المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عقوبات الله



د.اسامة الحاتم
15-09-2004, 09:42 PM
سألني بعض الاخوان تعقيبا على القصة التي نشرتها في العدد الاخير من " سلام العراق " عن امر مهم جدا يحتاج الى شرح وتوضيح ، قالوا لي : لقد ذكرت في هذه القصة ان رجلا قبّل امراة في محل عمله فسلط الله عليه " السقّا " الذي قبّل امراته في بيتها ، وقيل في تلك الحادثة ذلك المثل المشهور : " دقة بدقة ، ولو زدت زاد السقا " ، بينما الذي نلاحظه في الحياة ان كثيرا من الناس يرتكبون من الاثام والخطايا اعظم من ذلك بكثير ، ولا يحاسبون على ذلك ، مثلما تدعي ان هذا الرجل قد حوسب .

اخواني الاعزاء :

عندما يقول الله عزوجل في كتابه الكريم (( ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) .. فان هذا يعني ان كل انسان شرير سينال جزاءه العادل على ما اقترف من اثم .. لاجدال ولا خلاف على هذا .. يبقى الخلاف محصورا في مسالة متى يعاقب هذا الانسان على خطيئته .. في الدنيا ام في الاخرة ..

انا اتفق معكم في ان كثيرا من الناس يرتكبون من الاثام ما تنوء به الجبال ، ولا يعاقبون على ذلك في الدنيا بل تؤجل عقوبتهم الى الاخرة ، ولكنني اتصور انكم تتفقون معي ان هناك الكثير من الايات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة التي تشير الى ان عذاب الاخرة اشد وانكى وكانها تشير الى ان عقوبات الدنيا اخف وطاة واقصر زمنا ، وعندما يشير الرسول ( r ) الى ان فضوح الدنيا اهون من فضوح الاخرة ، فانه يؤكد هذا المعنى ويوضحه للناس اجمعين .

ثم ان هناك الكثير من الدلالات والاشارات والقصص على تعجيل العقوبة في الدنيا لاناس صالحين يريد الله سبحانه وتعالى ان لا يصيبهم شر ولا نصب في الاخرة ، حتى ان احد الصالحين يقول : انني لأذنب الذنب فاعرف ذلك في خلق زوجتي وغلامي ودابتي .

تذكرون كيف كانت عقوبة الله لبني اسرائيل عندما كفروا بالله وعبدوا العجل في اثناء غياب سيدنا موسى (u)عنهم في رحلته لمناجاة ربه ، تلك العقوبة التي تحدث الله سبحانه وتعالى عنها في كتابه الكريم بقوله عزوجل : (( واذ قال موسى لقومه يا قوم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم انه هو التواب الرحيم )) ، فاعتبر الله عزوجل قتل اليهود لانفسهم توبة منهم اليه عزوجل وقد قبل منهم هذه التوبة .

ولا يفوتكم ذكر اسم الله ـ الرحيم ـ في هذه الاية الكريمة ، وكأنها إشارة الى ان عقوبة بني اسرائيل بهذه العقوبة القاسية هي رحمة لهم لانها سبب عفو الله عنهم وخلاصهم من عذاب الله في الاخرة .

ألا استطيع القول اذن ـ وارجو المغفرة من الله عزوجل ان كنت مخطئا ـ ان الله سبحانه وتعالى يحاسب العبد ويعاقبه في الدنيا اذا اراد ان يرحمه من عذاب الاخرة الرهيب ، مثلما حدث لهذا الرجل في قصة السقا المشهورة ؟

انني اعتقد ان فهمي في هذه المسالة صحيح ان شاء الله ، وعلى العبد المذنب ان يسال الله عزوجل العفو والمغفرة ، وعليه ايضا ان يستسلم ويرضى بالقضاء اذا ما نالته عقوبة من الله في الدنيا ، لانها تعني انه لن يعاقب في الاخرة على هذا الذنب ان شاء الله ، لان الله عزوجل يقول : اني لا اجمع على عبدي امنين ولا خوفين ، من امنني في الدنيا اخفته في الاخرة ، ومن خافني في الدنيا امنته في الاخرة .

نسال الله سبحانه وتعالى العفو والعافية في الدنيا والاخرة ، ونساله ان يغفر لنا ذنوبنا ويمن علينا بفضله ورحمته وكرمه ، انه هو الغفور الرحيم .

سهم الاسلام
17-09-2004, 04:50 PM
[center]
[size=4]نسال الله سبحانه وتعالى العفو والعافية في الدنيا والاخرة ، ونساله ان يغفر لنا ذنوبنا ويمن علينا بفضله ورحمته وكرمه ، انه هو الغفور الرحيم .



اللهم آمين .. بارك الله فيك أخي الأستاذ و الغالي .. و شكراً على الموضوع .. و السلام ..

د.اسامة الحاتم
18-09-2004, 05:27 PM
اخي العزيز سهم الاسلام

بارك الله فيك ووقاك وايانا شرور الدنيا والاخرة واعاذنا من النار برحمته ومنّه وكرمه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المسلمة روان
19-09-2004, 01:51 AM
جزاك الله خيرا دكتور ونفع بك..نسأل الله الأمان يوم الحساب.

