المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعر لامية ابن الوردي



MadSurg
02-03-2005, 06:22 AM
وقُلِ الفَصْلَ وجانبْ مَنْ هَزَلْ

فلأيامِ الصِّبا نَجمٌ أفَلْ

ذهبتْ لذَّاتُها والإثْمُ حَلّ

تُمْسِ في عِزٍّ رفيعٍ وتُجَلّ

أنتَ تهواهُ تجدْ أمراً جَلَلْ

كيفَ يسعى في جُنونٍ مَنْ عَقَلْ

جاورتْ قلبَ امرئ إلا وَصَلْ

إنما منْ يتَّقي الله البَطَلْ

رجلٍ يرصد في الليل زُحلْ

قد هدانا سبْلنا عزَّ وجَلْ

فَلَّ من جيشٍ وأفنى من دُوَلْ

مَلَكَ الأرضَ وولَّى وعَزَلْ

رفعَ الأهرامَ من يسمعْ يَخَلْ

هَلَكَ الكلُّ ولم تُغنِ القُلَلْ

أينَ أهلُ العلمِ والقومُ الأوَلْ

وسيَجزي فاعلاً ما قد فَعَلْ

حِكماً خُصَّتْ بها خيرُ المِللْ

أبعدَ الخيرَ على أهلِ الكَسَلْ

تشتغلْ عنهُ بمالٍ وخَوَلْ

يعرفِ المطلوبَ يحقرْ ما بَذَلْ

كلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ

وجمالُ العلمِ إصلاحُ العملْ

يُحرَمِ الإعرابَ بالنُّطقِ اختبلْ

في اطَّراحِ الرَّفد لا تبغِ النَّحَلْ

أحسنَ الشعرَ إذا لم يُبتذلْ

مقرف أو من على الأصلِ اتَّكلْ

قَطْعُها أجملُ من تلكَ القُبلْ

رقِّها أو لا فيكفيني الخَجَلْ

وأمَرُّ اللفظِ نُطقي بِلَعَلّْ

وعنِ البحرِ اجتزاءٌ بالوَشلْ

تلقهُ حقاً (وبالحق نزلْ)

