Musab
13-09-2004, 01:09 PM
حكم صدام حسين العراق بطريقة أدت إلى محو تاريخه وحضارته الزاهرة من الذاكرة، ولخص كل شيء في هذا البلد العريق بشخصه وبندقيته الخرقاء. وقد ترك صدام العراق مثقلا بأغلال الاحتلال والهزيمة النكراء، بعد معركة خسرها قبل أن يخوض غمارها، بسبب ظلمه وسوء رعايته لشعبه واضطهاده له، عراق يعج بالفقراء، وتتزاحم فيه الأزمات، ويتصارع عليه كل لاهث وراء الثروات.
وفي سلسلة متسارعة من الأحداث، وفي ظل سباق محموم على احتلال المناصب والاستئثار بالنفوذ، اختلط الحابل بالنابل، ودخل العراق في أتون سرداب الهرج والمرج. فغيب القتل عن الساحة رموزا ووجوها، بدءا بعبد المجيد الخوئي، مرورا بسيرجيو ديمللو وعز الدين سليم وصولا إلى السيد محمد باقر الحكيم وآخرين كثيرين.
من ناحية أخرى، مُنِعَ الأكراد من ضم كركوك الى سلطانهم في الشمال، وبات حلم الاستقلال عن العراق ونشأة كيان كردي خاص بهم بعيد المنال. وانقلب السحر على الساحر مع آل جلبي، لينبذ أحمد جلبي وحزبه بشكل مذل مهين، وليلحق به ابن اخيه سالم جلبي، الذي ظهر قاضيا يحقق مع صدام، ليصبح هو نفسه طريد العدالة، ملاحَقا هو وعمه بتهم القتل والتزوير ونهب الأموال. ولعل جواب كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي في الإدارة الأمريكية على سؤال بحق جلبي " أنه لا يوجد شيء ثابت بالسياسة" يوضح نبذ الأمريكان له. كما عاد من دخل العراق آتياً من لندن على ظهر دبابة أمريكية اليها، خائبا حسيرا فاغرا فاه، بعد أن أدى دوره في مجلس حكم كان لبريمر اليد الطولى فيه وبلا منازع.
تطورت المقاومة في العراق بشكل لم يكن متوقعا من قبل المحتلين، ليقول ريتشارد أرميتاج وكيل وزارة الخارجية الأمريكية في لقاء مع قناة الجزيرة "لقد وجدنا في العراق وحوشا". وبدأت تأخذ المقاومة أشكالا جماعية ظاهرة بعد أن كانت تقتصر على مجموعات فردية متفرقة في أماكن شتى، لتتجاوز المثلث السني فتمتد وتشمل فئاتٍ واسعة ممن يأبون الاحتلال ويرفضون هيمنته وقباحة معاملته للعراقيين.
وقعت مأساة سجن أبو غريب، ووثقت فظائعها بصور تم نشرها على الملأ، عكست طابع القيم التي يتمتع بها الجندي الأمريكي، صاحب رسالة الحرية إلى العالم! لتنفي وبشكل قاطع كل المزاعم الكاذبة عن رغبة الإدراة الأمريكية في نشر الديمقراطية في عراق الدكتاتور صدام حسين، ولتؤكد ذلك بتسليم السلطة إلى إياد علاوي، الذي افتخر وعلانية بعمله مع الاستخبارات البريطانية والأمريكية، والذي لا يكف عن كيل التهديد والوعيد باستئصال كل من أراد مقاومة عدوان الاحتلال، ليضيف الى جريمة الارتباط بالأجنبي، جريمة تلطيخ يديه بدماء شعبه، جزاء لهم على رغبتهم في الانعتاق الحقيقي من رجس الاحتلال.
طفت على السطح زعامات وضمرت أخرى، وأعلن عن أسماء لا يدري أحد واقع تأثيرها الحقيقي على الساحة العراقية ومداه الى الآن. فقد لمع في البداية اسم الزرقاوي كقائد للمقاومة وللعمليات والتفجيرات التي وقعت في أنحاء شتى من العراق، ولو صحت نسبتها اليه مع كثرتها، لكان أمرا يستحق المراقبة والمتابعة. ثم ما لبث أن بزغ نجم مقتدى الصدر في مقاومة انجر وراءها كثيرون ممن أرادوا النيل من الاحتلال، ومسح عار الخذلان الذي وصم به الشيعة إبان احتلال الأمريكان للعراق في بداياته. فمع صمود مذهل من مقاومي الفلوجة، كسر هيبة الأمريكان، وجرأ المقاومين عليهم، تصاعدت عمليات المقاومة وزاد انتشارها، وأعلن جيش المهدي في النجف وكربلاء عصيانا عسكريا عارما، باتت معه الامور أكثر تعقيدا في وجه الأمريكان ومخططاتهم، خاصة بعد أن كانوا يتوقعون رضوخ الشيعة لهم، إذ تمت ترضيتهم وتطميعهم بالمناصب الأساسية في أي نظام حكم يقوم في العراق.
