المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية قراءة في خطاب الشيخ أسامة بن لادن للشعب الأمريكي



hani100000
11-11-2004, 06:34 PM
قراءة في خطاب الشيخ أسامة بن لادن للشعب الأمريكي

بقلم د. هاني السباعي
hanisibu@hotmail.com

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية

http://www.alwasan.net/ihc/users/40...bush_kerry2.jpg
مما لا شك فيه أن ظهور الشيخ أسامة عيدٌ على عيد الفطر المنتظر لدى أتباعه ومحبيه في العالم الإسلامي. لقد صام المسلمون رمضانين، وها هم أولاء يفطرون على أحلى وأشهى وجبة فطور (حديث الشيخ أسامة).

وإذا كان لا بد لنا من تعليق على حديث زعيم تنظيم قاعدة الجهاد فإننا سنتنناوله على النحو التالي:

أولاً : من الناحية الشكلية:

(1) ظهر الشيخ أسامة بزيه العربي وبعباءة ذهبية اللون يقف خلف طاولة أشبه بمنصة يلقي بيانه المرتقب في الوقت المناسب الذي اختاره بعناية بعد أن أشاع المرجفون في العالم بأن بوش عشية الإنتخابات الأمريكية سيعرض الشيخ أسامة في قفص كما فعل تيمور لنك مع السلطان العثماني بايزيد الملقب بالصاعقة!! فكان ظهور الشيخ أسامة رسالة فرح وحزن في آن واحد؛ رسالة فرح وحبور لدى أحبابه وكل المستضعفين في العالم ورسالة غم وحزن ونذير شؤم على الحكومة الأمريكية ومبغضيه في العالم.

(2) نلاحظ أنه لم يرتد سترته العسكرية مثلما كان يفعل من قبل وفي ذلك إشارة إلى استقراره وشعوره بالطمأنينة مع تشتيت أنظار المخابرات الأمريكية ومن يتعاون معها؛ هل هو موجود في أفغانستان أم في باكستان أم بين القبائل الأفغانية والباكستانية أم أنه على حدود الصين أم في دولة أخرى!! وهي رسالة تيئيس وإغاظة للحكومة الأمريكية وحلفائها ولسان حاله يقول: لا تتعبوا أنفسكم في البحث عني فأنا ها هنا حيث أتمتع بحماية الله لي. وهي رسالة قوية إلى الشعب الأمريكية أن حكومته التي صرفت المليارات للقبض عليه فشلت.. وكأنه يقول لهم بلسان الشرع (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم). كما أنها رسالة للشعب الأمريكي ضد وسائل إعلامه المسيسة التي رسمت صورة نمطية له بأنه رجل شرير يختبئ في كهوف أفغانستان.. فها هو ذا يبين لهم أنه متابع لكل صغيرة وكبيرة للمجتمع الأمريكي وأنه معهم حتى في انتخابات الرئاسة حامية الوطيس أي أن إعلامهم يضللهم مثل حكومتهم المركزية!!

ثانياً: من الناحية الموضوعية:

(1) الخطاب موجه للشعب الأمريكي وليس للحكومة الأمريكية كما فعل من قبل في خطابه للشعوب الأوربية وليس للحكومات الأوربية لأنه يعلم أن مصيرها مرتهن ببقاء الإدارة الأمريكية ويريد أن ينبههم إلى أن هذه الحكومات الغربية لا تعمل لصالح شعوبها.

(2) أيها الشعب الأمريكي إنك تتحمل تبعات اختيارك لحكومتك التي تنشر الخوف والرعب لديكم بسبب سياساتها الخارجية وحروبها الظالمة لحماية ما يسمى بدولة (إسرائيل) التي تهتم بها الحكومة الأمريكية (جمهورية أو ديمقراطية) أكثر من اهتمامها بأمن الشعب الأمريكي ومصالحه.