لا ولا ما فاتَ يوماً بالكسلْ

تخفِضُ العاليْ وتُعلي مَنْ سَفَلْ

عيشةُ الجاهلِ فيها أو أقلْ

وعليمٍ باتَ منها في عِلَلْ

وجبانٍ نالَ غاياتِ الأملْ

إنما الحيلةُ في تركِ الحِيَلْ

فرماها اللهُ منهُ بالشَّلَلْ

إنما أصلُ الفَتى ما قد حَصَلْ

وبِحسنِ السَّبْكِ قدْ يُنقَى الدَّغّلْ

يَنبُتُ النَّرجسُ إلا من بَصَلْ

نسبي إذ بأبي بكرِ اتَّصلْ

أكثرَ الإنسانُ منهُ أمْ أقَلْ

واكسَب الفَلْسَ وحاسب ومن بَطَلْ

صُحبةَ الحمقى وأرباب الخَلَلْ

وكِلا هذينِ إنْ زادَ قَتَلْ

مَضَوا إنهم ليسوا بأهلِ للزَّلَلْ

لم يفُزْ بالحمدِ إلا من غَفَلْ

ولَو حاولَ العُزلةَ في راسِ الجبَلْ

بلّغَ المكروهَ إلا من نَقَلْ

لمْ تجدْ صبراً فما أحلى النُّقَلْ

لا تُعانِدْ مَنْ إذا قالَ فَعَلْ

رغبةً فيكَ وخالفْ مَنْ عَذَلْ

وليَ الأحكامَ هذا إن عَدَلْ

وكِلا كفّيه في الحشر تُغَلْ

لفظةِ القاضي لَوَعظاً أو مَثَلْ

ذاقَهُ الشخصُ إذا الشخصُ انعزلْ

ذاقَها فالسُّمُّ في ذاكَ العَسَلْ

وعنائي من مُداراةِ السَّفلْ

فدليلُ العقلِ تقصيرُ الأملْ

غِرَّةٍ منه جديرٌ بالوَجَلْ

أكثرَ التَّردادَ أقصاهُ المَلَلْ

لا يضرُّ الشمسَ إطباقُ الطَّفَلْ

واعتبرْ فضلَ الفتى دونَ الحُلُلْ

فاغتربْ تلقَ عن الأهلِ بَدَلْ

وسَرى البدرِ بهِ البدرُ اكتملْ

إن طيبَ الوردِ مؤذٍ للجُعلْ

لا يُصيبنَّكَ سهمٌ من ثُعَلْ

إنَّ للحيَّاتِ ليناً يُعتزلْ

ومتى أُسخِنَ آذى وقَتَلْ

وهو لدنٌ كيفَ ما شئتَ انفتَلْ

فيه ذا مالٍ هو المولَى الأجلّ

وقليلُ المالِ في همْ يُستقلْ

منهمُ، فاترك تفاصيلَ الجُمَلْ

اعتزلْ ذِكرَ الأغاني والغَزَلْ

ودَعِ الذِّكرَ لأيامِ الصِّبا

إنْ أهنا عيشةٍ قضيتُها

واترُكِ الغادَةَ لا تحفلْ بها

وافتكرْ في منتهى حُسنِ الذي

واهجُرِ الخمرةَ إنْ كنتَ فتىً

واتَّقِ اللهَ فتقوى الله ما

ليسَ منْ يقطعُ طُرقاً بَطلاً

صدِّقِ الشَّرعَ ولا تركنْ إلى

حارتِ الأفكارُ في حكمةِ مَنْ

كُتبَ الموت على الخَلقِ فكمْ

أينَ نُمرودُ وكنعانُ ومنْ

أين عادٌ أين فرعونُ ومن

أينَ من سادوا وشادوا وبَنَوا

أينَ أربابُ الحِجَى أهلُ النُّهى

سيُعيدُ الله كلاً منهم

إيْ بُنيَّ اسمعْ وصايا جَمعتْ

أطلبُ العِلمَ ولا تكسَلْ فما

واحتفلْ للفقهِ في الدِّين ولا

واهجرِ النَّومَ وحصِّلهُ فمنْ

لا تقلْ قد ذهبتْ أربابُه

في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدى

جَمِّلِ المَنطِقَ بالنَّحو فمنْ

انظُمِ الشِّعرَ ولازمْ مذهبي

فهوَ عنوانٌ على الفضلِ وما

ماتَ أهلُ الفضلِ لم يبقَ سوى

أنا لا أختارُ تقبيلَ يدٍ

إن جَزتني عن مديحي صرتُ في

أعذبُ الألفاظِ قَولي لكَ خُذْ

مُلكُ كسرى عنهُ تُغني كِسرةٌ

اعتبر (نحن قسمنا بينهم)

ليس ما يحوي الفتى من عزمه

اطرحِ الدنيا فمنْ عاداتها

عيشةُ الرَّاغبِ في تحصيلِها

كَمْ جَهولٍ باتَ فيها مُكثراً

كمْ شجاعٍ لم ينلْ فيها المُنى

فاتركِ الحيلةَ فيها واتَّكِلْ

أيُّ كفٍّ لمْ تنلْ منها المُنى

لا تقلْ أصلي وفَصلي أبداً

قدْ يسودُ المرءُ من دونِ أبٍ

إنما الوردُ منَ الشَّوكِ وما

غيرَ أني أحمدُ اللهَ على

قيمةُ الإنسانِ ما يُحسنُهُ

أُكتمِ الأمرينِ فقراً وغنى

وادَّرع جداً وكدا ًواجتنبْ

بينَ تبذيرٍ وبُخلٍ رُتبةٌ

لا تخُضْ في حق سادات

وتغاضى عن أمورٍ إنه

ليسَ يخلو المرءُ مِنْ ضدٍّ

مِلْ عن النَمَّامِ وازجُرُهُ فما

دارِ جارَ السُّوءِ بالصَّبرِ وإنْ

جانِبِ السُّلطانَ واحذرْ بطشَهُ

لا تَلِ الأحكامَ إنْ هُمْ سألوا

إنَّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ

فهو كالمحبوسِ عن لذَّاتهِ

إنَّ للنقصِ والاستثقالِ في

لا تُوازى لذةُ الحُكمِ بما

فالولاياتُ وإن طابتْ لمنْ

نَصَبُ المنصِبِ أوهى جَلَدي

قَصِّرِ الآمالَ في الدنيا تفُزْ

إن منْ يطلبهُ الموتُ على

غِبْ وزُرْ غِبَّاَ تزِدْ حُبَّاً فمنْ

لا يضرُّ الفضلَ إقلالٌ كما

خُذْ بنصلِ السَّيفِ واتركْ غِمدهُ

حُبّكَ الأوطانَ عجزٌ ظاهرٌ

فبمُكثِ الماءِ يبقى آسناً

أيُّها العائبُ قولي عبثاً

عَدِّ عن أسهُمِ قولي واستتِرْ

لا يغرَّنَّكَ لينٌ من فتىً

أنا مثلُ الماءِ سهلٌ سائغٌ

أنا كالخيزور صعبٌ كسُّرهُ

غيرَ أنّي في زمانٍ مَنْ يكنْ

واجبٌ عند الورى إكرامُهُ

كلُّ أهلِ العصرِ غمرٌ وأنا





هذه القصيدة اللامية المعروفة للشاعر ابن الوردي
آمل أن تنال إعجابكم