الوليد
19-08-2001, 12:58 AM
سأسرد لكم اليوم قصة عجيبة لرجل جوهري من تجار المشرق ...
==============
قصد التاجر ذات يوم من عدن إلى المنصور بجوهر كثير وأحجار
نفيسة ، فأخذ المنصور من ذلك ما استحسنه ودفع الى التاجر
الجوهري صرته ، وكانت قطعة يمانية ، فأخذ
التاجر في انصرافه طريق الرملة على شط النهر ، فلما توسطها _
واليوم قائظ وعرقه منصب _ دعته نفسه الى التبرد في النهر ،
فوضع ثيابه وتلك الصرة على الشط ، فمرت حدأة فاختطفت الصرة
تحسبها لحماً ، وصعدت في الأفق ذاهبة فقطعت الأفق الذي تنظر
إليه عين التاجر ، فقامت قيامته وعلم أنه لا يقدر أن يستدفع
ذلك بحيله ، فأسر الحزن في نفسه ، ولحقه لأجل ذلك علة اضطرب
فيها ، وحضر الدفع إلى التجار ، فحضر الرجل
لذلك بنفسه ، فاستبان للمنصور ما بالرجل من المهانة والكآبة
وفقد ما كان عنده من النشاط وشدة العارضة ، فسأل المنصور عن
شأنه ، فأعلمه بقصته ،
فقال له : هلا أتيت إلينا بحدثان وقوع الأمر فكنا نستظهر على
الحيلة ، فهل هديت إلى الناحية التي أخذ الطائر إليها ؟ قال :
مر مشرفاً على سمت هذا الجبل الذي يلي قصرك _
يعني الرملة _ فدعا المنصور شرطيه الخاص به ، فقال له : جئني
بمشيخة أهل الرملة الساعة ، فمضى وجاء بهم سريعاً فأمرهم
بالبحث في قبائلهم عن من تغير عنه حال الإقلال إلى
حال الغنى فجأة دون سبب ظاهر ، فقالوا : يا مولانا ، ما نعلم
إلا رجلاً من ضعفائنا كان يعمل هو وأولاده بأيديهم ويتناولون
السبق بأقدامهم عجزاً عن شراء دابة ، فابتاع اليوم دابة ،
واكتسى هو وولده كسوة متوسطة ، فأمر بإحضاره من الغد ، وأمر
التاجر بالغدو إلى الباب ، فحضر الرجل بعينه بين يدي المنصور
، فاستدناه والتاجر حاضر ،
وقال له : سببٌ ضاع منا وسقط إليك ما فعلت به ؟
قال : هو ذا يا مولاي ، وضرب بيده إلى حجزة سراويله فأخرج
الصرة بعينها ، فصاح التاجر طرباً وكاد يطير فرحاً
فقال له المنصور : صف لي حديثها ،
فقال : بينما أنا أعمل في جناني تحت نخلة إذا سقطت أمامي
فأخذتها وراقني منظرها فقلت ، إن الطائر اختلسها من قصرك لقرب
الجوار ، فاحترزت بها ودعتني فاقتي إلى أخذ عشرة مثاقيل كانت
معها مصرورة وقلت : أقل ما يكون في كرم مولاي أني يسمح لي بها ،
فأعجب المنصور ما كان منه ، وقال للتاجر : خذ صرتك وانظرها
واصدقني عن عددها ، ففعل ، وقال : ما ضاع منها شئ سوىالدنانير
التي ذكرها وقد وهبتها له ،
فقال له المنصور : نحن أولى بذلك منك ، ولا ننغص عليك فرحك ،
ولولا جمعه بين الإصرار والإقرار لكان ثوابه موفوراً عليه ، ثم
أمر للتاجر بعشرة دنانير عوضاً عن دنانيره ،
وللجنان بعشرة دنانير ثواباً لتأنيه عن فساد ما وقع بيده ،
وقال : لو بدأنا بالإعتراف قبل البحث لأوسعناه جزاء .
