المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص متنوعه متجدده باستمرار



hellsing2009
05-01-2005, 02:09 AM
1- القصه الاول وهي قصة اصحااااااااااب الفيل

كان سبب قصة أصحاب الفيل - على ما ذكر محمد بن إسحاق - أن أبرهة بن الصباح كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة - شرفها الله - فبنى كنيسة بصنعاء . وكتب إلى النجاشي " إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب " فسمع به رجل من بني كنانة فدخلها ليلا . فلطخ قبلتها بالعذرة . فقال أبرهة من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل رجل من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت . فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها . وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك فسأله أن يبعث إليه بفيله . وكان له فيل يقال له محمود لم ير مثله عظما وجسما وقوة . فبعث به إليه . فخرج أبرهة سائرا إلى مكة . فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم .

فخرج ملك من ملوك اليمن ، يقال له ذو نفر . فقاتله . فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا ، فقال أيها الملك فاستبقني خيرا لك ، فاستبقاه وأوثقه .

وكان أبرهة رجلا حليما . فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ، ومن اجتمع إليه من قبائل العرب . فقاتلوهم فهزمهم أبرهة . فأخذ نفيلا ، فقال له أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة . فاستبقني خيرا لك . فاستبقاه . وخرج معه يدله على الطريق .

فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف . فقال له أيها الملك نحن عبيدك . ونحن نبعث معك من يدلك . فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم . فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال ، وهو الذي يرجم قبره . وبعث أبرهة رجلا من الحبشة - يقال له الأسود بن مفصود - على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس . فجمع الأسود إليه أموال الحرم . وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير .

ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة ، فقال أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال بل جئت لأهدم البيت . فانطلق فقال لعبد المطلب ذلك .

فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان . سنخلي بينه وبين ما جاء له . فإن هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم . فإن يمنعه فهو بيته وحرمه . وأن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من قوة .

قال فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب - فأتاه فقال يا ذا نفر هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا ، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك .

فأرسل إليه فقال لأبرهة إن هذا سيد قريش يستأذن عليك . وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك ، وأنا أحب أن تأذن له .

وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما . فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه . وكره أن يجلس معه على سريره . وأن يجلس تحته . فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه . فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله .

فقال أبرهة لترجمانه قل له إنك كنت أعجبتني حين رأيتك . ولقد زهدت فيك . قال لم ؟ قال جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك ، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه . فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير ؟ قال أنا رب الإبل . والبيت له رب يمنعه منك .

فقال ما كان ليمنعه مني . قال فأنت وذاك . فأمر بإبله فردت عليه . ثم خرج وأخبر قريشا الخبر . وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ويتحرزوا في رءوس الجبال خوفا عليهم من معرة الجيش . ففعلوا . وأتى عبد المطلب البيت . فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول

يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهمو حماكا
إن عدو البيت من عاداكا فامنعهمو أن يخربوا قراكا

وقال أيضا :

لا هم إن المرء يمنع رحله وحلاله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك
جروا جموعهم وبلادهم والفيل كي يسبوا عيالك
إن كنت تاركهم وكعب تنا فأمر ما بدا لك


ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه . وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول . وعبأ جيشه . وهيأ فيه . فأقبل نفيل إلى الفيل . فأخذ بأذنه . فقال ابرك محمود . فإنك في بلد الله الحرام . فبرك الفيل فبعثوه فأبى . فوجهوه إلى اليمن ، فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك . فصرفوه إلى الحرم فبرك . وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار . حجرين في رجليه وحجرا في منقاره . فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم . فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك . وليس كل القوم أصابت . فخرج البقية هاربين يسألون عن - 36 - نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فماج بعضهم في بعض . يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل . وبعث الله على أبرهة داء في جسده . فجعلت تساقط أنامله حتى انتهى إلى صنعاء وهو مثل الفرخ . وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم هلك .

hellsing2009
05-01-2005, 03:48 PM
قصة أصحاب الكهف
قال الله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا .
كان سبب نزول قصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين ما ذكره محمد بن إسحاق في "السيرة" وغيره، أن قريشا بعثوا إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسألونه عنها؛ ليختبروا ما يجيب به فيها فقالوا: سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا، وعن رجل طواف في الأرض وعن الروح. فأنزل الله تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ وقال ههنا: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا أي؛ ليسوا بعجب عظيم بالنسبة إلى ما أطلعناك عليه من الأخبار العظيمة، والآيات الباهرة والعجائب الغريبة. والكهف هو الغار في الجبل. قال شعيب الجبائي: واسم كهفهم حيزم. وأما الرقيم فعن ابن عباس أنه قال: لا أدري ما المراد به. وقيل: هو الكتاب المرقوم فيه أسماؤهم وما جرى لهم، كتب من بعدهم. اختاره ابن جرير وغيره. وقيل: هو اسم الجبل الذي فيه كهفهم. قال ابن عباس وشعيب الجبائي: واسمه بناجلوس. وقيل: هو اسم واد عند كهفهم. وقيل: اسم قرية هنالك. والله أعلم.
قال شعيب الجبائي: واسم كلبهم حمران. واعتناء اليهود بأمرهم ومعرفة خبرهم يدل على أن زمانهم متقدم على ما ذكره بعض المفسرين أنهم كانوا بعد المسيح، وأنهم كانوا نصارى. والظاهر من السياق أن قومهم كانوا مشركين يعبدون الأصنام. قال كثير من المفسرين والمؤرخين وغيرهم: كانوا في زمن ملك يقال له: دقيانوس. وكانوا من أبناء الأكابر. وقيل: من أبناء الملوك. واتفق اجتماعهم في يوم عيد لقومهم فرأوا ما يتعاطاه قومهم من السجود للأصنام والتعظيم للأوثان، فنظروا بعين البصيرة، وكشف الله عن قلوبهم حجاب الغفلة، وألهمهم رشدهم، فعلموا أن قومهم ليسوا على شيء، فخرجوا عن دينهم وانتموا إلى عبادة الله وحده لا شريك له. ويقال: إن كل واحد منهم لما أوقع الله في نفسه ما هداه إليه من التوحيد، انحاز عن الناس، واتفق اجتماع هؤلاء الفتية في مكان واحد، كما صح في البخاري الأرواح جنودة مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف فكل منهم سأل الآخر عن أمره وعن شأنه، فأخبره ما هو عليه، واتفقوا على الانحياز عن قومهم والتبري منهم والخروج من بين أظهرهم، والفرار بدينهم منهم، وهو المشروع حال الفتن وظهور الشرور. قال الله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ أي؛ بدليل ظاهر على ما ذهبوا إليه وصاروا من الأمر عليه فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ أي؛ وإذ قد فارقتموهم في دينهم وتبرأتم مما يعبدون من دون الله، وذلك لأنهم كانوا يشركون مع الله، كما قال الخليل: إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وهكذا هؤلاء الفتية قال بعضهم لبعض: إذ قد فارقتم قومكم في دينهم، فاعتزلوهم بأبدانكم لتسلموا منهم أن يوصلوا إليكم شرا فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا أي؛ يسبل عليكم ستره، وتكونوا تحت حفظه وكنفه، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، كما جاء في الحديث: اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة ثم ذكر تعالى صفة الغار الذي آووا إليه، وأن بابه موجه الى نحو الشمال، وأعماقه إلى جهة القبلة، وذلك أنفع الأماكن؛ أن يكون المكان قبليا، وبابه نحو الشمال، فقال: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ وقرىء: (تزور) عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فأخبر أن الشمس، يعني في زمن الصيف وأشباهه، تشرق أول طلوعها في الغار في جانبه الغربي، ثم تشرع في الخروج منه قليلا قليلا، وهو ازورارها ذات اليمين فترتفع في جو السماء وتتقلص عن باب الغار، ثم إذا تضيفت للغروب تشرع في الدخول فيه من جهته الشرقية قليلا قليلا إلى حين الغروب، كما هو المشاهد في مثل هذا المكان، والحكمة في دخول الشمس إليه في بعض الأحيان أن لا يفسد هواؤه وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ أي؛ بقاؤهم على هذه الصفة دهرا طويلا من السنين، لا يأكلون ولا يشربون، ولا تتغذى أجسادهم في هذه المدة الطويلة من آيات الله وبرهان قدرته العظيمة مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ قال بعضهم: لأن أعينهم مفتوحة؛ لئلا تفسد بطول الغمض وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ قيل: في كل عام يتحولون مرة من جنب إلى جنب، ويحتمل أكثر من ذلك. فالله أعلم. وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ قال شعيب الجبائي: اسم كلبهم حمران. وقال غيره: الوصيد أسكفة الباب. والمراد أن كلبهم الذي كان معهم، وصحبهم حال انفرادهم من قومهم، لزمهم ولم يدخل معهم في الكهف، بل ربض على بابه ووضع يديه على الوصيد، وهذا من جملة أدبه ومن جملة ما أكرموا به؛ فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب، ولما كانت التبعية مؤثرة، حتى في كلب هؤلاء، صار باقيا معهم ببقائهم؛ لأن من أحب قوما سعد بهم، فإذا كان هذا في حق كلب فما ظنك بمن تبع أهل الخير وهو أهل للإكرام. وقد ذكر كثير من القصاص والمفسرين لهذا الكلب نبأ وخبرا طويلا أكثره متلقى من الإسرائيليات، وكثير منها كذب، ومما لا فائدة فيه، كاختلافهم في اسمه ولونه.

