإمام البنا هذا الركن من أركان فهم الإسلام في العصر الحديث، فأي حركة سياسية مهما كان مصدر تأثيرها أو قاعدتها تظل تفقد أهم دعاماتها إذا تعاملت مع الإسلام من منطلق التجزئة أو الدعوة لبعض الإسلام وترك البعض الأخير منه خشية الاصطدام بالسلطة.

life maker
31-08-2004, 01:18 PM
إسلاميو السودان.. انشقاق أفضل من الاتفاق!


في صباح يوم 25 مايو 1969م تسلم تنظيم الضباط الأحرار بقيادة "جعفر نميري" السلطة معلنًا قيام جمهورية السودان الديمقراطية التي وضعت في قائمة أولوياتها تصفية الحزبية والطائفية، وتنفيذ ميثاق ثورة أكتوبر السودانية الاشتراكية، ولم يطل المقام بالحركة الإسلامية حتى شرعت في مقاومة الحركة الانقلابية بعد تيقنها من أن المشروع الحضاري للانقلابيين يُعاكس- اسمًا ورسمًا- المشروع الإسلامي الذي تقوم عليه الحركة، بل ويجعل هناك استحالة مادية ليس فقط في تنفيذ المشروع الإسلامي ولكن في مجرد السير قدمًا به إلى الأمام، وذلك إضافةً إلى أن المشروع الانقلابي صادر حق الحركة الإسلامية في العمل والدعوة واتجه بالسودان نحو الاشتراكية العلمانية وفتح البلاد أمام التحرك الشيوعي.



وهكذا، على إثر الانقلاب اجتمعت القيادة الإسلامية وقررت مقاومة النظام وتعريته أمام الرأي العام بوصفه محاولة يسارية شيوعية، ثم صدر البيان الأول ولم تتمكن قيادة الحركة حتى من الإشراف على توزيعه، إذ تم اعتقال كل من الدكتور "حسن الترابي" و"صادق عبدالله عبدالماجد" و"ياسين عمر الإمام" وغيرهم حتى بلغ مجموع المعتقلين 64 سياسيًا!

الجامعات والمقاومة:
والأمر هكذا، وجد شباب الحركة الإسلامية- الذين لم يكونوا ممثلين في أي جهاز من أجهزة السلطة- أنفسهم في صراع غير متكافئ مع السلطة الجديدة، وطغى التفكير الجهادي على العقلية العامة للحركة الإسلامية باعتباره السبيل الوحيد لمجابهة التحدي الجديد وكسر شوكة العلمانية، وركز الإخوان على منطقتين كأرض لمقاومة النظام الجديد:



* الانطلاق من الجامعات، إذ الحركة الإسلامية في مجملها حركة متعلمين.

* المقاومة الجهادية المرتكزة على التدريب على استخدام السلاح في جزيرة "أبا" والاستعداد لمواجهة النظام عسكريًا.



وبالنسبة للمقاومة المنطلقة من قطاع الطلاب فقد أخذت تتشكل مع افتتاح الجامعة في يوليو 1969م، أما بالنسبة لمحور العمل الثاني "مواجهة النظام" فقد تم من خلال الجبهة الوطنية التي شملت كل الناقمين على النظام الجديد من إخوان وأنصار.



ثم بدأ التحرك إلى جزيرة "أبا" بنداء الإمام الهادي للأنصار بالهجرة للجزيرة، كما شرعت قيادة الجبهة في الخارج في تهريب السلاح من إثيوبيا إلى الجزيرة، ولكن سرعان ما صفَّى الجيش هذه المعارضة المسلحة إذ تحركت القوات السودانية برًا وجوًا وقضت على مواقع الأنصار، وفي ظرف 72 ساعة اقتحم الجيش "أبا"، وخرج الإمام الهادي إلى إثيوبيا لكنه اعتُقل عند الحدود، ثم ما لبثت أن صدرت الأوامر باغتياله.



ثم ظهرت على السطح نذر الخلاف بين الحزب الشيوعي والجيش بقيادة "نميري" الذي قام في 16 نوفمبر بتصفية العناصر المعارضة لحكمه متهمًا إياها بالعمالة للسفارات الأجنبية، وفي 17 مايو 1971م أوقفت الحكومة السودانية نشاطات الحزب الشيوعي، واعتقلته واعتقلت قادته ثم جاءت المحاولة الفاشلة لانقلاب "هاشم العطافي" يوليو1971م للاستيلاء على السلطة لتقضي على آخر قوى اليسار السوداني.



وفي نهاية عام 1972م، سمحت السلطة لـ"حسن الترابي" بأداء فريضة الحج بعد إطلاق سراح القيادات الإسلامية، وبينما كانت الجبهة الوطنية تُعيد النظر في بنائها كان نظام مايو يحث الخطى في بناء التنظيم السياسي الشعبي الذي كان يرتكز عليه، وأصبح نظام نميري يقوم نظريًا على (الميثاق الوطني- وثائق الاتحاد الاشتراكي- الدستور الدائم- وقانون الحكم الذاتي).



وابتداءً من عام 1974م ارتحلت المبادرة السياسية إلى خارج السودان حيث ارتكز العمل السياسي المعارض في الخارج ما بين ليبيا والسودان وإثيوبيا، كما اجتهدت أطراف أخرى في محاولة لصياغة ميثاق الجبهة، وقد اصطدمت هذه المحاولات بإصرار (الإخوان المسلمين) على عزل الشيوعيين وطرح ميثاق إسلامي خالص التوجه، بينما حرص السيد "الصادق المهدي" على أن يظل الميثاق فضفاضًا يسع جميع الأطراف.
وشهد عام 1974م حدثين مهمين أثرا على إستراتيجية الحركة الإسلامية بصفة خاصة والجبهة الوطنية بصفة عامة.
أما الحدث الأول: فقيام الثورة الإثيوبية التي انتهت إلى الإطاحة بالإمبراطور "هيلاسلاسي" مما ترك الوجود الأنصاري الضخم في إثيوبيا تحت رحمة النظام الإثيوبي اليساري الجديد.



أما الحدث الثاني: فهو التقارب العراقي السوداني أواخر عام 1974م، الذي كان عربونه إطلاق "نميري" لعدد من قادة الشيوعيين والبعثيين.



ثم جاء اغتيال الملك "فيصل"- الذي كان نعم الظهير لرجال الجبهة الوطنية- ليفقدهم أحد أهم أضلاع المثلث الذي كانت تستند إليه إذ كانت الجبهة تستقر على ثلاث سيقان: (إثيوبيا- ليبيا- السعودية)، واستهلت نشاطها في عام 1975م معتمدة على ساق واحدة هي ليبيا.



وكانت حركة 2 يوليو 1976م العسكرية آخر محاولات الجبهة للتخلص من نظام "نميري"، بل نجح هذا النظام في امتصاص ضربة يوليو 1976م.

