moKatel
22-02-2005, 03:04 AM
بنا فقر إلى قراءة التراث ، أجل ، إننا قد أقي بنا في بحر لجي ، شديد ظلمتُه ، كأنه قطع من الليل ، ثم قيل لنا راتعوا وعيشوا وابنوا حضارتكم التي قد أعددنا أصولها لكم ، ونحن في فقر إلى حياة ، وإن كنا نُحسب أحياء بأجسادنا ، بيد أن حشوها أرواح موتى ......
هذا البحر اللجي هو هذا الواقع الذي أسموه بالمعاصرة ، وغيرها من الأسماء التي يرسف أصحابها في أغلال الغرارة ، وإن كان المشيب قد علا مفارقهم ، وتلك هي السوءة السوآء أن يكونوا أغرارا وهم شيوخ . في كل جوانب الفكر والحياة أنت واجد من أشباههم .
هذه المعاصرة دين قد بُيت بالأمس البعيد ورُكب تركيبا بارع الدقة والخفاء حتى لا تكاد تتبين معالمه إلا بعد لأي ما ، لينتهي بنا إلى هذا المصير، لينتهي بنا إلى هذا الخواء .
هي قصة ، يطول الحديث لو قصت ، وقد أشبعها من أدركوا فساد حياتنا ذكرا وشرحا وتبيانا ، أضاء الحق كلمهم ، والحق ذا قد بتنا عنه غافلين .(انظر رسالة في الطريق إلي ثقافتنا لأبي فهر في كتاب المتنبي ولمحات من فساد حياتنا الأدبية ) .
من مصائب هذه المعاصرة ، البتر الذي أحدثوه بيننا وبين تراثنا ، وحالوا بيننا وبين فهمه فهما صيبا يجلي صدأ النفوس وينيرها ، فطفقنا نفهمه فهما مُشَيأ ( أي فاسد الخلق ) حتى الآن ، قد ذهب من أرضعونا فهمه في السماجة كل مذهب ، فهم بارد .
نعم قرئنا تراثنا قراءة جديدة بيد أنها خلِقة ، أفضت بنا إلى أن هذا الماضي الرث هو سبب نكوصنا خلف الحضارة القائمة ، وهو سبب كوننا سقط متاع هذه البسيطة(الأرض) في هذا الزمان .
تلدد مفكرونا وتحيروا ، حاولوا خلاصا من هذا التخلف ، فخرج علينا شاحج منهم ب"يسقط سيبويه" ، وأشباه له كُثر في مختلف جوانب هذه الثقافة .
ألقينا بهذا التراث على رف الهوان ، فما نكاد ننظر إليه حتى نعبس ونبسر ُم ندبر ونستكبر ، فلا نتذكره إلا أسمارا ككتاب الأغاني ، والعقد الفريد ، والتي زعمناها زندقة للمعري ، وألف ليلة وليلة ، على الرغم من أن لهذه الكتب قدرا في تراثنا ( وقد أخذ بعض من يحسبون أنفسهم ملتزمين في الطعن على كل هذه الكتب دون العلم بمقدارها وخطرها في تاريخنا وثقافتنا جاهلين بوضع هذه الكتب أو كيف يأخذون منها النفع ) ، ولكنها أمست في أيديهم مادة للتفكه والتسلية والتندر ، بل هي واجهة لنا في بلاد الغرب ، وغير ذلك من الهذيان ، وأفٍ وتفٍ ، ليذهب الحاجظ وسيبويه والخليل والمبرد وابن قتيبة والجرجاني وابن جني وابن الشجري وابن رشد والغزالي وابن تيمية وغيرهم من علماء هذه الأمة وأقطابها ، ليذهبوا هم وتراثهم إلى الدرك الأسفل من النار ، هؤلاء تراثهم تراث المتشددين الجاهلين ، وأف وتف مرة أخرى .
إن ذلك التراث هو دم الحياة ....بل هو نارها المتقدة في النفوس ، إن أردنا حياةً ......
