المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذُهُولْ ... ،،



Y a z e e d
08-11-2004, 07:50 PM
ذُهُـولْ... ،،


http://www.anduin.pwp.blueyonder.co.uk/Art/magritte4.jpg




انبعثت رائحة عطره الشهي في الغرفة ، أمسكت رسالته بلطف ملائكي ، كان كل ما في الغرفة صامتاً ، حتى وجهها الأبيض النقي ، والذي يعكسُ طَبيعةَ قلبها البريء ، دفءٌ يتناثر هنا و هناك ، و أرواح تحوم حولها مبتسمة ، بشفافيةِ العُشاق ، كل ما هناك ، أضاءَ في خفوت ، وهي مبتسمة بسكون ، ترقص أقزامُ الفرحة هناك ، وفراشاتٌ ملونة ترفرف ملطفة الأثير ، ملاكٌ صغير يطل من النافذة بفضول ،وشيء يختبئ بعبثٍ بين يديها البيضاء ...

بددت صمت الغرفة بأن استلت سكين الرسائل ، ومضت تُقشر الظرف من حول سرها الكبير و نظرت إلى تاريخ الرسالة ، ياه يا لبطء البريد ، شهر مضى على هذه ! .. أكملت التمزيق ، برزت ورقة بيضاء ، كما ثلجُ الشتاء ، ومن مُحياها يبدو لون قلمه الأزرق الرزين ، جذبت الورقة برحمة ، نظرت إليها بحب ، و فتحتها ...

" ملَكِي اللطيف ... يمزقني شوقي إليكِ ، و بعد المسافات عنكِ ، فدربُ الحب الذي سلكته معكِ أطول من الطرق الفاصلةِ بيني وبينك، لا أعلم ، هل لي بعودة ؟ ، أم أن رياح هذا البلد ، ستلملم شتاتي و الفتات ، منذ حللت عليهم هنا ، وأنا أعيش إرهاصات لقائك المرتقب ، حتى بعد فراقي لكِ بثواني ، لي عودةٌ ، يا ملكَ اللطف ، و إلى حين ذاك ، أتركك ، وملائكتك البيضاء ، كل شيءٍ في هذا الكون ، مصيره الذبول ، بل إن الأيام تنقصُ الأعمار و الأقدار ، وتستزيد القبور ، وحبك .. قبري الأعظم ، كلما غصت فيه أكثر ، زاد شوقي إليه ! ، أعشقُكِ وسأبقى كذلك ، ما أبقتني الأيام ...

هامش"

غَفت ، محلقة على قاربها الصغير ، وبرفقتها " هو " ، حتى البعيد ، إلى الأثير ، ونهايات الحياة ، حتى تهز الملائكةُ قاربهما ، وتهمس بعودته ، وحين اللقاء ، تلتهم الطُرقَ إليه ، راميةً بهمومها ، ودنياها ، و بها ، بين يديه ! ، ....

نفض حُلمها ، نداء أمها الحنون ، والذي عكره مرور الزمن ، حَضنت رسالته ، وضعتها بهدوء تحت الوسادة ، ومضت إلى أمها ،،

بالأسفل ، نظرت أمها بعين ملؤها أساً صامت ،
- بنيتي ، البسي ملابسك ، فإنا ذاهبون إلى موعدٍ قريب .

عادتْ إلى غُرفتها ، انتقت طقماً هادئاً بلون التُفاح ، عادت ، ردتها أمها متعللةً برغبتها في رؤية ابنتها في ألوان باهتة تبرز جمالها ، عادت بما طُلب ، واتجهت معها ، وطوال الطريق ، كانت الأفكار السارحة إلى - لندن - تبهجها ، وترسم بسمتها ، مبعدةً إياها عن طريق المدينة الموحش ، وما أن بلغوا دار القريب ، ترجلت الأم ، وربتت على كتف ابنتها ،

- أعلم أن هذا صعب ، إلا أننا هنا لعزاء قريبتنا في ابنها المتوفى في لندن قبل أسبوع .. وعلينا أن نثبت صبرهم ونعينهم ..

مارت الدُنيا بها ، كان كل شيءٍ أسوداً ، ملابسهم .. نفوسهم ، وهم ، وقد أخذوا يتذكرون الميت ، ويبكون في حرقة ، أخذت بالتعزية ، و افتعال الشدة ، كان البيت الذي جمعها به باهتاً ، على عكسِ مكان ، توزعت الشياطين ساخرةً من فراقها له ، و أخذت الملائكة بوجوهٍ حزينة ، تغني بصمتٍ مؤلم ،اختلست الطريقَ إلى غُرفته ، هنا ورقة تركها على الدُرج الجانبي ، لم تزل حيث كانت ، ونملةٌ تدبي على سطحها باعتزاز ، وقد رفعت راية النصر ، شقوق زينة الجِدارَ القديم ، وكل شيء يوحي ... بالفراق ! ...