==================================
من كتاب"الدرر البهية في الألغاز الفقهية"
للدكتور: محمد العريفي.
=========================
==============
قصد التاجر ذات يوم من عدن إلى المنصور بجوهر كثير وأحجار
نفيسة ، فأخذ المنصور من ذلك ما استحسنه ودفع الى التاجر
الجوهري صرته ، وكانت قطعة يمانية ، فأخذ
التاجر في انصرافه طريق الرملة على شط النهر ، فلما توسطها _
واليوم قائظ وعرقه منصب _ دعته نفسه الى التبرد في النهر ،
فوضع ثيابه وتلك الصرة على الشط ، فمرت حدأة فاختطفت الصرة
تحسبها لحماً ، وصعدت في الأفق ذاهبة فقطعت الأفق الذي تنظر
إليه عين التاجر ، فقامت قيامته وعلم أنه لا يقدر أن يستدفع
ذلك بحيله ، فأسر الحزن في نفسه ، ولحقه لأجل ذلك علة اضطرب
فيها ، وحضر الدفع إلى التجار ، فحضر الرجل
لذلك بنفسه ، فاستبان للمنصور ما بالرجل من المهانة والكآبة
وفقد ما كان عنده من النشاط وشدة العارضة ، فسأل المنصور عن
شأنه ، فأعلمه بقصته ،
فقال له : هلا أتيت إلينا بحدثان وقوع الأمر فكنا نستظهر على
الحيلة ، فهل هديت إلى الناحية التي أخذ الطائر إليها ؟ قال :
مر مشرفاً على سمت هذا الجبل الذي يلي قصرك _
يعني الرملة _ فدعا المنصور شرطيه الخاص به ، فقال له : جئني
بمشيخة أهل الرملة الساعة ، فمضى وجاء بهم سريعاً فأمرهم
بالبحث في قبائلهم عن من تغير عنه حال الإقلال إلى
حال الغنى فجأة دون سبب ظاهر ، فقالوا : يا مولانا ، ما نعلم
إلا رجلاً من ضعفائنا كان يعمل هو وأولاده بأيديهم ويتناولون
السبق بأقدامهم عجزاً عن شراء دابة ، فابتاع اليوم دابة ،
واكتسى هو وولده كسوة متوسطة ، فأمر بإحضاره من الغد ، وأمر
التاجر بالغدو إلى الباب ، فحضر الرجل بعينه بين يدي المنصور
، فاستدناه والتاجر حاضر ،
وقال له : سببٌ ضاع منا وسقط إليك ما فعلت به ؟
قال : هو ذا يا مولاي ، وضرب بيده إلى حجزة سراويله فأخرج
الصرة بعينها ، فصاح التاجر طرباً وكاد يطير فرحاً
فقال له المنصور : صف لي حديثها ،
فقال : بينما أنا أعمل في جناني تحت نخلة إذا سقطت أمامي
فأخذتها وراقني منظرها فقلت ، إن الطائر اختلسها من قصرك لقرب
الجوار ، فاحترزت بها ودعتني فاقتي إلى أخذ عشرة مثاقيل كانت
معها مصرورة وقلت : أقل ما يكون في كرم مولاي أني يسمح لي بها ،
فأعجب المنصور ما كان منه ، وقال للتاجر : خذ صرتك وانظرها
واصدقني عن عددها ، ففعل ، وقال : ما ضاع منها شئ سوىالدنانير
التي ذكرها وقد وهبتها له ،
فقال له المنصور : نحن أولى بذلك منك ، ولا ننغص عليك فرحك ،
ولولا جمعه بين الإصرار والإقرار لكان ثوابه موفوراً عليه ، ثم
أمر للتاجر بعشرة دنانير عوضاً عن دنانيره ،
وللجنان بعشرة دنانير ثواباً لتأنيه عن فساد ما وقع بيده ،
وقال : لو بدأنا بالإعتراف قبل البحث لأوسعناه جزاء .
==================================
من كتاب"الدرر البهية في الألغاز الفقهية"
للدكتور: محمد العريفي.
=========================