Flanteus
13-09-2004, 07:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الكتاب / الإنسان قلب ولسان
تأليف / نافع ثابت الصحفي
تقديم / د. عبد العظيم إبراهيم المطعِني
بلوحة مفاتيح / أنا .
المقدمة :
الحمد لله الذي ميز الإنسان بالأصغرين القلب واللسان وفضله على سائر الحيوان بنعمتي المنطق والبيان ورجحه بالعقل الذي وزن به قضايا القياس في أحسن ميزان فأقام على وحدانيته البرهان .
أحمده حمدا يمدنا بمواد الإحسان , وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد :
فهذا كتاب يضم بين دفتيه معلومات ثقافية تخصك عزيزي القارئ الكريم كإنسان مسلم مؤمن , معلومات لا يستغني عنها قارئ مثقف , فقد بدأنا كتابنا هذا بخلق الإنسان ونظرة الماديين إليه , ونظرة المؤمنين إليه ومنزلته بين الخلائق ثم طبيعته والغاية من خلقه , وتحدثنا أيضا فيه عن مراحل الفكر الإنساني وآمال الإنسان والأمل المفقود , وأخيرا تحدثنا عن القلب واللسان وذكرنا تحت هذا العنوان خطأ من يقول إن العقل السليم في الجسم السليم... – العقل مدار التكليف – أسباب صلاح القلوب – ثمار القلب الصالح – أسباب خبث القلوب – ثمار القلب الخبيث – اللسان بم يستقيم ؟ وبم يعوجّ والكلمة الختامية ...
هذا والله أسأل أن ينفع به العباد , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
المؤلف
نافع بن ثابت الصحفي
(1) خلق الإنسان :
قال تعالى : { خلق الإنسان من صلصال كالفخار} . الرحمن : 14 .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( خلقت الملائكة من نور , وخلق الجان من مارج من نار , وخلق آدم مما وصف لكم ) – أي في الآية السابقة .
يقول ابن قيم الجوزية في كتابه " الفوائد" صفحة 168 : خلق بدن ابن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء وقرن بينهما , فإذا أجاع الإنسان بدنه وأسهره في طاعة الله وأقامه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة فتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه واشتاقت إلى عالمها العلوي – ولعل هذا ما نلحظه في شهر الصوم حيث يجد الإنسان هذا ويشعر به – وإذا أشبعه ونعمه ونزمه واشتغل بخدمته وراحته أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه وهو الأرض فانجذبت الروح معه فصارت في السجن , فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.ا.هـ .
وقال بعض العلماء : إن الرجل خلق من الأرض فهو يميل إلى الدنيا والتمسك بها , والمرأة خلقت من الرجل فهي تميل إلى الرجل أكثر من ميلها إلى الدنيا , ولهذا من الصعب بمكان أن نطلب من الإنسان ترك الدنيا , فهو مجبول على حبها والتعلق بها ولكننا نطلب منه أن يترك الذنوب فيها مع عيشه في دنياه , ولهذا قال ابن القيم أيضا في كتابه "الفوائد" صفحة 169 : العارف لا يأمر الناس بترك دنياهم فإنهم لا يقدرون على تركها , ولكن يأمرهم بترك الذنوب فيها مع إقامتهم على دنياهم فترك الدنيا فضيلة وترك الذنوب فريضة , فكيف يؤمر بالفضيلة من لم يقم الفريضة , فإن صعب عليهم ترك الذنوب فاجتهد في أن تحبب إليهم بذكر آلائه وأنعامه وإحسانه وصفات كماله ونعوت جلاله , فإن القلوب مفطورة على محبته , وإذا تعلقت بحبه هان عليها ترك الذنوب عن الإصرار عليها وقد قال يحيى بن معاذ : طلب العاقل للدنيا خير من ترك الزاهد لها , العاقل يدعو الناس إلى الله في دنياهم فتسهل عليهم الإجابة , والزاهد يدعوهم إلى الله بترك الدنيا فتشق عليهم الإجابة .
خلق الإنسان عجولا :
قال تعالى : { خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون }. الأنبياء : 37 .
ذكر ابن كثير في "تفسيره" 3/180 : خلق الإنسان من عجل أي في الأمور فهو عجول , قال مجاهد : خلق الله آدم بعد كل شيء من آخر النهار من يوم خلق الخلائق , فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال : يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس , يقول ابن كثير : والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول صلى الله عيه وسلم في قوله تعالى : { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا }. الأنبياء: 36 , وقع في نفس المؤمنين سرعة الانتقام منهم واستعجلوا ذلك فقال الله تعالى : { خلق الإنسان من عجل } لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته يؤجل ثم يعجل ينظر ثم لا يؤخر , ولهذا قال : { سأوريكم آياتي } أي نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني { فلا تستعجلون } اهـ .
فالله سبحانه وتعالى له في خلقه شؤون , فهو لم يخلق هذا الكائن الحي أي الإنسان حتى هيأ له ظروف المعيشة والحياة وإلى كيف يعيش ويؤمر بالتكليف , قال تعالى : { فسخر لكم ما في السماوات والأرض جميعا منه } . الجاثية : 13 , [ كان أول المخلوقات القلم – وذلك لحكمة – ليكتب المقادير قبل كونها , وجعل آدم آخر المخلوقات – في ذلك حكم – أحدها تمهيد الدار قبل الساكن , الثانية – أي الإنسان – الغاية التي خلق لأجلها ما سواه من السماوات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر , الثالثة أن أحذق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته كما يبدؤه بأساسه ومبادئه ! ] اهـ . " الفوائد " لابن القيم الجوزية : 64 .