المصالحة الوطنية 1976م:
كتب أحد المعارضين مذكرة إلى "نميري" بشأن مصالحة وطنية تحد من سياسة سفك الدماء ضد الجبهة الوطنية فقبلها "النميري" وعرض الأمر على "الترابي" الذي قبلها بشرط إصدار عفوٍ عام عن المعتقلين السياسيين، وفي يوليو 1977م أعلن "النميري"- من خلال برنامج المكاشفة- أنه قابل السيد "الصادق"، وكون ثلاث لجان لتنظر في أمر المعتقلين، وتم إطلاق سراح جميع المعتقلين باستثناء الشيوعيين، وبعدها أعلن "الترابي" في سبتمبر 1977م بيانًا أعلن فيه فض الجبهة الوطنية.

الأسباب التي دعت للمصالحة:
جاءت كالتالي:
- استنفد الصراع المسلح القوة العسكرية للجبهة الوطنية، ولم يكن من المنظور تكرار حركة عسكرية على غرار يوليو 1976م.
- ضعف نظام "نميري".
- تزايد احتمالات الهيمنة الأجنبية على الجبهة الوطنية.
أما الأسباب الداخلية للحركة فأمران:
1- أزمة الثقة التي اعترت الإخوان بعد فشل محاولة يوليو 1976م.
2- الحاجة إلى هدنة مع النظام بعد ضعف الحركة داخليًا.
وبدأت رحلة المصالحة بتعيين الدكتور "حسن الترابي" في لجنة مراجعة القوانين لتتماشى مع الشريعة الإسلامية، وما لبث أن صدم الشباب الإسلامي بقبول القيادة لدخول اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي التي طالما هتفوا ضدها بل وقاتلوها.
ومنذ عام 1978م والت الحركة اختراقها لنظام "نميري"، والتغلغل في صفه، والتحقت أعداد كبيرة بوحدات الاتحاد الاشتراكي، كما أصبح الدكتور "حسن الترابي" مساعدًا للامين العام للاتحاد الاشتراكي للشئون الخارجية، وجرت انتخابات مجلس الشعب القومي الثالث في فبراير 1978م، واشترك فيها الإخوان على نطاق واسع وفاز 18 أخًا يمثلون مختلف القطاعات المهنية والدوائر الجغرافية، خاصةً في العاصمة، وفي سبتمبر عام 1980م فُُوجئ الإخوان ببيان من "السيد الصادق عبدالماجد" أحد رواد حركة (الإخوان المسلمين) والذي أفنى زهرة شبابه في خدمة الحركة، يؤكد فيه أنه باق في تنظيم (الإخوان المسلمين) الجديد الذي سيواصل السير في الخط الذي يتفق مع منهج الحركة الإسلامية وتاريخها، وبرر ذلك بالآتي:
- عدم رضائه عن الفتاوى والاتجاهات التنظيمية التي يقودها "الترابي"، وعدم اقتناعه بمسوغات المصالحة.
- إيمانه بوحدة الحركة الإسلامية العالمية، وتمسكه بصيغة الموالاة للتنظيم الدولي الإخواني.
- إيثاره أسلوب التربية والتنظيم الدقيق.
- إعلان "الترابي" في مقابلة صحفية مع صحيفة خارجية حل تنظيم (الإخوان المسلمين)!
وهكذا، انتهى ذلك العقد من تاريخ السودان بالانشقاق الكبير بين الجبهة القومية الإسلامية التي أسسها "الترابي"، وأدار العمل الإسلامي من خلالها، والتنظيم الإخواني الذي ظل على ولائه للحركة الإسلامية ممثلة في التنظيم الدولي لـ"الإخوان المسلمين".

life maker
31-08-2004, 01:20 PM
الإسلاميون في تونس.. العقل في مواجهة القمع!



لعل أهم ما يميز الحركة الإسلامية التونسية هو استجابتها للتطورات المجتمعية، ومحاولتها المشاركة فيها، بل التحكم في كثير من عناصرها بهدف تحقيق معدلات عليا من الشعبية وسط جماهير التونسيين، كما أنها لم تدع انفرادها بتقديم البديل "الوحيد الشامل"؛ وإنما رأت نفسها أحد البدائل المتاحة على الساحة السياسية في ظل إستراتيجية تختلف عن معظم الحركات الإسلامية في الوطن العربي، بل العالم الإسلامي كله.

لقد دخلت الحركة الإسلامية التونسية إلى المجال السياسي بقوة أسرع من بقية الحركات الإسلامية في المغرب العربي، ويعود ذلك إلى أسباب عدة:

أولها: أهمية التيار الإسلامي وقوة هيكله.

وثانيها: الإستراتيجية الشرعية التي يتبعها الفرع الرئيس لهذا التيار.

وأخيرًا: حجم القمع البوليسي وفاعليته.

ويرى دارسو هذا التيار أنه حالة نموذجية؛ لأنه تجاوز العديد من المراحل التي ما زالت التيارات الأخرى تجهلها على حدٍّ ما، بل إنه بدأ حركته بدايةً غير مسبوقة عن طريق الطفرة، وقد أسهمت شخصية الشيخ "راشد الغنوشي" في إضفاء طابع مرجعي تأسيسي على التجربة التونسية.

وتمثل سنة 1968م بداية دخول التيار الإسلامي التونسي إلى حلبة السياسة برغم أنه في المرحلة الأولى لم يشكل قوة معارضة.

عوامل النجاح الشعبي للحركة:

يمكن إيجاز العوامل التي أسهمت في ظهور الحركة الإسلامية كأحد البدائل السياسية المتاحة، وتمتعها بجاذبية ملحوظة لدى الجماهير في تونس فيما يلي:

- تقويض النظام البورقيبي للإسلام المؤسسي، ومساسه بالرموز الإسلامية التقليدية.

- الأزمة المجتمعية الحادة التي واجهها النظام بعد فشله في تحقيق البرامج التنموية على النمط التحديثي الغربي.

- المناخ السائد في إطار فشل الخطاب الأيديولوجي للمعارضة في اجتذاب الجماهير، إلى جانب انضواء طبقة العمال الحضرية إلى صفوف الحركة الإسلامية بعد المواجهة بين النظام والحركة العمالية.

مراحل التطور

يمكن تقسيم المراحل التي مرت بها الحركة الإسلامية التونسية إلى:

أولاً: مرحلة التيار الإسلامي التلقائي (1970م- 1978م):

تكونت النواة الأولى للحركة الإسلامية التونسية في بداية السبعينيات من مختلف العناصر التي تلقت تكوينًا إسلاميًّا، وارتبطت بالأوساط الدينية، مثل: "راشد الغنوشي"، و"عبدالفتاح مورو"، إلى جانب "أحميدة النيفر" (تأثر الشيخ "راشد الغنوشي" بالأفكار الدينية والإصلاحية في كل من مصر وسوريا، أما الشيخ "عبدالفتاح مورو" فقد تأثر بالحركة الصوفية، مثل: الاتجاه الإسلامي المعتدل).

وقد انضمت هذه المجموعة إلى "جمعية المحافظة على القرآن"، وهي تنظيم يتسم بالقانونية، إلا أن سيطرة الاتجاهات الإسلامية على الجمعية أدى إلى إقصاء النظام للإسلاميين عن هذا التنظيم؛ وهو ما جعلهم ينقلون نشاطهم إلى الجامعة في مواجهة صريحة مع النظام.

