المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعر "]§[° البارودي °]§["



Another_One
12-02-2005, 09:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

ان الناظر للقصائد الرائعة للبارودي
لا يقدر سوى أن يشعر بعظمة شعره الخلاب
في المعاني والكلمات

ولأني أحد المعجبين بشعره وبشخصيته في الحياة
احببت أن اقدم لكم نبذة عن حياته
ومجموعة من أروع وأجمل قصائده الشعرية

محمود سامي البارودي

http://www.adb1.com/111.jpg
المولد والنشأة

ولد محمود سامي البارودي بالقاهرة في (27من رجب 1255 هـ = 6 من أكتوبر 1839م) لأبوين من الجراكسة، وجاءت شهرته بالبارودي نسبة إلى بلدة "إيتاي البارود" التابعة لمحافظة البحيرة بمصر، وكان أحد أجداده ملتزمًا لها ويجمع الضرائب من أهلها.

نشأ البارودي في أسرة على شيء من الثراء والسلطان، فأبوه كان ضابطًا في الجيش المصري برتبة لواء، وعُين مديرًا لمدينتي "بربر" و"دنقلة" في السودان، ومات هناك، وكان ابنه محمود سامي حينئذ في السابعة من عمره.

تلقى البارودي دروسه الأولى في بيته، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف، ودرس شيئًا من الفقه والتاريخ والحساب، ثم التحق وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية سنة (1268هـ = 1852م)، وفي هذه الفترة بدأ يظهر شغفًا بالشعر العربي وشعرائه الفحول، وبعد أربع سنوات من الدراسة تخرّج برتبة "باشجاويش" ثم سافر إلى إستانبول مقر الخلافة العثمانية، والتحق بوزارة الخارجية، وتمكن في أثناء إقامته من إتقان التركية والفارسية ومطالعة آدابهما، وحفظ كثيرًا من أشعارهما، ودعته سليقته الشعرية المتوهجة إلى نظم الشعر بهما كما ينظم بالعربية، ولما سافر الخديوي إسماعيل إلى العاصمة العثمانية بعد توليه العرش ليقدم آيات الشكر للخلافة، ألحق البارودي بحاشيته، فعاد إلى مصر بعد غيبة طويلة امتددت ثماني سنوات، ولم يلبث أن حنّ البارودي إلى حياة الجندية، فترك معية الخديوي إلى الجيش برتبة بكباشي.

حياة الجندية

وفي أثناء عمله بالجيش اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت سنة (1282 هـ = 1865م) لمساندة جيش الخلافة العثمانية في إخماد الفتنة التي نشبت في جزيرة "كريت"، وهناك أبلى البارودي بلاء حسنًا، وجرى الشعر على لسانه يتغنى ببلده الذي فارقه، ويصف جانبًا من الحرب التي خاض غمارها، في رائعة من روائعه الخالدة التي مطلعها:

أخذ الكرى بمعاقد الأجفان
وهفا السرى بأعنة الفرسان

والليل منشور الذوائب ضارب
فوق المتالع والربا بجران

لا تستبين العين في ظلماته
إلا اشتعال أسِنَّة المران


(الكرى: النوم، هفا: أسرع، السرى: السير ليلاً، المتالع: التلال، ضارب بجران: يقصد أن الليل يعم الكون ظلامه).


الخديوي إسماعيل

وبعد عودة البارودي من حرب كريت تم نقله إلى المعية الخديوية ياورًا خاصًا للخديوي إسماعيل، وقد ظل في هذا المنصب ثمانية أعوام، ثم تم تعيينه كبيرًا لياوران ولي العهد "توفيق بن إسماعيل" في (ربيع الآخر 1290هـ = يونيو 1873م)، ومكث في منصبه سنتين ونصف السنة، عاد بعدها إلى معية الخديوي إسماعيل كاتبًا لسره (سكرتيرًا)، ثم ترك منصبه في القصر وعاد إلى الجيش.

