المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماجنة في الجنة - قصة من تأليفي -(محزنة)



الأمير القلق
06-12-2004, 05:02 PM
*


*ماجنة في الجنة*


*





(( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ))..


استيقظ جابر من نومه على أصوات العصافير المطربة على حافة النافذة.. فنظر إلى الساعة المعلقة فوق سريره المهترئ, فإذا هي تشير إلى الثامنة والنصف، فقام من السرير وتوجه نحو الحمام الذي يبعد مترين عن غرفته ليغسل وجهه، وبعد أن انتهى أخرج ملابسه من خزانة صغيرة الحجم المجاورة لمكتبه الخشبي، وغير ملابسه سريعا واستعد للخروج إلى دكانه حامدا الله على ما أنعم عليه من خيرات الدكان..





كان جابر شاب في الواحد والثلاثين من العمر، وسيما بادية عليه علامات النشاط والإجتهاد، كما أنه تقيا يخاف الله, فلم يحاول يوما أن يقوم بخداع أي إنسان كان..


وفي ظهر ذلك اليوم، أقفل جابر دكانه كالعادة لموعد الغداء، وبينما كان يستعد للرحيل إذ تمر بجانبه شابة جميلة المنظر ذو عنينان زرقاوتان وشعر بني منسكب على كتفيها، وكانت تلبس ملابس شبه عارية، ونظرت إليه وهي تضحك, ولكن جابر كان يخاف ربه فأعرض عنها ولم يعرها أي انتباه أو التفات..


فحاولت أن تلفت أنظاره عن طريق مفاتن جسدها، ولكن محاولتها باءت بالفشل، فلم تجد وسيلة سوى أن أخرجت ورقة زهرية اللون من حقيبتها الجلدية ورمتها لجابر على الأرض وغادرت المكان بانتظار ردة فعله..


ولسوء حظ جابر أنه كان شديد الفضول، فأخذ الورقة من الأرض وفتحها ليرى صورتها وهي عارية وبجانب صورتها رقم هاتفها..


شعر جابر بالإرتباك والخوف، فهو لم يعهد قط مثل هذا الموقف، فما كان منه إلا أن دس الورة في جيبه ورجع إلى بيته وهو شارد الذهن مشتت التفكير..





استلقى جابر على سريره بعد يوم متعب وراح يفكر بالشابة وبالورقة، وأخذ يصارع نفسه ولكن الشيطان كان أقوى منه، فنهض من سريره والبسمة الخبيثة كامنة على وجهه ورفع سماعة الهاتف بعد أن أخرج الورقة وطلب الرقم المكتوب.. فكانت هي بداية المصائب..


بعد ثوان ردت عليه فتاة بصوت أنثوي فاتن، فشعر جابر بالخجل واحمرت وجنتاه، ولكن سرعان ما قال: أأنت الشابة التي رأيتها اليوم أمام الدكان؟ ردت الشابة بصوت أشد نعومة وأنثوية من ذي قبل: نعم، ومن تكون يا .. عزيزي ..؟


وهنا لم يعد جابر أن يعبر عن حبه لها، فقد ربطت لسانه بكلمة (( عزيزي )).. وبعد هنيهة قال: هل لي أن .. أراك؟


وكان جابر يتصبب عرقا عند طرحه لهذا السؤال. قالت الشابة ضاحكة: نعم, إن منزلي قريب من دكانك، سأمر عليك غدا، وداعا. فتردد جابر قليلا قبل أن ينهي المكالمة وقال: هل تسمحين لي بالإفصاح عن اسمك؟ قالت الشابة وقد امتلأ قلبها بالخبث: باتريشيا. صعق جابر عند سماعه لهذا الاسم، إنها ليست عربية كما أنها مسيحية.. فأغلق السماعة سريعا بعد أن أفصح عن اسمه بسرعة وجلس وراء مكتبه الخشبي وراح يرتب تفكيره بالأمور.





وفي صباح اليوم التالي،، استيقظ جابر من نومه على غير عادته متأخرا، كما أن التعب والإرهاق باديان على جسده، فغير ملابسه وهو شبه نائم وتوجه نحو دكانه وجلس هناك يراقب الناس عن كثب، كيف هم؟ وكيف يتعامل الرجل مع المرأة، وكيف تتعامل المرأة مع الرجل.. فأصابه صداع فظيع، ومرت عليه الساعات بطيئة حتى حان موعد إغلاق الدكان، وكانت باتريشيا على وعدها إذ جاءت إلى جابر وهي بملابس شفافة كاشفة لصدرها ورجليها، فارتسمت ابتسامة مصفرة على وجه جابر عند رؤيته لباتريشيا، ونسي الصداع وأغلق دكانه سريعا وذهب معها إلى منزلها.