وهكذا استرجعت جامعة (الزيتونة) بعضًا من مكانتها كمركز للإشعاع الثقافي من خلال الحلقات الدينية التي ضمت مجموعة من الإسلاميين، ولم تؤدِ تصفية نشاط جامعة (الزيتونة) إلى إنهاء المواجهة بين النظام والإسلام، نتيجة لتجذر الإسلام في المجتمع التونسي، وتوافر الشروط المادية والمعنوية لنمو الحركة الإسلامية؛ إذ استطاعت هذه الأخيرة تعبئة العديد من العناصر من خلال الحلقات الدينية، التي اشتملت على عرض وتحليل للفكر الغربي؛ سواء الليبرالي، أو الماركسي؛ للبحث عن بديل أيديولوجي، وإبراز تفوق الفكر الإسلامي، وقد أفرزت هذه الحلقات أول حركة سياسية جماهيرية ضمت عناصر الحركة الإسلامية كافة.

ولم يهتم الإسلاميون خلال هذه المرحلة بالانخراط في العمل السياسي؛ إذ لم تختلف الحركة الإسلامية التونسية عند نشأتها عن بقية حركات الإصلاح الروحي، بل أكدت النواحي التعبدية، واقتصر الخطاب الأيديولوجي لها على الموضوعات التي أولتها اهتمامًا خاصًّا، مثل: ضرورة التمسك بالإسلام، والانفصال عن المجتمعات الجاهلية، التي لا تستند إلى مبدأ الحاكمية.

ولم يرَ النظام في الحركة الإسلامية خلال هذه الفترة خطرًا يمثل تهديدًا للشرعية، كما أن الحركة رأت أن وقوع الدولة التونسية في أيدي اليسار أشد خطرًا من استمرار النظام؛ لذلك ساد نوع من التعايش بين الطرفين، وإنْ حمل في طياته بذور الصدام.

ثانيًا: مرحلة التيار الإسلامي التسييسي منذ 1978م:

لجأت الحركة الإسلامية إلى تسييس نشاطها، وتحولت إلى حركة سياسية شورية علنية، وعكست مجلة (المعرفة)- لسان حال الإسلاميين (1972م- 1979م)- هذا التحول؛ إذ اهتمت بذلك في السنوات الأولى من صدورها بالثقافة، إلا أنها منذ 1978م- خاصةً بعد المواجهة بين النظام واتحاد الشغل- أولت اهتمامًا خاصًّا بالموضوعات الاجتماعية والسياسية.

وقد استمرت الحملات الإعلامية الإسلامية من خلال مجلتي (المجتمع)، و(الحبيب)، اللتين صدرتا خلال عامي 1979م و1980م إلى جانب دروس "الغنوشي" في المساجد في بداية الثمانينيات، التي عكست مزيدًا من التسييس بعد اكتساب الحركة الإسلامية لقاعدة شعبية واسعة.

وقد استند الخطاب الإسلامي إلى الرموز الدينية والحجج الإسلامية كأساس لإضفاء الشرعية على المسائل السياسية، وسرعان ما لجأت الحركة إلى فتح مجالات جديدة لنشاطها داخل المجتمع المدني، وتحول نشاطها إلى العمل السياسي، وافتقاد العمل الحكومي، وغزو الجامعة التي كانت مرتعًا خصبًا لليسار التونسي.

وشهدت الجامعة في تونس خلال عامي 1979م و1980م مصادمات عنيفة بين اليساريين والإسلاميين، وهكذا انتهت هامشية الحركة الإسلامية تجاه الصراع الاجتماعي، إلا أنها حرصت على مهادنة النظام، وتقبلت الوسائل الديمقراطية كإطار للعمل السياسي، وأصبح الإسلام رمزًا لمقاومة النظام العلماني البورقيبي.

كما اتسمت هذه المرحلة بالمواجهة والتصادم بين كل من الحركة الإسلامية والنظام الذي تبين له تعاظم قوة التيار الإسلامي واتساع قاعدته الشعبية، فشن حملة دعائية تهدف إلى عزل الحركة وتشويهها، كما قام بحظر وسائل إعلامها، واستخدام أساليب قمعية عدة.

ويرجع هذا التغير في إستراتيجية النظام إلى رفض هذا الأخير لتزايد التوظيف السياسي للإسلام؛ إذ تخلت الحركة عن الاقتصار على الاتجاه الأخلاقي الديني، وتباعدت عن الاهتمامات الدينية الهامشية، التي لا تعكس الواقع الاجتماعي، ولجأت إلى توسيع مجالات عملها، والتأكيد على إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي والسياسي.

وهكذا تحولت الحركة الإسلامية إلى خصم سياسي للنظام الحاكم، الذي بدأ في مواجهتها، خاصة بعد تقدمها بطلب الحصول على التأشيرة القانونية عام 1981م، ولجأ إلى اعتقال قيادتها.

وقد أكد النظام البورقيبي رفض قيام حزب إسلامي، وخيَّر الحركة بين اقتصارها على العمل الإصلاحي وتحولها للعمل السياسي من خلال تنظيم حزبي، يقوم بممارسة نشاطه في إطار قواعد اللعبة الديمقراطية.

وقد قبلت الحركة هذه القواعد، إلا أن النظام لم يستطع أن ينازلها في ذلك، فعاد إلى بطشه وسالف عهده في كبت الحريات، وإشاعة جو من الخوف والفزع بين صفوف الشعب، وهي عادة نظم الاستبداد، ليس في العالم العربي وحده، بل على مدار الرقعة الإسلامية من (طنجة) حتى (جاكرتا).

life maker
31-08-2004, 01:30 PM
أسلمة الجزائر.. مخاض عنيف قبل الصدام


شهدت الساحة السياسية في الجزائر دويًّا شديدًا مع نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، وانطلاقة الجهاد الأفغاني تحت راية الإسلام لتحرير البلاد من المحتل الشيوعي، ولكن تفسير ذلك يقتضي الرجوع قليلاً إلى الوراء.


لقد انتصرت الثورة الإسلامية الجزائرية بعد حرب تحرير طويلة استمرت من سنة 1954م إلى سنة 1962م ضد الاحتلال الاستيطاني الفرنسي، وتوحدت جهود الثوار في جبهة التحرير الوطني، واعتمدت الجبهة على الإسلام باعتباره المعين الأساسي للثورة، والرمز الذي يجمع شمل الجزائريين في جهادهم ضد الاحتلال الفرنسي المستبد- ذلك النوع من الاحتلال الاستيطاني مثل الاحتلال الاستيطاني العنصري لليهود في فلسطين اليوم- ومن هنا حلت جمعية العلماء نفسها سنة 1956م، واندمجت في التيار الثوري الذي تقوده جبهة التحرير الوطني، وذلك من المنطلق الإسلامي الذي أكده بيان أول نوفمبر سنة 1954م، الذي فجَّر الثورة؛ إذ نصَّ على أنَّ تطلُّع الشعب الجزائري للحرية والاستقلال، تحدده المثل الإسلامية.



السلطة تلجأ إلى الترغيب والترهيب:

لكن جهود أعضاء جمعية العلماء توقفت في بداية عهد الاستقلال، وتمَّ تحجيمها من قِبَل السلطة التي استخدمت أساليب الترغيب والترهيب مع الرموز الإسلامية، فرضي كثير منهم بالمناصب والوظائف الحكومية، بينما أُحيل بعضهم من الذين عارضوا الحكم الجديد إلى التقاعد، ومُنعوا من القيام بأي نشاط في الميدان السياسي.