إلا أن الجدير ذكره، هو أنه وعلى الرغم من تصاعد المقاومة واتساع رقعتها، فإنها غير واضحة المعالم، إذ أنها لا تمثل جهة واحدة، لا فكريا ولا وطنيا ولا دينيا، كما أنها لا تملك مشروعا سياسيا قابلا للعيش بشكل مستقل عن الدول المتنفذة في العراق وفي المنطقة، في ظل الظروف المعقدة القائمة. كما أنها تفقد الرؤية الواضحة للعراق الممكن وضعه على الخارطة، مما يعقد المشهد العراقي بالفعل، ويجعله مقبلا على صراعات، لعلها أعقد من تلك التي شهدها لبنان في الحرب التي دارت على أراضيه لمدة عشرين عاما، والتي كانت أشبه بالدوران في حلقة مفرغة، قادت بنهايتها الى تصفية خصوم أمريكا في لبنان، وتفردها فيه من خلال وجود قوة إقليمية تضمن للأمريكان مصالحهم،وتجعل من السفير الأمريكي الآمر الناهي فيه، مع الفوارق التي ينبغي ملاحظتها بين واقع لبنان بالأمس والعراق اليوم.
ولفهم واقع العراق الحالي بشكل معمق، لا بد من فهم سير التيارات السائدة فيه: فالتيار العلماني، يرى حل المشكلة بربط العراق بالغرب، وببناء علاقات وثيقة معه، يؤدي إلى سيطرة الغرب على العراق ولكن من خلال وجوه عراقية، وبرؤوس يلفها الشماغ العربي الأصيل. خصوصا بعد أن تشكل عند هذه الفئة مجموعة قناعات عبارة عن مسلمات تقول، أن أمريكا قدر لا يمكن التواجد على الساحة او اللعب فيها إلا بشروطها، هادفين بدورهم إلى تشكيل عراق ليبرالي يفصل فيه الدين عن الحياة، وينحسر دور الاسلام فيه في دورالعبادة. وهذه هي الفئة التي ترشحها الدوائر الغربية للعب الدورالرئيسي المقبل في العراق، مع عزل المنادين بتطبيق الشريعة وبناء دولة إسلامية، وإبعادهم عن مراكز القرار، فقد قال رامسفيلد وبشكل صريح " لن نسمح بإقامة دولة إسلامية في العراق"، كما حذر الجنرال مايرز في جلسة استجواب أمام الكونغرس بقوله "إنهم يريدون إقامة خلافة في العراق" مشيرا ومنبها الى خطر ذلك. وبما إن هذه الفئة لا تملك رصيدا شعبيا يمكنها من فرض نفسها، لذلك رأت ضرورة ركوب القاطرة الأمريكية، حتى تستقوي بالاحتلال على طرح مشروعها وتسويق نفسها لتلعب دورا ما في حكم العراق.
أما التيار الديني، فالقسم الشيعي منه مرتبط بالمرجعية الدينية، ومركزها النجف، والوضع هناك أكثر تعقيدا مما يبدو عليه، فهناك مرجعية تاريخية مات رجالاتها، ولكن ورثتها الطموحين إشرأبت أعناقهم إلى لعب دور ما في حاضر العراق ومستقبله، ورأوا أن الفرصة سانحة لهم كي يفرضوا أنفسهم، قبل أن يتم تثبيت أي واقع يتم نسيانهم فيه. وتتمثل المرجعية التاريخية في السيد محسن الحكيم وقد ورثه ابناه باقر وعبد العزيز والأول كان لديه حضوره، وشخصية التف حولها كثيرون، لكنه قتل في بداية الكرنفال السياسي المقبل عليه العراق، والثاني هو السيد أبو القاسم الخوئي، وورثه ابنه عبد المجيد الذي قتل هو أيضا وتم اتهام مقتدى الصدر بمقتله، والثالث هو السيد صادق الصدر شقيق المرجع الشيعي المعروف محمد باقر الصدر وورثهما مقتدى الصدر، الذي قام بدوره بتأسيس جيش المهدي، واصطدم مع الأمريكان في مواجهات دامية، أدت إلى إقصاء جماعته من النجف. ولذا فإننا نرى أن عبد المجيد الخوئي مات ذكره وتوقف تأثيره بموته. ومحمد باقر الحكيم اتخذ قرارا استراتيجيا منذ البداية بالالتحاق بالمشروع الأمريكي في العراق، فحل ميليشياته وألحقها بالشرطة العراقية التي يقوم على إدارتها الأمريكان، كما ومنح أخوه عبد العزيز كرسيا بمجلس الحكم المعين من قبل الأمريكان، وعين ممثله حامد البياتي وكيلا لوزير الخارجية العراقي لاحقا في حكومة علاوي. وبذلك يكونون قد انخرطوا في اللعبة السياسية التي تنسجها أمريكا في العراق. وأما مقتدى الصدر فإن عدم انخراطه في مشروع أمريكا إلى الآن، وذياع صيت عائلته وأصولها العربية في بلد واضح فيه انتشار النفس القومي، جعله مؤهلا لأن يجتذب كثيرا من العناصر النشطة والشابة، التي رأت أنه يفتح الباب أمامها لمقاتلة الأمريكان والدفاع عن العراق، في ظل العنجهية التي تفرضها امريكا. الا ان هذه الجاذبية والجماهيرية التي اكتسبها جعلته عرضة لمؤامرات من داخل البيت الشيعي نفسه، فكل حزب وكل مرجعية باتت تراقب هذا الشاب اليافع، وما يمكن ان يشكله من خطر عليها، خصوصا مع تصاعد شعبيته وتراجعها لديهم، ولذلك فإنهم لم يألوا جهدا في التآمر عليه، بل وحدا ذلك ببعضهم الى تأليب الأمريكان عليه لتحجيمه، وربما للتخلص منه ومن ميليشياته الى الأبد.