ولما استنجدت الدولة العثمانية بمصر في حربها ضد روسيا ورومانيا وبلغاريا والصرب، كان البارودي ضمن قواد الحملة الضخمة التي بعثتها مصر، ونزلت الحملة في "وارنة" أحد ثغور البحر الأسود، وحاربت في "أوكرانيا" ببسالة وشجاعة، غير أن الهزيمة لحقت بالعثمانيين، وألجأتهم إلى عقد معاهدة "سان استفانوا" في (ربيع الأول 1295هـ = مارس 1878م)، وعادت الحملة إلى مصر، وكان الإنعام على البارودي برتبة "اللواء" والوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، ونيشان الشرف؛ لِمَا قدمه من ضروب الشجاعة وألوان البطولة.

العمل السياسي

بعد عودة البارودي من حرب البلقان تم تعيينه مديرًا لمحافظة الشرقية في (ربيع الآخر 1295هـ = إبريل 1878م)، وسرعان ما نقل محافظًا للقاهرة، وكانت مصر في هذه الفترة تمر بمرحلة حرجة من تاريخها، بعد أن غرقت البلاد في الديون، وتدخلت إنجلترا وفرنسا في توجيه السياسة المصرية، بعد أن صار لهما وزيران في الحكومة المصرية، ونتيجة لذلك نشطت الحركة الوطنية وتحركت الصحافة، وظهر تيار الوعي الذي يقوده "جمال الدين الأفغاني" لإنقاذ العالم الإسلامي من الاستعمار، وفي هذه الأجواء المشتعلة تنطلق قيثارة البارودي بقصيدة ثائرة تصرخ في أمته، توقظ النائم وتنبه الغافل، وهي قصيدة طويلة، منها:

جلبت أشطر هذا الدهر تجربة
وذقت ما فيه من صاب ومن عسل

فما وجدت على الأيام باقية
أشهى إلى النفس من حرية العمل

لكننا غرض للشر في زمن
أهل العقول به في طاعة الخمل

قامت به من رجال السوء طائفة
أدهى على النفس من بؤس على ثكل

ذلت بهم مصر بعد العز واضطربت
قواعد الملك حتى ظل في خلل


وبينما كان محمد شريف باشا رئيس مجلس النظار يحاول أن يضع للبلاد دستورًا قويمًا يصلح أحوالها ويرد كرامتها، فارضًا على الوزارة مسؤوليتها على كل ما تقوم به أمام مجلس شورى النواب، إذا بالحكومة الإنجليزية والفرنسية تكيدان للخديوي إسماعيل عند الدولة العثمانية لإقصائه الوزيرين الأجنبيين عن الوزارة، وإسناد نظارتها إلى شريف باشا الوطني الغيور، وأثمرت سعايتهما، فصدر قرار من الدولة العثمانية بخلع إسماعيل وتولية ابنه توفيق.

ولما تولّى الخديوي توفيق الحكم سنة (1296هـ = 1879م) أسند نظارة الوزارة إلى شريف باشا، فأدخل معه في الوزارة البارودي ناظرًا للمعارف والأوقاف، ونرى البارودي يُحيّي توفيقًا بولايته على مصر، ويستحثه إلى إصدار الدستور وتأييد الشورى، فيقول:

سن المشورة وهي أكرم خطة
يجري عليها كل راع مرشد

هي عصمة الدين التي أوحى بها
رب العباد إلى النبي محمد

فمن استعان بها تأيد ملكه
ومن استهان بها لم يرشد


غير أن "توفيق" نكص على عقبيه بعد أن تعلقت به الآمال في الإصلاح، فقبض على جمال الدين الأفغاني ونفاه من البلاد، وشرد أنصاره ومريديه، وأجبر شريف باشا على تقديم استقالته، وقبض هو على زمام الوزارة، وشكلها تحت رئاسته، وأبقى البارودي في منصبه وزيرًا للمعارف والأوقاف، بعدها صار وزيرًا للأوقاف في وزارة رياض.

وقد نهض البارودي بوزارة الأوقاف، ونقح قوانينها، وكون لجنة من العلماء والمهندسين والمؤرخين للبحث عن الأوقاف المجهولة، وجمع الكتب والمخطوطات الموقوفة في المساجد، ووضعها في مكان واحد، وكانت هذه المجموعة نواة دار الكتب التي أنشأها "علي مبارك"، كما عُني بالآثار العربية وكون لها لجنة لجمعها، فوضعت ما جمعت في مسجد الحاكم حتى تُبنى لها دار خاصة، ونجح في أن يولي صديقه "محمد عبده" تحرير الوقائع المصرية، فبدأت الصحافة في مصر عهدًا جديدًا.

