رفعت خالد
14-01-2005, 12:54 PM
السلام عليكم يا شباب... سأقدم لكم الآن قصة من تأليفي... تحكي عن ظاهرة موجودة بكثرة في المغرب وبالضبط المنطقة التي أتواجد بها...ولكي لا أطيل عليكم، سأترككم مع قصتي المتواضعة والتي أتمنى ألا تكون مملة...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المغامرة الأخيرة
عثمان طالب بالسنة الأخيرة ثانوي، يمتاز بقدر لا بأس به من الغباء كما يصفه الأساتذة...
ومن يعرفه يلاحظ فيه شيء آخر.. إنه شروده الغريب.. كل ما تراه هو عينان زائغتان تنظران إلى عوالم أخرى.. وفي الغالب يكون تائها في ذلك الموضوع الشائك.. الموضوع الذي يجعله يتكلم وحده في الشارع كالأبله..
إنه موضوع البحث عن عمل!.. مما يجعله لا يعرف بالضبط ماذا يريد.. الطب، الهندسة، المعلوميات... تلميع الأحذية!!..
يرى شباباً، بعضهم يعرفهم منذ الابتدائي، و قد عادوا من أوروبا بسيارات فاخرة، لا يمكنك إلا أن تفتح فمك عن آخره عندما تمر أمامك... فتبدأ معاناته بلوم نفسه و حظه العثر بعبارات على غرار (أنا لا شيء... ما دوري في هذه الحياة اللعينة؟)..
و في يوم من الأيام قال الأستاذ أثناء الدرس بعد أن رأى ظاهرة الكسل و التراخي تكتسح التلاميذ:
" لا ينبغي على الإنسان الشعور باليأس.. وهناك طريقة واحدة يمكنه الفشل بها.. إنها الاستسلام.."
وبالطبع وجد عثمان هذا كله سخف و حماقة لأنه قد فقد طموحه بالكامل..
ويجب الذكر هنا أن فكرة الانتحار جالت بذهن صاحبنا أكثر من مرة، وأصبح يعيش حياة من الفوضى، حيث لا يعتني بنفسه كثيراً، و شعره صار أشعثا لدرجة تثير الشفقة...
وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا بنقطة هزيلة، وجد نفسه مقصياً، وقد انغلقت في وجهه كل الأبواب و عاش فترة من الاكتئاب الحاد...
وجد جماعة من البطاليين مثله... وقام معهم ببعض المظاهرات في الشوارع وأمام الوزارات...
وبعد أن وجد أن هذا النوع من الاحتجاج المتوقف على رفع الأيادي و ترديد بعض الشعارات مجرد هدر للوقت... توجه لحياة الانحراف حيث بدأ التدخين و أدمن على المخدرات بشكل مفزع... وبدأت الهجرة إلى الخارج تعرف مكانها في رأسه...
سمع عثمان من أصدقائه عن أحد المهربين الذي يساعد الشباب في الهجرة لإسبانيا مقابل قدر لا بأس به من المال... فأحس بنشوة و فرحة تغمران جسده.. هذا ما كان ينتظره بالضبط... فقال لصديقه على الفور:
- إما ربحة أو ذبحة، إنها المغامرة الأخيرة، و...
بتر عبارته فجأة… و انقلبت الفرحة إلى حزن وغيظ في نفس الوقت، عندما تذكر أنه لا يملك درهما واحدا للقيام بهذه المغامرة الأخيرة كما اعتبرها...
اتفق مع صاحبيه لسرقة إحدى الدكاكين… وفي ليلة مظلمة تسللوا باحتراف… وبحذر قاموا ببعض العمليات المعقدة لتكسير القفل… وبعد جهد لم يدم طويلا سُمعت تلك التكة المحببة للنفس… ودخلوا.
بعد بضع دقائق… خرجوا مسرعين وأحدهم يحمل كيسا متوسط الحجم…
حصل عثمان على نصيبه من عملية السطو الناجحة هاته… ودفع المال المطلوب ليسجل نفسه ضمن لائحة المهاجرين غير الشرعيين.
رتب مع الآخرين موعد ركوب البحر وكان ذلك يوم الأحد، يومٌ كان فيه القمر مكتملا… وهاهو ذا عثمان يمشي على الرمل بخفة لينضم إلى جمع غفير من الشباب الملثم… تبادل معهم بعض الكلمات ثم توجهوا بخفة وسرعة إلى الشاطئ.
كان الزورق يتمايل ببطئ فوق صفحة الماء البراقة قبل أن يقفز إليه الحشد من الشباب المذعورين.
شعر عثمان برجفة تزحف على عموده الفقري عندما أدار القبطان المحرك… وبعد وقت لا بأس به و الزورق ينطلق بسرعة شاقا طريقه وسط البحر اللانهائي، شرد بذهنه بعيدا وهو يشاهد الماء البراق يتموج ببطئ والسواد يحيط به من كل جانب، ثم غفا بعد ذلك….
قفز من مكانه على إثر جلبة وصراخ… الكل يتحرك ويصرخ.. ماذا هناك بحق السماء؟...
ثم سرعان ما فهم –مذعورا- أن هناك ثقب ما في الزورق…
بدأ الزورق يميل، واشتد الصراخ واختلط ببكاء البعض ودعاء البعض الآخر… وهنا فقط فهم عثمان أن حياته قد وصلت إلى النهاية…
وكان آخر شيء جال بذهنه هو صورة والدته وهي تدعو له بالنجاح والتوفيق في العثور على عمل… ولكن-للأسف- كانت هذه هي المغامرة الأخيرة كما قدرها…
تمت بحمد الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
والآن يا أصدقائي لا تبخلو علي بملاحظاتكم و انتقاداتكم...
