المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثامن عشر من ايار



بسم الله اعليها
05-11-2004, 03:10 AM
...صفير رياح ساحلية محملة بقطرات مطر قارس تنقر زجاج النافذة..معلنة عن قدوم ليال باردة..ليال موحشة..صمت يلف المكان..اسمع نباح كلاب تعوي من هناك..ضوء خجول يطل على مدينتي النائمة باكرا اتقاء برد الليالي القارس..حزمت حقائبك وودعتني عيناك البنيتان..عينان طالما احترفت النظر اليهما طويلا..رحلت تركتني للمجهول للغائب..اصيخ السمع كلاب تعوي مرة اخرى من هناك ..نقرات مطر خفيف على نافذتي ..ينادي المؤذن للصلاة..يزرع الطمانينة في قلبها ..تحاول النهوض بعد ان طبعت الشمس قبلة على جبينها ..تطلعت من النافذة ..بدات في ارتداء ملا بسها على مهل..خرجت لا تلوي على
شئ جلست متهالكة على مقعدها المفضل في ركن ذاك المقهى ..مقهى..
يحمل لها ذكرى طلبت قهوتها الصباحية ..بدات في تحريك قطعة سكر..التقت نظراتها بذاك الشخص المنزوي في ركن من اركان المقهى ..امعنت النظر قليلا..تقدم نحوها قائلا:
-صباح الخير..هل يمكنني الجلوس؟
-................................
بادر بالجلوس دون اذن منها سؤاله بدا لها اغرب من لقائه..
-هل تذكرينني؟
تجاهلت سؤاله كيف لاتذكره ياللوقاحة نظرت اليه باحتقار يالذاكرته المهترئه..كيف لا تذكره عبر لحظة من لحظات الزمن الهارب...
كيف ستنسى يوم ودعته ..يوم ودعت عيناه البنيتان يذكرانها بعيني ذاك الا نسان ..انسان تتوق اليه تحضرها صورته..طيفه ..صوت الدافئ..بسمته المشرقة..تمنت ان تحط راسها على كتفه..تشكو همها..تذكرت ساعده القوي يحوطهابه بكل حنان الكون ليخلق في نفسها السكينة..
نظرت اليه مرة ثانية ..كانها تراه للمرة الاولى..شعر بذاك الاحساس الخفي بادرها قائلا:
-اسمعي ماذا دهاك يا ...قاطعته واقفة دون كلمه غادرت المقهى مسرعة..حاول اللحاق بها
اختفت كسراب بلادها الصحراوي ..شعرت بالضيق..سقطت دمعة على خدها الشاحب اه ياوجعا لم اشفى منه بعد..تذوقت ملوحة الدمع المذرف..لااحد يستحق دمعة حزن تذرف من اجله في زمننا الجريح..
الثامن عشر من ايار جراحي دامية فيك ياايار ودمعي قطعة ثلج محرقة..اتراه ام تراك تذكر الثامن عشر من ايار..اتيت اليك هاربة من جراحي.. جرحت على مرمى من عينيك ياشهري الحزين..ماامر طعم دمعك ياايار فهلا كففت دمع منهمر من ماقي لم تجف بعد..؟كيف لااذكره..؟تحل ذكراك وانت مرمي في غفلة من زمننا المرير..من يشفيني منك يا ايار من ذكراك..تحل ذكراك اليوم واشعر بوحدة مرة عبر ليل بهيم..كلمات صائعة تبحث عن مرفئ..عن بر امان..تحط براسها المثقل بشهرها الحزين..تطلعت من
نافذة الغرفة على اطفال يلهون..يهرعون..فرحين برذاذ المطر..يرددون انشودة المطر المعهودة..ابتسمت
لهم رغم مرارة طفولتها يالبراة الطفولة..تذكرت طفولتها الحزينة..حرمانها..اغمضت عيناها الذابلتان علها تنسى ولو للحظة...انه المطر يسقي ارضا ينبت زرعا..مدت يدها من النافذة لتحس بقطرات المطر..انعشها الرذاذ..فهل تنساك ياايار..؟