ثم تولى البارودي وزارة الحربية خلفًا لرفقي باشا إلى جانب وزارته للأوقاف، بعد مطالبة حركة الجيش الوطنية بقيادة عرابي بعزل رفقي، وبدأ البارودي في إصلاح القوانين العسكرية مع زيادة رواتب الضباط والجند، لكنه لم يستمر في المنصب طويلاً، فخرج من الوزارة بعد تقديم استقالته (25 من رمضان 1298 = 22 من أغسطس 1881م)؛ نظرًا لسوء العلاقة بينه وبين رياض باشا رئيس الوزراء، الذي دس له عند الخديوي.

وزارة الثورة

عاد البارودي مرة أخرى إلى نظارة الحربية والبحرية في الوزارة التي شكلها شريف باشا عقب مظاهرة عابدين التي قام بها الجيش في (14 من شوال 1298 هـ = 9 من سبتمبر 1881م)، لكن الوزارة لم تستمر طويلاً، وشكل البارودي الوزارة الجديدة في (5 من ربيع الآخر 1299هـ = 24 من فبراير 1882م) وعين "أحمد عرابي" وزيرًا للحربية، و"محمود فهمي" للأشغال؛ ولذا أُطلق على وزارة البارودي وزارة الثورة؛ لأنها ضمت ثلاثة من زعمائها.

وافتتحت الوزارة أعمالها بإعداد الدستور، ووضعته بحيث يكون موائمًا لآمال الأمة، ومحققًا أهدافها، وحافظا كرامتها واستقلالها، وحمل البارودي نص الدستور إلى الخديوي، فلم يسعه إلا أن يضع خاتمه عليه بالتصديق، ثم عرضه على مجلس النواب.

الثورة العرابية

تم كشف مؤامرة قام بها بعض الضباط الجراكسة لاغتيال البارودي وعرابي، وتم تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين، فقضت بتجريدهم من رتبهم ونفيهم إلى أقاصي السودان، ولمّا رفع "البارودي" الحكم إلى الخديوي توفيق للتصديق عليه، رفض بتحريض من قنصلي إنجلترا وفرنسا، فغضب البارودي، وعرض الأمر على مجلس النظار، فقرر أنه ليس من حق الخديوي أن يرفض قرار المحكمة العسكرية العليا وفقًا للدستور، ثم عرضت الوزارة الأمر على مجلس النواب، فاجتمع أعضاؤه في منزل البارودي، وأعلنوا تضامنهم مع الوزارة، وضرورة خلع الخديوي ومحاكمته إذا استمر على دسائسه.

انتهزت إنجلترا وفرنسا هذا الخلاف، وحشدتا أسطوليهما في الإسكندرية، منذرتين بحماية الأجانب، وقدم قنصلاهما مذكرة في (7 من رجب 1299هـ = 25 من مايو 1882م) بضرورة استقالة الوزارة، ونفي عرابي، وتحديد إقامة بعض زملائه، وقد قابلت وزارة البارودي هذه المطالب بالرفض في الوقت الذي قبلها الخديوي توفيق، ولم يكن أمام البارودي سوى الاستقالة، ثم تطورت الأحداث، وانتهت بدخول الإنجليز مصر، والقبض على زعماء الثورة العرابية وكبار القادة المشتركين بها، وحُكِم على البارودي وستة من زملائه بالإعدام، ثم خُفف إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب.

البارودي في المنفى

أقام البارودي في الجزيرة سبعة عشر عامًا وبعض عام، وأقام مع زملائه في "كولومبو" سبعة أعوام، ثم فارقهم إلى "كندي" بعد أن دبت الخلافات بينهم، وألقى كل واحد منهم فشل الثورة على أخيه، وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائر الإسلام.