وعـــــــد
19-09-2004, 03:56 AM
جزاك الله خيرا
من سنن الله في الكون أنه إذا عصاه من يعرفه سلط عليه من لا يعرفه
اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عنا يارب بجودك وكرمك ومنك وإحسانك
اللهم آمين

د.اسامة الحاتم
24-09-2004, 11:28 PM
اختي المسلمة روان

بارك الله بك واجارك من كل خوف وفزع ان شاء الله

د.اسامة الحاتم
24-09-2004, 11:29 PM
امين يا رب العالمين

وشكرا لاخي وعد مروره وتعقيبه اللطيف

الفقيرلله
25-09-2004, 05:53 AM
الحمد لله

بداية أرحب بك أخي الفاضل د.أسامه
وأشكرك على موضوعك الطيب النافع


د. أسامه أتفق معك أن الإنسان يجب أن يرضى بما يقضيه الله عليه وذلك حتى يؤجر ولايفوت عليه أجر صبره
كما قال صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف (.................. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) ... الحديث

وأن لاينسى هذا الأمر حيث أن الإنسان صبر أم لم يصبر فقضاء الله ساري ولا يبقى منه إلا الأجر في حال الصبر أو الوزر في حال السخط

كما قال تعالى(( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))

ولكن يا أخي لدي ملاحظه بسيطه إن سمحت لي :

ليس من الضروره أن مايصاب به الإنسان من أذى في الدنيا هو عقاب له على ذنب اقترفه , فالأنبياء هم أشد الناس بلاء في الدنيا وليس لذنب ارتكبوه

بل هو رفعة لدرجتهم في الآخره
كما جاء في صحيح الجامع
((إن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) صححه الألباني


والملاحظة الأخرى أخي الحبيب أن عقاب الله للعبد في الدنيا أيضا ليس دليلا على عدم معاقبته في الآخره
بل إنها ربما هي بداية العذاب في الدنيا والآخره

كما قال تعالى
((لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ))

وكما قال جل من قائل
((فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ))

وقوله سبحانه عن أصحاب الجنه الذين عاقبهم الله سبحانه بإحراقهافي سورة القلم
((كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون))


ولنا في قصص الأمم السابقه لعبرة في ذلك كعاد وثمود وآل لوط فمنهم من عذب بالغرق ومنهم من عذب بالحاصب ومنهم بالصيحه والعياذ بالله

فعذابهم في الدنيا لن ينجيهم من عذاب الله في الآخره

وكما قلت أخي الحبيب

فعذاب الآخره أمر وأكبر نسأل الله العفو والعافيه في الدنيا والآخره

واسمح لي د. أسامه على عجاله أن أوضح معنى الخوف في الحديث المذكور في موضوعك

وهو حديث صحيح صححه ابن حبان والبزار والعديد من أهل الحديث رواه أبو هريره رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه جل وعلا أنه قال : ( وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين ، إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ) .

فالخوف هنا ليس المراد به البلاء والعقاب إنما هو الخوف من الله حيث جعل الله الخوف منه جل وعلا شرطاً للإيمان به سبحانه فقال : { إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين} (آل عمران 175) ، ومدح أهله في كتابه وأثنى عليهم بقوله : { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } إلى أن قال : { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } ( المؤمنون 57) ، وبين سبحانه ما أعده الله للخائفين في الآخرة فقال : {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } (الرحمن 46) .
فيبين هذا الحديث العظيم منزلة الخوف من الله وأهميتها ، وأنها من أجل المنازل وأنفعها للعبد ، ومن أعظم أسباب الأمن يوم الفزع الأكبر .

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الشاكرين له في السراء الصابرين في الضراء
وأن يجعلنا من السعداء في الدنيا والآخره إنه ولي ذلك والقادر عليه

هذا والله تعالى أعلم

د.اسامة الحاتم
26-09-2004, 09:08 PM
اخي العزيز الفقير لله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك على ترحيبك بي اخي الكريم واشكرك على مرورك وعلى اهتمامك بتوضيح نقاط الموضوع
نعم اخي : اتفق معك انه ليس من الضرورة أن ما يصيب الإنسان من أذى او الم في الدنيا هو عقاب له على ذنب اقترفه , والأنبياء عليهم السلام وعلى رسولنا افضل الصلاة والسلام ـ كما تفضلت ـ هم أشد الناس بلاء في الدنيا ، ليس لذنب ارتكبوه ـ حاشا قدرهم الشريف ـ بل هو رفعة لدرجتهم في الآخرة .
نعم هذا صحيح ، ولكنني اخي العزيز لم اتحدث عن هموم الدنيا والالم الذي يصيب الانسان في الدنيا بشكل عام ، انما قصدت الاجابة على موضوع محدد : لماذا نلاحظ كثيرا من المذنبين في الدنيا لا ينالون عقوبتهم العادلة من الله عزوجل ؟
فقلت ـ حسب فهمي المتواضع ـ ان السعيد هو من يدفع ثمن جريمته في الدنيا ـ مثل ماعز والغامدية ـ ، او يدفعه ثمن تقصيره في الطاعات بعقوبة دنيوية فورية كما كان يحصل مع بعض الصالحين ، والشقي هو من يترك حسابه للاخرة كله والعياذ بالله ، ولا يمنع هذا ان يعاقب الانسان في الدنيا والاخرة ، نعوذ بالله من غضبه وسخطه .
اشكرك على هذه التوضيحات الرائعة وهذا الاهتمام الكبير