المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لقاء صوت الجهاد مع الشيخ المطارد عبد الله بن محمد الرشود



قايــد الريــم
22-02-2005, 02:01 PM
لقاء مع الشيخ المطارد عبد الله بن محمد الرشود - حفظه الله

الشيخ عبد الله بن محمد بن راشد الرشود ولد في مدينة الأفلاج ، ونشأ في بيت صالح ، ثم انتقل إلى الرياض ودرس فيها وتخرج من كلية الشريعة بتقدير جيد جداً ، ثم رشح للقضاء فتورع عنه ، فعين بعدها مدرساً في المعهد العلمي بالنماص ثم انتقل إلى معهد القويعية ثم إلى الرياض ، ثم استقال من التدريس وتفرغ لخدمة الإسلام والمجاهدين ، وقد سجن من قبل الطواغيت ، وطلب مؤخراً لدى وزارة الداخلية وله الآن سنة كاملة من بعد الطلب ، ولم يتمكن الأعداء من القبض عليه ، ومجلة صوت الجهاد تلتقي بالشيخ عبد الله في لقاء ممتع وشيق ولطوله قسمناه على قسمين فإلى فقرات اللقاء ...

السؤال الذي نبدأ به في هذا اللقاء حول انه شاع عنكم وذاع خبر الإفتاء قبل عام تقريباً وما حصل هناك من تجمهر للشباب وكلام وأخذ ورد ، نريد منكم يا شيخ أولا أن تذكروا لنا ظروف تلك الأيام ؟ وما الذي حصل بالضبط ؟ ولماذا لجأتم إلى هذه الطريقة في الإنكار؟

ما يتعلق بملابسات حادث الإفتاء العام الماضي تم توضيحه في حينه في بيان كتبته بعد الحدث بأيام ولكن السؤال الذي طرحه الكثير لماذا حصل هذا الأسلوب في التعبير عن حقوق شرعية ؟ لماذا لم أذهب أنا واثنان أو ثلاثة من طلاب العلم لنلتقي بالمفتي على انفراد ؟ فأقول : إن ثمة دوافع أهمها أن النصح أو حتى الاستفتاء الفردي إذا كان في قضايا كبيرة تمس مخالفات الدولة في أصول العقيدة يجعلك مصيدة لأفراد وعيون الدولة والذين تنشرهم بقوة في مكاتب وحلقات ولقاءات المشايخ عموما وبراهين هذا كثيرة أهمها مثلا : قصة المشايخ الثلاثة : سعيد بن زعير ، وناصر العمر ، وبشر البشر حفظهم الله قاموا قبل ثمان سنوات تقريبا بزيارة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ليناقشوه في مسألة عدم جواز الصلح والتطبيع مع اليهود في فلسطين وكان مجلس اللقاء محفوفا من الخارج بأفراد الدولة وعيونها المتنصتين حيث تم على إثر ذلك سجن المشايخ ظلما وعدوانا وتنشيطا للتطبيع مع الصهاينة اليهود ، ويبقى الشيخ سعيد في قبضة الظلم ثمان سنوات لم يدر الناس سبب ذلك الأمر الذي يوافق سياسة الدولة في التعتيم على ظلمها وتغطية أكاذيبها القائلة بخدمة الدين وأهله وحرية قول الحق ، ومسايرة المشايخ الرسميين لهذا التعتيم بل وإضفاء الغطاء الشرعي عليه زوراً و بهتاناً.

والمثال الآخر : في عام 1417هـ قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بزيارة بابا الفاتيكان وألقى بين يديه كلمة خطيرة كان منها :" ونحن لا نفرق بين الأديان الثلاثة ونحترم الأديان كلها" ونشرت هذه الكلمة في وسائل الإعلام آنذاك فذهبت حينها للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في منزله وسألته عن حكم قائل هذه الكلمة " بدون ذكر اسم قائلها " فقال بالنص : " أعوذ بالله مرتد " وبعد هذا الموقف بأيام قليلة تم القبض علي من أفراد المباحث لألقى جزاء مواصلة العلماء وسؤالهم واستفتاءهم في سجن الحائر حيث قضيت في ذاك السجن ما يزيد على شهرين جرى فيها التحقيق حول دوافع سؤالي للشيخ عبد العزيز رحمه الله عن مقولة الأمير سلطان .

