المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عالم المرأة كيف كانت النساء على عهد الصحابة؟؟؟



المسلمة روان
26-01-2005, 05:02 AM
كانت النساء على عهد الصحابة تتميز بصفات عدة يجب ان تعيها امرأة اليوم و تحفظها جيدا كي تتخذ منها اسلوب حياة ،،حيث ان هؤلاء النساء عايشوا الرسول صلى الله عليه وسلم وعايشوا السلف الصالح له من الصحابة والتابعين..
ماذا كانوا يفعلون ؟؟
و كيف نصبح مثلهم ؟؟
دعوني إخوتي اصحبكم معي فيما تيسر لي من كتاب فتيات الصحابة لمحمد بن عبد الله دويش و أنا كلي ثقة انه سينول إعجابكم كما اعجبني
من أهم صفات فتيات الصحابة الآتي:


طلب العلم
إنك لست بحاجة إلى مزيد جدل وحوار أو استعراض للأدلة والنصوص لإقناع أحد بأهمية العلم والحاجة إليه، فالجميع يدرك ذلك، والدليل على هذا أنه لا ينسب أحد للجهل إلا اعتبر ذلك ذماً ونقصاً ولو كان هو جاهلاً فعلاً، ولا ينسب أحد للعلم إلا اعتبر ذلك محمدة وثناءً، بل إن العلم أفاد الحيوان البهيم؛ فصيد الكلب المعلم يحل وصيد غير المعلم لا يحل، فإذا كان هذا الشأن في الحيوان، فكيف بالإنسان الذي كرمه الله وأعلى منـزلته؟ وحيث كان العلم بهذه المنـزلة التي جعلته يفضل على نوافل العبادات، وجعلت فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، فقد كان لنساء الصحابة القدح المعلى وقصب السبق في ذلك، ومن صور عنايتهن بالتعلم ما يلي:

1 - حفظ القرآن
في وقت لم تكن الوسائل المتاحة أمام الناس تيسر لهم أسباب التعلم، فالقارئ والمتعلم للكتابة فيهم قليل، والمصحف ليس مهيأً مجموعاً للناس يحفظون ويقرؤون منه كما أرادوا، ناهيك عن أجهزة التسجيل التي كسرت حاجز الأمية وأتاحت استماع القرآن لكل الفئات والأعمار، وفي أي وقت يشاء المستمع. لكن حين تعلو الهمة وترتفع العزيمة تهوي كل تلك الصعاب، وتزول كل تلك العقبات وغيرها، فلنر نموذجاً من عناية فتيات الصحابة بحفظ القرآن الكريم، وكيف يغتنمن الفرصة ويستثمرنها.
فعن بنت لحارثة بن النعمان قالت ما حفظت (ق) إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة قالت وكان تنورنا وتنور رسول صلى الله عليه وسلم واحداً. فأين فتياتنا اليوم من الاعتناء بحفظ القرآن الكريم وتعلمه، لاسيما وقد تيسرت السبل، وتعددت الوسائل ولم يبق لأحد عذر في التخلف؟

2 - السؤال عن العلم:
كانت بعض فتيات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يستثمرن فرصة قربهن من النبي صلى الله عليه وسلم فيسألن عما يشكل عليهن من أمور الدين، وحين ترى إحداهن أمرًا لا تدرك وجهه ومأخذه تسأله صلى الله عليه وسلم عنه، وقد نُقلت لنا من عنايتهن -رضوان الله عليهن- بالسؤال أخبار عدة يضيق المقام عن استيعابها، ولإدراكهن -رضوان الله عليهن- أن تلاوة كتاب الله تبارك وتعالى لا يسوغ أن تقف عند مجرد ترداد ألفاظه بل لا بد من التدبر وإدراك المعاني، فقد حفظت لنا السنة مواقف عدة من سؤالهن للنبي صلى الله عليه وسلم عن معاني ما قد يشكل عليهن من كتاب الله تبارك وتعالى.
فأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تحكي عن نفسها أنها أول الناس سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى آية من كتاب الله تبارك وتعالى. فعن مسروق قال كنت متكئاً عند عائشة -رضي الله عنها- فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هن؟ قالت: من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئاً فجلست فقلت: يا أم المؤمنين، ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل { وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِين ِ}، { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } ؟ فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض". ثم استدلت -رضي الله عنها- على ما تقول بآيات من كتاب الله تدل على علمها وفقهها، فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول { لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }؟ أو لم تسمع أن الله يقول { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }؟ قالت: ومن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله يقول { يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه ُ} قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول { قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون َ }( ). ومع الأهمية الملحة للسؤال وضرورته نرى أن بعض فتيات المسلمين اليوم يُفَوِّتن على أنفسهن فرصاً نادرة للتعلم والاستزادة؛ إذ قد يوفق الله بعض الفتيات أن تكون بنتاً أو أختاً لأحد طلبة العلم فتكون أقل الناس استفادة منه، ورحم الله عكرمة إذ يقول :"إن أزهد الناس في عالم أهله".
وقد أمر الله تبارك وتعالى من لا يعلم بالسؤال فقال { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }[النحل: 43].

