Voltaire
21-11-2004, 10:44 AM
مصلحة مشتركة
بقلم/ علي سالم
حدوتة قديمة من الأدب الشعبي الروسي عن قسيس متشدد في قرية في أصقاع سيبيريا , كان يشعر جمهور كنيسته كل يوم أحد بالرعب فقد كان محور موعظته الأساسي هو التحذير من الشيطان وألاعيبه وخبائثه , الموسيقى من صنع الشيطان فلا تسمعوها , الأطعمة اللذيذة أيضا يسكنها الشيطان , الاعتداد بالنفس من صنع الشيطان والبهجة أيضا من صنعه, كونوا حزانى , كونوا تعساء لتتقوا شره , كل أنواع الفنون الجميلة هي من حيله ليصرف بها أنظار الناس عن العبادة , ابتعدوا عنها..
لسنوات طويلة كان أهل القرية يذهبون إلى الكنيسة كل يوم أحد ليشعروا بالفزع والرعب من ذلك الشيطان القادر على التسلل إلى كل زاوية من زوايا حياتهم.
وذات يوم كان القسيس يخترق الغابة مشياً على الأقدام ذاهباً إلى بيته , وفوجىء بشخصٍ حسن الهندام يقدم له نفسه : اسمح لي أن أعرفك بنفسي يا سيدي..أنا الشيطان.
تجمدت الدماء في عروق القسيس من الرعب ولكنه تمالك نفسه وصرخ فيه : ابعد عني يا ملعون.
فقال الشيطان في رقة : هل تعتقد أنني قادر على إغوائك يا سيدي..أنا أعرف مدى صلابتك ومدى كراهيتك لي..صدقني أنا أشعر بالوحشة من السير بمفردي في هذه الغابة..أرجوك اسمح لي بالسير معك.
وافق القسيس على طلب الشيطان , على الأرجح خوفاً من قدراته الشيطانية ولكنه في الوقت نفسه أخذ يستعين منه بالله في سره.وسارا معاً و وفجأة سقط الشيطان في حفرة وعجز عن الخروج منها فقد كانت جدرانها ملساء عجز عن أن ينشب مخالبه فيها فقال القسيس متوسلاً : ساعدني يا سيدي.. مد لي يدك..أنقذني.فضحك القسيس منه في سخرية وقال له : أنا أساعدك؟! أساعد الشيطان ؟!هذه فرصة لا تعوض لتخليص البشر منك ومن شرورك..سأتركك تموت وتتعفن في هذه الحفرة.
فقال له الشيطان في لهجة جادة : وعندما أموت أنا..ماذا ستفعل أنت؟ماذا ستكون وظيفتك؟ بماذا ستعظ الناس؟بعد أن أموت أنا , كيف ستكسب عيشك ؟ماذا سيحدث عندما يعرف أهل القرية أن الشيطان المكلف بإفسادهم قد مات؟هل سيترددون على كنيستك لسماع مواعظك؟..أنقذني يا سيدي إذا أردتَ أن تُحافظ على أكل عيشك.
حجة الشيطان كانت قوية ولكن القسيس قاوم كلماته المعسولة وقال : سأحدثهم في موضوعات أخرى.
تساءل الشيطان في هدوء: ما هي يا سيدي ؟..هل ستحدثهم عن أهمية الزراعة والتعليم والبحث العلمي, هل ستحدثهم عن حقوق الإنسان , هل ستكلمهم عن أهمية الديموقراطية , أنت متخصص فقط في ابتزاز الناس وتذكيرهم بي ليل نهار..أنت عاجز عن دفعهم إلى حب الحياة لأنك في أعمق أعماقك لا تحبها وترى أنها إثم كبير..أريدك أيضا أن تلاحظ أنك لا تجيد أي حرفة أخرى تجلب لك حداً أدنى من احترام أهل القرية..هل تستطيع العمل حطاباً أو فراناً أو مزارعاً أو حتى حوذياً؟ من فضلك فكر جيداً..لا حياة لك بدوني..ساعدني..أخرجني من هذه الحفرة..أنقذني.
بالرغم من كراهية القسيس الفظيعة للشيطان غير أنه كان ذكياً وواقعياً , لذلك مد له يده وأخرجه من الحفرة , وسارا معاً في الغابة يدردشان في ود.