وبالرغم من أن جناحًا مهمًّا من جبهة التحرير الوطني، التي حكمت البلاد منذ الاستقلال حتى بداية التعددية السياسية في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، فقد ظلَّ على ولائه للمبادئ والأهداف الإسلامية التي جاهدوا من أجلها، إلا أن السلطات الجزائرية- التي هيمن عليها العسكريون واليساريون منذ الاستقلال- رأت أنه لا ينبغي أن يُسمح للعلماء والدعاة أو المؤسسات الإسلامية المختلفة بأن تشكل مركز قوة مستقلاً عن سياسة الحزب الواحد والحكومة والجيش.






ومع ذلك، لم ينقطع الصوت الإسلامي بصورة كاملة.. ففي سنة 1964م، تأسست جمعية إسلامية عُرفت باسم جمعية (القيم) كامتداد لجمعية (العلماء)، لكن تمَّ حل جمعية (القيم) في مارس 1970م- وأصدرت الجمعية مجلة باسم (التهذيب الإسلامي)، وقد رفعت الجمعية شعار الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية، وكان الشيخ "الهاشمي تيجاني"- رئيس جمعية (القيم)- متأثرًا بأفكار (الإخوان المسلمين) وقادتهم، وبصفة خاصة الإمام المجدد الشيخ "حسن البنا"- عليه رحمة الله.




انقلاب "بومدين":

مع انقلاب العقيد "هواري بومدين" عام 1965م على رفيق دربه الرئيس "أحمد بن بيلا" سيطرت الدولة تمامًا على مجمل الأنشطة الإسلامية، وكان نظام "بومدين" كلما توغل في تطبيق سياسات غير إسلامية؛ سواء في القضايا الاقتصادية، أو الثقافية، أو الاجتماعية، نشطت المعارضة الإسلامية ممثلة في أعضاء جمعية (العلماء) السابقين والعناصر الإسلامية الشابة، التي قادت الحركة الإسلامية خلال تلك الفترة.



ومنذ بداية العام ديسمبر 1968م بدأ- تحت رعاية المفكر الإسلامي العظيم "مالك بن نبي"- تنظيم أول ملتقى للفكر الإسلامي، وتأسست مساجد و(مصليات) جامعية جديدة في العاصمة، و(وهران) في الغرب الجزائري عام 1970م.



وانتشر الحجاب، وأقيم أول معرض للكتاب الإسلامي في الحي الجامعي في (بن عكنون) (العاصمة) سنة 1971م، وتحرك نظام الحكم في شكل غير صدامي لاستيعاب التغيير الهادئ عبر الإشراف على تنظيم ملتقى الفكر الإسلامي، وفي مارس 1971م أشرفت الحكومة على إصدار مجلة (الأصالة)، وابتداءً من ذلك الوقت قامت هذه المجلة بالتعبير عن وجهة النظر الرسمية في المجال الديني.



وفي هذه الفترة، كان الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الجزائر- أحد أوجه الاحتلال الاستيطاني- يزداد شراسةً عندما رحل وخلف وراءه من يقود عملية تغريب المجتمع، وحرفه عن قاعدته الإسلامية، وتمثلت ساحات التجنيد للفكرة الإسلامية- كما يقول "فرانسوا بورجا"- في ساحات أربع هي: التعليم الديني، والثورة الزراعية، والصراع اللغوي بين (الفرنسة) والتعريب، وقانون الأحوال الشخصية.



وفي سنة 1971م صدر قانون الثورة الزراعية، وكان يقضي بانتزاع الأرض من المواطنين الجزائريين بحجة الحد من الملكية الفردية؛ بحيث لا تزيد ملكية العائلة الواحدة على سبعة هكتارات (حوالي 13 فدانًا)، وما زاد عن ذلك يوضع تحت تصرف الصندوق الوطني للثورة الزراعية، وعلى أثر ذلك انتشرت فتوى ببطلان الصلاة في الأراضي التي تأممت.



وفي عام 1974م ألّف الشيخ "عبداللطيف سلطاني" كتابًا بعنوان "المزدكية أصل الاشتراكية"، وجَّه فيه نقدًا لاذعًا للاشتراكية التي ينادي بها "بومدين"، ويهاجم المبادئ الهدَّامة المستوردة من الخارج.



وشهد العام 1975م مواجهات عنيفة بين الأوساط الطلابية في جامعة قسطنطينة في أثناء "حلقة دراسية عن قانون الأحوال الشخصية"، التي كانت مسرحًا لمواجهات بين الطلاب الناطقين باللغة الفرنسية والمقربين من حزب الطليعة (وهو وريث الحزب الشيوعي الفرنسي)، وبين الطلاب الناطقين باللغة العربية، الذين يطالبون باحترام الشريعة الإسلامية.



وفي سنة 1976م جرت مناقشات حول مشروع جديد لتعديل الميثاق على نحو يتعارض مع بعض القواعد الإسلامية، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية وقانون الأسرة، وكانت هذه السياسات التي تنتهجها حكومة "بومدين" مصحوبة بصعود التيار اليساري الإلحادي، فنهضت الحركات الإسلامية لتعارض تلك السياسات والاتجاهات.



وكان الشيخ "عبداللطيف سلطاني"- عضو جمعية العلماء- من أبرز الأصوات التي عارضت حكومة "بومدين" على أساس إسلامي، كما كان الشيخان "عبداللطيف سلطاني" و"أحمد سحنون"- وهما من شيوخ الجزائر- دائمي التنبيه والتحذير من مخاطر وتداعيات التغريب الثقافي والاستبداد السياسي والتوجه الاشتراكي في الاقتصاد.






ومن الذين برزوا كمعارضين في ذلك الوقت، كذلك الشيخ "محفوظ نحناح"- عليه رحمة الله- الذي قاد تيار (الإخوان المسلمين) بعد ذلك حتى وفاته في عام 2003م.



"نحناح" يقود تيار العلنية:

في هذا العام أيضًا اختار تيار مهم من تيارات الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ "محفوظ نحناح" المعارضة العلنية لاختيارات النظام الحاكم؛ إذ وجَّه رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس "هواري بومدين" بعنوان "إلى أين يا بومدين؟"، انتقد من خلالها خيار التوجه الاشتراكي المعتمد آنذاك، ليقتاد إلى السجن بعد ذلك في رفقة عدد من إخوانه، ثم صدر في حقه حكم بالسجن لمدة خمسة عشر عامًا، أمضى منها خمس سنوات، وأُفرج عنه سنة 1981م.



وجاء رحيل الرئيس "هواري بومدين" في نهاية سنة 1978م ليضع حدًّا للسياسات التعسفية والقمعية ضد الحركة الإسلامية في بلد ثورة المليون والنصف شهيد.



