المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدعوة ليست مغامرات ولا استعراض بطولات فتلك حصادها مر وثمارها علقم



Perfect Chaos
20-11-2004, 10:02 AM
الدعوة ليست مغامرات ولا استعراض بطولات فتلك حصادها مر وثمارها علقم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:.
فكم روعت تلك الحوادث الإجرامية والأعمال الإرهابية الجميع ومن آخرها تفجير مبنى إدارة المرور في الرياض، وكم خلف ذلك التفجير من قتل للأبرياء وجرح للرجال الأوفياء وترويع وتخويف للآمنين في البلد الأمين وما لحق هذا التفجير من أضرار بالمباني المجاورة حتى المساجد لم تسلم من شرهم، فأي إجرام هذا، وأي دين هذا الذي يحض على هذه الأعمال التخريبية. فكم من القلوب قد فجعت وكم من العيون قد دمعت على ما حصل وما يحصل من تلك الفئة الضالة عن الحق والخارجة عن تعاليم الإسلام، فأين أولئك من قوله تعالى: "ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين". وقوله سبحانه "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها".
إن هذه الأعمال والتفجيرات لا يفرح بها ولا يتعاطف معها ولا يسكت عنها ولا يبرر لها ولا يقرها عاقل يحترم عقله ولا إنسان يقدر إنسانيته فضلا عن المسلم المؤمن، الذي يؤمن بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ألم يتدبر أولئك قوله تعالى: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما".
ويا للعجب من فعل أولئك في هذه البلاد المباركة قاعدة الإسلام وحصن الإيمان ومعقل الدعوة. القرآن تنزل في أرضها والرسول الأمين بعث من صحرائها. الدولة الوحيدة التي تطبق شرع الله وتنشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقرب العلماء وتكرّم الرجال الأوفياء. دولة تحتضن أطهر بقعتين على وجه الأرض وتطبع كتاب الله بملايين النسخ وتنشر الدعوة في أرجاء المعمورة، ولكن إلى الله المشتكى.
إن هذه الأحداث المريرة والوقائع الخطيرة التي تلاحقت شرورها وتتابعت فلولها تفرض على أهل العلم والدعوة والنصح والخير أن يجودوا بما لديهم. ويبادروا بما عندهم في حكمة وبصيرة وصدق وإخلاص وحب وإشفاق ليكونوا من أنصار الله وخدام الحق وحاملي الأمانة وحارسي الديانة في زمن اختلط فيه الحق بالباطل والظلم بالعدل، الجهاد بالإرهاب والانتحار بالشهادة. وإن التواصي بالحق والتعاون على الخير والتناصح بالمعروف والدعوة بالحكمة لمن الأمور المهمة، خصوصا في مثل هذا الزمن. وإننا بحاجة ماسة في هذا الزمن العصيب والأحداث المريبة والتطورات الغريبة إلى تآزر الجهود وتكاتف القوى وتلاحم الصفوف، حيث كشر الأعداء عن أنيابهم وتآمر الأعداء على هذه البلاد الطاهرة فألصقت بنا التهم وحيكت لنا الحيل واختلقت علينا الأكاذيب، ولكنهم يمكرون ويمكر الله ولكن "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون".
لكل غرس جنى ولكل شجر ثمر ولكل زرع حصاد والغراس الطيب يخرج نباته بإذن ربه طيبا، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا، فمن ذا الذي يرضى لنفسه العذاب ويزرع العنت ويغرس الشقاء، ويمتهن الإرهاب؟ وإن مجرد تقديم الأرواح ونثر الدماء ليس مرادا في الإسلام، بل إن الإسلام جاء لحفظها وصيانتها، كما قال سبحانه "ولا تقتلوا أنفسكم" ويا سبحان الله العظيم هل هذه الأعمال كانت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من الصحابة الكرام لا والله.
وقد عانى النبي صلى الله عليم وسلم كثيرا من أعداء الإسلام هو والصحابة، ومع ذلك فقد كان يمر عليه الصلاة والسلام على عمار بن ياسر وأمه يعذبان وكان يقول: صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة.
