المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : @ إنتحار حمار @



ابو فيصل احمد
08-12-2004, 11:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله



في المزرعة :

استيقظ الحمار الأبيض قبل طلوع الفجر كعادته راضيا بما قسمه الله له في هذه الدنيا ..

وبينما هو ينفض عن نفسه غبار النوم التفت إلى مكان صاحبه الحمار الأسود ليفاجأ به خاليا .. تضاربت في عقله الأفكار والوساوس ...

أين يمكن أن يكون قد ذهب؟ فليس من عادته الاستيقاظ في مثل هذه الساعة المبكرة دون أن يوقظه أحد فهو كسول ...!!!

ولم تعهد عليه نظافة زائدة عن إخوانه الحمير بحيث يذهب ( يطير الشراب ) في غير مرقده ...

وبينما هو يفكر إذا بطرق شديد على باب الغرفة ( الزريبة ) كاد أن ينخلع معه الباب ... وفي سرعة لم يتمكن معها الحمار من الاستجواب عن الطارق إذا بركلة قوية من الخارج فتحت الباب على مصراعيه .....

الحمار الأبيض : ( مفزوعا ) من من أأأنتم ؟

الرجل : لا تتحرك من مكانك وادر وجهك ناحية الجدار ... نحن لدينا أوامر من جهات عليا بتفتيش المكان .

كان هذا ضابط من زوار الليل ... ومعه فرقه مكونة من 5 جنود وامرأتان ..

دخلوا الزريبة وجعلوا يفتشون محتوياتها بكل فوضوية ..

الحمار الأبيض : أرجوكم ... أر أرجوك يا حضرة الضابط اش اللي صاير ... وفين صديقي الأسود ؟؟

الضابط : ( يضحك متهكما ) هه فين صديقي الأسود ؟؟؟ ههه .. تبغى تفهمني انك ما تعرف مكانه هاه !!! هين هين يا الضبان ...

الحمار : أي ضبان وأي جرابيع يا حضرة الضابط بالله علمني اش الموضوع ...

يركله الضابط بقوة في مؤخرته إشارة له بالسكوت وعدم إكثار الأسئلة .

بدأت أطراف الحمار الأبيض ترتجف .. وأسنانه يصطك أعلاها بأسفلها ...

بحث الجنود في كل زوايا الزريبة فلم يجدوا شيئا سوى خرقة صغيرة ممضوغة ومتهالكة كان يتسلى عليها الحمار الأسود وقت فراغه بمضغها بين أسنانه ..

التقط الضابط تلك الخرقة بملقاط بحرص ووضعها في كيس أسود معقم وسلمها للجندي الذي وجدها ... ثم أعطى أوامره باقتياد الحمار المسكين واصطحابه للقسم ...

وبالفعل تم وضع القيود في يديه وقدميه وأيضا تم لف عصابة سوداء على عينيه واركب سيارة الشرطة وانطلقت بكل سرعتها إلى القسم المزعوم ...

( 2 )

هذا اليوم الخامس له منذ وضع في زنزانته الانفرادية ...

فجأة فتح باب الزنزانة .. دخل اثنين من الجنود

أحدهم : قم يا حمار .. المحقق في انتظارك

الحمار : أرجوك احترم نفسك ولا تقل علي حمار ..

لم يتركا له فرصة حتى ليبرر اعتراضه .. وضعا القيد في يديه .. لفا العصابة السوداء على عينيه .. اقتاداه الى مكتب المحقق ... وفي طريقه الى المكتب يسمع اصواتا متداخلة وصياحا وتهديدا ... وهو لا يزيد على قول : الله يستر ..

بعد عشر دقائق من المشي عبر الممرات ..

حضرة الضابط هاهو المتهم بين يديك ...

الضابط : حسناً ... أزيلا العصابة عن عينيه واخرجا وأغلقا الباب

فتح الحمار عينيه ليرى أمامه الضابط مستلقيا على كرسيه الدوار الوثير وقد مد رجليه على سطح مكتبه وفي يده اليسرى سيجارة واليمنى قلما ينقر به على سطح المكتب .....

الحمار : السسسسسلام علييييكم حضرة الضابط .

الضابط : لايرد .. ويكتفي بنفخ دخان السيجارة من فمه وانفه ببطء ...

الحمار : ممكن اعرف اش جابني هنه ياحصرة الضابط ... يعني ممكن اعرف جريمتي ؟؟

الضابط : لا يرد ..

