المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فراسة المؤمن



Amarant
16-11-2004, 10:54 AM
الإهداء



إلى من عمر ظاهره بإتباع الكتاب والسنة وباطنه بدوام المراقبة وصحة التوكل , وأمسك نفسه عن الهوى والشهوات ... فلم تخطئ له فراسة..







المقدمــــــة







بسم الله الرحمن الرحيم



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم.



وبعد:



فإن الله ـ سبحانه ـ هو المطلع على سرائر الصدور، وما تخفيه القلوب والعيون كما قال تعالى(يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور).



ولذلك يكشف لأوليائه وأحبابه ما تخفيه وجوه وقلوب الآخرين. فإذا التقيت بشاب يطلب منك شيئاً ما، فلا بد من أن يؤثر منظره فيك تأثيراً تبني عليه حكمك في أخلاقه وحاله.. فقد يتبادر إلى ذهنك إنه ذكي ألمعي أو كسول خامل أو خفيف الروح أو ثقيلها أو أحمق أو مريض أو غير ذلك.



ولو سئلت عما حملك على ذلك الحكم.. لقلت خاطر في القلب وذلك لطاعتي لمولاي. أو تقول: أنك استطلعت ذلك من شكل عينيه أو حجم رأسه أو ما شابه ذلك.



فمن منا لا يتفق له أن يرى رجلاً فيتوسم فيه الذكاء والفهم وسلامة النية...



وكم نرى من رجال لا نتمالك إذا نظرنا إلى هاماتهم وتكوين جماجمهم عن أن نحكم بشجاعتهم أو جبنهم، بذكائهم أو عيهم.



وفي هذا الموضوع الذي بين يديك قصص واقعية وأدلة تؤيد ما نقوله بأجلى بيان..



فضلاً عما جاء في القرآن والسنة الشريفة في ذلك، وهو كتاب لا يستغنى عنه الحاكم في حكمه، والأمير في إمارته، والعالم في علمه، والقاضي في قضائه، والمدرس في درسه، والداعي في دعوته، والطالب في مدرسته، والموظف في ديوانه وما أجمل ما قاله العلامة المارودي في كتابه: أدب الدين والدنيا عن الفراسة وينبغي أن يكون للعالم فراسة يتوسم بها المتعلم، ليعرف مبلغ طاقته وقدر استحقاقه، ليعطيه ما يتحمله بذكائه، أو يضعف عنه ببلادته، فإنه أروح للعالم ، وأنجح للمتعلم، وإذا كان العالم يتوسم المتعلمين وكان بقدر استحقاقهم خبيراً، لم تضع له عناء ولم يخب له رجاء على يديه صاحب وإن لم يتوسل وخفيت عليه أحوالهم ومبلغ استحقاقهم، كانوا وإياه في عناء مكد، وتعب غير مجد، لأنه لا يعدم أن يكون فيهم ذكي محتاج إلى الزيادة وبليد يكتفي بالقليل فيضجر الذكي منه، ويعجز البليد عنه، ومن يردد أصحابه بين عجز وضجر ملوه وملهم.



والله أسأل أن يجعل له القبول في كل مكان ويجعله خالصاً لوجهه وأن ينفع به عباده في مشارق الأرض ومغاربها إنه ولي ذلك والقادر عليه.







معنى الفراسة



لغة " الفراسة" الاسم من قولك ( تفرّستُ ) فيه خيراً. وهو يتفرّس أي يتثبت وينظر.



فهي إذن ذهن سريع الاستدلال , بدون حد وسط , ومن المعلوم على المجهول وقيل هي القدرة على التنبؤ يهبها الله لمن يشاء من أوليائه وأصفيائه.



وقيل هي معرفة ما يكون بالإلهام أو التقدير والظن وقيل هي الاستدلال بالخلق على الخُلق.



وهناك فرق بين الفراسة بالفتح والكسر:



- فبكسرها : هي إدراك الأشياء بقوة الذكاء ووفرة الفطنة !!!.



- وبفتحها : هي الحذق بركوب الخيل وأمرها.



- وما أجمل أن يجمع المرء بين الفضيلتين معاً, فيكون فارساً مغواراً شجاعاً.. ومتفرساً في آن واحد.







أنواع الفراسة:



والفراسة ثلاثة أنواع:



إيمانية:



وسببها: نور يقذفه الله في قلب عبده. يفرق به بين الحق والباطل والصادق والكاذب.



وحقيقتها: أنها خاطر يهجم على القلب ينفي ما يضاده. يثب على القلب كوثوب الأسد على الفريسة. لكن " الفريسة" فعيلة بمعنى مفعولة. وبناء " الفراسة" كبناء الولاية والإمارة والسياسة.



وهذه " الفراسة" على حسب قوة الإيمان. فمن كان أقوى إيماناً فهو أحدّ فراسة.



قال أبو سعيد الخراز: من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق , وتكون مواد علمه مع الحق بلا سهو ولا غفلة. بل حكم حق جرى على لسان عبده.



وقال الواسطي: الفراسة شعاشع أنوار لمعت في القلوب , وتمكن معرفة جملة السرائر في الغيوب من غيب إلى غيب , حتى يشهد الأشياء من حيث أشهده الحق غياها , فيتكلم عن ضمير الخلق.



وقال الداراني: الفراسة مكاشفة النفس ومعاينة الغيب , وهي من مقامات الإيمان.