وأما اختلاف العلماء في محلة هذا الكهف، فقال كثيرون: هو بأرض أيلة. وقيل: بأرض نينوى . وقيل: بالبلقاء. وقيل: ببلاد الروم. وهو أشبه. والله أعلم. ولما ذكر الله تعالى ما هو الأنفع من خبرهم، والأهم من أمرهم، ووصف حالهم، حتى كأن السامع راء، والمخبر مشاهد لصفة كهفهم، وكيفيتهم في ذلك الكهف وتقلبهم من جنب إلى جنب، وأن كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد. قال: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا أي؛ لما عليهم من المهابة والجلالة في أمرهم الذي صاروا إليه، ولعل الخطاب ههنا لجنس الإنسان المخاطب لا بخصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم كقوله: فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أي؛ أيها الإنسان؛ وذلك لأن طبيعة البشرية تفر من رؤية الأشياء المهيبة غالبا، ولهذا قال: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ودل على أن الخبر ليس كالمعاينة، كما جاء في الحديث؛ لأن الخبر قد حصل ولم يحصل الفرار ولا الرعب. ثم ذكر تعالى أنه بعثهم من رقدتهم بعد نومهم بثلاثمائة سنة وتسع سنين، فلما استيقظوا قال بعضهم لبعض: كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ أي؛ بدراهمكم هذه، يعني التي معهم، إلى المدينة ويقال، كان اسمها دفسوس. فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا أي؛ أطيب مالا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ أي؛ بطعام تأكلونه، وهذا من زهدهم وورعهم وليتلطف أي؛ في دخوله إليها وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا أي؛ إن عدتم في ملتهم بعد إذ أنقذكم الله منها؛ وهذا كله لظنهم أنهم رقدوا يوما أو بعض يوم أو أكثر من ذلك، ولم يحسبوا أنهم قد رقدوا أزيد من ثلاثمائة سنة وقد تبدلت الدول أطوارا عديدة، وتغيرت البلاد ومن عليها، وذهب أولئك القرن الذين كانوا فيهم، وجاء غيرهم وذهبوا وجاء غيرهم؛ ولهذا لما خرج أحدهم، وهو تيذوسيس فيما قيل، وجاء إلى المدينة متنكرا؛ لئلا يعرفه أحد من قومه فيما يحسبه تنكرت له البلاد واستنكره من رآه من أهلها، واستغربوا شكله وصفته ودراهمه. فيقال: إنهم حملوه إلى متوليهم، وخافوا من أمره أن يكون جاسوسا أو تكون له صولة يخشون من مضرتها، فيقال: إنه هرب منهم. ويقال: بل أخبرهم خبره ومن معه، وما كان من أمرهم، فانطلقوا معه ليريهم مكانهم، فلما قربوا من الكهف دخل إلى أخوانه فأخبرهم حقيقة أمرهم ومقدار ما رقدوا، فعلموا أن هذا من قدرة الله. فيقال: إنهم استمروا راقدين. ويقال: بل ماتوا بعد ذلك.
وأما أهل البلدة، فيقال: إنهم لم يهتدوا إلى موضعهم من الغار، وعمي الله عليهم أمرهم. ويقال: لم يستطيعوا دخوله حسا. ويقال: مهابة لهم.

واختلفوا في أمرهم؛ فقائلون يقولون: ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا أي؛ سدوا عليهم باب الكهف؛ لئلا يخرجوا أو لئلا يصل إليهم ما يؤذيهم، وآخرون، وهم الغالبون على أمرهم قالوا: لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا أي؛ معبدا يكون مباركا لمجاورته هؤلاء الصالحين. وهذا كان شائعا فيمن كان قبلنا، فأما في شرعنا فقد ثبت في "الصحيحين" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا. وأما قوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيها

hellsing2009
06-01-2005, 12:09 AM
قال الله تعالى: إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة، كما قال تعالى: إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة، كما قال تعالى: إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة، كما قال تعالى: إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة، كما قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ قال ابن عباس: هم كفار قريش. فضرب تعالى لهم مثلا بأصحاب الجنة المشتملة على أنواع الزروع والثمار التي قد انتهت واستحقت أن تجد؛ وهو الصرام، ولهذا قال: إِذْ أَقْسَمُوا فيما بينهم ليصرمنها أي؛ ليجدنها، وهو الاستغلال مصبحين أي؛ وقت الصبح، حيث لا يراهم فقير ولا محتاج فيعطوه شيئا، فحلفوا على ذلك ولم يستثنوا في يمينهم، فعجزهم الله وسلط عليها الآفة التي أحرقتها؛ وهي السفعة التي اجتاحتها ولم تبق بها شيئا ينتفع به ولهذا قال فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ أي؛ كالليل الأسود المنصرم من الضياء وهذه معاملة بنقيض المقصود فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أي؛ فاستيقظوا من نومهم فنادى بعضهم بعضا قائلين: أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ أي؛ باكروا إلى بستانكم فاصرموه قبل أن يرتفع النهار ويكثر السؤال فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أي؛ يتحدثون فيما بينهم خفية قائلين: لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ أي؛ اتفقوا على هذا واشتوروا عليه وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ أي؛ انطلقوا مجدين في ذلك قادرين عليه مصممين مصرين على هذه النية الفاسدة. وقال عكرمة والشعبي: وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ أي؛ غضب على المساكين. وأبعد السدي في قوله؛ أن اسم حرثهم حرد فَلَمَّا رَأَوْهَا أي؛ وصلوا إليها، ونظروا ما حل بها، وما قد صارت إليه من الصفة المنكرة بعد تلك النضرة والحسن والبهجة، فانقلبت بسبب النية الفاسدة، فعند ذلك قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ أي؛ قد تهنا عنها وسلكنا غير طريقها. ثم قالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أي؛ بل عوقبنا بسبب سوء قصدنا، وحرمنا بركة حرثنا قَالَ أَوْسَطُهُمْ قال ابن عباس ومجاهد، وغير واحد: هو أعدلهم وخيرهم. أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قيل: تستثنون. قاله مجاهد والسدي وابن جريج. وقيل: تقولون خيرا بدل ما قلتم من الشر قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ فندموا حيث لا ينفع الندم واعترفوا بالذنب بعد العقوبة، وذلك حيث لا ينجع، وقد قيل: إن هؤلاء كانوا إخوة وقد ورثوا هذه الجنة عن أبيهم، وكان يتصدق منها كثيرا فلما صار أمرها إليهم استهجنوا أمر أبيهم، وأرادوا استغلالها من غير أن يعطوا الفقراء شيئا فعاقبهم الله أشد العقوبة؛ ولهذا أمر الله تعالى بالصدقة من الثمار وحث على ذلك يوم الجداد، كما قال تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ثم قيل: كانوا من أهل اليمن من قرية يقال لها: ضروان. وقيل: من أهل الحبشة. والله أعلم. قال الله تعالى: كَذَلِكَ الْعَذَابُ أي؛ هكذا نعذب من خالف أمرنا، ولم يعطف على المحاويج من خلقنا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ أي؛ أعظم وأطم من عذاب الدنيا لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ .
وقصة هؤلاء شبيه بقوله تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ قيل: هذا مثل مضروب لأهل مكة . وقيل: هم أهل مكة أنفسهم، ضربهم مثلا لأنفسهم. ولا ينافي ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

hellsing2009
06-01-2005, 02:07 PM
قال الله تعالى وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ قد تكلمنا على ذلك مستقصى في تفسير هذه السورة ولله الحمد . وقد زعم محمد بن إسحاق أنهم كانوا بعد مبعث المسيح ، وخالفه غيره ، فزعموا أنهم كانوا قبله. وقد ذكر غير واحد أن هذا الصنيع مكرر في العالم مرارا في حق المؤمنين من الجبارين الكافرين ، ولكن هؤلاء المذكورون في القرآن قد ورد فيهم حديث مرفوع وأثر أورده ابن إسحاق وهما متعارضان ، وهانحن نوردهما لتقف عليهما.
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر الساحر قال للملك إني قد كبرت سني وحضر أجلي فادفع إلي غلاما فلأعلمه السحر . فدفع إليه غلاما ، فكان يعلمه السحر ، وكان بين الملك وبين الساحر راهب ، فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه ، فأعجبه نحوه وكلامه ، وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال ما حبسك وإذا أتى أهله ضربوه ، وقالوا ما حبسك فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال إذا أراد الساحر أن يضربك فقل : حبسني أهلي ، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل : حبسني الساحر .
قال : فبينا هو ذات يوم إذ أتى على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس ، فلا يستطيعون أن يجوزوا فقال : اليوم أعلم أمر الساحر أحب إلى الله أم أمر الراهب قال : فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ، ورماها فقتلها ، ومضى فأخبر الراهب بذلك فقال : أي بني أنت أفضل مني ، وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ، ويشفيهم الله على يديه .
وكان جليس للملك فعمي فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال : اشفني ولك ما هاهنا أجمع . فقال : ما أنا أشفي أحدا ، إنما يشفي الله عز وجل فإن آمنت به ودعوت الله شفاك فآمن فدعا الله فشفاه ، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك : يا فلان من رد عليك بصرك ؟ فقال : ربي قال : أنا قال : لا ربي وربك الله قال : ولك رب غيري ؟ قال : نعم ربي وربك الله فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فأتي به فقال : أي بني بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء قال : ما أشفي أنا أحدا إنما يشفي الله عز وجل قال : أنا قال : لا قال : أولك رب غيري ؟ قال : ربي وربك الله قال : فأخذه أيضا بالعذاب ولم يزل به حتى دل على الراهب فأتي بالراهب ، فقال : ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه ، وقال للأعمى : ارجع عن دينك ، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه .
وقال للغلام : ارجع عن دينك فأبى ، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا وقال : إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه ، فذهبوا به فلما علوا الجبل قال : اللهم أكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون ، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال : ما فعل أصحابك فقال : كفانيهم الله ، فبعث به مع نفر في قرقور فقال : إذا لججتم البحر ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فأغرقوه في البحر ، فلججوا به البحر فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعون ، وجاء الغلام حتى دخل على الملك فقال : ما فعل أصحابك فقال : كفانيهم الله .
ثم قال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني ، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع ، وتأخذ سهما من كنانتي ، ثم قل : بسم الله رب الغلام ، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ، ففعل ، ووضع السهم في كبد القوس ، ثم رماه وقال : بسم الله رب الغلام ، فوقع السهم في صدغه ، فوضع الغلام يده على موضع السهم ، ومات فقال الناس : آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك قد آمن الناس كلهم ، فأمر بأفواه السكك فحفر فيها الأخاديد ، وأضرمت فيها النيران ، وقال من رجع عن دينه فدعوه ، وإلا فأقحموه فيها. وقال : فكانوا يتعادون فيها ، ويتدافعون ، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه ، فكأنها تقاعست أن تقع في النار ، فقال الصبي : اصبري يا أماه فإنك على الحق كذا رواه الإمام أحمد ورواه مسلم والنسائي من حديث حماد بن سلمة زاد النسائي : وحماد بن زيد كلاهما عن ثابت به ، ورواه الترمذي من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ثابت بإسناده ، نحوه وحرر إيراده ، كما بسطنا ذلك في التفسير
وقد أورد محمد بن إسحاق هذه القصة على وجه آخر فقال : حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب وحدثني أيضا بعض أهل نجران عن أهلها أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأوثان وكان في قرية من قراها قريبا من نجران - ونجران هي القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد - ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر ، فلما نزلها فيميون - ولم يسموه لي بالاسم الذي سماه ابن منبه قالوا : رجل نزلها - فابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي فيها الساحر وجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر ، فبعث الثامر ابنه عبد الله بن التامر مع غلمان أهل نجران فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى من عبادته وصلاته فجعل يجلس إليه ويسمع منه حتى أسلم فوحد الله وعبده ، وجعل يسأله عن شرائع الإسلام حتى إذا فقه فيه ، جعل يسأله عن الاسم الأعظم ، وكان يعلمه فكتمه إياه .
وقال له : يا ابن أخي إنك لن تحمله أخشى ضعفك عنه والثامر أبو عبد الله لا يظن إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان ، فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضن به عنه ، وتخوف ضعفه فيه عمد إلى قداح فجمعها ثم لم يبق لله اسما يعلمه إلا كتبه في قدح ، لكل اسم قدح حتى إذا أحصاها أوقد نارا ثم جعل يقذفها قدحا قدحا ، حتى إذا مر بالاسم الأعظم ، قذف فيها بقدحه فوثب القدح حتى خرج منها لم تضره شيئا فأخذه ثم أتى به صاحبه فأخبره أنه قد علم الاسم الأعظم الذي قد كتمه فقال : وما هو ؟ قال : كذا وكذا قال : وكيف علمته ؟ فأخبره بما صنع قال : أي ابن أخي قد أصبته فأمسك على نفسك ، وما أظن أن تفعل.
فجعل عبد الله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضر إلا قال : يا عبد الله أتوحد الله وتدخل في ديني وأدعو الله لك فيعافيك عما أنت فيه من البلاء ؟ فيقول : نعم فيوحد الله ويسلم ويدعو له فيشفى ، حتى لم يبق بنجران أحد به ضر إلا أتاه فاتبعه على أمره ، ودعا له فعوفي حتى رفع شأنه إلى ملك نجران فدعاه فقال : أفسدت علي أهل قريتي وخالفت ديني ودين آبائي لأمثلن بك قال : لا تقدر على ذلك فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح على رأسه فيقع إلى الأرض ما به بأس وجعل يبعث به إلى مياه بنجران بحور لا يلقى فيها شيء إلا هلك ، فيلقى به فيها فيخرج ليس به بأس ، فلما غلبه قال له عبد الله بن الثامر : إنك والله لا تقدر على قتلي حتى توحد الله فتؤمن بما آمنت به ، فإنك إن فعلت سلطت علي فقتلتني قال : فوحد الله ذلك الملك ، وشهد شهادة عبد الله بن الثامر ثم ضربه بعصا في يده فشجه شجة غير كبيرة فقتله ، وهلك الملك مكانه واستجمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر وكان على ما جاء به عيسى ابن مريم من الإنجيل وحكمه ثم أصابهم ما أصاب أهل دينهم من الأحداث ، فمن هنالك كان أصل دين النصرانية بنجران.
قال ابن إسحاق فهذا حديث محمد بن كعب وبعض أهل نجران عن عبد الله بن الثامر ، فالله أعلم أي ذلك كان قال : فسار إليهم ذو نواس بجنده ، فدعاهم إلى اليهودية وخيرهم بين ذلك أو القتل فاختاروا القتل فخدوا الأخدود وحرق بالنار وقتل بالسيف ومثل بهم فقتل منهم قريبا من عشرين ألفا ففي ذي نواس وجنده أنزل الله على رسوله قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ الآيات وهذا يقتضي أن هذه القصة غير ما وقع في سياق مسلم.
وقد زعم بعضهم أن الأخدود وقع في العالم كثيرا كما قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو اليمان أنبأنا صفوان عن عبد الرحمن بن جبير قال : كانت الأخدود في اليمن زمان تبع ، وفي القسطنطينية زمان قسطنطين حين صرف النصارى قبلتهم عن دين المسيح والتوحيد واتخذ أتونا وألقى فيه النصارى الذين كانوا على دين المسيح والتوحيد وفي العراق في أرض بابل في زمان بختنصر حين صنع الصنم وأمر الناس فسجدوا له فامتنع دانيال وصاحباه عزريا ومشايل ، فأوقد لهم أتونا وألقى فيها الحطب والنار ، ثم ألقاهما فيه فجعلها الله عليهم بردا وسلاما ، وأنقذهم منها وألقى فيها الذين بغوا عليه ، وهم تسعة رهط فأكلتهم النار.
وقال أسباط عن السدي في قوله قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ قال : كان الأخدود ثلاثة ، خد بالشام ، وخد بالعراق ، وخد باليمن رواه ابن أبي حاتم وقد استقصيت ذكر أصحاب الأخدود والكلام على تفسيرها في سورة البروج من كتابنا " التفسير " ، ولله الحمد والمنة.