يتبع... غدا باذن الله ...:)
سلام
اسم الكتاب / الإنسان قلب ولسان
تأليف / نافع ثابت الصحفي
تقديم / د. عبد العظيم إبراهيم المطعِني
بلوحة مفاتيح / أنا .
المقدمة :
الحمد لله الذي ميز الإنسان بالأصغرين القلب واللسان وفضله على سائر الحيوان بنعمتي المنطق والبيان ورجحه بالعقل الذي وزن به قضايا القياس في أحسن ميزان فأقام على وحدانيته البرهان .
أحمده حمدا يمدنا بمواد الإحسان , وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد :
فهذا كتاب يضم بين دفتيه معلومات ثقافية تخصك عزيزي القارئ الكريم كإنسان مسلم مؤمن , معلومات لا يستغني عنها قارئ مثقف , فقد بدأنا كتابنا هذا بخلق الإنسان ونظرة الماديين إليه , ونظرة المؤمنين إليه ومنزلته بين الخلائق ثم طبيعته والغاية من خلقه , وتحدثنا أيضا فيه عن مراحل الفكر الإنساني وآمال الإنسان والأمل المفقود , وأخيرا تحدثنا عن القلب واللسان وذكرنا تحت هذا العنوان خطأ من يقول إن العقل السليم في الجسم السليم... – العقل مدار التكليف – أسباب صلاح القلوب – ثمار القلب الصالح – أسباب خبث القلوب – ثمار القلب الخبيث – اللسان بم يستقيم ؟ وبم يعوجّ والكلمة الختامية ...
هذا والله أسأل أن ينفع به العباد , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
المؤلف
نافع بن ثابت الصحفي
(1) خلق الإنسان :
قال تعالى : { خلق الإنسان من صلصال كالفخار} . الرحمن : 14 .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( خلقت الملائكة من نور , وخلق الجان من مارج من نار , وخلق آدم مما وصف لكم ) – أي في الآية السابقة .
يقول ابن قيم الجوزية في كتابه " الفوائد" صفحة 168 : خلق بدن ابن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء وقرن بينهما , فإذا أجاع الإنسان بدنه وأسهره في طاعة الله وأقامه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة فتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه واشتاقت إلى عالمها العلوي – ولعل هذا ما نلحظه في شهر الصوم حيث يجد الإنسان هذا ويشعر به – وإذا أشبعه ونعمه ونزمه واشتغل بخدمته وراحته أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه وهو الأرض فانجذبت الروح معه فصارت في السجن , فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.ا.هـ .
وقال بعض العلماء : إن الرجل خلق من الأرض فهو يميل إلى الدنيا والتمسك بها , والمرأة خلقت من الرجل فهي تميل إلى الرجل أكثر من ميلها إلى الدنيا , ولهذا من الصعب بمكان أن نطلب من الإنسان ترك الدنيا , فهو مجبول على حبها والتعلق بها ولكننا نطلب منه أن يترك الذنوب فيها مع عيشه في دنياه , ولهذا قال ابن القيم أيضا في كتابه "الفوائد" صفحة 169 : العارف لا يأمر الناس بترك دنياهم فإنهم لا يقدرون على تركها , ولكن يأمرهم بترك الذنوب فيها مع إقامتهم على دنياهم فترك الدنيا فضيلة وترك الذنوب فريضة , فكيف يؤمر بالفضيلة من لم يقم الفريضة , فإن صعب عليهم ترك الذنوب فاجتهد في أن تحبب إليهم بذكر آلائه وأنعامه وإحسانه وصفات كماله ونعوت جلاله , فإن القلوب مفطورة على محبته , وإذا تعلقت بحبه هان عليها ترك الذنوب عن الإصرار عليها وقد قال يحيى بن معاذ : طلب العاقل للدنيا خير من ترك الزاهد لها , العاقل يدعو الناس إلى الله في دنياهم فتسهل عليهم الإجابة , والزاهد يدعوهم إلى الله بترك الدنيا فتشق عليهم الإجابة .
خلق الإنسان عجولا :
قال تعالى : { خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون }. الأنبياء : 37 .
ذكر ابن كثير في "تفسيره" 3/180 : خلق الإنسان من عجل أي في الأمور فهو عجول , قال مجاهد : خلق الله آدم بعد كل شيء من آخر النهار من يوم خلق الخلائق , فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال : يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس , يقول ابن كثير : والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول صلى الله عيه وسلم في قوله تعالى : { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا }. الأنبياء: 36 , وقع في نفس المؤمنين سرعة الانتقام منهم واستعجلوا ذلك فقال الله تعالى : { خلق الإنسان من عجل } لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته يؤجل ثم يعجل ينظر ثم لا يؤخر , ولهذا قال : { سأوريكم آياتي } أي نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني { فلا تستعجلون } اهـ .
فالله سبحانه وتعالى له في خلقه شؤون , فهو لم يخلق هذا الكائن الحي أي الإنسان حتى هيأ له ظروف المعيشة والحياة وإلى كيف يعيش ويؤمر بالتكليف , قال تعالى : { فسخر لكم ما في السماوات والأرض جميعا منه } . الجاثية : 13 , [ كان أول المخلوقات القلم – وذلك لحكمة – ليكتب المقادير قبل كونها , وجعل آدم آخر المخلوقات – في ذلك حكم – أحدها تمهيد الدار قبل الساكن , الثانية – أي الإنسان – الغاية التي خلق لأجلها ما سواه من السماوات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر , الثالثة أن أحذق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته كما يبدؤه بأساسه ومبادئه ! ] اهـ . " الفوائد " لابن القيم الجوزية : 64 .
يتبع... غدا باذن الله ...:)
سلام