بقلم/ علي سالم
حدوتة قديمة من الأدب الشعبي الروسي عن قسيس متشدد في قرية في أصقاع سيبيريا , كان يشعر جمهور كنيسته كل يوم أحد بالرعب فقد كان محور موعظته الأساسي هو التحذير من الشيطان وألاعيبه وخبائثه , الموسيقى من صنع الشيطان فلا تسمعوها , الأطعمة اللذيذة أيضا يسكنها الشيطان , الاعتداد بالنفس من صنع الشيطان والبهجة أيضا من صنعه, كونوا حزانى , كونوا تعساء لتتقوا شره , كل أنواع الفنون الجميلة هي من حيله ليصرف بها أنظار الناس عن العبادة , ابتعدوا عنها..
لسنوات طويلة كان أهل القرية يذهبون إلى الكنيسة كل يوم أحد ليشعروا بالفزع والرعب من ذلك الشيطان القادر على التسلل إلى كل زاوية من زوايا حياتهم.
وذات يوم كان القسيس يخترق الغابة مشياً على الأقدام ذاهباً إلى بيته , وفوجىء بشخصٍ حسن الهندام يقدم له نفسه : اسمح لي أن أعرفك بنفسي يا سيدي..أنا الشيطان.
تجمدت الدماء في عروق القسيس من الرعب ولكنه تمالك نفسه وصرخ فيه : ابعد عني يا ملعون.
فقال الشيطان في رقة : هل تعتقد أنني قادر على إغوائك يا سيدي..أنا أعرف مدى صلابتك ومدى كراهيتك لي..صدقني أنا أشعر بالوحشة من السير بمفردي في هذه الغابة..أرجوك اسمح لي بالسير معك.
وافق القسيس على طلب الشيطان , على الأرجح خوفاً من قدراته الشيطانية ولكنه في الوقت نفسه أخذ يستعين منه بالله في سره.وسارا معاً و وفجأة سقط الشيطان في حفرة وعجز عن الخروج منها فقد كانت جدرانها ملساء عجز عن أن ينشب مخالبه فيها فقال القسيس متوسلاً : ساعدني يا سيدي.. مد لي يدك..أنقذني.فضحك القسيس منه في سخرية وقال له : أنا أساعدك؟! أساعد الشيطان ؟!هذه فرصة لا تعوض لتخليص البشر منك ومن شرورك..سأتركك تموت وتتعفن في هذه الحفرة.
فقال له الشيطان في لهجة جادة : وعندما أموت أنا..ماذا ستفعل أنت؟ماذا ستكون وظيفتك؟ بماذا ستعظ الناس؟بعد أن أموت أنا , كيف ستكسب عيشك ؟ماذا سيحدث عندما يعرف أهل القرية أن الشيطان المكلف بإفسادهم قد مات؟هل سيترددون على كنيستك لسماع مواعظك؟..أنقذني يا سيدي إذا أردتَ أن تُحافظ على أكل عيشك.
حجة الشيطان كانت قوية ولكن القسيس قاوم كلماته المعسولة وقال : سأحدثهم في موضوعات أخرى.
تساءل الشيطان في هدوء: ما هي يا سيدي ؟..هل ستحدثهم عن أهمية الزراعة والتعليم والبحث العلمي, هل ستحدثهم عن حقوق الإنسان , هل ستكلمهم عن أهمية الديموقراطية , أنت متخصص فقط في ابتزاز الناس وتذكيرهم بي ليل نهار..أنت عاجز عن دفعهم إلى حب الحياة لأنك في أعمق أعماقك لا تحبها وترى أنها إثم كبير..أريدك أيضا أن تلاحظ أنك لا تجيد أي حرفة أخرى تجلب لك حداً أدنى من احترام أهل القرية..هل تستطيع العمل حطاباً أو فراناً أو مزارعاً أو حتى حوذياً؟ من فضلك فكر جيداً..لا حياة لك بدوني..ساعدني..أخرجني من هذه الحفرة..أنقذني.
بالرغم من كراهية القسيس الفظيعة للشيطان غير أنه كان ذكياً وواقعياً , لذلك مد له يده وأخرجه من الحفرة , وسارا معاً في الغابة يدردشان في ود.