ثم جاءت سنوات الثمانينيات؛ لتمثل سنوات الغليان في الجزائر، التي افتتحت العمل المسلح في الجزائر عام 1981م بالمواجهة العنيفة بين جماعة "مصطفى بويعلي" والنظام الجزائري برغم أنَّ أكثر الدعاة الذين استشارهم "بويعلي" اعترضوا على فكرة الدخول في مواجهة مسلحة ضد نظام الحكم القائم؛ لتخلف شروط التمكين، وعدم تكافؤ موازين القوى، ومع هذا أصر "بويعلي" على خياره الصدامي إلى أن قتل في كمين نصبته له الشرطة الجزائرية في عام 1987م.



ترويض التيار الإسلامي!
قلنا إن جبهة التحرير الوطني لجأت عقب الاستقلال إلى سلاحيّ الترغيب والترهيب لتحجيم الإسلاميين، الذين تصدوا لسياسات "بومدين" غير الإسلامية، لكنه واجههم بإجراءات قمعية عنيفة.



واليوم نتطرق إلى البدايات الهادرة للحركة الإسلامية الجزائرية الحديثة منذ العام 1982م، حتى يونيو 1990م، الذي شهد انتصارًا ساحقًا للجبهة الإسلامية للإنقاذ بسيطرتها على 55% من المجالس المحلية وثلثي الولايات.



من الهدوء إلى الهدير:

منذ وفاة "بومدين" في 1978م سارت الحركة الإسلامية هادئة حتى عام 1982م، الذي شهد أول تجمع كبير للجماعات الإسلامية في البلاد تحت رعاية الشيخ "عبداللطيف سلطاني"، والشيخ "أحمد سحنون"، وقدم المجتمعون قائمة بمطالبهم التي تضمنت وضع حد للتأثيرات الغربية، خاصة الفرنسية، في المجتمع الجزائري، وإلغاء ميثاق 76، وأن يحل القرآن محل الميثاق العلماني.



على أثر ذلك اعتُقل عدد من المشاركين في المؤتمر، كان من بينهم الشيخ "عباس مدني"، الذي أفرج عنه في 1984م، وفي الوقت نفسه فاز الإسلاميون فوزًا ساحقًا في انتخابات اتحاد الطلبة بجامعة الجزائر، ثم سارت الجزائر هادئة حينًا، وهادرة أحيانًا، حتى كان الانفجار الكبير، الذي أيقظ الجزائر؛ أزمة اقتصادية على سطح الأحداث، لكنه نبَّه إلى أزمة أشد عمقًا هي أزمة الهوية.



انتفاضة أكتوبر 1988م:

على إثر قيام الحكومة برفع الدعم عن بعض السلع الأساسية- ومنها الخبز- كخطوة أولى نحو إطلاق قوى السوق، والأخذ بسياسة التحرير الاقتصادي، وقعت اضطرابات اجتماعية واسعة الانتشار، أدَّت إلى إعادة النظر مرة أخرى في السياسة العامة للدولة، وقد تراجعت الحكومة عن قرارتها، ريثما تستكمل أحد الشروط المهمة المسوِّغة لضمان نجاح سياسة الإصلاح الاقتصادي؛ وهو شرط الانتقال من الحزب الواحد إلى النظام الديمقراطي متعدد الأحزاب.



وقد أسفرت المراجعة، وإعادة النظر- بعد المظاهرات وأحداث العنف- عن صدور دستور 1989م، الذي أنهى النظام الشمولي رسميًّا، ونص على حرية تكوين الأحزاب والجمعيات السياسية، لكن حين نزل الشعب إلى الشوارع ردت الحكومة في البداية بالقمع واستخدام العنف، ثم لجأت بعد ذلك إلى الوعود بالإصلاح السياسي.



لقد كان للقمع العسكري الوحشي للاضطرابات عواقب وخيمة؛ إذ زعزع بشدة موقف الحكومة حيال الإصلاح السياسي، وتقليص دور الجيش، ولجوئها للتغيير القسري للتركيبة السياسية في البلاد.



وفي غضون شهر من بداية تلك الاضطرابات الخطيرة التي شملت البلاد كلها، أعلن "الشاذلي بن جديد" في 23 من نوفمبر 1988م استفتاءً شعبيًّا لتعديل دستور 1976م، وفي فبراير 1989م ظهرت التعديلات في تبني دستور جديد، ينقض الماضي الاشتراكي للجزائر، ويفصل الدولة عن الحزب، ويقر بشرعية أحزاب المعارضة.



وبأحداث أكتوبر 1988م انتزعت جماهير الشعب الجزائري زمام المبادرة السياسية من الدولة التي حاول "ابن جديد" استردادها بالشروع في إصلاحات سياسية، ونتيجة لقناعته بأن الإصلاح السياسي تكملة ضرورية للتحرير الاقتصادي من جانب، وكمحاولة لإيجاد بعض مظاهر النظام قبل أن يفلت زمام الأمور من جانب، ثم ليضمن بقاءه السياسي من جانب آخر، حتى ولو خاطر- إلى غير رجعة- بتقليص دور جبهة التحرير الوطني في مثلث (الحزب- الدولة- الجيش)، باشر "ابن جديد" التعديل الدستوري، مؤكدًا أن توجيه عملية الإصلاح يتم من توافق مع الزوايا الثلاث للحركة الإسلامية الجزائرية: (الإنقاذ)، و(حماس)، و(النهضة).




الجبهة الإسلامية للإنقاذ:

تأسست بزعامة "عباس مدني" في مارس 1989م؛ أي بعد مضي شهر واحد على صدور الدستور الجديد، الذي نص على التعددية السياسية في البلاد، وفي سبتمبر من العام نفسه حصلت جبهة الإنقاذ على ترخيص رسمي بها كحزب سياسي؛ لتصبح بذلك أول حزب سياسي إسلامي في البلاد، يتم السماح له بالعمل بصورة قانونية.



يتكون الهيكل التنظيمي للجبهة من مجالس الشورى والمكاتب التنفيذية على مستوى البلديات والولايات على المستوى الوطني؛ أي على مستوى الجمهورية، أما المكتب التنفيذي الوطني فهو يمثل القيادة السياسية للجبهة، ويقوم مجلس الشورى الوطني بانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي.. هذا، بالإضافة إلى عدد كبير من اللجان الفنية المختصة بالشئون المالية والإدارية والإعلامية والدعوة، وتشكل الجبهة الإسلامية للإنقاذ رأس المثلث الإسلامي في الجزائر.



حركة مجتمع السلم (حمس):

بقيادة الشيخ "محفوظ نحناح"- وكانت تُسمى من قبل بحركة المجتمع الإسلامي (حماس)- وهي تمثل التيار الإخواني في الجزائر، وحصلت على الاعتراف الرسمي في فبراير 1991م.



حزب النهضة الإسلامية:

وكان يقوده الشيخ "عبدالله جاب الله"، وذلك قبل أن يتعرض للانشقاق.



الانتخابات البلديات في يونية 1990م:




كان الاعتراف بجبهة الإنقاذ خطوة جريئة، أقدم عليها النظام الجزائري، وسببت له مشكلات عدة، خاصةً مع دول منطقة المغرب العربي.. وبقدر ما كانت الخطوة جريئة، كانت خيارات السلطة محدودة؛ فماذا كانت تستطيع أن تفعل هذه الأخيرة غير أن تعطي الاعتماد لأول طرف يتقدم من هذا التيار الإسلامي الواسع، أو الدخول في مواجهة مبكرة.