وطوال هذه الفترة قال قصائده الخالدة، التي يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، واشتدت وطأة المرض عليه، ثم سُمح له بالعودة بعد أن تنادت الأصوات وتعالت بضرورة رجوعه إلى مصر، فعاد في (6 من جمادى الأولى 1317هـ = 12من سبتمبر 1899م).

شعر البارودي

يعد البارودي رائد الشعر العربي في العصر الحديث؛ حيث وثب به وثبة عالية لم يكن يحلم بها معاصروه، ففكّه من قيوده البديعية وأغراضه الضيقة، ووصله بروائعه القديمة وصياغتها المحكمة، وربطه بحياته وحياة أمته.

وهو إن قلّد القدماء وحاكاهم في أغراضهم وطريقة عرضهم للموضوعات وفي أسلوبهم وفي معانيهم، فإن له مع ذلك تجديدًا ملموسًا من حيث التعبير عن شعوره وإحساسه، وله معان جديدة وصور مبتكرة.

وقد نظم الشعر في كل أغراضه المعروفة من غزل ومديح وفخر وهجاء ورثاء، مرتسمًا نهج الشعر العربي القديم، غير أن شخصيته كانت واضحة في كل ما نظم؛ فهو الضابط الشجاع، والثائر على الظلم، والمغترب عن الوطن، والزوج الحاني، والأب الشفيق، والصديق الوفي.

وترك ديوان شعر يزيد عدد أبياته على خمسة آلاف بيت، طبع في أربعة مجلدات، وقصيدة طويلة عارض بها البوصيري، أطلق عليها "كشف الغمة"، وله أيضًا "قيد الأوابد" وهو كتاب نثري سجل فيه خواطره ورسائله بأسلوب مسجوع، و"مختارات البارودي" وهي مجموعة انتخبها الشاعر من شعر ثلاثين شاعرًا من فحول الشعر العباسي، يبلغ نحو 40 ألف بيت.

وفاته

بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الأحياء".

ولم تطل الحياة بالبارودي بعد رجوعه، فلقي ربه في (4 من شوال 1322هـ = 12 من ديسمبر 1904م).

