المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإحتقان الخطير الذي يسبق الإنفجار المدمّر



د.عبدالعزيز
04-11-2004, 05:49 PM
الإحتقان الخطير الذي يسبق الإنفجار المدمّر




في الحقيقة أن الواحد منّا هذه الأيام قد صار في حيرة كبيرة من أمره ، حيرة فيما ومما يسمع وحيرة فيما وممّا يشاهد ، حيرة سببها الإحتقان الخطير في نفس كل مظلوم ، الإحتقان الذي يجده ويسمع عنه الواحد منّا أينما ذهب ، إحتقان خطير ظاهر للعيان في كل مكان وكأن هذا الإحتقان كائن حي يقول :"إما أن يُوصل الواحد صوته إلى من يهمه الأمر في مثلاً جمعيات حقوق الإنسان في الدول المتقدمة ليرفع عن نفسه الظلم والإستبداد والإضطهاد وبذلك فمن المؤكد أنه سيجد أمامه منتفعاً وصولياً تافهاً وحقيراً ليصف تصرفه هذا على أنه سماح للآخرين بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد ، أو أن يصمت فتضيع حقوقه التي لم يعد بالإمكان الحصول عليها إلاّ ربمّا فقط بالواسطة والرشوة والمحسوبية ،ليكون صمته الناتج عن ظلم أصابه إحتقان نفسي مدمر له ولمن حوله وللمجتمع الذي ينتمي إليه ."

إحتقان يجعل الواحد منّا في حيرة ، وحيرة تجعل الواحد منّا في حالة دهشة وذهول وإستغراب وتعجب ، حيرة قد تجعل المظلوم يقول ما لا يريد ربمّا أن يقول وتجعله يتمنى ما لا يريد ربمّا أن يتمنى وتجعله يفعل ما لا يريد ربمّا أن يفعل ، فهل يعي كل من يهمه الأمر خطورة نتائج الإحتقان الذي يترعرع في نفوس المظلومين ؟ البطالة في أي بلد غني ظلم ، الفقر في أي بلد غني ظلم ، الجوع في أي بلد غني ظلم ، الحاجة في أي بلد غني ظلم ، الحرمان من الحقوق في أي بلد ظلم ، عدم المساواة في أي بلد ظلم ، عدم تكافؤ الفرص في أي بلد ظلم ، عدم التوزيع العادل للثروة في أي بلد ظلم ، غياب الحريات في أي بلد ظلم ، الإستبداد في أي بلد ظلم ، الإضطهـاد في أي بلد ظلم ، الطغيان في أي بلد ظلم ، البطش في أي بلد ظلم ،السلطة المطلقة في أي بلد ظلم ، عدم تداول السلطة في أي بلد ظلم ، الجهل في أي بلد ظلم ، التخلف في أي بلد ظلم ، العنوسة في أي بلد ظلم ، الجريمة في أي بلد ظلم ، الفساد بكل أنواعه في أي بلد ظلم ، الظلم في أي بلد ظلم ،غياب الرعاية الصحية المتقدمة في أي بلد ظلم ، غياب الرعاية الإجتماعية في أي بلد ظلم ، غياب التربية في أي بلد ظلم ، غياب الخدمات العامة المتكاملة في أي بلد ظلم ، غياب الشعور بالمسؤولية في أي بلد ظلم ، غياب الذوق العام في أي بلد ظلم ، غياب الوعي في أي بلد ظلم ، غياب التكافل الإجتماعي في أي بلد ظلم ، غياب الوفاء في أي بلد ظلم ، غياب العطاء في أي بلد ظلم ، غياب الأمانة في أي بلد ظلم ، غياب الأمن في أي بلد ظلم ، غياب السلام في أي بلد ظلم ، غياب الحب في أي بلد ظلم ، غياب حقوق الإنسان في أي بلد ظلم ، غياب حرية الرأي في أي بلد ظلم ، غياب حرية الصحافة في أي بلد ظلم ، غياب فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في أي بلد ظلم ، غيـاب الرأي والرأي الأخـر في أي بلد ظلم ، غياب الشـورى/ الديموقراطية في أي بلد ظلم… إلى آخر قائمة الظلم والظلام والمظالم الممكنة .





