المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزلازل .. وغياب الحقيقة ؟!



المســك
31-01-2005, 01:47 AM
مصدر الموضوع مفكرة الإسلام (http://www.islammemo.cc)

_______________________



ليلة الأحد الماضي كانت مناطق واسعة من سواحل وجزر ثمان دول جنوبي وجنوبي شرقي آسيا تعيش ليلة هادئة ساكنة, البحر فيها يلقي بمده المعتاد .. وانتهت تلك الليلة بما فيها , والله أعلم بما فيها . حتى إذا تنفس الصبح تنفست الأرض بأمر الجبار , فأحدثت هزة عنيفة في قعر البحار مآجت بها المياه واليابسة , وذهبت على إثر ذلك سواحل واسعة وجزر بمن فيها ..





لقد كنت أتابع الحدث أولاً بأول فكنت أقرأ في اليوم الثاني أن الضحايا تجاوزت العشرين ألفاً وأقرأ مع ذلك أن هذا الزلزال يعتبر أعنف زلزال منذ أربعين عاماً , فكنت أتعجب كيف يكون أعظم زلزال ونحن لا زلنا نذكر زلزال بام [جنوب شرق إيران] الذي تجاوز ضحاياه الخمسين ألف ..ثم تبين لي الأمر مع مرور الأيام مع تزايد عدد الضحايا بصورة مفزعة حتى كان من آخر الإحصائيات أن عدد الضحايا تجاوز [120] ألف ولازال العدد قابلاً للزيادة في الأيام القادمة حتى قال أحد المعايشين للحادث هناك أن الأمر قد يحتاج إلى ثلاثة أسابيع حتى يمكن الإحاطة بالخسائر البشرية , زد على ذلك ملايين المشردين الذين يعيشون حالة من الفقر والجوع والمرض





إن الحادث بحق حادث مفزع جلل حرك البحار فارتفعت أمواجها إلى قرابة العشرين متر وتجاوبت لحركة البحار هناك بحار يفصلها عنها عشرات الآلاف من الكيلومترات , واهتزت لذلك جزر ودمرت بيوت وقصور وفنادق ومتنزهات سياحية ,[ والله يقضي بالحق ].


إنه حدث ضخم كبير وزلزال مدمر يجب أن يوقف معه وقفات تأمل واعتبار . إن وسائل الإعلام لو نطقت بالحق وأخبرتنا خبر تلك الليلة لسمعت ورأيت ما يشيب له رأسك , مما يجري في مراقص العهر وحانات الخمور وفنادق القمار مع أنها لا تخلو من ساجد وقائم وقانت , ويوم القيامة يبعثون على نياتهم وأعمالهم .





- إن هذا الحدث فرصة لتوجيه الناس إلى ربهم , وتبصيرهم بقدرة القادر وقهره وشديد بأسه وأليم عقابه وغيرته على محارمه وحدوده ؟‍! فهل قام الإعلام بهذا ؟!!


لقد قام الإعلام في كثير من قنواته وإذاعاته وصحفه ومجلاته بدوره المعتاد في تعتيم القضايا وتمييعها والميل بها عن أسبابها الحقيقية ومقدماتها المنطقية. لقد وقع الزلزال في بام في إيران فعللوا ذلك بأنها منطقة زلازل وكذا قالوا حين وقع الزلزال في المنطقة الغربية من تركيا والذي ذهب ضحيته آلاف القتلى ودمرت بسببه آلاف المنازل ، وارتفعت معه أمواج بحر مرمرة فابتلعت نادي الضباط البحري هناك في مرفأ [غولجوك] ...؟! وكادت أمواج بحر مرمرة تبتلع حتى الخبر من شدة التعتيم .





.. ولا تزال وسائل الأعلام اليوم تكرر على المستمع الكريم هذا التعليل العليل بأن الزلازل كوارث طبيعة .. وأن هذه الأرض منطقة زالازل ..و يسدل الستار على كل حادث مشابه وينتهي التعليق ؟!! ويتوجه بالمستمع والمشاهد إلى الجوانب الإغاثية - وهي حق ندعو إليها- .


