د.اسامة الحاتم
10-09-2004, 04:44 PM
كان عروة ابن أذينة رجلا زاهدا قنوعا ، وله في ذلك أشعار كثيرة ، ألحت عليه الحاجة يوما فوفد من الحجاز إلى الشام ودخل على هشام بن عبد الملك في جماعة من الشعراء ، فلما دخلوا عليه قال لعروة: الست القائل
لقد علمت وما الإسراف من خلقي ....ان الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى إليـه فيعيينـي تطلبــه ............ولـو قعدت أتانـي لا يعنينـي
وما أراك فعلت كما قلت ، فأنك أتيت من الحجاز إلى الشام في طلب الرزق ، فقال عروة : لقد وعظت يا أمير المؤمنين فبالغت في الوعظ ، واذكرت ما أنسانيه الدهر ، ثم خرج من فوره الى راحلته فركبها وتوجه راجعا الى الحجاز .
ومكث هشام يومه غافلا عنه ، فلما كان الليل ، استيقظ من منامه وذكره ، وقال مع نفسه : رجل من قريش ، قال حكمة ، ووفدا لي ، فجبهته - أي اخجلته- ورددته عن حاجته ، وهو مع هذا شاعر لاآمن لسانه.
فلما أصبح سأل عنه ، فأخبروه بانصرافه ، فقال : لا بأس ، ليعلمن ان الرزق سيأتيه ، ثم دعا بمولى له ، وأعطاه الفي دينار ، وقال له: الحق بهذا عروة بن أذينة فأعطه اياها .
فلم يدركه الا وقد دخل بيته ، فقرع عليه الباب فخرج ، فأعطاه المال ، فقال له : أبلغ أمير المؤمنين السلام ، وقل له : كيف رأيت قولي ؟ سعيت فأكديت ، ورجعت الى بيتي ، فأتاني فيه الرزق.
ماذا تقولون في هذه القصة ياقرائي الافاضل ؟ أما أنا فأقول : رحم الله عروة وهشاما وكل مسلم ، رحم الله عروة فقد أخطا فهم هذه المسألة ، شعره صحيح ، فالرزق المقسوم للإنسان هو أشد طلبا للانسان من طلب الانسان له، وقد يسعى الانسان في طلب أمر من أمور الدنيا فلا يقدر الله له التوفيق فيه فلا يناله ، وقد يجلس الانسان في بيته فيأتيه رزق قد قدره الله له ، ولكن هذا من النادر الذي لايعتد به ، فالمألوف الذي فطرنا الله سبحانه وتعالى عليه ان الرزق مرتبط بالسبب ، والمعتاد ان الانسان اذا ما أكمل الاسباب –بعد الاتكال على الله عزّ وجلّ- فالغالب ان يوفق ، واذا ما أهمل الاسباب فالغالب ان يحرم . نعم نتيجة كل سعي رهينة بأمر الله ، ولكن الغالب الذي تسير عليه أمور الدنيا هو ارتباط النجاح بالسعي ، كم انسانا تعرفونه جد في أتخاذ الاسباب وتهيأ لها كما ينبغي ثم فشل ؟ عدد قليل ، يفشل بأمرالله لحكمة يعلمها هو ويصير فشله قصة من القصص ، وكم انسانا اهمل اتخاذ الاسباب ثم نجح ؟ عدد قليل ، ينجح بأمر الله لحكمة يعلمها هو ويصير نجاحه قصة من القصص .
لقد فهمت هذا المعنى أحسن فهم من قصة قديمة عن الرجل الصالح عبدالله بن المبارك _ رحمه الله _ انه سمع يوما رجلا يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا _ أي جياعا _ وتروح بطانا _ أي شبعانة _) ثم لمح هذا الرجل الى رغبته في ترك العمل والقعود في بيته أعتمادا على فهمه الخاطئ لهذا الحديث الشريف ، فقال له عبدالله بن المبارك : ( ياهذا ، أنت لم تفقه قوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، أنه يقول تغدو وتروح ، وذلك سعيها ) وبهذا يبين ابن المبارك المعنى الصحيح لكلام الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأنه حث على أخلاص التوكل على الله سبحانه وتعالى ليضمن الانسان رزقه مثلما تخلص الطيور توكلها على خالقها فيضمن لها رزقها .
ولو لم يقل عروة هذا الشعر الذي وصل الى اسماع الخليفة هشام ، ولولم يسافر عروة الى الشام ويقابل هشام تلك المقابلة التي جرى فيها ذلك الحوار ، لما ندم هشام وأرسل المال الى عروة ، فالسبب كان موجودا اذن . أخواني الاعزاء ، أخلصوا التوكل على الله العزيز القدير وأتقنوا أسباب النجاح ، تفوزوا بكل خير انشاء الله .