ونذكر في هذا المجال تعرض الشرعية، التي أرادت الدولة أن تبنيها إثر أحداث أكتوبر 1988م الدامية إلى خطر حقيقي، إضافةً إلى أن الأصوات المؤثرة والمؤيدة للتيار الإسلامي ليست معدومة داخل جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم آنذاك)، ومع ذلك فإن الاعتراف بجبهة الإنقاذ، أو بغيرها من الأحزاب الوطنية، يجب ألا يتجاوز السقف المسموح به، وفي كل الأحوال يجب ألا يعرض السلطة ذاتها إلى خطر الزوال، وكانت حسابات السلطة تقوم على ترويض التيار الإسلامي وإدماجه في العائلة السياسية، ويمكن في أسوأ الأحوال السماح له بمشاركة نسبية في السلطة على شرط ألا يكون له تأثير مباشر على التوجهات العامة للسياسة الجزائرية.



لقد افتتحت التعديلات الدستورية التي جرت في سنة 1989م عهدًا جديدًا للمنافسة التعددية، وأدَّت إلى انتهاء سيطرة الحزب الواحد لجبهة التحرير الوطني، وأظهرت الانتخابات المحلية في يونية 1990م التزامًا واضحًا بإطلاق الحريات؛ إذ إن الحكومة لم تسمح بالمنافسة السياسية فحسب، بل قبلت بالهزيمة من خصمها الإيديولوجي (الجبهة الإسلامية للإنقاذ).



خاضت جبهة الإنقاذ الإسلامية الانتخابات المحلية بمفردها، ممثلة للحركة الإسلامية كلها بسبب عدم موافقة حركتي (النهضة) و(حماس) على المشاركة فيها من ناحية، وعدم حصولهما على الرخصة القانونية التي تعترف بهما كأحزاب سياسية في ذلك الوقت (يونيو 1990م)، ومع ذلك فقد تمت تعبئة الإسلاميين كافة للتصويت لصالح مرشحي جبهة الإنقاذ.



كان الاختبار الأول لتجربة الجزائر في الانفتاح السياسي في يونية 1990م عندما جرت الانتخابات البلدية وانتخابات الأقاليم والولايات، وكانت نتائج هذه الانتخابات- التي تعتبر أول انتخابات تعددية حزبية حرة في تاريخ الجزائر منذ الاستقلال- انتصارًا ساحقًا للجبهة الإسلامية، وبسيطرتها على 55% من المجالس المحلية وثلثي الولايات شكلت الإنقاذ بدرجة معينة تحديًا مخيفًا للتوجهات العلمانية، ولهيمنة جبهة التحرير الوطني!



الانتخابات وتدخل الجيش.




تطرقنا من قبل إلى البدايات الهادرة للحركة الإسلامية الجزائرية الحديثة منذ العام 1982م، وكيف حاولت السلطة ترويض التيار الإسلامي بالسماح له بالحركة، مع نزع تأثيره على السياسة، وكيف شكلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ تحديًا مخيفًا للتوجهات العلمانية وجبهة التحرير، لا سيما في يونيو 1990م، الذي شهد انتصارًا ساحقًا للجبهة، بسيطرتها على 55% من المجالس المحلية وثلثي الولايات، واليوم نتناول ما حدث بعد ذلك.



قانون الانتخابات والتقسيم الإداري للدوائر الانتخابية:

على ضوء نتائج الانتخابات السابقة التي فازت فيها جبهة الإنقاذ، ترجمت السلطة خوفها من نتائج الانتخابات بصياغة القانون الانتخابي وقانون التقسيم الإداري للدوائر الانتخابية؛ في محاولة لتحجيم حضور جبهة الإنقاذ في المجلس الوطني الذي كان من المفروض أن تفرزه الانتخابات التشريعية التي كانت ستنظم في 27 من يونية 1991م، وطالبت بتعديله باعتبار أن الصيغة التي قُدِّم بها لا تهدف إلا إلى كسر شوكتها، والحقيقة أن غالبية الأحزاب ساندت جبهة الإنقاذ في موقفها من هذا القانون، ولكن كانت هذه الأخيرة كلما صعدت في سياستها الرافضة لهذا القانون كان يزيد مواقف الأحزاب في التراجع والاقتصار على الموقف المبدئي، خاصةً أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وانطلاقًا من تجربة البلديات رأت ضرورة الربط بين المطالبة بتعديل قانون الانتخابات، والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية سابقة لأوانها.



الإضراب:

هددت الإنقاذ بالدخول في إضراب عام إن لم تستجب السلطة لنداءاتها المتكررة بضرورة مراجعة قانون الانتخابات، وفعلاً- بعد مدة من هذا التهديد واستمرار السلطة في موقفها- دخلت جبهة الإنقاذ في إضراب عام مفتوح، وبرغم أن الاستجابة الشعبية كانت محدودة في الأيام الأولى، فإنها أخذت في الازدياد والتوسع، وشلت العديد من المرافق المهمة.. ونظرًا لأن الجبهة كانت حريصة كل الحرص على أن يتم الإضراب في كنف الهدوء، ومحاصرة كل ما يمكن أن يتسبب في انقلاب الوضع، فقد اكتفت السلطة في بادئ الأمر بمراقبة سير الأحداث، مراهنةً بذلك على فعل الزمن، وتبيَّن لها أخيرًا أن الوقت لا يعمل لصالحها، وأن الإضراب العام الذي أعلنته (الإنقاذ) كان يتوسع ليشمل قطاعات جديدة؛ لذلك عمدت إلى حل الإضراب بالقوة، بل تدخل الجيش بعدها لتفريق الإنقاذيين المعتصمين بالساحات العامة، وسقط ضحايا عدة من الجانبين، وفي الوقت نفسه أقيلت حكومة "حمروش"، وعُهد إلى "سيد أحمد غزالي" بتشكيل حكومة جديدة، وأُوهمت جبهة الإنقاذ باستجابة الرئاسة لمطالبها، واعتبر ذلك انتصارًا لها، فأعلنت إيقاف الإضراب العام.



الاعتقالات:


وفي ظل التصريحات الغامضة حول حقيقة موقف الرئاسة، وهل قبلت فعلاً بمطالب جبهة الإنقاذ أم لا.. قام الجيش بحركة اعتقالات واسعة في صفوف الإنقاذ، واعتقل كلاً من الشيخ "عباسي مدني"، والشيخ "علي بلحاج"- قائدي (الإنقاذ)- في يوم 30 من يونية 1991م، وبعد ذلك دخلت السلطة في محاولات عدة لإيجاد قيادة بديلة عن "مدني"، وإحداث انشقاقات من شأنها أن تحدث ارتباكًا كبيرًا في هياكل (جبهة الإنقاذ)، وبرغم استقالة بعض العناصر القيادية، فإن ما كانت ترغب فيه السلطة لم يتحقق، واستطاعت (جبهة الإنقاذ) أن تتجاوز تلك المرحلة الدقيقة بأقل أضرار، وانتظمت صفوفها من جديد؛ استعدادًا للانتخابات التشريعية التي كانت قد تقررت في ديسمبر 1991م.