أما المرجعية الحالية وهي مؤلفة من أربعة شخصيات هم: السادة اسحق الفياض وبشير النجفي ومحمد سعيد الحكيم، والسيد علي السيستاني وهو أبرزهم وأكثرهم نفوذا، ولعوامل كثيرة على رأسها هويته الإيرانية، جعلته يتردد ويتحرز من الاندفاع في الحياة السياسية، ولذا فإننا لا نجد له إلا النزر اليسير من التصريحات، والتي هي في العادة إقرار للواقع القائم،ولقد ذكرت ال ( بي بي سي) في تقريرها عنه، "أنه رجل معتدل ... و يؤمن بفصل الدين عن الدولة... كما أنه دعا أتباعه إلى عدم حمل السلاح في وجه المحتلين ". وقد حفز هذا الواقع مقتدى الصدر وصف نفسه بأنه يمثل الحوزة الناطقة، ملمحا بذلك إلى أن الحوزة التي يمثلها الآخرون هي حوزة خرساء.
أما الواقع السني فيشمل الأكراد، الذين ينحصر همهم بإقامة دولة قومية لهم في الشمال، ويترصدون الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك، كما يتوقعون من الولايات المتحدة أن تمنحهم مزيدا من الصلاحيات في الدولة الجديدة وفي الشمال على وجه سواء، نظير خدماتهم الجليلة في العراق من الإطاحة بصدام إلى استثمار ثقلهم السياسي في العراق لمصلحة مخططات أمريكا فيه. وأما عموم السنة، فإنه كان قد أسقط في يدهم بعد انهيار النظام السياسي الذي كان محسوبا عليهم، شاؤوا ذلك أم أبوا، عارضوه أم أيدوه، ولذلك فقد أخذوا بعض الوقت لاسترداد أنفاسهم. إلا أن تصدرهم مقاومة الأمريكان، ومحاولة حصر الأعمال العسكرية في بادئ الأمر بهم، أكْبَرَ قدرهم، وجعل لهم وزنا، وأعاد لهم ثقتهم بأنفسهم. كما انهم أدركوا أن الأمريكان قد قرروا وضع الشيعة في المراكز الأساسية والحساسة في أي نظام حكم جديد، لكسب ودهم وضمان عدم تحركهم ضد الاحتلال، مما زاد في تحسّسهم من الارتباط بأي مشروع ينسجه الأمريكان للعراق. ذلك، على الرغم من سقوط فريق منهم، وعلى رأسهم الحزب الإسلامي، إضافة إلى بعض الرجالات ذوي الصفات الشخصية الذين تربعوا في مجلس الحكم، إلا ان هؤلاء لم يكونوا يشكلون ثقلا ذا معنى داخل المجلس أو خارجه، ولعل المجلس كله كان بلا معنى، اللهم سوى منح الشرعية للاحتلال.
الا أن سوء إدارة الأمريكان للعراق،ووجود فضائح أبو غريب، فضلا عن سرقة مردودات النفط، والعبث بمكتنزاته التي تبلغ 20 مليار دولار والموجودة في الولايات المتحدة، وتبديدها من قبل بريمر ولصوص بغداد الجدد قد أثار النقمة عليهم، مما حدا بالمدعو بحر العلوم عضو مجلس الحكم المؤقت قوله "جاء بريمر ونهب العراق وفر راجعا الى امريكا". مما عقد استقرار الأمور أمام الأمريكان، بل وجعلهم في نظر اهل العراق خصوصا، والأمة الإسلامية عموما، بل والبشرية جمعاء، مجرد حثالة من المستعمرين. ولذلك فإنه بات أمر التخلص من الاحتلال هاجسا حقيقيا يؤرق الناس، ويقوي شعلة الكفاح. الا ان وجود هذه المحفزات لا تكفي لايجاد حل، بل تبقي سؤال العراق الى اين في ظل المعمعة القائمة هناك أقوى ومفتوحا على مصراعيه.
