ارض السواد
03-03-2005, 04:52 PM
فى إجراء مستنكر قامت أجهزة الدولة الرسمية فى مصر، بتسليم طالبتى الطب المسيحيتين اللتين اعتنقتا الإسلام إلى مطرانية الفيوم، بعد أن كانت هذه الأجهزة أعلنت أنه تم التوجه بهما إلى أحد فنادق المدينة، ليخضعا فيه إلى جلسات ما يسمى بالنصح الدينى من القساوسة، ليقررا بعدها ما إذا كانا سيظلان على اسلامهما إم سيعودان إلى المسيحية.
إلا أن الفتاتين لم يقبعا طويلاً فى الفندق، إذ اصطحبتهما اسرتاهما وبعض القساوسة الذين حضروا جلسة النصح الدينى الأولى معهما، إلى أحد الأديرة، وتم إدخالهما عنوة فى سلك الرهبنة وتم حلق شعريهما على "الزيرو" عقاباً لهما، وهو ما اعتبرته (اللجنة المصرية لمناهضة الإكراه الدينى) اعتقالاً كنسياً جديداً.
وتحت عنوان "دولة ومؤسساتها فقدت مبررات وجودها دستوريا" اتهم بيان اللجنة، أجهزة الدولة بالقبض على الفتاتين طالبتا الطب (تريزا ابراهيم) و(ماريان عياد) اللتين لجأتا إليها للحماية، وتسليمهما للمتطرفين المسيحيين الذين فرت الفتاتان من مطاردتهما.
وأشار البيان إلى أن هؤلاء المتطرفين، قاموا أمام أعين الأجهزة، بحلق شعر الفتاتين تماماً على "الصفر" وترحيلهن قصراً إلى أحد الأديرة، ليخضعن لعملية الإعتقال الذى أمرت به "الكنيسة" التى أعتبرت نفسها دولة موازية للدولة الرسمية، عقاباً لهما على ممارستهما حق كفله لهما الدستور وهو حرية الإعتقاد.
ولم تكن تلك هى الحادثة الأولى من نوعها، بل تكررت بنفس الشكل الفج مع السيدة (وفاء قسطنطين) ـــ وغيرها أيضاً ـــ والتى كانت قد لجأت من قبل إلى الدولة، لتحميها من مطاردة الكنيسة، إلا أن الدولة وكما هو معتاد خزلتها وخزلت معها 72 مليون مصرى، كانوا ينتظرون أن تقوم الدولة بواجبها تجاه مواطنيها كما ينبغى.
وحقيقة لقد قام المثقفون فى مصر، بجزء غير قليل من واجبهم تجاه جريمة الدولة فى مصر، فى حق السيدة (وفاء قسطنطين)، وأكاد أجزم أن تكرار هذه الجريمة من قبل الدولة فى حق هاتين الفتاتين (ماريان وتريزا) لن يمر دون أن يقوم هؤلاء المثقفون بواجبهم تجاهه.
إلا أن الدهشة تملأ نفسى من موقف هذه الدولة وأجهزتها التى سميت زوراً بالأمنية، وكيف أرتضت هذه الأجهزة أن تقوم بهذا الدور المفضوح، فى الرضوخ إلى الكنيسة بهذا الشكل الوقح.
وأنا هنا لا أتباكى على شرف الدولة الذى دنسه حفنة من المستوزرين .. ولكنى أبكى على حق المواطن فى العيش بأمان وبما يعتقد، هذا الحق الذى ضاع مع شرف الدولة بفعل هؤلاء المستوزرين.
كما أننى أكاد أبكى دماً على ما يشعر به مراهقوا الكنيسة الآن فى مصر، وأعلم تماماً كم يملىء هؤلاء المراهقين من زهو بعد هذه الضربة الموجعة، التى لم تشعر بها هذه الدولة الغارقة فى سكرها.
فنحن هنا أمام جريمة كاملة الأركان، لو كان ثمة اعتبار للقانون فيها، ولو كان ثمة كرامة لدى هذه الحكومة التى لاتملك من أمرها كثيرا أو قليلا لاستقالت ولكن "اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادى" .
