تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : افتقـاركَ .. سرُ افتخـاركَ



Amarant
24-12-2004, 09:02 PM
افتقـاركَ .. سرُ افتخـاركَ


كلما استشعرتَ حقيقةَ افتقاركَ إلى اللهِ سبحانه ، وشدةَ حاجتكَ إليهِ ،،


شعوراً يملأُ عليكَ حنايا قلبكَ ، ويصبح هاجساً يشغلك في كل أوقاتك ، وحيثما كنتَ ..


فهناكَ تنهلّ على قلبكَ شوارقُ أنوارٍ تحسها إحساساً واضحاً لا لبسَ فيه ..


ولذا قالوا :


من أرادَ أن يغمرَ اللهُ قلبهُ بألوانِ العطاءِ ، فليتحققْ بالافتقار التام بين يدي الله سبحانه ..


فإنما الصدقاتُ للفقراءِ والمساكين ..فافهم ..!!


وقالوا :


من أرادَ ورودَ المواهبَ إليهِ .. فليحققِ الفقرَ والحاجةَ لديهِ ..


وفي الأثر الإلهي يقولُ الرب جل جلاله : أنا عند المنكسرة قلوبهم ..


وهو معنى عجيبٌ يلهبُ القلبَ الحيّ ويزلزله ، ليبقى في حالة انكسار مستمرٍ ،


ما دام هذا الانكسار ثمرته : أن يكون اللهُ جلّ في علاه قريبا منه ، حبيبا إليه ، لطيفاً به ..!!


وهناكَ معنى خفي عجيب آخر ..هذا المعنى يكمن في الحقيقة التالية :


كلما حققتَ افتقاركَ لله سبحانه ،، أغناكَ الله سبحانه من واسع كرمه ..!!


وكلما تحققتَ بروحِ الذلِ بينَ يديه ، ملأ قلبكَ بشعورِ العزةِ على الدنيا كلها وأهلها..!!


( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) ..


وللهِ در القائل : ... وأستعلي بإيماني على الدنيا وما فيها ..!!


هذه العزة إنما تتجلى بوضوح في كلّ قلبٍ ، استطاع صاحبه أن يذللـه بين يدي الله .


وعلى قدر قوة افتقاركَ وذلّك له سبحانه ، تكونُ قوةُ شعورك بهذه العزة ، المتكسبة من الله جل في علاه ..


وشيء آخر يُضاف إلى كل ما تقدم ..


اعلم رحمك الله ، وبارك الله فيك ..


أن الافتقارَ إلى الله في جوهرهِ ، إنما هو تحقيقٌ لروحِ العبودية لله سبحانه ،


وهل يريدُ الله منكَ ، إلا أن تتحققَ بمعانيَ العبوديةِ بين يديه في كل أوقاتك ..؟!!


وكلما كنتَ متحققاً بعبودتك لهُ سبحانه ، على الوجه الذي يريد :


كانَ لك ، ومعكَ . حافظاً ومؤيداً ونصيرا ومعيناً ..


( قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) ..


( قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ ) ..


( فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُم )


( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ..


والآيات كثيرة في كتاب الله ..


إنما يربيك الله سبحانه بها ، على هذا المعنى وأمثاله :


لتملأ قلبك ثقةً ويقيناً وإشراقاً وأنتَ تواجه طوفانَ فتنِ الحياةِ من حولكَ ..!!


ثم ... وهذه لطيفةٌ أرجو أن لا تفوتكَ ، فاقرأ وتأمل هذا المعنى :


لأن السجودَ أجلى مظهرٍ للافتقارِ بين يدي الله عز وجل :


فإنك في لحظةِ السجودِ تكونُ أقربَ ما تكونُ من الله سبحانه .. فافهم ..


في الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :


" أقرب ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجدٌ ، فأكثروا الدعاء" .. رواه مسلم


و في هذا تهييجٌ لنا لنكثرَ من السجود بين يدي الله ، لنكون في أكثر أوقاتنا في مقام قربٍ منه سبحانه ..!


بل في هذا تعليم لنا أن نكونَ في حالة سجودٍ دائمٍ بين يدي الله ، لنكونَ في حالة قربٍ


من الله مستمر .. ومن كان مع الله في كل أنفاسه ، فلن يضيعهُ ، ولن يخيبه ..


سئل أحد العارفين : أيسجدُ القلب ؟


قال : نعم ،، سجدة لا يرفعُ رأسه منها أبداً ..!!


ولذا قالوا : من فهمَ سرّ السجود ، وذاقَ قلبهُ حلاوة الأنس فيه :


سحبَ هذا الافتقار الذي تحققَ به في سجودهِ ، وذاقَ حلاوته ، سحبهُ على بقية حياتهِ ، ليبقى في حالةِ قربٍ من ربه في ليله ونهاره ، وبهذا تهبّ على قلبه نسائمُ سماويةٌ ، ونفحاتٌ ربانية حيثما كان .


ومثل هذا الإنسان يصبحُ ويمسي وهو متميزٌ بلا شك .. أعني يصبحُ مباركاً أينما كان .


فاجهدْ جهدكَ لتتحققَ بفقركَ التام بين يدي الله ، على كل حالٍ تكونُ فيها ،


فمن تحقق بالافتقار إليهِ سبحانه ، أغناهُ الله بغير مال .. وأعزهُ الله بغير جاه ..


وهل هذا قليل ..؟!!


ولقد كان بعض الصالحين يكثر أنْ يقول في مناجاته :


اللهم أغننا بالافتقار إليك ، ولا تفقرنا بالاستغناء عنك ..


فالافتقار إليكَ وحدكَ ، هو عينُ الغنى بكَ .. والاستغناء عنكَ موتٌ محقق.. !!

Exodia
25-12-2004, 09:17 AM
بارك الله فيك وفي أهلك


موضوع رائع لعضو أروع


تسلم أناملك على هذا الموضوع

Amarant
25-12-2004, 09:49 AM
الله يسلمك أخي ANIMA ONLY


وأشكرك على المرور..