(3) إنه لم يكن يدور في خلده تدمير البرجين إلا بعد أن رأى الأبراج المدمرة في لبنان إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 بإذن الأسطول السادس الأمريكي ومن هنا كانت بداية اللبنات الأولى لفكرة معاملة الأمريكان بالمثل حتى تراكم الظلم الأمريكي على العالم الإسلامي وانتهائهم باستقرارهم من خلال قواعد عسكرية في جزيرة العرب بعد حرب الخليج الثانية التي اكتمل بها شعور رد العدوان في عقر ديار الأمريكان لنالوا قسطاً من الخوف مثلما نعاني نحن في العالم الإسلامي منذ قرنين. فأنتم كنتم آمنين ولم يتعرض لكم أحد من قبل ولكن طفح الكيل مع كثرة مظالم حكوماتكم ضد أمتنا في لبنان ومن قبلها فلسطين وحالياً في أفغانستان والعراق.

(4) رسالة مبطنة لتفكيك الولايات الأمريكية وتحريضها على الثورة والإنفصال عن الحكومة المركزية التي تستأثر بثروات الولايات من خلال شن حروب ظالمة لا يستفيد منها الشعب الأمريكي إلا قتل أبنائه في الوقت الذي يضن رجال الحكومة والبتاجون عن إرسال أولادهم لساحات المعارك التي يخوضها الجيش الأمريكي ظلما وعدواناً مع استنزاف خيراته لصالح تجار السلاح وشركات النفط العملاقة.

(5) فيه إشارة إلى عدم اعترافه بالحكومة الأمريكية واحتقاره لها واشمئزازه من تصرفاتها لذا وجه خطابه للشعب الأمريكي.



ثالثا: لماذا لم يذكر في خطابه آيات قرآنية وأحدايث نبوية كبياناته السابقة؟

الأول: لم تبث قناة الجزيرة الشريط كاملاً ليتسنى لنا معرفة هل استشهد بآيات قرآنية أو ذكر أحاديث نبوية أو حتى الإستشهاد ببعض أبيات شعر كما يفعل دائماً سواء في مقدمة الشريط أو في وسطه أو في الخاتمة.

الثاني: ليس هذا أول شريط يتكلم فيه الشيخ أسامة عن الأمور السياسية كما يظن بعض المحللين فكل شرائط الشيخ سواء المرئية أو السمعية أو حتى الخطب المكتوبة كانت تدندن حول السياسة وتحتوي على قدر كبير من المعلومات التي تدل على متابعة تنظيم القاعدة لأحداث العالم جيداً كما ذكر قبيل الحرب على العراق أهداف الحرب الأمريكية وتكلم عن فضائح شركة هاليبرتون ولا نكون مبالغين إن قلنا إن مجرد ظهور الشيخ أسامة في حد ذاته هو عين السياسة فقد صار مصير حكومات ودول مرهوناً ببقاء تنظيم القاعدة وزعيماه الشيخ أسامة والدكتور أيمن الظواهري.

أما إن كان يقصد بعض المحللين الذين تشمئز قلوبهم من ذكر آيات القرآن أنه لم يذكر آيات قرآنية في هذا الشريط لذلك صنفوا خطابه على أنه خطاب سياسي! ولنا أن نتساءل هل يقصدون سياسة بمعنى: دوائر مربعة أو مستقيمات منحنية!! أو بمعنى أوضح لف ودوران! أو بالفصيح حسب المثل المصري (ألاعيب شيحا)!! فهذا التعريف لا يعرفه الشيخ أسامة ولا كل الحركات الإسلامية الجهادية.

الثالث: لم يتغافل هؤلاء المحللون عن خطب وحوارات الشيخ أسامة من قبل ألم يخاطب الشعب الأمريكي عبر ال (س إن إن )؟! ألم يخاطب المجتمع الأمريكي عبر وسائل الإعلام المكتوبة وغيرها؟! ومن قبل ألم يتحاور مع جريدة الأندبندنت البريطانية؟!

الرابع: خطابه الشهير إلى الشعوب الأوروبية عندما بين عدالة قضيته التي يتصدى لها وهي إخراج القوات الأمريكية وحلفائها من بلاد المسلمين وهي معادلة بسيطة أخرجوا جيوشكم من أرضنا لكي تنعموا بالأمن!

