المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع مهم جداً : دولة لمسيحيي الشرق الأوسط



rubso
15-11-2004, 03:00 PM
دولة لمسيحيي الشرق الأوسط

بقلم : علي البلاونة
2/10/1425
15/11/2004

في إطار المخطط الأمريكي الرامي لزرع بذور الشقاق والفتنة بين مواطني الدول العربية، وبخاصة بين أتباع الديانة الإسلامية والمسيحية بحجة محاربة الأصولية والإرهاب والسلفية، يعقد في سويسراً وفي أحد فنادقها الشهيرة مؤتمرًا يضم رجال الدين المسيحي في كل لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر وبحضور ممثلين عن الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والكلدانية والآشورية لتدارس شؤون ما يتعلق بالأقليات المسيحية في العالم العربي والإسلامي.
هذا المؤتمر يعقد برعاية أمريكية غير مباشرة، حيث تمت الدعوة وتكاليف السفر والإقامة والبرنامج الكامل للمؤتمر بأشراف مؤسسة أمريكية تحملت كافة التكاليف لمناقشة أوضاع المسيحيين في ضوء التطورات الأخيرة التي تعرضت لها الكنائس المسيحية في العراق والتي فسرها الجانب الأمريكي كعادته وبما يخدم مصالحة حتى وإن تم استغلال واستخدام الدين لخدمة هذه الأغراض، حيث اتخذ القائمون على المؤتمر بعض الأحداث المنفصلة التي تعرض لها المسيحيون ليس بشكل منفرد وإنما هم وبعض الإثنيات الأخرى في ظروف طارئة لا يمكن القياس أو الحكم عليها؛ إلا أن الجانب الأمريكي وجدها فرصة تاريخية لبذر مزيد من الشقاق بين المسيحيين العرب وبين المسلمين، ليسهل عليه من ثم الدخول في ثناياهم عبر سياسة فرق تسد المعروفة.
ولم يتوقف حضور المؤتمر على مسيحيي المنطقة فقط وإنما، يشارك في المؤتمر ممثلين عن دول الاتحاد الأوروبي وبخاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان وأسبانيا وبلجيكا، وسيصدر عن المؤتمر اقتراحات وتوصيات تتعلق بمسيحيي المنطقة وتتعلق بمستقبل المسيحيين في العراق ومشاركتهم في البنية السياسية العراقية الجديدة، وأيضاً مستقبل التعاون بين مسيحيي المنطقة في اطار منتظم اقليمي موحد يجمعهم للدفاع عن حقوقهم وبمساعدة دولية.
أما الأسباب الخفية والأجندة الأمريكية في انعقاد هذا المؤتمر تعلقت بالورقة التي تم تقديمها حول تصاعد التيار السلفي الراديكالي الحركي والذي سيكون له مؤثرات على تواجد المسيحيين في المنطقة، خاصة مع تزايد الدعوات السلفية للجهاد ضد الصليبين والنصارى والكفار، وهي النقطة التي استخدمها الخطاب الأمريكي جيداً في حربة ضد الإرهاب والتطرف الديني، فقد أوضحت الورقة التي قدمتها المؤسسة الأمريكية على أن مسيحيي العراق ومصر تحديداً تعرضوا أكثر من غيرهم لسوء المعاملة وحرموا من المشاركة في السلطة لأسباب دينية، وأن ثلث مسيحيي العراق اضطر إلى مغادرة العراق خوفاً من سياسة صدام حسين آنذاك التي وضعتهم على الهامش وحرمتهم من ممارستهم بعض الاتصالات مع المؤسسات الغربية ذات الصفة الدينية، حيث كان يفسر نظام صدام حسين هذه الاتصالات بأنها اتصالات مشبوهة؛ لا بل إنه أوقف العديد منهم عندما تم الاشتباه بوجود علاقات فسرت على أنها علاقات مشبوهة مع قوى خارجية كانت عقوبتها تصل الى الإعدام.
ويذكر في هذا الاتجاه أن المؤتمر جاء محصلة لثمرة اتصالات أجريت بين الأمانة العامة للاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية والفرنسية بحث فيها الكيفية التي بموجبها يتم الحفاظ على الهوية المسيحية في منطقة الشرق الأوسط وتحييد أقلياته عما أسمته بالصراع الدائر بين جناح المعتدلين المنفتحين على العام وبين السلفية الأصولية المغلقة التي تحقق مكاسب مضافة في الشارع العربي بالضد من المسيحية الغربية، والتي تنعكس سلباً على مسيحيي الشرق حسب رأيهم.
ويعقد المؤتمر المسيحي على مدار أسبوع تقريباً يتناول عدة محاور أساسية ويشارك فيه 42 مندوباً من الشرق الأوسط، وأكثر ما يفسر انعقاده لأسباب وأبعاد سياسية أنه ينعقد بعيداً عن رعاية ومشاركة الفاتيكان التي تحرص دائماً على ترأس مثل هذه اللقاءات حتى لا تفسر الأمور وكأنه اجتماع له أبعاد طائفية، وإن كانت هناك مباركة ومشاركة فنية بالمؤتمر.
وأخطر ما في المؤتمر ما طرح من أوراق عمل تنادي بضرورة خلق أو إيجاد كيان وملاذ آمن لمسيحيي الشرق الأوسط، على ألا يكون ذلك على حساب مسلمي الدول العربية كما جاء في الورقة وليس على غرار الكيان الإسرائيلي، واقترحت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكنائس العراق وسوريا والأردن بان يكون لبنان الملاذ لهذا الكيان المسيحي الجديد؛ حيث تؤكد بعض المصادر الأوروبية أن مشروع تجميع الأقليات المسيحية في دول الشرق الأوسط الإسلامية وفي مكان واحد ستدعمه وتتبناه الدول الراعية للمؤتمر وبخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول العالم الحر، على أن تعمل أمريكا وفرنسا على تهيئة الظروف والمناخ الإقليمي لقيام ذلك الكيان وطرح المشروع برمته على مجلس الأمن الدولي لإقراره.
ويبدو أن مؤتمراً آخر سيعقد تابعاً للمؤتمر السابق ستبحث فيه الدول الشكل النهائي لمشروع إقامة وطن مسيحي شرق أوسطي حيث سينقل على هذا الاساس 4 ملايين مسيحي عربي إلى لبنان مضافاً إليهم عدداً المسيحيين اللبنانيين المقدر تعدادهم بـ2 مليون و300 ألف وإعادة المسيحيين اللبنانيين المهجرين الى الخارج والبالغ تعدادهم 3 مليون شخص .
هذا المشروع من بنيات أفكار الترتيبات السياسة الأمريكية للشرق الأوسط الجديد وهو مشروع سيرفضه قسماً من مسيحيي الدول العربية، غير المغريات التي سيكون عليها الكيان الجديد، إضافة إلى عمليات استهداف المسيحيين في هذه الدول والتي ستجري بتخطيط وتنفيذ بعض العملاء ستؤدي حتماً إلى إقامة الوطن القومي الجديد لمسيحيي الدول الشرق العربية.