تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية دولارات بنصف القيمة تسقط القناعات التربويةالرغبة في الثراء السريع "توقع" ...



Perfect Chaos
25-11-2004, 02:40 PM
دولارات بنصف القيمة تسقط القناعات التربويةالرغبة في الثراء السريع "توقع" ستة معلمين في فخ عصابة افريقية بجدة

http://www.alriyadh-np.com/Contents/25-11-2004/Mainpage/images/C2.jpg تقرير - عبدالعزيز عمر أبوزيد

هذه قصة طريفة جداً ومؤلمة إلى أبعد حد يمكن أن يتصوره عقل، طريفة جداً لمن يستمع اليها من الوهلة الاولى وإلى من يصغي لتفاصيلها وأحداثها وتطوراتها والحالة الخاصة لأبطالها إن لم نقل ضحاياها ومنكوبيها، وإلى الوضع المزري والحالة البائسة التي اصابتهم والتي قدمتهم في صورة مؤلمة لا يشعر بألمها وحسرتها سواهم، فنحن نقول هنا طريفة ومؤلمة كونها تتوافق وتتطابق مع القول المعروف: شر البلية ما يضحك.. وهو فعلاً شر البلية، ولكن لا أحد يستمع اليها إلا ويضحك لأن أصحابها وفرسانها بل هم ضحاياها وضعوا أنفسهم في خانة صعبة جداً قادتهم إلى ذلك رغباتهم المشتعلة نحو الغنى السريع والارباح الطائلة المستعجلة التي لا تراعي مبدأً ولا عرفاً ولا شرعاً..
وهي قصة حقيقية وليست نسج خيال، فهي بتفاصيلها واحداثها لا تحتمل الزيادة ولا النقصان ولا التأويل والتفسير، خاصة وأن محورها يدور حول ستة معلمين من مدارس جدة غير محبذ ذكر اسمائهم وانما العبرة والجدوى والمنفعة تكفي وتغني عن سرد اسماء قد لا تقدم ولا تأخر وبالذات أنهم معلمون لهم مكانتهم ووضعهم الاجتماعي والتربوي الذي لا يحتمل خدش الحياء وإسداء اللوم المباشر لعلها تكون أي القصة تحمل من العبر ما لا يمكن أن يقدم في طبق مثل هذا فيه من الإثارة والتعجب ما يجعل الكثير يستغربون من هذا الموقف الذي تعرض له هؤلاء المعملون الذين وقعوا في فخم أطماعهم وجشعهم.
درس لا ينسى
هؤلاء المعلمون الستة هم بشر معرضون للخطأ والصواب دفعوا مبلغاً وقدره 600ألف ريال لعصابة افريقية في مدينة جدة وهم بكامل قواهم العقلية والادراكية وقدموا تحويشة جهد وعناء وكدح عمل سنوات من عمرهم الوظيفي في مهنة التعليم والتربية في مدارسنا، بحثاً عن الثراء السريع والارباح المضاعفة والاموال الوفيرة التي تسد الحاجة من عناء الوظيفة وظروفها أياً كانت في التعليم أو غيرها من المجالات الاخرى طالما أن المال يتوفر برأس مال 600ألف ريال يشترك فيه الزملاء الستة من أجل جلب المزيد بالطرق السهلة والسريعة ومهما كان فحواها ووسائلها وطرقها شرعية أو غير ذلك فالمهم هو في تحقيق الغاية دون التحقق من شرعية الوسيلة وسلامة نوايا العمل.
وقد قدموا هذا المبلغ لمندوب العصابة وهو نصاب افريقي محترف اوهمهم واقنعهم لا نعرف كيف وبأية سبل وطرق ومبررات أن لدى العصابة الافريقية دولارات وسبائك ذهبية معروضة للبيع بنصف الثمن وبالسهولة والمرونة المستغربة من هؤلاء المعلمين استدرجهم مندوب العصابة إلى مكان أو مقر العصابة في شقة سكنية حتى تتم مبادلتهم الدولارات والسبائك الذهبية بما لديهم من أموال وما أن مكثوا لحظات في تلك الشقة المشؤومة إلا وخرج عليهم نحو خمسة عشر افريقياً من النوع الثقيل الذي لا يعرف المفاهمة ولا المساومة ولا الأخذ والعطاء، ولم يأخذوا