hellsing2009
06-01-2005, 02:17 PM
يروي لنا القرآن قصة قارون، وهو من قوم موسى. لكن القرآن لا يحدد زمن القصة ولا مكانها. فهل وقعت هذه القصة وبنو إسرائيل وموسى في مصر قبل الخروج؟ أو وقعت بعد الخروج في حياة موسى؟ أم وقعت في بني إسرائيل من بعد موسى؟ وبعيدا عن الروايات المختلفة، نورد القصة كما ذكرها القرآن الكريم.

قال تعالى في سورة القصص:

إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عن مفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء. وربما بغى عليهم بغير هذه الأسباب.

ويبدو أن العقلاء من قومه نصحوه بالقصد والاعتدال، وهو المنهج السليم. فهم يحذروه من الفرح الذي يؤدي بصاحبه إلى نسيان من هو المنعم بهذا المال، وينصحونه بالتمتع بالمال في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة، فعليه أن يعمل لآخرته بهذا المال. ويذكرونه بأن هذا المال هبة من الله وإحسان، فعليه أن يحسن ويتصدق من هذا المال، حتى يرد الإحسان بالإحسان. ويحذرونه من الفساد في الأرض، بالبغي، والظلم، والحسد، والبغضاء، وإنفاق المال في غير وجهه، أو إمساكه عما يجب أن يكون فيه. فالله لا يحب المفسدين.

فكان رد قارون جملة واحد تحمل شتى معاني الفساد (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي). لقد أنساه غروره مصدر هذه النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء. فلم يستمع قارون لنداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه. فجاء التهديد في نفس الآية ردا على قولته الفاجرة (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) فإذا كان ذا قوة وذا مال، فقد أهلك الله من قبله أجيالا كانت أشد منه قوة وأكثر مالا.

وخرج قارون ذات يوم على قومه، بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنه في نعمة كبيرة. فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون، احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند الله خير مما عند قارون.

وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناس الضعاف من إغراءها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) هكذا في لمحة خاطفة ابتلعته الأرض وابتلعت داره. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أو مال.

وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهم البعض في دهشة وعجب واعتبار. فقلا الذي كانوا مال قارون وسلطانه وزينته وحظه في الدنيا: حقا إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسع عليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب الأليم. إنا تبنا إليك سبحانك، فلك الحمد في الأولى والآخرة.

Amarant
06-01-2005, 06:08 PM
ما شاء الله عليك أخي العزيز hellsing2009 .


قصص جميلة ورائعة وفي انتظار البقية ..


جزاك الله خيراً وجعل هذا الموضوع في موازين حسناتك ..

hellsing2009
07-01-2005, 01:33 AM
فتاة تروي حديث توبتها


في ليلة .. كانت كباقي الليالي ربما.. ولكن لم تكن بالتأكيد كذلك بالنسبة
لي
كنت أتقلب في فراشي كثيرا ولم أستطع النوم.. كنت خائفة كثيرا ولم أعرف
لماذا؟

كانت الرابعة بعد منتصف الليل .

كان الخوف يسيطر علي تماما ! وكل شئ كان مظلماً أمامي !

بدأت أقرأ ما أحفظ من سور .. قد حفظت كثيرا منها ولكن معظمه بل أكثره قد
ضاع .. ونسيته مع قلة مراجعتي له
هدأت قليلا.. ولكن الخوف لا زال يلازمني …. أغمضت عيني وجعلت أتذكر

كان شريط حياتي كله يمر أمامي.. أتذكر من طفولتي ما أتذكره وكيف بعد أن
كبرت جعلت أتذكر ذنوبي الكثيرة وصلاتي التي غالبا بل دائما ما كنت أؤديها
بتكاسل شديد وبنقر كالغراب .

تذكرت صديقتي التي كنت ألتقي معها والتي كانت مثلي أنا تلعب وتلهو

لم تفكر يوما في الموت !! ولا أنا !! كيف أنها في يوم خرجت ، ثم عادت ..
ولكنها عادت داخل ذاك الصندوق . نعم ، ماتت في حادث سيارة.

تذكرت نفسي لو أنه جاءني ملك الموت ليقبض روحي ، فما عساي أخبره ؟!

أأنا مستعدة للموت ؟ أعملت ما يكفيني ؟!
أتراني أكون من أهل الجنة أم من أهل النار؟
..لا.. بالطبع سأكون من أهل الجنة … ولكن بماذا سأدخل الجنة ؟!
ماذا فعلت لأكون من أهلها ؟ وماذا قدمت لنفسي لأدخلها؟

أمن صراخي اليومي على أمي ؟! أم من غيبتي ونميمتي لصديقاتي ؟! أم من تبرجي
ولباسي؟! أم من الأغاني والأفلام والبرامج المليئة بما يغضب الله غز وجل

سكتُّ قليلا … .. ولكني بالتأكيد أفضل من غيري.

لكن أفضل ممن ؟

تذكرت تلكم الفتيات الطاهرات العفيفات اللاتي كنت ألاقيهن في المسجد
كيف أن الواحدة منهن مستعدة أن تدفع حياتها ثمنا ولا يرى منها خصلة من
شعرها .
فأين أنا منهن ؟!

قلت في نفسي : ألي عهد من الله أنه لن يتوفاني حتى أتوب ؟!
ألي من الله عهد أني لن أموت الآن أو غدا ؟!
أأعطاني ربي عهدا أنه سيغفر لي ويدخلني الجنة ؟!

... قمت من مكاني وأنا خائفة مرتعبة وفي عيني تجمدت دمعتان
توضأت وقمت أصلي وأنا أرتعد خوفا
وأثناء الصلاة .. فوجئت بنفسي حينما وجدت عيناي تفيضان بالدموع ! فلقد
كانت
المرة الأولى
التي تبكي فيها عيناي

نعم … فقد كان كل بكائها من قبل على الدنيا ! والآن هي بالفعل تبكي بحرقة
،
تبكي خشية لله عز وجل تبكي على ذنوب كثيرة وعظيمة ارتكبتها وهي لا تبالي
وهي تظنها هينة

(( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ))

فشتّان بين البكاءين .
لا تصدقوا كيف أحسست بمعنى تلك الآيات التي كنت أتلوها وكأنني أتلوها لأول
مرة
علما بأنني أصلي بها نفسها منذ سنوات عديدة

بقيت ساجدة لوقت طويل لم أشعر به
الشيء الوحيد الذي شعرته والذي أحسسته بالفعل أني بين يدي العظيم بين يدي
خالقي ومصوري
فصرت أدعوه وأستغفره كثيرا وأحمده
وعزته وجلاله أني أحسست بالفعل أنني بين يديه

لم أصدق نفسي ماذا كنت أقول ... كنت أدعوا بأدعية ما علمت أني أعرفها من
قبل .. صارت شفتاي تنطقان وقلبي الوحيد .... الذي يدفعهما.
وبعد أن انتهيت من صلاتي .. سلمت

وبدأت أتذكر ما أتذكر من ذنوبي التي عملتها ... وبدأت أنظر إلى نفسي وأقول
:
ما الذي جعلك يا يداي تتحركين ؟ وقلبي من جعله ينبض وعيناي وأذناي وقدماي
.... وكل شيء وصرت أنظر إلى كل ما حولي ... فكيف لبذرة صغيرة أن تصير شجرة
عملاقة ؟
قلت لنفسي : أين كنت كل هذه السنين ؟! .. أين أنا وأين غفلتي ؟ كيف لم
أشعر
به وقد كان قريباً مني !
شعرت فعلا بعظمته .
كيف لهذا الإنسان أن لا يشعر ، يبطر ويكفر ولا يحمد ، لا يصلي ولا يشكر !