لن نفلح ، ولن نبصر شيئا في هذه الظلماء إلا لو تدفقت تيارات من نيران هذا التراث في أرواحنا وأعصابنا ن وأذكت فينا الانتماء ، ونبهت خامد الإحساس بالرجولة والفحولة التي تلفحك عند تصفح أي صفحة من صفحات التراث .
فإذا ما قرئنا ، ووعت قلوبنا ذلك التراث بظاهره وباطنه ، فنحن -ساعتئذ-قد أخذ البرء يتمشى في أجسادنا ، وشرع الصحو في الرجوع إلى هذه العقول التي تعمه في سكراتها .
فأما ظاهر ذلك التراث ، فهو مواضيعه وتشعباتها التي فيها كتب ، كالأدب والفقه والتاريخ وغيرها من العلوم التي قد أشبعها المسلمون درسا تارة ، وتأثيلا تارة ، وشرحا وتهذيبا تارة أخرى ، ثم أخذنا ذلك كله ومزجناه بحاضرنا ، بعلمنا الحق الذي قد انتهينا إليه ، وهذا الأخذ ليس تأصيلا للعلوم الفكرية والأدبية ، بل هو كالشباب استحار فيها ، فهبت فتية ناضرة ، قد أخذ التراث بناصيتها في سهولة وليان ، يرشدها مواطن الحق والضلال ، إرشاد الأب الناصح ولده .
ونحن إن فعلنا ذلك فلسوف ترى أدبنا وفكرنا فخما جزلا ، ترى أثر التراث في كل كلمة قالها صاحب علم أو فكر أو أدب يتكبد عصرا كها ، الكلمات ستقول لك : كتبني عربي مسلم ذو تراث وتاريخ كانوا حضارة دنيا .
نفوسنا مع نفوس أسلافنا سوف تتحدر في الكلمات ، وسوف نرى لألاء العلم والنور .
لا أقول نتعلم ذلك التراث ونقف على أعتابه عاجزين عن المضاء في هذا العصر والتكيف مع أحواله ، كلا ، لعمري إن هذا هو العجز الذي يسخم صفحات التراث ، ويُؤخذ بغير ذنب اقترفه ، ويلقي عجزنا ذا عليه من ظلماته . ( كما هو شأن بعض المتزمتين الآن )
بل إنني أقول أن تختلط نفوسنا بأنواره ولألائه ، وتهدر أمواج العمل والحماسة ، مشبوبة بفخامة التراث وعزته ، ممتزجة بوهيج الشباب الراشد ، ماضية في هذا العصر كالقدر ، لا يقفها عبث من عبث الحاضر ، بل هي تمحصه ، وتتبين زائفه من حقه وصدقه ، وهكذا دوما في عمل دائم فتي لا كالة ولا شائخة ذابلة .
هذا ظاهر التراث في أقسامه المتباينة ، وأما باطنه فهو أن ننفذ خلف السطور ، وندخل الحس والذوق في الكلمات ، ونستبين النوايا والدوافع ، لنبصر أرواح هؤلاء العظماء ، نرى حماستهم ، ونرى إخلاصهم ، ونرى انتماءهم ، لنبصر دنيا في جسد رجل واحد منهم ، هم رجال ونحن خلفهم ، وقد زعم الزاعمون أننا رجال وهم رجال ، هاهٍ ........ وأفٍ ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
فإذا ما أبصرنا تلك النوايا التي قد انطوت عليها صدورهم ، وتلك المحركات والدوافع التي استفزت حماستهم وحركت كوامنهم ، بث ذاك في في أرواحنا بعضا من تلك الحماسة ، والحفيظة و المروءة ، وأجرت في نفوسنا أنهار الانتماء الراكدة ، لتحيا وتهتز ، وشعرنا كأننا لسان الأمة وحماة حقيقتها ، ننافح عنها ، وعن دينها ، وعن لغتها ، وعن تاريخها ، وإن كنا أفرادا مشعثين في الأرض ، لا تجمعنا دولة ، أرض ، بل يجمعنا انتماء وروح تسري بيننا ، تنبهنا وتذكينا ، ولكننا في غطاء عنها ، وقلوبنا غلف .
