thecedarboy
01-12-2004, 02:14 PM
لا شك أننا اليوم في صدد مقاربة لحالة فريدة في العالم الإسلامي إرتبط إسمها بالجهاد و السلاح, و أثارت الكثير من الإعجاب و الأحقاد.
و لما كان في هذا المنبر الكثير من الجهال و الموتورين, الذين لا يقدرون أو يفقهون تضحيات شعب هزم الكيان الصهيوني فنال حب و تقديرالأمة الإسلامية من المحيط إلى المحيط, إرتأينا قول الحق و لو في قندهار...
مقدمة عامة:
-- إن حزب الله أو المقاومة الإسلامية هو حركة إسلامية شيعية متأثرة كل التأثر بثورة الإمام أبي عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب (ع), على الطاغية الجائر الفاجر يزيد بن معاوية بن صخر. نشأ مع بداية الغزو الإسرائيلي الكبير للبنان عام 1982 الذي إمتد حتى العاصمة بيروت.
تدرب مجاهدو الحزب بداية على يد إخوانهم في التنظيمات الفلسطينية الموجودة على الساحة اللبنانية آنذاك, و تلقوا دعما كبيرا من الحرس الثوري الإيراني, فنتج عن ذلك تسارع و تيرة الإستعداد و الجهوزية لدى الحزب.
و باشر عدة عمليات ناجحة كاسحة ضد الصهاينة و الأمريكان, لم تشهد لها الساحة اللبنانية من قبل مثيلا.
فكانت عملية الشهيد "أحمد قصير" فاتح عصر الإستشهاديين في 11-11-1982 حين نسف مبنى الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور بسيارته المفخخة مما أدى إلى قتل أكثر من 76 جنديا صهيونيا(و هو الرقم الذي إعترفت به "إسرائيل"), معظمهم من القوات الخاصة و المظليين و مئات الجرحى بالإضافة إلى الحاكم العسكري نفسه.
و كان لهذه العملية صدا واسعا و تأثيرا ساحقا على العسكريتاريا الصهيونية, التي فوجئت بحجم خسائرها الفادحة, سيما و أن هذه العملية أعقبتها سلسلة من الهجمات الأخرى الناجحة.
و إثر التدخل الأمريكي المباشر في لبنان و إشتراكها في حرب الجبل عام 1983عبر قصف المدمرة " نيوجرسي" لمواقع المسلمين في الجبل, نال أمريكا من المقاومة الإسلامية ضربتين:
- الأولى في 18 نيسان 1983 و إستهدفت السفارة الأمريكية في بيروت و أدت إلى هدم الجزء الأكبر من المبنى و إلى قتل 17 أمريكيا من بينهم مدير فرع “CIA” و نائبه و 6 ضباط مخابرات بالإضافة إلى الشخصية المهمة "روبرت آميس", المحلل الرئيسي لشؤون الشرق الأوسط بالوكالة المذكورة, و هو من أهم مستشاري وزير الخارجية الأمريكي آنذاك "جورج شولتز".
(و قد أوفد إلى لبنان آنذاك لدراسة "ظاهرة الإرهاب الشيعي" حسب التعبير الأمريكي, فإذا به يقتل به)
- الضربة الثانية (عملية المارينز) : جاءت أقسى و أقوى من سابقتها بكثير.
إذ أسفر هجوم بالسيارات المفخخة على مقر مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" في 23 تشرين الأول عن مقتل 241 عنصرا منها, فكانت أقسى ضربة تتلقاها أمريكا منذ عقود. و هرع نائب الرئيس الأمريكي آنذاك "بوش الكبير" على وجه السرعة إلى بيروت لتفقد قتلاه و قواته التي ما لبثت أن إنسحبت من المستنقع اللبناني.
و في نفس الوقت, و ردا على غارة جوية سابقة, هوجمت الوحدة الفرنسية أيضا بسيارة مفخخة أدت إلى مقتل 56 جنديا فرنسيا.