وهو ... يمهله .. ويرزقه ولا يرفع عنه نعمته .. بل ويزيده رزقا بعد رزق في
المال والولد وكل النعم

كيف لهذا الإنسان وهذا الخالق العظيم .. يقول له ..تب,, أغفر لك كل ذنوبك
لا بل وأبدلك سيئاتك كلها حسنات مكانها. ويرفض ! ويقول لا .. لا أريد !

كيف له ذلك ؟ ألا يعلم أنه لابد له من أن يموت يوما ؟!
ألا يتذكر كم سيعيش من السنين ؟
سبعون ... ثمانون ... مائة .. أو حتى مائتي سنة .. ثم ماذا ؟

ثم إلى مرتع الدود .. ثم إلى تحت التراب .. ثم إلى الظلمات
من ينير ظلمة ذلك اليوم ؟ من يؤنس وحشته تلك الساعة؟

من يسري عنه ؟ من يطمئنه ؟ من يكون برفقته ؟

أو .... من يدفع عنه العذاب حينئذ ؟
أين فنانوه الذين تعلق قلبه بهم ؟ وأين أصحابه الذين شاركوه لهوه وعبثه ؟
أين أهله الذين غفلوا عنه ؟ هل ينفعونه الآن ؟!

كم من السنين سيعذب في قبره قبل القيامة ؟

قلت في نفسي : أين هو فرعون اليوم ؟ أين هم الجبابرة الذين طغوا منذ آلاف
السنين ؟
يا إلهي … .لازالوا يعذبون إلى الآن ! (( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا
يعلمون))

ثم تخيلي يا نفسي ستقفين على أرض المحشر خمسين ألف سنة ! في يوم كان
مقداره
خمسين ألف سنة حافية عارية لا أكل ولا شرب.. تموتين عذابا.. ولا تموتين

ثم تخيلي لو أنك دخلتي جهنم
ستحتاجين لتسقطي فيها سبعون سنة !! (( أي مثل عمر ابن آدم )) .. ثم قد
تبقين فيها سنة ، مائة ، ألف مليون سنة ، الله أعلم

وما بالك بمن هو خالد فيها
قلت لها : أيا نفس ويحك
ألا تبصرين ؟! ألا تفقهين ؟! أم أنك لا تدركين ؟ !

ألا تتوبين إلى الله ! ألا تنقذين نفسك !
لا زالت لديك الفرصة لتنقديها قبل أن يتخطفك الموت !
عندئذ لا توبة ولا رجوع

عندئذ ستندمين.. بل! ستتقطعين ندما على هذه الأيام التي ضاعت منك وأنت
تؤجلين توبتك ... عندها ورب العزة لن ينفع الندم ولن تنفع التوبة

عندها ستقولين دما وحرقة : (( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ))
وسيقال لكِ : (( كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون
))

قمت من مجلسي مع سماعي لأذان الفجر
صليت الفجر .. وجلست أقرأ قليلا من كتاب الله الذي كنت قد هجرته منذ رمضان
السابق أو ربما قبله
بقيت حتى طلعت الشمس !! و ذهبت إلى فراشي !! كان في قلبي سعادة عظيمة
أحسست
بها
وأنا أمسح دمعاتي التي نزلت على خدي ، وكأنما تنزل مع كل قطرة منها خطاياي
وذنوبي

وكأنها كانت تنزل لتغسل قلبي وتطمئن نفسي

وربي أنه كان شعور .. لم أشعره مع أي سعادة في حياتي .. وأنها كانت فرحة
لم
أشعر
!!! بمثلها من قبل

فجعلت أقول وأردد (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله
تطمئن القلوب ))
فصدق الخالق .. صدق الذي لا إله غيره .. والذي ما في الدنيا أعظم من ذكره
سعادة واطمئنان في الدنيا .. وفي الآخرة « مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا
خطر على
قلب بشر >>
فمالنا لا نكسب دنيانا و أخرانا ؟!

لا نترك توافه تظلنا مالنا لا نترك الأغاني مثلا ؟ والله إني احتقرت نفسي
كيف كنت أسمعها
فما كانت تزيدنا إلا هما وغما وحزنا ، ما كانت إلا تظلنا وتجعلنا
كالمعتوهين

الله قد جعل لجميع شهواتنا مخرجا في الدنيا فمالنا لا نصبر فنقضيها فيما
أحل الله لنا .!
وأغمضت عيني بعدها ونمت …فما أحسست بطعم النوم إلا يومها .. وكأني لم أنم
منذ تسع عشرة سنة مضت من عمري !!!
ومن يومها ... لم أعرف قلقا أو خوفا في نومي ... وصار هادئا مريحا بحمده
تعالى .

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأنر لنا بالحق دربنا وثبتنا على
الهدى
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
اللهم اهدْ شباب المسلمين وارزقهم الطهر والستر والعفاف وارزقهم الزوجات
الصالحات
...والأزواج الصالحين يا أرحم الراحمين
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار يا عزيز يا قوي يا
جبار
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك

hellsing2009
08-01-2005, 02:45 PM
قال الإمام البخاري : حدثنا إسماعيل بن خليل أخبرنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذا أصابهم مطر ، فآووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق ، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه فقال واحد منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير ، عمل لي على فرق من أزر فذهب وتركه وأني عمدت إلى ذلك الفرق ، فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا وأنه أتاني يطلب أجره فقلت : اعمد إلى تلك البقر ، فسقها فقال لي : إنما لي عندك فرق من أرز فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساخت عنهم الصخرة .
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عنهما ليلة ، فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع ، وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما ، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء.
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم من أحب الناس إلي ، وأني راودتها عن نفسها ، فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار ، فطلبتها حتى قدرت ، فأتيتها بها فدفعتها إليها ، فأمكنتني من نفسها ، فلما قعدت بين رجليها قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركت المائة دينار فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ففرج الله عنهم فخرجوا ورواه مسلم عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر به . وقد رواه الإمام أحمد منفردا به عن مروان بن معاوية عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ورواه الإمام أحمد من حديث وهب بن منبه عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من هذا السياق وفيه زيادات . ورواه البزار من طريق أبي إسحاق عن رجل من بجيلة عن النعمان بن بشير مرفوعا مثله ، ورواه البزار في مسنده من حديث أبي حنش عن علي ابن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

hellsing2009
09-01-2005, 12:02 AM
بصراحه عجبتني هالقصه وحبيت تقرونها

وان شاءالله تعجبكم وتنال رضاكم جميعا

> > كان فيه سعودي وكويتي زملاء ويدرسون في بريطانيا وبعد انتهاء فترة الدراسه قرروا يرجعون لاهلهم فقال الكويتي للسعودي : قبل ماتروح للسعوديه تعال معي للكويت وبعدها رح للسعوديه ..

> > وافق السعودي على هذا وهم في الطيارة رايحين للكويت اتصل اخو الكويتي من الكويت على الجوال وقال لاخوه ان جدتي توفت ...

> > فقال الكويتي لاخوه انا معي زميلي من السعوديه وعازمه فلا تقولون له شي حتى ما يضيق صدرة ولا احرجه نصلي على الجنازة وكنها لاحد من جماعتنا لما وصلوا وصلَوا على الجنازة وقعد السعودي له مدة في الكويت ..

> > أعجب ببنت جيران الكويتي وقال لزميله اني ودي اتزوجها فرح الكويتي وقال انا مستعد اخطبها لك وفعلا خطبها له وخبر السعودي اهله وسوو الزواج ورجع السعودي لديرته وبعد مدة طويله كبرت تجارة السعودي وطلع تاجر وغني أما الكويتي فخسر كل امواله وتجارته فقال مالي لا اروح لصديقي السعودي اكيد بيساعدني !!

> > وفعلا راح للسعوديه وهو منتظر شوفه زميله بفارغ الصبر لما سال عنه ووصل لبيته صار مو بيت صار ساكن في قصر وتاجر وكان الوقت متاخر فقال للبواب قل لراعي البيت ان زميلك من الكويت فلان بن فلان عند الباب وانه محتاجك مرة مرة وان حالته كذا وكذا وبعد مارجع البواب عطى الكويتي فضلة عشى السعودي تخيلوا ..!!

> > فضاق صدر الكويتي وقال هذا جزاء الصداقه المهم وهو راجع رجليه في الطريق لقى رجالين (من رجال الاعمال) يتراهنون على مليون اللي بيجيهم الاول بيعطونه المليون وكان من حظ الكويتي انه هو اللي جاهم الاول واخذ المليون وتاجر بها في السعوديه وقبل ما يرجع للكويت لقى عجوز معاها بنت وقالتله العجوز ابي اخلي البنت عندك واروح احج اذا مارجعت تزوجها وخلها عند اهله ولما طولت العجوز عقب الحج اتزوجها وسوا حفله الزواج بالكويت وفي اثناء الزواج وكان من ضمن المدعوين زميله السعودي !

> > لما شافه الكويتي غضب وقال للحضور اطردوا هذا خاين العشرة والصداقه تخيلوا انه لما جا معي للكويت وكانت جدتي ميته ما علمته عشان مايضيق صدرة على وخطبتله بنت الجيران اللي كانت في الاساس خطيبتي وفضلته على نفسي ولما جيته محتاج عطاني فضله عشاااااااااااه !!


> > تدرون وش قال السعودي....؟؟؟؟؟؟

> > قال اسمعوا واحكموا علي ... أنا يوم جاني الكويتي وهو محتاج ما حبيت اشوفه على حالته هذي عقب ماكان تاجر وكبير اشوفه صغير ومحتاج واتفضل عليه بشي من عندي عشان كذا أعطيته فضلة عشاي !!

