المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لعله يعود..



khaled al-zamil
18-08-2001, 05:21 AM
لا شك انه سيكون اكثر القرارات جرأة في حياته ...
خوفه المطلق من الملامة يجبره ان يبدي تكتما تجاه الفكرة
لا يجهل ان الجميع سيقف ضده لا محالة
فلم يفعلها قبله أحد ..
ستكون تجربة فريدة هنا
في مجتمع لم ينسلخ بعد من اعرق تقاليده
لكنه سيستجمع كل تحدي الكون وسيفعلها
هيامه بنتائج قراره ..
ستجعله لن يهتم إن رفض والده مبيته في المنزل
ولن يهتم ان اضطره قراره لان يخفي وجهه استحياء من الجميع
يدرك انه سيعقد صداقة حميمة مع" اللطمة" منذ اللحظة الأولى لسريان تطبيق فكرته
لن يأبه بكميات الاحترام التي سيفقد
ولا لهيبته التي ستنتحر
أو لحجم وقاره الذي سيوأد
لن يحلم بعدها بنظرة إعجاب واحده يسرقها من أعين المبرقعات
حتى وطنيته ستكون منذ تلك اللحظة موضع شاك دائم
كل الذي يهمه انه سيفعلها ..
تأمل مليا في المرآة .. بعمق وتركيز لم يعهده .. أضاء كل وحدات الإنارة المحيطة بالمغسلة
وأمعن في التأمل .. كانت المرآة تظهر وجهه .. وجهه لا غير
أرخي عضلاته وأطلق تنهيدة طويلة .. ثم أقسم أنه سيفعلها
سيفعلها الآن

كان يمشي تجاه سيارته بخطى سريعة
خشية ان يتراجع .. كما فعل ألف مرة سابقة
أربع سجائر كانت الحصيلة من بيته للحلاق
عدا كم هائل من زمرات الأبواق

وصل الحلاق
فتح الباب ليندفع تيار هواء بارد عانق وجهه
اتخذ خطوته الأولى في المحل
صافحت أعينه جميع أعين الزبائن والحلاقين
عجز ان يبادلهم الابتسامة
ألقى بثقله على مقعد مهترأ .. يصدر صريرا مع اتفه حركة
اخذ يتصفح المجلات بعناية مزعومة
لكن كل خيالاته
كل حواسه
تعيش ترقب تنفيذ القرار

بحثا عن الهروب وإيقاف اضطرابه
بات يكتفي بتأمل الصور
لكن صورة واحدة فقط هي اللي كانت ترتسم لعينيه

أعاد شريط ذكرياته
محاولا إيجاد مبررات لنفسه في اتخاذ القرار
لعله يخرج من عقدة الذنب المحيطة به

لم ينسى احتفاءه بصداقتهم التي بدأت مع بداية مراهقته
كان احتفاءا غير عاديا
فرحه عارمة كانت تتزايد بتلاحم العلاقة ونموها
لكن فجأة ودون مقدمات
وجد انه يكبر وصديقه العزيز لا زال يعيش أطوار المراهقة
بدا وان علاقتهما لا تأخذ منحاها الطبيعي
جهود جبارة بذلها لتعود الأمور لمجاريها
ليجاريه هذا الصديق في الكبر وفي النضوج
مشاريع ضخمه من التحسينات لم تظهر فائدة في سد الهوه التي بدت تتسع بينهما
هو يعني له الكثير بالتأكيد
لكنه سيضحي به
في سبيل ان يرجع إليه كبيرا كما ينبغي
ناضجا بما يكفي
ليعود ويمثل له مصدر فخر لا ازدراء

قاطع هذا الجدال الدائر بين داخله وداخله
صوت ينبأ عن وجود كرسي حلاقة شاغر

جال بنظراته بين المرايا وبين أمواس الحلاقة
لاح له باب الحلاق فجأة وكأنما يهمس انه لا زال مفتوحا
ولازالت فرص الهروب مواتية
لكنه أطلق زفرة التحدي ذاتها
وسلم نفسه ليدي الحلاق

النبض زاد في التسارع وفوطة الحلاقة تنشر فوقه
الشعر المتناثر على الارضية صار يتشكل له بوجوه عابسة
تنهره ..
تنهاه عن المواصلة ..
نقل بصره للمقصات
كانت تضحك ساخرة
وتكتفي بالضحك

بادره الحلاق بسؤال معتاد
- شعر والا دقن ؟
شعر بغصة تمنعه من الاجابة
ابتلع لعابه
مرتين وثلاث
ثم أجاب بحزم :
- شنب !!


--------------------------------------------------------------------------------