نقاط القوة:
-- تنوعت الأساليب الجهادية للمقاومة الإسلامية في مقاومة المحتل, و ظل أشهرها العمليات الإستشهادية لقدرتها على تكبيد الإحتلال خسائر ضخمة و من أشهرها :
عملية الإستشهادي حسن قصير1985(عشرات الجنود الصهاينة القتلى)
عملية الإستشهادي هيثم دبوق, عملية الإستشهادي أبو زينب, عملية الإستشهادي الحر العاملي المظفرة, عملية الإستشهادي صلاح غندور, عملية الإستشهادي علي أشمر, و العديد غيرها مما يلتزم التفصيل (و إن شاء الله نفعله قريبا في غير موضع)
- بالإضافة إلى ذلك برع مجاهدو حزب الله في العمليات الإقتحامية للمواقع الإسرائيلية الحصينة في الجنوب و البقاع المحتلين, ما كان يسفر عادة عن سيطرة المجاهدين على هذه المواقع و أسر جنود أو عملاء, و غنم عتاد و سلاح .
و أكثر ما كان يزعج الصهاينة في هذا المجال هو التصوير المرئي -- الفيديو-- لهذه العمليات, لأنه كان يلغي فرضية إنكارها من جانب حكومة تل أبيب من جهة, و يظهر مدى جبن الصهاينة و بسالة المجاهدين من جهة أخرى.
ومن أشهر هذه العمليات المصورة: عملية موقع سجد الحصين جدا, عملية موقع بيت ياحون حيث تم غنم دبابة, عملية بئر كلاب, عملية حداثا, عملية عرمتى, و غيرها الكثير...
- و إحترف المجاهدون في حزب الله صناعة العبوات (التي سماها الصهاينة بالذكية), و كانوا أول من دمر دبابات "الميركافا" الحديثة -- فخر الصناعة الإسرائيلية -- بالصواريخ الموجهة, فساهموا في إفشال صفقة بيعها لتركيا(تقدر بمئات ملايين الدولارات), بعد تدمير دبابتين حديثتين في أقل من إسبوع.
- و قد أتقن مجاهدو حزب الله فن الكمائن, و إشتهروا بمواجهتهم للقوات الإسرائيلية عن قرب و بالخسائر الفادحة التي كانوا يلحقونها بالإسرائيلين.
فكثرة الإصابات و الجرحى, و رواياتهم عما كان يجري, إضافة إلى توثيق كل ذلك بالفيديو, أسهم في تدمير معنويات الإسرائيلين.
و لم تسلم فرقة من ذلك, مثل لواء "جولاني" الذي سحبوه من لبنان لترميمه نفسيا و معنويا, فجاؤوا بوحدة جديدة أسموها "إيغوز" و معناه الجوز --أي عصي على الكسر-- و مهد لها الإعلام الصهيوني عبر سلسلة أفلام للتهويل, قائلين أنها تختلف عن سواها, و أنها صممت لخصيصا لتدمير المقاومة الإسلامية, نظرا لتدريبها المتفوق و المختلف عن سابقاتها.
و النتيجة أنه بعد أقل من إسبوع لنزولها الميدان, و في كمين نصب لها في العمق المحتل في بلدة مركبا(500 متر من حدود فلسطين المحتلة) قتل إثنين من هذه الوحدة بينهم قائدها. و أغضب الصهاينة تصوير العملية بالفيديو التي أثبتت أنه لا يوجد كبير على أرض لبنان إلا شعبه.
- و أما العبوات المموهة, فهي بلا جدال فخر الصناعة اللبنانية, لما فعلته بالصهاينة, و يكفيك فخرا أنه كلما فجرت عبوة مميزة أسفرت عن إصابات في فلسطين, يقول الصهاينة أنها عبوة لبنانية.
(و لهذا الأمر أصل و تفصيل, نرويه بعد قليل)
- و أما على صعيد العناصر: فإن عناصر المقاومة الإسلامية لم يكتفوا بالخبرات التقليدية التي كانت موجودة لدى أغلب الفصائل الأخرى, بل سعوا إلى تطوير أنفسهم و عناصرهم, و نجحوا في ذلك أيما نجاح.