الخامس: لكل مقال مقام؛ فخطاب الشيخ أسامة للشعب الأمريكي كان من الأنسب أن يخاطبهم بالمنطق المادي الذي يفهمونه: إذا أردتم الأمن والأمان فالزموا خلف الأطلسي ولا تشنوا عدواناً على بلادنا.. فننعم نحن وأنتم بالأمان. ورغم أن حديثه المنشور خلا من بعض الآيات القرآنية إلا أنه كان يتكلم من منظور شرعي انطلاقاً من الأثر (خاطبوا الناس على قدر عقولهم أتحبون أن يكذب الله ورسوله).

السادس: بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك إذ أن الولاية التي لن تشارك بإرسال أبنائها إلى بلادنا لشن حرب فإنها ستحظى بالأمن ولن تتعرض لهجوم تنظيم قاعدة الجهاد وهي رسالة ترغيب وترهيب! أليست هذه من مفردات السياسة أم أن السياسة حكر فقط على قوى الاستكبار ومن لف لفهم!! أليست هذه سياسة الواثق من نفسه ومن قدرته على التحكم في أعصاب مخالفيه‍.. أليست هذه عين سياسة (فرق تسد) التي استعملها الإنجليز مع خصومهم‍.. إذن فإن الشيخ أسامة يفرق بين الولايات الأمريكية وبين الحكومة المركزية لكي تسود أفكاره التي يرى أنها جديرة بتحقيق الأمن الأمان في العالم.

السابع: يتكلم الشيخ أسامة كند لأكبر زعيم في العالم ويعلم أن خطابه هذا سيسمعه الشعب الأمريكي ولن يكون في وسع الإدارة الأمريكية أن تحجب بثه نظراً لظروف الإنتخابات وهذا عين الساسة أيضاً‍..

الثامن: توقيت الشريط يدل على أنه يسير على شعار (اعرف عدوك) فهو يعرف كل شئ عن عدوه كما أنه يدل على غزارة ثقافته وأنه صاحب مشروع جاد لتحقيق الأمن والأمان في العالم مع صون كرامة المسلمين وعزتهم وهو يخاطب الشعب الأمريكي بكل هذا الشموخ وبقامته الباسقة وعباراته الرصينة التي كانت بمثابة قذائف حق تدمغ زيف الباطل فتزهقه.

التاسع: تأكيده على نسبة أحداث11 سبتمبر 2001 لنفسه ولتنظيمه وأنه كان على علم تام بكل تفاصيل عملية البرجين بل هو واضع الخطة مع الأمير العام محمد عطا وأشار عليه بإنجاز العملية في عشرين دقيقة.. وهذا رد دامغ على الذين لا يزالون يهيمون في خيالات وأوهام المؤامرة ومعهم الكتاب الذين يسبحون في تيار الخداع ولا يريدون أن يعترفوا بالحقيقة أن تنظيم قاعدة الجهاد هو الذي قام بأحداث سبتمبر..

العاشر: لا يهتم الشيخ أسامة وتنظيم القاعدة بفوز بوش أو كيري فهما وجهان قبيحان لعملة واحدة حسب منطق تنظيم القاعدة وإن كان التنظيم يرى أن بوش أنسب لإيقاظ الأمة الإسلامية التي توحد شعور العداء والكراهية ضد أمريكا في فترة رئاسته وهذا مطلوب لدى تكتيكات تنظيم القاعدة إذ أن فوز بوش سيحرك الماء الراكد وسيزيد من روح العداء لأمريكا وتبني مشروع مقاومة القوات الأجنبية المحتلة لبلاد المسلمين.. وقد يفيد في التحريض على مقاومة الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي التي يحميها الأمريكان وتقوم بحراسة قواعده وتنفذ مخططاته. فخطاب الشيخ أسامة للشعب الأمريكي للضغط على أي رئيس يجلس على المكتب البيضاوي في البيت الأبيض بتلبية مطالب تنظيم قاعدة الجهاد التي هي بمثابة رأس حربة بيد مليار وثلاثمائة مليون مسلم كلما ضعف جيل جاء جيل بجدد نفس المطالب بنفس الحربة ومنطلقاتها الشرعية.
رابعاً: الأمة في حالة جهاد دفع الصائل منذ أكثر من قرنين:

· تأكيد الشيخ أسامة على أنه ينطلق من منطلق قوة وليس من منطلق ضعف.. فتنظيم القاعدة يستمسك بمصف هاد وسيف صارم.. (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) .. فكما أن الحديد يصنع منه السيف والمدفع والدبابة فإنه يصنع منه أيضاً أواني الطعام وما ينفع الناس في معاشهم. فقد أشار بكل وضوح إلى ديمومة الصراع بقوله: (أن الأسباب التي دفعت للقيام بأحداث سبتمبر لا تزال قائمة).. (الطريقة المثلى لتجنب منهاتن أخرى).. (فكما تهدرون أمننا نهدر أمنكم) .. وهي نفس العبارات الشرعية (النفس بالنفس والعين بالعين) (ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب) .. فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)..

· كل هذا ليؤكد الشيخ أسامة أن الجهاد الذي يمارسه المسلمون الآن ومنذ قرنين هو جهاد دفع الصائل إذن أن الأمة تتجرع الويلات من جراء الحملات الصليبية المتكررة على العالم الإسلامي. حتى أحداث سبتمبر وغزوة منهاتن كانت من باب جهاد الدفع ورد العدوان وليس من باب جهاد الطلب.. فجهاد الطلب غائب عن الأمة الإسلامية منذ قرون أي قبل سقوط الخلافة العثمانية بقرنين ونصف تقريباً.

خامساً: آل بوش وآل كابوني:

· اتهام جورج بوش بالحمق والغفلة وأنه رجل أعمال وليس رئيس دولة إذ كان مشغولاً بعنزة طفلته وحكايتها ودخل في السرداب ورجال تنظيم القاعدة يصولون ويجولون في أجواء واشنطون ونيويورك وبنسلفانيا ولم يخرج هو ونائبه (الديك) من السرداب إلا بعد أن فقد الشعب الأمريكي آلاف القتلى من أبنائه.. ولا يخفى علينا أن هذا خطاب ل دغدغة المشاعر والتحريض المباشر ضد جورج بوش وبطانته.

· التحريض ضد آل بوش وكأنه يذكرهم بحكايات آل كابوني في عالم الجريمة فهما عائلتان مشتابهتان آل كابوني لعالم الجريمة المنظمة فقط أما آل بوش فهم من محترفي الكذب والتزوير وتقنين الإستبداد باسم عالم السياسة.. فهم كذابون في شعاراتهم فبدلاً من تصدير الديمقراطية والخوض في حروب من أجل هذا الشعار‍ المزركش استورد بوش الأب القمع والتزوير من أنظمة العالم الثالث التي حسدها على طول بقائها في الحكم..

سادساً: لأنه حر فهو يقاتلهم:

· يؤكد أنه صاحب قيم وهداية لأنه حر فإنه يقاتلهم لأن نفسه التي بين جنبيه تأبى الضيم والظلم.. ولكن لماذا يقاتلهم هم دون غيرهم.. لماذا لم يهاجم السويد مثلاً؟ فالإجابة معلومة السبب أن حكومتهم التي تخوض معارك لصالح شركات خاصة ولمصلحة بعض العقديين المرتبطين بالكيان الغاصب لفلسطين .. أي انتبهوا فقد اختطفت الإدارة المركزية الأمريكية دولتكم لصالح دولة مجهرية يقتل أبناؤكم وتستنزف ثرواتكم من أجلها..