وبهذا انتهينا من حياته
ونبدأ بعرض مجموعة من اجمل واروع قصائده الشعرية

Another_One
12-02-2005, 10:19 AM
قصيدة


{ وداع وطن }





مــحــا البــيــنُ ما أبقتْ عيون المها مني

فـشِـــــــــبتُ ولم أقضِ اللُّبانة من سني



عـــناءٌ ، ويــــأسٌ ، واشــــتيــــاقٌ وغــربةٌ

ألا ، شــدَّ ما ألقـــــاه في الدهر من غبنِ



فإن أكُ فــــارقـــــــتُ الــــديار فـــلي بـها

فُــــــؤادٌ أضـــــــلتْهُ عــــيـــون المها مِني



بعــــثــــتُ به يــــوم النـــوى إثـــــرَ لَحْظَةٍ

فأوقــــعــــه المِقدارُ في شَـرَكِ الحُــسنِ



فـــهل من فتى في الدهــــر يجمع بـينـنا

فـــلـــيــس كِلانا عــن أخــيه بمـسـتغــنِ



ولــما وقـــفــــنـا لِلــوَدَاع ، وأســـبَــلَـــتْ

مـــــدامـــعنا فـــــوق التـــرائب كالمـــزن



أهـــبتُ بـــــــصبري أن يعودَ ، فــعـــزنـي

وناديت حــلــمــي أن يـثــوب فــلــم يُغـنِ



ولمْ تَــمـْــضِ إلا خَــطْــرَةٌ ، ثــــم أقلــعـت

بنا عـــن شطوط الحـــي أجـنِحةُ السُّفْـنِ



فـكم مُـــــهجةٍ من زَفْرَةِ الوجدِ في لــظى

وكم مُقـْــــلَةٍ مِنْ غــزرة الدمــع في دَجْنِ



ومـــا كــــنتُ جــــربتُ النـــوى قبل هـذه

فـــلما دهــــتني كِدتُ أقــضي من الحزن



ولكـــنني راجـــعــــتُ حِــــلْمـِي ، وردني

إلى الحَــــزْمِ رأيٌ لا يــحـــومُ عــلـى أَفْنِ



ولولا بُـــنــيــاتٌ وشِـــيـــبٌ عــــــــواطـــلٌ

لــمــا قَــرَعَـتْ نفـسي على فائِتٍ سِني



فيــا قــلــبُ صــبـراً إن جـــــزِعتَ ، فربمـا

جَـــرَتْ سُـــنُــحاً طَيْرُ الحــــــوادثِ باليُمْنِ



فــقــد تُـــــورِقُ الأغـــصــان بـعد ذبـــولـها

ويــبــدو ضـــياء البــدر فـي ظــلمةِ الوَهنِ



وأيُ حـــســـــــــامٍ لم تُصِـــبهُ كـــهـــامُةٌ

ولهْــــذَمُ رُمْــــحٍ لا يُــــفَــــلُ مـــن الطـعنِ



ومن شــــــــاغــــــب الأيامَ لان مَــرِيـــرُهُ

وأســــلــمــهُ طولُ المِـــراسِ إلى الوَهْـنِ



وما المــــــــرءُ في دنـــيـاه إلا كـــســالِكٍ

مناهِـــــجَ لا تخـــلو من الســهل والحَــزْنِ



فإن تـــكـــــن الــدنيا تـــولــــت بــخـيـرها

فأهــــون بدنيا لا تــــدوم عــــــــلـى فَـنِّ!