لكن الشيء الذي نستهجنه هو التفسير المادي للأحداث مع تنحية النظرة الشرعية والسنن الإلهية في الأفراد والمجتمعات .





أن أصاحب النظرة المادية قد أصيبوا بنوع هوسٍ من شدة إغراقهم في هذه النظرة , حتى إني أظن أن أحداً منهم لو عايش قارون وهو يخسف به وبداره الأرض لقال وبكل وقاحة وسذاجة : إن قارون قد ابتنى بيته على فوهة بركان ميت أو بحث عن تعليل عليل آخر ...!!


إن علماء الأرض كشفوا في دراساتهم عن أنماط غير منتظمة ومحيرة من الزلازل , لقد كشفت سلسلة الخنادق التي حفرت على امتداد خط تصدع [ سان أندرياس ] عن أنماط غير منتظمة ومحيرة من الزلازل , فقد كان هناك ثلاث زلازل خلال السنوات بين 671و797م ثم حدث انقطاع تام لمدة قرنين , وبعد ذلك حدثت ثلاث زلازل خلال السنوات 997 و1100م وبعدها لم يسجل شيء لمدت 246سنة تلا ذلك زلزالان في عامي 1346 و1480فجاء بعدهما ثلاث قرون من عدم النشاط إلى أن بدأت الانفجارات العنيفة مرة أخرى بين السنوات 1812 و1857م ...


إن شيئاً من التفسير المادي الذي يعتمد على الدراسة والبحث , قد يكون صائباً في بيان سبب الزلزال , لكن السؤال الذي يجب على وسائل الإعلام وعلى غيرها أن تطرحه هو : بأمر من يحدث الزلزال ؟ ومتى يحدث ؟ وكيف يحدث ...؟! [ قل إن الأمر كله لله]


- إن العلم الحديث قد يكشف شيئاً من أسباب الزلازل السابقة , لكنه يبقى عاجزاً عن معرفة بعض الأسباب لزلازل جديدة ويبقى العالم بكل ما أوتي من قوة عاجز عن تلافيها ودفع أضرارها [ والله يحكم لا معقب لحكمه ].





إن الزلازل آية من آيات الله يخوف الله بها عباده , ينتظر من القلوب أن تحيا عند وقوعها لا أن تموت , ومن النفوس أن تستنير لا أن تطاول في العمى وتصر على الغي واتباع الهوى .


وتكون المصائب نعمة وتنقلب المحنة منحة حين يستفاد منها في توجيه الناس إلى الله واستدراك أيامهم بالتوبة قبل أن يقطع دونها


لك الحمد إن الرزايا عطايا وإن المصيباتِ بعضُ الكرم


لقد وقع الزلزال وفي بعض المناطق حفلات صاخبة وليالٍ حمراء طمرتها التقمها الطوفان , وابتلعتها الأرض [ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ] ومن رحمة الله أن هذا الزلزال لم يكن في الصيف ؟! وإلا لرأيت المصاب يمتد إلى دول إسلامية وعربية كثيرة قد امتلأت بهم مناطق السياحة هناك ...





- إن الأصل في المؤمن أن يكون مرهف الحس لمثل هذه الأحوال المخيفة والأمور المهيبة .وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا هبت الريح الشديدة عرف ذلك في وجهه صلى الله عليه وسلم , وحين ينعقد الغمام في السماء ويكون السحاب ركاماً بعضه فوق بعض ترى النبي صلى الله عليه وسلم يُقبل ويدبر ويدخل البيت ويخرج والهم يعلو محياه , فتقول عائشة مالك: يا رسول الله . فيقول : ما يؤمنني أن يكون عذاباً إن قوماً رأو ذلك فقالوا: هذا عارضٌ ممطرنا . فقال الله : [ بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ]حتى إذا نزل المطر سُرِّي عنه صلى الله عليه وسلم .


بمثل هذه النفوس العارفة بالله يتعامل مع الأحداث تعاملاً يثمر حياة القلوب ورقتها , لقد تزلزلت الأرض على عهد عمر رضي الله عنه فكيف تعامل معه وماهي التصريحات التي خرج بها على الناس ؟!! روي الإمام أحمد عن صفيه أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: [ زلزلت المدينة على عهد عمر فقال: يا أيها الناس ما هذا ؟! ما أسرع ما أحدثتم - يعني من العصيان والمخالفة - لئن عادت لا تجدونني فيها ].