ولهذا فاننا نستطيع ان نلخص واقع العراق في القول: بأنه بلد احتله الأمريكان وأتباعهم. والمطلوب تحريره، وإقامة نظام سياسي ترضى به غالبية القوى المتواجدة فيه، وفي الواقع الحالي يسيطر على هؤلاء نزعات مادية وفكرية وسياسية متباينة بل ومتضاربة، ولا يملك أحد منهم القدرة على فرض رؤيته، حتى ولو انزاح شبح الاحتلال عن الدولة، وإنما يوجد إمكانية لإيجاد صيغة توافقية يصعب إيجادها على أرض الواقع، بسبب الاختراقات الموجودة في الأحزاب السياسية القائمة، وارتباطها في غالبها بالأجنبي.
ومن غير المؤكد أيضا نجاح الأمريكان،إذا ما أصروا على التفرد بخيرات العراق وبرسم مستقبله، متجاوزين قوى دولية، تراقب عن كثب ما يحصل في العراق، متضايقين للغاية من الشره الأمريكي، وعلى رأس هذه الدول فرنسا التي تعبر عن موقفها هذا بشكل علني، وتلحقها بذلك بقية دول أوروبا بشكل متفاوت. وعلى رأس الدول المتضررة من الاحتلال الأمريكي للعراق بريطانيا، التي ما فتئت تساير الإدارة الأمريكية في سياساتها، حتى ولو كانت تضر بمصالحها، لعدم قدرتها على المواجهة أو المنافسة معها، محاولة الحفاظ على ما يمكن أن يتبقى لها، من خلال مواكبة أمريكا في حملاتها الاستعمارية، محاولة أن لا تترك أمريكا تتفرد في العالم فتستأثر به لوحدها. فالعراق بالنسبة للإنكليز ومنذ ان وطأته أقدام جنودهم عام 1915 وقاموا بانتزاعه بعد ذلك كله من الدولة العثمانية، قامت ببناء أحزاب ورجالات لها فيه، سواء عن طريق تعليب عقولهم، أو شراء نفوسهم بملء جيوبهم بالدراهم والدنانير، إدراكا منها لأهمية هذا البلد استراتيجيا من ناحية جغرافية وسياسية ونفطية. ولذا فإنها تستطيع إغراق أمريكا في العراق إذا ما اصرت الأخيرة على الاستئثار الكامل بخيراته بعيدا عنها. فبريطانيا قادرة على تحريك رمال الصحراء في العراق تحت أقدام الأمريكان بما لها من خبرات ومكر ودهاء، إضافة الى عملائها الذين يزخر العراق بهم، وبمحيطه من دول، تسير بحسب رغباتها. ولذلك فان اصرار الإدارة الأمريكية على المضي وحيدة في عالم المحافظين الجدد، معولة على القوة والتكنولوجيا، ستصطدم بعقبات كثيرة يصعب معها تجاوز العراق إلى مشروعها الكوني للسيطرة والتفرد بالعالم، على كل فإنه بات واضحا أن بريطانيا تتقصد عرقلة أمريكا في العراق وتسلط إعلامها للنيل من صورة أمريكا في العالم، إضافة إلى محاولتها التخريب على المحافظين الجدد، وإضعاف بوش في حملته الانتخابية كي يأتي الديمقراطيون الذين هم أقرب للتفاهم مع الإنكليز على تقاسم المصالح.
ومن هنا ففي ظل غياب توافق أوروبي أمريكي على العراق، لن يستقرالوضع فيه على أمر ذي بال، واذا ما حصل هذا التوافق، فانه يعني تراجع المشروع الأمريكي وعجزه عن المضي وحيدا في العالم بمعزل عن أوروبا، مما يعني انهيار مشروع المحافظين الجدد. وإذا ما حصل هذا التوافق، فإنه يعني التهدئة في العراق، ولكن لصالح المشروع الاستعماري الذي يعارض مصالح الأمة وأملها بالخلاص، والذي يعتبر احتلال العراق وحالة التمرد على أمريكا فيه، من عوامل التحفيز لإيجاد حلول جذرية لواقع العراق وغيره من بلاد المسلمين. ويبقى الحل المطلوب مفقودا، في ظل غياب نظام سياسي سوي ينبغي أن يتجسد في إحدى دول الجوار، ككيان له سلطانه الذاتي، وله سياساته الخاصة به والمستقلة عن الغرب، معولا على قدراته وإمكانياته الذاتية، وعلى إيمان الامة بوجوده، يطمئن له أهل العراق، وتثق الأمة الاسلامية به، فتمنحه النصرة والعون اللازمين له على الصمود والاستمرار أمام أعداء الأمة الطامعين بها. فتتبنى هذه الدولة المقاومة في العراق، وتسلط الضوء والدعاية الاعلامية الصادقة على فظاعات أمريكا سابقا ولاحقا، لتستنزف امريكا وتفضحها على الصعيد العالمي. وإن بقي هذا الحل غائبا فسيبقى أهل العراق ومصيرهم مرتبطا بشكل مباشر بأحد القطبين الفاعلين في العالم، اوروبا وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا من جهة وأمريكا ممثلة طبعا بالولايات المتحدة الأمريكية.