تحــمــلــتُ خـــوفُ المَــنِّ كـــلَّ رَزِيــئـــةٍ

وحـــمـــلُ رزيا الدهــــر أحــلـى من المنِّ



وعــــاشـــــرتُ أخــداناً ، فلما بَلَــــــوتُهُمْ

تـــمـــنــيــتُ أن أبقى وحـــــيداً بلا خِـدنِ



إذا عـــــرف الــمـــــرءُ القلوبَ وما انطـوتْ

عـــليه مـن البغضاءِ - عاش على ضِــغْــنِ



يــــرى بــــصــــري مــــن لا أودُ لِـــقــاءَهُ

وتــسمـــعُ أذني مــا تــعــافُ مِن اللحــنِ



وكــيــف مُــقــامي بين أرضٍ أرى بـهــــا

من الظلم ما أخنى على الدار والسَّكْـــنِ



فسَمْعُ أنين الجَوْرِ قد شـــــاك مسمعي

ورؤيـــةُ وجـــه الغـــدر حــل عُرا جَفــــني



وصــعــب عــــلى ذي اللُّبِ رئــمـانُ ذِلةٍ

يَظَلُ بها في قــــومـــــــه واهي المـــتـنِ



إذا المــــرُ لم يــــرمِ الهـــــناةَ بــمــثلـها

تــخــطى إليه الخـوف من جـانب الأمـــن



وكـن رجلاً ، إن سيمَ خَــــسْفاُ رمـتْ به

حَــــمِـــيـــتُــهُ بــيـــن الصــــوارمِ واللُّــدنِ



فلا خـــيْرَ في الــدنيا إذا المرءُ لم يعـشْ

مـــهيباُ ، تـــراه العينُ كـــالنار فـي دغْــنِ

Another_One
12-02-2005, 10:21 AM
قصيدة



{ الهجران }




رُدواعَــــــليَّ الصِّبَا من عصري الخالي

وهـــل يعـــود سَـــــوَادُ اللِّمَّةِ البالي؟
*

ماضٍ من العـــيــــش ما لاحــــت مخايِلُهُ

فـي صـفــحة الفـــكـر إلا هاج بَلْبَالي؟
*

سَلَتْ قــلـوبٌ ، فَــقَــرتْ في مـضاجِعِها

بـعـد الحــنين وقلبي ليس بالسالي
*

لَمْ يَــدْرِ مــن بات مــسـروراً بِــــلَذتِهِ

أني بــنــار الأســى مــن هــجـره صَالي
*

يا غــاضــبـيـن عـلـيـنا ! هل إلى عِدةٍ

بالــوصـل يَــوْمٌ أُنـاغي فــيه إقبالي
*

غــبتم ، فأظلم يومي بعد فُرقَتِكم

وســــاء صُـــنــعُ اللـيالي بعد إجمالي
*

قد كــنـت أحسبُني مِنكم على ثِقَةٍ

حــتــى مُــنـِيتُ بمــا لم يَجْـرِ في بالي
*

لم أجــنِ في الحُــبِّ ذنـبـاً أستحق به

عَـــتْــبــاً ، ولـكــنـها تحريفُ أقوالي
*

ومــــن أطــاعَ رواةَ السُّــــوءِ - نَفَّرَهُ

عــــن الصــديق سمـاعُ القيل والقالِ
*

أدهــى المـصائــب غَــدْرٌ قــبــــلهُ ثِقَةٌ

وأقـــبـــح الظُّــــلم صـــــدٌّ بعد إقبالِ

Another_One
12-02-2005, 10:30 AM
قصيدة




{ اشتياق }






هَـلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أو رَاقِي ؟

يَـشْـفِـي عَـلِيلاً أخا حُزْنٍ وإيراقِ



قَـدْ كان أَبْقَى الهوى مِنْ مُهجَتي رَمَقًا

حَتَّى جرى البَيْنُ ، فاستولى على الباقي



حُـزْنٌ بَرَانِي ، وأشواقٌ رَعَتْ كبدي

يـا ويـحَ نـفسي مِنْ حُزْنٍ وأشْوَاقِ



أُكَـلِّـفُ الـنَفْسَ صَبْراً وهي جَازِعَةٌ

والـصـبرُ في الحُبِّ أعيا كُلَّ مُشتاقِ



لافـي (( سرنديبَ )) لِي خِلٌ ألُوذُ بِهِ

وَلَا أَنِـيـسٌ سِـوى هَمي وإطراقِي



أبِـيـتُ أرعـى نـجوم الليلِ مُرْتَفِقًا

فـي قُـنَّـةٍ عَـزَّ مَرْقاها على الراقي



تَـقَـلَّدَتْ من جُمانِ الشُهبِ مِنْطَقةً

مَـعـقُـودةً بِـوِشَـاحٍ غَيرِ مِقْلاقِ



كـأن نَـجْـمَ الثريا وهو مُضْطَرِبٌ

دُونَ الـهِـلالِ سِـراجٌ لاحَ في طاقِ



يا (( روضة النيلِ )) ! لا مَسَّتْكِ بَائِقَةٌ

ولا عَـدَتْـكِ سَـمَـاءٌ ذَاتُ أَغْدَاقِ



ولا بَـرِحْـتِ مِـنً الأوراقِ في حُلَلٍ

مِـنْ سُـنْـدُسٍ عَبْقَرِيِّ الوَشْيِ بَرَّاقِ