3 - المراجعة والمناقشة:
والعلم عندهن - رضوان الله عليهن- لم يكن قاصراً على مجرد الحفظ للأخبار والروايات، بل كان مقروناً بالفهم والفقه، ولهذا حين يرد على إحداهن نص تعيه وتفهمه ثم تقوم بربطه بسائر النصوص الشرعية، وحين يبدو لديها لبس أو لا تفهم التوفيق بين هذه النصوص تراجع النبي صلى الله عليه وسلم وتناقشه في ذلك. فعن حفصة -رضي الله عنها- قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إني لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدراً والحديبية" قالت: فقلت: أليس الله عز وجل يقول {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا } قال: فسمعته يقول{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } .
وتحفظ لنا السنة أيضاً موقفاً آخر لأم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- ترى أن ما سمعته منه صلى الله عليه وسلم قد يتعارض مع قاعدة شرعية مستقرة لديها فتسأله صلى الله عليه وسلم تجلية هذا الإشكال. فعنها -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلاً من أهل مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم مثل ما أصابهم" فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان منهم مستكرهاً؟ قال:"يصيبهم كلهم ذلك ثم يبعث الله كل امرئ على نيته".

ولقد كان هذا الفقه لديها -رضي الله عنها- يعطيها زاداً يدفعها إلى أن تصحح ما تراه من أفعال أصحابه يخالف نصاً ربما لم يبلغهم، أو كان لهم عذر آخر في مخالفته. فعن نافع قال: لقي ابن عمر -رضي الله عنهما- ابن صائد في بعض طرق المدينة فقال له قولاً أغضبه، فانتفخ حتى ملأ السكة، فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها، فقالت له:رحمك الله ما أردت من ابن صائد؟ أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما يخرج من غضبة يغضبها"؟.


4 - الفقه:
ومع الحفظ والجمع للأخبار كن رضوان الله عليهن أهل فقه وفهم للنصوص، وهذا من علامة الخير كما قال صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".
وها هي شواهد من فقههن -رضوان الله عليهن
فمع عروة وهو يسأل عائشة عن آية من كتاب الله، فعن عروة ابن الزبير أنه سأل عائشة -رضي الله عنها- عن قول الله تعالى { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا } إلى { ورباع } فقالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن، قال عروة: قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فأنزل الله { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَا ء ِ} إلى قوله { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُن َّ} والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء ِ} قالت عائشة: وقول الله في الآية الأخرى { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُن َّ} يعني: هي رغبة أحدكم ليتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن.

ويسألها عن آية أخرى، فعن عروة أنه سأل عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيتِ قوله { حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } أو ( كُذِّبوا )؟ قالت: بل كذبهم قومهم، فقلت: والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن، فقالت: يا عُريَّة، لقد استيقنوا بذلك، قلت: فلعلها أو { كُذِبوا } قالت: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، وأما هذه الآية قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأست ممن كذبهم من قومهم، وظنوا أن أتباعهم كذبوهم، جاءهم نصر الله.
وعن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة -رضي الله عنها- أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها فقالت: ما أسرع ما نسي الناس، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد.

وعن أبي عطية قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال: قلنا: عبد الله -يعني ابن مسعود- قالت: كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الحفظ للنصوص أمر لا بد منه، وهو مبدأ العلم وأول خطوة فيه، لكنه ليس الخطوة الأخيرة وليس النهاية بل لا بد من الفقه والفهم، وقد أثنى تبارك وتعالى على أحد أنبيائه وأخبر أنه رُزِق الفهم فقال { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَان َ } ثم يعقب حتى لا يظن أحد أن في ذلك غمطاً لشأن داود -عليهما السلام- فيقول{ وَكُلا ءَاتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا }[الأنبياء:79]. و يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفقه في الدين دلالة على إرادة الله الخير لعبده فيقول :"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وحين كافأ صلى الله عليه وسلم ابن عباس -رضي الله عنهما- على صنيعه دعا له بهذا الدعاء "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل".