المهندس حسن الحسن
http://www.al-nahda.com/regimes/more.php?id=898_0_10_0_M
وفي سلسلة متسارعة من الأحداث، وفي ظل سباق محموم على احتلال المناصب والاستئثار بالنفوذ، اختلط الحابل بالنابل، ودخل العراق في أتون سرداب الهرج والمرج. فغيب القتل عن الساحة رموزا ووجوها، بدءا بعبد المجيد الخوئي، مرورا بسيرجيو ديمللو وعز الدين سليم وصولا إلى السيد محمد باقر الحكيم وآخرين كثيرين.
من ناحية أخرى، مُنِعَ الأكراد من ضم كركوك الى سلطانهم في الشمال، وبات حلم الاستقلال عن العراق ونشأة كيان كردي خاص بهم بعيد المنال. وانقلب السحر على الساحر مع آل جلبي، لينبذ أحمد جلبي وحزبه بشكل مذل مهين، وليلحق به ابن اخيه سالم جلبي، الذي ظهر قاضيا يحقق مع صدام، ليصبح هو نفسه طريد العدالة، ملاحَقا هو وعمه بتهم القتل والتزوير ونهب الأموال. ولعل جواب كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي في الإدارة الأمريكية على سؤال بحق جلبي " أنه لا يوجد شيء ثابت بالسياسة" يوضح نبذ الأمريكان له. كما عاد من دخل العراق آتياً من لندن على ظهر دبابة أمريكية اليها، خائبا حسيرا فاغرا فاه، بعد أن أدى دوره في مجلس حكم كان لبريمر اليد الطولى فيه وبلا منازع.
تطورت المقاومة في العراق بشكل لم يكن متوقعا من قبل المحتلين، ليقول ريتشارد أرميتاج وكيل وزارة الخارجية الأمريكية في لقاء مع قناة الجزيرة "لقد وجدنا في العراق وحوشا". وبدأت تأخذ المقاومة أشكالا جماعية ظاهرة بعد أن كانت تقتصر على مجموعات فردية متفرقة في أماكن شتى، لتتجاوز المثلث السني فتمتد وتشمل فئاتٍ واسعة ممن يأبون الاحتلال ويرفضون هيمنته وقباحة معاملته للعراقيين.
وقعت مأساة سجن أبو غريب، ووثقت فظائعها بصور تم نشرها على الملأ، عكست طابع القيم التي يتمتع بها الجندي الأمريكي، صاحب رسالة الحرية إلى العالم! لتنفي وبشكل قاطع كل المزاعم الكاذبة عن رغبة الإدراة الأمريكية في نشر الديمقراطية في عراق الدكتاتور صدام حسين، ولتؤكد ذلك بتسليم السلطة إلى إياد علاوي، الذي افتخر وعلانية بعمله مع الاستخبارات البريطانية والأمريكية، والذي لا يكف عن كيل التهديد والوعيد باستئصال كل من أراد مقاومة عدوان الاحتلال، ليضيف الى جريمة الارتباط بالأجنبي، جريمة تلطيخ يديه بدماء شعبه، جزاء لهم على رغبتهم في الانعتاق الحقيقي من رجس الاحتلال.
طفت على السطح زعامات وضمرت أخرى، وأعلن عن أسماء لا يدري أحد واقع تأثيرها الحقيقي على الساحة العراقية ومداه الى الآن. فقد لمع في البداية اسم الزرقاوي كقائد للمقاومة وللعمليات والتفجيرات التي وقعت في أنحاء شتى من العراق، ولو صحت نسبتها اليه مع كثرتها، لكان أمرا يستحق المراقبة والمتابعة. ثم ما لبث أن بزغ نجم مقتدى الصدر في مقاومة انجر وراءها كثيرون ممن أرادوا النيل من الاحتلال، ومسح عار الخذلان الذي وصم به الشيعة إبان احتلال الأمريكان للعراق في بداياته. فمع صمود مذهل من مقاومي الفلوجة، كسر هيبة الأمريكان، وجرأ المقاومين عليهم، تصاعدت عمليات المقاومة وزاد انتشارها، وأعلن جيش المهدي في النجف وكربلاء عصيانا عسكريا عارما، باتت معه الامور أكثر تعقيدا في وجه الأمريكان ومخططاتهم، خاصة بعد أن كانوا يتوقعون رضوخ الشيعة لهم، إذ تمت ترضيتهم وتطميعهم بالمناصب الأساسية في أي نظام حكم يقوم في العراق.