> > وبالنسبه للتاجرين اللي متراهنين على مليون هذولي اخواني انا مروحهم له عشان يفكون ضيقته

> > اما با النسبه للعجوز اللي معاها البنت فهاذي امي والبنت هذي طبعا اختي فوش رايك ما احضر زواج اختي؟

hellsing2009
10-01-2005, 01:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



دخلت على مريض في المستشفى ..فلما أقبلت إليه .. فإذا رجل قد بلغ من العمر أربعين سنة .. من أنظر الناس وجها ..وأحسنهم قواما

لكن جسده كله مشلول لا يتحرك منه ذرة .. إلا رأسه وبعض رقبته .. لو اخذت فأسا وقطعت جسده من رجليه إلى صدره لما شعر بشئ .. لايدري أنه خرج منه بول أو غائط إلا إذا شم الرائحة يلبسونه حفائظ كالأطفال يغيرونها كل يوم دخلت غرفته .. فإذا جرس الهاتف يرن .. فصاح بي وقال : ياشيخ أدرك الهاتف قبل أن ينقطع الأتصال ...فرفعت سماعة الهاتف ثم قربتها إلى إذنه ووضعت مخدة تمسكها ... وأنتظرت قليلا حتى أنهى مكالمته ...ثم قال ياشيخ أرجع السماعة مكانها .....فأرجعتها مكانها ..ثم سألته منذ متى وانت على هذا الحال فقال منذ عشرين سنة .. وأنا مشلول على هذا السرير





وحدثني أحد الفضلاء

أنه مر بغرفة في المستشفى .. فإذا فيها مريض يصيح بأعلى صوته .. ويئن أنينا يقطع القلب... قال صاحبي :فدخلت عليه ..فإذا هو جسده مشلول كله وهو يحاول الالتفاف فلايستطيع

فسألت الممرض عن سبب صياحة ..فقال : هذا مصاب بشلل تام .. وتلف في الأمعاء .. وبعد كل وجبة غداء أو عشاء يصيبه عسر هظم ..... فقلت له : لاتطعموه طعاما ثقيلا .. جنبوه أكل اللحم .. والرز

فقال الممرض : أتدري ماذا نطعمه .. والله لا ندخل إلى بطنه إلا الحليب من خلال الأنابيب الموصلة بأنفه وكل هذا الآلام ليهضم هذا الحليب





وحدثني آخر

أنه مر بغرفة مريض مشلول أيضا لايتحرك منه شيئا أبدا

قال : فإذا المريض يصيح بالمارين ..فدخلت عليه فرأيت أمامه لوح خشب عليه مصحف مفتوح .. وهذا المريض منذ ساعات ..كلما أنتهى من قرأءة الصفحتين أعادهما .. فإذا فرغ منهما أعادهما .. لأنه لا يستطيع أن يتحرك ليقلب الصفحة ولم يجد احدا يساعده

فلما وقفت أمامه قال لي : لو سمحت .. أقلب الصفحة... فقلبتها .. فتهلل وجهه .. ثم وجه نظره إلى المصحف وأخذ يقرأ

فانفجرت باكيا بين يديه .. متعجبا من حرصه .. وغفلتنا







وحدثني ثالث

أنه دخل على رجل مقعد مشلول تماما في أحدى المستشفيات لايتحرك إلا رأسه

فلما رأى حاله .. رأف به وقال : ماذا تتمنى ..ظن أن أمنيته الكبرى أن يشفى ويقوم ويقعد .. ويذهب ويجيء

فقال المريض .. أنا عمري قرابة الأربعين ...وعندي حمسة أولاد وعلى هذا السرير منذ سبع سنين

والله لا أتمنى أن أمشي .. ولا أن أرى أولادي .. ولا أعيش مثل الناس

قال عجبا .. إذن ماذا تتمنى

فقال : أتمنى أني أستطيع أن ألصق هذه الجبهة على الأرض ... وأسجد كما يسجد الناس







وأخبرني أحد الأطباء

أنه دخل في غرفة الانعاش على مريض .. فإذا شيخ كبير .. على سرير أبيض وجهه يتلألأ نورا

قال صاحبي : أخذت أقلب ملفه فإذا هو قد أجريت له عملية في القلب .. أصابه نزيف خلالها.. مما أدى إلى توقف الدم عن بعض مناطق الدماغ .. فأصيب بغيبوبة تامة

وإذا الأجهزة موصلة به .. وقد وضع على فمه جهاز للتنفس الصناعي يدفع إلى رئتيه تسعة أنفاس في الدقيقة

كان بجانبه أحد أولاده .. سألته عنه

فأخبرني أن أباه مؤذن في أحد المساجد منذ سنين

أخذت أنظر أليه... حركت يده .. حركت عينيه.. كلمته.. لايدري عن شئ أبدا .. كانت حالته خطيرة

اقترب ولده من أذنه وصار يكلمه .. وهو لا يعقل شيئا

فبدا الولد يقول .. يا أبي... أمي بخير .. وأخواني بخير ....وخالي رجع من السفر

وأستمر الولد يتكلم .. والأمر على ما هو عليه ... الشيخ لايتحرك.. والجهاز يدفع تسعة أنفاس في الدقيقة

وفجأة قال الولد... والمسجد مشتاق إليك .. ولاحد يؤذن فيه إلا فلان .. ويخطئ في الأذان ومكانك في المسجد فارغ

فلما ذكر المسجد والأذان .. اضطرب صدر الشيخ .. وبدأ يتنفس فنظرت إل ىالجهاز فإذا هو يشير إلى ثمانية عشر نفسا في الدقيقة ....والولد لايدري

ثم قال الولد : وابن عمي تزوج .. وأخي تخرج .....فهدأ الشبخ مرة أخرى وعادت الأنفاس تسعة يدفعها الجهاز الآلي

فلما رأيت ذلك أقبلت إليه حتى وقفت عند رأسه

حركت يده .... عينيه ..هززته ..لاشيء كل شيء ساكن .. لايتجاوب معي أبدا تعجبت

قربت فمي من أذنه ثم قلت : الله أكبررر....حي على الصلاة ...حي على الفلاح

وأنا أسترق النظر إلى جهاز التنفس .. فإذا به يشير إلى ثمان عشرة نفس في الدقيقة

فلله درهم من مرضى بل والله نحن المرضى .. رجال قلبةهم معلقة بالمساجد .....نعم

رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار*ليجزيهم الله أحسن ماعملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب





فأنت يا سليما من المرض والأسقام .. يامعافي من الأدواء وألأورام

يامن تتقلب في النعم ... ولا تخشى النقم

ماذا فعل الله بك فقابلته بالعصيان .. بأي شيء آذاك .. أليست نعمه عليك تترى .. وأفضاله عليك لا تحصى ؟ أما تخاف .. أن توقف بين يدي الله غدا

فيقول اك: عبدي ألم أصح لك بدنك ...وأوسع عليك في رزقك .. وأسلم لك سمعك وبصرك

فتقول بلى .. فيسألك الجبار : فلم عصيتني بنعمي .. وتعرضت لغضبي ونقمي

فعندها تنشر في الملأ عيوبك .. وتعرض عليك ذنوبك

فتبأ للذنوب .. ما أشد شؤمها .. وأعظم خطرها

وهل أخرج أبانا من الجنة إلا ذنب من الذنوب

وهل أغرق قوم نوح إلا الذنوب

وهل أهلك عادا وثمود إلا الذنوب

وهل قلب على لوط ديارهم .. وعجل لقوم شعيب عذابهم

وأمطر على أبرهة حجارة من سجيل .. وانزل بفرعون العذاب الوبيل

إلا المعاصي والذنوب





المصدر / كتاب في بطن الحوت

د. محمد العريفي

المشتاقة للرحمن
10-01-2005, 12:18 PM
تبارك الرحمن ..

أسأل الله ان يجعلنا من التائبين والعائدين اليه ..

hellsing2009
11-01-2005, 01:18 AM
قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].

والقصة: أن اليهود نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة والشعوذة التي كانت تُقْرَأ في زمن ملك سليمان عليه السلام. وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة، وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان عليه السلام، حتى قالوا إن الجن تعلم الغيب، وكانوا يقولون هذا علم سليمان عليه السلام، وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير والريح، فأنزل الله هذين الملكين هاروت وماروت لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله وللتمييز بين السحر والمعجزة وظهور الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وبين كلام السحرة.

وما يُعلِّم هاروت وماروت من أحدٍ حتى ينصحاه، ويقولا له إنما نحن ابتلاء من الله، فمن تعلم منا السحر واعتقده وعمل به كفر، ومن تعلَّم وتوقَّى عمله ثبت على الإيمان.

فيتعلم الناس من هاروت وماروت علم السحر الذي يكون سبباً في التفريق بين الزوجين، بأن يخلق الله تعالى عند ذلك النفرة والخلاف بين الزوجين، ولكن لا يستطيعون أن يضروا بالسحر أحداً إلا بإذن الله تعالى، لأن السحر من الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه.

فيتعلم الناس الذي يضرهم ولا ينفعهم في الآخرة لأنهم سخروا هذا العلم لمضرة الأشخاص.

ولقد علم اليهود أن من استبدل الذي تتلوه الشياطين من كتاب الله ليس له نصيب من الجنة في الآخرة، فبئس هذا العمل الذي فعلوه.

والخلاصة: أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي جاء به سليمان وأتم له الله به ملكه، وبين الباطل الذي جاءت الكهنة به من السحر، ليفرق بين المعجزة والسحر.

وإن ورد غير ذلك في شأن هذه القصة فلا يبعد أن يكون من الروايات الإسرائيلية.

Amarant
11-01-2005, 06:32 AM
استمر بارك الله فيك :) ...