و الفضل في ذلك يعود لله جل في علاه, و للحرس الثوري الإيراني الذي رفع من الكفاءة القتالية للمجاهدين و ساهم مشكورا في تطوير العتاد و السلاح و مدهم بكل جديد.
ألحرب النفسية أو توازن الرعب:
-- أدرك حزب الله أن الإعتماد على الجانب الميداني من المعركة فقط, من شأنه أن يبعد المسافة بينه و بين النصر. لذلك عمد إلى محاربة "إسرائيل" بنفس السلاح الذي طالما حاربت العرب به طيلة 50 عاما, ألا و هو الجانب الإعلامي أو الحرب النفسية.
و برع في ذلك أيما براعة ظهرت آثارها على الصهاينة.
فأنشأ الحزب "قناة المنار" التي تولت تحصين الجبهة الداخلية من جهة, و إضعاف جبهة العدومن جهة أخرى. فعمدت على مدار الساعة إلى نشر أخبار الجهاد و المجاهدين و عرض العمليات المصورة من الإقتحامية إلى الكمائن و العبوات.
و مثال على ذلك , عبوة مرجعيون الشهيرة, حيث فجرت عبوة بدورية للإحتلال في مدينة مرجعيون الحصينة, فتساقط جنود الإحتلال بين قتيل و جريح, فأخذ الجرحى بالصراخ و العويل مثل الأطفال طيلة نصف ساعة من دون أن يجرأ أحد على التقدم لإغاثتهم خوفا من كمين آخر يكون بإنتظارهم (و هو ما حصل مرارا مع كذا قوة إسرائيلية).
الجميل في هذا المشهد هو أنه مصور بالفيديو, و لدى عرضه على قناة المنار أيقن الجميع --بما فيهم الصهاينة-- حقيقة الجيش الذي قيل إنه لا يهزم. و منذ ذاك الحين, و بعد عملية أنصارية البطولية, لم يعد الصهاينة لمقولتهم هذه.
و مثال آخر عملية "الشهيد الحي" الذي واجه وحده قافلة عسكرية صهيونية فيها عشرات الجنود. واجهها من على بعد بضعة أمتار فقط, فأطلق عليهم النار و رمى القنابل و تحرك في الميدان, و لم يجرأ جندي واحد على مواجهته. و لما عرضت العملية على قناة المنار, ذهل الصهاينة بشجاعة المسلمين و صدموا بمدى جبن و تخاذل جنودهم.
و قد لعبت قناة المنار دورا بارزا خلال عدواني تموز عام 1993 و نيسان عام 1996 عبر بث بيانات المقاومة الإسلامية باللغة العبرية للمستوطنين الصهاينة على الحدود, ما أثر سلبا على معنوياتهم, سيما و أنه ترافق مع تساقط صواريخ "الكاتيوشا" على تلك المستعمرات طيلة 16 يوما.
- عملية أنصارية: أسهمت عمليات و كمائن كبرى مثل عمليةأنصارية المجيدة, في رفع شأو المقاومين عاليا, بعدما أبادوا أفضل و حدة خاصة في الجيش الإسرائيلي.
و تعتبر وحدة "الشيطيت" أو "القوة 13" نخبة النخبة و الذراع الطويلة الضاربة لدى الصهاينة. فهي مكلفة بالإغتيالات الكبرى. و هي التي إغتالت من قبل القائدين الفلسطينيين " أبو جهاد خليل الوزير" و "أبو إياد صلاح خلف" في تونس عامي 1988 و 1991.
فهي إذن على أعلى مستوى من الكفاءة و المقدرة, و مع ذلك و قعت في كمين محكم في بلدة أنصارية بعد منتصف الليل صيف عام 1997 ما أسفر عن مقتل 12 جنديا و جرح أربعة آخرين, هم عديد هذه القوة التي لم تتمكن من إخلاء إصاباتها إلا مع طلوع الفجر, إثر قصف عنيف من الطائرات الإسرائيلية, مخلفين وراءهم أشلاء قتلاهم (رؤوس و أرجل و أيدي ) من جراء الإشتباك. و قد تمكنت المقاومة الإسلامية بحنكتها السياسية من إطلاق سراح 60 معتقلا من السجون الإسرائيلية, و إستعادة رفاة 40 شهيدا من بينهم السيد هادي نصرالله (18 عاما) نجل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
- شخصية الأمين العام: كان لشخصية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله القوية و المفعمة بالثقة وقع في قلوب المحبين و الأعداء.