إلا أن الجدير ذكره، هو أنه وعلى الرغم من تصاعد المقاومة واتساع رقعتها، فإنها غير واضحة المعالم، إذ أنها لا تمثل جهة واحدة، لا فكريا ولا وطنيا ولا دينيا، كما أنها لا تملك مشروعا سياسيا قابلا للعيش بشكل مستقل عن الدول المتنفذة في العراق وفي المنطقة، في ظل الظروف المعقدة القائمة. كما أنها تفقد الرؤية الواضحة للعراق الممكن وضعه على الخارطة، مما يعقد المشهد العراقي بالفعل، ويجعله مقبلا على صراعات، لعلها أعقد من تلك التي شهدها لبنان في الحرب التي دارت على أراضيه لمدة عشرين عاما، والتي كانت أشبه بالدوران في حلقة مفرغة، قادت بنهايتها الى تصفية خصوم أمريكا في لبنان، وتفردها فيه من خلال وجود قوة إقليمية تضمن للأمريكان مصالحهم،وتجعل من السفير الأمريكي الآمر الناهي فيه، مع الفوارق التي ينبغي ملاحظتها بين واقع لبنان بالأمس والعراق اليوم.
ولفهم واقع العراق الحالي بشكل معمق، لا بد من فهم سير التيارات السائدة فيه: فالتيار العلماني، يرى حل المشكلة بربط العراق بالغرب، وببناء علاقات وثيقة معه، يؤدي إلى سيطرة الغرب على العراق ولكن من خلال وجوه عراقية، وبرؤوس يلفها الشماغ العربي الأصيل. خصوصا بعد أن تشكل عند هذه الفئة مجموعة قناعات عبارة عن مسلمات تقول، أن أمريكا قدر لا يمكن التواجد على الساحة او اللعب فيها إلا بشروطها، هادفين بدورهم إلى تشكيل عراق ليبرالي يفصل فيه الدين عن الحياة، وينحسر دور الاسلام فيه في دورالعبادة. وهذه هي الفئة التي ترشحها الدوائر الغربية للعب الدورالرئيسي المقبل في العراق، مع عزل المنادين بتطبيق الشريعة وبناء دولة إسلامية، وإبعادهم عن مراكز القرار، فقد قال رامسفيلد وبشكل صريح " لن نسمح بإقامة دولة إسلامية في العراق"، كما حذر الجنرال مايرز في جلسة استجواب أمام الكونغرس بقوله "إنهم يريدون إقامة خلافة في العراق" مشيرا ومنبها الى خطر ذلك. وبما إن هذه الفئة لا تملك رصيدا شعبيا يمكنها من فرض نفسها، لذلك رأت ضرورة ركوب القاطرة الأمريكية، حتى تستقوي بالاحتلال على طرح مشروعها وتسويق نفسها لتلعب دورا ما في حكم العراق.
أما التيار الديني، فالقسم الشيعي منه مرتبط بالمرجعية الدينية، ومركزها النجف، والوضع هناك أكثر تعقيدا مما يبدو عليه، فهناك مرجعية تاريخية مات رجالاتها، ولكن ورثتها الطموحين إشرأبت أعناقهم إلى لعب دور ما في حاضر العراق ومستقبله، ورأوا أن الفرصة سانحة لهم كي يفرضوا أنفسهم، قبل أن يتم تثبيت أي واقع يتم نسيانهم فيه. وتتمثل المرجعية التاريخية في السيد محسن الحكيم وقد ورثه ابناه باقر وعبد العزيز والأول كان لديه حضوره، وشخصية التف حولها كثيرون، لكنه قتل في بداية الكرنفال السياسي المقبل عليه العراق، والثاني هو السيد أبو القاسم الخوئي، وورثه ابنه عبد المجيد الذي قتل هو أيضا وتم اتهام مقتدى الصدر بمقتله، والثالث هو السيد صادق الصدر شقيق المرجع الشيعي المعروف محمد باقر الصدر وورثهما مقتدى الصدر، الذي قام بدوره بتأسيس جيش المهدي، واصطدم مع الأمريكان في مواجهات دامية، أدت إلى إقصاء جماعته من النجف. ولذا فإننا نرى أن عبد المجيد الخوئي مات ذكره وتوقف تأثيره بموته. ومحمد باقر الحكيم اتخذ قرارا استراتيجيا منذ البداية بالالتحاق بالمشروع الأمريكي في العراق، فحل ميليشياته وألحقها بالشرطة العراقية التي يقوم على إدارتها الأمريكان، كما ومنح أخوه عبد العزيز كرسيا بمجلس الحكم المعين من قبل الأمريكان، وعين ممثله حامد البياتي وكيلا لوزير الخارجية العراقي لاحقا في حكومة علاوي. وبذلك يكونون قد انخرطوا في اللعبة السياسية التي تنسجها أمريكا في العراق. وأما مقتدى الصدر فإن عدم انخراطه في مشروع أمريكا إلى الآن، وذياع صيت عائلته وأصولها العربية في بلد واضح فيه انتشار النفس القومي، جعله مؤهلا لأن يجتذب كثيرا من العناصر النشطة والشابة، التي رأت أنه يفتح الباب أمامها لمقاتلة الأمريكان والدفاع عن العراق، في ظل العنجهية التي تفرضها امريكا. الا ان هذه الجاذبية والجماهيرية التي اكتسبها جعلته عرضة لمؤامرات من داخل البيت الشيعي نفسه، فكل حزب وكل مرجعية باتت تراقب هذا الشاب اليافع، وما يمكن ان يشكله من خطر عليها، خصوصا مع تصاعد شعبيته وتراجعها لديهم، ولذلك فإنهم لم يألوا جهدا في التآمر عليه، بل وحدا ذلك ببعضهم الى تأليب الأمريكان عليه لتحجيمه، وربما للتخلص منه ومن ميليشياته الى الأبد.