hellsing2009
12-01-2005, 12:19 PM
قال تعالى:
{قل هو نبأ عظيم* أنتم عنه معرضون* ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذا يختصمون* إن يوحي إلي إلا إنما أنا نذير مبين* إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* فسجد الملائكة كلهم أجمعون* إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين* قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، استكبرت أم كنت من العالين* قال أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين* قال فاخرج منها فإنك رجيم* وإن عليك لعنتي إلي يوم الدين* قال رب فأنظرني إلي يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين* إلي يوم الوقت المعلوم* قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين* قال فالحق والحق أقول* لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين* قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين* إن هو إلا ذكر للعالمين* ولتعلمن نبأه بعد حين} (ص:67ـ88)
ومن هذه الآية تتضح قصة آدم عليه السلام ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله المستعان.
فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلا لهم:
{إني جاعل في الأرض خليفة} (سورة البقرة: 30)
أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا كما قال:
{وهو الذي جعلكم خلائف الأرض} (سورة الأنعام: 65)
وقال:
{ويجعلكم خلفاء الأرض} (سورة النمل: 62)
فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم، قالوا:
{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} (سورة البقرة:30)
قيل: علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن، قاله قتادة، وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جندا من الملائكة فطردوهم إلي جزائر البحور.
وعن ابن عباس نحوه. وعن الحسن: ألهموا ذلك.
وقيل: لما أطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له السجل. رواه ابن أبي حاتم، عن أبي جعفر الباقر.
{ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} (سورة البقرة:30)
أي: نحن نعبدك دائما لا يعصيك منا أحد، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لا نفتر ليلاً ولا نهاراً.
{قال إني أعلم ما لا تعلمون} (سورة البقرة: 30)
أي: أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي: سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء والصالحون. ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال:
{وعلم آدم الأسماء كلها} (سورة البقرة: 31)
قال ابن عباس: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وقال مجاهد: علمه اسم الصحفة، والقدر، حتى الفسوة والفسية.
وقال مجاهد: علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شيء. وكذا قال سعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد.
وقال الربيع: علمه أسماء الملائكة.
وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته.
والصحيح: أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس، رضي الله عنهما.
وذكر البخاري هاهنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجمع الله المؤمنين يوم القيام كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلي ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، واسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء" وذكر تمام الحديث
{ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} (سورة البقرة: 31)
قال الحسن البصري: لما أراد الله خلق آدم، قالت الملائكة: لا يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه، فابتلوا بهذا، وذلك قوله: (إن كنتم صادقين). وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير.
{قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم} (سورة البقرة: 32)
أي: سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك. كما قال:
{ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} (سورة البقرة: 255)
{قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} (سورة البقرة: 33)
أي: أعلم السر كما أعلم العلانية.
وقيل: إن المراد بقوله: (أعلم ما تبدون) ما قالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها) وبقوله: (وما كنتم تكتمون) المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر على آدم عليه السلام. قاله سعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي، والضحاك، والثوري، واختاره ابن جرير.
وقال أبو العالية، والربيع، والحسن، وقتادة: (وما كنتم تكتمون) قولهم: لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه. وقوله:
{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر} (سورة البقرة: 34)
هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقة بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال:
{فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} (سورة الحجر: 29)
فهذه أربع تشريفات: خلقه بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة بالسجود له، وتعليمه أسماء الأشياء.
ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي: أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقال في الآية الأخرى:
{ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين* قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} (سورة الأعراف:11ـ12)
قال الحسن البصري: قاس إبليس، وهو أول من قاس.
وقال محمد بن سيرين: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس. رواهما ابن جرير.
ومعنى هذا أنه نظر بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود. والقياس إذا كان مقابلا للنص كان فاسد الاعتبار، ثم هو فاسد في نفسه؛ فإن الطين أنفع وخير من النار، لأن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق.
ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له، كما قال:
{وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* فسجد الملائكة كلهم أجمعون* إلا إبليس أبى أن يكون من الساجدين* قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين* قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون* قال فاخرج منه فإنك رجيم* وإن عليك اللعنة إلي يوم الدين} (سورة الحجر:28ـ35)
استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدراءه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الإلهي، ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين.
وشرح في الاعتذار بما لا يجدي عنه شيئا، وكان اعتذاره أشد من ذنبه.
كما قال تعالى في سورة سبحان:
{وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا* قال أرأيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتن إلي يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا* قال أذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً* واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم، وما يعدهم الشيطان إلا غروراً* إن عبادي ليس لك عليهم سلطان، وكفى بربك وكيلاً} (سورة الإسراء:61ـ65)
وقال في سورة الكهف:
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } (سورة الكهف:50)
أي: خرج عن طاعة الله عمداً وعناداً واستكباراً عن امتثال أمره، وما ذاك إلا لأنه خانه طبعه ومادته الخبيثة أحوج ما كان إليها، فإنه مخلوق من نار كما قال،
وكما جاء في صحيح مسلم عن عائشة، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"
قال الحسن البصري: لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين قط. وقال شهر بن حوشب: كان من الجن، فلما أفسدوا في الأرض بعث الله إليهم جنداً من الملائكة فقاتلوهم وأجلوهم إلي جزائر البحار، وكان إبليس ممن أسر فأخذوه معهم إلي السماء فكان هناك، فلما أمرت الملائكة بالسجود امتنع إبليس منه.
وقال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة وسعيد بن المسيب وآخرون: كان إبليس رئيس الملائكة بالسماء الدنيا. قال ابن عباس: وكان اسمه عزازيل. وفي رواية عنه: الحارث، قال النقاش: وكنيته أبو كردوس. قال ابن عباس: وكان من حي من الملائكة يقال لهم الجن، وكانوا خزان الجنان، وكان من أشرفهم ومن أكثرهم علماً وعبادة، وكان من أولى الأجنحة الأربعة، فمسخه الله شيطاناً رجيماً.
{إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقدموا له ساجدين* فسجد الملائكة كلهم أجمعون* إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين* قال أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين* قال فاخرج منها فإنك رجيم* وإن عليك لعنتي إلي يوم الدين* قال رب فأنظرني إلي يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين* إلي يوم الوقت المعلوم* قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين* قال فالحق والحق أقول* لأملأن جهنم منك ومن تبعك منهم أجمعين} (سورة ص:71ـ85)
وقال في الأعراف:
{قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ولا تجد أكثرهم شاكرين} (سورة الأعراف:16ـ17)
أي: بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم كل مرصد، ولآتينهم من كل جهة منهم، فالسعيد من خالفه والشقي من اتبعه.
كلما قال الإمام احمد: حدثنا بن القاسم، حدثنا أبو عقيل ـ هو عبد الله بن عقيل الثقفي ـ حدثنا موسى بن المسيب، عن سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن أبي فاكه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه"
وذكر الحديث كما قدمناه في صفة إبليس. وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم. أهم جميع الملائكة كما دل عليه عموم الآيات؟ وهو قول الجمهور. أو المراد بهم ملائكة الأرض كما رواه ابن جرير عن طريق الضحاك عن ابن عباس؟ وفيه انقطاع، وفي السياق نكارة، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه.
ولكن الأظهر من السياقات الأول، ويدل عليه الحديث: "واسجد له ملائكته" وهذا عموم أيضاً، والله أعلم.
وقوله تعالى لإبليس:
{فاهبط منها} (سورة الأعراف:13)
و {اخرج منها} (سورة الأعراف:18)
دليل على أنه كان في السماء فأمر بالهبوط منها، والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته، وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة، ثم سلب ذلك بكبره وحسده ومخالفته لربه، فأهبط إلي الأرض مذءوماً مدحوراً.
وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال:
{وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} (سورة البقرة:35)
وقال في الأعراف:
{قال اخرج منها مذءوماً مدحوراً، لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين* ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} (سورة الأعراف:18ـ19)
وقال تعالى:
{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى* فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى* إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى* وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحي} (سورة طه:116ـ119)
وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم إلي الجنة، وهذا قد صرح به إسحاق بن يسار، وهو ظاهر هذه الآيات.
ولكن حكى السدي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس، وعن مرة، وعن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا: اخرج إبليس من الجنة واسكن آدم الجنة، فكا يمشي فيها وحتى ليس فيها زوج يسكن إليها، فنام نومه فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه؛ فسألها: ما أنت؟ قالت: امرأة. قال: لوم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي. فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما سامها يا آدم؟ قال: حواء، قالوا. ولم كانت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حي.
وذكر محمد بن إسحاق، عن ابن عباس؛ أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم مكانه لحكم.
ومصدق هذا في قوله تعالى:
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساء...} (سورة النساء:1)
وفي قوله تعالى:
{هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها، فلما تغشاها حملت حملاً خفيفاً فمرت به ...} (سورة الأعراف:189)
وفي الصحيحين من حديث زائدة، عن ميسرة الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً"
هذا لفظ البخاري. وقد اختلف المفسرون في قوله:
{ولا تقربا هذه الشجرة} (سورة البقرة:35)
فقيل: هي الكرم، وروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والشعبي، وجعدة بن هبيرة، ومحمد بن قيس، والسدي، ورواه عن ابن مسعود وناس من الصحابة، قال: وتزعم يهود أنها الحنطة، وهذا مروى عن ابن عباس، والحسن البصري، ووهب ابن منبه، وعطية العوفي، وأبى مالك، ومحارب بن دثار، وعبد الرحمن ابن أبي ليلى.
قال وهب: والحبة منه ألين من الزبد وأحلى من العسل.

hellsing2009
13-01-2005, 12:07 PM
قال الله تعالى في سورة "الكهف"، بعد قصة أصحاب الكهف:
" وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا"

قال بعض الناس: هذا مثل مضروب ولا يلزم أن يكون واقعا. والجمهور أنه أمر قد وقع، وقوله: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا يعني لكفار قريش، في عدم اجتماعهم بالضعفاء والفقراء وازدرائهم بهم، وافتخارهم عليهم كما قال تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ كما قدمنا الكلام على قصتهم قبل قصة موسى، عليه السلام، والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين، وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا، ويقال: إنه كان لكل منهما مال، فأنفق المؤمن ماله في طاعة الله ومرضاته ابتغاء وجهه، وأما الكافر فإنه اتخذ له بستانين، وهما الجنتان المذكورتان في الآية، على الصفة والنعت المذكور؛ فيهما أعناب ونخل تحف تلك الأعناب، والزروع في خلال ذلك والأنهار سارحة ههنا وههنا للسقي والتنزه، وقد استوسقت فيهما الثمار، واضطربت فيهما الأنهار وابتهجت الزروع والثمار وافتخر مالكهما على صاحبه المؤمن الفقير قائلا له: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا أي؛ وأمنع جنابا. ومراده أنه خير منه، ومعناه، ماذا أغنى عنك إنفاقك ما كنت تملكه في الوجه الذي صرفته فيه؟ كان الأولى بك أن تفعل كما فعلت لتكون مثلي. فافتخر على صاحبه وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ أي؛ وهو على غير طريقة مرضية قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وذلك لما رأى من اتساع أرضها، وكثرة مائها وحسن نبات أشجارها؛ ولو قد بادت كل واحدة من هذه الأشجار لاستخلف مكانها أحسن منها، وزروعها دارة لكثرة مياهها. ثم قال: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً فوثق بزهرة الحياة الدنيا الفانية، وكذب بوجود الآخرة الباقية الدائمة، ثم قال: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا أي؛ ولئن كان ثم آخرة ومعاد فلأجدن هناك خيرا من هذا. وذلك لأنه اغتر بدنياه، واعتقد أن الله لم يعطه ذلك فيها إلا لحبه له وحظوته عنده، كما قال العاص بن وائل فيما قص الله من خبره وخبر خباب بن الأرت في قوله: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا وقال تعالى إخبارا عن الإنسان إذا أنعم الله عليه لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى قال الله تعالى: فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وقال قارون إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أي لعلم الله في أني أستحقه. قال الله تعالى: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ وقد قدمنا الكلام على قصته في أثناء قصة موسى. وقال تعالى: وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ وقال تعالى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ ولما اغتر هذا الجاهل بما خوله الله به في الدنيا، فجحد الآخرة وادعى أنها إن وجدت ليجدن عند ربه خيرا مما هو فيه، وسمعه صاحبه يقول ذلك قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أي؛ يجادله أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا أي؛ أجحدت المعاد وأنت تعلم أن الله خلقك من تراب، ثم من نطفة ثم صورك أطوارا حتى صرت رجلا سويا سميعا بصيرا، تعلم وتبطش وتفهم، فكيف أنكرت المعاد والله قادر على البداءة لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي أي؛ لكن أنا أقول بخلاف ما قلت وأعتقد خلاف معتقدك هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا أي؛ لا أعبد سواه، واعتقد أنه يبعث الأجساد بعد فنائها ويعيد الأموات ويجمع العظام الرفات، وأعلم أن الله لا شريك له في خلقه ولا في ملكه ولا إله غيره، ثم أرشده إلى ما كان الأولى به أن يسلكه عند دخول جنته فقال: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ولهذا يستحب لكل من أعجبه شيء من ماله أو أهله أو حاله أن يقول كذلك.
وقد ورد فيه حديث مرفوع، في صحته نظر؛ قال أبو يعلى الموصلي: حدثنا جراح بن مخلد حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عيسى بن عون حدثنا عبد الملك بن زرارة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم الله على عبد نعمة؛ من أهل أو مال أو ولد فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. فيرى فيه آفة دون الموت وكان يتأول هذه الآية: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قال الحافظ أبو الفتح الأزدي: عيسى بن عون، عن عبد الملك بن زرارة، عن أنس، لا يصح.