سابعاً: لماذا ذكر لبنان ولم يذهب إليها بدلاً من أفغانستان:

لماذا لم يبادر الشيخ أسامة أنذاك بالتوجه للبنان ومقاتلة الإسرائيليين بدلاً من أفغانستان؟
نجيب على هذه الشبهة من خلال النقاط التالية:

(1): الشيخ أسامة يتكلم عن الأحداث التي أثرت في نفسه وليس حدثاً واحداً ومن ضمنها وبشكل مباشر اجتياح الإسرائيليين للبنان عام 1982 بإذن الأسطول السادس الأمريكي. يتكلم من مطلق أنه جزء من أمة عظيمة يتألم لآلامها ويفرح لفرحها ولا يهتم بحواجز (سايكس بيكو) وتقسيماته.. (فالمسلون أمة واحدة يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم) وهم كالجسد الواحد (إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)..

(2): فالشيخ أسامة في ذلك الوقت كان مشغولاً بقتال الشيوعيين في أفغانستان كما أنه لم يكن له تنظيم عسكري في ذلك الوقت فقد ذهب إلى أفغانستان تلبية لفريضة الجهاد الميسرة في هذه الفترة بنفسه وماله رغم أنه وغيره من المجاهدين كانت قلوبهم تعتصر ألماً على فلسطين وقدسها الأسير ويتململون لاجتياح لبنان عقب اجتياح الشيوعيين لأفغانستان عام 1979م.

(3): وقد ذكر الشيخ أسامة موضوع الاجتياح الإسرائيلي للبنان في محاضرات له في جدة في منتصف الثمانينات وكان المسجد مكتظاً بالمصلين وهو يحدثهم عن سير المعارك في أفغانستان بل إنه في مطلع التسعينات ندد في إحدى خطبه بالهجمة البربرية على لبنان في عملية ما أطلق عليه الكيان الغاصب لفلسطين (عناقيد الغضب) وتكلم عن تدمير مقر الأمم المتحدة (قانا) الذي احتمى به اللبنانيون الأبرياء من هول القصف الجوي المتواصل لطائرات الكيان الغاصب لفلسطين لكن للأسف الشديد لم تذكره وسائل الإعلام لأنها لم تهتم بخطبه في ذلك الوقت.

ورداً على بعض المحللين المنهزمين الذين يظنون أن الشيخ أسامة والحركات الجهادية تتاجر بقضية لبنان وفلسطين إسقاطاً منهم على ما يفعله زعماؤهم المنبطحون دائماً لكل من هب ودب من أعداء الأمة.. هؤلاء الزعماء الذين أحلوا قومهم دار البوار وتاجروا بفلسطين ولبنان والعراق ولا يزال الحبل على الجرار.. حسبوا أن الشيخ أسامة وتنظيمه من طينة الأنظمة الحاكمة..

(4): لا لم يكن الشيخ أسامة ولا الدكتور الظواهري ولا قادة الجهاد في العالم الإسلامي من المتاجرين بقضايا أمتهم الكبرى كفلسطين وغيرها .. بل إنهم بذلوا الغال والنفيس من أجل الدفاع عن حياض المسلمين والذود عن بلاد المسلمين المغتصبة.

(5): أما حكاية أنهم يتوجهوا إلى فلسطين أو كانت لبنان أمامهم فهذا حديث ممجوج بل إنه (حديث خرافة) .. فقد تم إرسال بعض المجموعات إلى لبنان منذ عام 1988 تقريبا بصورة منظمة وللإطلاع على الأوضاع وإقامة معسكرات لكن للأسف الشديد لم تفلح هذه المحاولات بسبب طبيعة التنظيمات العسكرية في لبنان إذ كانت خليطاً من ماركسيين وشيوعيين وإسلاميين ومنظمات فلسطينية على مختلف مشاربها ومعظم هذه المنظمات مرتبطة بحكومات عربية.. كما أن راياتها لم تكن واضحة حتى بعض الحركات الإسلامية في لبنان لم ترحب بالفكرة ولم تتعاون خشية ضغط الأنظمة العربية حيث كانت الممول الفعال لمعظم هذه التنظيمات. ورغم ذلك لم ييأس هؤلاء الشباب وأقاموا وحدات خاصة لهم ولكن للأسف الشديد تم القبض على كثير منهم وترحيلهم إلى بلادهم حيث المصير المعلوم.. ومن بقية تمة تصفيتهم في عدة أماكن بما أطلق عليه حادث قتل مجهول أو قنبلة انفجرت في أحدهم دون معرفة السبب..
لقد كان أمل كثير من الشباب الذهاب لقتال أعداء الأمة في لبنان وقد استفاد كثير منهم من التدريب على حرب العصابات في لبنان وخاضوا معهم حرب مدن درسوها بعد ذلك في معسكرات أفغانستان.. لذلك فقبل أن يخوض هؤلاء المحللون وينظروا لا بد أن يسألوا أهل الذكر إن كانوا لا يعلمون .. لكن آفتهم أنهم يظنون أنهم يعلمون..