فقد تولى قيادة الحزب في مرحلة صعبة عام 1992 إثر إستشهاد الأمين العام السيد عباس الموسوي و زوجته و و لده. و كان السيد نصرالله آنذاك يبلغ من العمر 32 عاما فقط, و لكنه إستطاع أن يقود الحزب بحنكة و دراية و عزيمة صادقة, إلى نصر أيار 2000, الذي رفع رأس الأمة عاليا و أطاح بالجيش الذي لا يهزم.
و قد أسهم إستشهاد ولده السيد هادي خلال تنفيذه إحدى العمليات في العمق اللبناني المحتل, أسهم في رفع شأو المقاومة في نفوس الموالين و أجبر الحاقدين على إحترام هذا النضال.
العلاقة مع إخوانه من السنة:
-- يتمتع حزب الله بدعم و محبة و تأييد إخوانه السنة في لبنان, و ذلك عرفانا منهم لما قدمه هذا الحزب في سبيل الوطن و الأمة. و يتميز بعلاقات وطيدة مع مختلف الأحزاب و التيارات السنية هناك لعدم وجود تلك العصبيات المذهبية بين أبناء الدين الواحد.
فمثلا صور السيد حسن نصرالله و أعلام حزب الله موجودة لدى السنة و الشيعة أينما كان, و محبته و إحترامه يملآن القلوب.
و هذا الأسلوب من التعامل بين الإخوة هو الكفيل بالتحرير, و أما التجريح و المزايدة فهو لن يؤدي إلا إلى الخسران و التهلكة.
و قد توطدت هذه العلاقة بين الإخوة الشيعة و السنة اللبنانيين و تباركت بالشهداء, الذين رووا أرض بلادهم من أجسادهم إثر تنفيذهم عمليات مشتركة تلاقى فيها دم الإخوة العطر فكان خير ميثاق بينهم.
العلاقة مع الإخوة الفلسطينيين:
كان لا بد من رد الجميل للمقاوم الفلسطيني الذي كان أول من درب إخوانه في حزب الله, ففتح الحزب معسكراته أمامهم و دربهم مع عناصره على كل جديد و مدهم بالخبرات. و قلما تجد دورة عسكرية للمقاومة لا يوجد فيها فلسطينيين.
و إشتهر الحزب بعلاقاته المميزة مع حركة المقاومة الإسلامية- حماس- و حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, و توطدت من خلال تدريبه لكوادرهم خصوصا في سني التسعينات بعد إتفاقية "أوسلو" التي مكنتهم من مغادرة فلسطين إلى الدول العربية و منها لبنان فالتقوا بإخوانهم في حزب الله و تدربوا وإياهم.
و قد قام الحزب بعمليات مشتركة مع الفلسطينيين و سقط شهداء مشتركين. و أهمها عملية " بليدا" النوعية في العمق اللبناني المحتل.
و اليوم يعلم الجميع أن لحزب الله كوادر و خلايا فاعلة في الداخل الفلسطيني و ما الشهيد القائد غالب عوالي الذي إغتيل منذ قرابة الثلاثة أشهر, إلا واحدا منهم. و قد كان مضى على عودته من فلسطين المحتلة أربعة أيام.
و قد أصدرت "كتائب شهداء الأقصى" بيانا نعت فيه الشهيد القائد و أهدته عملية إعدام قاض صهيوني في تل أبيب, و أكدت مسؤوليته و إشرافه على آخر عبوة جرحت 5 ضباط صهاينة, قالت "إسرائيل" عنها آنذاك أنها عبوة لبنانية بإمتياز.
