تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فتوى ابن تيمية بقتال أمريكا وأعوانها



تباشير
24-12-2004, 05:26 PM
صورة للمطبلين والمدافعين عن الحكام الموالين لأمريكا والمأتمرين بأمرها

ولمن لايعرف شيخ الاسلام ابن تيمية يطلع على هذا الرابط ليقرأ شئ من حياته

فهو لم يكن رحمه الله صاحب قصور أو مراكب بل قضى عمره في خدمة دينه وجهاد الأعداء

http://meltingpot.fortunecity.com/seymour/153/books/trajm/IbenTaymyyah2.htm

كما بالإمكان سماع سيرته صوتيا للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والمحاضرة عنه في جزأين

يمكن تحميل الجزء الأول من هنا

http://media.islamway.com/lessons/abdulkhaliq//EbntimiA1.rm

والثاني من هنا

http://media.islamway.com/lessons/abdulkhaliq//EbntimiA2.rm




- مسألة : ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين ، وأعانهم على بيان الحق المبين ، وكشف غمرات الجاهلين والزائغين في : هؤلاء التتار الذين يقدمون إلى الشام مرة بعد مرة وقد تكلموا بالشهادتين . وانتسبوا إلى الإسلام ولم يبقوا على الكفر الذي كانوا عليه في أول الأمر فهل يجب قتالهم أم لا ؟ وما الحجة على قتالهم ، وما مذاهب العلماء في ذلك ؟ وما حكم من كان معهم ممن يفر إليهم من عسكر المسلمين الأمراء وغيرهم ؟ وما حكم من قد أخرجوه معهم مكرهاً ؟وما حكم من يكون مع عسكرهم من المنتسبين إلى العلم، والفقه، والفقر ، والنصوص، ونحو ذلك. وما يقال فيمن زعم أنهم مسلمون والمقاتلون لهم مسلمون وكلاهما ظالم ، فلا يقاتل مع أحدهما . وفي قول من زعم أنهم يقاتلون كما تقاتل البغاة المتأولون ، وما الواجب على جماعة المسلمين من أهل العلم والدين وأهل القتال وأهل الأموال في أمرهم . أفتونا في ذلك بأجوبة مبسوطة شافية ، فإن أمرهم قد أشكل على كثير من المسلمين ، بل على أكثرهم تارة لعدم العلم بأحوالهم ، وتارة لعدم العلم بحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في مثلهم ، والله الميسر لكل خير بقدرته ورحمته إنه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل ؟


الجواب : الحمد لله رب العالمين ، نعم يجب قتال هؤلاء بكتاب الله ، وسنة رسوله ، واتفاق أئمة المسلمين، وهذا مبني على أصلين:


أحدهما : المعرفة بحالهم . والثاني : معرفة حكم الله في مثلهم .


فأما الأول : فكل من باشر القوم بعلم حالهم ، ومن لم يباشرهم يعلم ذلك بما بلغه من الأخبار المتواترة ، وأخبار الصادقين ، ونحن نذكر جل أمورهم بعد أن نبين الأصل الآخر الذي يختص بمعرفته أهل العلم بالشريعة الإسلامية فنقول :


كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين ، وإن تكلمت بالشهادتين، فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا على الصلوات الخمس ، وجب قتالهم حتى يصلوا ، وإن امتنعوا عن الزكاة ، وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة ، وكذلل إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان ، أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش ، أو الزنا ، أو الميسر ، أو الخمر ، أو غير ذلك من محرمات الشريعة وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء ، والأموال والأعراض ، والأبضاع، ونحوها بحكم الكتاب والسنة ، وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون .


وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة ، واتباع سلف الأمة وأئمتها مثل : أن يظهروا الإلحاد في أسماء الله وآياته ، أو التكذبب بأسماء الله وصفاته ، أو التكذيب بقدره وقضائه أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين ، أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور .


قال الله تعالى : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله "، فإذا كان بعض الدين لله . وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله .


وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " وهذه الآية نزلت في أهل الطائف ، وكانوا قد أسلموا وصلوا وصاموا ، لكن كانوا يتعاملون بالربا ، فأنزل الله هذه الآية وأمر المؤمنين فيها بترك ما بقي من الربا ، وقال : "فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " وقد قرئ "فأذنوا" و" أذنوا " وكلا المعنيين صحيح، والربا آخر المحرمات في القرآن ، وهو ما يوجد بتراضي المتعاملين ، فإذا كان من لم ينته عنه محارباً لله ورسوله فكيف بمن لم ينته عن غيره من المحرمات التي هي أسبق تحريماً وأعظم تحريماً .