لقد كان عمر رضي الله عنه يعرف أن وجود بعض المعاصي داخل مجتمع المدينة سبب لوقوع البلاء , حتى ولو كان مجتمع المدينة المثالي الذي وضع أساسه وأقام دعائمه محمد صلى الله عليه وسلم .المجتمع الذي يحتج بقول وفعل أهله لتمسكهم بالسنة .. فيا ترى ما هي الذنوب التي أغلقت المدينة النبوية أبوابها عليها في زمن عمر ؟! هل كانت حانات للخمور .. أو دور للبغاء .. أو فنادق للقمار .. أو معابد الوثنية وقبوراً تعبد من دون الله ... ؟!!!





أن رسالة رواد المنابر وأساتذة التعليم وأصحاب الأقلام في مثل هذه الأحداث هو رد الناس إلي الأسباب الحقيقية لهذه الكوارث ودعوتهم إلى التوبة والاستغفار , ثبت أن الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله : لما وقع الزلزال في زمانه كتب إلى عماله في البلدان و أمرهم أن يأمرو المسلمين بالتوبة إلى الله والضراعة إليه والاستغفار من ذنوبهم .


إنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة , وصنائع المعروف تطفئ غضب الرب , ذكر الطبري في تاريخه [4/102] وذكر ذلك الواقدي أيضا، أنه في سنة تسع عشرة ظهرت نار من حرة ليلى بالمدينة فأراد عمر أن يخرج بالرجال إليها ، ثم أمر المسلمين بالصدقة فطفئت ولله الحمد .





الواجب على المؤمنين أن يكونوا على وجلٍ من ذنوبهم كما قال الحسن البصري رحمه الله : إن المؤمن لا يصبح إلا خائفاً ولا يصلحه إلا ذاك ...الخ , وعليهم أن يرجعوا إلى ربهم ويتوبوا إليه [ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون].


أما أن تحور القضية على أنها حوادث طبيعية وكفى , ويبقى الناس على بعدهم وغفلتهم وقسوة قلوبهم وترتجف البحار ولا ترتجف القلوب .. فهذا وربي أشد من تزلزل الأرض لأن موت القلوب أشد من موت الأبدان , عجيب حال الناس الزلزال يضرب في غرب البلاد والناس في شرقها لا يزالون [ في غمرة ساهون ] .


لقد نعى الله على الكافرين والمنافقين– أصحاب القلوب المريضة أو الميتة - أنهم لا يعتبرون ولايذّكرون بل ربما زادتهم البلايا بعداً وصدوداً [ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيرا] [أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذّكرون] [ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون $ فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ماكانوا يعملون ].





إن الذنوب والمعاصي هي السبب الكبير في المحن والزلازل والفيضانات والبراكين والأمراض التي لم تكن من قبل . [وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ] [ فكلاً أخذنا بذنبه]


روي الترمذي في جامعه عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: [ في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف . فقال رجل من المسلمين : يا رسول الله ومتى ذلك ؟ قال : إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور]. وفي رواية [ إذا كثر الخبث ...]


إن مجتمعات المسلمين اليوم تعج بذنوب كثيرة من شرك صراح وأكل للربا وشرب للخمور وزناً وفواحش توجب الوجل من حلول عقوباتها [ أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فماهم بمعجزين # أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم ] [قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون]





روى الإمام أحمد في مسنده عن عبيد الله بن جرير عن أبيه أن النبي صلى الله علي وسلم قال : ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله لم يغيروه إلا عمّهم الله بعقاب ].


يا مخطئاً ما أجهلك عصيت ربـاً عدَّلك


وأقدرك وأمهلك .. عجل وبـادر أملك


واختم بخير عملك ونــاد رباً فضلك


لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك











إبراهيم بن صالح الدحيم



_____________________________________________



منقول من موقع مفكرة الاسلام