ثم قال المؤمن للكافر: فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ أي؛ في الدار الآخرة وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ قال ابن عباس والضحاك وقتادة: أي؛ عذابا من السماء. والظاهر أنه المطر المزعج الباهر، الذي يقتلع زروعها وأشجارها فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا وهو التراب الأملس الذي لا نبات فيه أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا وهو ضد المعين السارح فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا يعني، فلا تقدر على استرجاعه. قال الله تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ أي؛ جاءه أمر أحاط بجميع حواصله وخرب جنته ودمرها فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا أي؛ خربت بالكلية، فلا عودة لها، وذلك ضد ما كان عليه أمل حيث قال: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وندم على ما كان سلف منه من القول الذي كفر بسببه بالله العظيم، فهو يقول: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا قال الله تعالى: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ أي؛ لم يكن له أحد يتدارك ما فرط من أمره، وما كان له قدرة في نفسه على شيء من ذلك، كما قال تعالى: فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ وقوله: الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ومنهم من يبتدىء بقوله: هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ وهو حسن أيضا، كقوله: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا فالحكم الذي لا يرد ولا يمانع ولا يغالب -في تلك الحال وفي كل حال- لله الحق. ومنهم من رفع الحق جعله صفة ل الولاية وهما متلازمتان. وقوله: هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا أي؛ معاملته خير لصاحبها ثوابا، وهو الجزاء، وخير عقبا؛ وهو العاقبة في الدنيا والآخرة.
وهذه القصة تضمنت أنه لا ينبغي لأحد أن يركن إلى الحياة الدنيا، ولا يغتر بها، ولا يثق بها، بل يجعل طاعة الله والتوكل عليه في كل حال نصب عينيه، وليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده. وفيها، أن من قدم شيئا على طاعة الله والإنفاق في سبيله، عذب به، وربما سلب منه؛ معاملة له بنقيض قصده. وفيها، أن الواجب قبول نصيحة الأخ المشفق، وأن مخالفته وبال ودمار على من رد النصيحة الصحيحة. وفيها، أن الندامه لا تنفع إذا حان القدر، ونفذ الأمر الحتم. بالله المستعان وعليه التكلان.

hellsing2009
14-01-2005, 02:27 AM
قال الله تعالى : " لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ".
قال علماء النسب منهم محمد بن إسحاق : اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان قالوا : وكان أول من سبى من العرب فسمي سبأ لذلك ، وكان يقال له : الرائش لأنه كان يعطي الناس الأموال من متاعه. قال السهيلي : ويقال : إنه أول من تتوج. وذكر بعضهم أنه كان مسلما وكان له شعر بشر فيه بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قوله :

ســيملك بعدنــا ملكــا عظيمـا نبــي لا يرخــص فـي الحـرام
ويملــك بعــده منهــم ملــوك يدينـــون العبـــاد بغــير ذام
ويملــك بعـدهم منـا مـا ملـوك يصــير الملــك فينــا باقتسـام
ويملــك بعــد قحطــان نبــي تقـــي جبينــه خــير الأنــام
يســمى أحــمدا يــا ليـت أنـي أعمـــر بعــد مبعثــه بعــام
فـــأعضده وأحــبوه بنصــري بكـــل مدجـــج وبكـــل رام
متــى يظهــر فكونـوا ناصريـه ومــن يلقــاه يبلغــه ســلامي

حكاه ابن دحية في كتابه " التنوير في مولد البشير النذير ".
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة السبائي عن عبد الرحمن بن وعلة سمعت عبد الله بن العباس يقول : إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو ؟ أرجل أم امرأة أم أرض ؟ قال : بل هو رجل ، ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة ، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير وأما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان ، وقد ذكرنا في التفسير أن فروة بن مسيك الغطيفي هو السائل عن ذلك كما استقصينا طرق هذا الحديث وألفاظهن هناك ولله الحمد.
والمقصود أن سبأ يجمع هذه القبائل كلها ، وقد كان فيهم التبابعة بأرض اليمن واحدهم تبع وكان لملوكهم تيجان يلبسونها وقت الحكم كما كانت الأكاسرة ملوك الفرس يفعلون ذلك ، وكانت العرب تسمي كل من ملك اليمن مع الشحر وحضرموت تبعا ، كما يسمون من ملك الشام مع الجزيرة قيصر ، ومن ملك الفرس كسرى ومن ملك مصر فرعون ، ومن ملك الحبشة النجاشي ومن ملك الهند بطليموس ، وقد كان من جملة ملوك حمير بأرض اليمن بلقيس ، وقد قدمنا قصتها مع سليمان عليه السلام وقد كانوا في غبطة عظيمة وأرزاق دارة وثمار وزروع كثيرة وكانوا مع ذلك على الاستقامة والسداد وطريق الرشاد فلما بدلوا نعمة الله كفرا أحلوا قومهم دار البوار .
قال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه أرسل الله إليهم ثلاثة عشر نبيا ، وزعم السدي أنه أرسل إليهم اثني عشر ألف نبي ، فالله أعلم.
والمقصود أنهم لما عدلوا عن الهدى إلى الضلال ، وسجدوا للشمس من دون الله ، وكان ذلك في زمان بلقيس وقبلها أيضا ، واستمر ذلك فيهم حتى أرسل الله عليهم سيل العرم كما قال تعالى فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ .
ذكر غير واحد من علماء السلف والخلف من المفسرين وغيرهم أن سد مأرب كان صنعته أن المياه تجري من بين جبلين فعمدوا في قديم الزمان فسدوا ما بينهما ببناء محكم جدا حتى ارتفع الماء فحكم على أعالي الجبلين وغرسوا فيهما البساتين والأشجار المثمرة الأنيقة ، وزرعوا الزروع الكثيرة ، ويقال كان أول من بناه سبأ بن يعرب وسلط إليه سبعين واديا يفد إليه وجعل له ثلاثين فرضة يخرج منها الماء ومات ولم يكمل بناؤه فكملته حمير بعده ، وكان اتساعه فرسخا في فرسخ وكانوا في غبطة عظيمة وعيش رغيد وأيام طيبة حتى ذكر قتادة وغيره أن المرأة كانت تمر بالمكتل على رأسها فيمتلئ من الثمار ما يتساقط فيه من نضجه وكثرته وذكروا أنه لم يكن في بلادهم شيء من البراغيث ولا الدواب الموذية لصحة هوائهم وطيب فنائهم كما قال تعالى لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ وكما قال تعالى وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ .
فلما عبدوا غير الله وبطروا نعمته وسألوا بعد تقارب ما بين قراهم وطيب ما بينها من البساتين وأمن الطرقات سألوا أن يباعد بين أسفارهم وأن يكون سفرهم في مشاق وتعب وطلبوا أن يبدلوا بالخير شرا كما سأل بنو إسرائيل بدل المن والسلوى البقول والقثاء والفوم والعدس والبصل فسلبوا تلك النعمة العظيمة والحسنة العميمة بتخريب البلاد والشتات على وجوه العباد كما قال تعالى فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ قال غير واحد : أرسل الله على أصل السد الفار ، وهو الجرذ ويقال : الخلد . فلما فطنوا لذلك أرصدوا عندها السنانير فلم تغن شيئا إذ قد حم القدر ولم ينفع الحذر كلا لا وزر ، فلما تحكم في أصله الفساد سقط وانهار فسلك الماء القرار ، فقطعت تلك الجداول والأنهار ، وانقطعت تلك الثمار ، وبادت تلك الزروع والأشجار ، وتبدلوا بعدها برديء الأشجار والأثمار كما قال العزيز الجبار وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد : هو الأراك وثمره البرير ، وأثل وهو الطرفاء وقيل : يشبهه وهو حطب لأثمر له وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ وذلك لأنه لما كان يثمر النبق كان قليلا مع أنه ذو شوك كثير ، وثمره بالنسبة إليه كما يقال في المثل : لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى ، ولهذا قال تعالى ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ أي : إنما نعاقب هذه العقوبة الشديدة من كفر بنا وكذب رسلنا وخالف أمرنا وانتهك محارمنا وقال تعالى فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ وذلك أنهم لما هلكت أموالهم وخربت بلادهم احتاجوا أن يرتجلوا منها وينتقلوا عنها فتفرقوا في غور البلاد ونجدها أيدي سبأ شذر مذر ، فنزلت طوائف منهم الحجاز وهم خزاعة نزلوا ظاهر مكة وكان من أمرهم ما سنذكره ، ومنهم المدينة المنورة اليوم ، فكانوا أول من سكنها ثم نزلت عندهم ثلاث قبائل من اليهود : بنو قينقاع وبنو قريظة وبنو النضير فحالفوا الأوس والخزرج وأقاموا عندهم ، وكان من أمرهم ما سنذكره ، ونزلت طائفة أخرى منهم الشام وهم الذين تنصروا فيما بعد وهم غسان وعاملة وبهراء ولخم وجذام وتنوخ وتغلب وغيرهم وسنذكرهم عند ذكر فتوح الشام في زمن الشيخين رضي الله عنهما.
قال محمد بن إسحاق : حدثني أبو عبيدة قال : قال الأعشى بن قيس بن ثعلبة وهو ميمون بن قيس
وفـــي ذاك للمؤتســى أســوة