ثم مع ازدياد ظروف التوتر السياسي في الجزيرة منذ سنتين تقريبا على إثر ضربات نيويورك ثارت موجة وعي جهادي عارمة في صفوف المسلمين عامة والشباب خاصة لاقت صلفا من النظام السعودي المستميت في محاولة إطفاء هذا الوهج التوحيدي في صدور الشباب وحاولت أجهزة الدولة مصادمة هذا الوعي بالقهر والدحر ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، ومحاولة مني في حفظ صفوف كثير من الشباب من دواعي الإفراط أو التفريط عمدت بجهدي المتواضع إلى إلقاء كلمات في المساجد أحاول من خلالها سد الثغرات التي قد يتسلل من خلالها من لا يريد بالأمة خيرا وكان من سلسلة هذا النشاط محاولة ربط الشباب بالمشايخ عموما ولو حتى المداهنين منهم لعل الله أن يجمع القلوب على الحق وما إن سمعت بتجمع الشباب حول بعض المشايخ لمناقشة خديعة الدمج حتى هرعت مشاركا ومتكلما في بعض المواطن إلى أن أقفلت الدولة أبواب المشايخ عن استقبال الشباب الذين آثروا طرح غيرتهم بين يدي بعض المشايخ حسن ظن منهم بقدرة المشايخ على التغيير ولو بالشيء اليسير حتى ظهر ضد ذلك لكل متابع لقضية الدمج ، وبعد أن أوصدت قصور المشايخ عن الاستقبال ثارت موجة نقد وقدح في بعض المشايخ بين كثير من الناس حاول بعض الإخوة الحد منها بترتيب زيارة لإعادة توازن الثقة بالمشايخ الرسميين وذلك إلى مقر مبنى الإفتاء الرسمي وبعد ما بلغني ذلك هرعت أيضا مشاركا في محاولة تقريب وجهات النظر كخطوة أولى لرأب الصدع ولم الشمل على قدر الاستطاعة وفرحت بهذا اللقاء الجماعي المبارك الذي يقطع على الدولة سياسة القبض الفردي على العاملين على زيارة المشايخ سرا كما يحلو للدولة تلبيسا على المجتمع فذهبت حينها مشاركا ومباركا هذا السعي الإيجابي الذي كنا نطمع من خلاله تحقيق خير كثير لولا أن الدولة بسياستها الحمقى فاجأتنا بقضبان من أفراد مكافحة الشغب قد تقلدوا رشاشاتهم وواقياتهم وأرصدوا باصاتهم وسياراتهم منعا من دخول أي شيخ أو طالب علم أو شاب لمقابلة أحد من المشايخ في مكتبه الأمر الذي أثار دهشة وحيرة وتساؤلا عن سر هذا العمل الأهوج الذي يزيد النار وقودا والخلاف تفاقما وحسبنا الله ونعم الوكيل .

وبعد إصرارنا في اليوم الثاني على ضرورة اللقاء كي لا يعود الشباب بتصور سيء عن المشايخ الرسميين كما هو الحاصل من ذي قبل إلا أن هذه المحاولة أكدت وكرست مفهوم أن مشايخ الإفتاء الرسميين ما هم إلا رجال أمن في دائرة أمنية يتلقون توجيهات السلاطين الظلمة بأسلوب عسكري غير قابل للمرونة فضلاً عن إمكانية قول وسماع الحق من الآخر فأصرت قوات الشغب في يومها الثاني بتوجيه من نايف وسلمان ومحمد بن نايف على تفريق الزائرين ومحاولة القبض عليّ وعلى مجموعة أخرى من الشباب فأخرجني الله بحوله وقوته من قبضتهم وله الحمد والشكر ووقع إخوة آخرون زج بهم في السجون وقتاً ليس بالقصير لقوا خلاله من الإيذاء والضرب ما لم يكن في حساب أي زائر لمشايخ الإفتاء فحسبنا الله ونعم الوكيل فأي ثقة يريد المشايخ الرسميون بناءها مع الشباب وهم بهذه المثابة في الرق والاستعباد من قبل السلاطين الذين يوجهونهم على ما يريدون لا على ما يريد الله ، ولاحظ أخي أن موقفي هذا هو سبب استماتة الدولة في مطاردتي منذ ذلك الحين إلى حين كتابة هذه الأسطر في حين تفتح الدولة ومشايخها صدورهم ومحافلهم لأساطين الشرك من الرافضة والعلمانيين وغيرهم في محافل الحوار المزعوم والتي لا تقبل مشاركة أحد من الصادعين بالحق أكرمهم الله عن حضور تلك المواطن .