الحمار : طيب ممكن تسمح لي اتصل على صاحبي العجوز في المزرعة علشان اقول له اني هنه ... أقلها ما يقلق عليه ...

الضابط : ( ببرود ) ممكن تاكل تبن وتنطم ..

الحمار : ياليت والله ياحضرة الضابط .. أنا من خمسة أيام ماذقت التبن .. اكلكم هنه مايناسبني ...

الضابط : هه تبغى تتصل بصاحبك علشان يجيب لك محامي هاه ... هذا بعدك ..

الحمار : محامي ؟؟؟ .. ليش يا حضرة الضابط .. عسى خير ... هي قضيتي تحتاج محامي .؟؟

الضابط : صدق انك حمار ... أجلس ( بصوت مرتفع )

الضابط : اش تعرف عن الحمار الأسود ..

الحمار : الحمار الاسود من اعز أصدقائي علاقتي معاه من حنا جحوش ياطويل العمر ..

الضابط : أممممم جميل ( يعدل جلسته ) بداية موفقه .

الضابط : ممكن تقول لي الدوافع اللي دفعته لمغادرة البلاد .

الحمار : مغادرة البلاد ؟ بالله عليك فهمني اش القصة !!!

الضابط : اللهم طولك يا روح ... ماشي نفهمك القصة يا سيدي ... الحمار الأسود غادر البلاد إلى دولة أجنبية وهناك طلب اللجوء السياسي وأعلن تمرده على أنظمة البلاد

الحمار : صحيح ..سواها .. أما طلع حمار بجد ... وبعدين ...

الضابط : ولا قبلين ... انته هنه متهم بالتعاون مع الحمار الأسود على الهروب .. وتحرياتنا اثبتت ضلوعكم في شبكة تحمل أفكار معارضة لأنظمة البلاد ...

الحمار : ياحضرة الضابط .. بالله من جدك .. أي شبكة وأي خرابيط اللي تقول عليها ... والله اول مرة أسمع بالكلام هذا ... الله يخرب بيتك يالحمار الاسود كل هذا يجي منك ... حضرة الضابط القصة ومافيها ان الحمار الاسود كان ناقم على صحبنا العجوز صاحب المزرعة لانه كان يهد حيلنا بالشغل ... ومو راضي يشوف لنا اتانات علشان نتزوج ونرتاح ... و

الضابط : ( مقاطعا وبصوت مرتفع ) بس ... كلامك لايكثر .. بعدين اش قصة الخرقة الحمراء اللي وجددت في زريبتكم

الحمار : ابدا ياطويل العمر مجرد خرقة كان الحمار الأسود يحب يمضغها وقت فراغه ... عادة معاه من يوم هو جحش صغير ..

الضابط : رجعنا نلف وندور ؟؟ تحرايتنا تقول ان الخرقة هذي كانت رمز لانظمة البلاد وحكامها ... وانكما كنتما تتناوبان على مضغها علامة على إنكم مقهورين منها وتتمنون انك تمضغونها مثل هذه الخرقة ... صح والا لا ؟

الحمار : والله بديت أشك من فينا الحمار ياطويل العمر ..

وبعد اخذ وعطا وسؤال وجواب ..

الضابط : على العموم المصلحة تقتضي حبسك الى ان تثبت تهمتك لتتم محاكمتك وفق الشريعة الاسلامية ...

الحمار : حتى تثبت تهمتي والا براءتي ( ياحبكم للشر ) طيب خلني اكلم الشايب الله يرحم والديك ... أحافظ على وضيفتي على اقل تقدير ... زي منت عارف وضع الوضايف في البلد ... لو اقعد عمري كله أدور ما ألاقي إلا الفلس

الضابط : قلت لك انطم وكل تبن ...

الحمار : آه على أيام التبن

يأمر الضابط الجنود بأخذه إلى السجن المركزي إلى إشعار آخر ...

وفي المزرعة ... كان قد أعيا التعب صاحبنا العجوز من جراء البحث عن حماريه.. وهاله مار آه من فوضى في الزريبة ... ولم يترك مكانا الا وبحث عنهما فيه وبعد شهر من البحث والسؤال المستمرين قرر أن يشتري غيرهما ...