كان بيت باتريشيا عبارة عن قصر كبير كأنه قصر لأحد الملوك، فكانت الأرضية من الزجاج اللامع، وساحة القصر كبيرة متكونة من ستة أعمدة باهطة الثمن مزينة بأغلى أنواع الياقوت والألماس، وشعر جابر بالذهول لما رآه، وقد نسي أن ما من رجل وامرأة في خلوة إلا والشيطان ثالثهما، ولم يكد جابر يعبر عن رأيه عن جمال قصرها حتى رآها عارية أمامه، فتراجع جابر كتراجع الصياد المجرد من السلاح أما أسود الورى وذئاب الفلا، وحاول الهروب ولكن الباب الرئيسي كان مقفلا بإحكام، فحاول أن يبعدها بتهديده لها، فقالت مستهزئة: ويحك، أتهددني في قصري؟ إن هددتني فسأصرخ وألم الناس عليك واتهمك بقدوم قصري بدون إذن مني، فكن حذرا. وشعر جابر بالضعف أمام شيطان متنكر على هيئة إمرأة حسناء، فوقع عليها دون أن يدرك ما يفعله وما هي العواقب الوخيمة.





مرت الأسابيع وجابر لم يعد يسمع أخبارا عن معشوقته باتريشيا، فكان يذهب ويبحث عنها وكأنه فقد كنزا من الذهب، ولكن تعبه ضاع مثل الهباء المنثور، ماذا يفعل؟ وما العمل؟ لقد خسر دينه ودنياه وآخرته من أجل فتاة طائشة عابثة.. لقد أصبح مولعا بها إلى حد الجنون، فكان يراها في منامه، كما أنه كان يشبه النساء اللاتي يمشين أمامه بباتريشيا، فكم من صفعة وتهزئ تلقى جابر من أجل باتريشيا.. باتريشيا.. تلك الفتاة التي دخلت روح جابر ولم ولي تخرج إلا مع خروج روحه من جسده.. باتريشيا.. تلك الفتاة التي أخذت عقله وكانت سببا في تدهور صحته وخسرانه في التجارة.


أمن أجل فتاة ماجنة تكون سببا في شقائك؟ يا لك من غبي يا جابر.





شعر جابر بالإعياء المتكرر، وكثيرا ما كان يشعر بالدوران.. فاستدعا الطبيب على عجل...


دخل الدكتور عبد الوهاب عليه، ورأى جابر على سريره خائر القوى ويتصبب عرقا.. فقطب الطبيب جبينه واقترب منه أجرى عليه الفحوصات، وبعد الإنتهاء قال جابر بصوت يكاد يختفي من شدة تعبه وإرهاقه: إرحمني يا دكتور، مابال جسدي؟ رد الطبيب بعد أن أغمض عينيه وطأطأ رأسه من الأسف: لا أخفيك أمرا يا جابر.. لقد أصبت بالإيدز، نعم الإيدز، لقد كنت ضحية فتاة مصابة، وها أنت تدفع الثمن غاليا. اسودت الدنيا في عيني جابر وراح يبكي بحرارة، فقد ندم على ما أقبل عليه، ولكن والوقت قد فات.





أصبح جابر يرى السماء تنهار وتقع على الأرض، وكأنه يرى القيامة.. فكان يتألم ويصرخ بأعلى صوته، وكان معه في غرفته صديقه مصطفى، وحاول أن يخفف عنه ولكنه فشل في مهمته.


وأحس جابر بنهايته، فجحظت عيتيه وانتفض جسده، فلقنه مصطفى الشهادة، ولكن بدلا من أن ينطق جابر لفظ الجلالة قال بصوت متقطع: باتريشيا.. باتريشيا.. أحبك.. أ. أنا .. أنا على دين المسيح. وهنا انتهت عبارة جابر بخروج روحه إلى السماء لتلغى جزاء ما اقترفت، فأغلقت عيناه وهدأت إنتفاضة جسده وصار باردا، بكى مصطفى مما رآه في خاتمة صاحبه جابر.. يا لسوء الخاتمة..





بعد شهر من وفاة جابر، تلقى مصطفى رسالة من مجهول تخبره عن ضرورة قدومه ومعه الدكتور عبد الوهاب سريعا، وكان العنوان مرفقا مع الرسالة..


