NAIDA
01-01-2005, 07:18 AM
كلمات ما بعد الممات
بقلمNAIDA
تجمع الناس في ذلك اليوم البارد لتشييع جنازة "جيمي براون" ...ذلك الشاب الذي مات وحيداً في غرفته الصغيرة التي قلّما يدخل إليها نور الشمس ....
من بين الأشياء القليلة التي تركها خلفه كانت رسالة ...لم يكتب عليها أي عنوان ...فتطوع أحد الأشخاص لقراءة تلك الكلمات على الملأ ....كذكرى أخيرة لشابٍ لن يُذكر بعد مماته بأكثر مما ذُكر في حياته...
"مازلتُ أسمع صوت والدي وهو يصرخ بي : "كن رجلاً ...لا تبكِ ..."
هذا غريب !!....يبدو صوته واضحاً جداً بالرغم من أن سنين طويلة قد مضت مذ كنت طفلاً ...
نعم سنين طويلة قد مضت ومحت معها ذكريات مريرة ...ولكن صدى تلك الكلمات مازال باقياً في أعماقي كشجرة عجوز امتدت جذورها عميقاً في أرض جرداء خالية ..
طوال تلك الأعوام ...طوال أربعة عشر عاماً ظننتُ أنه من العار أن أبكي ...مهما كان مقدار الألم لايجب أن أبكي ....وأذكر مرات عديدة أردتُ فيها بشدة أن أذرف الدموع إلاّ أنني لم أستطع...
ذلك الألم المكبوت في داخلي لم يستطع أي شخص أن يخرجه ...لاأحد سوى شخص واحد كان موته هو السبيل الوحيد لتتساقط تلك الدموع ...ذلك الشخص الذي علّمني أن البكاء ليس عيباً بل دليل حياة ...
كل ما أملكه الآن هو خمسة قبور أزورها في كل صباح دون أن أعرف لمَ أعيش ...أعلم أنّ هذا ضعف ...ولكنني لا أستطيع أن أغيِّر مشاعري ...ليس وهي الشيء الوحيد الذي تبقى لي في الحياة ...
نعم أعتقد أن هذا يجعل من حياتي جحيماً.....لكنني أشعر بقليل من السعادة رغم كل شيء لأني لست متعلقاً بأي شخص على هذه الأرض ؛حتى لا أخسر من أحب ....
هذا يبقيني في أمان ...
الأمل الأخير المتبقي لي سيكون في يوم خريفي بارد ...
في يوم خريفي بارد حين تعانق روحي السماء ....قد أجد وقتها ما أفتقده ؛؛ما أفتقدته دوماً ..
مكان حيث لا يكون لقوانين البشر فيه سلطان ...
أن تجف الدموع على وجهي دون أن أخبأها في يدي ..
أريد فقط أن أشعر بهذا في قلبي حتى أستطيع أن أعيش مع نفسي دون أن أشعر بأني وحيد ..."
انتهى الرجل من قراءة الرسالة وانفضّ الناس من حوله تاركين ذلك القبر الذي خيَّم عليه شحوب الموت في صمتٍ مهيب ؛
لعلّ روح صاحبها ترقد في سلام ...
===========================
تمت
بقلمNAIDA
تجمع الناس في ذلك اليوم البارد لتشييع جنازة "جيمي براون" ...ذلك الشاب الذي مات وحيداً في غرفته الصغيرة التي قلّما يدخل إليها نور الشمس ....
من بين الأشياء القليلة التي تركها خلفه كانت رسالة ...لم يكتب عليها أي عنوان ...فتطوع أحد الأشخاص لقراءة تلك الكلمات على الملأ ....كذكرى أخيرة لشابٍ لن يُذكر بعد مماته بأكثر مما ذُكر في حياته...
"مازلتُ أسمع صوت والدي وهو يصرخ بي : "كن رجلاً ...لا تبكِ ..."
هذا غريب !!....يبدو صوته واضحاً جداً بالرغم من أن سنين طويلة قد مضت مذ كنت طفلاً ...
نعم سنين طويلة قد مضت ومحت معها ذكريات مريرة ...ولكن صدى تلك الكلمات مازال باقياً في أعماقي كشجرة عجوز امتدت جذورها عميقاً في أرض جرداء خالية ..
طوال تلك الأعوام ...طوال أربعة عشر عاماً ظننتُ أنه من العار أن أبكي ...مهما كان مقدار الألم لايجب أن أبكي ....وأذكر مرات عديدة أردتُ فيها بشدة أن أذرف الدموع إلاّ أنني لم أستطع...
ذلك الألم المكبوت في داخلي لم يستطع أي شخص أن يخرجه ...لاأحد سوى شخص واحد كان موته هو السبيل الوحيد لتتساقط تلك الدموع ...ذلك الشخص الذي علّمني أن البكاء ليس عيباً بل دليل حياة ...
كل ما أملكه الآن هو خمسة قبور أزورها في كل صباح دون أن أعرف لمَ أعيش ...أعلم أنّ هذا ضعف ...ولكنني لا أستطيع أن أغيِّر مشاعري ...ليس وهي الشيء الوحيد الذي تبقى لي في الحياة ...
نعم أعتقد أن هذا يجعل من حياتي جحيماً.....لكنني أشعر بقليل من السعادة رغم كل شيء لأني لست متعلقاً بأي شخص على هذه الأرض ؛حتى لا أخسر من أحب ....
هذا يبقيني في أمان ...
الأمل الأخير المتبقي لي سيكون في يوم خريفي بارد ...
في يوم خريفي بارد حين تعانق روحي السماء ....قد أجد وقتها ما أفتقده ؛؛ما أفتقدته دوماً ..
مكان حيث لا يكون لقوانين البشر فيه سلطان ...
أن تجف الدموع على وجهي دون أن أخبأها في يدي ..
أريد فقط أن أشعر بهذا في قلبي حتى أستطيع أن أعيش مع نفسي دون أن أشعر بأني وحيد ..."
انتهى الرجل من قراءة الرسالة وانفضّ الناس من حوله تاركين ذلك القبر الذي خيَّم عليه شحوب الموت في صمتٍ مهيب ؛
لعلّ روح صاحبها ترقد في سلام ...
===========================
تمت