ولن أتردد فى أن أحذر من أن هذا التواطؤ والتخاذل من قبل الدولة أمام مراهقى الكنيسة فى مصر، قد يجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، ذلك أن هذا الظلم الواقع على هؤلاء المستضعفين، من الذين أرادوا اعتناق الإسلام ومنعوا من منه بهذا الشكل اللا أخلاقى واللا قانونى من قبل الدولة، مما دفع الكنيسة إلى ممارسة كل ألوان الإذلال بحقهم فى غيبة القانون وتخدير النظام، قد يدفع المتعاطفين معهم إلى ردود فعل غير معروفة، كما أنه قد يدفع هؤلاء المستضعفين أنفسهم وغيرهم ممن ينطبق عليهم نفس الظروف إلى اللجوء لأساليب أيضاً غير معروفة لحماية أنفسهم ومعتقداتهم.
وكنت قد قلت فى أعقاب الجريمة الأولى، والتى راحت ضحيتها السيدة وفاء قسطنطين، والتى لا أحد يعلم إلى ما انتهى مصيرها الآن ـــ إن كان لها مصير بين الأحياء ـــ قلت : "إن هذه القضايا تمس قيم شديدة الحساسية داخل المجتمع المصرى ذاته، بغض النظر عما يتردد من تهديدات خارجية أو غير خارجية، حول أوضاع الأقباط داخل البلاد.
1ـــــ فالقضية تمس جوهر الضمان القانونى لحرية الإعتقاد فى مصر.
2ــــ تمس صميم واجب الدولة وإلتزامها بضمان أمن المواطن كفرد، من حقه اللجوء إلى السلطة لحمايته مما يتهدده من أخطار.
3ـــ تتعلق بمدى خضوع الدولة لضغوط فئة من مواطنيها، على حساب أمن مواطن وحريته، وتخلى الدولة عن واجبها تجاه هذا المواطن، وعجزها عن حمايته، بسبب ما يمارس عليها من ضغوط سواء فى الداخل أو من الخارج.
4 ـــ العواقب التى قد تترتب على تخاذل الدولة عن القيام بواجبها تجاه المواطن.
5 ـــ التسائل الذى يطرح نفسه وبقوة (أين القانون مما يجرى..؟ ) .. وهل طبق بما ينبغى، أم تم تجاهله عامداً متعمد.. ومن المسؤول عن تجاهل القانون بهذا الشكل.
إن منطق تسليم مواطن كان قد لجأ إلى الدولة لحمايته، منطق خاطأ، لا مبرر له، ولو كان هذا المواطن واهم فى مخاوفه .. ومن ثم ينبغى محاسبة كل مشارك فى هذا الخطأ، وكفانا وقوعاً فى الأخطاء، على أن نكتفى بعد وقوع المصيبة بأننا أخطأنا دون أن نصحح هذه الخطأ.
كما أن هذا الخطأ من شأنه أن يتسبب فى أن يفقد كل مواطن ثقته فى قدرة الدولة على حمايته، ومن ثم فلن يفكر فى اللجوء إلى جهة عاجزة عن القيام بحقها تجاهه، ولا شك عندها أنه سيفكر فى البديل، الذى يكفل له تلك الحماية، ولا شك أن البدائل سوف تتعدد أمامه، وكل شىء سيكون مباح لأنه يبحث عما يكفل له الأمن.
كما أن منطق خضوع الدولة لضغوط فئة معينة، منطق مرفوض تماماً، ذلك أنه ينبغى على الدولة أن تحرص على أن تكون الكلمة الفصل فى كل شئونها راجعة للقانون الذى يحكمها، وهذا القانون ينبغى على الدولة ضمان سيادته فوق الجميع، فلا أحد فوق القانون كائن من كان.
لأن خضوع الدولة لأى ضغوط من شأنه أن يسقط هيبتها أمام الأفراد، ومن ثم يلجأون إلى بدائل لإجبار هذه الدولة على القبول بأطروحاتهم، كما أنه يلجأ الأطراف الأخرى إلى إتخاذ ردود فعل لا تحمد عقباها.
والدولة مسئولة عن التأكيد على حرية الإعتقاد بين مواطنيها .