وجيل صحوتنا المباركة اليوم أحوج ما يكون إلى إدراك هذا المعنى وهو يعيش يقظة علمية مباركة بإذن الله.
إن جمع النصوص في الموضوع الواحد، وإدراك مقاصد التشريع وحكمته، والتعرف على أسباب نزول الآيات والوقائع، كل ذلك مما يعين على الفهم والفقه السليم للنصوص، وهو يحول دون خطأ وخلط أولئك الذين يستدلون بالنصوص على واقعهم الفاسد، ويحول أيضاً دون أولئك الذين تخف لديهم عظمة النص الشرعي وهيبته فيقفزون عليه ويلتفون عليه باسم الفقه والمصالح وتغير الزمان.

5 - سعة العلم:
لقد بلغ من سعة علم عائشة -رضي الله عنها- أن تكون مرجعاً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونها عما أشكل عليهم.
عن أبي بردة عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً.

وبعد فهذه الأخبار غيض من فيض، وقطرة من بحر مما ورد من عناية فتيات الصحابة رضوان الله عليهن بالعلم الذي هو ضرورة ملحة لكل مسلم ومسلمة في كل زمان ومكان.
ها هي أختي المسلمة نساء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعنايتهن بالعلم والفقه في دين الله، فأصبحن قدوة لغيرهن، فحفظ لنا التاريخ مواقف من عناية نساء المسلمات بالعلم والفقه في دين الله. فمع عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء، ورغم أنهن يحضرن مشاهد العلم والخير، فيشهدن الصلاة معه، ويسمعن القرآن والذكر، ويشهدن العيد حتى ذوات الخدور ويخصهن فيه بخطاب خاص، إلا أن ذلك لم يكن ليشبع تطلعهن ونهمهن بالعلم، فيرين أن الرجال فاقوهن في تحصيل العلم وإدراكه، فيتطلعن إلى مجلس خاص منه صلى الله عليه وسلم، ويعبرن له عن هذه الرغبة وهذا الطلب.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قالت النساء للنبي: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن:"ما منكن امرأة تُقدِّم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار" فقالت امرأة: واثنتين؟ فقال:"واثنتين.
وها هي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تشهد بهذه الشهادة لنساء الأنصار إذ تقول:"نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين".
ويحفظ لنا التاريخ بين صفحاته صوراً من عناية بعض النساء بالعلم بل تميزهن به، ومن ذلك ما ذكره الحافظ ابن كثير عن أم زينب فاطمة بنت عباس "وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية، فاستفادت منه ذلك وغيره، وقد سمعت الشيخ تقي الدين يثني عليها، ويصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيراً من المغني أو أكثره، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها، وحسن سؤالاتها وسرعة فهمها".

وفى زماننا يتأكد هذا الأمر، إذ على الأمة اليوم أن تستنفر طاقاتها وتستجمع قواها، والنساء جزء له أهمية في هذا الميدان، وثمة أمور عدة تؤكد أهمية العلم والعناية به لدى الفتاة المسلمة اليوم، نعرض بعضاً منها فيما يلي:
الأمر الأول: حين تحمل المرأة المسلمة زاداً من العلم الشرعي فهو وسيلة بإذن الله لتربية أبنائها وتعاهدهم ورعايتهم، وتعليمهم ما يجهلون من دينهم، وما أجمل أن تعتني الأم بتعليم أولادها أحكام العبادات وآدابها، وتُوقِفَهم على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي تراهم يتطهرون وتراهم يصلون، وتعيش معهم سائر أمور اليوم والليلة.
هي كذلك تمثل مرجعاً مهماً وقريباً لبناتها خاصة في المسائل التي يستحيين من سؤال آبائهن ومعلماتهن، وتكون قلباً مفتوحاً لهن يستمع وينصح ويوجِّه ويعلم.

الأمر الثاني: تحتاج الفتاة اليوم لرصيد من العلم يكون زاداً يمكن أن تملأ به المجالس بديلاً للهو والحديث غير المفيد، وما أكثر الهموم التي يجب أن تطرح للنقاش والحوار في مجالسنا.

الأمر الثالث: تحتاج الفتاة أيضاً للعلم حين تكون معلمة، فلا يقف دورها حينئذ عند مجرد قراءة الكتاب المدرسي وسرد ما فيه، بل تصبح مرجعاً لطالباتها، وحين تقدم لهن النصيحة يشعرن أنها تتكلم بعلم لا بمجرد عواطف. ولئن كانت طبيعة المرأة تحول بينها وبين بعض الفرص للتعلم، فإن التقنية المعاصرة اليوم قد هيأت أسباباً ووسائل كثيرة يمكن أن تستفيد منها الفتاة في تحصيل قدر من العلم ربما كان يصعب عليها فيما سبق. فالكتب اليوم غدت سهلة وميسرة وفي متناول كل منا، وقلما يخلو منها بيت أو منـزل، والأشرطة المسجلة التي تحوي دروس أهل العلم وأقوالهم وفتاواهم صارت في متناول الجميع، بل إن الفتاة تستطيع الاستماع إليها وهي تقضي ساعات في إعداد الطعام وكيّ الثياب وغير ذلك من الأعمال.. وغير هذه الوسائل كثير. فما بالنا مع هذه الفرص نرى بعض الفتيات الفاضلات يشتكين من الفراغ ويبحثن عما يقضين به أوقاتهن؟ لذا فهن يمضين أوقاتاً طويلة في قراءة الصحف أو المكالمات الهاتفية مع الصديقات والقريبات.