عادتْ بعد ذلك ، التقطت قلما ، وشيئاً من أوراقه وكتبت :
" سيدي الأول ، والأخير :
تَفصلك مسافات ملائكية عني ، كسرت درب الحب ، و تجاوزت حواجز الأيام ، أفتقد كل ما كان منك .. ولك ، سيدي .. أنتَ بعيد .. بعيدٌ جداً ، إلا أن عشقي يا سيدي .. لا يعترف بالمسافات ، ولا بأنفسنا و المشاعر الأخرى ، اسمح لي يا سيدي بالرحيل معك ، لأضع يدي بيدك ، و أبتسم بفرح قربك ... سآتي ! ..


ذكرى قديمة "

التقطت سكين رسائله ، نظرت بحزم إلى يدها البيضاء ، أحست بشتائها يدنو ، وتساقطت أوراقها مع ابتعاد الخريف ، سقطت دمعة دافئة ... وجدت موضعها على الرسالة ، جذبت السكين ، إلى معصمها ، رفعت يدها إلى الأعلى .. وهوتَ .. راحلةً إليه .....


في مكانٍ آخر ..

سادَ الصفار ، و انتثرت أوراق الخريف البائسة هنا وهناك ، وبحيرة آسنة ، استلقى بقربها متململاً ، اهتزت السماء ، وانفكت جنباتها عنها ، بيضاء كما ثلج شتاءٍ نقي ، أقبلت بأجنحتها إليه ، اعتدل بسرعة ، مسح دموعه ، و انفرجت شفتاه عن ابتسامة ٍ بيضاء ..

ما أروع الحُبَ ، ناقلاً إيانا نحو البعيد ، إلى الثريا و عنترة ، سحابةٌ لطيفة تحملنا على ظهرها ، عبر النجوم ، إلى السدم ، والمجرات البعيدة ، نلتقي عابثين بـ بعضنا ، هامسين بحبنا ، بعيداً .. بعيداً جداً عن جنونهم ! ..

تزحزحت إليه عينها مرةً أُخرى ، اقتربت بسكون ، حَطت على الأرض ، وفجأة انتفضت الأرض مخضرةً في تواؤم مع غيوم السماء المنقشعة ، فاحت رائحة وردها ، فانطلق إليها راكضاً ..تبادلا النظر بشوق ... وألقت بنفسها بين ذراعيه ....





http://ftp.pcworld.com/pub/screencams/angel-morn.jpg

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Y A Z E E D

5 / 11 / 2004
22 / 9 / 1425

أبوجمـــال
09-11-2004, 12:30 PM
ما شاء الله ...

والله العظيم إنك مبدع ماشاء الله عليك ...

أخوك
أبوجمـــال

Y a z e e d
09-11-2004, 12:40 PM
أبـو جـمال ..

تسلم أخي الغالي على إطرائك الكريم ،،،

شكراً لك عزيزي و كُن بودٍ كما أنتَ دوماً ..

انكيدو
16-11-2004, 12:39 PM
يا سلام عليك أخوي يزيد فعلا كاتب مميز و اسلوب راقي ..
بس انا لي ملاحظة بسيطة بخصوص : تزحزحت إليه عينها مرةً أُخرى
أحس انه تزحزحت مب جاية صح !!

LongJohnSilver
12-12-2005, 05:50 AM
تم رفع الموضوع ^_^

أشكرك أخي على القصة ، وأتمنى من الأعضاء القرّاء المشاركة

الأمير القلق
12-12-2005, 02:25 PM
ما شالله حولك أخي يزيد على هالموضوع الروعة..

عن جد كتير حلو..

الله يعطيك العافية..

ما بعرف من وين بتجيب هالأسلوب الرائع والمشاعر الرقيقة والعذبة..

ولكن لدي تعليق صغير حول الخط..

الخط اللي كاتب فيها الموضوع كتير صغير..

يعني انحولت وأنا عم اقرا..

فيا ريت لمن تنزل روعة من روعاتك تكبر الخط الشوي..

مو مشان إشي ها!!

بس عشان أستمتع أكتر بالقراية..



تقبل تحيات أخوك - الأمير القلق - ..

ساكن الغموض
12-12-2005, 05:53 PM
:ciao: عن جد روووووووعة:ciao: شكراااااااااا لك:laughing:

العيووون
16-12-2005, 09:31 AM
ماشاء الله عليك على هالكلمات العجيبه

KANE THE DEAD
23-12-2005, 09:05 AM
مشكور أخوي على القصة


وجزاك الله ألف خير




http://media.playstadium.dk/cpg133/albums/screenshots/tekken5-storymode/raven/raven1.jpg

KANE THE DEAD
23-12-2005, 09:12 AM
مشكوووووووووووووور


http://tekken.gry-online.pl/tekken5/jinpachi.gif