والدولة أيضاً مسئولة عن إقناع أفرادها أنها أكبر من أى ضغوط خارجية كانت أو داخلية، وأنها لا ترضخ لأى قيود مهما كان حجمها حفاظاً على حقوق مواطنيها
منقول .. للكاتب علي عبد العال
إلا أن الفتاتين لم يقبعا طويلاً فى الفندق، إذ اصطحبتهما اسرتاهما وبعض القساوسة الذين حضروا جلسة النصح الدينى الأولى معهما، إلى أحد الأديرة، وتم إدخالهما عنوة فى سلك الرهبنة وتم حلق شعريهما على "الزيرو" عقاباً لهما، وهو ما اعتبرته (اللجنة المصرية لمناهضة الإكراه الدينى) اعتقالاً كنسياً جديداً.
وتحت عنوان "دولة ومؤسساتها فقدت مبررات وجودها دستوريا" اتهم بيان اللجنة، أجهزة الدولة بالقبض على الفتاتين طالبتا الطب (تريزا ابراهيم) و(ماريان عياد) اللتين لجأتا إليها للحماية، وتسليمهما للمتطرفين المسيحيين الذين فرت الفتاتان من مطاردتهما.
وأشار البيان إلى أن هؤلاء المتطرفين، قاموا أمام أعين الأجهزة، بحلق شعر الفتاتين تماماً على "الصفر" وترحيلهن قصراً إلى أحد الأديرة، ليخضعن لعملية الإعتقال الذى أمرت به "الكنيسة" التى أعتبرت نفسها دولة موازية للدولة الرسمية، عقاباً لهما على ممارستهما حق كفله لهما الدستور وهو حرية الإعتقاد.
ولم تكن تلك هى الحادثة الأولى من نوعها، بل تكررت بنفس الشكل الفج مع السيدة (وفاء قسطنطين) ـــ وغيرها أيضاً ـــ والتى كانت قد لجأت من قبل إلى الدولة، لتحميها من مطاردة الكنيسة، إلا أن الدولة وكما هو معتاد خزلتها وخزلت معها 72 مليون مصرى، كانوا ينتظرون أن تقوم الدولة بواجبها تجاه مواطنيها كما ينبغى.
وحقيقة لقد قام المثقفون فى مصر، بجزء غير قليل من واجبهم تجاه جريمة الدولة فى مصر، فى حق السيدة (وفاء قسطنطين)، وأكاد أجزم أن تكرار هذه الجريمة من قبل الدولة فى حق هاتين الفتاتين (ماريان وتريزا) لن يمر دون أن يقوم هؤلاء المثقفون بواجبهم تجاهه.
إلا أن الدهشة تملأ نفسى من موقف هذه الدولة وأجهزتها التى سميت زوراً بالأمنية، وكيف أرتضت هذه الأجهزة أن تقوم بهذا الدور المفضوح، فى الرضوخ إلى الكنيسة بهذا الشكل الوقح.
وأنا هنا لا أتباكى على شرف الدولة الذى دنسه حفنة من المستوزرين .. ولكنى أبكى على حق المواطن فى العيش بأمان وبما يعتقد، هذا الحق الذى ضاع مع شرف الدولة بفعل هؤلاء المستوزرين.
كما أننى أكاد أبكى دماً على ما يشعر به مراهقوا الكنيسة الآن فى مصر، وأعلم تماماً كم يملىء هؤلاء المراهقين من زهو بعد هذه الضربة الموجعة، التى لم تشعر بها هذه الدولة الغارقة فى سكرها.
فنحن هنا أمام جريمة كاملة الأركان، لو كان ثمة اعتبار للقانون فيها، ولو كان ثمة كرامة لدى هذه الحكومة التى لاتملك من أمرها كثيرا أو قليلا لاستقالت ولكن "اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادى" .