Empress uae
26-01-2005, 12:30 PM
ما شاء الله عليج أختي ما خليتي شي إلا شرحتيه. ما قصرتي بصراحة و أحلى شي بالنسبة لي الفقة.


لازم البنت تتفقه في دينها.


جزاج الله خير أختي و بارك الله فيج. :)

Empress uae
26-01-2005, 12:36 PM
ما شاء الله عليج أختي ما خليتي شي إلا شرحتيه. ما قصرتي بصراحة و أحلى شي بالنسبة لي الفقة.


لازم البنت تتفقه في دينها.


جزاج الله خير أختي و بارك الله فيج. :)

المسلمة روان
27-01-2005, 03:33 AM
تسلمي أخت empress_uae على المشاركة الطيبة

المسلمة روان
27-01-2005, 03:52 AM
العبادة

لقد خلق الله الإنسان، وسخر له ما في السموات والأرض، كل ذلك من أجل تحقيق غاية واحدة ألا وهي عبادته تبارك وتعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُون ِ)) [الذاريات 56]،

والعبادة هي القضية التي بعثت الرسل لأقوامهم من أجلها، ودار بينهم الصراع والخصومة، وكانت دعوة كل نبي تتلخص في هذه المقولة (( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه ُ)) [هود 50].

ولئن كان المسلمون جميعاً يشتركون في تحقيق أصل العبادة، إلا أنها تبقى بعد ذلك ميداناً للتفاضل والتنافس، فكلما ازداد المرء من عبادة ربه تبارك وتعالى صار أعلى مرتبة وأسمى شأناً ممن ليس كذلك. ويحتاج المرء المسلم للاعتناء بالعبادة لأن الإيمان يزيد وينقص، ومن أعظم ما يسهم في زيادته أعمال العبادات.

ويحتاج إليها لأنها زاد للثبات بإذن الله تبارك وتعالى، فالقلوب تتقلب كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"ما من قلب إلا بين أصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك"، قال "والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويخفض آخرين إلى يوم القيامة" .

وعن سبرة بن فاكهة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن ، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه".

ويصور صلى الله عليه وسلم شدة تقلب قلب العبد تصويراً دقيقاً يورث لدى المسلم الوجل والخوف والشعور بالحاجة إلى تثبيت الله وعونه، ويفسر له كثيراً من مواقف الانحراف والانتكاس التي يراها، فعن المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- أنه قال لا أقول في رجل خيراً ولا شراً حتى أنظر ما يختم له، يعني بعد شيء سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قيل وما سمعت؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"لقلب ابن آدم أشد انقلاباً من القدر إذا اجتمعت غلياً".

وفي تصوير آخر لحال القلب يقول صلى الله عليه وسلم "مثل القلب مثل الريشة تقلبها الريح بفلاة". ويحتاج العبادة من يدعو إلى الله تبارك وتعالى آكد من غيره من الناس لتعينه على الاستمرار وتحمل أعباء الدعوة ومعاناة الناس، لذا فكثيراً ما كان الأمر يرد بها بعد ذكر ما يُواجه به صلى الله عليه وسلم من صد وإعراض (( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ ءَانَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى )) [طه 130]

ويحتاج إليها لأنها وسيلة لتربية النفس وإصلاحها وتنقيتها من أمراض الشهوات والشبهات.
لذا فقد كان الجيل الأول من نساء الأمة مضرب المثل في ذلك، وقدوة لمن جاء بعدهن.

قالت عائشة -رضي الله عنها- "ولم أر امرأةً قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله وأصدق حديثاً وأوصل للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تَصدَّق به وتقرب به إلى الله تعالى".
ولئن كانت هذه أوصافاً عامة لعبادتهن -رضوان الله عليهن-، فسيرهن وأخبارهن تشهد بقدم صدق وسابقة في أبواب الخير والعبادة،

المسلمة روان
28-01-2005, 05:58 PM
الصلاة

الصلاة ثاني أركان الإسلام وأفضلها بعد الشهادتين، لذا فلنوافلها فضل ليس لغيرها.
عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال:
لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، أو قال قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته فسكت، ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة" قال: معدان ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال لي ثوبان.