و في الختام لا يمكنا إلا نشكر المجاهدين في كل مكان, و ندعو الله عسى أن ينصرهم و يثبت أقدامهم و يشف صدور قوم مؤمنين مظلومين. اللهم آمين يا رب العالمين.
و لما كان في هذا المنبر الكثير من الجهال و الموتورين, الذين لا يقدرون أو يفقهون تضحيات شعب هزم الكيان الصهيوني فنال حب و تقديرالأمة الإسلامية من المحيط إلى المحيط, إرتأينا قول الحق و لو في قندهار...
مقدمة عامة:
-- إن حزب الله أو المقاومة الإسلامية هو حركة إسلامية شيعية متأثرة كل التأثر بثورة الإمام أبي عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب (ع), على الطاغية الجائر الفاجر يزيد بن معاوية بن صخر. نشأ مع بداية الغزو الإسرائيلي الكبير للبنان عام 1982 الذي إمتد حتى العاصمة بيروت.
تدرب مجاهدو الحزب بداية على يد إخوانهم في التنظيمات الفلسطينية الموجودة على الساحة اللبنانية آنذاك, و تلقوا دعما كبيرا من الحرس الثوري الإيراني, فنتج عن ذلك تسارع و تيرة الإستعداد و الجهوزية لدى الحزب.
و باشر عدة عمليات ناجحة كاسحة ضد الصهاينة و الأمريكان, لم تشهد لها الساحة اللبنانية من قبل مثيلا.
فكانت عملية الشهيد "أحمد قصير" فاتح عصر الإستشهاديين في 11-11-1982 حين نسف مبنى الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور بسيارته المفخخة مما أدى إلى قتل أكثر من 76 جنديا صهيونيا(و هو الرقم الذي إعترفت به "إسرائيل"), معظمهم من القوات الخاصة و المظليين و مئات الجرحى بالإضافة إلى الحاكم العسكري نفسه.
و كان لهذه العملية صدا واسعا و تأثيرا ساحقا على العسكريتاريا الصهيونية, التي فوجئت بحجم خسائرها الفادحة, سيما و أن هذه العملية أعقبتها سلسلة من الهجمات الأخرى الناجحة.
و إثر التدخل الأمريكي المباشر في لبنان و إشتراكها في حرب الجبل عام 1983عبر قصف المدمرة " نيوجرسي" لمواقع المسلمين في الجبل, نال أمريكا من المقاومة الإسلامية ضربتين:
- الأولى في 18 نيسان 1983 و إستهدفت السفارة الأمريكية في بيروت و أدت إلى هدم الجزء الأكبر من المبنى و إلى قتل 17 أمريكيا من بينهم مدير فرع “CIA” و نائبه و 6 ضباط مخابرات بالإضافة إلى الشخصية المهمة "روبرت آميس", المحلل الرئيسي لشؤون الشرق الأوسط بالوكالة المذكورة, و هو من أهم مستشاري وزير الخارجية الأمريكي آنذاك "جورج شولتز".
(و قد أوفد إلى لبنان آنذاك لدراسة "ظاهرة الإرهاب الشيعي" حسب التعبير الأمريكي, فإذا به يقتل به)
- الضربة الثانية (عملية المارينز) : جاءت أقسى و أقوى من سابقتها بكثير.
إذ أسفر هجوم بالسيارات المفخخة على مقر مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" في 23 تشرين الأول عن مقتل 241 عنصرا منها, فكانت أقسى ضربة تتلقاها أمريكا منذ عقود. و هرع نائب الرئيس الأمريكي آنذاك "بوش الكبير" على وجه السرعة إلى بيروت لتفقد قتلاه و قواته التي ما لبثت أن إنسحبت من المستنقع اللبناني.
و في نفس الوقت, و ردا على غارة جوية سابقة, هوجمت الوحدة الفرنسية أيضا بسيارة مفخخة أدت إلى مقتل 56 جنديا فرنسيا.