توجه مصطفى ومعه الدكتور عبد الوهاب إلى العنوان المقصود ، فدخلوا قصرا كبيرا ومنه إلى غرقة واسعة مليئة بصور جابر.. فاستغرب الرجلان وتقدما قليلا حتى رأيا باتريشيا وحولها جارياتها وهي على فراش الموت، وما إن رأتهما حتى أشارت للجواري بالإنصراف ففعلوا، ثم نظرت إلى مصطفى وقالت: مصطفى، سعيدة برؤيتك، أنا باتريشيا عشيقة جابر. فانتصب مصطفى في مكانه وانصت، ثم أردفت قائلة: لقد وقع في حبي، ولكني تركته بعد أن غرق في بحر الحب الذي لا شاطئ له، فغادرت إلى قرية مجاورة، وكنت قاسية على الناس حينها، فكنت أحب أن أوقع الرجال في حبي ثم أدعهم يتألمون، وهناك أصبت بمرض فظيع، وأحسست أن أجلي قد انتهى، فقررت العودة إلى هذا القصر الذي التقيت فيه مع جابر، فأنا أريد الموت ونفسي راضية، فهل لك أن تأتي به إلى هنا حتى أعتذر عما بدر مني ؟ سكت مصطفى بينما قال الدكتور عبد الوهاب بصوت عميق: ياللأسف.. فات الأوان، لقد مات.


فما كان من باتريشيا عند سماعها لخبر موت جابر حتى صرخت وأجهشت بالبكاء وهي تقول: كل ذلك بسببي، ليتني لم أفعل، ليتي لم أفعل، ليتني مت قبل هذا، يا ويلتاه أأكون سببا لموت عشيقي؟


وهنا بدأ صوتها ينخفض تدريجيا، فنظرت باتريشيا إلى مصطفى والدموع الحارة على وجنتيها الناعمتين وقالت: مصطفى، أخبر روح جابر بأني ميتة على دينه.. (( أشهد أن لا إله إلا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله ))،


ثم أغمضت عينيها إلى الأبد


تأثر مصطفى والدكتور عبد الوهاب من كل ما حدث، وبدآ بالبكاء لما شاهداه من سوء الخاتمة لجابر وحسن الخاتمة لباتريشيا





نعم..لقد ظن جابر أن يجمع الله بينهما في الآخرة إذ أن الله لم يجمع بهما في الدنيا فصار على دينها..


وأما باتريشيا فقد آمنت بالله حتى تجتمع مع جابر في الآخرة.. ولكن مشيئة الله أن يفصل بينهما في الدنيا والآخرة. إذ أن روح باتريشيا قد دخلت جنات النعيم بإيمانها في آخر لحظة في حياتها وروح جابر قد دخلت نار جهنم لكفره بالله في آخر لحظة,,


أعاذنا الله وإياكم من سوء الخاتمة.

جكور
06-12-2004, 07:07 PM
تسلم يديك اخوي الامير القلق على هذي القصه الجميله
القصه حلوة بصراحه بس يا حبذا لو انها بالوان مختلفه حتى ندمج بالقصه اكثر :)

الجوكر العربي
06-12-2004, 07:29 PM
عندي بعض التعلقات على ما تقول:
اقتباس:
قالت الشابة وقد امتلأ قلبها بالخبث: باتريشيا.
----
وش هالاسم :biggrin: بس خلها تصك الدريشه:tongue2:

اقتباس:
أصبح جابر يرى السماء تنهار وتقع على الأرض، وكأنه يرى القيامة
-------
مهما رأى من الاشياء ما تسوى ولا شي قدام يوم القيامه


اقتباس:
روح باتريشيا قد دخلت جنات النعيم بإيمانها في آخر لحظة في حياتها وروح جابر قد دخلت نار جهنم لكفره بالله في آخر لحظة,,
-----
لا يجوز لمسلم ان يقول لاحد انه داخل الجنه فهذا الشيئ ليس بيده بيد الله هو من يتحكم بذلك ويجوز فقط لمن شهد به النبي او القران والله كالانبياء والعشره المبشرين بالجنه والحسن والحسين.

الأمير القلق
06-12-2004, 08:29 PM
مشكور أخوي جكور على نصيحتك وإن شاء الله رح طبقها في رواياتي القادمة.....

أخوي الجوكر العربي:
اسم باتريشيا لقيته أنسب اسم لروايتي... عشان تكون أجنبية مسيحية.....
هذا الأمر الأول.. الأمر الثاني:
أنا ما قلت أنه رآي القيامة.. ولكني شبهت رؤيا جابر بالقيامة.. هو معاك حق مهما صار من الأشياء مايكون ولا شي أمام يوم القيامة أعاذنا الله منها...
هذا الأمر الثاني.. الأمر الثالث:
طالما أن (( باتريشيا )) قد نطقت بالشهادة ولم تفعل بعدها أي عمل فإنها كطفل رضيع مات....
ومن نطق بالشهادة فإن له الجنة.. فمهما عمل المسلم من أعمال سيئة سيدخل الجنة في النهاية ولكن بعد أن يعذب بقدر ذنوبه(((( شوف كم سنة يبقى ينحرق وينشوي في النار شي مرررة صعب )))))...
والله أعلم

الأمير القلق
18-12-2004, 05:02 PM
هاه يا إخواني.. ما قريت رايكم.. مايكفي بس تقروها:أفكر: .. أعطوني رايكم فيها عشان لو فيه أي مشاكل أصححها.. :biggthump
تحياتي:D