الانتخابات البرلمانية في ديسمبر 1991م:

في شهر ديسمبر 1991م، وبإنهاء حالة الطوارئ لأيام عدة مبكرة، وبالإعلان عن موعد لإجراء الانتخابات الوطنية، بدت الحكومة كأنها تحاول العودة بالبلاد إلى طريق الديمقراطية، وبإلحاق الستة الباقين من أعضاء مجلس شورى الجبهة الإسلامية بقيادتيها": "مدني"، و"بلحاج" في سجن البليدة، وحظر صدور صحيفتها، لم يعد هناك سبب وجيه يمنع الحكومة من مواصلة هذا النهج.



وبالرغم من ذلك، وبعد مضي شهر، وللمرة الثانية، غيرت الحكومة أسلوبها بتبني قانون جديد صدر في 13 من أكتوبر 1991م، الذي كان يخفي نياتها المتحيزة على نحو أمهر من القانون الذي صدر في الربيع، وكان مكشوفًا تمامًا في ذلك.



لقد زاد القانون الجديد من عدد مقاعد الجمعية العمومية من 295 إلى 430 مقعدًا بدلاً من 542، التي أحدثت في إصلاحات مايو، وتركز معظم المقاعد الجديدة في مناطق نفوذ جبهة التحرير الريفية، كما حذف القانون الجديد دوائر انتخابية، اقترحها رئيس الوزراء لتسهيل دخول المرشحين المستقلين للمنافسة، وبمشاركة نحو 50 حزبًا في الانتخابات بدا كأن الحكومة واثقة من أن العدد الكبير من الخيارات الواسعة سيبدد أصوات المعارضة، ويبقي جبهة التحرير في السلطة، وبالرغم من ذلك فقد أعطت نتائج انتخابات 26 ديسمبر 1991م انتصارًا حاسمًا للإنقاذ؛ إذ حصلت على 188 من مجموع 430 مقعدًا في البرلمان، وكانت جبهة القوى الاشتراكية هي أقرب المنافسين لها لحصولها على 25 مقعدًا، وليست جبهة التحرير التي جاءت متأخرة في المرتبة الثالثة بحصولها على 16 مقعدًا، وببقاء 200 مقعد يتحدد مصيرها في الجولة الثانية من الانتخابات، التي كانت قد تقرر إجراؤها في 16 يناير 1992م، وبدا مؤكدًا أن الجبهة الإسلامية ستفوز ببقية المقاعد اللازمة لضمان أغلبية في البرلمان.



إلغاء الانتخابات التشريعية:


شكلت أحداث يونية نقلة نوعية في سياسة (جبهة الإنقاذ)، وقد ظهر ذلك من خلال خطابها السياسي ومواقفها العملية؛ لقد حافظت (جبهة الإنقاذ) على مواقفها المبدئية من جملة القضايا المطروحة في الساحة الجزائرية، لكنها اعتمدت على أساليب أكثر مرونةً، وتجنبت التصريحات الحماسية، وبدت أكثر واقعية وأشد حذرًا، وربما فهمت أن شعبيتها الواسعة لن تستطيع أن تحميها من بطش الجيش- المؤسسة الأكثر تماسكًا في الدولة الجزائرية- وأن وصولها إلى الحكم أمر لا تملك كل مفاتيحه، حتى وإن باتت هي المتحكمة في الوضع الداخلي، ومن هنا يمكن أن نفهم استراتيجيتها إثر إقالة الرئيس "الشاذلي بن جديد"، وإلغاء الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، التي تميزت بالصلابة في المواقف المبدئية؛ حيث اعتبرت ما أقدمت عليه الطغمة الحاكمة- بحسب تعبير الشيخ "عبدالقادر حشاني"- جريمةً في حق الجزائر والجزائريين، وأن كل الإجراءات التي نتجت عن إقالة رئيس الجمهورية ليس لها أي سند دستوري، وأن جبهة الإسلامية للإنقاذ تصر على حسن تحمل الأمانة التي ألقاها الشعب الجزائري على عاتقها من خلال انتخابات 26 ديسمبر 1991م.



تعمد إحداث فراغ دستوري حول منصبي الرئاسة ورئاسة البرلمان معًا:

كان المسلسل الجزائري قد أُعد بإحكام؛ إذ جاءت إقالة الرئيس "الشاذلي" بعد مرور أسبوع فقط على حل البرلمان "المجلس الشعبي الوطني"؛ وهو الأمر الذي أدَّى إلى إحداث فراغ دستوري مقصود، وبعد أن تولى "عبدالمالك بن حبليس" الرئاسة بالنيابة لمدة يوم واحد لاحظ أعضاء المجلس الدستوري- الذي كان يرأسه "عبدالمالك بن حبليس" نفسه- أن الدستور لا يمنحه هذه الصفة إلا إذا توافقت وفاة الرئيس مع شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني، وأن الحالة القائمة هي استقالة وليست وفاة.



ومن هنا أصدر المجلس الدستوري بيانًا أعلن فيه الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية "الشاذلي بن جديد"، وعهد إلى المؤسسات المخولة صلاحيات دستورية- وفي مقدمتها الجيش- بمهمة السهر على استمرار الدولة، وإيجاد الظروف الضرورية لعمل المؤسسات والنظام الدستوري بشكل طبيعي.

life maker
31-08-2004, 01:33 PM
إسلاميو سوريا.. بين القمع والاستقطاب


اتسمت العلاقة بين الحركة الإسلامية والنظام في سورية بالمعارك السياسية والعنيفة المتصلة بين الجانبين، التي لجأ النظام في سبيل استيعابها، إلى اتباع سياسة القمع واسعة النطاق، وارتكاب المجازر البشعة؛ حفاظًا على مكتسبات طائفته النصيرية العلوية العنصرية، دون استجابة لرغبات الشعب السوري التي عبرت عنها الحركة بصدق.



بدايةً، ترجع أصول الحركة الإسلامية السورية إلى جمعيات خيرية إسلامية تأسست في أواخر القرن التاسع عشر، ثم تشكلت جماعة الإخوان المسلمين عام 1935م في حلب، عندما عاد كثير من الطلبة السوريين الذين كانوا يدرسون في مصر.

وفي عام 1944م انتقلت حركة الإخوان المسلمين إلى دمشق؛ حيث تمكن الدكتور "مصطفى السباعي" من دمج الجمعيات الإسلامية السورية، وقد انتخبه الإخوان السوريون مراقبًا عامًا لهم في الفترة من 1945م إلى عام 1961م.

أولاً: معركة تغيير الدستور عام1973م:

يمكن القول إن معركة الدستور في سورية شكلت أهم المعارك السياسية بين الحركة الإسلامية والنظام السوري، ففي عام 1973م اندلعت سلسلة من التظاهرات في دمشق وحمص وحماة بمناسبة تغيير الدستور، وعدم تنصيص المشروع الجديد على أنَّ الإسلام دين رئيس الدولة، إذ ورد في الدستور الجديد الذي أقرته الجمعية العمومية في يناير 1973م نص يقول: "إن جمهورية سوريا العربية هي جمهورية ديمقراطية شعبية اشتراكية!".