يـا حـبـذا نَـسَمٌ مِنْ جَوِّهَا عَبِقٌ

يَـسـرِي عـلى جَدْوَلٍ بالماءِ دَقَّاقِ



بـل حَـبَّـذا دَوْحَةٌ تَدْعُو الهدِيلَ بِها

عِـنـدَ الـصَّـبَاحِ قَمَارِيٌ بأطواقِ



مَرْعى جِيادي ، ومَأوَى جِيرتي ، وحِمى

قَـومـي ، وَمَـنْـبِتُ آدابي وأعراقي



أصـبـو إلـيها على بُعْدٍ ، ويُعجبني

أنـي أعِـيـشُ بِـها في ثَوْبِ إملاقِ



وكـيـفَ أنسى دياراً قَدْ تَرَكْتُ بِها

أهـلاً كِـراماً لَهُمْ وُدِي وإشفاقي ؟



إذا تَـذَكَّـرْتُ أيـامـاً بِهِم سَلَفَتْ

تَـحَـدَّرَتْ بِـغُـرُوبِ الدمع آماقي



فَـيَـا بَـرِيدَ الصَّبا بَلِّغْ ذَوِي رَحِمِي

أنـي مُـقـيـمٌ عَلَى عَهْدي ومِيثاقي



وإن مَرَرْتَ عَلَى (( المِقْياسِ )) فَاهدِ لَهُ

مِـنـي تـحـيـةَ نَفسٍ ذاتِ أعلاقِ



وَأَنـتَ يـا طـائـراً يبكي على فَنَنٍ

نـفـسي فِدَاؤُكَ مِنْ سَاقٍ على سَاقِ



أَذْكَـرْتَـني مَا مَضى وَالشَمْلُ مُجتَمِعٌ

بِـمِصْرً والحربُ لم تنهض على ساقِ



أيـامَ أسـحـبُ أذيال الصِبا مَرِحاً

فِـي فِـتْـيـةٍ لِـطَرِيقِ الخير سُبَّاقِ



فَـيَـالَـهـا ذُكْرَةً ! شَبَّ الغَرَامُ بِها

نَـاراً سَـرَتْ بَـيْنَ أرداني وأَطْوَاقي



عَـصْرٌ تَوَلَّى ، وأبْقَى فِي الفُؤَادِ هَوى

يَـكَـادُ يَـشْـمَلُ أحشائي بإحراقِ



وَالـمـرْءُ طَـوْعُ الـليالي في تَصَرُّفِها

لا يـمـلـكُ الأمرَ مِنْ نُجْحٍ وإخفاقِ



عَـلَـيَّ شَـيْمُ الغَوَادي كلما بَرَقَتْ

وَمَـا عَـلَـيَّ إذا ضَـنَّـتْ بِرقْراقِ



فـلا يَـعِـبْني حَسُودٌ أنْ جَرى قَدَرٌ

فَـلَـيْـسَ لـي غَيْرُ ما يقضيهِ خَلَّاقي



أسـلـمْتُ نفسي لمولًى لا يَخِيبُ لهُ

راجٍ عَـلَى الدَهْرِ ، والمولى هُو الواقي



وَهَـوَّنَ الـخـطبَ عِندِي أنني رَجُلٌ

لاقٍ مِـنَ الـدهرِ مَا كُلُّ امرِئٍ لاقي



يـا قَـلْـبُ صَـبْراً جمِيلاً ، إنهُ قَدَرٌ

يـجـري عـلى المرءِ مِنْ أَسْرٍ وإطلاقِ



لابُـدَّ لِـلـضيقِ بَعْدَ اليأسِ مِنْ فَرَجٍ

وَكُـلُّ داجِـيَـةٍ يـومـاً لإشـراقِ

Another_One
12-02-2005, 10:33 AM
قصيدة



{ هذا هو الحب }


سكرت بخمر حديثك الألفاظ

وتكلّمت بضميــــرك الألحـــــــاظ

يادمية ! لولا التقيّة لاستوت

فى حبّها الفتــــّاك والوعّــــــاظ

مالى منحتك خلّتى وجزيتنى

نارا لها بين الضلــــوع شــواظ ?

هلاّ مننت اذا امتلكت ! فطالما

منّ الكريــــــم وقلبه مغتــــــاظ

فلقد هجرت اليك جــلّ عشيرتى

فقلوبهم أبــدا علىّ غــــــــلاظ

ونفيت عن عينى المنام فما لهـا

غيـــر المدامع والسهاد لمــاظ

هدا وما اختضبت لغيرك أسهــم

بدمى , ولا احتكمت على لحاظ

فعــــلام تستمعين مـا يأتــــى به

عنّى اليـــك الحاســـد الجــوّاظ

فصلى محبّا , ما أصـــاب خطيئة

فى دين حبّك , والغـــرام حفاظ

يهـــواك حتّى لا يميــل بطبعـــــه

فى حبّك الايــــــــذاء والاحفاظ

نابى المضــاجع لا تــزور جفونـــه

سنة الكرى وأولو الهوى أيقاظ

متحمّل ما لو تحمّـــل بعضــــــــه

أهل المحبــّة والغرام لفاظـــوا

فاذا استهلّ تربّعـــوا فيما جـــرى

من دمعه , واذا تنفّس قاظـــوا

هذا هو الحبّ الّذى ضاقــــــت به

تلك الصّـــــدور وقلّت الحفّـــاظ

Another_One
12-02-2005, 10:36 AM
قصيدة



{ بادر الفرصة }


بادرِ الفُرصةَ ، واحـــــــــــــذر فَوتها
فَبُلُوغُ العزِّ في نَيلِ الفُـــــــــــرص