ثم لاحظ أخي مواقف المشايخ الرسميين المخزية تجاه الشرك الأكبر الذي يجهر به قولا وفعلا في جوار الحرم النبوي الشريف من قبل الرافضة المشركين وما رافقه من سب علني للشيخين وأمهات المؤمنين بتجمهر رافضي شركي كبير يلقى مباركة وحماية من الدولة في حين لم تجد شيخا من هؤلاء تمعر له جبين أو حرك ساكنا أو أنكر شركا أو انتصر لله ورسوله والصحابة عُشْر ما ينتصر لحكام الدولة الخائنين أو جيف الصليبيين المحتلين فحسبنا الله ونعم الوكيل بل ويلقى رجال السنة والتوحيد من منكري الشرك باللسان من أنواع التضييق والسجن والإيذاء في سجون المدينة النبوية ما الله به عليم فأي إسلام ترجوه من حكام هذه الدولة وأي كسب للشباب تريد الدولة ومشايخها تحقيقه بعد هذه المواقف الخيانية المخزية في حين لو قتل مجاهدٌ أمريكياً محارباً لولولت عليه وسائل الإعلام وعزَّت فيه فتاوى مشايخ الدولة وواست مصاب الصليب فيه كتاباتُ كثيرٍ ممن ينتسبون إلى الدعوة زوراً وبهتانًا فحسبُنا الله ونعم الوكيل ، وكل منصفٍ بعد هذه الحادثة في المدينة النبويّة يدرك جيدًا سياسة الدولة الشركيّة ، والتي تعمل جهدها على وأد صوت التوحيد وأسر رجاله وتشويه صورةِ حَمَلتِهِ ، وتجد للأسف آذانًا صاغيةً من سذّج المجتمع ممن يتبعون كلّ ناعقٍ ، وتخطف أبصارهم إشعاعات وسائل الإعلام المسمومة بالخبث الدفين ، فحسبنا الله ونعم الوكيل ، ويأبى الله إلاّ أن يُتمّ نوره ولو كره الكافرون.


فضيلة الشيخ عبدالله نريد منكم توجيه رسائل إلى كلٍ من :
- شباب الجهاد :
"الاغتباط بنعمة الهداية إلى الطريق الّذي هو طريق الطائفة المنصورة كما في الحديث : "لا تزال طائفةٌ من أمّتي يُقاتلون على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ".

"عدم الخوف من لوم اللائمين وإرجاف المرجفين {يُجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومةَ لائمٍ}.

"عدم الخوف من جمع الناس العسكريّ والإعلاميّ والمخابراتي فكلّهم في قبضة الواحد الأحد ، {الّذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبُنا الله ونعمَ الوكيلُ * فانقلبوا بنعمةٍ من الله وفضلٍ لم يمسسهم سوءٌ واتّبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظيمٍ * إنّما ذلكم الشيطانُ يخوِّف أولياءه فلا تخافوهُم وخافونِ إن كنتُم مؤمنين} ، وقال تعالى : {أليس الله بكافٍ عبده ويخوّفونك بالّذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هادٍ} وفي قراءة {أليس الله بكافٍ عبادَهُ}.

"الإكثار من دعاء : اللهم يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك.

"الإكثار من الأذكار والأورادِ والدعواتِ ؛ فهي السلاح الأوّل من كيدِ الأعداءِ إنسِهِم وجنِّهم.

"طلب العلم الشرعيّ والعسكريّ يتأكّدان في حقِّ المجاهد أكثر من غيره ، لما يعترض طريقَه من العوائق والعراقيل التي تحتّم عليه ضرورة التضلّع بأصول هذين العلمَين.

- شباب الصحوة من غير شباب الجهاد :
العجيب أن الحملات التشويهية لثوابت الإسلام في عقول أبنائه استطاعت بحكمة الله أن تجعل واجب الجهاد لا على أنه مسؤولية كل مسلم ومسلمة ، بل أظهروه فكرًا ومنهجًا تتقلّده جماعةٌ من شباب الأمة خالفوا به بقية المسلمين ، خلافًا لما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا بأقوالهم وأفعالهم رضي الله عنهم يعمّقون معنى الجهاد واجبًا على عامّة الأمّة غير أولي الضرر ، ولا يخرج من دائرته أحدٌ قطُّ غير معذورٍ عذرًا شرعيًّا ، ثم ينفرد كل واحد منهم بعد ذلك بأعمالٍ أخرى ليست على مستوى الوجوب العامّ كقيام الليل ، وعلم الحلال والحرام ، وعلم الفرائض وحفظ القرآن وعلم القضاء وغير ذلك من مستحبّات الأعمال التي لم يتميّز فيها من أفراد الصحابة إلا النفر المعدودون كمعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبي بن كعبٍ وعلي بن أبي طالبٍ وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ، ولكنّهم جميعًا يشتركون بتنوع مواهبهم واختلاف طاقاتهم في عدم العذر بترك الجهاد والإعداد حتى إن بعض من اطلع الله عليهم من أهل بدر فقال : "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"لم يعذروا بالتخلف عن غزوة تبوك.

