Perfect Chaos
22-02-2005, 09:26 AM
كلمة الرياض
سماسرة الفضائيات!!
صحافة لبنان في عقدي الخمسينيات والستينيات، هي من يعطي حق المواطنة، والحرية والديمقراطية لأي شعب ودولة عربية وكان عنصر التخوين في تلك المزادات أن تحولت إلى أكبر مصادر الدخل، حين أصبح الصحفي والكاتب والناشر لهم قدرة تغيير الوزارة في لبنان مثلما التبشير بقيام حكومة انقلابية تزكيها صحافة اليسار بأنها المعنية بعبور العرب من عصر الخيمة إلى غزو الفضاء، أو يأتي العكس من صحافة اليمين التي ترى أن الحرية بنماذجها الغربية، هي التأصيل وعامل البناء لهذه الرقعة التي تقع على تقاطع القارات وتوليد وتصدير الأزمات.. رفيق الحريري لم يساهم بتلك المرحلة، ولم ينتم لسفارة، أو جبهة ما، بل إنه وسط رماد الحرب الأهلية، كان يرسل بعوث الطلبة، ويعمل على تشغيل اللبنانيين، أو فتح المنافذ لهم في الشركات، والمكاتب السياحية، ويهيئ البعض إلى توريث جيل جديد يخلف المتحاربين في بناء لبنان، وهو أحد أسرار هذه الشعبية المنقطعة النظير اعترافاً بأنه مواطن لكل اللبنانيين حين نزع نفسه من الطائفة، والحزب ليتم مراسم ميلاد لبنان خارج التصنيفات، وهو ما عمل عليه حين ظل يوظف الكفاءة، وليس ابن الطائفة في مراكز العمل ومع ذلك ذهب ضحية ميراث فكر وايدلوجيا مرحلة الستينيات والخمسينيات ممن لا يرون بالنجاح إلا التوصيف، والاتهام بالخيانة..
محطة الجزيرة جاءت على أنقاض تلك الصحافة التي ليس لها ولاء إلا لمن يدفع ويعطي بسخاء، ولكنها اعتقدت أنها السلطة المطلقة في إطلاق الأحكام، لأن لها أمانة خاصة لا تخضع لعرف ولا تقاليد، أو أدبيات السياسة الذكية التي لا تجعل نفسها متورطة في خندق العمالة المستترة، ويكفي السقوط المريع حين وضعت المملكة حصرياً وراء اغتيال الحريري بدون أن تصل إلى المعلومة التي تجعلها خارج التساؤل، والمحاكمة المعنوية، وهي تكرار صور مستعادة من الماضي وحاولت أن تكون أكثر ذكاء وحيادية، ولكنها سقطت بغلبة الممارسة والسلوك على مبدأ العمل بالحقيقة وإدارة دورها بعيداً عن مخاطر وأخطاء إعلام الخمسينيات والستينيات..
المرحوم الحريري لم يكن خصماً لأحد، وخاصة المملكة التي يحمل جنسيتها، ولا دول الخليج، لأنه كان يرى في الخصومات تعطيلاً لأهدافه ومشاريعه بإعمار لبنان، وحتى لو ذهب ضحية فهم معكوس ومغلوط باعتباره يحمل جنسية المملكة، فمحطة الجزيرة غلّبت غريزة الاتهام لطاقمها على تحري الحقيقة، وهو فشل ذريع لمؤسسة تدعي الصدق ولا تعمل به..
أبناء الحريري انتقلوا إلى الرياض لتقبل العزاء بالفقيد اليوم وغداً، لأن رصيد والدهم أكبر من أن تفرقه خرافة التآمر على قتله من قبل بلد اختاره وطناً لكنه الإرث القديم الذي جعل الجزيرة لا تزال تعيش حرب الإشاعات وهو ما أعادنا إلى إدراك أن دكاكين الفضائيات فتحت باباً جديداً لسمسرة أخرى بأدوات لا تقل سذاجة عن الماضي، ونشكر محطة الجزيرة انها لم تعتذر عن سقطتها لنسجلها في صحيفة سوابقها..
http://www.alriyadh.com/2005/02/22/article41470.html
سماسرة الفضائيات!!