نقاط القوة:
-- تنوعت الأساليب الجهادية للمقاومة الإسلامية في مقاومة المحتل, و ظل أشهرها العمليات الإستشهادية لقدرتها على تكبيد الإحتلال خسائر ضخمة و من أشهرها :
عملية الإستشهادي حسن قصير1985(عشرات الجنود الصهاينة القتلى)
عملية الإستشهادي هيثم دبوق, عملية الإستشهادي أبو زينب, عملية الإستشهادي الحر العاملي المظفرة, عملية الإستشهادي صلاح غندور, عملية الإستشهادي علي أشمر, و العديد غيرها مما يلتزم التفصيل (و إن شاء الله نفعله قريبا في غير موضع)
- بالإضافة إلى ذلك برع مجاهدو حزب الله في العمليات الإقتحامية للمواقع الإسرائيلية الحصينة في الجنوب و البقاع المحتلين, ما كان يسفر عادة عن سيطرة المجاهدين على هذه المواقع و أسر جنود أو عملاء, و غنم عتاد و سلاح .
و أكثر ما كان يزعج الصهاينة في هذا المجال هو التصوير المرئي -- الفيديو-- لهذه العمليات, لأنه كان يلغي فرضية إنكارها من جانب حكومة تل أبيب من جهة, و يظهر مدى جبن الصهاينة و بسالة المجاهدين من جهة أخرى.
ومن أشهر هذه العمليات المصورة: عملية موقع سجد الحصين جدا, عملية موقع بيت ياحون حيث تم غنم دبابة, عملية بئر كلاب, عملية حداثا, عملية عرمتى, و غيرها الكثير...
- و إحترف المجاهدون في حزب الله صناعة العبوات (التي سماها الصهاينة بالذكية), و كانوا أول من دمر دبابات "الميركافا" الحديثة -- فخر الصناعة الإسرائيلية -- بالصواريخ الموجهة, فساهموا في إفشال صفقة بيعها لتركيا(تقدر بمئات ملايين الدولارات), بعد تدمير دبابتين حديثتين في أقل من إسبوع.
- و قد أتقن مجاهدو حزب الله فن الكمائن, و إشتهروا بمواجهتهم للقوات الإسرائيلية عن قرب و بالخسائر الفادحة التي كانوا يلحقونها بالإسرائيلين.
فكثرة الإصابات و الجرحى, و رواياتهم عما كان يجري, إضافة إلى توثيق كل ذلك بالفيديو, أسهم في تدمير معنويات الإسرائيلين.
و لم تسلم فرقة من ذلك, مثل لواء "جولاني" الذي سحبوه من لبنان لترميمه نفسيا و معنويا, فجاؤوا بوحدة جديدة أسموها "إيغوز" و معناه الجوز --أي عصي على الكسر-- و مهد لها الإعلام الصهيوني عبر سلسلة أفلام للتهويل, قائلين أنها تختلف عن سواها, و أنها صممت لخصيصا لتدمير المقاومة الإسلامية, نظرا لتدريبها المتفوق و المختلف عن سابقاتها.
و النتيجة أنه بعد أقل من إسبوع لنزولها الميدان, و في كمين نصب لها في العمق المحتل في بلدة مركبا(500 متر من حدود فلسطين المحتلة) قتل إثنين من هذه الوحدة بينهم قائدها. و أغضب الصهاينة تصوير العملية بالفيديو التي أثبتت أنه لا يوجد كبير على أرض لبنان إلا شعبه.
- و أما العبوات المموهة, فهي بلا جدال فخر الصناعة اللبنانية, لما فعلته بالصهاينة, و يكفيك فخرا أنه كلما فجرت عبوة مميزة أسفرت عن إصابات في فلسطين, يقول الصهاينة أنها عبوة لبنانية.
(و لهذا الأمر أصل و تفصيل, نرويه بعد قليل)
- و أما على صعيد العناصر: فإن عناصر المقاومة الإسلامية لم يكتفوا بالخبرات التقليدية التي كانت موجودة لدى أغلب الفصائل الأخرى, بل سعوا إلى تطوير أنفسهم و عناصرهم, و نجحوا في ذلك أيما نجاح.
و الفضل في ذلك يعود لله جل في علاه, و للحرس الثوري الإيراني الذي رفع من الكفاءة القتالية للمجاهدين و ساهم مشكورا في تطوير العتاد و السلاح و مدهم بكل جديد.
