المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر رايت فيما يري النائم[ نجيب محفوظ ]



سيـ الرهيب ـف
31-10-2004, 01:57 PM
يالله إنام...أقصد يالله إنشوف الموضوع:D


أحلام من "رأيت فيما يرى النائم"


نجيب محفوظ




الحلم رقم 7
رأيت فيما يرى النائم . .
أنني في حديقة من أشجار الليمون . و أن الناس يزدحمون حول أشجارها و يتبارون في ملء مقاطفهم من ثمارها . و أن ثمة بيعاً و شراء و مساومات ، و تنافساً حامياً يشتعل . و أن رجال الشرطة يتدخلون أحياناً لفض نزاع بهراواتهم فتسيل دماء . و كنتُ أتجول بين الجماعات بلا مقطف حتى قال السمسار ساخراً :
- رجل مجنون جاء السوق بلا مقطف !

و الحق أن الشذا هو الذي دعاني لا السوق ، فهمت على وجهي أتغزل برشاقة الأشجار و خضرتها الباسمة و أغصانها الثرية . و تخلق حب خالص فيرعاية القبة الزرقاء . و في لحظة مشرقة استحلت غصنناً فأفلت من مطاردة السمسار . و مضى الزمن و أنا أتأود على دفقات النسيم ، و أنهل من حرية عبقة بشذا الليمون .

الحلم رقم 11
رأيت فيما يرى النائم . .
أنني حزين و قلبي ثقيل و لكني لا أعرف سبباً معيناً لحالي . و سرت في طريق مجهول حتى ارهقني السير . و شعرت طوال الوقت بأنني أسعى وراء غاية لكنها غابت عن وعيي أو غاب عنها وعيي . و تبرق لحظة خاطفة في غياهب نفسي مغررة بي فأتوهم أنني مستكشفها و لكنها سرعان ما تغوص في الظلام مخلفة يأساً . و دوما لا أكف عن التطلع و الإنخداع و اليأس و لا أكف عن السير ، و صحبني الحزن مع خطاي ، و انثالت علي صور متلاحقة هامسة بذكريات الهناء الراحل و الأحبة الذاهبين . و أذهلتني كثرتها كما أذهلني عدمها . و قعقع الرعد حتى ارتعشت أطرافي ، و لكنه قال بصوت واضح :
- سوف تنقشع الأحزان و ينهمر المطر .

الحلم رقم 12
رأيت فيما يرى النائم . .
أن الأرض تتقشر ، و تتشقق ، و تتقلص و تموج ، و من الأعماق تبرز على مهل عمد و أسطح و قباب ، ثم مضى يتجلى وجه مدينة غامرة ، شوارعها محجوبة بالأتربة ، مساكنها متهدمة ، و ما بها من قائم سوى المعابد و بعض التماثيل ، و تحلقها قوم لا حصر لهم ينظرون و يتحاورون :
- مدينة أثرية جديدة ..
- وثائق لتاريخ جديد .
- ألا يوجد أثر لإنسان ؟
- المقابر لم تكتشف بعد .
و لبثت ما لبثت حتى انتبهت فوجدت نفسي وحيداً . و رحت أخترق شارعها الرئيسي حتى أدركني الليل و أظلتني النجوم . و مزقت السكون صرخة . صرخة أنثى فيما بدا لي . و ثمة طيف هرع نحوي حتى جثا بين يدي ، و ثمة صوت هتف :
- أنقذني . .
سألتها :
- ماذا يتهددك ؟
- سيف الجلاد .
- من أنتِ ؟
- أنا بريئة .
فسألتها بشدة :
- ما تهمتك ؟
- التهمة التي لا يبرأ منها أحد ، حتى أنت !
فقبضت على يدها و أنهضتها ، ثم انطلقنا معاً كشهابين في ظلمة الليل . .

باي انا نعسان:o