فدعونا جميعاً من أجل هذا الوطن وأهله نعمل ليل نهار كي نرفع الظلم عن كل مظلوم قبل فوات الأوان وقبل أن يحرق الظلم الحياة ، فكثرة المظالم والمظلومين لا بد أن تكون عاقبتها وخيمة ، وأقول أيضاً دعونا جميعاً من أجل هذا الوطن وأهله وقبل فوات الأوان نفهم ونتعلم أنه إذا صفت النوايا وكان هدفنا جميعاً هو بناء أنفسنا وبلدنا ومستقبلنا وتقاسمنا كسرة الخبز ونسمة الهواء وقطرة الماء وحبة الدواء وعذوبة المواطنة والإخاء في السراء والضراء فليس مهماً أبداً بعد ذلك من يكون فينا الحاكم ومن يكون فينا المحكوم ، إذا صفت النوايا وكان هدفنا جميعاً هو بناء أنفسنا وبلدنا ومستقبلنا فليس مهماً أبداً بعد ذلك من يكون فينا المسئول الذي يدير أمورنا بكل إقتدار وعدل وأمانة ومن يكون فينا مستمتعاً بثقته في المسئول الكفء ومتفرغاً للقيام برسالة وطنية أخرى تكون لبنة أخرى من لبنات البناء لأنفسنا ولبلادنا ولمستقبلنا ، ليس مهماً ما يكون هذا أو ما لا يكون، وليس مهماً ما يكون ذلك أو ما لا يكون ، المهم أن نكون نحن يداً بيد وكتفاً بكتف ، نسير مع بعضنا في طريق البناء جنباً إلى جنب ، نسير مع بعضنا إلى الأمام وكلنا ثقة بأننا لن نحرق أنفسنا وبلادنا ومستقبلنا بأيدينا ولا بأيدي غيرنا أبداً ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نحسن الظن في بعضنا البعض ، نسير مع بعضنا إلى الأمام وإذا أختلفنا نناقش اختلافاتنا من غير غضب ولا بطش ولا تشنج ، نسير مع بعضنا إلى الأمام وإذا أتفقنا أتفقنا على أن يكون إتفاقنا من غير غش ولا إيهام ولا خداع ، نسير مع بعضنا إلى الأمام والحاكم فينا أياً كان يعرف أن "كبير القوم خادمهم" والمحكوم فينا أياً كان يشعر ويسمع ويرى دائماً أن "كبير القوم خادمهم " ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أننا بشر نخطئ ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أننا يجب أن نعترف بأخطائنا ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أننا يجب أن نعمل على معالجة أخطائنا ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن علينا أن نتعلم من أخطائنا ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أننا يجب أن نعتذر عن أخطائنا ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن خصوصية أي أمة لا تعني أبداً أن هذا العالم لها لوحدها ،نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن علينا التعايش والتعاون مع الأخرين واحترامهم واحترام أيضاً خصوصياتهم ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن خصوصية أي أمة قد تعني تميزها ولكنها لا تعني بالضرورة أبداً أفضليتها على الأمم الأخرى ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن الأفضل هو القادر على أن يكون قدوة في البناء المادي والمعنوي ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن المرأة يجب أن تكون دائماً نصف المجتمع في الحقوق وفي الواجبات ، نسير مع بعضنا إلى الأمام والمرأة فينا تقود سيارتها وتقوم بإيصال نفسها إلى مدرستها وعملها وإيصال أطفالها إلى مدارسهم وإلى أي مكان آخر تريده هي وأسرتها وتتحمل مسئولية قراراتها وأخطائها وتحمي نفسها وتختار في الحياة مستقبلها وشريك حياتها وتتمتع باستقلاليتها وتكون سنداً فاعلاً قويّاً متعلماً مثقفاً لأسرتها ومجتمعها ووطنها ، نسير مع بعضنا إلى الأمام والمرأة فينا لا يُنظر إليها على أنها كتلة من اللحم الفاسد الذي يجب إبعاده عن الرجل كي لا تفسده وكأن الرجل مقارنة بالمرأة ملاك طاهر لم يُخلق هذا الكون إلا من أجله ، نسير مع بعضنا إلى الأمام والمرأة فينا لا يُنظر إليها وكأنها كائن خرافي أسطوري يجب تغطيته بالكامل وحفظه بشكل دائم في المتاحف التي تسمى تجاوزاً "منازل أو مساكن أو بيوت" ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن أهمية كل منّا تكمن في وطنيته وكفائته وقدراته وإنجازاته وليس في إسمه ولا في عائلته ولا في قبيلته ولا في وراثته ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن الفساد بكل أنواعه وخاصة الفساد السياسي والمالي والإداري والقضائي مدعاة لكل أنواع العنف والجريمة والتخلف ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعلم أن غياب الحريّات العامة يخلق مجتمعاً مريضاً لا يستطيع أبداً الاعتماد على نفسه ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نريد لأنفسنا وطن نتشرف بالإنتماء إليه بما يميزه من صفات ويتشرف هو بنا بما نفعله نحن من أجله ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نريد لحياتنا أن تكون دائماً من أجل الاعتدال والحب والأمن والسلام ولا تكون أبداً من أجل الغلو والكراهية والخوف وسيل الدّماء ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعرف أن المهم هو البناء ولا شيء آخر غير البناء ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن ندير جميع أمورنا بأيدينا ، ذكورنا وإناثنا وشبابنا وأطفالنا ، ولا نستقدم عند الضرورة القصوى الاّ يداً عاملة مدّربة تدريباً عالياً جداً تفيدنا وتحترمنا وتخدمنا في سلوكها وفيما تقوم به من أعمال مشروعة لنا ولبلادنا ولمستقبلنا ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعرف أن المهم هو الاّ نعطي للحاقدين والمتربصين الفرصة كي يضحكون ويضحكون ويضحكون بينما الناي الحزين يعزف لحن نهايتنا ودمارنا وهدمنا بأيدينا أو بأيدي غيرنا ، نسير مع بعضنا إلى الأمام ونحن نعرف أن المهم دائماً وأبداً هو الاّنعطي البوم والغراب والثعلب والضبع والعقرب والثعبان والشيطان والكلب والخنزير والثور والبقرة والتيس والعنزة والشاة والخروف والحمار والبغل فرصة كي يرقصون فرحاً وطرباً وهم يشاهدون دموعنا على واقعنا تتساقط بغزارة شديدة وكأنها إعصار وبركان وزلزال وفيضان وعذاب بمطر يُعمي البصر ولا يُبقي ولا يذر .


د.عبدالعزيز بن سعيد الغامدي

-نسخة مع التحية لكل مواطن /لكل من يهمه الأمر



ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


*بريد إلكتروني:aalghamidi@hotmail.com


جامعة م.سعود، كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية ، ص.ب 2456، الرياض 11451


تلفون 4675430