وعن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- قال كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي:"سل" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال:"أو غير ذلك" قلت: هو ذاك، قال:"فأعني على نفسك بكثرة السجود".
لذا كان لهن -رضوان الله عليهن- عناية بشأن الصلاة واجتهاد فيها.

عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنها قالت: فزع النبي صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس فأخذ درعاً حتى أدرك بردائه، فقام بالناس قياماً طويلاً، يقوم ثم يركع، قالت: فجعلت أنظر إلى المرأة التي هي أكبر مني قائمة وإلى المرأة التي هي أسقم مني قائمة فقلت: إني أحق أن أصبر على طول القيام منك.

وكان لعائشة -رضي الله عنها- عناية بالصلاة وهي في بيتها قال القاسم: كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة -رضي الله عنها- فأسلم عليها، فغدوت يوماً، فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُو مِ} (الطور 27) وتدعو وتبكي وترددها، فقمت حتى مللت القيام، فذهبت إلى السوق لحاجتي، ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي .
وأم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- يشهد لها جبريل بوحي من السماء بأنها صوامة قوامة. إن البيوت التي تعمر بالصلاة بيوت يحل فيها الخير والبركة، وتضيق بالشياطين فيتنادون فارين لا مقام لكم.
لذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بإحياء البيوت بالصلاة والذكر فقال صلى الله عليه وسلم :" اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً" .
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً".

فما أحوجنا اليوم لأن نملأ بيوتنا ونعمرها بعبادة الله: بالصلاة والصيام، والذكر والتسبيح وتلاوة القرآن الكريم، فيحل فيها الخير والبركة، وتكون مدرسة وقدوة للذرية والأولاد الذين يعيشون فيها.

3aShqat^aljenan
28-01-2005, 09:15 PM
بارك الله فيك اخيتي وجعله في ميزان حسناتك

المسلمة روان
30-01-2005, 01:37 AM
جزاكي الله خيرا اختي على المرور الكريم :)

المسلمة روان
30-01-2005, 01:45 AM
الصيام:

إن من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله على عباده أن نوَّع لهم أبواب الخير وطرقه، وجعلها مراتب ودرجات، فَلِعُلوِّ شأن الصيام كتبه على الأمم السابقة {يا أيها الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة 183]،
فثمة صلة وثيقة بين الصيام والتقوى جعلت صيام شهرٍ لله فرضاً على المسلمين أجمع، ثم فُتح الباب بعد ذلك للتطوع والمسابقة في الخيرات.

و يخبرنا صلى الله عليه وسلم عن عظم منـزلة الصوم وعلو درجته فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى:"كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلو فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه".

وحيث تميز الصائمون عن غيرهم بمعاناتهم للجوع والعطش، وهم يرون الناس يتمتعون بلذائذ الطعام والشراب، جازاهم تبارك وتعالى يوم القيامة من جنس عملهم، فأعطوا مزية ليست لغيرهم. فعن سهل -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد".
ولإدراك فتيات الصحابة -رضوان الله عليهن- هذا المعنى كن يجتهدن في الصيام.

فعن جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال:"أصمت أمس؟" قالت: لا، قال :"تريدين أن تصومي غداً؟" قالت: لا، قال:"فأفطري" .

ولأثر الصيام ودوره في حجب النفس عن الانسياق وراء الشهوات، وإلجامها بلجام التقوى، أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الشباب إليه فقال:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" .

ويتأكد هذا المعنى اليوم في ظل هذا العالم المائج، المليء بما يثير الغرائز والشهوات. فحين يكون للفتاة نصيب من الصيام تعتاد حبس النفس عما تدعو إليه من دواعي الهوى والصبوة، وتشعر بلذة الانتصار وحلاوة العبادة، فتدرك أنها تعيش في عالم آخر غير عالم اللاهين والعابثين، وتنظر من علو لواقع زميلاتها اللاتي يعشن في حياة اللهو والسير وراء الشهوة، حينها تملك عيناً تنظر بها إلى ما وراء هذا العالم الذي يبدو ظاهراً لامعاً براقاً، فترى فيه وحلاً منتناً لا يدرك من عاشه ما فيه من الهوان والنتن لانشغاله بسكر الهوى والهوان، فتحمد الله على الهداية، وتسأله الثبات على دينه.

المسلمة روان
30-01-2005, 06:39 PM
الذكر والتسبيح :

وكان لهن -رضوان الله عليهن- نصيب من الذكر والتسبيح لله تبارك وتعالى، فهاهي جويرية -رضي الله عنها- تفتتح يومها بالذكر والتسبيح؛ فتجلس ساعات أول النهار لتذكر ربها وتسبحه وتثني عليه.