وإلى قصة أخرى إن شاء الله...
تحياتي...:)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المغامرة الأخيرة
عثمان طالب بالسنة الأخيرة ثانوي، يمتاز بقدر لا بأس به من الغباء كما يصفه الأساتذة...
ومن يعرفه يلاحظ فيه شيء آخر.. إنه شروده الغريب.. كل ما تراه هو عينان زائغتان تنظران إلى عوالم أخرى.. وفي الغالب يكون تائها في ذلك الموضوع الشائك.. الموضوع الذي يجعله يتكلم وحده في الشارع كالأبله..
إنه موضوع البحث عن عمل!.. مما يجعله لا يعرف بالضبط ماذا يريد.. الطب، الهندسة، المعلوميات... تلميع الأحذية!!..
يرى شباباً، بعضهم يعرفهم منذ الابتدائي، و قد عادوا من أوروبا بسيارات فاخرة، لا يمكنك إلا أن تفتح فمك عن آخره عندما تمر أمامك... فتبدأ معاناته بلوم نفسه و حظه العثر بعبارات على غرار (أنا لا شيء... ما دوري في هذه الحياة اللعينة؟)..
و في يوم من الأيام قال الأستاذ أثناء الدرس بعد أن رأى ظاهرة الكسل و التراخي تكتسح التلاميذ:
" لا ينبغي على الإنسان الشعور باليأس.. وهناك طريقة واحدة يمكنه الفشل بها.. إنها الاستسلام.."
وبالطبع وجد عثمان هذا كله سخف و حماقة لأنه قد فقد طموحه بالكامل..
ويجب الذكر هنا أن فكرة الانتحار جالت بذهن صاحبنا أكثر من مرة، وأصبح يعيش حياة من الفوضى، حيث لا يعتني بنفسه كثيراً، و شعره صار أشعثا لدرجة تثير الشفقة...
وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا بنقطة هزيلة، وجد نفسه مقصياً، وقد انغلقت في وجهه كل الأبواب و عاش فترة من الاكتئاب الحاد...
وجد جماعة من البطاليين مثله... وقام معهم ببعض المظاهرات في الشوارع وأمام الوزارات...
وبعد أن وجد أن هذا النوع من الاحتجاج المتوقف على رفع الأيادي و ترديد بعض الشعارات مجرد هدر للوقت... توجه لحياة الانحراف حيث بدأ التدخين و أدمن على المخدرات بشكل مفزع... وبدأت الهجرة إلى الخارج تعرف مكانها في رأسه...
سمع عثمان من أصدقائه عن أحد المهربين الذي يساعد الشباب في الهجرة لإسبانيا مقابل قدر لا بأس به من المال... فأحس بنشوة و فرحة تغمران جسده.. هذا ما كان ينتظره بالضبط... فقال لصديقه على الفور:
- إما ربحة أو ذبحة، إنها المغامرة الأخيرة، و...
بتر عبارته فجأة… و انقلبت الفرحة إلى حزن وغيظ في نفس الوقت، عندما تذكر أنه لا يملك درهما واحدا للقيام بهذه المغامرة الأخيرة كما اعتبرها...
اتفق مع صاحبيه لسرقة إحدى الدكاكين… وفي ليلة مظلمة تسللوا باحتراف… وبحذر قاموا ببعض العمليات المعقدة لتكسير القفل… وبعد جهد لم يدم طويلا سُمعت تلك التكة المحببة للنفس… ودخلوا.
بعد بضع دقائق… خرجوا مسرعين وأحدهم يحمل كيسا متوسط الحجم…
حصل عثمان على نصيبه من عملية السطو الناجحة هاته… ودفع المال المطلوب ليسجل نفسه ضمن لائحة المهاجرين غير الشرعيين.
رتب مع الآخرين موعد ركوب البحر وكان ذلك يوم الأحد، يومٌ كان فيه القمر مكتملا… وهاهو ذا عثمان يمشي على الرمل بخفة لينضم إلى جمع غفير من الشباب الملثم… تبادل معهم بعض الكلمات ثم توجهوا بخفة وسرعة إلى الشاطئ.
كان الزورق يتمايل ببطئ فوق صفحة الماء البراقة قبل أن يقفز إليه الحشد من الشباب المذعورين.
شعر عثمان برجفة تزحف على عموده الفقري عندما أدار القبطان المحرك… وبعد وقت لا بأس به و الزورق ينطلق بسرعة شاقا طريقه وسط البحر اللانهائي، شرد بذهنه بعيدا وهو يشاهد الماء البراق يتموج ببطئ والسواد يحيط به من كل جانب، ثم غفا بعد ذلك….
قفز من مكانه على إثر جلبة وصراخ… الكل يتحرك ويصرخ.. ماذا هناك بحق السماء؟...
ثم سرعان ما فهم –مذعورا- أن هناك ثقب ما في الزورق…
بدأ الزورق يميل، واشتد الصراخ واختلط ببكاء البعض ودعاء البعض الآخر… وهنا فقط فهم عثمان أن حياته قد وصلت إلى النهاية…
وكان آخر شيء جال بذهنه هو صورة والدته وهي تدعو له بالنجاح والتوفيق في العثور على عمل… ولكن-للأسف- كانت هذه هي المغامرة الأخيرة كما قدرها…
تمت بحمد الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
والآن يا أصدقائي لا تبخلو علي بملاحظاتكم و انتقاداتكم...
وإلى قصة أخرى إن شاء الله...
تحياتي...:)