صحافة لبنان في عقدي الخمسينيات والستينيات، هي من يعطي حق المواطنة، والحرية والديمقراطية لأي شعب ودولة عربية وكان عنصر التخوين في تلك المزادات أن تحولت إلى أكبر مصادر الدخل، حين أصبح الصحفي والكاتب والناشر لهم قدرة تغيير الوزارة في لبنان مثلما التبشير بقيام حكومة انقلابية تزكيها صحافة اليسار بأنها المعنية بعبور العرب من عصر الخيمة إلى غزو الفضاء، أو يأتي العكس من صحافة اليمين التي ترى أن الحرية بنماذجها الغربية، هي التأصيل وعامل البناء لهذه الرقعة التي تقع على تقاطع القارات وتوليد وتصدير الأزمات.. رفيق الحريري لم يساهم بتلك المرحلة، ولم ينتم لسفارة، أو جبهة ما، بل إنه وسط رماد الحرب الأهلية، كان يرسل بعوث الطلبة، ويعمل على تشغيل اللبنانيين، أو فتح المنافذ لهم في الشركات، والمكاتب السياحية، ويهيئ البعض إلى توريث جيل جديد يخلف المتحاربين في بناء لبنان، وهو أحد أسرار هذه الشعبية المنقطعة النظير اعترافاً بأنه مواطن لكل اللبنانيين حين نزع نفسه من الطائفة، والحزب ليتم مراسم ميلاد لبنان خارج التصنيفات، وهو ما عمل عليه حين ظل يوظف الكفاءة، وليس ابن الطائفة في مراكز العمل ومع ذلك ذهب ضحية ميراث فكر وايدلوجيا مرحلة الستينيات والخمسينيات ممن لا يرون بالنجاح إلا التوصيف، والاتهام بالخيانة..
محطة الجزيرة جاءت على أنقاض تلك الصحافة التي ليس لها ولاء إلا لمن يدفع ويعطي بسخاء، ولكنها اعتقدت أنها السلطة المطلقة في إطلاق الأحكام، لأن لها أمانة خاصة لا تخضع لعرف ولا تقاليد، أو أدبيات السياسة الذكية التي لا تجعل نفسها متورطة في خندق العمالة المستترة، ويكفي السقوط المريع حين وضعت المملكة حصرياً وراء اغتيال الحريري بدون أن تصل إلى المعلومة التي تجعلها خارج التساؤل، والمحاكمة المعنوية، وهي تكرار صور مستعادة من الماضي وحاولت أن تكون أكثر ذكاء وحيادية، ولكنها سقطت بغلبة الممارسة والسلوك على مبدأ العمل بالحقيقة وإدارة دورها بعيداً عن مخاطر وأخطاء إعلام الخمسينيات والستينيات..
المرحوم الحريري لم يكن خصماً لأحد، وخاصة المملكة التي يحمل جنسيتها، ولا دول الخليج، لأنه كان يرى في الخصومات تعطيلاً لأهدافه ومشاريعه بإعمار لبنان، وحتى لو ذهب ضحية فهم معكوس ومغلوط باعتباره يحمل جنسية المملكة، فمحطة الجزيرة غلّبت غريزة الاتهام لطاقمها على تحري الحقيقة، وهو فشل ذريع لمؤسسة تدعي الصدق ولا تعمل به..
أبناء الحريري انتقلوا إلى الرياض لتقبل العزاء بالفقيد اليوم وغداً، لأن رصيد والدهم أكبر من أن تفرقه خرافة التآمر على قتله من قبل بلد اختاره وطناً لكنه الإرث القديم الذي جعل الجزيرة لا تزال تعيش حرب الإشاعات وهو ما أعادنا إلى إدراك أن دكاكين الفضائيات فتحت باباً جديداً لسمسرة أخرى بأدوات لا تقل سذاجة عن الماضي، ونشكر محطة الجزيرة انها لم تعتذر عن سقطتها لنسجلها في صحيفة سوابقها..
http://www.alriyadh.com/2005/02/22/article41470.html