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن جويرية -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال:"ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟" قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته".

إن الذكر عبادة ميسرة لا تفارق صاحبها الذي اعتاد عليها سفراً أو حضراً، ليلاً أو نهاراً، ولهذا أثنى الله تبارك وتعالى على عبادة الصالحين بذلك فقال{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار ِ} [آل عمران 190-191].
والأذكار منها ما هو راتب في اليوم والليلة، كأذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ… وغيرها، ومنها الذكر المطلق الذي لا يفارق صاحبه. فحين استوصى أحد الصحابة النبيَ صلى الله عليه وسلم بعمل يتمسك به أوصاه بالذكر، فعن عبد الله بن بسر -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به، قال:"لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله".

إن الذكر رفعة في الدرجات، وحطُّ للأوزار والسيئات، وسبيل لحياة القلب بإذن الله عز وجل، وفوق ذلك كله ذكر الله للذاكر{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } [البقرة 152] ، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم :" يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم…".

و الذين اعتادت ألسنتهم الذكر ولهجت به هم من أبعد الناس عن الوقوع في الغيبة والنميمة أو الحديث بما لا يليق، فألسنتهم تستثقل الحديث العابث فضلاً عما حرم الله تبارك وتعالى، والله يجزي العبد من جنس عمله فيجازيه على عبادته بحجبه عن المعصية. قال تبارك وتعالى { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون َ)} [الأنفال 24].

والذكر بعد ذلك كله عون للمرء على مشاق الدنيا ومتاعبها، فهاهو أعلم الخلق بربه يوصي به ابنته وفلذة كبده ومعها صهره وصاحبه الذي كان منه بمنـزلة هارون من موسى، ولم يوصهما صلى الله عليه وسلم به إلا وهو يعلم عظيم أثره.
قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لابن أعبد: ألا أخبرك عني وعن فاطمة -رضي الله عنها- كانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت من أكرم أهله عليه، وكانت زوجتي، فجرت بالرحى حتى أثَّر الرحى بيدها، وأسقت بالقربة حتى أثَّرت القربة بنحرها، وقمَّت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي أو خدم قال: فقلت لها:انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأليه خادماً يقيك حر ما أنت فيه، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده خدماً أو خداماً فرجعت ولم تسأله... فذكر الحديث فقال:" ألا أدلكِ على ما هو خير لكِ من خادم؟ إذا أويتِ إلى فراشكِ سبحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثا وثلاثين، وكبري أربعا وثلاثين" قال: فأخرجت رأسها فقالت: رضيت عن الله ورسوله مرتين. ولقد اعتنى علي -رضي الله عنه- بهذه الوصية وبلغت منه مبلغاً؛ إذ حَدَّث عن نفسه فقال -رضي الله عنه-:"فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم " قيل له: ولا ليلة صفين ؟ قال: "ولا ليلة صفين ".

المسلمة روان
31-01-2005, 04:59 PM
نصرة الدين

إن من تكريم الله تبارك وتعالى للناس أن حمَّلهم مسؤولية نصرة الدين والقيام به، ولو شاء تبارك وتعالى لتحقق ذلك بقدرة خارقة دون أن يكلف الناس بذلك، وهو تبارك وتعالى غني عن خلقه (( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) ) (محمد 4).

وحين نهى تبارك وتعالى عباده عن التخلي عن هذا الواجب أو التقصير في القيام به أخبر أن البديل ليس خارقة أو معجزة (( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ْ))(محمد 38).

لذا فقد شعر المسلمون أن على كل فرد منهم حظه من المسؤولية عن القيام بنصرة دين الله والذبِّ عنه، وأصبحت قضية الإسلام والمسلمين قضية تشغل الجميع ويعيشها الجميع، وليست خاصة بفئةٍ دون أخرى، وأن اختلاف طبيعة الفرد ودوره لا يلغي واجبه في المشاركة والقيام بالعبء.

ومن ثم كان للنساء دور لا ينكر في نصرة الدين، ففي حادث الهجرة -وهو من أخطر حوادث السيرة وأعمقها أثراً في مسيرة الدعوة الإسلامية- تسجل أسماء بنـت أبي بكـر -رضي الله عنهما- هذا الموقف الفريد.
حين غادر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه مكة دخل عليها جدها ليطمئن على أحوالهم فماذا كان منها؟ عن ابن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه أبو بكر احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم، قالت وانطلق بها معه، قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قالت قلت كلا يا أبت؛ إنه قد ترك لنا خيراً كثيراً، قالت فأخذت أحجاراً فتركتها فوضعتها في كوة البيت كان أبي يضع فيها ماله، ثم وضعت عليها ثوباً، ثم أخذت بيده فقلت يا أبت، ضع يدك على هذا المال، قالت فوضع يده عليه، فقال لا بأس إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا لكم بلاغ، قالت لا والله ما ترك لنا شيئاً، ولكني قد أردت أن أسكن الشيخ بذلك (رواه أحمد) .