بيد أنه إذا اجتمع ذلك في أرواحنا تطلّقنا في هذه البسيطة ، أيا ما كان عملنا ، حاملين روحا هي النار اتقادا واستعارا ، تغلي نفوسنا حماسة إلى بناء الحضارة الآتية التي تنحدر من الأبد البعيد بإذن ربها لتستقر في العصر هذا أو الذي بعده ، إنها تنحدر من القدر المستتر خلف حجبه ، سوف نخلف آثارا إن شاء الله تقول هذا ما عملته أيدي العرب المسلمين .
تعمل ، ترشد ، تنصح ، تصلي ، تخبت ، تحب ، تذكر ، تجد ، تهزل ، تصلح ، تعاون ، تشيد ، تبني ، تشعر بالكون من خلال قلبك وإحساسك لو نفذت نفسك إلى باطن ذلك التراث ، لرأيت حياة تموج بأصحابها ، ولكان ذا بعضا من آثار غيثها الصيب .
أجل ، لمثل هذا فلتختلج نفوسنا ، ليس انتماء إلا بالتراث ، ولن تكون نهضة إلا على هذا التراث ، ولا روح إلا بأنفاس هذا التراث .
أما لو استخفتنا الضلالة فسلكنا ظلامتها ، وغشى أرواحنا ما عشى من الجهل فخلنا أننا أحياء وعقولنا قد أفرغ ما بها من تاريخ مستقر ، ونفوسنا قد غسل ما بها من انتماء ، ودماؤنا قد جرت فيها سفسفات العصر ، وأرواحنا في أنفاس ساحر خبيث ينفث فيها كل رقى الباطل والشيطان ، فهذا هو البلاء الماحق الذي لا يصاحبه برء أو فرج ، وهذه هي السوءة التي لا يواريها خصف من ورق الحضارة ، وهي الفتنة الجائحة التي تذهب بالدين والدنيا معا .
هذا ليس تبيانا لأهمية التراث، كلا ، بل هي صرخة ظاميء إلى حياة عربية مسلمة ، إلى من كان في صدره اتساع لأن يضع أرسان هذا العيش عن نفسه ، ليستقبل نورا ونسيما تخضر له نفسه ، فتهتز ، فتثمر بإذن ربها .
هذا البحر اللجي هو هذا الواقع الذي أسموه بالمعاصرة ، وغيرها من الأسماء التي يرسف أصحابها في أغلال الغرارة ، وإن كان المشيب قد علا مفارقهم ، وتلك هي السوءة السوآء أن يكونوا أغرارا وهم شيوخ . في كل جوانب الفكر والحياة أنت واجد من أشباههم .
هذه المعاصرة دين قد بُيت بالأمس البعيد ورُكب تركيبا بارع الدقة والخفاء حتى لا تكاد تتبين معالمه إلا بعد لأي ما ، لينتهي بنا إلى هذا المصير، لينتهي بنا إلى هذا الخواء .
هي قصة ، يطول الحديث لو قصت ، وقد أشبعها من أدركوا فساد حياتنا ذكرا وشرحا وتبيانا ، أضاء الحق كلمهم ، والحق ذا قد بتنا عنه غافلين .(انظر رسالة في الطريق إلي ثقافتنا لأبي فهر في كتاب المتنبي ولمحات من فساد حياتنا الأدبية ) .
من مصائب هذه المعاصرة ، البتر الذي أحدثوه بيننا وبين تراثنا ، وحالوا بيننا وبين فهمه فهما صيبا يجلي صدأ النفوس وينيرها ، فطفقنا نفهمه فهما مُشَيأ ( أي فاسد الخلق ) حتى الآن ، قد ذهب من أرضعونا فهمه في السماجة كل مذهب ، فهم بارد .
نعم قرئنا تراثنا قراءة جديدة بيد أنها خلِقة ، أفضت بنا إلى أن هذا الماضي الرث هو سبب نكوصنا خلف الحضارة القائمة ، وهو سبب كوننا سقط متاع هذه البسيطة(الأرض) في هذا الزمان .