فهاجم عدد كبير من العلماء الموالين للإخوان المسلمين الدستور، ووصفوه بأنه: "دستور علماني وإلحادي"، وأعقب ذلك تمردات وثورات في جميع أرجاء سوريا فأذعن "حافظ الأسد"، وأصدر تعليماته بأن ينص الدستور على أن رئيس الدولة يجب أن يكون مسلمًا، وتم ذلك بالفعل، وعلى الرغم من تعديل الدستور نزولاً على الرغبة الشعبية الجارفة التي كادت معارضتها تودي بالنظام السوري فإن موجة الغضب والاحتجاجات تواصلت؛ لأن المطالبة كانت تتجاوز التنصيص على أن الإسلام دين رئيس الدولة إلى مطلب قديم للحركة الإسلامية هو إعلان الإسلام دينًا رسميًا للبلاد، لذلك لم يقتنع العلماء بهذا التعديل الطفيف، ودعوا إلى تنظيم مظاهرات في جميع أنحاء سوريا، وتمت بالفعل مظاهرات بالغة العنف ثم أصدر العلماء تعليماتهم لأتباعهم بمقاطعة الاستفتاء الذي سيجرى على الدستور، واستمر الهياج الشعبي على فترات متقطعة، ثم حدثت مصادمات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وقامت الحكومة في الوقت نفسه بإلقاء القبض على العلماء وتعذيبهم واعتبرتهم المسئولين عن التمرد والاضطرابات.

وكان مما اتسمت به سياسة "حافظ الأسد" جمعه بين القمع والاستقطاب، إذ قام بتقديم شهادات تقدير للعلماء، علاوةً على زيادة مرتباتهم بالإضافة إلى عقد صداقات حميمة مع بعضهم، كما استخدم فرصة نصر أكتوبر، وأطلق اسم "بدر" على الهجوم الذي شنته القوات العربية على الكيان الصهيوني في 6 أكتوبر 1973م.



وفي فبراير 1974م قام "حافظ الأسد" بزيارة الملك "فيصل" في السعودية في الرياض ثم قام بزيارة إلى مكة لأداء فريضة الحج، في خطة لرفع معدلات شرعية النظام السياسي ذاته، وإبعاد شبح الطائفية الذي يتسم به نظام الحكم السوري إذ تسيطر الطائفة "النصيرية" التي تطلق على نفسها "العلوية" على مقدرات البلاد، وتهمش بشدة الأغلبية السنية.

وفي منتصف السبعينيات تولى "عدنان سعدالدين" قيادة الإخوان كمراقب عام ليقوم بالإعداد لمرحلة جديدة من الكفاح ضد نظام حكم البعث.

ثانيًا: اللجوء إلى الجهاد من 1976م إلى 1983م:

مرت الحركة الإسلامية في سوريا بمراحل عدة منذ أواخر الستينيات؛ إذ تميزت بتزايد مستوى النضال الذي انتهى إلى الجهاد بقوة عام 1976م، وقد أدَّى تحول الإخوان إلى التركيز على الجانب القتالي الجهادي إلى شق الجماعة، ومن ثم الحركة الإسلامية نفسها، ولم يحل الانقسام بين الشماليين النضاليين وجماعة "عصام العطار" في دمشق إلا في عام 1980م، حين تشكلت الجبهة الإسلامية السورية التي انضوت تحت لوائها كثير من الحركات السياسية والدينية في سوريا.

كان الإخوان الشماليون بقيادة "أمين يكن" و"عدنان سعيد" و"الشيخ عبدالفتاح أبوغدة" و"سعيد حوى" و"عدنان سعدالدين" على اقتناع بأنه لا يمكن إزالة نظام "الأسد" إلا بكفاح عسكري منظم تنظيمًا حسنًا، لكن جهودهم الأولى فشلت في اجتذاب تأييد شعبي على ضوء تقارب "الأسد" مع مصر والأردن والسعودية، وسياساته في الإصلاح والتحرر الاقتصادي، وهي السياسات التي دعمتها ثروة دول الخليج النفطية، والتي أسهمت أيضًا في تحسين الأحوال المعيشية للعناصر الاجتماعية التي كانت تميل إلى تأييد الإخوان المسلمين.

ثالثًا: مراحل الجهاد ضد النظام السوري:

بدأت المرحلة الأولى من الجهاد عام 1967م حين استخدمت "الطليعة المقاتلة" للإخوان خطة الضربات الخاطفة؛ لتثير النظام حتى يصعد قمعه، واستهدفت هذه الطليعة الزعماء العلويين "النصيريين"، وعملاء الاستخبارات، ومحترفي الحزب (حزب البعث)، ليكشفوا الجانب الطائفي الذي يقوم عليه نظام "الأسد"، فاستخدمت الحكومة جهاز الأمن الداخلي التابع لها وفرق الدفاع من أجل القبض على كثير من أفراد الحركة، خاصةً الذين نفذوا هذه العمليات.

وفي يونيو عام 1979م بدأت مرحلة جديدة من الجهاد المركز إذ قامت الوحدات العسكرية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا بمهاجمة أقسام الشرطة، ومقارات حزب البعث ثم القيام بالهجوم الكبير على المدرسة الحربية لسلاح المدفعية، في حلب يوم 16 يونيو 1979م، حيث قُتل 83 من الطلاب النصيريين، فأدى هذا الحادث إلى إثارة جو من الرعب في جميع أرجاء البلاد فقامت السلطات الحكومية بحملة واسعة النطاق على الأعضاء النشطاء من الإخوان المسلمين، كما شنت حملة مناهضة للإخوان في جميع أرجاء البلاد من خلال أجهزة الإعلام الكبرى التابعة لها.

وفي مارس 1980م حدثت مظاهرات واسعة النطاق في حماة وحمص وحلب وسط هجمات على الشيوعيين السوريين والمستشارين العسكريين الروس، وقد ردت الحكومة بحركة قمع واسع النطاق خاصةً في حلب.

كما دفعت محاولة لاغتيال "الأسد" النظام إلى زيادة إرهابه الذي شمل مذابح سجن "تدمر"، ثم أصدرت الحكومة القانون 49 في 8 يوليو 1980م الذي يجعل القتل عقوبة مَن ينضم إلى الإخوان أو يشترك معهم.

تأسيس الجبهة الإسلامية عام 1980م:

كان من نتائج هزيمة الإخوان عسكريًا قيام الجبهة الإسلامية في سوريا في أكتوبر 1980م، واختيار الشيخ "محمد أبوالنصر البيانوني الحلبي" أمينًا عامًا لها.. ضمت هذه الجبهة الإخوان وجماعة "عصام العطار" المنشقة وبعض العلماء والجماعات الإسلامية الصغيرة، وكان محركها "عدنان سعدالدين" من حماة، والتالي له الشيخ "سعيد حوى" المنظِّر العام للحركة الإسلامية في سوريا، وقد أصدرت الجبهة في 9 نوفمبر 1980م بيانًا يحتوي على برنامجها الذي وضعت خطوطه العريضة في ميثاقها الذي نشر في يناير 1981م.

ابو خالد
31-08-2004, 04:16 PM
شكرا لكى
اختى الفاضله
هذا الجهد الرائع
وشكر لكى على كل ما تقومين به جزاكى الله كل الخير
وننتظر منكى المزيد فتقدمى
بارك الله فيكى