وحين يقرأ المسلم هذا الموقف ويعود إلى واقعه المعاصر ليقارن، يرى هذا الفارق الشاسع، ويدرك أن ثمة قطيعة هائلة بين الأمة وتاريخها، وأن واقعها يعجز عن الوفاء بكثير من تبجيلها للتاريخ وإعلائها لشأنه، ويطرح المسلم بعد ذلك بجدٍ هذا السؤال ما قيمة الدين في نفوسنا؟ هاهي فتاة في مقتبل العمر لها مطالب الناس وهمومهم وحاجاتهم، ومع ذلك تتخلى عن مالها وترضى أن تعيش هذه العيشة. لقد كان بإمكانها أن تطلب من أبيها أن يترك لهم شيئاً من النفقة، وأن تذكِّره بواجبه تجاههم ولن يعيقه ذلك كله عن هجرته أو يصده عنها، لكنها لم تفعل شيئاً من ذلك لأنها تعيش هماً آخر وعالماً آخر، وتدرك أن القضية أكبر من أن تشغل والدها بهذه المطالب.

وحين نورد هذا النموذج وأمثاله للجيل اليوم فإن ذلك ليس دعوة لهم ليضعوا أنفسهم ضمن قائمة الجائعين والمعوزين، ولا ليحكموا على أنفسهم بالفقر وعيشة البؤساء، لكنها دعوة لأن نراجع أنفسنا ونسأل عن قيمة الدين لدينا وعن منـزلته في نفوسنا، وما مدى استعدادنا للتضحية في سبيل الله؟ وليكون ذلك خطاباً صريحاً لأولئك الذين يريدون نصرة الدين وهم لا يملكون هذه المعاني، دعوة لهم لأن يحققوها في أنفسهم أو يبحثوا لهم عن طريق آخر غير هذا الطريق الذي لا يسلكه إلا الجادون الأقوياء.

ونلمس في حادث الهجرة أمراً له أهميته ودلالته، فلم تكن قضية أسماء نتاج موقف أملاه مجرد قربها من بيت النبوة حين كانت ابنة الصديق، بل نلمس بعداً آخر مع ذلك في هذه القضية، فحادث الهجرة حادث فريد وخطير وهو يتعلق بمستقبل الدعوة آنذاك، نجد أنه يسهم في هذا العمل فتاة في ريعان الشباب ألا وهي أسماء رضي الله عنها، وشاب تصفه أمه بأنه ثَقِف لقن ألا وهو عبد الله بن أبي بكر، وشاب آخر هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ومع أولئك راعي غنم هو ابن فهيرة، إذاً فقد كانت قضيةً عاشها الجميع، وشاركها المجتمع بكافة فئاته.

وهاهي فاطمة -رضي الله عنها- تسجل موقفاً آخر: عن عبد الله -رضي الله عنه- قال: بينما رسول الله قائم يصلي عند الكعبة وجمع قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة -رضي الله عنها- وهي جويرية، فأقبلت تسعى وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال:"اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش" ثم سمى:"اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد" قال عبد الله: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأتبع أصحاب القليب لعنة".

وحين أدركن -رضوان الله عليهن- أهمية الجهاد وعلو منـزلته ودوره في نصرة الدين، تطلعن أن يضربن من ذلك بسهم، وأن يكون لهن مشاركة في هذا الميدان. فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال:"جهادكن الحج".

وعنها -رضي الله عنها- قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، ألا نجاهد معك؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لك أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور"، فقالت عائشة: فلا أدع الحج أبداً بعد أن سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وسارت نساء المسلمين بعد ذلك على الطريق نفسه، وأدركن أن مهمتهن لا تقف عند حد المطالب الشخصية، وتنوعت الوسائل والأعمال التي تقوم بها النساء في نصرة الدين.

فهاهي أم سليم -رضي الله عنها- تكون سبباً في إسلام أبي طلحة -رضي الله عنه-،
فعن أنس -رضي الله عنه- قال:خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها. قال ثابت: فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أم سليم الإسلام، .