تلدد مفكرونا وتحيروا ، حاولوا خلاصا من هذا التخلف ، فخرج علينا شاحج منهم ب"يسقط سيبويه" ، وأشباه له كُثر في مختلف جوانب هذه الثقافة .
ألقينا بهذا التراث على رف الهوان ، فما نكاد ننظر إليه حتى نعبس ونبسر ُم ندبر ونستكبر ، فلا نتذكره إلا أسمارا ككتاب الأغاني ، والعقد الفريد ، والتي زعمناها زندقة للمعري ، وألف ليلة وليلة ، على الرغم من أن لهذه الكتب قدرا في تراثنا ( وقد أخذ بعض من يحسبون أنفسهم ملتزمين في الطعن على كل هذه الكتب دون العلم بمقدارها وخطرها في تاريخنا وثقافتنا جاهلين بوضع هذه الكتب أو كيف يأخذون منها النفع ) ، ولكنها أمست في أيديهم مادة للتفكه والتسلية والتندر ، بل هي واجهة لنا في بلاد الغرب ، وغير ذلك من الهذيان ، وأفٍ وتفٍ ، ليذهب الحاجظ وسيبويه والخليل والمبرد وابن قتيبة والجرجاني وابن جني وابن الشجري وابن رشد والغزالي وابن تيمية وغيرهم من علماء هذه الأمة وأقطابها ، ليذهبوا هم وتراثهم إلى الدرك الأسفل من النار ، هؤلاء تراثهم تراث المتشددين الجاهلين ، وأف وتف مرة أخرى .
إن ذلك التراث هو دم الحياة ....بل هو نارها المتقدة في النفوس ، إن أردنا حياةً ......
لن نفلح ، ولن نبصر شيئا في هذه الظلماء إلا لو تدفقت تيارات من نيران هذا التراث في أرواحنا وأعصابنا ن وأذكت فينا الانتماء ، ونبهت خامد الإحساس بالرجولة والفحولة التي تلفحك عند تصفح أي صفحة من صفحات التراث .
فإذا ما قرئنا ، ووعت قلوبنا ذلك التراث بظاهره وباطنه ، فنحن -ساعتئذ-قد أخذ البرء يتمشى في أجسادنا ، وشرع الصحو في الرجوع إلى هذه العقول التي تعمه في سكراتها .
فأما ظاهر ذلك التراث ، فهو مواضيعه وتشعباتها التي فيها كتب ، كالأدب والفقه والتاريخ وغيرها من العلوم التي قد أشبعها المسلمون درسا تارة ، وتأثيلا تارة ، وشرحا وتهذيبا تارة أخرى ، ثم أخذنا ذلك كله ومزجناه بحاضرنا ، بعلمنا الحق الذي قد انتهينا إليه ، وهذا الأخذ ليس تأصيلا للعلوم الفكرية والأدبية ، بل هو كالشباب استحار فيها ، فهبت فتية ناضرة ، قد أخذ التراث بناصيتها في سهولة وليان ، يرشدها مواطن الحق والضلال ، إرشاد الأب الناصح ولده .
ونحن إن فعلنا ذلك فلسوف ترى أدبنا وفكرنا فخما جزلا ، ترى أثر التراث في كل كلمة قالها صاحب علم أو فكر أو أدب يتكبد عصرا كها ، الكلمات ستقول لك : كتبني عربي مسلم ذو تراث وتاريخ كانوا حضارة دنيا .
نفوسنا مع نفوس أسلافنا سوف تتحدر في الكلمات ، وسوف نرى لألاء العلم والنور .
لا أقول نتعلم ذلك التراث ونقف على أعتابه عاجزين عن المضاء في هذا العصر والتكيف مع أحواله ، كلا ، لعمري إن هذا هو العجز الذي يسخم صفحات التراث ، ويُؤخذ بغير ذنب اقترفه ، ويلقي عجزنا ذا عليه من ظلماته . ( كما هو شأن بعض المتزمتين الآن )
بل إنني أقول أن تختلط نفوسنا بأنواره ولألائه ، وتهدر أمواج العمل والحماسة ، مشبوبة بفخامة التراث وعزته ، ممتزجة بوهيج الشباب الراشد ، ماضية في هذا العصر كالقدر ، لا يقفها عبث من عبث الحاضر ، بل هي تمحصه ، وتتبين زائفه من حقه وصدقه ، وهكذا دوما في عمل دائم فتي لا كالة ولا شائخة ذابلة .