ومــأرم عفــي عليهــا العـرم

رخـــام بنتــه لهــم حــمير

إذا جـــاء مــواره لــم يــرم

فـــأروى الـــزرع وأعنانهــا

عــلى ســعة مــاءهم إذ قسـم

فصـــاروا أيــادي لا يقــدرون

عـلى شـرب طفـل إذا مـا فطـم


وقد ذكر محمد بن إسحاق في كتاب " السيرة " أن أول من خرج من اليمن قبل سيل العرم عمرو بن عامر اللخمي ولخم هو ابن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن هميسع بن عمرو بن عريب بن يشجب بن زيد بن كهلان بن سبأ ويقال : لخم بن عدي بن عمرو بن سبأ قاله ابن هشام قال ابن إسحاق وكان سبب خروجه من اليمن ، فيما حدثني أبو زيد الأنصاري أنه رأى جرذا يحفر في سد مأرب الذي كان يحبس عليهم الماء فيصرفونه حيث شاءوا من أرضهم ، فعلم أنه لا بقاء للسد على ذلك ، فاعتزم على النقلة عن اليمن فكاد قومه فأمر أصغر ولده إذا أغلظ عليه ولطمه أن يقوم إليه فيلطمه ففعل ابنه ما أمره به فقال عمرو : لا أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي وعرض أمواله فقال أشراف من أشراف اليمن : اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا منه أمواله وانتقل في ولده ، وولد ولده وقالت الأزد : لا نتخلف عن عمرو بن عامر ، فباعوا أموالهم وخرجوا معه فساروا حتى نزلوا بلاد عك مجتازين يرتادون البلدان فحاربتهم عك فكانت حربهم سجالا ففي ذلك قال عباس بن مرداس
وعـك بـن عدنـان الـذين تلعبـوا

بغسـان حـتى طـردوا كـل مطرد


قال : فارتحلوا عنهم فتفرقوا في البلاد فنزل آل جفنة بن عمرو بن عامر الشام ونزل الأوس والخزرج يثرب ونزلت خزاعة مرا ونزلت أزد السراة السراة ونزلت أزد عمان عمان ثم أرسل الله تعالى على السد السيل فهدمه وفي ذلك أنزل الله هذه الآيات وقد روي عن السدي قريب من هذا وعن محمد بن إسحاق في رواية أن عمرو بن عامر كان كاهنا ، وقال غيره كانت امرأته طريفة بنت الخير الحميرية كاهنة فأخبرت بقرب هلاك بلادهم وكأنهم رأوا شاهد ذلك في الفأر الذي سلط على سدهم ، ففعلوا ما فعلوا والله أعلم وقد ذكرت قصته مطولة عن عكرمة فيما رواه ابن أبي حاتم في " التفسير ".

hellsing2009
16-01-2005, 02:49 AM
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: هو عزيز بن جروة، ويقال ابن سوريق بن عديا ابن أيوب بن
درزنا بن عرى بن تقي بن أسبوع بن فنحاص بن العازر بن هارون بن عمران.
وقال إسحاق بن بشر: أن عزيزاً كان عبداً صالحاً حكيماً، خرج ذات يوم إلي ضيعة له يتعاهدها،
فلما انصرف أتى إلي خربة حين قامت الظهيرة وأصابه الحر، ودخل الخربة وهو على حماره فنزل
عن حماره، ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب، فنزل في ظل تلك الخربة وأخرج خبزاً يابساً معه،
فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتلى ليأكله، ثم استلقى على قفاه وأسند رجليه إلي الحائط،
فنظر إلي سقف تلك البيوت، ورأى ما فيها وهي قائمة على عروشها، وقد باد أهلها ورأى عظاماً
بالية فقال: (أنى يحيى هذه الله بعد موتها) فلم يشك أن الله يحييها، ولكن قالها تعجباً، فبعث
الله ملك الموت فقبض روحه، فأماته الله مائة عام.
فلما أتت عليه مائة عام، وكانت فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث، قال: فبعث الله إلي
عزيز ملكاً فخلق قلبه وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى، ثم ركب خلقه وهو ينظر، ثم
كسا عظامه اللحم والشعر والجلد ثم نفخ فيه الروح، كل ذلك وهو يرى ويعقل، فاستوى جالساً، فقال
له الملك: كيف لبثت؟ قال: لبثت يوماً، وذلك أنه كان لبث صدر النهار عند الظهيرة وبعث في
آخر النهار والشمس لم تغب، فقال: أو بعض يوم ولم يتم لي يوم، فقال له الملك: بل لبثت مائة
عام، فانظر إلي طعامك وشرابك، يعني الطعام الخبز اليابس، وشرابه العصير الذي كان اعتصره
في القصعة، فإذا هما على حالهما لم يتغير العصير والخبز اليابس، فذلك قوله: (لم يتسنه)
يعني: لم يتغير.
وكذلك التين والعنب غض لم يتغير شيء من حالهما، فكأنه أنكر في قلبه، فقال له الملك: أنكرت
ما قلت لك؟ انظر إلي حمارك فنظر إلي حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة، فنادى الملك عظام
الحمار، فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتى ركبه وعزيز ينظر إليه، ثم ألبسها العروق والعصب، ثم
كساها اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر، ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار، رافعاً رأسه وأذنيه إلي
السماء ناهقاً يظن القيامة قد قامت، فذلك قوله: (وانظر إلي حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر
إلي العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً). يعني: وانظر إلي عظام حمارك كيف يركب
بعضها بعضاً في أوصالها، حتى إذا صارت عظاماً مصوراً حماراً بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها
لحماً: (فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير) من إحياء الموتى وغيره.
قال: فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر منزله، فانطلق إلي وهم منه
حتى أتى منزله، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم، فخرج
عنهم عزيز وهي بنت عشرين سنة كانت عرفته وعقلته، فلما أصابها الكبر أصابها الزمانة، فقال
لها عزيز: يا هذه أهذا منزل عزيز؟ قالت: نعم هذا منزل عزيز، فبكت، وقالت: ما رأيت
أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عزيزاً، وقد نسيه الناس، قال: فإني أنا عزيز، كان الله أماتني مائة
سنة ثم بعثني، قالت: سبحان الله! فإن عزيزاً قد فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر، قال:
فإني أنا عزيز، قالت: فإن عزيز رجل مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية
والشفاء، فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك فإن كنت عزيزاً عرفتك.
قال: فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا وأخذ بيدها وقال: قومي بإذن الله، فأطلق الله
رجليها، فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال، فنظرت فقالت: اشهد أنك عزيز. وانطلقت
إلي مجلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم، وابن لعزيز شيخ ابن مائة سنة وثماني عشر
سنة، وبني بنيه شيوخ في المجلس فنادتهم، فقالت: هذا عزيز قد جاءكم. فكذبوها، فقالت: أنا
فلانة مولاتكم دعا ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي، وزعم أن الله أماته مائة سنة ثم بعثه، قال:
فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه، فقال ابنه: كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه، فكشف عن
كتفيه فإذا هو عزيز، فقالت بنو إسرائيل: فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة فيما حدثنا غير عزيز
وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال فاكتبها لنا، وكان أبوه سروخاً
قد دفن التوراة أيام بتختصنر في موضع لم يعرفه أحد غير عزيز، فانطلق بهم إلي ذلك الموضع
فحفره فاستخرج التوراة وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب.
قال: وجلس في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة، ونزل من السماء شهابان حتى
دخلا جوفه، فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل، فمن ثم قالت اليهود عزيز ابن الله، للذي كان من
أمر الشهابين وتجديده التوراة وقيامه بأمر بني إسرائيل كان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير
حزقيل، والقرية التي مات فيها يقال لها ساير اباذ. قال ابن عباس: فكان كما قال الله تعالى:
(ولنجعلك آية للناس) يعني: لبني إسرائيل، وذلك أنه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو
شاب، لأنه مات وهو ابن أربعين سنة، فبعثه الله شاباً كهيئته يوم مات. قال ابن عباس: بعث
بعد بختنصر، وكذلك قال الحسن.
والمشهور أن عزيزاً نبي من أنبياء بني إسرائيل، وأنه كان فيما بين داود وسليمان وبين زكريا
ويحيى، وأنه لما لم يبق في بني إسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها، فسردها على بني
إسرائيل، كما قال وهب بن منبه: أمر الله ملكاً فنزل بمعرفة من نور فقذفها في عزيز فنسخ
التوراة حرفاً بحرف حتى فرغ منها.
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أولى الناس بابن مريم،
والأنبياء أولاد علات، وليس بيني وبينه نبي"
وقال وهب بن منبه: كان فيما بين سليمان وعيسى عليهما السلام. وقد روي ابن عساكر عن
أنس بن مالك وعطاء بن السائب أن عزيزاً كان في زمن موسى بن عمران، وأنه استأذن عليه فلم
يأذن له، يعني لما كان من سؤاله عن القدر، وأنه انصرف وهو يقول: مائة موتة أهون من ذل
ساعة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة، فأمر
بجهازه فأخرج من تحتها، ثم أمر بها فأحرقت بالنار، فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة"
فروى إسحاق بن بشر عن ابن جريج، عن عبد الوهاب ابن مجاهد، عن أبيه أنه عزيز. وكذا
روى عن ابن عباس والحسن البصري أنه عزيز.

hellsing2009
18-01-2005, 12:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


هناك صورة مضيئة من حياة التوابين الأوابين وهو عبد الله بن مبارك التابعي الجليل ، وكان هذا الرجل دائما يقول ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، وفى هذه القصة نرى إن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى وان الأفعال تقدر بقدرها وبحسب نيته صاحبها



كان هذا الرجل يتزود للحج في كل عام وكان ذات يوم وهو في طريقه وجد امرأة تلتقط من قارعة الطريق ميته من حيوان ميت فتأخذها وتضعها في ثيابها ، فنادى عليها هذا الرجل ليسألها ما بك يا أمه الله تأخذين هذا الحيوان الميت وقد صار عفنا ؟

فقالت له ما شأنك بنا يا رجل اتركنا وشأننا فنحن أهل بيت لا عائل له وقد مات زوجي ، وعندي صبيه صغار يتضورون الجوع وقد احل الله لنا الميتة فليس عندنا أي شئ .

فرق لها الرجل وأعطاها نفقه حجه ليضع صرة النقود كلها في حجرها وينصرف ويعود إلى بلدة

وحين عاد الحجيج ذهب هذا الرجل ليهنئهم بسلامه العودة ، فيقولون له : نهنئك أنت يا ابن المبارك فقد كنت معنا فى كل موقف وعند كل نسك فقال لهم هل رأيتموني ؟ فيقولون له : نعم لقد هيأ الله سبحانه وتعالى لنا ملكا على صورتك فحج عنك جزاء الصدقة مع الله الواحد الأحد و أنقذ أسره مؤمنه من الجوع والفقر



ونجد أن المسلمين يكرروا الحج كل عام وقد جعلوا الحج مظهريه في حين أن يوجد فقراء ومساكين يعانون من الجوع والمرض بحاجة إلى هذا المال ، مع العلم أن ثواب الصدقة يرقى لثواب الحج



مع العلم أن الحج فرض لمرة واحدة فقط ، فإذا كنت تريد كثره الثواب حج مره واحدة ، أعطي مالك بعد ذلك لمن لا يجد ملبس أو مأكل أو مكان ينام به أو من لم يجد مكان يأويه




أمل توفيق