وسئل بعضهم عن الفراسة؟ فقال: أرواح تتقلب في الملكوت. فتشرف على معاني الغيوب, فتنطق عن أسرار الخلق, نطق مشاهدة لا نطق ظن وحسبان.



وقال عمرو بن نجيد : كان شاه الكرماني حاد الفراسة لا يخطئ . ويقول: من غض بصره عن المحارم , وأمسك نفسه عن الشهوات, وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنة , وتعود أكل الحلال: لم تخطئ فراسته.



وقال أبو جعفر الحداد: الفراسة أول خاطر بلا معارض , فإن عارضه معارض آخر من جنسه, فهو خاطر وحديث نفس.



وقال أبو حفص النيسابوري : ليس لحد أن يدعي الفراسة. ولكن يتقي الفراسة من الغير. لأن النبيe قال( اتقوا فراسة المؤمن . فإنه ينظر بنور الله). ولم يقل: تفرسوا. وكيف يصح دعوى الفراسة لمن هو في محل اتقاء الفراسة؟



وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي: إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق فإنهم جواسيس القلوب, يدخلون في قلوبكم ويخرجون من حيث لا تحتسبون.



وكان الجنيد يوماً يتكلم على الناس. فوقف عليه شاب نصراني متنكراً فقال: أيها الشيخ ما معنى قول النبيe ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله) فأطرق الجنيد, ثم رفع ناظره إليه. وقال: أسلم. فقد حان وقت إسلامك. فأسلم الغلام.







ما ورد في الكتاب والسنة عن الفراسة



قال الله تعالى:



( إن في ذلك لآيات للمتوسمين) [ سورة الحجر, الآية : 75].



قال مجاهد بن جبر المكي التابعي الجليل: المتفرسين.



وقال ابن عباس الهاشمي القرشي: للناظرين. وكذا قال الضحاك.



وقال قتادة: للمعتبرين.



وقال مقاتل: للمتفكرين.



وقال أبو عبيدة: للمتبصرين. ولا تنافي بين هذه الأقوال, فإن الناظر متى نظر في آثار ديار المكذبين ومنازلهم وما آل إليه أمرهم: أورثه فراسة وعبرة وفكر ونظرة.. وأيضاً في المعاني التي تكون في الإنسان وغيره من خير أو شر يلوح عليه وسم على تلك المعاني , كالسكون والديانة والهيبة والخوف.



فالتوسم: تفعل من الوسم. وهي العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيرها. يقال : توسمت فيه الخير إذا رأيت ميسم ذلك فيه, ومنه قول عبدالله بن رواحة للنبيe :



إني توسمت فيك الخير أعرفه



والله يعلم أني ثابت البصر



وقال شاعر آخر:



توسمته لما رأيت مهابة



عليه وقلت المرء من آل هاشم







أما فراسة السمع والأذن فيدل عليها قوله تعالى:



( ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول). [ سورة محمد, الآية: 30].



قال العلامة ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين:



واللحن ضربان: صواب وخطأ. فلحن الصواب نوعان:



أحدهما: الفطنة ومنه الحديث : ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض.



والثاني: التعريض والإشارة. وهو قريب من الكناية ومنه قول الشاعر:



وحديث ألذه وهما مما



يشتهي السامعون يوزن وزناً



منطق صائب وتلحن أحياناً



وخير الحديث ما كان لحناً











أسباب قوة الفراسة



للفراسة الإيمانية القلبية أسباب منها:



1- الإيمان العميق بالله.



2- الإخلاص لله في السر والعلن.



3- الإكثار من ذكر الله.



4- جودة القريحة وقوة الذكاء.



5- صفاء الفكر وحدة الخاطر.



6- طهارة القلب من الشبهات والشهوات.



7- تفريغ القلب من هموم الدنيا.



8- الابتعاد عن المعاصي والذنوب.



9- الأخلاق الحسنة في الباطن والظاهر.



10- تقوى الله سبحانه وإفراده بالعبادة وحده.



11- حسن الفطنة وسرعة البديهة.



12- ظهور العلامات والأدلة على المتفرس فيه.



13- أكل الحلال.



14- غض البصر عن المحارم.



15- تعمير الباطن بالمراقبة والظاهر بإتباع السنة.



16- إنه نور وإلهام قلبي يقذفه الله في قلب من يشاء الله من عباده المؤمنين.



17- مخالفة الهوى.



18- الصدق فإن الكاذب لديه عمى وضباب وعدم وضوح الرؤية لنفسه فكيف لغيره.



19- معرفة الفراسة الخلقية مثل الوجه والعين والأنف والصحة والمرض وغير ذلك فإنها دليل على الفراسة الإيمانية.



20- حياة القلب ونوره.







ولا أريد أن أطيل وإلا فلديّ الكثير عن الفراسة.. ولكن نقول هي" من مدارك المعاني ومعالم المؤمنين الصادقين".







هذا ما يسر الله سبحانه كتابته فله الحمد في الأولى والآخرة وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك...

ابو خالد
16-11-2004, 06:14 PM
السلام عليكم
اخونا الكريم / عمار
بارك الله فيك ولك اخونا الفاضل
واهلا بك معنا اخا كريما باذن الله
جزاك الله عما كتبت حسن الجزاء
لك شكرى وتحيتى وتقديرى

Amarant
17-11-2004, 10:46 AM
العفو أخي أبو خالد وبارك الله فيك..

واسمي هو أمارنتس وليس عمار..:biggthump