هذا ظاهر التراث في أقسامه المتباينة ، وأما باطنه فهو أن ننفذ خلف السطور ، وندخل الحس والذوق في الكلمات ، ونستبين النوايا والدوافع ، لنبصر أرواح هؤلاء العظماء ، نرى حماستهم ، ونرى إخلاصهم ، ونرى انتماءهم ، لنبصر دنيا في جسد رجل واحد منهم ، هم رجال ونحن خلفهم ، وقد زعم الزاعمون أننا رجال وهم رجال ، هاهٍ ........ وأفٍ ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
فإذا ما أبصرنا تلك النوايا التي قد انطوت عليها صدورهم ، وتلك المحركات والدوافع التي استفزت حماستهم وحركت كوامنهم ، بث ذاك في في أرواحنا بعضا من تلك الحماسة ، والحفيظة و المروءة ، وأجرت في نفوسنا أنهار الانتماء الراكدة ، لتحيا وتهتز ، وشعرنا كأننا لسان الأمة وحماة حقيقتها ، ننافح عنها ، وعن دينها ، وعن لغتها ، وعن تاريخها ، وإن كنا أفرادا مشعثين في الأرض ، لا تجمعنا دولة ، أرض ، بل يجمعنا انتماء وروح تسري بيننا ، تنبهنا وتذكينا ، ولكننا في غطاء عنها ، وقلوبنا غلف .
بيد أنه إذا اجتمع ذلك في أرواحنا تطلّقنا في هذه البسيطة ، أيا ما كان عملنا ، حاملين روحا هي النار اتقادا واستعارا ، تغلي نفوسنا حماسة إلى بناء الحضارة الآتية التي تنحدر من الأبد البعيد بإذن ربها لتستقر في العصر هذا أو الذي بعده ، إنها تنحدر من القدر المستتر خلف حجبه ، سوف نخلف آثارا إن شاء الله تقول هذا ما عملته أيدي العرب المسلمين .
تعمل ، ترشد ، تنصح ، تصلي ، تخبت ، تحب ، تذكر ، تجد ، تهزل ، تصلح ، تعاون ، تشيد ، تبني ، تشعر بالكون من خلال قلبك وإحساسك لو نفذت نفسك إلى باطن ذلك التراث ، لرأيت حياة تموج بأصحابها ، ولكان ذا بعضا من آثار غيثها الصيب .
أجل ، لمثل هذا فلتختلج نفوسنا ، ليس انتماء إلا بالتراث ، ولن تكون نهضة إلا على هذا التراث ، ولا روح إلا بأنفاس هذا التراث .
أما لو استخفتنا الضلالة فسلكنا ظلامتها ، وغشى أرواحنا ما عشى من الجهل فخلنا أننا أحياء وعقولنا قد أفرغ ما بها من تاريخ مستقر ، ونفوسنا قد غسل ما بها من انتماء ، ودماؤنا قد جرت فيها سفسفات العصر ، وأرواحنا في أنفاس ساحر خبيث ينفث فيها كل رقى الباطل والشيطان ، فهذا هو البلاء الماحق الذي لا يصاحبه برء أو فرج ، وهذه هي السوءة التي لا يواريها خصف من ورق الحضارة ، وهي الفتنة الجائحة التي تذهب بالدين والدنيا معا .
هذا ليس تبيانا لأهمية التراث، كلا ، بل هي صرخة ظاميء إلى حياة عربية مسلمة ، إلى من كان في صدره اتساع لأن يضع أرسان هذا العيش عن نفسه ، ليستقبل نورا ونسيما تخضر له نفسه ، فتهتز ، فتثمر بإذن ربها .