وإن نصرة الدين ورفعة الحق وعزة الشريعة هي بالتزام روح القرآن والمضي على منهاجه والاقتداء بإمام الدعاة عليه الصلاة والسلام، وليست المسألة مغامرات ولا تضحيات ولا استعراض بطولات وتفجيرات فتلك حصادها مر وثمارها علقم، وإن الإرهاب ليحصد الأرواح ويجتث الأنفس ويورث الحسرة ويوجب الندامة ويرهق الأمة ويبدد المكاسب ويحجر الخير ويزرع البغضاء وينشر الشقاء، وسلبيات تلك الأعمال المشينة كثيرة أذكر منها:
1 ـ إنها مخالفة لروح الدين ومناهضة لروعة الإسلام ومصادمة لمعاني القرآن، فهي عصيان لله ورسوله في أمره بطاعة ولاة الأمر والبعد عن الفرقة والتحذير من الفتنة، ومخالفة للمنهج الرباني في الدعوة إلى الله، حيث قال سبحانه: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". وإن الإصلاح لا يكون بالإفساد والحق لا يؤخذ بالظلم والحلال لا يدرك بالحرام.
2 ـ إنها شق لعصا الطاعة وحرب على الجماعة، وقد قال سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، وإن سعادة البشرية وفلاح الإنسانية هو في إيمانها بربها واتباعها نبيها صلى الله عليه وسلم وطاعتها لمن ولاه الله أمرها، وإن طاعة ولاة الأمور ثمرة للإيمان بالله ورسوله عليه الصلاة والسلام. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية".
3 ـ إنها في مصلحة أعداء الإسلام، فمن حصاد الأعمال الإرهابية أنها تصب في صالح الكافرين وترضي أعداء الدين وتفرح قلوب الحاقدين وتشمت الأعداء والحاسدين.
4 ـ عرقلة مسيرة الدعوة إلى الله وتعثر دروب الخير ويا عجبا لهؤلاء الناس الذين يظنون أنهم يخدمون الإسلام بهذه الأعمال وينفعون الدعوة بتلك الأهوال ويجاهدون في سبيل الله على تلك الأحوال، ولله المستعان.
5 ـ جريمة القتل، فمن حصاد الإرهاب قتل المسلمين الأبرياء والمستأمنين، وهل يرضى مسلم لنفسه أن يتعرض لغضب الله ولعنته وجحيمه، كما قال سبحانه: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما". وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما"..
تعد هذه البلاد محط آمال المسلمين ومهوى أفئدة الموحدين، وعزها عز للدين وأهله، وإن أعداء الإسلام ليطفحون غيظا لما تقوم به هذه البلاد من الخير ولما تبذله من المعروف ولما تتبناه من القضايا، وكان من الواجب على الجميع أن يتعاونوا مع ولاة أمرها وعلمائها على الخير والهدى والتآزر وإياهم لتلافي النقص وإصلاح الخطأ وتدارك الملاحظات. وما الفائدة إذا شققنا الصف وأحدثنا الفرقة وزعزعنا الأمن ونفرنا الناس من هذه البلاد الطيبة وأهلها، فهي صاحبة العطاءات الجميلة والأعمال المباركة والسمات الحميدة.
من الذي ساهم في نشر الإسلام في أنحاء الدنيا؟ أليس هم دعاتها بدعم من ولاتها؟ من بنى المساجد؟ من طبع المصحف؟ من الذي يحكم بالشريعة؟ من الذين يسروا نشر الكتاب والشريط النافع؟ من فتح مدارس تحفيظ القرآن وشجع حفاظه؟ من فتح مكاتب الدعوة ودعمها؟ من أقام كيان هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ من حمى حمى التوحيد ورفع منارته؟ ومن آزر الجهاد ورفع شعاره؟ من أعان المسلمين في نكباتهم وأغاث الملهوفين في أزماتهم؟ أليست كل هذه مكاسب كبيرة لنا معاشر المسلمين، خصوصا في هذه البلاد؟
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حمد بن إبراهيم الحريقي.
عضو الدعوة في فرع وزارة الشؤون الإسلامية في القصيم



http://stage.eqt-srpc.com/Detail.asp?InSectionID=131&InNewsItemID=25085