أما المرجعية الحالية وهي مؤلفة من أربعة شخصيات هم: السادة اسحق الفياض وبشير النجفي ومحمد سعيد الحكيم، والسيد علي السيستاني وهو أبرزهم وأكثرهم نفوذا، ولعوامل كثيرة على رأسها هويته الإيرانية، جعلته يتردد ويتحرز من الاندفاع في الحياة السياسية، ولذا فإننا لا نجد له إلا النزر اليسير من التصريحات، والتي هي في العادة إقرار للواقع القائم،ولقد ذكرت ال ( بي بي سي) في تقريرها عنه، "أنه رجل معتدل ... و يؤمن بفصل الدين عن الدولة... كما أنه دعا أتباعه إلى عدم حمل السلاح في وجه المحتلين ". وقد حفز هذا الواقع مقتدى الصدر وصف نفسه بأنه يمثل الحوزة الناطقة، ملمحا بذلك إلى أن الحوزة التي يمثلها الآخرون هي حوزة خرساء.
أما الواقع السني فيشمل الأكراد، الذين ينحصر همهم بإقامة دولة قومية لهم في الشمال، ويترصدون الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك، كما يتوقعون من الولايات المتحدة أن تمنحهم مزيدا من الصلاحيات في الدولة الجديدة وفي الشمال على وجه سواء، نظير خدماتهم الجليلة في العراق من الإطاحة بصدام إلى استثمار ثقلهم السياسي في العراق لمصلحة مخططات أمريكا فيه. وأما عموم السنة، فإنه كان قد أسقط في يدهم بعد انهيار النظام السياسي الذي كان محسوبا عليهم، شاؤوا ذلك أم أبوا، عارضوه أم أيدوه، ولذلك فقد أخذوا بعض الوقت لاسترداد أنفاسهم. إلا أن تصدرهم مقاومة الأمريكان، ومحاولة حصر الأعمال العسكرية في بادئ الأمر بهم، أكْبَرَ قدرهم، وجعل لهم وزنا، وأعاد لهم ثقتهم بأنفسهم. كما انهم أدركوا أن الأمريكان قد قرروا وضع الشيعة في المراكز الأساسية والحساسة في أي نظام حكم جديد، لكسب ودهم وضمان عدم تحركهم ضد الاحتلال، مما زاد في تحسّسهم من الارتباط بأي مشروع ينسجه الأمريكان للعراق. ذلك، على الرغم من سقوط فريق منهم، وعلى رأسهم الحزب الإسلامي، إضافة إلى بعض الرجالات ذوي الصفات الشخصية الذين تربعوا في مجلس الحكم، إلا ان هؤلاء لم يكونوا يشكلون ثقلا ذا معنى داخل المجلس أو خارجه، ولعل المجلس كله كان بلا معنى، اللهم سوى منح الشرعية للاحتلال.
الا أن سوء إدارة الأمريكان للعراق،ووجود فضائح أبو غريب، فضلا عن سرقة مردودات النفط، والعبث بمكتنزاته التي تبلغ 20 مليار دولار والموجودة في الولايات المتحدة، وتبديدها من قبل بريمر ولصوص بغداد الجدد قد أثار النقمة عليهم، مما حدا بالمدعو بحر العلوم عضو مجلس الحكم المؤقت قوله "جاء بريمر ونهب العراق وفر راجعا الى امريكا". مما عقد استقرار الأمور أمام الأمريكان، بل وجعلهم في نظر اهل العراق خصوصا، والأمة الإسلامية عموما، بل والبشرية جمعاء، مجرد حثالة من المستعمرين. ولذلك فإنه بات أمر التخلص من الاحتلال هاجسا حقيقيا يؤرق الناس، ويقوي شعلة الكفاح. الا ان وجود هذه المحفزات لا تكفي لايجاد حل، بل تبقي سؤال العراق الى اين في ظل المعمعة القائمة هناك أقوى ومفتوحا على مصراعيه.