ألحرب النفسية أو توازن الرعب:
-- أدرك حزب الله أن الإعتماد على الجانب الميداني من المعركة فقط, من شأنه أن يبعد المسافة بينه و بين النصر. لذلك عمد إلى محاربة "إسرائيل" بنفس السلاح الذي طالما حاربت العرب به طيلة 50 عاما, ألا و هو الجانب الإعلامي أو الحرب النفسية.
و برع في ذلك أيما براعة ظهرت آثارها على الصهاينة.
فأنشأ الحزب "قناة المنار" التي تولت تحصين الجبهة الداخلية من جهة, و إضعاف جبهة العدومن جهة أخرى. فعمدت على مدار الساعة إلى نشر أخبار الجهاد و المجاهدين و عرض العمليات المصورة من الإقتحامية إلى الكمائن و العبوات.
و مثال على ذلك , عبوة مرجعيون الشهيرة, حيث فجرت عبوة بدورية للإحتلال في مدينة مرجعيون الحصينة, فتساقط جنود الإحتلال بين قتيل و جريح, فأخذ الجرحى بالصراخ و العويل مثل الأطفال طيلة نصف ساعة من دون أن يجرأ أحد على التقدم لإغاثتهم خوفا من كمين آخر يكون بإنتظارهم (و هو ما حصل مرارا مع كذا قوة إسرائيلية).
الجميل في هذا المشهد هو أنه مصور بالفيديو, و لدى عرضه على قناة المنار أيقن الجميع --بما فيهم الصهاينة-- حقيقة الجيش الذي قيل إنه لا يهزم. و منذ ذاك الحين, و بعد عملية أنصارية البطولية, لم يعد الصهاينة لمقولتهم هذه.
و مثال آخر عملية "الشهيد الحي" الذي واجه وحده قافلة عسكرية صهيونية فيها عشرات الجنود. واجهها من على بعد بضعة أمتار فقط, فأطلق عليهم النار و رمى القنابل و تحرك في الميدان, و لم يجرأ جندي واحد على مواجهته. و لما عرضت العملية على قناة المنار, ذهل الصهاينة بشجاعة المسلمين و صدموا بمدى جبن و تخاذل جنودهم.
و قد لعبت قناة المنار دورا بارزا خلال عدواني تموز عام 1993 و نيسان عام 1996 عبر بث بيانات المقاومة الإسلامية باللغة العبرية للمستوطنين الصهاينة على الحدود, ما أثر سلبا على معنوياتهم, سيما و أنه ترافق مع تساقط صواريخ "الكاتيوشا" على تلك المستعمرات طيلة 16 يوما.
- عملية أنصارية: أسهمت عمليات و كمائن كبرى مثل عمليةأنصارية المجيدة, في رفع شأو المقاومين عاليا, بعدما أبادوا أفضل و حدة خاصة في الجيش الإسرائيلي.
و تعتبر وحدة "الشيطيت" أو "القوة 13" نخبة النخبة و الذراع الطويلة الضاربة لدى الصهاينة. فهي مكلفة بالإغتيالات الكبرى. و هي التي إغتالت من قبل القائدين الفلسطينيين " أبو جهاد خليل الوزير" و "أبو إياد صلاح خلف" في تونس عامي 1988 و 1991.
فهي إذن على أعلى مستوى من الكفاءة و المقدرة, و مع ذلك و قعت في كمين محكم في بلدة أنصارية بعد منتصف الليل صيف عام 1997 ما أسفر عن مقتل 12 جنديا و جرح أربعة آخرين, هم عديد هذه القوة التي لم تتمكن من إخلاء إصاباتها إلا مع طلوع الفجر, إثر قصف عنيف من الطائرات الإسرائيلية, مخلفين وراءهم أشلاء قتلاهم (رؤوس و أرجل و أيدي ) من جراء الإشتباك. و قد تمكنت المقاومة الإسلامية بحنكتها السياسية من إطلاق سراح 60 معتقلا من السجون الإسرائيلية, و إستعادة رفاة 40 شهيدا من بينهم السيد هادي نصرالله (18 عاما) نجل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
- شخصية الأمين العام: كان لشخصية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله القوية و المفعمة بالثقة وقع في قلوب المحبين و الأعداء.