لقد علمت وما الإسراف من خلقي ....ان الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى إليـه فيعيينـي تطلبــه ............ولـو قعدت أتانـي لا يعنينـي
وما أراك فعلت كما قلت ، فأنك أتيت من الحجاز إلى الشام في طلب الرزق ، فقال عروة : لقد وعظت يا أمير المؤمنين فبالغت في الوعظ ، واذكرت ما أنسانيه الدهر ، ثم خرج من فوره الى راحلته فركبها وتوجه راجعا الى الحجاز .
ومكث هشام يومه غافلا عنه ، فلما كان الليل ، استيقظ من منامه وذكره ، وقال مع نفسه : رجل من قريش ، قال حكمة ، ووفدا لي ، فجبهته - أي اخجلته- ورددته عن حاجته ، وهو مع هذا شاعر لاآمن لسانه.
فلما أصبح سأل عنه ، فأخبروه بانصرافه ، فقال : لا بأس ، ليعلمن ان الرزق سيأتيه ، ثم دعا بمولى له ، وأعطاه الفي دينار ، وقال له: الحق بهذا عروة بن أذينة فأعطه اياها .
فلم يدركه الا وقد دخل بيته ، فقرع عليه الباب فخرج ، فأعطاه المال ، فقال له : أبلغ أمير المؤمنين السلام ، وقل له : كيف رأيت قولي ؟ سعيت فأكديت ، ورجعت الى بيتي ، فأتاني فيه الرزق.
ماذا تقولون في هذه القصة ياقرائي الافاضل ؟ أما أنا فأقول : رحم الله عروة وهشاما وكل مسلم ، رحم الله عروة فقد أخطا فهم هذه المسألة ، شعره صحيح ، فالرزق المقسوم للإنسان هو أشد طلبا للانسان من طلب الانسان له، وقد يسعى الانسان في طلب أمر من أمور الدنيا فلا يقدر الله له التوفيق فيه فلا يناله ، وقد يجلس الانسان في بيته فيأتيه رزق قد قدره الله له ، ولكن هذا من النادر الذي لايعتد به ، فالمألوف الذي فطرنا الله سبحانه وتعالى عليه ان الرزق مرتبط بالسبب ، والمعتاد ان الانسان اذا ما أكمل الاسباب –بعد الاتكال على الله عزّ وجلّ- فالغالب ان يوفق ، واذا ما أهمل الاسباب فالغالب ان يحرم . نعم نتيجة كل سعي رهينة بأمر الله ، ولكن الغالب الذي تسير عليه أمور الدنيا هو ارتباط النجاح بالسعي ، كم انسانا تعرفونه جد في أتخاذ الاسباب وتهيأ لها كما ينبغي ثم فشل ؟ عدد قليل ، يفشل بأمرالله لحكمة يعلمها هو ويصير فشله قصة من القصص ، وكم انسانا اهمل اتخاذ الاسباب ثم نجح ؟ عدد قليل ، ينجح بأمر الله لحكمة يعلمها هو ويصير نجاحه قصة من القصص .
لقد فهمت هذا المعنى أحسن فهم من قصة قديمة عن الرجل الصالح عبدالله بن المبارك _ رحمه الله _ انه سمع يوما رجلا يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا _ أي جياعا _ وتروح بطانا _ أي شبعانة _) ثم لمح هذا الرجل الى رغبته في ترك العمل والقعود في بيته أعتمادا على فهمه الخاطئ لهذا الحديث الشريف ، فقال له عبدالله بن المبارك : ( ياهذا ، أنت لم تفقه قوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، أنه يقول تغدو وتروح ، وذلك سعيها ) وبهذا يبين ابن المبارك المعنى الصحيح لكلام الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأنه حث على أخلاص التوكل على الله سبحانه وتعالى ليضمن الانسان رزقه مثلما تخلص الطيور توكلها على خالقها فيضمن لها رزقها .
ولو لم يقل عروة هذا الشعر الذي وصل الى اسماع الخليفة هشام ، ولولم يسافر عروة الى الشام ويقابل هشام تلك المقابلة التي جرى فيها ذلك الحوار ، لما ندم هشام وأرسل المال الى عروة ، فالسبب كان موجودا اذن . أخواني الاعزاء ، أخلصوا التوكل على الله العزيز القدير وأتقنوا أسباب النجاح ، تفوزوا بكل خير انشاء الله .