ولهذا فاننا نستطيع ان نلخص واقع العراق في القول: بأنه بلد احتله الأمريكان وأتباعهم. والمطلوب تحريره، وإقامة نظام سياسي ترضى به غالبية القوى المتواجدة فيه، وفي الواقع الحالي يسيطر على هؤلاء نزعات مادية وفكرية وسياسية متباينة بل ومتضاربة، ولا يملك أحد منهم القدرة على فرض رؤيته، حتى ولو انزاح شبح الاحتلال عن الدولة، وإنما يوجد إمكانية لإيجاد صيغة توافقية يصعب إيجادها على أرض الواقع، بسبب الاختراقات الموجودة في الأحزاب السياسية القائمة، وارتباطها في غالبها بالأجنبي.
ومن غير المؤكد أيضا نجاح الأمريكان،إذا ما أصروا على التفرد بخيرات العراق وبرسم مستقبله، متجاوزين قوى دولية، تراقب عن كثب ما يحصل في العراق، متضايقين للغاية من الشره الأمريكي، وعلى رأس هذه الدول فرنسا التي تعبر عن موقفها هذا بشكل علني، وتلحقها بذلك بقية دول أوروبا بشكل متفاوت. وعلى رأس الدول المتضررة من الاحتلال الأمريكي للعراق بريطانيا، التي ما فتئت تساير الإدارة الأمريكية في سياساتها، حتى ولو كانت تضر بمصالحها، لعدم قدرتها على المواجهة أو المنافسة معها، محاولة الحفاظ على ما يمكن أن يتبقى لها، من خلال مواكبة أمريكا في حملاتها الاستعمارية، محاولة أن لا تترك أمريكا تتفرد في العالم فتستأثر به لوحدها. فالعراق بالنسبة للإنكليز ومنذ ان وطأته أقدام جنودهم عام 1915 وقاموا بانتزاعه بعد ذلك كله من الدولة العثمانية، قامت ببناء أحزاب ورجالات لها فيه، سواء عن طريق تعليب عقولهم، أو شراء نفوسهم بملء جيوبهم بالدراهم والدنانير، إدراكا منها لأهمية هذا البلد استراتيجيا من ناحية جغرافية وسياسية ونفطية. ولذا فإنها تستطيع إغراق أمريكا في العراق إذا ما اصرت الأخيرة على الاستئثار الكامل بخيراته بعيدا عنها. فبريطانيا قادرة على تحريك رمال الصحراء في العراق تحت أقدام الأمريكان بما لها من خبرات ومكر ودهاء، إضافة الى عملائها الذين يزخر العراق بهم، وبمحيطه من دول، تسير بحسب رغباتها. ولذلك فان اصرار الإدارة الأمريكية على المضي وحيدة في عالم المحافظين الجدد، معولة على القوة والتكنولوجيا، ستصطدم بعقبات كثيرة يصعب معها تجاوز العراق إلى مشروعها الكوني للسيطرة والتفرد بالعالم، على كل فإنه بات واضحا أن بريطانيا تتقصد عرقلة أمريكا في العراق وتسلط إعلامها للنيل من صورة أمريكا في العالم، إضافة إلى محاولتها التخريب على المحافظين الجدد، وإضعاف بوش في حملته الانتخابية كي يأتي الديمقراطيون الذين هم أقرب للتفاهم مع الإنكليز على تقاسم المصالح.
ومن هنا ففي ظل غياب توافق أوروبي أمريكي على العراق، لن يستقرالوضع فيه على أمر ذي بال، واذا ما حصل هذا التوافق، فانه يعني تراجع المشروع الأمريكي وعجزه عن المضي وحيدا في العالم بمعزل عن أوروبا، مما يعني انهيار مشروع المحافظين الجدد. وإذا ما حصل هذا التوافق، فإنه يعني التهدئة في العراق، ولكن لصالح المشروع الاستعماري الذي يعارض مصالح الأمة وأملها بالخلاص، والذي يعتبر احتلال العراق وحالة التمرد على أمريكا فيه، من عوامل التحفيز لإيجاد حلول جذرية لواقع العراق وغيره من بلاد المسلمين. ويبقى الحل المطلوب مفقودا، في ظل غياب نظام سياسي سوي ينبغي أن يتجسد في إحدى دول الجوار، ككيان له سلطانه الذاتي، وله سياساته الخاصة به والمستقلة عن الغرب، معولا على قدراته وإمكانياته الذاتية، وعلى إيمان الامة بوجوده، يطمئن له أهل العراق، وتثق الأمة الاسلامية به، فتمنحه النصرة والعون اللازمين له على الصمود والاستمرار أمام أعداء الأمة الطامعين بها. فتتبنى هذه الدولة المقاومة في العراق، وتسلط الضوء والدعاية الاعلامية الصادقة على فظاعات أمريكا سابقا ولاحقا، لتستنزف امريكا وتفضحها على الصعيد العالمي. وإن بقي هذا الحل غائبا فسيبقى أهل العراق ومصيرهم مرتبطا بشكل مباشر بأحد القطبين الفاعلين في العالم، اوروبا وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا من جهة وأمريكا ممثلة طبعا بالولايات المتحدة الأمريكية.
المهندس حسن الحسن
http://www.al-nahda.com/regimes/more.php?id=898_0_10_0_M