الفقراء والاغنياء والجنة

[د.اسامة الحاتم]

يحلو لبعض الناس طيبي القلب وحسني النية ان يطمئنوا الفقراء إلى انهم سيدخلون الجنة قبل الاغنياء مستشهدين بحديث نبوي شريف .

الحديث صحيح بلاشك ولكن هؤلاء المستشهدين به لم يفهموا معنى كلام الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم ) بشكل صحيح .

فعندما يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم ) ان الانسان يحاسب على كل عمل في حياته مرة واحدة وانه يحاسب على ماله مرتين : من اين اكتسبه وفيم انفقه فهذا يعني ان حسابه سيكون اطول من حساب الفقير الذي لايملك شيئا والذي سيدخل الجنة قبل اخيه الغني اذا كان الاثنان من اهلها جعلها الله من نصيبنا اجمعين برحمته وكرمه .

اذكر قصة عباسية قديمة لاحد كبار الصالحين الزاهدين يذكر فيها انه سافر مرة من بغداد الى الابلة على سفينة نهرية ولم يكن معه ألا عصاه يقول هذا الرجل الصالح فلما وصلنا الابلة صعد الشرط الى السفينة - يقصد الشرطة الذين يحاسبون الناس على بضائعهم المنقولة على السفينة لاخذ الضرائب عنها – يقول : فحملت عصاي وذهبت لانزل فقال لي الشرط : الى اين وما معك ، فقلت ليس معي شيء ما معي الاعصاي هذه، فقالوا لي : مر – أي اذهب- فنزلت وقلت في نفسي : هكذا امر الاخرة من كان معه شيء حوسب عليه ومن لم يكن معه شيء قيل له مر .

ان تخفف الانسان من اثقال الدنيا عندما يقف امام ربه الجليل يوم الحساب نعمة عظيمة ولكن بشرط ان يكون هذا باختياره لارغما عنه – أي ان يكون زاهدا لا ان يكون فقيرا – والا فالفقر شر كله عندما يشعر الإنسان الفقير انه ضحية ظلم واضطهاد فتتلوث روحه وتتسمم نفسه وربما انحرف الى طريق الكفر والعياذ بالله .


الم يضع الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم ) الفقر والكفر في مرتبة واحدة بقوله ( اللهم آني أعوذ بك من الكفر والفقر ) .