فقد تولى قيادة الحزب في مرحلة صعبة عام 1992 إثر إستشهاد الأمين العام السيد عباس الموسوي و زوجته و و لده. و كان السيد نصرالله آنذاك يبلغ من العمر 32 عاما فقط, و لكنه إستطاع أن يقود الحزب بحنكة و دراية و عزيمة صادقة, إلى نصر أيار 2000, الذي رفع رأس الأمة عاليا و أطاح بالجيش الذي لا يهزم.
و قد أسهم إستشهاد ولده السيد هادي خلال تنفيذه إحدى العمليات في العمق اللبناني المحتل, أسهم في رفع شأو المقاومة في نفوس الموالين و أجبر الحاقدين على إحترام هذا النضال.
العلاقة مع إخوانه من السنة:
-- يتمتع حزب الله بدعم و محبة و تأييد إخوانه السنة في لبنان, و ذلك عرفانا منهم لما قدمه هذا الحزب في سبيل الوطن و الأمة. و يتميز بعلاقات وطيدة مع مختلف الأحزاب و التيارات السنية هناك لعدم وجود تلك العصبيات المذهبية بين أبناء الدين الواحد.
فمثلا صور السيد حسن نصرالله و أعلام حزب الله موجودة لدى السنة و الشيعة أينما كان, و محبته و إحترامه يملآن القلوب.
و هذا الأسلوب من التعامل بين الإخوة هو الكفيل بالتحرير, و أما التجريح و المزايدة فهو لن يؤدي إلا إلى الخسران و التهلكة.
و قد توطدت هذه العلاقة بين الإخوة الشيعة و السنة اللبنانيين و تباركت بالشهداء, الذين رووا أرض بلادهم من أجسادهم إثر تنفيذهم عمليات مشتركة تلاقى فيها دم الإخوة العطر فكان خير ميثاق بينهم.
العلاقة مع الإخوة الفلسطينيين:
كان لا بد من رد الجميل للمقاوم الفلسطيني الذي كان أول من درب إخوانه في حزب الله, ففتح الحزب معسكراته أمامهم و دربهم مع عناصره على كل جديد و مدهم بالخبرات. و قلما تجد دورة عسكرية للمقاومة لا يوجد فيها فلسطينيين.
و إشتهر الحزب بعلاقاته المميزة مع حركة المقاومة الإسلامية- حماس- و حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, و توطدت من خلال تدريبه لكوادرهم خصوصا في سني التسعينات بعد إتفاقية "أوسلو" التي مكنتهم من مغادرة فلسطين إلى الدول العربية و منها لبنان فالتقوا بإخوانهم في حزب الله و تدربوا وإياهم.
و قد قام الحزب بعمليات مشتركة مع الفلسطينيين و سقط شهداء مشتركين. و أهمها عملية " بليدا" النوعية في العمق اللبناني المحتل.
و اليوم يعلم الجميع أن لحزب الله كوادر و خلايا فاعلة في الداخل الفلسطيني و ما الشهيد القائد غالب عوالي الذي إغتيل منذ قرابة الثلاثة أشهر, إلا واحدا منهم. و قد كان مضى على عودته من فلسطين المحتلة أربعة أيام.
و قد أصدرت "كتائب شهداء الأقصى" بيانا نعت فيه الشهيد القائد و أهدته عملية إعدام قاض صهيوني في تل أبيب, و أكدت مسؤوليته و إشرافه على آخر عبوة جرحت 5 ضباط صهاينة, قالت "إسرائيل" عنها آنذاك أنها عبوة لبنانية بإمتياز.
و في الختام لا يمكنا إلا نشكر المجاهدين في كل مكان, و ندعو الله عسى أن ينصرهم و يثبت أقدامهم و يشف صدور قوم مؤمنين مظلومين. اللهم آمين يا رب العالمين.