المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( حول الطب الشعبي ))



د.اسامة الحاتم
10-09-2004, 03:21 PM
اريد ان اتحدث اليكم عن بعض تجاربي الواقعية في الطب الشعبي ، ذلك الموضوع الذي يثار حوله الكثير ويقال عنه الكثير .


في ايام طفولتي كنت اعاني من الرعاف ، فاثر صدمة بسيطة كان انفي ينزف دما بكمية كبيرة كانت ترعبني وتفزعني ، ومع مرور الايام ، كانت حالتي تسوء اكثر فأكثر، وبدأ الرعاف يهاجمني بدون سبب ـ أي بدون ان يتعرض انفي لاي عارض ـ وفي احدى الليالي استيقظت وانا اشعر بوسادتي مبللة تماما ، فحسبت انه العرق ، واذا به دماء قد سالت بغزارة من انفي وبللت وسادتي ، فصرخت فزعا ، وحملني جدي ـ رحمه الله ـ ليلتها الى الطبيب وهو يعدو بي راكضا .. الى هذا الحد كانت شدة الرعاف التي اعانيها ، ولم يكن لحالتي عند الاطباء علاج الا ضمادات يحشون بها انفي لتضغط على اوعية الدم وتوقف النزيف .


ويوما من الايام ـ وكنت وقتها في المدرسة المتوسطة ـ جاء لزيارتنا رجل من علماء الدين من اصدقاء والدي ، وعرف بحالتي بهذه ، فقال ان الامر بسيط ، وعلاجي هو ان يعدوا لي قشر بيض يحرقونه على صاج الى ان يتفحم ، ثم يدق ويحول الى مسحوق ناعم ، ثم استنشق انا هذا المسحوق قدر ما استطيع ، وحسبت الامر سهلا فعلا ، وقررت ان اجربه وانا بين مصدق ومكذب ، ولكن رائحة هذا المسحوق ـ في اول مرة استنشقته فيها ـ كانت من ابشع ما يكون ، وفي البداية قررت ان لا استمر في اخذ هذا العلاج الشعبي ، وتحمل هذه الرائحة الكريهة ، ولكن التحسن الجزئي الذي طرأ على حالتي ، اجبرني على الاستمرار في اخذه ، وبعد اسبوع من استنشاق ذلك المسحوق الكريه ، توقف الرعاف تماما ، ولم يعد يزعجني منذ ثلاثين عاما والحمد لله .


وفي الصف السادس الاعدادي ، اصبت بثآليل في ابهامي ـ فالول ـ وراجعت المستشفى واخذت عدة انواع من المراهم و الثالول يزداد حجما ، حتى انه بدأ يتقرح وينزف .


ولما رايت حالتي قد ساءت هكذا رضخت لكلام من نصحني بان اذهب الى شخص يرقي لي ويضع حليب التين على الفالول على ان يكون ذلك يوم الاربعاء ، واذكر انني سالته ضاحكا : الا يجوز ان اذهب اليه في يوم اخر ؟ فقال لي جادا عابسا : لا تستهزئ ، اذهب يوم الاربعاء كما قلت لك


وذهبت فعلا الى ذلك الرجل المعالج ، واقنعني التحسن الذي شاهدته منذ البداية على ان اتحمس للذهاب اليه في الاسبوعين القادمين ، حيث كان يقرا بعض الادعية والرقي ، ثم يضع نقطا من حليب التين الابيض اللزج على مكان الثالول ، حيث كنت الفها بقماش لبعض الوقت .


واختفى الثالول الذي عذبني شهورا دون ان يترك اثرا ، حتى انني لا اذكر الان في أي ابهام كان .


وتجربة اخرى كانت لي مع الفجل ، نعم الفجل ، في الحقيقة لم يكن ذلك مرضي وانما كان مرض انسان عزيز علي ، كان يعاني من ـ القرافيص ـ وهي الحالة التي تنتج عن اضطراب الدورة الدموية في اليد او القدم ، وتحول لون الطرف المصاب الى ازرق داكن ـ لاحتقانه بالدم ـ .


وبعد عذاب ومعاناة شديدة وعلاجات فاشلة ، عالجنا تلك الحالة ـ كما قيل لنا من شخص عارف بهذه العلاجات ـ بثلاث كيلوغرامات من الفجل ، غليناها في الماء حتى استحالت الى عجينة ، ثم وضع مريضنا اقدامه فيها لساعة او اكثر ، فشفي تماما ، وعندما كنت طبيبا ـ بعد ذلك باكثر من عشرة اعوام ـ وصفت ذلك العلاج لفتاة كانت تعمل على الالة الكاتبة وكانت اصابع يديها مصابة بالقرافيص ، وقد ذكرت لها تلك القصة القديمة عن الفجل ، عندما سالتني هل اعرف علاجا لحالتها ، بينما كنت جالسا في المكتب الذي تعمل فيه وهي تستنسخ لي كتابا ضخما في الادوية ، وبعد ايام ، وصلني شكرها مع احدى جيرانها من الطبيبات من زميلاتي في المستشفى ، بعد ان جربت ذلك العلاج ونجح في شفائها فورا


ماذا في قشر البيض وفي حليب التين وفي الفجل من مواد ؟ الله اعلم .