وبعد عشر سنين ... ثبت لدى السلطات المختصة براءة المتهم مما نسب اليه .. وتبين لها وبعد التحري الدقيق أنه مجرد حمار لا أقل ولا أكثر ... وقررت إطلاق سراحه ... وفعلا تم ذلك .

ذهب الحمار المسكين وقد ظهر عليه الهزال والتعب والكبر قاصداً مزرعة صاحبه .. ولكنه تفاجأ بأن المزرعة ليست مكانها وقد بني مكانها عمارة سكنية كبيرة ... وعندما سأل من كان حولها علم أن صاحبه العجوز قد مات قبل 6 سنوات ...

هام الحمار على وجهه في الأرض يبحث عمن يلم شمله فقد أصبح لاشغل له ولا مشغله ... علاوة على كبر سنه ورقة عظمه التي تمنعه من البحث عن لقمة عيش .. وبعد تفكير عميق قرر أن ينتحر وفعلا صعد على العمارة التي في موقع المزرعة وألقى بنفسه منها ليموت بنفس الطريقة التي مات بها صديقه الحمار الأسود ...

تحياتي ...

كتروس بحاص
09-12-2004, 02:58 AM
ياخي مسكين هذا الحمار

الأنـــام
09-12-2004, 03:23 AM
والله شي غريب تصدق الحمار حمار على طول بس مسكين ومغلوب على امره

talal6555
09-12-2004, 09:00 AM
انا ماعتقد انه الموضوع بخصوص حمار
لكن يعطيط العافيه على القصه المضحكة
والمفيدة ولا تحرمنا من جديدك وتحياتي.

noralshams
30-10-2006, 05:24 PM
i don't think u r really talkin about a donkey i think u mean something else but u r just refarring to it as a donkey but if u mean wat i think u mean i think its a really cool story and if its not wat i think u mean i think its a funny story

Naruto
30-10-2006, 09:05 PM
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
تسلم على القصه يا وحش

رابعة العدوية
31-10-2006, 01:02 AM
السلام عليكم

ابو فيصل احمد

يعطيك ألف عافية يا رب ما شاء الله عليك أبدعت !

بالنسبة للأخوة الذين تساؤلوا عن مسألة كتابة الكاتب عن الحمار أو لا فأحب أن أوضح لهم أن الحمار هنا هو رمز للانسان المغلوب على أمره والذي يرذح تحت قيود الظلم الحكومي له !

تستطيعون أن تجدوا مثل هذه الفكرة-في الأدب الحديث - في قصة animal farm ولا أذكر لأي كاتب بالضبط الا أنه كاتب روسي أنتقد الوضع القائم في بلاده واستغلال ذوي السلطة لغيرهم من الفلاحين الفقراء واجبارهم على العمل الشاق مقابل قوت يومهم فقط

حيث صور الكاتب أرباب السلطة بالخنازير والكلاب

وأخذ بقية أفراد الشعب على اختلاف طبقاته أدوار الحمير والأحصنة والدجاج وووو

قصة رائعة أنصحكم بقرائتها

وبالنسبة للأدب العربي فلدينا كتاب كليلة ودمنة استعمل فيه المؤلف الحيوانات ليجري على ألسنتها انتقاده للوضع القائم في أثناء العصر العباسي وان لم تخني الذاكرة فالمؤلف هو ابن المقفع !

تحيتي للجميع

وابو فيصل أحمد

لديك موهبة في كتابة الأدب السياسي استمر

تحيتي

رفعت خالد
12-11-2006, 08:04 PM
بسم الله الرحمان الرحيم..



قصة نالت إعجابي فكرتها علاوة على أسلوبها المحكم و الذي يوحي بخبرة الكاتب و حنكته في فن الكتابة..



و أعارض كل من أشار إلى كون القصة مضحكة.. فأنا لم أجد بها ما يثير الضحك.. ربما هي كوميديا سوداء، أي نظرة يائسة للمجتمع في قالب ساخر.. و لكني بطبعي أنساق مع المهم و أنسى القالب.. فلم تضحكني مثلا صورة الحمار و هو يقف على سطح العمارة يفكر في القفز لأني أعلم أن هناك من البشر من يقوم بنفس الشيء عندما تتكالب عليه المصائب و تضيق عليه الدنيا بما رحبت !.. و هي مشاكل للحكومات فيها أيادي طويلة..



استمر يا عزيزي الفيصل فهذا هو الإبداع الذي نبحث عنه..




و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.