فقط منهم ال 600ألف ريال تحويشة الستة معلمين وإنما زادوا عليهم بدرس علمي لا ينسى، وعلامات جسدية لاتمحى، وألم نفسي لا يذهب سريعاً، فقد اوسعوهم ضرباً مبرحاً لا ينسى بين يوم وليلة، تظهره معالم اللكمات والضربات التي تركت آلاماً شديدة على الجسد والنفس، ولم يتركوهم بعد أن استولوا على أموالهم أحراراً بل قيدوهم داخل الشقة تربيطاً محكماً لا يفرون منه دون مساعدة وعون وتدخل الآخرين من الخارج، ولم تتمكن العصابة من الفرار فقد ضُبطت لاحقاً على أيدي رجال الشرطة.
التربية على وجه خاص
وهذه القصة بهذا السيناريو المبتذل والذي كشف أن الضحايا ليسوا فقط من البسطاء والسطحيين وذووي الاموال الزائدة، وانما نحن نقف فعلاً أمام حالة غريبة من نوعها. فالضحايا هنا هم معلمون من رجال التربية والتعليم ومن الفئة المثقفة في المجتمع التي تساهم في تربية النشء وتعليمهم السلوكيات السوية والممارسات الصحيحة والتربية، من هنا لا تقف حسب علمنا ويقيننا ومعرفتنا على حدود المنهج وإنما هو اتجاه تبنته الوزارة بتغيير مسماها من وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم إدراكاً بأسبقية الدور التربوي على الاداء التعليمي ويقيناً بأهمية الممارسة التربوية على الاطار المنهجي الذي يعد مكملاً للتربية في مسار يعكس كل جانب منه أهمية وضرورة الآخر، فوقع المعلمون في فخ عصابة دجل ونصب وغش كهذه وبهذه السرعة والسهولة من أجل مضاعفة الاموال بطرق غير مشروعة حتى شرعاً وديناً وعرفاً اجتماعياً، وكيف تم استدراج اشخاص بهذا المستوى من التعليم الجامعي والدور الوظيفي الذي يفرض على من يلتحق بها مسؤولية مهنية ليست شكلية ولا ظاهرية تتعلق بوقت الدوام وساعات العمل، ولا نقصد اللوم والتوبيخ لهؤلاء المعلمين فقد تلقوا من الدروس والعبر ما يكفيهم ويغنيهم عن المزي
د للاستفادة الشخصية والعبرة المستقبلية طوال حياتهم، لكننا تحت مبدأ تعميم الفائدة نضطر إلى الاشارة إلى مستوى الضحية ومسؤولياتها المهنية حتى ينعكس هذا على تعليم النشء وحرص المعلمين على أن يكون التعليم والتربية يغطيان هوامش حياتنا اليومية التي نتعرض فيها إلى مواقف كثيرة وتدغدغ الخواطر لمن يلقي على مسامعنا طرق وأساليب تضاعف المال دون النظر إلى مشروعية وصحة وسلامة تلك الطرق والأساليب. وهو الطريق الذي ينطلق منه هؤلاء النصابون وغيرهم من عصابات الوهم والتزوير والادعاء الكاذب بل نحن بحاجة إلى دور المعلمين في المدارس من أجل الارتقاء بمستوى الوعي الاجتماعي تجاه مثل هذه الأمور التي نتعرض لها كثيراً ولا نترك لمثل هؤلاء فرصة مزاولة ادعاءاتهم واوهامهم وضلالاتهم.
علقة ساخنة جداً
أما المعلمون الستة فهم قد أوقعوا انفسهم في موقف ضعف وتجربة مؤلمة وحالة غريبة من نوعها انتهت بخسارة مال لم يأت حسب علمنا من فراغ، وكذلك بعلقة ساخنة وضرب مبرح وان كانت التجربة قد انتهت بهذا الموقف المؤلم والغريب فإن الضحايا قد حققوا لأنفسهم منفعة وفائدة وعبرة تفوق بأضعاف تلك التي يمكن أن تتحقق بالسير خلف طرق مشبوهة وخلف نزوات النفس وزلاتها، فالحقيقة وإن كانت صعبة إلا أنها قد أعادت الإنسان إلى صوابه ورشده مهما كانت محملة بالآلام.

http://www.alriyadh-np.com/Contents/25-11-2004/Mainpage/COV_2648.php