ولذلك فإنّ وصيّتي لشباب الصحوة جميعًا أن يدركوا جيّدًا أن الجهاد في سبيل الله ليس عملاً اختياريًّا على الإطلاق ، بل هو واجب على الأمة باختلاف الظروف والأحوال من لدن نبيها المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، إلى أصغر رجلٍ من المكلّفين : {فقاتل في سبيل الله لا تُكلّفُ إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى اللهُ أن يكفّ بأس الذين كفروا}، فلن يكف بأس الذين كفروا إلا بالقتال .

بل اعلم أخي أنّك مهما قدّمت للدين من جهود دعوية مباركة ، فإنّها لن تؤتي ثمارها المرجوّة شرعًا إلاّ في ظلّ سيفٍ يكسر سياج الباطل الذي غزا الأمة في فكرها وأخلاقها بل عقائدها ودينها ودنياها، ويهدم على الدوام أضعاف ما تبني ، ومعاول الهدم أسهل من البناء فكيف إذا اجتمع مع ذلك قلة البناة وكثرة الهادمين .

ألم تسمع أخي قوله تعالى : {وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ ومنافعُ للناسِ وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : "بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له" ، وقال شيخ الإسلام : "قوام هذا الدين بكتاب يهدي وسيفٍ ينصر".

- رسالتك إلى الشيخ أسامة بن لادن ( حفظه الله ) :
"هنيئاً لك الإمامة التي منحك الله إياها ...

"ثبتك الله على الطريق وأقرّ عينك بنصر الإسلام والمسلمين ...

"جزاك الله عنّا وعن المسلمين خير الجزاء على ما قدمته للأمة من مشاريع العز ، وما سننته في هذا العصر من تحقيقٍ لمعاني التوحيد والتوكل على الله وحده ، فقد عرفنا من موقفك بجلاءٍ تفسير الحديث النبوي " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك "

كما قد بينت مواقفك لنا أن شخصاً صادقاً من هذه الأمة المباركة قادرٌ بعون الله على مناجزة العالم أجمع كافرهم ومنافقهم فكيف لو رصّت الأمة صفوفها وجنّدت شبابها كيف سيكون نصر الله لها وتأييده ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، فبارك الله مواقفك وجعل النصر والتأييد حليفك وأقرّ عينك في جميع صناديد الكفر والنفاق .

س : لماذا يطارد الشيخ " عبد الله الرشود " وماذا يريد الطواغيت منه ؟

تفصيل سبب المطاردة ذكرته في العدد السابق ، ولكن في الجملة تعرف سنة آل سعود الجبروتية والتي لا ترضى من طالب علمٍ إلا بالمداهنة والدوران في فلكهم فيبرر منكراتهم وكفرياتهم ، ويستميت في تسويغها والتأول لها ككثيرٍ من مشيخة الشاشات ، أو أن يرضخ طالب العلم لتعهداتهم وتهديداتهم فيلجم فاه من الكلام ويرضى الدنية في دينه ويبقى بين شهوات الدنيا كسائمة الأنعام ، وكلاهما خياران مرفوضان من كل من عَلِمَ حق الله عليه بوجوب التبيين (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) الآية . والبرهان على واقع الدولة المذكور أن أحدنا معشر المتكلمين في بيوت الله بالآية والحديث لو غيّر مساره - نسأل الله الثبات - من الدعوة للتوحيد إلى دعوةٍ حداثيةٍ أو علمانيةٍ ملحدة كافرة لفتحت بين يديه كل قنوات التأثير الإعلامي ويلقى على ذلك التحفيز والتأييد ، فمن هنا يدرك كل ذي بصيرةٍ أهداف الدولة من تكميم أفواه دعاة التوحيد فحسبنا الله ونعم الوكيل .