وقد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم الأحاديث بقتال الخوارج ، وهي متواترة عند أهل العلم بالحديث .


قال الإمام أحمد : صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه ، وقد رواها مسلم في صحيحه ، وروى البخاري منها ثلاثة أوجه : حديث علي ، وأبي سعيد الخدري ، وسهل بن حنيف ، وفي السنن ، والمسانيد طرق أخر متعددة .


وقد قال صلى الله عليه وسلم في صفتهم : "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقراءته مع قراءتهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة ، لئن أدركتهم لأقتلهم قتل عاد ".


وهؤلاء قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمن معه من الصحابة واتفق على قتالهم سلف الأمة ، وأئمتها لم يتنازعوا في قتالهم كما تنازعوا في القتال يوم الجمل وصفين ، فإن الصحابة كانوا في قتال الفتنة ثلاثة أصناف : قوم قاتلوا مع علي رضي الله عنه ، وقوم قاتلوا مع من قاتل ، وقوم قعدوا عن القتال لم يقاتلوا الواحدة من الطائفتين .


وأما الخوارج فلم يكن فيهم أحد من الصحابة ولا نهى عن قتالهم أحد من الصحابة .


وفي الصحيح : عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق".


وفي لفظ : أدنى الطائفتين إلى الحق.

فبهذا الحديث الصحيح ثبت أن علياً وأصحابه كانوا أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه ، وأن تلك المارقة التي مرقت من الإسلام ليس حكمها حكم إحدى الطائفتين ، بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال هذه المارقة، وأكد الأمر بقتالها، ولم يأمر بقتال إحدى الطائفتين، كما أمر بقتال هذه ، بل قد ثبت عنه في الصحيح : من حديث أبي بكرة أنه قال للحسن : "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين ".

فمدح الحسن وأثنى عليه بما أصلح الله به بين الطائفتين ، حين ترك القتال وقد بويع له واختار الأصلح وحض الدماء مع نزوله عن الأمر ، فلو كان القتال مأموراً به لم يمدح الحسن ويثني عليه بترك ما أمر الله به وفعل ما نهى الله عنه .

والعلماء لهم في قتال من يستحق القتال من أهل القبلة طريقان : منهم من يرى قتال علي يوم حروراء ، ويوم الجمل ، وصفين، كله من باب قتال أهل البغي ، وكذلك يجعل قتال أبي بكر لمانعي الزكاة، وكذلك قتال سائر من قوتل من المنتسبين إلى القبلة، كما ذكر ذلك من ذكره من أصحاب أبي حنيفة ، والشافعي ، ومن وافقهم من أصحاب أحمد وغيرهم ، وهم متفقون على أن الصحابة ليسوا فساقاً بل هم عدول . فقالوا : إن أهل البغي عدول مع قتالهم، وهم مخطئون خطأ المجتهدين في الفروع ، وخالفت في ذلك طائفة كابن عقيل وغيره .




يتبع

تباشير
24-12-2004, 05:32 PM
فذهبوا إلى تفسيق أهل البغي ، وهؤلاء نظروا إلى من عدوه من أهل البغي في زمنهم، فرأوهم فساقاً، ولا ريب أنهم لا يدخلون الصحابة في ذلك ، وإنما يفسق الصحابة بعض أهل الأهواء من المعتزلة ونحوهم ، كما يكفرهم بعض أهل الأهواء من الخوارج والروافض وليس ذلك من مذهب الأئمة والفقهاء أهل السنة والجماعة، ولا يقولون أن أموالهم معصومة كما كانت ، وما كان ثابتاً بعينه رد إلى صاحبه ، وما أتلف في حال القتال لم يضمن ، حتى أن جمهور العلماء يقولون لا يضمن لا هؤلاء ولا هؤلاء .


كما قال الزهري : وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ، فأجمعوا أن كل مال أو دم أصيب بتأويل القرآن فإنه هدر ، وهل يجوز أن يستعان بسلاحهم في حربهم إذا لم يكن إلى ذلك ضرورة على وجهين في مذهب أحمد يجوز والمنع قول الشافعي والرخصة قول أبي حنيفة ، واختلفوا في قتل أسيرهم واتباع مدبرهم والتذفيف على جريحهم إذا كان لهم فئة يلجأون إليها ، فجوز ذلك أبو حنيفة ، ومنعه الشافعي، وهو المشهور في مذهب أحمد وفي مذهبه وجه أنه يتبع مدبرهم من أول القتال ، وأما إذا لم يكن لهم فئة ، فلا يقتل أسير ، ولا يذفف على جريح ، كما رواه سعيد وغيره عن مروان بن الحكم قال : خرج صارخ ، لعله يوم الجمل ، لا يقتلن مدبر ، ولا يذفف على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن .


فمن سلك هذه الطريقة فقد يتوهم أن هؤلاء التتار من أهل البغي المتأولين ويحكم فيهم بمثل هذه الأحكام ، كما أدخل من أدخل في هذا الحكم مانعي الزكاة والخوارج وسنبين فساد هذا التوهم إن شاء الله تعالى .


والطريقة الثانية أن قتال مانعي الزكاة ، والخوارج ، ونحوهم : ليس كقتال أهل الجمل وصفين ، وهذا هو المنصوص عن جمهور الأئمة المتقدمين وهو الذي يذكرونه في اعتقاد أهل السنة ، والجماعة ، وهو مذهب أهل المدينة : كمالك ، وغيره ، ومذهب أئمة الحديث كأحمد وغيره ، وقد نصوا على الفرق بين هذا وهذا في غير موضع حتى في الأموال فإن منهم من أباح غنيمة أموال الخوارج .


وقد نص أحمد في رواية أبي طالب في حرورية كان لهم سهم في قرية فخرجوا يقاتلون المسلمين فقتلهم المسلمون فأرضهم فيء للمسلمين ، فيقسم خمسه على خمسة وأربعة أخماسه للذين قاتلوا يقسم بينهم ، أو يجعل الأمير الخراج على المسلمين ، ولا يقسم مثل ما أخذ عمر السواد عنوة ، ووقفه على المسلمين فجعل أحمد الأرض التي للخوارج إذا غنمت بمنزلة ما غنم من أموال الكفار ، وبالجملة فهذه الطريقة هي الصواب المقطوع به ، فإن النص والإجماع فرق بين هذا وهذا ، وسيرة علي رضي الله عنه تفرق بين هذا وهذا ، فإنه قاتل الخوارج بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرح بذلك ، ولم ينازعه فيه أحد من الصحابة ، وأما القتال يوم صفين فقد ظهر منه من


كراهته والذم عليه ما ظهر ، وقال في أهل الجمل وغيرهم : إخواننا بغوا علينا طهرهم السيف ، وصلى على قتلى الطائفتين .


وأما الخوارج ففي الصحيحين : عن علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ستخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة".


وفي صحيح مسلم : عن زيد بن وهب أنه كان في الجيش الذي كانوا مع علي الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي : أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ، ولا صيامكم إلا صيامهم بشيء ، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم ، وهو عليهم ، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضى لهم على لسان محمد نبيهم لنكلوا عن العمل ، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد ليس له ذراع على عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعرات بيض" قال: فيذهبون إلى معاوية وأهل الشام ويتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء لقوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرج الناس ، فسيروا على اسم الله .


قال : فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب رئيساً فقال لهم : ألقوا الرماح ، وسلوا سيوفكم من حقوقها ، فإني أناشدكم كما ناشدوكم يوم حروراء ، فرجعوا فوحشوا برماحهم ، وسلوا السيوف ، وسحرهم الناس برماحهم .


قال : وأقبل بعضهم على بعض ، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان . فقال علي : التمسوا فيه المخدع . فالتمسوه ، فلم يجدوه فقام على سيفه حتى أتى ناساً قد أقبل بعضهم على بعض . قال : أخروهم. فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال : صدق الله ، وبلغ رسوله .


قال : فقام إليه عبيدة السلماني فقال : يا أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو أسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثاً وهو يحلف له أيضاً .


فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم ، وإنما تنازعوا في تكفيرهم ، على تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالك ، وأحمد ، وفي مذهب الشافعي أيضاً نزاع في كفرهم ، ولهذا كان فيهم وجهان في مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى :


أحدهما : أنهم بغاة .


والثاني : أنهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم ابتداء وقتل أميرهم ، واتباع مدبرهم ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد ، فإن تاب وإلا قتل ، كما أن مذهبه في مانعي الزكاة إذا قاتلوا الإمام عليها ، هل يكفرون مع الإقرار بوجوبها على روايتين، وهذا كله مما يبين أن قتال الصديق لمانعي الزكاة، وقتال علي الخوارج ليس مثل القتال يوم الجمل ، وصفين ، فكلام علي وغيره في الخوارج يقتضي أنهم ليسوا كفاراً كالمرتدين عن أصل الإسلام .


وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره ، وليسوا مع ذلك حكمهم كحكم أهل الجمل وصفين ، بل هو نوع ثالث وهذا أصح الأقوال الثلاثة فيهم ، وممن قاتلهم الصحابة مع إقرارهم الشهادتين ، والصلاة ، وغير ذلك مانعوا الزكاة ، كما في الصحيحين : عن أبي هريرة أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر : يا خليفة رسول الله ، كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وإني رسول الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحقها ".


فقال له أبو بكر : ألم يقل لك إلا بحقها فإن الزكاة من حقها ، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر : فما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعلمت أنه الحق .


وقد اتفق الصحابة والأئمة بعدهم على قتال مانعي الزكاة وإن كانوا يصلون الخمس ويصومون شهر رمضان وهؤلاء لم يكن لهم شبهة سائغة ، فلهذا كانوا مرتدين وهم يقاتلون على منعها ، وإن أقروا بالوجوب كما أمر الله .


وقد حكى عنهم أنهم قالوا : إن الله أمر نبيه لأخذ الزكاة بقوله : "خذ من أموالهم صدقة " وقد تسقط بموته وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الذين لا ينتهون عن شرب الخمر .


وأما الأصل الآخر وهو معرفة أحوالهم : فقد علم أن هؤلاء القوم جاروا على الشام في المرة الأولى عام تسعة وتسعين ، وأعطوا الناس الأمان وقرأوه على المنبر بدمشق، ومع هذا فقد سلبوا من ذراري المسلمين، ما يقال أنه مائة ألف ، أو يزيد عليه ، وفعلوا ببيت المقدس ، وبجبل الصالحية ، ونابلس ، وحمص ، وداريا ، وغير ذلك من القتل والسبي ما لا يعلمه إلا الله حتى يقال أنهم سبوا من المسلمين قريباً من مائة ألف وجعلوا يفجرون بخيار نساء المسلمين في المساجد وغيرها : كالمسجد الأقصى، والأموي، وغيره، وجعلوا الجامع الذي بالعقيبة دكاً ، وقد شاهدنا عسكر القوم فرأينا جمهورهم لا يصلون ، ولم نر في عسكرهم مؤذناً ولا إماماً .


وقد أخذوا من أموال المسلمين وذراريهم ، وخربوا من ديارهم ما لا يعلمه إلا الله ولم يكن معهم في دولتهم إلا من كان من شر الخلق، إما زنديق منافق لا يعتقد دين الإسلام في الباطن ، وإما من هو من شر أهل البدع كالرافضة والجهمية والاتحادية ونحوهم .


وأما من هو أفجر الناس وأفسقهم ، وهم في بلادهم مع تمكنهم لا يحجون البيت العتيق ، وإن كان فيهم من يصلي ويصوم، فليس الغالب عليهم إقام الصلاة ولا إيتاء الزكاة، وهم يقاتلون على ملك جنكزخان ، فمن دخل في طاعتهم جعلوه ولياً لهم ، وإن كان كافراً ومن خرج عن ذلك جعلوه عدواً لهم ، وإن كان من خيار المسلمين ولا يقاتلون على الإسلام ولا يضعون الجزية ، والصغار ، بل غاية كثير من المسلمين منهم من أكابر أمرائهم ووزرائهم أن يكون المسلم عندهم ، كمن يعظمونه من المشركين من اليهود والنصارى .


كما قال أكبر مقدميهم الذين قدموا إلى الشام، وهو يخاطب رسل المسلمين، ويتقرب إليهم بأنا مسلمون فقال: هذان آيتان عظيمتان جاءا من عند الله : محمد ، وجنكزخان ، فهذا غاية ما يتقرب به أكبر مقدميهم إلى المسلمين أن يسوي بين رسول الله أكرم الخلق عليه ، وسيد ولد آدم ، وخاتم المرسلين ، وبين ملك كافر مشرك من أعظم المشركين ، كفراً وفساداً وعدواناً من جنس بختنصر وأمثاله .


وذلك أن اعتقاد هؤلاء التتار كان في جنكزخان عظيماً فإنهم يعتقدون أنه ابن الله من جنس ما يعتقده النصارى في المسيح ، ويقولون : ان الشمس حبلت أمه ، وأنها كانت في خيمة فنزلت الشمس من كوة الخيمة فدخلت فيها حتى حبلت ، ومعلوم عند كل ذي دين أن هذا كذب .