أما فلسطين:
فقد حاولت كل الحركات الجهادية بما فيها تنظيم القاعدة أن يدخلوا فلسطين ولكن لم يفلحوا إلا فرادى نظراً للسياج القمعي المفروض على فلسطين براً وبحراً وجواً من خلال أنظمة تطوق فلسطين وتقوم بوظيفة حرس حدود للكيان الغاصب..

فقد كان كثير من الشباب الفلسطيني في أفغانستان بل إن الشيخ الشهيد الدكتور عبد الله عزام هو الذي حرض الشباب في العالم الإسلامي للذهاب إلى أفغانستان وقتال الشيوعيين وكانت عينه على فلسطين لأنه يعلم جيداً أن أرض أفغانستان أفضل مناخ لتدريب أكبر عدد من الشباب واكتساب خبرة قتالية ليتسنى لهم عقب عودتهم خوض معركة فاصلة مع العدو الغاصب ومن ثم تحرير فلسطين..

وكان هذا تخطيط الدكتور أيمن الظواهري عندما أنشأ معسكرات تدريب في أفغانستان مثل معسكر بدر والقادسية.. وكانت عينه على فلسطين وكان له سلسلة مقالات في (مجلة المجاهدون) ونشرة (كلمة حق) التي كان يصدرها تنظيم الجهاد في ذلك الوقت إذ كان شعاره (طريق تحرير فلسطين يمر عبر القاهرة) أي أن الأنظمة الحاكمة قائمة لحراسة وحماية الكيان الغاصب لفلسطين وأن بقاءها مرهون بحمايتها لأمن ما يسمى بـ (إسرائيل) لذلك كان يرى أن فلسطين لن تحرر إلا من خلال الاستيلاء على العواصم المحيطة بفلسطين وإسقاطها..

إذن فلسطين كانت ولا تزال ماثلة في سويداء قلب الشيخ أسامة بن لادن وتنظيمه بل وفي كل قلب مسلم.. فلولا الإسلام لما كان لفلسطين هذه القيمة التاريخية.. ولسان حال الشيخ أسامة يردد قول الشاعر المعاصر:عذراً فلسطين إن شط شعــــــ *** ـــري وغاب القريض وبُح الوتر
فأنت القصيد وأنت الحدا ء *** وأنت النفيسة بين الدرر

وما كان صمتي عن غفلة *** ولا عن تراخ ٍ ولا عن ضجر

ولكن شعري وزعته *** لشتى القضايا وشتى الصور



فهو وإن كان بعيداً عن قلب العالم الإسلامي (فلسطين) فهو يتحرك في أطراف جسد الأمة (أفغانستان وما حولها) فالكل جسد واحد.

في الختام أتوقع أن يصدر تنظيم قاعدة الجهاد شريطاً يعلق فيه على اختيار الشعب الأمريكي لرئيسه الجديد وقد يكون المرة القادمة بصوت الدكتور أيمن الظواهري..

وهكذا سيظل الشيخ أسامة بن لادن شوكة في حلوق أعدائه إلى أن يشاء الله وستكون كلماته مصابيح تنير لأتباعه الطريق.


مركز المقريزي للدراسات التاريخية ـ لندن