وقد حفظ التاريخ نماذج من النساء اللاتي كان لهن دور لا ينكر في الدعوة والوعظ لبني جنسهن ومنهن عائشة بنت إبراهيم الواعظة العالمة المسندة، قال ابن السمعاني:سألت الحافظ إسماعيل، فقال: امرأة صالحة، تعظ النساء.
وكان لنساء المسلمين عبر التاريخ جهد في تعليم العلم، وتدريس كتاب الله تبارك وتعالى، فهذه فاطمة بنت زعبل قال عنها أبو سعد السمعاني: امرأة صالحة عالمة تعلم الجواري القرآن، سمعت من عبد الغافر جميع صحيح مسلم، وغريب الحديث للخطابي وغير ذلك.
وقال عنها الذهبي: الشيخة العالمة المقرئة الصالحة المعمرة.
وفاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلوية قال عنها ابن كثير :"وكانت واعظة لها رباط تجتمع فيه الزاهدات".
وأم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية قال عنها ابن كثير:" وكانت من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقوم على الأحمدية في مواخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالهم وأحوال أهل البدع وغيرهم، وتفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال، وهي التي ختمت نساء كثيراً القرآن، منهم أم زوجتي عائشة بنت صديق، زوجة الشيخ جمال الدين المزي، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي أم الرحيم زينب رحمهن الله وأكرمهن برحمته وجنته آمين".
وتتساءل الفتاة المسلمة اليوم حين ترى هذه النماذج: وماذا عساها أن تصنع؟ وما الدور الذي يمكن أن تقوم به في نصرة الدين وهي امرأة لها طبيعتها وحياتها الخاصة؟
إنها مجالات وميادين كثيرة، منها:

1- أن تُعِدُّ أبناءها وتحسن رعايتهم وتغرس هذه المعاني في نفوسهم، وهي حين تصنع ذلك تقوم بجهد يعجز أن يقوم به أو أن يحققه غيرها .

2 - في محيطها وعالمها الخاص وهي تلميذة أو جارة أو قريبة، حين تحمل النصيحة والكلمة الطيبة والدعوة الصادقة فهي تقدم جهداً لا ينكر في نصرة دينها. إن المسلم الغيور اليوم ليدركه الأسى حين يتأمل واقع الفتاة المسلمة التي نشأت في بيت يدين بالإسلام ولكنها تصبح وتمسي فيه على المسلسل الساقط والغناء الماجن، ولا ترى في بيتها إلا اللهو والعبث.

والأمر لا يحتاج إلى مزيد فقه وعلم، وليس كما نتصوره جهد معقد لا يجيده إلا الخاصة من الناس، بل حين تأخذ الفتاة بيد صاحبتها وزميلتها وتتحدث معها عن خطورة طريق الفساد، وأن الله فتح للمنيبين طريق التوبة، أو حين تأخذ بيديها لتجلس مع صاحباتها الأخيار، أو تشاركهن في نشاط المصلى والجمعية المدرسية لترى نموذجاً من القدوة الحسنة الصالحة، أو حين تخط بيدها رسالة مناصحة لطيفة، أو تهدي لها شريطاً أو كتاباً ينوب عنها في إيصال الرسالة والموعظة، إنها حين تفعل هذا أو ذاك ربما كتب الله على يديها الهداية والصلاح لإحدى زميلاتها، أو على الأقل تكون قد أدت الأمانة وقامت بالواجب.

3 - أو حين تكون معلمة تدرس فتيات المسلمين وتقابلهم صباح مساء، فلها حينذاك دور أيما دور. كم من فتاة من فتيات المسلمين اليوم قد أصيبت بالغفلة والإعراض، وهي مع ذلك تملك فطرة طيبة صالحة، وحين يمن الله عليها بمعلمة ناصحة تدرك وترعى الأمانة و المسؤولية وتحمل في قلبها الغيرة على الحرمات، وتقوم بدور التوجيه، فتسمع منها الكلمة الناصحة، وترى فيها العاطفة الصادقة. إن فتاة الإسلام حين يمن الله عليها بهذه أو تلك فثمة أمل في تجاوزها هذا المنعطف والمسلك الذي أراده أعداؤها لها.
وكم في مدارسنا اليوم من هؤلاء المعلمات الصالحات، فحين يدركن دورهن ورسالتهن ويقمن بهذا الواجب فإنهن يؤدين دوراً لا ينكر في نصرة الدين، ويسرن على خطى أسماء وعائشة وفاطمة رضوان الله عليهن.

4 - وحين تكون زوجة لرجل أخذ على عاتقه القيام بأعباء الدعوة إلى الله ونصرة الدين، فتكون خير معين وسند له في القيام بعبء الدعوة، فتهيئ له البيت الهادئ المريح، وتعنى بأولاده ورعايتهم، وتقف خلفه مثبتة ومؤيدة وناصرة كما كانت خديجة -رضي الله عنها- تقف مع رسول الله قائلة له:"والله لا يخزيك الله أبداً" .