وهذا دليل على أنه ولد زنا ، وأن أمه زنت فكتمت زناها ، وارهت هذا حتى تدفع عنها معرة الزنا ، وهم مع هذا يجعلونه أعظم رسول عند الله في تعظيم ما سنه لهم ، وشرعه بظنه ، وهو حتى يقولوا لما عندهم من المال هذا رزق جنكزخان ، ويشكرونه على أكلهم وشربهم ، وهم يستحلون قتل من عادى ما سنه لهم هذا الكافر الملعون المعادي لله ولأنبيائه ورسوله وعباده المؤمنين .


فهذا وأمثاله من مقدميهم كان غايته بعد الاسلام أن يجعل محمداً بمنزلة هذا الملعون ، ومعلوم أن مسيلمة الكذاب كان أقل ضرراً على المسلمين من هذا ، وادعى أنه شريك محمد في الرسالة، وبهذا استحل الصحابة قتاله ، وقتال أصحابه المرتدين ، فكيف بمن كان فيما يظهره من الإسلام يجعل محمداً كجنكزخان ، وإلا فهم مع إظهارهم للاسلام يعظمون أمر جنكزخان على المسلمين المتبعة لشريعة القرآن ولا يقاتلون أولئك المتبعين لما سنه جنكزخان كما يقاتلون المسلمين بل أعظم .


أولئك الكفار يبذلون له الطاعة والانقياد، ويحملون إليه الأموال، ويقرون له بالنيابة، ولا يخالفون ما يأمرهم به إلا كما يخالف الخارج عن طاعة الإمام للإمام ، وهم يحاربون المسلمين ويعادونهم أعظم معاداة ويطلبون من المسلمين الطاعة لهم وبذل الأموال والدخول فيما وضعه لهم ، ذلك الملك الكافر المشرك المشابه لفرعون أو النمروذ ونحوهما . بل هو أعظم فساداً في الأرض منهما .


قال الله تعالى : " إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ".


وهذا الكافر علا في الأرض يستضعف أهل الملل كلهم من المسلمين ، واليهود ، والنصارى ومن خالفه من المشركين بقتل الرجال ، وسبي الحريم، ويأخذ الأموال ويهلك الحرث، والنسل، والله لا يحب الفساد ، ويرد الناس عما كانوا عليه من سلك الأنبياء والمرسلين إلى أن يدخلوا فيما ابتدعه من سنته الجاهلية وشريعته الكفرية ، فهم يدعون دين الإسلام ويعظمون دين أولئك الكفار على دين المسلمين ويطيعونهم ويوالونهم أعظم بكثير من طاعة الله ورسوله ، وموالاة المؤمنين والحكم فيما شجر بين أكابرهم بحكم الجاهلية ، لا بحكم الله ورسوله .


وكذلك الأكابر من وزرائهم وغيرهم يجعلون دين الإسلام كدين اليهود والنصارى وأن هذه كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين ، ثم منهم من يرجح دين اليهود أو دين النصارى ، ومنهم من يرجح دين المسلمين . وهذا القول فاش غالب فيهم حتى في فقهائهم وعبادهم ، لا سيما الجهمية من الإتحادية الفرعونية ونحوهم ، فإنه غلبت عليهم الفلسفة وهذا مذهب كثير من المتفلسفة أو أكثرهم وعلى هذا كثير من النصارى أو أكثرهم وكثير من اليهود أيضاً .


بل لو قال القائل : إن غاب خواص العلماء منهم والعباد على هذا المذهب لما أبعد .


وقد رأيت من ذلك وسمعت ما لا يتسع به هذا الموضع ، ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الاسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب ، كما قال تعالى : " إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ".


واليهود والنصارى داخلون في ذلك ، وكذلك المتفلسفة يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، ومن تفلسف من اليهود والنصارى يبقى كفره من وجهين .


وهؤلاء أكثر وزرائهم الذين يصدرون عن رأيه غايته أن يكون من هذا الضرب ، فإنه كان يهودياً متفلسفاً ثم انتسب إلى الإسلام مع ما فيه من اليهودية والتفلسف ، وضم إلى ذلك الرفض فهذا هو أعظم من عندهم من ذوي الأقلام وذاك أعظم من كان عندهم من ذوي السيف فليعتبر المؤمن بهذا .


لاحظوا السؤال مع أنهم يدعون الاسلام فكيف بالمحاربين