واغـــتنم عُـــمْـــــركَ إبانَ الصِــــبا
فهو إن زادَ مع الشـــــــــيبِ نَقَصْ

إنما الدنيا خـــــــــــــــــيالٌ عارضٌ
قلَّما يبقى ، وأخـــــــــــــبارٌ تُقصْ

تارةً تَدْجو ، وطـــــــــــــوراً تنجلي
عادةُ الظِلِّ ســــــــــجا ، ثمَّ قَلَصْ

فابتدر مســـــعاك ، واعلم أنَّ من
بادرَ الصــــــــــــيدَ مع الفجرِ قنص

لن ينال المـــــــــرءُ بالعجز المنى
إنما الفوزُ لِمن هــــــــــــــمَّ فنص

يَكدحُ العاقــــــــــــــــلُ في مأمنهِ
فإذا ضــــــــــــاقَ به الأمرُ شَخَصْ

إن ذا الحاجـــــــــــــةِ مالمْ يغتربْ
عَنْ حماهُ مثْلُ طَــــــيْرٍ في قفصْ

وليكن سعـــــــــــــــيك مجداً كُلُّهُ
إن مرعى الشـــــــر مَكْرُوهٌ أَحَصْ

واتركِ الحِــــــرصَ تعِشْ في راحةٍ
قَلَّما نـــــالَ مـُــــــــنـَاهُ مَنْ حَرَصْ

قد يَضُرُّ الشـــــــــــيءُ ترجُو نَفعَهُ
رُبَّ ظَمْآنَ بِصَـــــــــــفوِ الماءِ غَصْ

مَيزِ الأشــــــــــــــياء تعرفْ قَدرها
ليستِ الغُرَّةُ مِنْ جِــــنسِ البرصْ

واجــــــــــــــــتنبْ كُلَّ غَبِيٍ مَائِقٍ
فهو كَالعَيْرِ ، إذا جَــــــــــــدَّ قَمَصْ

إنما الجاهــــــــلُ في العين قذًى
حيثما كانَ ، وفب الصـــدرِ غَصَصْ

واحذرِ النمـــــــــــــــامَ تأمنْ كَيْدَهُ
فهو كالبُرغُــــــــــوثِ إن دبَّ قرصْ

يَرْقُبُ الشَــــــــــرَّ ، فإن لاحتْ لهُ
فُرْصَةٌ تَصْلُحُ لِلخَــــــــــــــتْلِ فَرصْ

سَاكنُ الأطــــــــــــــــرافِ ، إلا أنهُ
إن رأى منَشـــــــــبَ أُظْفُورٍ رَقَصْ

واختبر من شــــــئت تَعْرِفهُ ، فما
يعرفُ الأخـــــــــلاقَ إلا مَنْ فَحَصْ

هذهِ حِـــــكـــــمـــةُ كَـــــهلٍ خابرٍ
فاقتنصها ، فهي نِعْـــمَ المُقْتَنَصْ


أرجوا أني أكون قد عرضت عليكم سيرته وقصائده
بالشكل الجذاب
وانصحكم بقرائتها ان لم تقرأوها من قبل

Batistuta
13-02-2005, 06:26 PM
فعلا مجهود رائع منك أخي
الله يجزيك عليه الخير
وبارك الله فيك وبيك
وننتظر إبداعاتك
السلام عليكم :)

Another_One
19-02-2005, 10:53 AM
الله يبارك فيك

ونور الموضوع بنور سيفك

باربـ BARBI ــي
19-02-2005, 10:44 PM
مشكوووووور:biggthump مشكووووور:biggthump مشكووووووور:biggthump


والله ما قصرت اخوي Another_One


حياتي قبل تحياتي BARBI

Another_One
20-02-2005, 07:11 AM
باربـ BARBI ــي
العفوووو :08:

وتسلمي على المرور

BigName
20-02-2005, 11:10 AM
مشكور أخوي Another_One على الموضوع القيم عن شاعر عظيم ، والله يعطيك ألف عافية

Another_One
20-02-2005, 11:17 AM
BigName
العفووووو اخي :08:

سرني مرورك :)