ولن أتردد فى أن أحذر من أن هذا التواطؤ والتخاذل من قبل الدولة أمام مراهقى الكنيسة فى مصر، قد يجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، ذلك أن هذا الظلم الواقع على هؤلاء المستضعفين، من الذين أرادوا اعتناق الإسلام ومنعوا من منه بهذا الشكل اللا أخلاقى واللا قانونى من قبل الدولة، مما دفع الكنيسة إلى ممارسة كل ألوان الإذلال بحقهم فى غيبة القانون وتخدير النظام، قد يدفع المتعاطفين معهم إلى ردود فعل غير معروفة، كما أنه قد يدفع هؤلاء المستضعفين أنفسهم وغيرهم ممن ينطبق عليهم نفس الظروف إلى اللجوء لأساليب أيضاً غير معروفة لحماية أنفسهم ومعتقداتهم.
وكنت قد قلت فى أعقاب الجريمة الأولى، والتى راحت ضحيتها السيدة وفاء قسطنطين، والتى لا أحد يعلم إلى ما انتهى مصيرها الآن ـــ إن كان لها مصير بين الأحياء ـــ قلت : "إن هذه القضايا تمس قيم شديدة الحساسية داخل المجتمع المصرى ذاته، بغض النظر عما يتردد من تهديدات خارجية أو غير خارجية، حول أوضاع الأقباط داخل البلاد.
1ـــــ فالقضية تمس جوهر الضمان القانونى لحرية الإعتقاد فى مصر.
2ــــ تمس صميم واجب الدولة وإلتزامها بضمان أمن المواطن كفرد، من حقه اللجوء إلى السلطة لحمايته مما يتهدده من أخطار.
3ـــ تتعلق بمدى خضوع الدولة لضغوط فئة من مواطنيها، على حساب أمن مواطن وحريته، وتخلى الدولة عن واجبها تجاه هذا المواطن، وعجزها عن حمايته، بسبب ما يمارس عليها من ضغوط سواء فى الداخل أو من الخارج.
4 ـــ العواقب التى قد تترتب على تخاذل الدولة عن القيام بواجبها تجاه المواطن.
5 ـــ التسائل الذى يطرح نفسه وبقوة (أين القانون مما يجرى..؟ ) .. وهل طبق بما ينبغى، أم تم تجاهله عامداً متعمد.. ومن المسؤول عن تجاهل القانون بهذا الشكل.
إن منطق تسليم مواطن كان قد لجأ إلى الدولة لحمايته، منطق خاطأ، لا مبرر له، ولو كان هذا المواطن واهم فى مخاوفه .. ومن ثم ينبغى محاسبة كل مشارك فى هذا الخطأ، وكفانا وقوعاً فى الأخطاء، على أن نكتفى بعد وقوع المصيبة بأننا أخطأنا دون أن نصحح هذه الخطأ.
كما أن هذا الخطأ من شأنه أن يتسبب فى أن يفقد كل مواطن ثقته فى قدرة الدولة على حمايته، ومن ثم فلن يفكر فى اللجوء إلى جهة عاجزة عن القيام بحقها تجاهه، ولا شك عندها أنه سيفكر فى البديل، الذى يكفل له تلك الحماية، ولا شك أن البدائل سوف تتعدد أمامه، وكل شىء سيكون مباح لأنه يبحث عما يكفل له الأمن.
كما أن منطق خضوع الدولة لضغوط فئة معينة، منطق مرفوض تماماً، ذلك أنه ينبغى على الدولة أن تحرص على أن تكون الكلمة الفصل فى كل شئونها راجعة للقانون الذى يحكمها، وهذا القانون ينبغى على الدولة ضمان سيادته فوق الجميع، فلا أحد فوق القانون كائن من كان.
لأن خضوع الدولة لأى ضغوط من شأنه أن يسقط هيبتها أمام الأفراد، ومن ثم يلجأون إلى بدائل لإجبار هذه الدولة على القبول بأطروحاتهم، كما أنه يلجأ الأطراف الأخرى إلى إتخاذ ردود فعل لا تحمد عقباها.
والدولة مسئولة عن التأكيد على حرية الإعتقاد بين مواطنيها .
والدولة أيضاً مسئولة عن إقناع أفرادها أنها أكبر من أى ضغوط خارجية كانت أو داخلية، وأنها لا ترضخ لأى قيود مهما كان حجمها حفاظاً على حقوق مواطنيها
منقول .. للكاتب علي عبد العال