المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر هل من الممكن رأيكم في موضوعي (الأمن و أثره على المجتمع )



(The Shark)
14-12-2004, 06:19 PM
صبيحة هذا اليوم ألقيت هذا الكلمة أمام حشود غفيرة من طلاب المدرسة , في الحفل الختامي , و هذه الكلمة (المقالة) من تأليفي , و رغم أنني ألقيتها و انتهيت إلى أنني أريد رأيكم فيها





و إليكم نص المقالة











بسم الله الرحمن الرحيم


كم من صورة في هذه الحياة المريرة شكلها قبيح , رسمها رديء , معانيها بغيضة , كالحرب , الظلم , القتل , الإرهاب , السرقة , الاعتداء , كلها خناجر تطعن الأمن , تريد أن ترديه قتيلا , لكن ما هو الأمن ؟

الأمن هو أن يخرج المرء من بيته إلى عمله مطمئنا , الأمن هو أن تغييب عن بيتك شهوراً و تعود لتجده كما تركته , الأمن هو أن تمشي المرأة في الطرقات فلا يقربها أحد , بل أن الجميع على سمعتها و شرفها يخاف كما لو كانت أخته , الأمن هو الحق للجميع بالحياة , و طمأنينة النفس و راحتها فيها , فالأمن إن انعدم في مجتمعٍ من المجتمعاتِ أضحى أهله قلقين مرعوبين , و على أرواحهم خائفين , و أصبح ذلك المجتمع مجتمعاً لا ينتج أهله شيئا , أصبحت خطواتهم مجرد خطوات تمشي و لا تتقدم , حيث أن أهل هذا المجتمع ينشغلون من كبيرهم إلى صغيرهم في توطيد الأمن , و حل النزاعات , فلا يجدون الوقت لتطوير الجوانب الأخرى التي ترقى بها المجتمعات , من تعلمٍ و زراعةٍ و حضارةٍ و صناعةٍ , فصار الشخص فيهم كراغبٍ في الحج لا يلقى المطاف , و أصبح كالمارد الذي يأبى عليه القمقم , و أضحى كالسؤال بلا جواب , و أمسى كالفائز بالسبق لا يلقى الهتاف , و غدا كمنجلٍ ثلم في زمن القطاف , فكيف يرقى مجتمعهم وهم يحاولون توطيد الأمن ؟

و هذا ما نراه حاصلاً في العديد من بلاد المسلمين , و لو نظرتم في التاريخ الإسلامي لرأيتم أن أول سبب في انهيار الدول هو : ((انعدام الأمن و انشغال الدولة المنهارة قبل انهيارها بالقضاء على الحركات الداخلية)) فيجب علينا نحن المسلمين أن لا نرضى بأي شيء يقتل الأمن , و أن لا نسمح لشرذمة و قلة من الناس بأن تقتل أمننا , أمن العالم الإسلامي , و لا أقول العالم العربي بل العالم الإسلامي , فلا فرق بين عربي و سندي و بربري و أفريقي , فإن هذا مدعاة لنمو العصبيات و ظهورها , التي هي بدورها مدعاة للتشتت و لحدوث النزاعات الداخلية , في وقتٍ نحن في أمس الحاجة فيه إلى وحدة العالم الإسلامي , بعد أن تكالبت علينا الخطوب , و بدأت تعصرنا عصرا .

انظروا إلى الحرب أبرز صورة لانعدام الأمن , و أكبر خنجر يطعنه , فما فائدتها ؟

لا شيء , لا نجني منها سوى قتلى و جرحى , و أطفال تيتم , و أمهات ثكلت , و مبانٍ مدمرة , و منشآت نسفت , لا نجني سوى الخراب و الدمار و أرض لا تصلح إلا للأشباح.

أخي المسلم : تذكر أننا محتاجين للأمن لنعبد الله على بصيرة و طمأنينة , و اعلم أن الإيمان يضمن الأمن و ليس الأمن يضمن الإيمان , قال الله عز وجل : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } , و أخيرا تذكر أن خير الأنام صلوات الله عليه و سلم لقب بالأمين المشتقة من الأمن , فلولا أن أهل قريشٍ أمنوا على أمتعتهم عنده صلى الله عليه و سلم لما أمنوه .