س : الجهاد وقتال الصليبيين في جزيرة العرب محل خلافٍ وجدل بين كثيرٍ من طلاب العلم وشباب الإسلام فما رأي فضيلتكم ؟

الاختلاف واقعٌ في هذه الأمة سواءً في الاعتقاد والجهاد أو مسائل أخرى ، وليس وقوع الخلاف والاختلاف مبرراً للمحايدة والاعتزال تورعاً أو تذرعاً بالتباس الحق بالباطل في زعم البعض ، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر بوقوع اختلافٍ كثيرٍ بيّن التعامل الشرعي الحق حيال هذا الاختلاف حيث قال صلى الله عليه وسلم : " إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ..." الحديث فانظر هذه الإضاءة النبوية في طريق الصادق عند وقوع الاختلاف وكثرته حولَ قضيةٍ ما كقتال الصليبيين وحماتهم في جزيرة العرب مثلاً ، فمهما كثر الاختلاف حولها فإن المخرَجْ " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " ولا عبرة باختلاف المختلفين بعد ذلك ، ومن المعلوم من الكتاب وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين وجوب قتال الكفار الأدنين والإغلاظ عليهم والتشريد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ، وكل من سوّغ لنفسه الخروج من دائرة هذا الأصل بزعم إرادة الإصلاح وبعد النظر وغير ذلك من وساوس شيطانية فقد شاقّ الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى وسلك سبيل المنافقين المتذرعين بزعمهم : (إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) واقتراحهم في التوقيت للمعركة: ( لولا أخرتنا إلى أجلٍ قريب) .

وعليه فالحق الذي لا مرية فيه وجوب قتال الصليبيين المستوطنين في جزيرة العرب في ظل حماية طوائف من المرتدين على "كل مسلم مكلف من غير أولي الضرر" فيتعين قتالهم على عموم المؤمنين في هذه الجزيرة ، ومن لم يَسْعَ جهده في قتالهم والإعانة عليه فإنه آثم بالنص القطعي ، ويحرم على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يبقى متفرجاً على الميدان إذ ليس هذا من سيما أهل الإيمان ، قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) وفي الحديث :" لا يجتمع في جزيرة العرب دينان " وهنا أحب أن أذكّر طوائف من إخواننا الذين أكرمهم الله بالجهاد خارج الجزيرة في وقتٍ مضى ثم ألقوا السلاح بعد نزولهم جزيرة العرب فأذكرهم بالله أن يراجعوا حساباتهم بعيداً عن التأثرات العاطفية الوطنية ، إذ إنّ الكفر ملةٌ واحدةٌ ، والجهاد لا يتغير حكمه بتغيّر الأقاليم والأوطان ، بل إن العاقل ليدرك أن قتال كثيرٍ من جنود الكفر للمسلمين خارج الجزيرة ما هو إلا تمهيد بعيد المدى للوصول إلى هذه الجزيرة حيث إنهم يدركون أن الجزيرة هي الرأس وما سواها أجنحة ، فمن الغبن والغباء أن نكف أيدينا ونلقي أسلحتنا ونحن نرى التآمر الصليبـي السافر على الإسلام وأهله في هذه الجزيرة مما لا يدع عذراً للقعود والتخاذل (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

س : ما شعورك بعد مرور عامٍ من المطاردة وما دوافعك للتحمل إلى هذا الوقت ؟

والذي نفسي بيده إني لأرى شخصي أقل قدراً من أن يكرمني الله عزّ وجلّ بهذا الواقع السعيد الذي أعيشه في ظل مطاردة أعداء الدين ، أسأل الله تعالى أن يكرمني بالثبات والعافية وعاجل الفرج لعموم الأمة الإسلامية ، فوالله إني لأزداد بمرور الأيام والليالي اغتباطاً وثباتاً بفضل الله ورحمته بل إن أيامي تلك وإن هجمت عليّ أوائلها بشيء من التوجّس والخوف البشري الفطري إلا إنها استحالت ولله الحمد والمنّة بعد ذلك إلى أسعد أيام حياتي على الإطلاق إذ أني استحضرت أن ما أعيشه ما هو إلا نعمةٌ ساقها الله لأرى نفسي أمر بمرحلةٍ سهلةٍ جداً من مراحل الابتلاء العظيم الذي مرّ به أنبياء الله وأتباعهم على هذا الطريق ، أسأل الله أن لا يحملنا ما لا طاقة لنا به ، وأن يعفوَ عنّا ويغفر لنا ويرحمنا وينصرنا على القوم الكافرين (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون)

وأما دوافعي للتحمّل إلى هذا الوقت فهو الاتعاظ بقصص أنبياء الله ورسله وأتباعهم في كتابه الكريم والتي انتهت بالفرج العظيم والنصر الكبير (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) أسأل الله أن يرزقنا الصبر واليقين والعافية في الدنيا والدين ، ثم إن لي أسوةً حسنةً برجالٍ من سلف هذه الأمة جعلوا الاختفاء خياراً يبعدهم عن فتنة السلطان الظالم في زمانهم وإن كان مسلماً مستقلاً عن أنظمة الكفار بل رافعاً لراية الجهاد إلا إنهم كانوا لا يرضون بتقحّم حتى أقلّ خطوات الفتنة التي لا يأمنها مؤمن على نفسه ، وممن اختفى من هذه الأمة : سعيد بن جبير ، والزهري ، والحسن البصري ، وأحمد وسفيان الثوري وغيرهم رحمهم الله .

س : شاع عنكم أنكم تقاتلون مع المجاهدين في العراق منذ فترةٍ من الزمن ، فهل هذا صحيح ، وما رأيكم في ذهاب المجاهدين من جزيرة العرب إلى العراق ؟

هذه إشاعة لا أساس لها من الصحة ، وهو وإن كان شرفاً لي مشاركة إخواني في جهادهم المقدًس في العراق ضد الصليب وحلفائه المرتدين إلا أن ثمة حقيقة أَعْجَبُ من تجاهل كثيرٍ من الصادقين لها ألا وهي أنّ تحرير جزيرة العرب من حكم وأنظمة هيئة الأمم المتحدة والعمل على إخراج اليهود والنصارى والهندوس والمرتدين منها أولى بالنسبة لنا من تجاوز واقعنا المرّ لنتسلّى عنه بشعورنا بإعانة إخواننا في العراق ، وإن كان في كلٍ خير إلا أن الله عزّ وجلّ أمر بقتال الأدنى من الكفار : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) والمتأمّل في خطّة جند الصليب الطويلة يجدها تمارس سياسة التدرج العسكري والإعلامي والنفسي والجغرافي في خطواتها للوصول إلى حصن الإسلام ومنطلق النور " جزيرة العرب" في ظلّ حملةٍ عالميةٍ شرسةٍ على رجال التوحيد والجهاد في هذه الجزيرة خاصةً والذي كان لهم القدح المعلى في نشر شعيرة الجهاد بين كثيرٍ من شعوب المسلمين ، وعلى رأسهم الإمام أبو عبد الله الشيخ أسامة بن لادن نصره الله ومن معه والقائد المظفّر خطاب رحمه الله ونائبه أسد المعارك أبو الوليد الغامدي أيّده الله ومن معه ، وآخرهم القائد الفذّ أبو هاجر عبد العزيز المقرن في الجزيرة العربية حفظه الله من كل سوءٍ ومكروه ، فلذلك أنصح من لم يزل في الجزيرة من إخواننا وأبنائنا عدم التهرّب من الواقع لواقعٍ آخرَ فالعدو واحد والإسلام واحد بل إن جزيرة العرب أولى بالتحرير قبل غيرها من البلاد لأسباب لعلنا نذكرها مفصلةً في موطنٍ آخر إن شاء الله عزّ وجلّ.

س: يوجد من يقدح فيكم قدحاً عاماً عارياً في كثيرٍ منه عن المبرّر الشرعي فما رسالتك لهؤلاء ؟

أقول : يظهر لي - والله اعلم - أن القادحين أحد ثلاثة نفر:-
- فمنهم القادح بقصدٍ حسن ملتمساً الحق وناصراً له فجزاه الله خيراً فيما أصاب فيه وغفر له ما أخطأ فيه وهو في حلٍ من عرضي .
- والآخر من دفعه للقدح أسباب غير محمودةٍ شرعاً فأحلّه الله أيضاّ وغفر له وأقول له (سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين)
- وثالثٌ منهم يقدح خدمةً لمخطط طواغيت آل سعود من مباحث وعملاء فهؤلاء ما يشعرون والله أن تهجمهم وتشويههم لا يزيدني إلا اغتباطاً وثباتاً وتبصراً بسلامة المنهج في الجملة إن شاء الله . وما يضيرني أن أنام قرير العين وربي يكرمني بتسخير هؤلاء طعناً فيّ أزداد به أجراً إن شاء الله تعالى ولا حول ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منقول
[عن مجلة صوت الجهاد | العدد الثالث والرابع ]